أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم
انتهينا بالأمس من بعض الإشكالات التي يمكن أن تورد على هذه النظرية وهو الإشكال الذي ذكره السيد مصطفى الخميني وقلنا انه إشكال غير تام لوجوه ثلاثة اشرنا إليها تفصيلاً .
الاشكال الآخر وهو إشكال استعمال اللفظ في أكثر من معنى وقد اتضح انه لا علاقة له ببحثنا لا من قريب ولا من بعيد.
من هنا لابد من الدخول في بحث آخر وهو أنّه ما هي أهم النتائج المترتبة على نظرية وحدة المفهوم وتعدد المصداق؟ فيما سبق بينا أن من أهم النتائج المترتبة على هذه النظرية هو انه إذا ثبت أنّ هذا مفهوم من المفاهيم القرآنية أو أنّه مفهوم من المفاهيم الوحيانية الصادرة من النبي وأئمة أهل البيت، عند ذلك يمكن أن يقال أنها فوق الزمان والمكان ليست تابعة للزمان والمكان، أما إذا ثبت أنه تطبيق من تطبيقات مفهوم وحياني فبطبيعة الحال أولاً لا يكون مطلقاً، وإنما يكون نسبياً تابعاً للزمان والمكان والظروف ونحو ذلك، وثانياً انه ليست له حجية مطلقة، يعني عندما نقول قول النبي فعل النبي، تقرير النبي، أو قول المعصوم، فعل المعصوم، تقرير المعصوم، هذا إنما يرتبط بالمفهوم ولا علاقة له بالتطبيق والمصداق.
من هنا أريد أن أقف عند بحث جديد وهو من الأبحاث الأساسية وله تأثيرات واسعة النطاق على موروثنا الديني أعم من أن يكون نصاً قرآنياً أو نصاً نبوياً أو نصاً ولوياً صادراً من الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام.
تعالوا معنا إلى هاتين الآيتين: الآية الأولى الآية 29 من سورة التوبة قال تعالى: (قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ) (سورة التوبة: 29) هنا الآية المباركة تأمر بقتال أهل الكتاب.
تعالوا معنا إلى الآية 123 من سورة التوبة ـ وأنا أتكلم في النص القرآني لا انه رواية سندها كذا أو أنها ثابتة أو ليست ثابتة ـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ) إذن رسول الله بمقتضى النص القرآني عندما يريد أن يبدأ قتال أهل الكتاب من الذين لا يدينون دين الحق، لابد أن يبدأ بالأقرب أم بالأبعد؟ بالأقرب لأنه الآية قالت (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ)، سؤال هذا حكم كلي عام يشمل حتى عصرنا أو مرتبط بتلك العصور؟ يعني الآن أي دولة إسلامية لابد أن تبدأ بقتال الجيران، وتذهب إلى الدول التي تبعد عشرة آلاف كيلومتر أو لا تذهب؟ هذا نص قراني، هذا لا يحتاج إلى تفسير، فهذا الحكم الصادر في هاتين الآيتين هل هو خارج الزمان والمكان؟ أو هو مرتبط بالظروف العسكرية والاجتماعية وغيرها في ذلك الزمان؟ الجواب واضح، صحيح انه الروم والفرس كانوا أكثر خطراً أقوى من المجاورين لدولة المدينة، ولكن من الذي يشكل الخطورة على دولة المدينة الأقرب أم الابعد؟ بحسب الموازين العسكرية في ذلك الزمان لا بحسب الموازين العسكرية في زماننا، بحسب الموازين العسكرية في زماننا يوجد فرق بين الأقرب والابعد جغرافياً أو لا يوجد فرق؟ لا يوجد فرق، بل إذا كان الذي هو أبعد يشكل خطورة اكبر فلابد أن نبدأ القتال مع الأبعد، وإن كان الأقرب اقل خطورة فلا يكون له أولية وهكذا، إذن هنا هذا القانون القرآني، هذا النص القرآني مرتبط بتأريخ وبزمان وبظروف معينة أو مطلقة؟ لا يستطيع عاقل… بدليل أنكم الآن تجدون بأنه في الأنظمة التي تتشكل يبدأون الأقرب فالاقرب؟ أبداً وإنما ضمن ماذا؟ بل لعلهم يدخلون في معاهدات مع الأقرب لمحاربة الأبعد؛ لان مقتضيات الظروف العسكرية والسياسية والاجتماعية وووو إلى غير ذلك لها حسابات أخرى غير الحسابات المرتبطة في ذلك الزمان.
إذن هذا مفهوم أم مصداق؟ هذا لا يمكن أن يكون مفهوماً وإنما هو تطبيق لمفهوم قرآني، وهو أنّ الذي يشكّل خطورة على الدولة الإسلامية لابد أن نقف أمامه، الأقرب أو الأبعد من هو؟ الجواب تابع للظروف، فقد يكون الأقرب وقد يكون الأبعد، من يشخص ذلك؟ يشخصه ولي الأمر وأولي الأمر منكم، تشخصه الجهات التي تقوم بهذا الأمر، إذن أصل المفهوم قرآني وهو أصلاً ليس بقرآني فقط وإنما إنساني، الآن أمامكم الآن الدولة الاستكبارية التي تسمي هذه الاستراتيجيات الحديثة بالحرب الوقائية، يقولون الدولة الفلانية تشكل خطورة علينا إذن لابد أن نفعل فنقيد من قوتها وقدراتها ونفوذها في المنطقة هذا أصل إنساني أصلاً ، الإسلام أيضاً كذلك إذا حكم الإسلام لابد أن يراعي ماذا؟ انه أي جهة تشكل خطورة على نظامه ماذا يفعل لها؟ يقول أهلاً ومرحبا أو يقف أمامها كحرب وقائية أي منهما؟ يقف أمامها، هذا الذي نحن سميناها فيما سبق حرب دفاعية، الحروب الوقائية عموماً حروب دفاعية لأنك تريد أن تحافظ على منظومتك.
تعالوا معنا إلى الآية 29 من سورة التوبة يقول: (قَاتِلُوا الَّذِينَ … حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ) سؤال: الآن الدولة الحديثة إسلامية أو غير إسلامية تقوم على أساس من لم يكن شيعياً اثنا عشرياً بناءً على ماذا؟ التي تعتقد الإسلام هو هذا، أو أوسع من لم يكن مسلماً، فالدولة تأخذ منه جزية أو تأخذ منه ضرائب أي منهما؟ لماذا؟ نص قراني هذا واللطيف تأخذوها بشكل انه يثبت له انه حقير، صاغر، أصلاً من الدرجة الثانية، له قيمة أو ليست له قيمة؟ لا حتى ملابسه لابد أن يلبسها بشكل حتى يتميز عن المسلمين حتى الناس لا يحترموه، الآن تفعلون ذلك في الدولة الإسلامية أم تقولون بأنه قائم على أساس المواطنة، نظرية المواطنة من أين جئتم بها؟ الجواب هذه مرتبطة بالفلسفات الغربية، نظرية المواطنة نظرية إسلامية؟ الآن قد يأتي أحد يقول الإمام سلام الله عليه أمير المؤمنين قال لك أما أخ لك في الدين أما نظير لك في الخلق أقول نعم قال هذا، ولكن الدولة في المدينة كانت قائمة على أساس مواطنة أم على أساس عقيدة؟ دولة المدينة دولة رسول الله صلى الله عليه وآله كانت قائمة على أساس مواطنة أم عقيدة؟ على أساس عقيدة بنص الآية المباركة، هذا مفهوم أو مصداق؟ إذا قلت مفهوم هذا الذي الآن السلفية يقولوه، هذا الذي الآن الوهابية يقولوه هؤلاء الآن الدواعش والنصرة هذا كله يقولوه، يقولون نحن الآن نريد أن نشكل دولة إسلامية وهؤلاء الذين يعيشون وليسوا من المسلمين نأخذ منهم الجزية، ونحاربهم ونأخذ أسارى انتهت القضية كما وجدتم أمامكم، الآن توجد جهة إسلامية تحترم نفسها تقبل بهذا العمل أو لا تقبل؟ مع انه لو تسأله يقول النص القرآني نطبق القرآن الكريم لماذا تعترضون علينا؟
هذا الإشكال الذي يورده الآخر على القرآن لأنك قلت له أن هذه الآيات ما هي؟ حلاله حلال إلى يوم القيامة، أنا لا أريد أن اناقش الروايات لأن الروايات معتبرة ولكن ما فهمه بعض العلماء خاطئ، حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ولكن هم فهموها مع وحدة المصداق وأنا افهمها مع تعدد المصداق، أنا أيضاً أقول حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة، ولكن ما قام به النبي كان تطبيقاً لمفهوم قراني، ولم يكن فوق الزمان والمكان، وهكذا وهكذا.
قال تعالى في الآية 60 من سورة الانفال بسم الله الرحمن الرحيم (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) اليوم بودي أن تأخذ هذه الآية وتذهب إلى التفاسير، أمامكم الالوسي في روح المعاني الجزء العاشر صفحة 166 قال: ما استطعتم من قوة أي من كل ما يُتقوى به في الحرب كائناً ما كان، فإذن فهم القوة بالآية بماذا؟ فقط القوة العسكرية صحيح أم لا؟
تعالوا إلى السيد الطباطبائي المجلد التاسع صفحة 114 قال: أمر عام بتهيئة المؤمنين مبلغ استطاعتهم من القوى الحربية ما يحتاجون إليه، إذن االأعلام والمفسرين شيعة وسنة فهموا من القوة أي قوة؟ الآن بيني وبين الله لو تعطي هذا بيد ولي أمر المسلمين في بلد كالجمهورية الإسلامية، خطابات السيد الإمام قدس الله نفسه خطابات السيد القائد الآن اسمعوها القوة أو المصداق الأول للقوة يعتبره العسكري فقط؟ أم البعد الثقافي والبعد الامني والبعد التكنولوجي وووو ما شاء الله والبعد الدبلوماسي ووو إلى غير ذلك، نعم جزء أساسي منها القوة الحربية، لماذا انه الآن لو تعطي بيد مفسر معاصر يفهم القوة هذه؟ ولكن السيد الطباطبائي يفهم تلك لماذا؟ الجواب لأنه ابن بيئته، وهذا طبيعي جداً، الآن انتم تجدون انه دول تسقط لضعفها العسكري أم لضعفها الاقتصادي أي منهما؟ الآن كل الذين يحاولون من خلال محاربة والجمهورية الإسلامية فقط بعد عسكري أو البعد الاقتصادي؟ البعد الاقتصادي، البعد الامني، البعد الثقافي، وهكذا وهكذا.
إذن الآية مفهوم كلي، هذه القوة في أي زمان تحدد بحسب ذلك الزمان، فيأتي واحد في عصر يقول الآن القوة التي لابد أن نعدّها للطرف الآخر الذين يريدون القضاء علينا هو البعد العسكري الأولوية للعسكر، الآخر يأتي في زمان يقول لا لا الأولوية الآن للبعد الاقتصادي، الثالث يقول لا لا للبعد التربوي، وهكذا وهكذا وقد تجتمع جميعاً، واطمئنوا أن النص القرآني كله من هذا القبيل، يعني يتكلم المفهوم مباشرة يردفه بالمصداق.
التفت إلى الآية المباركة قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ) ـ الهي في ذلك الزمان ما هي القوة؟ (وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ) إذن الآن إذا جعلنا هذا مفهوم إذن نحن لابد أن نصنع دبابات وطائرات أم نهيأ خيول؟ اقبلوا هذا واقع، هذه آية قرآنية لا اقرأ رواية حتى تقول لي سيدنا من يقول هذه الرواية صادرة، هذا نص قراني الهي، الجواب بين المفهوم الكلي ولكن عرّج على المصداق في زمانهم، ومن رباط الخيل، ولهذا إلى الآن تجدون عقلية احذف المتعلق حتى يدل على العموم يريد يتصور أن الحجة يأتي بحصان لأن هذه الآية الحاكمة عليه .
إذن من أهم مفاتيح بل أهم مفتاح لمفاتيح عملية الاستنباط لابد أن نميز في النص الديني بين ما هو مفهوم عام وبين تطبيقاته ومصاديقه، فإذا لم نميز بينهما نقع فيما يقع فيه الآن الدواعش والسلفية، ثيابك فقصّر، فماذا يلبس؟ ويقول نص قرآني وهو صادق يوجد واحد يشك في انه نص قراني هذا؟!
إن رسول الله أمر في آخر حياته أن يطهر الجزيرة العربية من المشركين فلابد ماذا نفعل؟ إذا ثبت انه صدر من رسول الله نعم لأنه كانوا يشكلون خطر داخلي طابور خامس داخل المجتمع الإسلامي فلابد أن يطهر المجتمع منه، لكن هذا مطلق أو مرتبط بزمانه لكيفية ادارته الدولة في العهد المدني أي منهما؟
إذن ما هو الفرق بين العهد المكي والعهد المدني، الأعلام ذكروا فوارق كثيرة لا أريد أن ادخل فيها، ولعلي في كتاب منطق فهم القرآن وقفت عند النظريات.
ما هي أهم الفوارق؟ الفارق الأساس انه في العهد المكي لم يكن للإسلام دولة، وفي العهد المدني كان للإسلام دولة، سؤال هذا الفارق يؤثر على الخطابات الصادرة من القرآن ومن النبي أو لا يؤثر؟ لأن القرآن نظر إلى هذه الحالة الآن اقيمت دولة في العهد المدني فلابد أن يوجه هذه الدولة أو لا يوجهها؟ يوجهها، إذن لابد أن نلتفت إلى الآيات التي جاءت في العهد المدني وكانت بصدد توجيه ماذا؟ وبناء دولة الإسلام في المدينة، هذه الآيات مطلقة أم زمانية ومكانية ؟ يمكن أن تكون مطلقة؟ لا يمكن، يعني الآيات التي تكلمت عن البعد الاقتصادي، عن العلاقات عن مسألة الصلح مسألة الاقتصاد مسألة الأمن مسألة المواطن كلها، هذه الآيات التي تكلمت كلها تتكلم عن المفاهيم أم عن التطبيقات؟ فإذن لها إطلاق زماني ومكاني أو ليس لها؟ ليس لها.
وهكذا ما صدر من النبي من أقوال وأفعال وأقارير في العهد المدني هذه مطلقة أم نسبية؟ لا أريد أتكلم بنحو الموجبة الكلية حتى تقول لا لا في الضمن أيضاً توجد أمور مفهومية، لكن أنا أتكلم الظاهرة العامة والحالة العامة، الحالة العامة هي تشير إلى مجتمع يديره رسول الله صلى الله عليه وآله، هو فيه نبي أو فيه ولي للأمر أي منهما؟ فرق بينهما يعني عندما يتكلم، يتكلم بحيثية النبوة أم بحيثية الولاية أي منهما؟ بحيثية أنه وأولي الأمر منكم، وهكذا الأئمة يعني 12 إمام في 250 سنة لابد أن نميز كان عندهم من يتبعهم من الشيعة أو لا يوجد؟ خصوصاً بعد الإمام السجاد القاعدة الشيعية بدأت تتوسع، فالأئمة وإن لم يكونوا بأصحاب سلطة ولكن كان عليهم أن يحفظوا هذه الكتلة و أن ينموها؟ هذه الأمور هذه الأفعال هذه الأقوال هذه التصرفات هذه التدابير التي صدرت منهم هل هي مطلقة أم أنها نسبية أي منهما؟ لابد أنت تميز في عملية الاستنباط أن هذا صدر منه بعنوانه دين وجزء من الدين وحكمٌ مطلق وبين ماذا؟ بأنه حكمٌ زمنيٌ مكانيٌ جغرافيٌ ثقافيٌ يريد أن يدير ماذا؟
اضرب لك مثال واضح جداً، أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله، ألستم تقولون هذا هو التوقيع الأخير أو المشهور انه هو التوقيع الأخير الصادر؟
سؤال: هذا حكمٌ من جزء من الدين أم حكمٌ مرتبط بعصر الغيبة أي منهما؟ بلا إشكال إذا ظهر الإمام يبقى هذا أو لا يبقى؟ لا يبقى، إذن هو جزء من الدين أو ليس جزء من الدين؟ هل يمكن جزء من الدين ساعة يبقى وساعة لا يبقى يصير؟ أمّا صلاة الصبح ركعتين ما هي جزء من الدين لا هو يستطيع يزيد ولا ينقص ثابتة هذه، أما انه الصوم كذا جزء من الدين أمّا أن الحج جزء من الدين أما فإنهم حجتي عليكم أيضاً جزء من الدين؟ وهذا ما صرّح به ونقلناه يتذكرون في بحث وهذا ما صرّح به وذكرناه في بحث ولاية الفقيه الشيخ مرتضى الانصاري صريحاً يقول هذا حكمٌ ولائيٌ في عصر الغيبة، إذن لابد أن نميز بين الحكم الصادر من المعصوم بعنوانه جزءٌ من الدين وبين الحكم الصادر من المعصوم بعنوان انه تطبيقٌ لذلك الحكم.
اضرب لك نموذجين:
النموذج الأوّل: قال تعالى في الآية 103 من سورة التوبة: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) هذه الآية مفهوم أم مصداق؟ الجواب: مفهوم، لأن أي دولة يمكن أن تعيش بلا بعدٌ مالي أو لا يمكن أن تعيش؟ بأي عنوان كان، بعنوان ضرائب بعنوان زكاة بعنوان خمس بعنوان أنفال أياً كان، المهم تحتاج إلى ميزانية مالية أو لا تحتاج؟ تحتاج، هذه قضية دينية أو قضية إنسانية عقلائية؟ هذه موجودة القضية وثابتة ولذا نعبّر عنها قضية ماذا؟ الآن إذا تنظر إلى شأن النزول، شأن النزول في واقعة ولكنها قضية أصلية لا تحتاج إلى بيان، وهل يمكن لدولة أن تعيش بلا ميزانية مالية؟ كما انه لا يمكن أن تعيش بلا نظام امني وسياسي واجتماعي وفكري، بل عصب حياة الدولة إنما ببعدها المالي، ولهذا القرآن الكريم ماذا قال: (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) قلنا قوام المجتمع بالبعد المالي.
سؤال: إذن هذا مفهومٌ أو مصداق؟ مفهوم، مصداقه ما هو؟ رسول الله ماذا فعل؟ وضعها في تسعة، وضعها في تسعة حكمٌ كلي أو نسبي؟ آقايون ماذا فهموا منها؟ أنا اختلافي مع فهم العام هذا هو، واللطيف رواياتنا صريحةٌ هذه الرواية في وسائل الشيعة (الرواية موجودة في كتبنا المعتبرة) بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو عبد الله والرواية من الروايات المعتبرة، الرواية 11506 الباب الثامن وجوب الزكاة في تسعة أشياء، قال فرض الله عزّ وجل الزكاة مع الصلاة في الأموال، وهذا أصلٌ ما هو؟ كليٌ ديني أو إنساني؟ انساني حتى لو لم يبينه القرآن، ولكن القرآن يريد ينظّم حياة الإنسان هذا فرض الله عليكم وسنّها رسول الله في تسعة أشياء، لو نسأل يا رسول الله لماذا؟ يقول بيني وبين الله أموال العهد المدني عموم الناس أموالهم في هذه الأشياء التسعة وهي الذهب والفضة والابل والبقر والغنم والحنطة والشعير والتمر والزبيب وعفى عما سوى ذلك، يا رسول الله هل عندك صداقة مع هؤلاء وعداوة مع هؤلاء؟! يقول لا، لأنه هذا هو المال المتعارف في عصري، هذه رواية ولهذا روايات أخرى ميّزت بين فرض الله وسنة النبي لماذا؟ لأن فرض الله عام وسنتي خاصة.
الرواية الثانية: عن أبي عبد الله قال: وضع رسول الله الزكاة على تسعة أشياء هذا بعنوانه نبيٌ يوحى إليه أو بعنوانه وليٌ للأمر لإدارة الأمة؟ ولكن نحن خلطنا بين المسؤوليتين والدورين، فتصورنا كل ما صدر منه هو بعنوانه وحيٌ الهي مع انه ليس كذلك.
هذا ما افهمه من الروايات فليجيبوا عليها، أنا لم أقل شيئاً آخر والجواب عليها ليس بالفتاوى وبالكلمات وبالتسقيطات، كونوا على ثقة هؤلاء الذين يقومون بهذا العمل والله العظيم يخدمون هذا المشروع ولكن لمن يعقل؛ لان الطرف الآخر يفهم انه يوجد عندهم جواب أو لا يوجد عندهم جواب؟ ولكنه بطريق التزام وإلا إذا عنده جواب كان أجاب، هذه روايات وليست واحدة واثنين ووقفنا عندها مفصلاً في رسالة الزكاة وفي باب الزكاة والخمس.
تعالوا إلى الوسائل عندكم رواية أن الأئمة سلام الله عليهم قالوا أن رسول الله وضع صلاة الصبح بركعتين والآن نجد مصلحة نجعلها واحدة ركعة واحدة، أو صلاة المغرب ثلاثة ركعات لكننا متعبين فنجعلها ركعتين ممكن أم لا؟ لا، لأنه هذا وحيٌ الهي بأي معنى من المعاني، أما تعالوا معنا إلى الخمس هذه الرواية المعروفة التي وقفنا عندها مفصلاً الرواية وهي معتبرة سنداً وصحيحة يقول الإمام الجواد فأما الذي اوجب من الضياع والغلاة في كل عامٍ فهو نصف السدس، خمس أو نصف السدس؟ يعني واحد من ،12 الآن انظروا مقدمة الرواية يقول أن موالي أو بعضهم قصّروا فيما يجب عليهم فعلمت ذلك فاحببت أن اطهرهم، ثم قال لم اوجب ذلك عليهم في كل عام، وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي ولم اوجب ذلك كذا …تخفيفاً مني عن موالي ومناً مني عليهم، يابن رسول الله لماذا تريد أن تخفف؟ يقول هذه السنة السلطان عرف هؤلاء بأنه شيعتنا وتجار شيعتنا فكان ياخذ منهم ضرائب واحد جعلها عشرة فضيق عليهم فلابد ماذا نفعل؟ قال لما يغتال السلطان من أموالهم، ولما ينوبهم في ذاتهم، الطبقة الثرية أتوا إلى الإمام الجواد وقالوا له يابن رسول الله والله أنت تدري في زمان آبائك كنا نعطي الخمس الآن وضعنا الاقتصادي يساعد أو لا يساعد؟ يوجد تحريم يوجد كذا ماذا نفعل؟ قال السنة ادفعوا كم؟ نصف السدس يعني كم؟
ثم الشيعة التجّار تعرفون التاجر عادة هؤلاء عندما أتى الإمام الهادي الإمام العاشر بعثوا رسالة إليه قالوا له يابن رسول الله ابوك خفف علينا فالآن ندفع خمس أو واحد من 12 نصف السدس؟ الإمام هادي سلام الله عليه قال لا الآن الوضع متحسن ووضع الشيعة هم تعبان ارجعوا وادفعوا كم؟ قال أقرأني علي كتاب ابيك فيما اوجبه على أصحاب (والرواية معتبرة) انه اوجب عليهم نصف السدس بعد المأونة وانه ليس على من لم تقم شيعته بمؤونته فاختلف من قبلنا في ذلك فقالوا يجب على الضياع الخمس بعد المؤونة… فكتب وقرأه علي بن مهزيار الخمس بعد مؤونته ومؤونة عياله وبعد خروج السلطان، ارجعوا إلى ماذا؟ هذا حكمٌ بعنوانه ولي الأمر أو بعنوان أمر كلي؟
أنا قلت بأنه خمس أرباح المكاسب حكمٌ ولائي صدر من الأئمة فمن يعتقد في عصر الغيبة أن الولاية التي كانت للمعصوم قد انتقلت إلى الفقيه الجامع للشرائط فمن حقه أن يأخذ الخمس؟ لا، بيني وبين الله من حقه مرة أن يأخذ الخمس ومرة أن يأخذ الربع ومرة أن يأخذ نصف السدس ومرة أن يعفي ومرة أن لا يعفي، لماذا؟ هذا تابعٌ لأي شيء؟ تقول يعني يقعد في البيت؟ أقول لا، لأنه مسؤول عن الوضع الاقتصادي والمالي لشيعة مدرسة أهل البيت لابد أن ينظر إلى المنطقة التي يعيش فيها يكفي الخمس لفقرائهم أو لا يكفي؟ فإن كفي يأخذ الخمس وان لم يكفي ماذا يفعل؟ يقول زيدوه لأنه تنظرون عوائلنا، لأن الخمس ضريبة مالية اليس كذلك؟ إذن يمكن أن تكون ممكن أو لا يمكن؟ في أي مكان في العالم اي عقل اقتصادي أي عقل مالي أي عقل انساني لا يمكن أن يكون مطلقا، يعني نسب ثابة لا يمكن أن تكون ثابتة، ولهذا من صارت الآن في سنة 2008 و بعدما صار الكساد العالمي وسقطت البنوك الأصلية وسقطت التجارة العالمية الدول ماذا فعلت صعدت الضرابط أو قللت الضرائب لماذا؟ يقول حتى ينشط حركة الاقتصادية لا يوجد طريق آخر فهل نحن بدعاً من البشر؟ والآن مشكلة توجد في مثل نظام الجمهورية الإسلامية كثير من التجار يقول لا معنى أن ندفع ضرائب و ندفع الخمس بأي عنوان؟ ولهذا كثير منهم يدفع أو لا يدفع؟ بعض المتدين يتهرب من الضرائب حتى يدفع الخمس والعكس صحيح وغير المتدين يقول أنا ادفع الضرائب بعد أنا ماذا …. والمشكلة إلى الآن لم تحل لماذا لم تحل؟ لأنه في النظام لا معنى لأنه تتعدل الضريبة هذه ضريبة مالية.
وهكذا في باب الزكاة بماذا يتعلق الزكاة؟ اذهب إلى الدول الاسكندناوية افترضوا الليلة أعلنوا قالوا صرنا مسلمين فنريد ندفع الزكاة، نقول لهم ادفعوا زبيب ادفعوا بقر، يقول ليس لدينا بقر تقول قطعاً حقكم الضرائب لا تحتاج أن تدفعوا تقبلون هذا المنطق؟! مع انكم تقولون أن الإسلام صالحٌ لكل زمان ومكان، اليست بعض الحركات الإسلامية التي لا نوافق عليها قالت الإسلام هو الحل؟ الآن انظروا كيف هو الحل؟ ولهذا أنا اعتقد لا حياة للإسلام بوحدة المفهوم وتعدد المصداق لا حياة لا يمكن أن يبقى حياً.
من هنا السيد الإمام قدّس الله نفسه الذي قلت في الأبحاث السابقة واقعاً نظريات وابحاث السيد الإمام في الزمان والمكان وغيرهما واقعاً إلى الآن مظلومة في حوزاتنا العلمية، والسبب في ذلك أن البعد السياسي له غطى على أبعاده الأخرى السيد الإمام قبل أن يكون سياسياً وقبل أن يكون صاحب نظرية ولاية الفقيه هو عالمٌ من الطراز الأول من علماء الامامية بل من خواص علماء الامامية لجامعيته الواسعة النطاق، السيد الإمام من أهم خصائصه قدّس الله نفسه جامعية واسعة انتم تجدون من تعليقاته من فصوص الحكم إلى الفقه والاصول إلى التفسير إلى السياسة إلى المجتمع إلى كذا، هذا الذي أنا اعبر عنه بالفقيه القرآني ليتفقهوا في الدين، ومن أوضح مصاديق المتفقه والفقيه في الدين السيد الإمام، انظروا ماذا يقول قدّس الله نفسه في رسالة في قاعدة لا ضرر.
عنده رسالة تحت عنوان لا ضرر المطبوعة في كتابه الرسائل تشتمل على مباحث في صفحة 50 من هذه الرسالة يقول: إن لرسول الله في الامة شؤوناً النبوة والرسالة أي تبليغ الأحكام الإلهية، وثانيها مقام السلطنة والرئاسة والسياسة؛ لأنّه سلطان من قبل الله والأمة رعيته وهو سائس البلاد، وهذا المقام غير مقام الرسالة والتبليغ، فما صدر منه بعنوان النبوة فهو الحكم الكلي وأما ما صدر منه بعنوانه حاكم هذا تابع لظروفه، تجب طاعته؟ نعم، ولذا أنا معتقد أن قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم هذه مرتبطة بمقام الرئاسة لا بمقام النبوة؛ لأنه عنوانها ما هو؟ تعليق الحكم على الوصف يشعر بالعلية أولي الأمر، كان بامكانه أن يعبر أي تعبير آخر، من صار في مقام الولاية تجب طاعته فيها ولكنها جزء من الدين أو ليست جزءً من الدين لأنها متغيرة بتغير الزمان والمكان لا معنى لان تكون جزءً من الدين هذه النظرية واقعاً بشكل آخر السيد الإمام قدس الله نفسه أشار إليها، ولكن أنا أسست لها نظّرت لها بعنوان وحدة المفهوم وتعدد المصداق، هناك آثار أخرى على هذه النظرية إن شاء الله تعالى تأتي في الأبحاث القادمة والحمد لله رب العالمين.