نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (103)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: والاختلاف بالماهيات كالاختلاف بالهويات فان كل منهما عبارة عن ما به الشيء هو هو, والفرق بينهما أن الماهية مستعملة في الكليات والهوية في الجزئيات.

    لكي يتضح البحث في هذا الكلام الذي قرأناه الآن لابد أن نرجع إلى الوراء قليلا إذا يتذكر الإخوة كان الكلام في هذا التنبيه الثاني من تنبيهات هذا الفصل الخامس الذي هو في بيان العوالم الكلية, في هذا التنبيه الثاني أراد أن يبين هذه النقطة وهي أن العقل الأول جامع لجميع حقائق العالم الكبير, وبين خصوصيات هذا الجمع وانه كيف أن العقل الأول عالم بجميع ما في العالم الكبير.

    قال: ليس أن هذا العلم بنحو العلم الحصولي, أي الانفعالي وما بعد الكثرة بل هو علم فعلي وما قبل الكثرة, وانه علم شهودي حضوري لا انه انفعالي حصولي, هذا المعنى أشار إليه بنحو واضح, قال تقريبا في وسط الصفحة 114, قال: وتلك الحقائق, يعني حقائق العالم الكبير, وتلك الحقائق عين حقيقة العقل الأول, كل تلك الحقائق موجودة عند العقل الأول, إذا يتذكر الإخوة من قبيل ما بيناه في مباحث النهاية في أرباب الانواع, قلنا أن رب النوع واجد لكل كمالات ذلك النوع وأفراد ذلك النوع, وعندما واجد ليس معناه انه عالم بنحو العلم الحصولي, بل كل تلك الكمالات منطوية في هذا العقل الذي هو رب النوع, كذلك في العقل الأول كل الكمالات المتصورة فيما دون العقل الأول منطوية في العقل الأول, من قبيل ما قلناه في بسيط الحقيقة كل الأشياء, قلنا هناك أن بسيط الحقيقة واجد لكل كمالات ما دونه بنحو أعلى او أشرف, ثم بين ذلك من خلال دليلين إذا يتذكر الاخوة قال: لانا بينا, هذا قال لانا بينا إشارة إلى الدليل الأول الذي استدل به لإثبات هذه الدعوة, وأيضاً أو هو أول, أي العقل الأول, هو أول صورة ظهرت في الخارج للحضرة الإلهية هذا الدليل الثاني, ثم بعد ذلك حاول أن يبين أو ينظر ويذكر, ثم بعد ذلك حاول أن يعطي نظيرا لذلك, قال: من قبيل أن ادم الحقيقي هو واجد لكل أفراد بني ادم. يعني واجد لكل الكمالات التي توجد في أفراد بني ادم فهو موجود عند هذا الآدم الذي هو الآدم الحقيقي والذي عبرنا عنه برب النوع الانساني, لذا قال: فاتحاد, ارجعوا معنا إلى السطرين الأخيرين من الصفحة 114, حتى يترابط البحث, فاتحاد الحقائق في العقل الأول كاتحاد بني ادم كلهم في ادم, كيف أن ادم الحقيقي واجد لكل كمالات بين ادم قبل ظهورهم بني ادم بتعيناتها حتى يكون زيد, وعمر, وبكر, وخالد, وان كانت بحسب هوياتهم, تلك الحقائق مختلف عند الظهور, بل هو ادم ماذا؟ ذاك الذي يشتمل على كل كمالات بني ادم بل هو ادم الحقيقي, ويؤيده قوله ÷ >أول ما خلق الله نوري<هذا إلى هنا انتهينا.

    ادم الحقيقي ولكنه في هذا الكلام لا أريد أن ادخل فيه, أنا أتصور فيه خلط بين, لا أريد  أن اقول خلط  لا اقل كان عندنا بحث العقل الأول وكان عندنا بحث الصادر الأول, وادم الحقيقي هو الصادر الأول فيكون تنظير لهذا بذاك, ولكن إذا كان هذا هو المراد فانتم تعلمون  أن الصادر الأول ليس فيه كمالات بني ادم فقط بل فيه كل كمالات ما دونه, إذن هناك عندما يقول ادم الحقيقي مراده من ادم الحقيقي ليس الصادر الأول وإنما مراده من ادم الحقيقي يعني رب نوع الإنسان عند ذلك تصح العبارة, ولذلك ويؤيده هذا التأييد في غير محله, لأنه مراد أول  ما خلق الله نوري المراد منه الصادر الأول والتنظير الذي ذكره ليس هو الصادر الأول وإنما هو ادم, وإنما هو رب نوع الإنسان, ومن الواضح أن رب نوع الإنسان ليس هو الصادر الأول, لذا أنا أتصور أن هذه العبارة لا تخلوا من دغدغة, وإنما لابد أن نعلم مقدمة أن الآن والاختلاف إشارة إلى هذا التشبيه وليس ما ذكره ويؤيده, الم يقل فاتحاد في العقل كاتحاد بني ادم كلهم في ادم, هذه كاتحاد أشكل عليه, ما هو وجه الاشكال؟ وجه الاشكال هذا قالوا أن هذا التشبيه والتنظير في غير محله لأنه نحن عندما نضع على ادم الحقيقي وبني ادم وهم متحدون جميعا في ادم هذا معقول لان ادم الحقيقي ماهية نوعية واحدة وبنو ادم أفراد هذه النوعية الواحدة فيعقل أن يتحد أفراد نوع واحد في نوعية واحدة, هذا معقول انه ادم الحقيقي ماهية نوعية واحدة تجتمع فيه كل أفراد بني ادم وهذه الافراد فيما بينها مختلفة فيما هو أو مختلفة من هو ومتحدة فيما هو؟ قرأنا في علم المنطق أن أفراد النوع الواحد متحدة في ما هو ومختلفة في من هو, هذا في التنظير الذي ذكره, أما في العقل الأول فهذا الكلام قياس مع الفارق لأنه في العقل الأول متفقة فيما هو أو مختلفة فيما هو؟ في العقل الحقائق التي تنطوي فيه متفقة فيما هو أو مختلفة الماهيات, إذن هذا التنظير في غير محله, اتضح, هذا والاختلاف في هذه الماهيات جواب هذا السؤال المقدر, السؤال ما هو؟ فلا يقال, هذا قدم الجواب على السؤال, فلا يقال هذا الاشكال, بعد أن قال فاتحاد الحقائق في العقل الأول كاتحاد بني ادم في ادم أشكل عليه, قال: فلا يقال أن بني ادم متحدة بالنوع, يعني فيما هو واحدة والماهيات التي هي الحقائق المتحدة في العقل الأول, والماهيات التي تقولون انها متحدة في العقل الأول, والماهيات مختلفة بذواتها, يعني لايوجد هناك اتحاد فيما هو, فلا يمكن اتحاد تلك الماهيات وتلك الحقائق فيه , أي العقل الأول, لأنه عبارته هذه قال: فاتحاد الحقائق, يقول لا يمكن أن تتحد الحقائق في العقل الأول كاتحاد بني ادم في ادم لأنه قياس مع الفارق, اتضح هذا المعنى.

    التفتوا إلى الجواب لأنه توجد نكتة أساسية في الجواب, ضعوا ذهنكم معي, يقول أساساً لا فارق بين الماهيات وبين الوجودات, انت قلت في بني ادم الماهية واحدة والهويات يعني الوجودات مختلفة, أما هنا في العقل الأول لا فقط الوجودات مختلفة بل الماهيات أيضاً مختلفة, فإذا كانت الماهية واحدة والوجودات مختلفة, يعني الهويات مختلفة فالاتحاد معقول, أما إذا كانت الماهية مختلفة فالاتحاد غير معقول.

    يقول هنا في مقام الجواب: يقول أساساً لا فرق بين الوجود وبين الماهية, فإذا جاز الاتحاد في الوجودات وفي الهويات جاز الاتحاد في الماهيات, هذه القضية الاساسية وانتم تعلمون انه في الفلسفة لم نقرأ القضية هكذا قرأنا في الفلسفة أن الماهيات لها احكام وان الوجودات لها احكام هنا يقول لا, لا فرق, التفتوا جيدا, بين الماهية وبين الهوية التي هي الوجود الا في نحو الوجود, فان الهوية إذا جاءت إلى الذهن صارت ماهية, والماهية إذا جاءت إلى الخارج صارت هوية, أعيد الجملة, فان الماهية إذا جاءت إلى الخارج هي الوجود, وان الوجود, وهو الهوية, إذا جاء الذهن صار ماهية, إذن بين الوجود وبين الماهية في متن الاعيان يوجد اتحاد أو يوجد عينية؟ ماذا تفهمون من هذا الكلام ؟

    أن الماهية إذا جاءت إلى الخارج فهي هوية, هي الوجود, وان الوجود إذا ظهر عند الذهن صار ماهية, وهذا الذي نحن مرارا وتكرارا ذكرنا للاخوة في مباحث الفلسفة أن العرفاء, لا يرون الماهية أمر عدمي وأنها حد الوجود, نعم إذا كان المراد من أن الماهية حد الوجود وأريد من الحد الحد المنطقي كلام صحيح, ولكن الاعلام لا يستعملون الحد بمعنى الحد المنطقي ما يقال في جواب ما هو, وإنما يستعملونه بمعنى الحد اللغوي يعني انتهاء الشيء يعني أمر عدمي, فلذا قرأتم أن الماهيات امور عدمية, لماذا امور عدمية؟ لأنهم أخذوا الحد بمعناه اللغوي وهو انتهاء الشيء, ومراد هؤلاء أن الماهية حد الوجود ليس الحد اللغوي وإنما الحد المنطقي, يعني ما يقال في جواب ما هو, اتضح هذا المعنى, لذا التفتوا إلى العبارة جيدا.

    هذا الاشكال, قال: فلا يقال والاختلاف بالماهيات الذي يوجد في الاتحاد في العقل الأول والاختلاف بالماهيات كالاختلاف بالهويات فإذا جاز الاتحاد في الهويات في ادم الحقيقي يجوز الاتحاد في الماهيات في العقل الأول, فان كل منهما, من الهويات والماهيات, فان كل منهما عبارة عن ما به الشيء هو هو, يعني  يبين حقيقة الشيء, الوجود الخارجي يبين حقيقة الشيء والماهية تبين حقيقة الشيء, إذن ما الفرق بين الماهية وبين الهوية, يقول: والفرق بينهما أن الماهية مستعملة في الكليات, متى تكون كلية؟ في الذهن, يعني هذه الهوية إذا جاءت إلى الذهن صارت ماهية وإذا صارت ماهية تكون كلية, (كلام لاحد الحضور) نحن نتكلم في الاشكال, الاشكال قال بأنه انتم, انتم انظروا إلى الاشكال أنا لا اقول يأتي وجود ذهني هناك, قلنا أن هناك وجود ذهني غير موجود, ولكن نقول أساساً المستشكل قال انتم شبهتم اتحاد الحقائق في العقل الأول كاتحاد بني ادم في ادم هذا التشبيه والتنظير في محله أو في غير محله؟ الاشكال قال في غير محله, يجاوب يقول لا فارق بين الماهية وبين الهوية, فإذا جاز في الهوية جاز في الماهية وإذا جاز فالماهية جاز في الهوية, ذاك بحث آخر هل يوجد عنده علم حصولي أو لايوجد؟ الآن نحن بحثنا في التنظير لذا قلت نرجع إلى الوراء قليلا.

    قال: كاتحاد بني ادم في ادم, هذا الاتحاد كاتحاد, هذا التنظير أشكل عليه قال قياس مع الفارق, فان المتحد في بني ادم ماهية نوعية واحدة, يعني ما هو واحد ومن هو مختلف والهويات مختلفة ولا محذور فيه, أما في المقام من هو متعدد  أو ما هو متعدد؟ ما هو متعدد, ما هو متعدد, أجاب عنه انه لا فرق بين الماهية وبين الهوية.

    قال: والفرق بينهما أن الماهية مستعملة في الكليات والهوية مستعملة في الجزئيات, هذا أي كلي وجزئي؟ الجواب لا الكلي والجزئي المنطقي, ولا الكلي والجزئي العرفاني, وإنما الكلي والجزئي الفلسفي, إذا تذكرون نحن في نهاية الحكمة قلنا يطلق الكلي والجزئي وله اصطلاحات ثلاث, أما المنطقية فان المفهوم قد يكون كليا وقد يكون جزئيا, يعني أن الكلية والجزئية مقسمهما هو المفهوم, وأما كلي وجزئي بالمعنى العرفاني ومقسمهما الوجود  الخارجي, وأما الكلي والجزئي الفلسفي, فان الكلي يعني الوجود الذهني والجزئي يعني الوجود الخارجي, لذا قلنا الجزئي يعني بمعنى المتشخص هذا المعنى اشرنا إليه في نهاية الحكمة تحت عنوان الكلي والجزئي, مراد من الكلي والجزئي هنا الفلسفي لا المنطقي ولا العرفاني.

    قال: والهوية في الجزئيات, التفتوا جيدا بعبارة أخرى إذا أردنا أن نعبر تعبيرا أوضح من هذا التعبير: فان الماهية هي ظهور الوجود في الذهن, انعكاس الوجود الخاص الخارجي أين ماذا؟ يعني هذا الوجود الخارجي إذا ظهر عندي  في عالم الوجود الذهني ماذا اعبر عنه؟ نعبر عنه ماهية, وهذه الماهية التي في الوجود الذهني إذا تحققت في الخارج اعبر عنها الوجود الخاص, والا هذا وجود, هذا وجود, لماذا تنطبق الماهية على هذا الوجود ولا تنطبق على ذاك الوجود, الماهية إنما تنطبق على الهوية وليس على الوجود بنحو عام , أو عبر عنه تنطبق على الوجود الذي له خصوصية وهو الذي عبرنا عنه نحو الوجود, اتضح المعنى.

    إذن: الماهية هي الوجود الخاص لا الوجود, الماهية هي الهوية, و عبرنا فيما سبق انه الهوية المجموع من ما هو ومن هو, لذا السيد الطباطبائي هذه العبارة موجودة عنده في نهاية الحكمة الصفحة 15, اذا يتذكر الإخوة يتذكرونها ووقفنا عندها هناك مرارا وتكرارا, هذه عبارته قال: ثم لما كانت الماهيات ظهورات الوجود للأذهان, هنا لابد أن نقيد نقول ظهور الوجودات الخاصة للأذهان, هذا الوجود الخاص يظهر للذهن بهذا النحو من الماهية انسان, وهذا الوجود الخاص يظهر للذهن بعنوان بحر وذا يظهر بعنوان سماء وارض ونحو ذلك, اتضح الكلام.

    فلا يقال أن بني ادم متحدة بالنوع والماهيات مختلقة بذواتها فلا يمكن اتحادها, لماذا لا يقال ذلك هذا الجواب, لانا بينا أن الماهيات, التفتوا جيدا هذه العبارات أحفظوها جيدا مباني العرفاء في الوجود والماهية, لأنا بينا أن الماهيات وجودات خاصة, هويات ولكن هويات بالوجود الخارجي الجزئي أو بالوجود العلمي أي منهما؟ بالوجودات العلمية, ولذا تقول كلية قابلة للانطباق على كثيرين, لانا بينا أن الماهيات وجودات خاصة علمية, هذه الماهيات متعينة بتعينات كلية, وهذا معناه أن التعين قد يكون جزئيا, يعني متشخصاً بالخارج, وقد يكون كليا, تقول اذا كان كليا كيف يكون متعيناً؟

    الجواب: فان ماهية الانسان متعينة باعتبار ماهية البقر, فان ماهية الانسان شيء وماهية البقر شيء آخر, ولكنه ماهية الانسان متعينة من حيث الاشخاص أو غير متعينة من حيث الاشخاص, من حيث الاشخاص غير متعينة تنطبق على زيد, وبكر, وخالد, إلى ما شاء الله, اذن التعين لا ينافي الكلية, نعم التشخص والشخصية ينافي الكلية.

    يقول:  لانا بينا أن الماهيات وجودات خاصة علمية متعينة بتعينات كلية وكلها, هذه الماهيات لما صارت وجودات, وكلها متحدة في الوجود من حيث هو هو, واضح هذه, لأنه اذا صارت وجودات كلها يمكن أن تتحد في العقل الاول, جيد.

    والتميز, هنا هذا جواب عن سؤال آخر, وهو انه انتم قلتم لنا بان العلم غير العالم وغير المعلوم, فان العلم شيء, والعالم شيء, والمعلوم شيء ثالث, اذا كانت هذه بعضها غير البعض الآخر كيف تقولون هنا أن العلم عين العالم والمعلوم, كيف تقولون أن العالم عين المعلوم والعلم, انتم فيما سبق بينتم لنا أن العلم غير العالم وغير المعلوم, نحن في البحث السابق أيضاً اشرنا أن هذه الحقائق بعضها عين البعض الآخر, وجميعاً عين العقل الاول, كيف التوفيق بين أن يكون العلم غير العالم والمعلوم وبين أن تكون جميعا عينها عين البعض الآخر, التفتوا جيدا, تعالوا معنا إلى صفحة 114, قبل أيضاً, قال: فكل منها, يعني من الحقائق عين الآخر باعتبار الوجود, اذن هذه غير البعض الآخر, ولكنه من حيث العلم, والعالم, والمعلوم, والمفروض انها جيمعاً  عينها عين  البعض الآخر وجميعاً عين العقل الاول, كيف التوفيق؟ يقول الجواب له واضح: وهو انه نحن عندما نقول العلم غير العالم والمعلوم هذا بحسب المفهوم والا بحسب المصداق فان العالم عين العلم, والعلم عين العالم, والمعلومات بعضها عين البعض الآخر, وجميعا عين العلم والعالم.

    والتميز العقلي, يعني المفهومي بحسب العقل, والتميز العقلي بين العالم والمعلوم لا ينافي الوحدة في الوجود, فان التمايز المفهومي بين العالم والمعلوم شيء والوحدة المصداقية بين العالم والمعلوم شيء آخر, أساساً اذا يتذكر الإخوة نحن في أبحاث اتحاد العاقل والمعقول قلنا: أساسا إنما يعبر اتحاد بلحاظ لم يكن ثم كان والا في الواقع توجد عينية, توجد وحدة, لا انه يوجد اتحاد.  الآن يضرب مثالا حسيا والمثال الحسي طبعا يقرب من جهة ويبعد من جهات متعددة.

    قال: كما أن الأشعة الحاصلة في النهار, عدة أشعة افترضوا منها الضوء الآن هنا يوجد عندنا نور, هذا النور حاصل من هذه الأضواء وحاصل من نور الشمس وهو نور واحد لا انه متميز بعضه عن بعض, ولكنه من الناحية العقلية والتحليلية تستطيع أن تقول نور الشمس ونور هذه المصابيح, كما أن الأشعة الحاصلة في النهار أو في الليلة القمراء واحدة في الوجود, وان كان فيه محل كلام, هذا المثال الحسي يوجد فيه كلام لأنه قد يقال الآن بحسب الحس العادي يقول واحد والا  في الواقع ليس بواحد, يقول: واحدة في الوجود مع أن العقل يحكم بان نور الشمس أو القمر غير نور الكوكب.

    الآن واصل, الآن يشير إلى نقطة أخرى يقول قبل قليل قلتم أن هذه الحقائق بعضها عين البعض الآخر وجميعا عين العقل, هذا الذي الذي عبرنا عنه باتحاد العاقل والمعقول, هذا منشأه لماذا اتحدت هذه الامور؟ يقول باعتبار أن هذه مظهر وظاهره أيضاً كان يوجد المنشأ هو في الظاهر, والمظهر صار مظهرا لذلك الظاهر, الظاهر ما هو؟ انه في مقام الواحدية قلنا بان هذه الصفات, والاسماء, والأعيان واحدة أو متعدد؟ متحدة أو غير متحدة في عالم الواحدية؟ في عالم الواحدية قلنا الاسماء, والصفات, والأعيان متحدة, مظهرها الذي هو العقل الاول سوف يكون العلم, والعالم, فيه يكون متحدا, اذا تذكرون العبارة كانت هذه: وأيضا هو أول, تعالوا إلى صفحة 114, هو أول, يعني العقل الاول, صورة ظهرت في الخارج للحضرة الإلهية, يعني الواحدية, وقد بينا أن الحقائق الاسمائية في هذه المرتبة من وجه عين تلك المرتبة, ومن وجه غير تلك المرتبة, فمظهرها أيضاً كذلك.

    هذه إشارة إلى ذاك, واصل اتحاد المعلومات يعني هذه الحقائق بالعلم والعالم, أصله من اين؟ إنما هو اتحاد الصفات, والاسماء, والأعيان, بالحق لا غير, سؤال وهو انه هذه متحدة وجه اتحادها بأي شيء؟ بالحق لا بشيء آخر, وهكذا حال الصور الحاصلة, الآن من أفضل من بحث مسألة اتحاد العاقل والمعقول هم العرفاء وصدر المتألهين إنما استند إلى العرفاء في بحث هذه المسألة بشكل تفصيلي.

    قال: وهكذا حال الصور الحاصلة في كل عالم سواء كان علما حصوليا أو كان علما حضوريا شهودياً, سواء كان علما انتزاعيا, يعني علم انفعالي ما بعد الكثرة أو كان علما ما قبل الكثرة وفعليا, وهكذا حال الصور الحاصلة في كل عالم سواء كانت تلك الصور متنزعة,يعني انفعالية يعني ما بعد الكثرة الذي هو العلم الحصولي, أو غير منتزعة, يعني كانت فعلية يعني ما قبل الكثرة, فإنها تلك الصور ليست منفكة عن حقائقها, هذا بحث مرتبط بالوجود الذهني.

    اخواني الاعزاء تعالوا إلى العلم الحصولي هذه العلوم الموجودة عندنا نحن عندما تنعكس وتظهر لنا هوية في الذهن نسميها وجود خاص, عندما ينعكس في ذهننا نسميه ماهية, فإذن الماهية هي طريق علمنا بالواقع الخارجي, هذا يكشف لنا عن حقيقته أو لا يكشف؟ هذه الصورة المنعكسة في العلم الحصولي تكشف لنا عن حقيقة الواقع الخارجي أو الهوية أو لا  تكشف, فان قلتم لا تكشف عادة كل علومنا جهالات, وأساساً هل يبقى عندنا طريق للارتباط بالواقع أو لا يمكن؟ لا يمكن, وان قلتم تكشف اذن علومنا قد تكون مطابقة وقد تكون غير مطابقة, يعني قد تكون مصيبة للواقع وقد لا تكون مصيبة, وإذا كانت مصيبة فتكشف عن الواقع يعني علمت الواقع على ما هو عليه أو لم اعلمه؟ علمته, لذا التفتوا جيدا.

    قال: أن هذه الصور سواء كانت منتزعة أو غير منتزعة, فإنها ليست منفكة عن حقائقها, والا لو كانت هذه الصور منفكة عن حقائقها اذن تكون علومنا حقائق أو تكون جهالات, تكون علومنا قابلة الانطباق والصدق أو تكون جهالات؟ تكون جهالات,  لذا يقول الإنسان اذا علم بأي شيء فقد علم ولو كان علما حصوليا فقد علم بحقيقة ماذا؟ الا أن يكون علمه جهلا مركبا ذاك حديث آخر, أما اذا لم يكن جهلا مركبا متى يكون عالما؟ اذا علم حقيقة ذلك الشيء, يعقل أن نعلم حقيقة ذلك الشيء؟ ذلك الشيء موجود بوجود, وهذه الصورة موجود بنفس ذلك الوجود أو بوجود آخر؟ اذن كيف تكون كاشفة عن ذلك الوجود, اتضح الاشكال, وهذا الاشكال اذا يتذكر الاخوة أيضا طرحناه في الوجود الذهني, قلنا انه هذه الماهية موجودة بنفس الوجود الخارجي أو بوجود آخر اذا موجودة بنفس الوجود الخارجي فما فرض ذهنيا ليس بذهني, اذا موجودة بوجود آخر اذن لم اعلم حقيقة الشيء الخارجي.

    جوابه: إن الحقيقة الواحدة, ضعوا أذهانكم معي هذه أهم نقاط نظرية المعرفة هذه المسألة, أن الحقيقة الواحدة لها تنزلات ومراتب وجودية متعددة ولكن نتيجة هي حقيقة واحدة, وأوضح مثالا لذلك ما ذكرناه في البداية, في النهاية, في التوحيد, قلنا أن جنابك الآن عندك حقيقة عقلية هذه الحقيقة العقلية تنزلها إلى عالم الالفاظ ثم تخرجها من عالم الالفاظ إلى عالم الكتابة, هذا المكتوب هنا ومع ذاك الموجود في العقل واحد أو متعدد؟ هذا الموجود على الكتاب هذا الوجود اللفظي مع ذلك الوجود العقلي واحد أو متعدد؟ الجواب من حيث الكاشفية واحد فان هذه الالفاظ تكشف عن ذلك الوجود أو لا تكشف ولكن من حيث الوجود والمرتبة الوجودية واحدة أو متعددة؟ متعددة, اذن تعدد المرتبة الوجودية يأخذ منها صلاحية الكاشفية أو لا يأخذ منها صلاحية الكاشفية؟ اذن الماهية عندما نقول ظهور الوجود الخاص في الذهن يأخذ منها صلاحية الكاشفية والحكاية أولاً يأخذ منها؟ هذا وجود وذاك وجود, ولكن هذا وجود حاك عن ذاك الوجود وهذا ما بيناه مفصلا في قاعدة أو في هذه الآية{وان من شيء الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم} يعني هذا الذي يوجد في متن الأعيان في نشأة المادة هو مثال وحكاية ما في عالم المثال, وفيما عالم المثال هو  مثال ما في عالم العقل, وفيما في عالم العقل هو مثال ما في الاعيان الثابتة, وما في الاعيان أن الثابتة مثال مقام الواحدية, وكلها كاشفة أو غير كاشفة مع أن مراتبها الوجودية واحدة أو متعددة؟ متعددة, لذا التفتوا إلى العبارة قال: فان هذه الصور سواء كانت منتزعة أو غير منتزعة ليست منفكة عن حقائقها حتى لا تكون كاشفة, لأنها هذه الصور كما هي موجودة في الخارج كذلك موجودة في العالم العقلي, والعالم المثالي, والعالم الذهني, وكونها في العالم المثالي هذا لا يفقدها كونها كاشفة عن الحقائق.

    لذا تعالوا معنا إلى صفحة 46, من الكتاب, هناك في وسط  الصفحة قال: وتحقيق ذلك بان تعلم أن للوجود مظاهر في العقل كما أن له مظاهر في الخارج, هذه عندما يكون مظهر في العقل هو الذي يكون وجودا ذهنيا, أو وجودا مثاليا, أو وجودا عقليا ونحو ذلك, اتضحت المسألة.

    قال: والا لو حصلت صورة الشيء في الذهن منفكة عن حقيقتها وغير كاشفة عنها, تكون علما أو تكون جهلا؟ تكون جهلا, وحصول صورة الشيء منفكة عن حقيقتها لا يكون علما بها, أي بتلك الحقيقة ضرورة بل سوف يكون جهلا وجهالة, إذ الصورة, بناء على هذا, إذ الصورة غير الحقيقة, واقعا غير الحقيقة واضحة لان هذه مرتبة من الوجود وتلك مرتبة فإذا لم تكن كاشفة, ولم تكن حاكية, ولم تكن انعكاسا, ولم تكن ظهورا لحقيقة الشيء انقلبت كل علومنا إلى جهالات, والإنسان لكونه, يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/01/15
    • مرات التنزيل : 1555

  • جديد المرئيات