بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قال: ثم إذا انقطع حكم ذلك الفيض ترجع النفس إلى الشهادة متصفة بالعلم منتقشة بتلك الصورة بسبب انطباعها في الخيال.
كان الكلام في بحث يعد من أهم البحوث المعرفية وهو انه أولا على مستوى المكاشفة وعلى مستوى انكشاف عالم الغيب ما هو الطريق, أو لا اقل ما هو اقرب الطرق للوصول إلى هذا المقام وهو الغيب{يؤمنون بالغيب}.
البحث الثاني: انه أساساً على مستوى العلم الحصولي لا فقط على مستوى العلم الشهودي وعلى مستوى العلم الحضوري وعلى مستوى الكشف, على مستوى العلم الحصولي هل يوجد عندنا سبيل لتجنب الخطأ وللوصول إلى الصواب أو لا يوجد؟
من الواضح فيما يتعلق بالعلم الحصولي من الناحية النظرية واحدة من أهم الأدوات والأسباب لتجنب الخطأ هو الاستعانة بعلم المنطبق, باعتبار آلة تعصم مراعاتها الذهن من الخطأ في الاستدلال وغير الاستدلال هذا صحيح ولكن هل يوجد سبيل آخر فيه بعد عملي غير هذا البعد النظري أو لا يوجد؟ في الواقع أن العرفاء يؤكدون على هذه الحقيقة والقران الكريم يؤكد على هذه الحقيقة والروايات فوق حق الإحصاء أكدت على هذه الحقيقة وهي أن التقوى سبب أولاً للوصول إلى الغيب وانكشاف حقائق الغيب.
ثانيا: انه سبب للوقوف أمام الخطأ والوصول إلى الإصابة, عندما نرجع إلى الآيات القرآنية في هذا المجال واقعا كثيرة ولكن نحن نشير إلى بحثها وأشير إلى الموضع والأخوة إنشاء الله يراجعوه وهو من الأبحاث الأساسية, هذا البحث عرض له السيد الطباطبائي في ذيل الآية 15 من سورة المائدة المجلد 5 صفحة 267 بلا عنوان البحث بالمناسبة دخل البحث, العنوان هذا قال: فان قلت طريق التفكر المنطقي الذي قلنا هو الطريق للتمييز الصحيح من والخطأ, والإصابة من الخطأ, الصدق من الكذب, طريق التفكر المنطقي مما يقوى عليه الكافر والمؤمن هذا لا يشترط فيه التقوى ولا يشترط فيه الايمان فضلا عن التقوى, ويتأتى من الفاسق ومن المتقي فما معنى نفيه تعالى العلم المرضي والتذكر الصحيح عن غير أهل التقوى, إذا كان المنطق أداة يستعملها الجميع مؤمنا كافرا, فاسقا فاجرا, متقيا غير متقي, فما معنى أن القرآن الكريم يربط العلم الحق بالتذكر, يربطه بالتقوى, فيقول {ما يتذكر إلا من ينيب} {ومن يتقي الله يجعل له مخرجا} {ومن يتقي الله يجعل له فرقان} {واتقوا الله ويعلمكم الله} إذن ما هو الربط بين العلم وبين التقوى؟ وهذا هو بحثنا لهذا اليوم وهو يقول أن الوصول إلى تلك المقامات والتمييز بين الصواب والخطأ إنما يمر يمر إذا يتذكر الاخوة قال: وللإصابة أسباب وموانع, سواء كان إصابة على مستوى العلم الحضوري أو كان إصابة على مستوى العلم الحصولي, وللإصابة أسباب, وبعد ذلك يقول: وأسباب الخطأ, وعندما يأتي إلى أسباب الخطأ يقول: اشتغال النفس باللذات, الانهماك بالشهوات, الحرص على المخالفات, هذه كلها أمور بمتابعة الشريعة وعدم متابعة الشريعة. هذا الإشكال فان قلت: العلم يتوقف على معرفة الأدوات وليس من الأدوات التقوى.
قلت: اعتبار الكتاب والسنة التقوى في جانب العلم, يعني جعل التقوى شرطا للوصول للعلم الحضوري وللإصابة في العلم الحصولي, مما لا ريب فيه, واضح هذا المعنى كتابا وسنة, غير أن ذلك ليس لجعل التقوى, أو التقوى الذي معه التذكر طريقا مستقلا لنيل الحقائق وراء الطريق الفكري المنطقي, التفتوا جيدا هذا يؤدي بنا لا يأتي احد إلى الحوزة يقول طريقان للوصول إلى الحق: الطريق الأول إلزم الحوزة, الطريق الثاني إلزم السبحة, لا هذه ليس طريقان احدهما في عرض الآخر وإنما هو طريق واحد وهو طريق العقل والاستدلال العقلي ولكن لكي يصيب شرطه التقوى.
إذن التفتوا إلى هذا المعنى عبارات السيد الطباطبائي في الميزان مرارا أنا ذاكر أنها محسوبة وليس أنها هكذا كالجرائد, قال: أن ذلك ليس لجعل التقوى أو التقوى الذي معه التذكر{قال وما يتذكر الا من ينيب} طريقا مستقلا لنيل الحقائق وراء الطريق الفكري الفطري الذي يتعاطاه الإنسان تعاطيا لا مخلص له منه, أصلا أمر فطري, أمر بديهي, إذ لو كان الأمر على ذلك لغت جميع الاحتجاجات الواردة في الكتاب والسنة, إذا كان الطريق هو طريق التقوى, يقول متى تفهم القرآن؟ إذا صرت إنسانا جيدا, أنت تريد أن يكون متقيا فإذا فرضنا أن فهم الحقائق وإصابة الحقائق متوقف على التقوى يلزم نوع من الدور, الآن تريد أن تتكلم مع الكافر, مع المشرك, مع الملحد, إذن الطريق المنحصر لفهم الحقائق وكشف الحقائق هو الطريق الفكري, الطريق الاستدلالي, الطريق المنطقي, اتضح هذا المعنى,ولكنه متى يصيب ومتى لا يصيب, يعني لنكون أدق في العبارة متى تكون أدق في الإصابة وابعد عن الخطأ؟ إذا كان متقيا.
قال: إذ لو كان الأمر كذلك لغت جميع الاحتجاجات الواردة في الكتاب على الكفار والمشركين وأهل الفسق والفجور ممن لا يتبع الحق ولا يدري ما هو التقوى والتذكر فأنهم لا سبيل لهم على هذا الفرض إلى إدراك المطلوب وحالهم هذا الحال, فسق, وفجور, وكفر, والحاد, ومع فرض تبدل الحال يلغو الاحتجاج معهم, ونظيرها ما ورد في السنة من الاحتجاج مع شتى الفرق والطوائف الضالة.
إذن: اعتبار التقوى لأي شيء؟ إذا لم يكن هو طريقا بعرض الطريق الفكري المنطقي, إذن اعتبار التقوى لأي شيء؟
قال: لرد النفس الإنسانية من اعوجاجاتها إلى استقامة فطرتها, وعند ذلك هذه القوى تعمل بشكل أو بشكل معوج ومنحرف؟ إذا لم يكن التقوى موجودا هذه القوى قد يطغى بعضها على بعض فيلغي دورها أو تكون معوجة العمل, التقوى يأتي يقول نعم استعمل أداة المنطق ولكن هذه الأداة لكي تنتج نتيجتها تحتاج إلى شرط, شرطها أن هذه القوى لا تكون بعضها متغلبة على بعض, بعضها مفرط فيها, بعضها يوجد فيها تفريط ونحو ذلك.
قال: لرد النفس الإنسانية المدركة إلى استقامتها الفطرية, ثم يوجد عنده بحث مفصل يأخذ نتيجتين أو ثلاث, يقول: فالإنسان لا يتم له معنى الإنسانية, يعني هذه القوى المفكرة توصل إلى نتائج, الا إذا عدل قواه المختلقة تعديلا يورد كلا منها وسط الطريق المشروع لها, كل قوة من القوى يجعلها على جادة الوسط, وملكة الاعتدال في كل واحدة من القوى, وهذه العدالة هي المعروفة بالعدالة الكبرى في قبال العدالة الصغرى التي هي العدالة الفقهية للشهادة على الاموال على الدماء والى غير ذلك, اتضح البحث, هذه العدالة المطلوب منها هنا ليس انه تقبل شهادتك أو لا تقبل شهادتك لا, من يملك العدالة الفقهية ليس بالضرورة يملك العدالة أن صح التعبير العدالة الكلامية, ولكن من يملك العدالة الكلامية يملك العدالة الفقهية لأنه يعطي لكل قوة حقها المفروض لها, إلى أن يقول: فالمعارف الحقة والعلوم النافعة لا تتم للإنسان الا إذا صلحت أخلاقه وتمت له الفضائل الإنسانية القيمة وهو التقوى, عند ذلك يقول تفهم القرآن الكريم عندما يقول { أن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} يعني واقعا تصلون إلى قدرة تميزون جيدا بين الحق وبين الباطل, واقعا الإنسان في بعض الأحيان يجد عالم كبير محقق فيلسوف ولكن عندما يدخل إلى المسائل يخلص بنتائج أن تستغرب منها كيف يصل إلى هذه النتائج, عنده مشكلة علمية؟ ليس عنده مشكلة, عنده مشكلة في فهم المنطق؟ لا ليس عنده مشكلة في فهم المنطق, عنده مشكلة في مكان آخر, قال{فتزودوا فان غير الزاد التقوى} عند ذلك {أن تتقوا لله يجعل لكم فرقانا} ثم قال{ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها}. فظهر من جميع ما تقدم أن القرآن الكريم إنما اشترط التقوى في التفكر والتعقل وقارن العلم بالعمل, لأجل ماذا؟ ليس لأنه طريق مستقل في قبال المنطق والتفكر المنطقي الصحيح بل للحصول على استقامة الفكر, وإصابة العلم, وخلوصه من شوائب الأوهام الحيوانية والالقاءات الشيطانية, صار واضح.
إذن: في العلوم الحصولية الأداة الرئيسية ما هي؟ هو الطريق المنطقي, ولكن شرط أن يعطي نتائج حقة مطابقة للواقع هو التقوى, ثم ينتقل إلى البحث الآخر, وهو انه سيدنا انه بحثنا لم يكن فقط بالإصابة وعدم الإصابة في العلم الحصولي, كان عندنا للوصول إلى علم الغيب, للوصل للعلم بما في الغيب, للوصول إلى معرفة عالم الملكوت.
قال: نعم ها هنا حقيقة قرآنية لا مجال لإنكارها وهو أن دخول الإنسان في حضيرة الولاية الإلهية وتقربه إلى ساحة القدس والكبرياء, يعني, إذا صار على هذا يفتح له باب إلى ملكوت السموات يشاهد منه ما خفي على غيره ومن آيات الله الكبرى وأنوار جبروته التي لا تطفأ قال الصادق ×:>لولا أن الشياطين يحومون حول قلوب بني ادم لرأوا ملكوت السموات والأرض< متى يستطيع الشياطين أن يدخلوا إلى قلب الإنسان وينفذوا إليه إذا كان في الذكر أو إذا نسي الذكر الإلهي؟ إذا نسي الذكر, أما إذا كان في الذكر يكون في الحصن الإلهي وإذا كان في الحصن الإلهي يكون تحت ولاية الله, نعم متى يستطيع أن يدخل الشيطان ويوهمه إذا دخل تحت ولاية الشيطان, {الله ولي الذي امنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذي كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور} هذا أي نور؟ هذا نور الفطرة إلى الظلمات, واضح هذا المعنى.
ثم الآن بعض كلمات أهل البيت قال: >لو تكثير في كلام وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أراه ولسمعتم ما اسمع< وكذلك{ الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين… ونري ابراهيم ملكوت السموات} قال: فربط وصف الإيقان بمشاهدة الملكوت, ولا ينافي, هذا آخر الكلام, ولا ينافي ثبوت هذه الحقيقة ما قدمناه أن القرآن الكريم يؤيد طريق التفكر الفطري الذي فني عليه فان هذا طريق غير فكري وموهبة الإلهية يختص بها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين, الآن لا ندخل في ذلك البحث لان البعض قبل الطريق الفكري يصلون إلى عالم الملكوت والبعض بعد الطريق الفكري يصلون إلى عالم الملكوت, وأبحاث أخرى موكولة إلى محل آخر, هذا البحث من الابحاث القيمة أنا بودي هذه خمسة او ستة صفحات راجعوه بدقة كلمة كلمة اقرؤوها لانها مرتبطة بهذا البحث الذي نحن بصدده ويوجد اشارات أخرى سوف نشير إليها.
قال: ثم إذا انقطع, هذا بالأمس بينا قلنا اذا كان حال وليست ملكة وليست تحقق قد يوجد وقد ينقطع, ثم اذا انقطع حكم ذلك الفيض والارتباك بعالم الملكوت بعالم الروحاني ترجع النفس إلى الشهادة, لأنه في قبال ذلك العالم عالم الغيب{عالم الغيب والشهادة} منصبغة بالعلم, {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} ليست متصفة, منصبغة بالعلم منتقشة بتلك الصورة بسبب انطباع تلك الصورة في الخيال, هذا كله في الأسباب الراجعة إلى النفس.
وأما الأسباب الراجعة إلى البدن, أولاً صحة البدن, تعلمون بأنه الإسلام اعتنائه بالبدن واقعا اذا لم يكن أكثر من اعتنائه بالنفس لا يستطيع احد أن يقول أن اعتنائه كان اقل من اعتنائه بالنفس, يعني كثير من العبادات التي الآن يشتغلون الآن في العبادات البدنية من قبيل الصوم, من قبيل الصلاة, وهكذا هذه كلها فيها حركات بدنية وإذا نظر إليها ببعد رياضي, الرياضة البدنية, وتجد فيها آثار كثيرة ولهذا ورد >صوموا تصحوا< أساساً الرسول الأعظم ’طبعا لا يتبادر إلى الذهن خصوص الصحة البدنية بل اعم ولكنه أولا وبالذات المراد الصحة وكتب كتابات كثيرة ودراسات, وكذا هذه الحركات الموجودة في الصلاة وخصوصا فيما يرتبط بصلاة الصبح, وخصوصا فيما يرتبط بصلاة الليل, هذه الحركات البدنية بعد النوم تعلمون بأنه الآن العلوم الحديثة وتأثير الرياضة البدنية وخصوصا في الصباح وخصوصا بعد حالة النوم, على أي حال.
يقول: والأسباب الراجعة إلى البدن, صحة البدن, اعتدال مزاج البدن الشخصي, هذا مبني على الطبيعات القديمة التي كانوا يعتقدون أن بعض الابدان فيها البرودة حاكمة, بعضها الحرارة حاكمة… على الطبيعيات القديمة يعني الطب القديم, واعتدال مزاجه الشخصي ومزاجه الدماغي, طبعا لا يخفى على الاخوة أن بعض هذه الامور اكتسابية هو يستطيع, وبعضها غير اكتسابية إرثية, يولد الانسان وهو فيه عاهات بدنية, هذا ليس له مدخلية, يولد الانسان وفيه كذا جينات مرضية ماذا يفعل يعني, ولكن الكلام انه الإسلام يقرر حقيقة ولا يقول من هو مسؤول ومن هو غير مسؤول ذاك حديث آخر, وهو انه بقدر مسؤوليته يحاسبه وأما بقدر غير مسؤوليته لا يحاسبه ذاك مقام ثاني من البحث, يريد أن يقرر حقيقة وهو أن هذا الانسان الذي وزنه 50 كيلوا لا يستطيع أن يرفع على رأسه 500 , أما هذا الذي وزنه 150 يستطيع أن يرفع, الآن لماذا صار هذا 50 وذاك 150 هذا حديث آخر, انت كنت مسؤول تحاسب وان لم تكون مسؤول لا تحاسب. والأسباب الراجعة إليهما, يعني إلى النفس والبدن, الإتيان بالطاعات والعبادات البدنية والخيرات, طبعا فيما يتعلق بالأسباب الراجعة إلى البدن أكثرها آداب عادة في الآداب.
انتم اذا ترجعون إلى الآداب واقعا تجدون المستحبات والمكروهات في المسائل البدنية و>النظافة من الايمان< هذه كلها من المستحبات والمكروهات ليست داخلة في الواجبات أو المحرمات عموما. أما والخيرات واستعمال القوى, قوى النفس, وآلاتها بموجب الأوامر الإلهية وحفظ الاعتدال, هذا الذي اشرنا إليه العدالة الكبرى, وحفظ الاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط في القوى, يعني قوة لا تتسلط على قوة أخرى. يعني افرض على سبيل المثال, أن انسان يأكل وأمراض بدنية لا يصاب بها ولكن يأكل, يأكل, حتى تمتلئ المعدة تصير عنده بطنة, المراد من البطنة يعني الأكل الكثير فوق الاحتياج, وليس الأكل الكثير, قد واحد يحتاج أكل نصف كيلوا يوميا وقد واحد يحتاج ثلاثة كيلوات هذا ليس عندنا مشكلة فيه, ولكن هذا أكثر من حاجته أو لا, لعله الذي يأكل ثلاثة كيلوات وهو محتاج هذا لا بأس فيه, ولعله الذي يحتاج ربع كيلوا ويأكل نصف هذا أكل كثير, اذن القضية قضية نسبية وليست مطلقة, بتعبير الامام أمير المؤمنين > البطنة تفقد الانسان الفطنة< >الأكل على الشبع يولد البلادة< ليس جائع ولكن أتى أكل مجاني يقول لا يفوتنا هذا فلنأكل يقولون هذا يورث البلادة, واقعا الانسان يحفظ بدنه في الصحة وان لا يمرض واقعا الصراط المستقيم احد من السف وأدق من الشعر, كثير يحتاج إلى جهد كبير, وانت عندما تأتي إلى الآداب الشرعية تجدها واضحة.
قال: وحفظ الاعتدال بين طرفي الإفراط والتفريط في القوى ودوام الوضوء, ودوام الطهارة, هذه أدنى مراتبها الطهارة الوضوئية >دُم على الطهارة يوسع عليك رزقك< طبعا ظاهرها الرزق المادي ولكن لا ملزم للاكتفاء بالرزق المادي, طبعا هذا اذا كان الوضوء الظاهري, أما اذا كان الوضوء والطهارة الباطنية فبطيعة الحال كل شيء بحسبه, الرزق سيكون رزقا معنويا, ودوام الوضوء وترك الاشتغال بغير الحق دائما, حتى المباحات فضلا عن المحرمات والمكروهات, وترك الاشتغال, بأي طريق؟ بالاشتغال بالذكر وغير الذكر, اخواني التفتوا جيدا هذه قاعدة أريد أن أبينها لكم في علم التربية وعلم السلوك عموما, اخواني الاعزاء اذا لم تشغل النفس النفس تشغلك, تجلس النفس بلا عمل هذا محال من الناحية العملية, يعني انت اذا جلست في حديقة في متنزه اذا انت لم تبدأ تخطط لنفسك بماذا تفكر النفس هي تختلق ما تفكر فيه, أما أن تبقى الواهمة بلا عمل هذا غير ممكن أو غير ممكن, في يقظة أو نوم, هذا كثير مهم اخواني الاعزاء أحفظوها لا تقول نحن جالسين ولا تخطط لنفسك, انت عندما تجلس بلا تخطيط لنفسك اذا انت لم تخطط للنفس فالنفس تجد لنفسها شغلا وعملا, فلذا هؤلاء لا يقولون فقط ترك الاشتغال بغير الحق هذا لا يكفي, لا انه فقط لا تشتغل بغير الحق بل انت شغلها انت بالذكر الإلهي والا اذا لم تخطط انت للمتخيلة هي تتخيل كما تشاء, وإذا انت ترى نفسك أن ذاهب إلى تخيلات لم تخطر على نفسك كيف أتت هذه التخيلات إلى ذهنك, تخيلات فاسدة شيطانية اذا تمكنت من النفس عند ذلك انت تسعى بكل جهدك لتحقق تلك المتخيلات الشيطانية بل أكثر من ذلك {زين لهم الشيطان أعمالهم} ماذا يفعل؟ ليس فقط يقول هذا باطل الآن امشي بل يلبسه لباس الحق وانت تبدأ تنظر فقهيا تكليفي الشرعي, انت تذبح الآخرين يقول تكليفي ماذا افعل, هذه دماء, هذه اعراض, يجد لها توجيها يوجهها فقهيا دينيا, اخواني الذي يريدون أن يبدأو هذه الأعمال فليعلموا انه القضية ليست قضية سبحة وهذا اللسان يحرك, انتم اذا رأيتم مجلس في عموم الناس اذا انت لم تطرح مسألة ولم تعنون بحث ولم تبدأ تشغل الناس يبدأ الناس كل واحد منهم يتكلم وانت بعد ذلك لا تستطيع أن تفعل شيئا, لأنه انت اسكت هذا كذب, هذا غيبة, هذا افتراء, فطبيعي يطردوك من المجلس, نعم انت تستطيع أول ما تدخل إلى المجلس انت تعنون قضية أخلاقية, قصة, تاريخ, آية قرآنية, هذه القاعدة أحفظوها في علم السلوك.
قال: وترك الاشتغال بغير الحق دائما بالاشتغال بالذكر وغير الذكر خصوصا من أول الليل إلى وقت النوم, هؤلاء الذين عندهم عمل في السوق الذي نحن عادة عندما نريد أن نشغل العين والسمع اين نشغله؟ من بعد صلاة المغرب إلى 12 أو 1 ليلا, لا تبقى فضائية, ولا يبقى فلم, ماذا تريد انت في هذا الوقت, فهل تتوقع أن ترى رؤية, لأنه بعد ذلك سيأتي أن هذه الرؤى من اين تأتي؟ بعضها من مختلقات النفس, وبعضها ارتباط بالعالم الغيبي, ولكن عندما انت تذهب إلى عالم الغيب هي من أي قنوات لابد أن تمر حتى تصل إليك؟ من قواك المتوهمة والمتخيلة والى غير ذلك, وإذا انت من أول الليل إلى آخر الليل انت لوثتها كلها فهل تصل إلى شي أو أضغاث أحلام, هذه قواعد السلوك, في الضمن هؤلاء يبينون قواعد السلوك, فلذا تجدون الذين هم اصحاب السلوك ويريدون شيئا تراه في الساعة الثامنة تاسعة ليلا ينام أما إلى 12, نعم بيني وبين الله اذا كان أهل مطالعة وأهل تحقيق يريد أن يبقى يشتغل إلى الصباح لا محذور, بينك وبين الله الذي ينام الساعة 12 أو 1 ليلا, الساعة 3 او4 يستطيع أن ينهض لصلاة الليل وإذا نهض كيف يصلي؟ يصلي مغمض, لا ادري ينهض لصلاة الصبح أو لا ينهض, اخواني التفتوا أنا أتكلم على نحو القضية الشرطية, الذي يريد أن يشتغل على هذه القضايا هذه لا تجتمعان > ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه< مجالس اللهو بتعبيرنا بالحوزات (مجالس الكعدات) وما يحلوا فيها بعنوان وينتهي ببعض الأذكار حتى تمحوا ما تقدم مع انه السلوك, والعمل, وصلاة الليل, والذكر و… هذان لا يجتمعان.
قال: وأسباب الخطأ ما يخالف ذلك, مما تقدم اتضح, كان التوجه التام إلى الحق, الاعتياد للصدق, ميل النفس للعالم الروحاني, الطهارة عن النقائص, الاعراض الشواغل, الاتصاف بالمحامد, والإتيان بالطاعات, العبادات البدنية, الخيرات, حفظ الاعتدال, ترك الاشتغال, مقابل هذه ما هو؟ أسباب مانعة.
قال: وأسباب الخطأ ما يخالف ذلك من سوء مزاج الدماغ, طبعا كثير من هذه بيدي ويدك, طبعا بعض الأكلات والأطعمة لها تأثيرات سلبية على مزاج الانسان, واشتغال النفس باللذات الدنوية, حتى لو كانت محللة أما المحرمة فلها حسابها, حتى لو كانت محللة الحلال بالمعنى الاعم يعني تشمل المكروهة هذه لها آثارها الوضعية, واشتغال النفس باللذات الدنيوية, من هنا انت تستطيع أن تفتح بابا مستقلا عندما نأتي إلى الانسان الكامل يمكن أن يصدر منه مكروه أو لا يمكن؟ يمكن أن يصدر منه ترك مستحب أو لا يمكن؟ لأنه هذه لها آثار وضعية في نظام التكوين تكون مانعة تكون حاجبا بينه وبين عالم الغيب, واشتغال النفس باللذات الدنيوية واستعمال القوة المتخيلة في التخيلات الفاسدة وكم له من نظير, حتى الانسان المؤمن بالفقه يقرأ انه في التخيلات لا يوجد اشكال شرعي فليتخيل ما يريد.
واستعمال القوة المتخيلة في التخيلات الفاسدة والانهماك في الشهوات, التفت جيدا لا يذهب ذهنك أن يتكلم عن المحرمات فقط, أصلاً شهوة الطعام هي مانعة, هي البطنة مانعة أكل حلال من طعام حلال هذا ليس فيه مشكلة والا الحرام له بحث آخر, نفس الانهماك في الشهوة ولو كانت شهوة محللة هذه مانعة وموجدة حجب للانسان, والانهماك في الشهوات والحرص على المخالفات.
اذن بحث الشهوات ليس بالضرورة محرمات بل حتى اذا كانت محللة, والحرص على المخالفات الشرعية فان كل ذلك مما يوجب الظلمة وازدياد الحجب إلى أن يؤدي إلى عمى البصيرة, إلى عمى القلب, عند ذلك حتى لو صارت الحقائق الملكوتية والغيبية أمامه كما تحدث له في كل نوم, في كل نوم الله يتوفى الأنفس والتي لم تمت في منامها ويتوفاها إلى ما عنده ولكن نذهب ونرجع نأتي بشيء أو لا نأتي بشيء؟ لماذا لا نأتي؟ البصير عندما يأتي إلى الحديقة والأعمى عندما يذهب إلى الحديقة يوجد فرق أو لايوجد فرق؟ الأعمى يذهب ويرجع اذا يحصل على شيء لعله يشم رائحة طيبة أما اذا كان الشم, أيضاً هو قد خربه, والسمع أيضاً خربه, والبصر أيضاً خربه, {لهم قلوب لا يفقهون بها لهم أعين لا يبصرون بها لهم آذان لا يسمعون} هذا يذهب ويرجع لا يحصل على شيء فلهذا يكون نومه نوم كالبهائم في الروايات, ولذا رسول الله ’ في كل صباح عندما كان يأتي إلى أهل الصفوة في المسجد يقول هل من مبشرات, لماذا هؤلاء الذي يذهبون إلى ذلك العالم ويرجعون, لأنه بعد ذلك يقول: وازدياد الحجب فإذا أعرضت النفس من الظاهر, وهو الدنيا, إلى الباطن, وهو, بالنوم تتجسد لها هذه المعاني, هذه المعاني التي كانت قد شغلت بها نفسها في حال اليقظة فتشغلها عن عالمها الحقيقي عالم الغيب عالم الملكوت, فهنا تستطيع أن ترجع أو لا تستطيع؟ البعض {لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} هذا العمى من اين يأتي إلى القلب؟ صريح آية سورة المطففين {بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} هذا يصير أعمى, ولكن العمى يصير على قسمين: مرة عمى قابل للزوال, ومرة عمى قابل للزوال أو غير قابل للزوال؟ يقول القرآن عن بعضهم {ختم الله على قلوبهم} هذا فقط في الدنيا أعمى أو في الآخرة أيضاً أعمى؟ {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا} هذا الذي ختم على قلبه وعلى بصيرته, {فمن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} اذن صريح الآيات القرآنية تبين لنا هذه الحقيقة اخواني, فلذا يحشر يوم القيامة أعمى, طبعا أعمى يستطيع أن يرى به بعض الحقائق وليس كل الحقائق, لان نفس هذا الأعمى يقول {ربنا أبصرنا وسمعنا} تقول أيضاً أعمى وبصير؟ اقول هذا قياس مع الفارق أن تقيس على الدنيا انه اذا الانسان بصير فلا يكون أعمى, اذا صار أعمى فلا يكون بصيرا هناك ليس بهذا الشكل, نعم هنا يمكن أن يكون أعمى بنحو وبصير بنحو آخر هذا بحث موكول إلى أبحاث الآخرة, اذن: صريح الآيات القرآنية والروايات تؤكد لنا هذه الحقيقة.
قال: مما يوجب الظلمة وازدياد الحجب فإذا أعرضت النفس من الظاهر إلى الباطن بالنوم تتجسد لها هذه المعاني, أي هذه المعاني التي تخيلتها في القوى المتخيلة أو المعاني الباطلة التي كانت في الواهمة هذه تأخذ لباسا يكون لها تجسد تجسم في حالة النوم, المعنى يكون مصورا, مجسما, مجسدا, تتجسد لها هذه المعاني, أي تلك المعاني الباطلة التي كانت في حال اليقظة, فتشغلها عن عالمها الحقيقي فتقع مناماتها أضغاث أحلام, فلنقف هنا قليلا, بعض الذين يذهبون في حالة النوم إلى عالم الغيب والى عالم المثال أعمى يذهب ويرجع ولا يرى أي شيء, فلهذا عندما يجلس ليس عنده رؤيا, بعض عماه عمى الألوان يرى ولكنه هذه النفس فيها انشغالات كثيرة وفيها ارتباطات وفيها تخيلات لما تريد المعنى لأنه هذا المعنى الذي رأته تريد أن تصوره لترى صورته في الحس المشترك لأنه المعاني والصور مزدحمة عندها فتنتقل من شيء إلى شيء.
اضرب لك مثال حسي: انتم ترون في بعض المجالس يوجد انسان يبدأ حديث لما يبدأ الثاني يوجد مناسبة مع الحديث الاول, أما لما يصل إلى الثالث بين الثاني والثالث يوجد مناسبة ولكن ابتعد عن الحديث الاول ولما نصل إلى الرقم خمسين في المجلس فهل يوجد مناسبة بين حديثه والحديث الاول أو لايوجد مناسبة؟ هذا شيئا فشيئا المناسبات تضعف فتضعف إلى أن تلك الحقيقة التي بدأ بها الحديث يمكن أن تجدها في هذه الحزمة من الأحاديث أو لا يمكن؟ لا يمكن, يوجد فيها حقيقة, نحو من المناسبة ولكن هذه الحقيقة اختلطت بباطل كثير, لذا في تعبير القرآن الكريم يقول عندما ذلك الملك ملك مصر ذكر رؤياه قالوا له (كلام لاحد الحضور) هو كم حلم كان قد رأى أو خمسين حلم؟ هو حلم واحد, المفروض يقولون له ضغث حلم وليس أضغاث أحلام, هذا يكشف لك انه قد يكون حلما واحدا ورؤية واحدة ولكن لأنه تعددت وتشعبت هذه المناسبات والانتقالات من صورة إلى صورة فالواحد يكون أضغاث وليس حلما واحدا وإنما أحلام, اتضحت النكتة.
فلذا السيد الطباطبائي & عندما يأتي إلى هذه الآية المباركة من سورة يوسف ص 187 من الجزء 11 يقول: قال الراغب الضغث قبضة ريحان وجمعه أضغاث, ليس قبضة واحدة قبضات متعددة, وتسمية الرؤية الواحدة بأضغاث الأحلام كأنه بعناية دعوى كونها صور متفرقة, مختلطة, مجتمعة, من رؤى مختلفة فإذا اجتمعت واختلطت عسر للمعبر الوقوف على تأويلها وحقيقتها, الحقيقة فيها تضيع كاملا في هذه الأباطيل, والانسان كثيرا ما ينتقل في نومة واحدة من رؤيا إلى أخرى ومنهما إلى ثالثة وهكذا فإذا اختلطت أبعاضها كانت أضغاث أحلام وامتنع الوقوف على حقيقتها.
عنده بيان أفضل من هذا البيان في صفحة 272 يقول لماذا يسمى الشيء الواحد أضغاث أحلام, يقول: فتنتقل النفس من الشيء إلى ما يناسبه أو يضاده, مرة تقف فالتعبير ممكن, لأنه ما انتقلت عن الحقيقة بشكل بعيد, أما ومرة لا, وثانيهما تتصرف فيه النفس من غير أن تقف على حد كأن تنتقل من الشيء إلى ضده ومن الضد إلى مثله, ومن مثل الضد إلى ضد المثل وهكذا بحيث يتعسر للمعبر أن يرده الأصل المشهود وهذا هو المنام المسمى بأضغاث أحلام, أما لماذا هذه الانتقالات تحصل منشأها ماذا؟ منشأها هذه المعاني والصور الباطنة المختزنة في النفس.
قال: فتقع مناماتها أضغاث أحلام لا يعبأ بها وترى ما تخيله المتخيلة بعينه, يأتي بيانه.
والحمد لله رب العالمين.