بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين
تنبيه آخر: لابد أن تعرف أن نسبة العقل الاول الى العالم الكبير وحقائقه بعينه نسبة الروح الانساني الى البدن وقوى البدن, وان النفس الكلية قلب العالم الكبير كما أن الناطقة قلب الانسان لذلك يسمى العالم بالانسان الكبير.
الى هنا اذا يتذكر الاخوة انتهينا الى هذه النقطة وهي أن الحضرات خمس, عندنا حضرة الغيب المطلق او حضرة الاعيان او حضرة المعاني وهذه مرتبطة بالصعق الربوبي, هذه انتهينا منها, وعندنا حضرات ثلاث وهي حضرة العقول او عالم العقول وعالم المثال وعالم الشهادة هي التي يتشكل منها العالم الكبير, يعني ما سوى الله لأنه الحضرة الاولى مرتبطة بالصعق الربوبي ونحن نتكلم الآن بما هو خارج الصعق الربوبي يعني نتكلم عن فعل الله لا أننا نتكلم عما هو داخل في الصعق الربوبي من قبيل انه تارة نتكلم عن زيد عن قواه الباطنية التي هي مرتبطة بالصعق الداخلي له نتكلم عن عقله عن خياله عن وهمه عن حسه المشترك وأخرى نتكلم عن أفعاله وآثاره نتكلم عن قيامه وجلوسه وذهابه ومجيئه ونحو ذلك هذه أفعال.
ما يتعلق بهذه العوالم الثلاثة وهي عالم العقل, عالم المثال, عالم الشهادة, هذه مرتبطة بأفعال الحق (سبحانه وتعالى) لا انها مرتبطة بالصعق الربوبي, بالإضافة الى هذه العوالم الثلاثة التي هي عالم الكبير قلنا يوجد عندنا الانسان الكامل الذي هو عالم أيضاً, ولكنه جامع لهذه العوالم.
ما معنى جامع لهذه العوالم؟ هذه النكتة أريد أن أبينها هنا: وهو انه أساساً يوجد عندنا فعل هو العقل وفعل هو الخيال وفعل هو الشهادة وفعل آخر وراء هذه الامور الثلاثة هو الانسان الكامل هكذا؟ الآن تعالوا معنا الى تلك العوالم الثلاثة فقط قبل أن ادخل الى الانسان أريد أن تأخذ الكلية.
ما معنى أن الله له أفعال ومن أفعاله عالم العقل ومن أفعاله عالم المثال ومن أفعاله عالم الشهادة يعني ماذا؟ يعني هذا الوجود غير هذا الوجود وهذا الوجود غير هذا الوجود؟ هكذا؟
لجواب: لا نريد أن نقول أن هذه العوالم الثلاثة حقيقة هي وجود واحد حقيقة, بعبارة أخرى فعل واحد حقيقة, هذا الفعل الواحد حقيقة مرتبة عقله نسميه عالم العقول مرتبة خياله نسميه عالم المثال مرتبة حسه نسميه عالم الشهادة, لا انه بين هذه بينونة عزلية وبينونة وجودية هذا غير هذا وهذا غير هذا وهذا غير هذا, لا هذا وجود واحد, كما أن الانسان وهو زيد فرد الانسان وجود واحد حقيقة ولكن كونه وجودا واحد حقيقة هذا ينافي انه له عقل وان له مرتبة مثال وان له مرتبة حس او لا ينافي؟ لا يتنافي, الآن في هذا التنبيه الآخر يريد أن يبين هذه الحقيقة, يريد أن يقول: انه كما عندنا انسان وهو العالم الصغير يوجد عندنا عالم وهو الانسان الكبير. أتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الاكبر
صحيح انه انت انسان ولكن عالم صغير, هنا نريد أن نقول بان هذه الحضرات الثلاث وهي حضرة العقول حضرة المثال حضرة الشهادة, هذه حقيقة ولها وحدة حقيقية هذه الوحدة الحقيقية لا تتنافى أن يكون لها مرتبة هي عالم العقل ومرتبة هي عالم المثال ومرتبة هي عالم الشهادة. لذا التفتوا الى العبارة جيدا ماذا يقول؟
يقول: لابد أن تعرف أن نسبة العقل الاول الذي عبرنا العقل الاول يعني أول الحضرات الحضرة الاولى حضرة الجبروت, أن نسبة العقل الاول الى العالم الكبير, المراد من العالم الكبير ما هو؟ مجموع هذه الحضرات الثلاث وهي عالم العقول, عالم المثال, عالم الشهادة, أن نسبة العقل الاول الى العالم الكبير, طبعا في العالم الكبير الانسان الكامل ليس في ضمن العالم الكبير لان الانسان الكامل هو النسخة التامة للعالم الكبير, لذا في البحث السابق قال: والانسان الكامل نسخة العالم الكبير, والمراد من العالم الكبير يعني ماذا؟ يعني الحضرات الثلاث عالم العقول, عالم المثال, عالم الشهادة.
قال: لابد أن تعرف أن نسبة العقل الاول الى العالم الكبير وحقائق هذا العالم وجودات هذا العالم شؤون هذا العالم أطوار هذا العالم عبر عنها ما شئت, هي بعينها نسبة الروح الانساني الى البدن وقواه كيف أن الانسان أنا له وأناه واحدة ولكنها هي المدبرة لجميع البدن وقوى البدن.
وكما أن لزيد للانسان الصغير كما أن له عقل وله قلب وله نفس,كذلك هذا العالم الكبير له عقل وله نفس وله قلب.
قال: وان النفس الكلية بالنسبة الى العالم الكبير هي قلب العالم الكبير كما أن زيد له نفس جزئية له روح وله قلب, الآن النفس الكلية فرقها عن العقل بيناه في ما سبق قلنا الفارق بينهما انه احدهما حقائق الاشياء إجمالا والثاني حقائق الاشياء تفصيلا, لا فرق بينهما الا في هذه الجهة, في الاجمال الوجودي والتفصيل الوجودي.
وان النفس الكلية قلب العالم الكبير كما أن الناطق النفس الناطقة قلب الانسان لذلك يسمى العالم أيضاً يسمى بالانسان الكبير, كما أن الانسان كان يسمى بالعالم الصغير.
اذن هذه التعابير التعبير بالانسان بالعالم الصغير هذا تعبير مجازي كنائي واعتباري او إشارة الى حقيقة موجودة في متن الاعيان او التعبير عن العالم بأنه الانسان الكبير هذه مجازيات واستحسانات شعرية او إشارة الى حقيقة؟ من هنا تتضح لكم تلك الرواية تتذكرون رواية هشام ابن الحكم, الذي كان عنده مباحثة مع عمر ابن عبيد في البصرة الإمام × أصر عليه قال له كيف انت حاججته في إثبات الإمامة قال: سألته ألك عين قال وان كانت اسألتك ماذا؟ حمقاء اسأل, قال انت اجبني لا علاقة لك, قال بلي, قال: ألك عين ألك يد ألك قلب ألك.. ألك اذن, قال بلي, قال ماذا تفعل بها؟ قال بكذا افعل كذا وبكذا افعل كذا… قال: ألك قلب, قال نعم, قال ماذا تفعل به الله أعطاك هذه الأعضاء والحواس والجوارح فما هي وظيفة القلب, قال لا حتى كل ما يأتي الى هذه الحواس والجوارح يعرض على القلب حتى اذا كانت خطأ القلب ماذا يفعل؟ يميز الصحيح من الخطأ, قال: أمن المنطق انه انت كإنسان بعبارتنا عالم صغير الله يضع لك قلبا يميز فيه بين الصح والخطأ وهذا العالم على عظمه لا يضع فيه قلبا يميز بين الصحيح والخطأ.
ولذا تجدون بعض التعابير في الروايات انه يعبر عن الإمام بأنه قلب العالم قلب عالم الامكان, هذه قلب عالم الامكان فيه إشارة الى مباني موجودة أما في الروايات وأما الى المباني العرفانية, على أي الاحوال.
جيد سؤال, من هنا يدخل في بحث جدا قيم بعد أن بين تلك الحقيقة تلك القاعدة الأصلية, يأتي هذا التساؤل: وهو انه نحن قلنا أن العقل الاول واجد لكل كليات هذا العالم على نحو الاجمال اذا يتذكر الاخوة في ص52 تعالوا مرة أخرى قال: وإذا أخذت بشرط كليات الاشياء فهي مرتبة الاسم الرحمن رب العقل الاول, اذن العقل الاول ماذا يوجد فيه؟ كليات الاشياء, السؤال المطروح وهو انه توجد فيه كليات الاشياء يعني يوجد عنده علم حصولي بالأشياء او يوجد عنده علم شهودي وحضوري بالأشياء؟ هنا يريد أن يثبت انه لا يتبادر الى ذهنكم نحن عندما نقول العقل الاول فيه جميع الاشياء إجمالا على نحو البساطة يعني مرادنا يعني العلم الانفعالي العلم الحصولي العلم ما بعد الكثرة التي هي انحاء علومنا, فان علومنا عموما هي علم ما بعد الكثرة هي علم انفعالي هي صورة حاصلة من الشيء بعد وجوده, الذي نعبر عنه بالوجود الذهني, وهي شيء والحقيقة شيء آخر, يعني الصورة شيء والحقيقة شيء, هل انه عندما نقول أن العقل الاول هي الاشياء إجمالا هذا النحو من العلم موجود فيها او نحو آخر من العلم؟
لذا قال: ولا يتوهم أن الصور العلم الموجود هناك, أن الصور التي يشتمل العقل الاول إجمالاً والنفس الكلية تفصيلا عليها على نحو التنازع يعني الصور التي يشتمل العقل الاول عليها إجمالا والنفس الكلية عليها تفصيلا, لا يتوهم أن الصور غير حقائقها غير حقائق تلك الصور, لا يتبادر الى الذهن أن وجودها الذهني موجود عند العقل الاول او النفس الكلية بل حقائقها موجودة عند العقل الاول والنفس الكلية.
بعبارة أخرى: علمه حصولي او علمه شهودي؟ علمه شهودي وليس علما حصوليا.
الآن بيان هذا التوهم, المتوهم ماذا يتوهم, يقول هكذا يتوهم البعض: بان يفيض من الحق سبحانه عليهما يعني على النفس وعلى العقل بان يفيض من الحق سبحانه عليهما على العقل الاول والنفس الكلية صور منفكة عن حقائق تلك الصور, لا يتوهم احد هذا, اذن ماذا ينبغي أن نعتقد اذا لم يكن الامر كذلك, اذا كان التوهم غير صحيح, اذن ماذا ينبغي أن نعتقد.
قال: بل إفاضة تلك الصور إجمالا في العقل الاول تفصيلا في النفس الكلية, بل إفاضة تلك الصور عليهما عبارة عن إيجاد تلك الحقائق فيهما في العقل الاول والنفس الكلية, كل ما في الخارج.
طيب على هذا الاساس: اذا كانت هذه الحقائق موجودة في العقل الاول والنفس الكلية اذن ما هو خارج عن العقل الاول والنفس الكلية يكون مظهرا للعقل الاول ومظهرا للنفس الكلية وبتعبيره يكون ظلالا لتلك الصور, لا انه موجود عند العقل الاول مفهوم ذهني والحقيقة شيء آخر, لا الحقيقة موجودة عند من؟ عند العقل الاول, وما هو خارج عن العقل الاول فهو شأن من شؤون العقل الاول, ظل من ظلال العقل الاول, شأن من شؤون النفس الكلية ظل من ظلال النفس الكلية.
الآن التفت ارجع الى بحث الإمامة, طيب اذا افترضنا أن العقل الاول شأن من شؤون من؟ الانسان الكامل ذكرنا هذا المعنى قلنا الانسان الكامل ما هو؟ هو الجامع لهذه, يعني العقل الاول شأن من شؤونه, النفس الكلية شأن من شؤونه, اذن شؤون العقل الاول وشؤون النفس الكلية هي شؤون من تكون؟ تكون شؤون الانسان الكامل, لأنه الآن يقول بأنه هذه الحقائق ليست فقط صورها موجودة عند من؟ صورها موجودة عند العقل الاول لا, حقائقها عند العقل الاول وما هو خارج عنها هي شؤون العقل الاول والمفروض أن العقل الاول شأن من شؤون الانسان الكامل.
لذا اذا تتذكرون في ما سبق قال: والانسان الكامل فمن حيث روحه وعقله كتاب عقلي مسمى بأم الكتاب ومن حيث قلبه, طيب سؤال: انه في العقل الاول في أم الكتاب هذه كتب تنتقش فيها الكلمات والألفاظ والصور الذهنية او تنتقش فيها الحقائق الخارجية؟ فإذا فرضنا أن أم الكتاب ولوح المحو والاثبات والكتاب المبين واللوح المحفوظ هي شؤون الانسان الكامل فتكون هذه الاشياء جميعا التي هي شؤون هذه الحقائق هي شؤون شؤون الانسان الكامل.
طيب على هذا الاساس فهل يعقل أن يكون شان له حال, سكون, قيام, قعود, موت, حياة, رزق, إعطاء, منع, ولا يعلم به العقل الاول او النفس الكلية او من هو هذه شؤونه, هذا يكون له فرض صحيح او لا فرض له؟
هذا البحث الذي تجدون بان القران الكريم عندما يأتي ويقول: {لا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين} وقال: {وأنزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء} قال فيه علم ما كان وما هو كائن وما يكون الى يوم القيامة وهو عندنا أهل البيت, الآن أما انت تأتي ببرهان العترة لا تفترق عن الكتاب ذاك طريق, وأما تأتي ببرهان عرفاني أساس مبانيه عرفانية وهذا هو الذي نشير إليه.
لذا اخواني كما ذكرت مرارا والآن أؤكد الابحاث العرفانية قريبة جدا من الابحاث العقدية والكلامية عندنا, دورة عرفان واقعا دورة معارف قرآنية وروائية, على أي الاحوال.
قال: بل إفاضة تلك الصور عليهما على العقل والنفس عبارة عن إيجاد تلك الحقائق في النفس والعقل وكل ما في الخارج, أنا أتصور هنا لابد من وجود واو او أي شيء لابد أن يوجد ولا في الخارج هكذا ابتداء, على أي الاحوال.
كل ما في الخارج من الحقائق كالظلال لتلك الصور, والمراد من الصور يعني الحقائق لا المفاهيم او الوجودات الذهنية, إذ هي هذه الحقائق إذ هي التي تظهر في الخارج يعني خارج العقل وخارج النفس فتكون شؤونا للعقل والنفس, إذ هي التي تظهر للخارج بواسطة ظهور هذه الحقائق فيهما في العقل والنفس أولاً.
فإذن العقل والنفس أولاً هذه الحقائق توجد فيها وبتوسطها تكون شؤونا للعقل والنفس.
ويحصل لهما لماذا لأي شيء؟ للعقل والنفس, ويحصل لهما العلم بهذه الحقائق بأي نحو؟ يقول اذا كان علما حصوليا لا يكون علم العقل والنفس بهذه الحقائق بنفس إفاضة الحقائق لان الحقائق تفاض توجد وأنت قد تعلم بها وقد لا تعلم بها, اذا كان علما انفعاليا علم ما بعد الكثرة علما حصوليا علما يؤخذ من الخارج, إفاضة الحقائق شيء والعلم بها شيء آخر, ولكن لا ليس علم العقل وعلم النفس بهذه الحقائق بهذا النحو بل بأي نحو؟
قال: ويحصل للعقل والنفس العلم بهذه الحقائق بعين تلك الصور الفائضة على العقل والنفس, فالإفاضة والعلم بالمفاض شيء واحد, ولو كان علما حصوليا كان شيئا واحد أم اثنان؟ كانا اثنين.
قال: ويحصل للعقل والنفس العلم بتلك الحقائق بعين تلك الصور الفائضة على العقل والنفس لا بالصور المنتزعة من الخارج.
هذه الحقائق بناء على هذا وجودها غير وجود العقل الاول او عين وجود العقل الاول؟ فإفاضة العقل الاول هو إفاضة لتلك الحقائق لا انه عندنا افاضتان نحوان من الافاضة, افاضة للعقل الاول وافاضة لماذا؟ لأنه ليست هذه امور غير العقل الاول هي نفس وجود العقل الاول.
فلذا قال: وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الاول, عين حقيقته ولكنه اذا نظرنا إجمالا بسيط الحقيقة كل الاشياء اذا نظرت بهذا اللحاظ, لان المفروض أن العقل الاول هذه الحقائق موجودة فيه بنحو البساطة والإجمال لا بنحو التعينات والتفاصيل وليس بشيء منها.
اذن طبق قاعدة بسيط الحقيقة هنا أيضاً تنطبق على العقل الاول, لذا قال: وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الاول لا أن العقل الاول شيء وتلك الحقائق شيء آخر, لا, بل تلك الحقائق التفتوا جيدا, جدا لطيف هذا, بل تلك الحقائق عين كل عالِم بتلك الحقائق, يقول لا فقط هذا في العقل الاول كل من عَلم تلك الحقائق ولكن أي نحو من انحاء العلم؟ (كلام أحد الحضور) الشهودي والا الحصولي لا يكون عينها, متى يكون عينها؟ اذا علمها كما يعلمها العقل الاول, ولكنه بحسبه, يعني نفس الطريقة من التعقل وهذا معناه اتحاد العاقل والمعقول, طبعا هذا ليس معناه انه العاقل ليس غير المعقول مفهوما, لا العاقل غير المعقول مفهوما ولكن نحن نتكلم في المفاهيم او في الوجود, في التحقق او في المفاهيم؟ في التحقق فلهذا يكون عينا.
(كلام أحد الحضور) يعني ماذا (كلام أحد الحضور) الجواب: انه هذا مرتبط بالقابل وليس مرتبط بإفاضة الفاعل, باعتبار أن القابل في حركة فهو بالنسبة إليه إفاضته غير افاضة العلم, أما بالنسبة الى المفيض وهو الفاعل توجد افاضتان او انت لا تستطيع أن تأخذ الافاضة واحدة بكاملها؟ (كلام أحد الحضور) نعم.
اذن اذا نظرت الى الفاعل {انزل من السماء ماء} هذه لا انه يفيض عليك الآن شيء وينتظر حتى تصعد يفيض عليك شيئا آخر لا لا, هو أفاض عليك تلك الحقائق وتلك الحقائق تنزل عليك, وهذا ذكرناه في بحث العلم قلنا: حقيقة العلم بناء على المبنى الصحيح أن العلم ينزل الى خدمة العالم او أن العالم ينبغي أن يصعد الى خدمة العلم؟ العالِم لابد أن يرتقي, فالعلم موجود ولكنه ينبغي أن ترتقي, فإذا ارتقيت إليه حصلت عليه, لا انه غير موجود ينتظر أن تصعد حتى يعطيك, هذا إنشاء الله في بحث اتحاد العالم والمعلوم في الصفحة اللاحقة اذا وفقنا نشير إليه.
قال: وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الاول بل عين كل عالِم بتلك الحقائق بحسب الوجود المحض, وان كانت تلك الحقائق في التفصيل بسيط الحقيقة كل الاشياء وليس بشيء منها, وان كانت تلك الحقائق من حيث تعيناتها ومعلوميتها هي غيرها, غير ماذا؟ غير حقيقة العقل الاول, لأنه هناك قال: وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الاول هذه بل جملة وسطية معترضة تتمة الكلام هذه, وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الاول بحسب الوجود المحض وان كان بحسب تعيناتها غير حقيقة العقل الاول.
وهذا مرارا ذكرناه اذا يتذكر الاخوة قلنا بان التعينات غير الذات لان الذات مع صفة تكون تعين أما اذا رفعنا التعينات فهي كلها حقيقة الذات.
وان كانت من حيث تعيناتها ومعلوماتها غيرها لأنا بينا, الآن يريد أن يستدل على هذا المطلب, على هذه الدعوى التي أشار إليها الآن فعلا, وهو أن تلك الصور عبارة عن إيجاد تلك الحقائق فيهما لا انها مفاهيم تؤخذ.
قال: لأنا بينا أن الحقائق كلُها راجعة او كلِها راجعة الى الوجود المطلق بحسب الحقيقة اذا نظرت الى الوجود بما هو وجود فالمفروض انه واحد شخصي, فكل بحسب الحقيقة, فكل منها يعني كل حقيقة من تلك الحقائق عين الآخر وجميعا عين العقل الاول ولكن باعتبار الوجود لا باعتبار التعين, وان كانت تلك الحقائق متغايرة بالتعينات.
وأيضاً هذا الدليل الثاني إن صح التعبير على هذه الدعوى.
وأيضاً هو العقل الاول هو أول صورة ظهرت في الخارج للحضرة الإلهية, حضرة الواحدية حضرة الاسماء أول ما صدر منها هو العقل, أول ما خلق نور نبيكم, لا تقل لي اذن الصادر الاول اين صار؟
الجواب: إن الصادر الاول حقيقة جامعة لهذه كلها, الآن نشير الى شؤون هذا الصادر الاول, أول شأن من شؤون الصادر الاول هو ماذا؟ هو العقل, هو الواجد لكل شيء إجمالا.
يعني بعبارة أخرى: الصادر الاول هو واجد لكل شيء واجد لكل شيء إجمالا او تفصيلا او أي منهما؟ (كلام أحد الحضور) لا لا الصادر الاول, الصادر الاول واجد لكل شيء إجمالا او تفصيلا؟ إجمالا وتفصيلا, في مرتبة عقله إجماله في مرتبة (كلام أحد الحضور) احسنتم.
الآن اذا سألنا العقل الاول واجد لكل شيء؟ الجواب: واجد لكل شيء إجمالا, النفس الكلية واجدة لكل شيء او غير كذلك؟ نعم واجدة لكل شيء تفصيلا, سؤال: الانسان الكامل واجد لكل شيء إجمالا او تفصيلاً؟
الجواب: إجمالاً بلحاظ العقل الاول, وتفصيلا بلحاظ النفس الكلية, لان هذه شؤون الانسان الكامل, واضحة الرؤية.
فإذن الانسان الكامل ليس بشيء انت تضعه هنا ثم تبدأ العالم, هذا العالم هي شؤون, هذا من قبيل انه جنابك تأتي الى انسان هذا الانسان تارة تنظر إليه تقول هو عالم إجمالي او تفصيلي او حسي او كذا ما تجيبني؟ تقول عالم عقلي وعالم خيالي وعالم حسي, لماذا؟ لان له عقل وله خيال وله حس, عند ذلك تأتي وتشرح لي عالم العقل ما هو عالم الحس ما هو عالم الخيال ما هو, عندما تبدأ بشرح هذه العوالم يعني شيء وراء الانسان او شؤون الانسان؟ (كلام أحد الحضور) نعم, الآن صحيح نعطي خصوصيات هذه العوالم عالم العقل هذه خصوصيته عالم المثال هذه خصوصيته, عالم النفس الكلية هذه خصوصيته, عالم الشهادة هذه خصوصيته, ولكن هذا من باب تفصيل شيء واحد وهو الانسان الكامل, والانسان الكامل له شؤون من شؤونه ما هو؟ عالم العقل ما هو عالم العقل هذا حقيقته, من شؤونه عالم النفس الكلية ما هي النفس الكلية؟ لابد الاخوة الذين حضروا الاسفار الجزء التاسع عندنا لابد أن يتذكرون قلنا: بان الانسان له عوالم ثلاث او مركب من عوالم وقلنا هذا التركيب ليس تركيبا صناعي ليس تركيبا اعتباري وإنما تركيب حقيقي تركيب طبيعي, تركيب وجودي, فتارة تنظر الى هذا الواحد الكبير وهو الانسان الكامل تقول له عقل وله نفس كلية وله قلب وله نفس وله شهادة وحس, وأخرى لا تأتي الى هذه الاجزاء الى هذه الشؤون تأخذ شأناً شأناً, فتشرحه, ما ادري واضح هذا المعنى.
قال: وأيضاً العقل الاول هو أول صورة ظهرت في الخارج للحضرة الإلهية لمقام الواحدية, طيب صحيح اذا كان الامر, اذا كان هذا مظهر ذاك تعالوا معنا الى الظاهر, انتم قبلتم أن العقل الاول مظهر مقام الواحدية, طيب تعالوا معنا لنرى حقيقة الظاهر ما هو حتى نقول هذا ما هو موجود في الظاهر موجود في المظهر لإتحاد الظاهر والمظهر.
طيب ماذا كان يوجد في الظاهر يعني في مقام الواحدية؟ في مقام الواحدية كان عندنا اسماء وتعينات ونحو من انحاء الكثرة ولكنها ترجع الى وحدة.
قال: وقد بينا أن الحقائق الاسمائية ليس المفاهيم ولا مفهوم الاسم, حقيقة الاسم الذي هو الذات مع التعين, أن الحقائق الاسمائية في هذه المرتبة مرتبة الواحدية من وجه عينها, عين هذه الحضرة الإلهية عين مقام الواحدية, ومن وجه غيرها, لأنه بالتعين يكون هذه التعينات متعددة اسماء, أما اذا رفعنا التعينات فهي حقيقة مقام الواحدية.
فمظهرها أيضاً كذلك, اذا كان الظاهر هذه حقيقته فمظهره أيضاً ماذا يكون؟ فمظهرها يعني مظهر الحضرة الإلهية وهي الواحدية, أيضاً كذلك.
فإتحاد الحقائق حقائق كل العالم فاتحاد الحقائق في العقل الاول كاتحاد بني آدم الآن أما كلها او كلهم, كلاهما صحيح, كإتحاد بني آدم كلهم في من؟ في آدم قبل ظهورهم قبل ظهور بني آدم بتعيناتها فانه مع التعينات ليست كلها ماذا.
يعني بعبارة أخرى: اذا وضعنا يدنا على آدم الحقيقي يعني بسيط الحقيقة, فهو واجد لكل كمالات بني آدم, يعني بعبارة أخرى: اذا وضعنا يدنا على رب النوع للانسان رب النوع للانسان واجد لكل الكمالات او لا؟ (كلام أحد الحضور) ولكن واجد لها بنحو النشر والتعين او بنحو البساطة واللف؟ يعني بسيط الحقيقة كل الاشياء وليس بشيء منها.
كإتحاد بني آدم كلهم في آدم قبل ظهورهم بني آدم, بتعيناتها بتعينات بني آدم, وان كانت تلك الحقائق يعني وان كانت تلك التعينات عفوا, وان كانت تلك التعينات بحسب هويات بني آدم مختلفة عند الظهور.
بل هو العقل الاول بل هو من؟ بل هو آدم الحقيقي هذا غير آدم الملكي غير آدم أبو البشر, بل هو آدم الحقيقي لأنه واجد لكل كمالات عالم الامكان ولكن بأي نحو؟ بساطة لفّا, لا نشرا وتفصيلا.
تقول لا لأنه انتم قلتم الانسان الكامل واجد؟ اقول: كذلك تصورت أن العقل الاول شيء والانسان الكامل شيء آخر, لا العقل الاول الشأن العقلي للانسان الكامل, فإذا قلنا العقل الاول واجد لكل حقائق عالم الامكان إجمالا, لا تقل لي اذن اين صار الانسان الكامل؟ الجواب: إن العقل الاول شأن من؟ شأن من شؤون الانسان الكامل.
بل هو آدم الحقيقي ويؤيده قوله: أول ما خلق الله نوري, والاختلاف, هذا يأتي.
والحمد لله رب العالمين.