بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قال: فتقع مناماتها أضغاث أحلام لا يعبأ بها وترى ما تخيلته المتخيلة بعينه.
كان الكلام في أسباب الخطأ قلنا بأنه من أهم أسباب وقوع الخطأ عند الإنسان هو الرين الذي يحصل عند قوى الإنسان سواء كانت القوى التي يفكر بها أو القوى التي يبصر بها عالم الملكوت, لأنه نحن نعتقد كما انه توجد أدوات يستطيع بها الإنسان أن يرى الأشياء المادية والظاهرية وان يسمعها, وان يشمها, وان يذوقها, وان يتحسس بها وهي الحواس الظاهرية, وان له قوى يفكر بها ويستدل بها ويبرهن بها ويثبت وينفي بها, كذلك له أدوات وحواس يستطيع من خلالها أن ينفتح على عالم الملكوت فيشاهد{فكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والارض} التعبير واضح جدا وهو انه ملكوت السموات والارض قابل للرؤيا ومن الواضح بان الرؤيا لا تكون الا بالعين ولكن لا بهذه العين الظاهرية لان ملكوت السموات ليس أمراً ماديا بل بعين باطنية هي التي يصطلح عليها بالآيات والروايات بالبصيرة أو الرؤية القلبية وروايات وآيات كثيرة وخصوصا في ليلة المعراج رأيته بقلبي لا بعيني وبعض هذه الروايات ينقلها السيد حيدر الآملي في تفسيره الجزء 1 صفحة 272 الرواية هذه يقول: من هذه الروايات > ما من قلب الا وله عينان وأذنان فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللتين هما للقلب ليشاهد بهما الملكوت< ورواية أخرى >لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني ادم لنظروا إلى الملكوت< ورواية أخرى في نهج البلاغة يعني من كلمات الامام من خطبه قال: > أن الله سبحانه جعل الذكر جلاء للقلوب< التفتوا جيد أن القلب قد يبصر وقد يعمى, قد يسمع وقد يصم, قال: > جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة وتبصر به بعد العشوة< القلوب تسمع وتبصر, وتنقاد به بعد المعاندة وما برح لله عزة آلاءه في البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم فاستصبحوا إلى غير ذلك.
أما الآيات القرآنية فواضحة جدا قال: {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} من الواضح القلوب شيء والأبصار شيء آخر, أو قوله تعالى {ومن اعرض عن ذكري فله معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} فلذا يقول السيد حيدر الآملي &: ومعلوم أن بين الذكر والعين الباصرة لا توجد مناسبة بوجه من الوجوه, إذا المقصود عمى العين الباصرة فلماذا يقول{قد أتتك آياتنا فنسيتها} وهل الذكر من وظائف العين الباصرة؟ لا توجد مناسبة فالمراد بهما العين القلبية وبالغطاء الحجب المانعة لها عن رؤيتها ومشاهدتها, وبالذكر المعرفة الحاصلة إلى غير ذلك.
لذا هذه الآية المباركة التي وقفنا عندها بالأمس في سورة المطففين وهي قوله تعالى{بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} في ذيل هذه في المجلد 20 صفحة 234 في ذيل هذه الآية هكذا يقول: ويظهر من الآية أن للأعمال {بل ران على قلوبهم} نقوشا وصورا في النفس تنتقش وتتصور بها, هذه واحدة.
وثانيا: أن هذه النقوش, طبعا لا يتبادر إلى ذهنك هذا النقش كالنقش المادي لا أبداً, لأنه النقش هو الكتابة قد يكون في أمر مادي وهو الورق وقد يكون في أمر معنوي والإنسان بكلماته باعتقاداته بحركاته بسكناته بتخيلاته بأعماله يكتب ولكن يكتب في صفحة النفس, فلذا يوم القيامة يقال له { اقرأ كتابك} ولكن هذا الكتاب ليس الذي يكتب له ويعطى له لا هذا الكتاب الذي كتبه, فلهذا هو مباشرة لا يحتاج أن يلتفت بمجرد أن يخرج من الغفلة إلى الحضور يقول {مال لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها} لا يحتاج إلى وقت والى زمان والى مطالعة والى دليل وشاهد يثبت أن هذا الذي فعله هو الذي مكتوب هنا لا أبداً {مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا أحصاها} {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}.
قال: هذه النقوش والصور تمنع النفس أن تدرك الحق, توجد حجب وظلمة وتوجد حجابا من الوصول إلى الحق اعم من أن يكون حقا وعلما حضوريا أو أن يكون علما حصوليا.
وثالثا: أن النفس بحسب طبعها الاولي, وهذه نقطة أساسية التفتوا إليها إخوتي الاعزاء, يقول أن الله سبحانه وتعالى أعطى لكل انسان بحسب طبعه الاولي والفطرة الأولية قدرة على الأبصار الظاهر والباطن, كيف أن البصر الظاهر لو لم يوجد مانع المقتضى للأبصار الظاهر موجود أو غير موجود؟ هذا فقط في الأبصار الظاهري أو في الأبصار الباطني أيضاً كذلك, أذن تبين انه ليس مسؤليتنا إيجاد المقتضي ولكن مسؤليتنا أن لا نوجد الموانع لذا الله سبحانه وتعالى يوم القيامة يحاسبنا على ذلك, لأنه إذا كانت المسؤولية أو إذا كان علينا إيجاد المقتضي تقول لم استطع ولكن يقول أنا أعطيتك القابلية موجودة كما أن عينك كانت تبصر بصيرتك ترى الملكوت.
قال: أن للنفس بحسب طبعها الاولي صفاء وجلاء تدرك به الحق كما هو وتميز بينه وبين الباطل وتفرق بين التقوى والفجور{ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها} يعني نماها, يعني وسعها, باعتبار أن المقتضي موجود يحتاج إلى توسعة {وقد خاب من دساها} من دفنها وليس من لم يوجدها, موجودة هي ولكن هو أما أن ينميها ويزكيها وأما دساها في التراب, على أي الأحوال لعله إذا نريد أن نبحث أكثر الوقت لا يسعنا.
قال: فتقع مناماتها, هذا الإنسان الذي إذا اشتغل بالمعاصي, إذا اشتغل باللذائذ اشتغل بما يوجب الحجب, إذا نقطع من الظاهر إلى الباطن وهو النوم الذي هو نافذة على ملكوت السموات والارض ماذا يحدث, يقول هذه الموانع والحجب تشغلها عن عالمها الحقيقي فتقع عند ذلك مناماتها ورؤاها تكون أضغاث أحلام, وبينا بالأمس ما هو المراد من أضغاث الأحلام, يعني واقعا بأنه لا توجد لكثرة الانتقال من المناسب إلى ما يضاده والى, والى…, يعني بعبارة أخرى المنام بالصورة التي توجدها المتخيلة, أساساً أنا أريد أن اقول جملة للاخوة الاعزاء: الإنسان أما في النوم أو أما في اليقظة يصل إلى معنى من المعاني سواء كان مرتبطة بعالم المثال أو خصوصا المرتبطة بعالم العقل, ولكي تدركها النفس وتصورها لابد أن توجد لها صور مناسبة لذلك المعنى, فإذا كانت المتخيلة فاسدة تستطيع أن صورا مناسبة لتلك المعاني أو الصور غير مناسبة لها؟ لا تستطيع أن توجد صور مناسبة لذا عندما تأتي بالرؤية إلى الشخص المعبر وتقول له لا يستطيع أن يصل ويعبر من هذه الصورة الظاهرية إلى الباطن إلى المعنى الاصلي الذي صار سببا لتصوير المتخيلة هذه الصور الظاهرية, لذا لها تعبير أو ليس لها تعبير؟ أما لا تعبير لها أو تعبير مضطرب جدا لأنه لا يجد أي مناسبة بين هذه الصور وبين هذه المعاني التي يريد الوصول إليها.
قال: فتقع مناماتها اضغاث أحلام لا يعبأ بها لا قيمة لها, وترى, انظروا قال: إذا أعرضت النفس من الظاهر إلى الباطن بالنوم يحصل أمرين: الامر الأول: تلك المعاني التي تخيلتها تتجسد لها بصور مناسبة لتلك المعاني, او ترى ما تخيلته المتخيلة وهي في حال اليقظة تراه في النوم بعين.
من الأسباب الأخرى والذي هو بحث مهم جدا اخواني هو انه انحراف المزاج له تأثير كبير يعني الظروف التي تحيط بالانسان المادية وغيرها لها تأثير كبير في الرؤية التي يراها إذا كان المزاج سلميا, الإنسان معافى رؤاه تكون مناسبة, أما إذا كان المزاج مختلا الرؤية تكون مضطربة وهذا بحث أكد عليه كل العلماء, واقعا إذا تجمع الكلمات الموجودة في هذا البحث كثيرة جدا, من أهم هذه الكلمات ما نقله شيخنا الأستاذ الشيخ حسن زاده ينقله عن الشيخ الرئيس, عن الشيخ الرئيس هذه عبارته يقول: ويجب أن يعلم أن اصح الناس أحلاماً أعدلهم أمزجة, ارجع وأقول المراد من الأمزجة على الطب القديم انه هذا مزاجه بارد أو حار, هذا بلغمي أو غير بلغمي, هذا على الطب القديم.
يقول: فان اليابس من المزاج, إذا كان مزاجه يابس, وان كان يحفظ جيدا الا انه لا يقبل جيدا, استعداده للقبول ضعيف ولكن إذا قبل له قدرة على الحفظ, والرطب المزاج وان كان يقبل سريعا فانه يترك سريعا فيكون كأنه لم يقبل ولا يحفظ جيدا, والحار المزاج, هذا النوع الثالث, متشوش الحركات, والبارد المزاج بليد, هذه الأمزجة الأربعة, وأصحهم, اصح الأمزجة, من اعتاد الصدق, هذا الذي قال انه لا يكذب حتى في المزاح, من اعتاد الصدق فان عادة الكذب والافكار الفاسدة التي يفكر بها الإنسان تجعل الخيال رديء الحركات غير مطاوع لتسديد النطق بل تكون حاله حال خيال من فسد مزاجه إلى تشويش , عند ذلك تفهمون تلك الرواية المنقولة عن الامام الصادق × أن نقل عن عيسى بن مريم عليه وعلى عيسى آلاف التحية والثناء, قال: >أن عيسى كان يأمر أصحابه لاتزنوا وأنا اقول لأصحابي لا تفكروا في الزنا< كثيرا يوجد فرق بين الفعل الخارجي وبين أن الفعل الخارجي أمر سهل المشكلة انه الذهن إذا تلوث, ثم الرواية تبين تقول انه بيت يجعل فيه دخان اسود, فهذه الجدران لا تبقى بيضاء فتبدأ بالسواد, إذا فعل الإنسان المعصية نكت في قلبه نكتة سوداء وهكذا تتوسع {وأحاطت به خطيئته أولئك اصحاب النار هم فيها خالدون} لذا قال: وما يرى بسب, هذا البحث إذا أنا أريد أن اقرأه يأخذ وقت كثير ولكن الاخوة إنشاء الله يرجعون إليه في الجزء 11 من الميزان للسيد الطباطبائي وهو بحث قيم تحت عنوان بحث في الرؤيا صفحة 269 يقول: وبالجملة للاسباب والعوامل الخارجية المحيطة بالبدن كالحر والبرد ونحوها والداخلية الطارئة على البدن كالأمراض والعاهات وانحرافات المزاج, وامتلاء المعدة والتعب وغيرها تأثير في المتخيلة, أولا وبالذات, فلها تأثير في الرؤيا بعد ذلك, لأنه المتخيلة هي التي تصور تلك المعاني التي استقبلتها, هي التي تصورها, هي التي تجسدها, فإذا كانت ملوثة إذا كانت معوجة عند ذلك تستطيع أن تعطي صورة؟ انتم انظروا ولو انت في هندام جيد مرتب منظم جيدا, لباسا, وجها, شكلا, عيونا, شمائلا, ولكن قف أمام مرآة مشوشة, أمام مرآة مقعرة, أمام مرآة محدبة, انظر ما ذا تنظر انت؟ لا يمكن أنه يستطيع أن يعكس الامر على ما هو عليه هذا محال, والمتخيلة هذه وظيفتها وهو أن المعاني التي تلقتها بأي طريقة من الطرق تريد أن تجسدها, تريد أن تصورها حتى تصل إلى الحس المشترك لتفهم, هذه العوامل كلها مؤثرة إلى أن يأتي في صفحة 270 يقول: وكذلك الأخلاق والسجايا الانسانية شديدة التأثير في نوع تخيله, الأخلاق لها اثر, ولذا كان اغلب المنامات والرؤى من التخيلات النفسانية التي ساقها شيء من الاسباب الخارجية والداخلية الطبيعية أو الخلقية, فلا تحكي النفس حكاية, أي هذا التجسيد, فلا تحكي النفس بحسب الحقيقة الا كيفية عمل تلك الاسباب وأثرها فيها فحسب لا حقيقة لها وراء ذلك كالمرآة, هذه المتخيلة, تعمل بمقتضى ما عندها من أدوات, لذا قال: وما يرى بسب انحراف المزاج, إذن لا يتبادر إلى ذهن الآخر يأكل ما يريد ويسمع ما يريد, ويتكلم ما يريد و… إلى غير ذلك ومع ذلك توجد عنده في الليل مبشرات, هذه تجتمع أو لا تجتمع؟ لا تجتمع, كلمة قيمة للسيد الطباطبائي &يقول أتى بعض أهل السلوك سأله قال سيدنا كلما أحاول في الصلاة أن يصير عندي توجه إلى الله لا يصير عندي توجه إلى الله وكأنه بمجرد أن ادخل إلى الصلاة كل الذي كنت نسيته أتذكره في الصلاة, قال له طبيعي جدا لأنه أنت 24 ساعة السابقة كنت متوجها إلى الله أو لم تكن متوجه؟ انت روض نفسك خارج الصلاة على التوجه إلى الحق وانظر في الصلاة تتوجه إلى الحق أو لا, أما انت بينك وبين الله هي ليست آله كهربائية حتى تقول له توجه من هنا على هذه الموجة يتوجه على هذه الموجه, ليس بهذا الشكل, انت في كل حركاتك في كل سكناتك الله حاضر أو غائب؟ الله غائب, كيف تريد في هذه 5 دقائق في الصلاة أن يكون الله حاضرا لا يعقل هذا, هذا يراد له رياضة وترويض >إنما هي نفسي أروضها بالتقوى< على أي الأحوال.
قال: وما يرى بسبب انحراف المزاج كثيرا ما يكون أمورا مزعجة للنفس, واقعا تزعج وتؤذي النفس انت تقوم في ذلك اليوم وانت لعله تبقى أيام وليالي وأسابيع وانت تتذكر تلك الرؤية المزعجة, كثيرا ما يكون أمورا مزعجة لها, للنفس, بحيث, وليس بحسب, بحيث تغير, هذه الرؤى, بحيث تغير مزاج بدنها أكثر مما كان, التفتوا جيدا, يقول إذا كان المزاج معتل في بعض الأحيان ترى رؤى يكون سبب في اعتلال البدن, أكثر من ذلك وهو حاصلا مرارا وتكرارا, على أي الأحوال.
فهذه الأمور المشاهدة في النوم بعد الانقطاع عن الظاهر كلها نتائج أحواله الظاهرة, أن خيرا فخيرا وان شرا فشرا, بعبارة أخرى: إنما هي أعمالكم ترد إليكم في النوم, والا لا يوجد شي آخر, لا يتبادر إلى ذهنكم انه من الخارج يأتيكم شيء وإنما هي بواطنكم ولعله من أوضح مصاديق{يوم تبلى السرائر} لعله هذه الرواية المنقولة عن الرسول الأعظم ’>كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تحشرون< تعودون, واقعا من أوضح مصاديق تبلى السرائر لأنه كثير من هذه الامور المتخيلة من الأعمال والآثار انت لا ترى في حال اليقظة, متى ترى آثارها؟ ترى آثارها في حال النوم, هذه نموذج ونافذة على عالم الغيب, على عالم الملكوت, على عالم الحشر الاكبر الذي سوف نصير إليه.
هذه الأمور المشاهدة كلها نتائج أحواله, أي أحوال الإنسان, الظاهرة أن خيرا فخيرا, تلك الأحوال, وان شرا فشرا, ومشاهدة الصور نوما أو يقظة, التفتوا اخواني أساساً متى تشاهد الصور, يعني متى يحصل الارتباط بعالم الغيب؟
الجواب في جملة واحدة: أن هذه الأعضاء هي التي تشغل الإنسان, إذا استطاع الإنسان أن يتخلص من انشغالها يستطيع أن يذهب إلى نشأة أخرى, يعني لماذا نحن في النوم نرتبط بهذه الامور, وفي النوم لماذا هذه التخيلات لا تتجسد لنا؟ الجواب: لأنه في حال اليقظة هذه الانشغالات والارتباطات والحواس الظاهرية التي هي في كل آن آن تشتغل أو واقفة؟ يعني العين تقف أو لا تقف؟ لا تقف أبداً في حركة دائمة, اللمس في حركة, الشم في مشموماته, السمع في مسموعاته, وكل ما ازدادت هذه الارتباطات من خلال هذه الحواس كلما ازداد انشغال النفس فيشغلها عن الارتباط بعالمها الحقيقي, عن الارتباط بعالم الملكوت, وهذا هو السر أن الإنسان في حال النوم يستطيع أن يرتبط بعالم الملكوت او تبلى له السرائر والبواطن.
إذن: على هذا الاساس يتضح أن الارتباط بعالم الملكوت, بعالم الغيب, بعالم الباطن, هل هو مختص بالنوم أو انه يمكن أن يكون في اليقظة أيضاً؟ من الواضح انه بناء على أن الملاك في الانتقال هو قطع الارتباط والانشغال فإذا صار الإنسان قويا واستطاع أن يقطع ارتباطه أولاً أو وصل إلى مقام لا يشغله شأن عن شأن يعني صار مظهرا لهذا الاسم المبارك الإلهي > يا من لا يشغله شأن عن شأن< طبعا كل واحد من عندنا عندنا عنده هذه القدرة ولكن بعضها ضيقة وبعضها واسعة, والا انت الآن جنابك تنظر لي وتسمعني, وتتنفس, هذه عشرات الأعمال من يقوم بها؟ النفس تقوم بها, النفس عندما تنظر يشغلها شأن الأبصار عن شأن السماع أو لا يشغلها؟ لا يشغلها, ولهذا انتم رأيتم بعض المرتاضين يحاول أن يقوم في أن واحد بعدة حركات, الذي أنا وانت لا نستطيع أن نقوم بها أو لا نستطيع؟ يعني الرجل تتحرك وتقوم بعمل وأيضا اليد تتحرك وتقوم بعمل وأيضاً اليد تقوم بعمل, وأيضا الإذن تقوم بعمل, وأيضاً الرأس يقوم بعمل, هذا ليس كل احد يقدر عليها, النفس إذا قويت وصارت مظهرا ل>لا يشغله سمع عن سمع< يستطيع في اليقظة أن ماذا؟ إذا شاء أن ينتقل إلى عالم الغيب, إلى عالم الملكوت, يكون قادرا على ذلك, لذا يقول: فمشاهدة الصور تارة تكون في اليقظة, مراد من الصور هنا يعني حقائق عالم الغيب يعني حقائق عالم الملكوت اعم من عالم المثال أو عالم العقل بل حتى العلم الإلهي والأعيان الثابتة ومقام الواحدية, تارة تكون باليقظة وتارة تكون بالنوم, للضعاف تكون في النوم وللأقوياء تكون في اليقظة أيضاً, ويذكر جملة من أهل المعرفة أن هذه الرؤى المنسوبة إلى الامام الحسين في طريقه إلى كربلاء أو في ليلة العاشر أو في يوم العاشر هذه لم تكن نومه يعني لم تأخذه سنة ولكن حقائق رآها في حال اليقظة, ومشاهدة الصور تارة تكون في اليقظة وتارة تكون في النوم.
ثم وكما انه في النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها, يعني كما أنه في النوم الصور التي يشاهدها تارة تكون صريحة وأخرى تكون رمزية, والرمزية تارة تكون اضغاث أحلام وأخرى تكون {خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئا} إذن في الرؤى عندنا كم نوع من الرؤى؟ ثلاثة:
النوع الأول من الرؤى: {إني أرى في المنام إني أذبحك} هذه رؤيا, {قد صدقت الرؤيا} صريح القرآن هذه كانت رؤيا ولكن كانت تحتاج إلى تعبير أو صريحة؟ صريحة, {قد صدقت الرؤيا} {لتدخلن المسجد الحرام} هذه تحتاج إلى تعبير أو لا تحتاج إلى تعبير؟ لا تحتاج, لأنه ليس أن الحقيقة والواقع شيء والمعنى شيء والصورة شيء آخر, هذا نوع من الرؤى في النوم.
القسم الثاني: وهو اضغاث أحلام فيه تعبير أو ليس فيه تعبير؟ ليس فيه تعبير لسببين: أما لأنه امور شيطانية لا نفسية لها حتى يوجد فيها تعبير فهي سالبة من باب انتفاء الموضوع, يعني لا نفسية لها شيطانية لا واقع لها, هذه ثانيا, هذا اضغاث أحلام الملاك الأول.
الملاك الثاني: لها نفسية ولكن هذه الصور صارت بعيدة عن الواقع فلا يمكن تعبيرها فهذه سالبة بانتفاء المحمول, يعني لها واقع ولكن ابتعدت ابتعدت هذا الابتعاد من أين يأتي؟ هذه تصرفات المتخيلة و مشكلات المتخيلة, هذا النوع الثاني من الرؤى.
النوع الثالث من الرؤى: وهو انه {رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم ليس ساجدين} أو {أراني أعصر خمرا} وهكذا من هذه الرؤى, أو طبعا تلك التي فيها تعبير بعضها تعبيرها بعيد وبعضها تعبيرها قريب الذي {خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا} وبعضها حقة محضا ولكن تحتاج إلى تعبير, فبنحو من انحاء القسمة تكون ثلاثة أو أربعة كما اشرنا إليه, هذا يشير إليه.
يقول: وكما أن النوم ينقسم بأضغاث أحلام وغيرها, بينا هذا الغير ما هو؟ أما حقيقة محضة, أما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا, أما يحتاج تعبير, أما لا يحتاج تعبير, إلى غير ذلك.
قال: كذلك ما يرى في اليقظة ينقسم إلى امور حقيقة محضة واقعة في نفس الامر, طبعا هذه الامور الحقيقة الواقعة في نفس الامر بعضها صريحة وبعضها رمزية, صريحة {إني أرى في المنام إني أذبحك} رمزية {احد عشر كوكبا} كلاهما حق صادر من معصوم, لكن حق صريح وحق مرموز, أما وإلى امور خيالة صرفة لا حقيقة لها شيطانية, يعني لا نفسية لها سالبة بانتفاء الموضوع, أساساً من دعابات المتخيلة كما قرأنا في نهاية الحكمة, وأما تكون مخلوطة.
وقد يخلطها الشيطان, يقول احذر هذا الشيطان آلاعيبه كثيرا في أول أسبوع وثاني أسبوع رؤى ليلتين ثلاثة وأربعة وقريبة التحقق تراها صادقة انت عندما صدقت وصارت الرؤية بالنسبة إليك حجة لأنه رأيت في المنام فلان يموت وفعلا ذهبت ورأيته ميتا, تقول نعم نحن وصلنا إلى بعض المقامات, هذه طبعا الله ينتقم النظام السابق في العراق هذا الذي قام بقضية جند السماء طبعا هذا معد من قبل المخابرات العراقية قبل عشرين, هذا الشخص الذي لا أريد أن آتي باسمه, هذا كان معد من قبل المخابرات العراقية قبل عشرين سنة وهذا ادخلوه هناك وصلاة ليل إلى آخره وبدأ يخبر الناس بالمغيبات يقول فلان انت بعد عشرين يوم يفرج عنك, يقول له أنا محكوم بالإعدام, يقول له أنا اقول لك هذه ارتباطاتي, هو مرتبط بالمخابرات وفعلا بعد عشرين يوم يخرجوه من السجن, يقول انت بعد ثلاثة أشهر وخمسة أيام تعدم, وإذا هذا يبدأ انه مرتبط الامام الحجة ويخبرهم بالمغيبات وخرج وفعل هذه قضية جند السماء هو نفس الشخص, طبعا إذا كان شياطين الأنس شياطين الجن ما يعرفون في بعض الأحيان شياطين الإنس يعملون فوق شياطين الجن, هذا الرجل معروف أنا قرأت تقريرا كاملا عنه, على كل حال هذا يأتيه يخبره الشيطان مرة مرتين وهذه كثير من السحرة وكثير من اصحاب الدكاكين عملهم يبدأ بهذه الطريقة ولعله في بعض الأحيان كذب ثم كذب, ثم كذب, حتى يصدقك الناس, ثم كذب حتى تصدق نفسك, وهو أيضاً يصدق انه وصل إلى مقام, فإذا اعتقد, وأنا سمعت من شيخنا الأستاذ الشيخ جوادي يقول كان عندنا شاب مؤمن متدين وملتزم هذا الإنسان بدأت عنده هذه الرؤى ووصل إلى مرحلة انه في الرؤيا رأى رؤيا حق بتعبيره أن هذا الوضوء وهذه الطهارة للعبادات إنما هي للأوائل والمتوسطين أما لمن مثلك فلا تحتاج إلى وضوء ولا طهارة, يقول وكلما أردنا أن نقنعه فلم نستطع, أربع قضايا ينقل ولعله واقعيات, يعني لما يخبر أربع مغيبات وينقل لك فلان والله اخبرني بالأمس ما حدث في البيت لعله صادق الرجل المسكين هذا شيطان, لذا يقول: وقد يخلطها الشيطان بيسير من الامور الحقيقية ليضل الرائي, لذلك يحتاج السالك إلى مرشد يرشده وينجيه من المهالك, التفتوا الطريق جدا وعر وخطير.
الآن الأول, إذن الرؤى لها اقسام, الرؤية لها اقسام وفي النوم له اقسام, وفي اليقظة له اقسام.
والاول: , يعني المراد من الأول الامور الحقيقية المحضة, والاول: يعني الامور الحقيقة, لم يقل وكذلك ما يرى ينقسم إلى امور حقيقة محضة, قال: والاول, هذا الذي له واقعية ونفس أمرية وحقيقية أما يتعلق بالحوادث, يعني سيأتي من الحوادث أو لا لا يتعلق بما سيأتي من الزمان وبالحوادث القادمة والمستقبلية وإنما بما مضى.
قال: أما أن يتعلق بالحوادث أو لا, فان كان الأول, يعني فان كان ما يراه من الامور الحقيقة يتعلق بالحوادث فمن أين نعرف انه صادق أو كاذب؟ يقول له طريقان:
الطريق الأول: هو أن ينتظر إلى ذلك الزمان حتى يعرف الصحة من الخطأ, حتى يعرف الوقوع من عدم الوقوع, كما في قضية {لتدخلن المسجد الحرام} تقع صادقة أو كاذبة هذه, بأي دليل نقول صادقة, افترضوا انسان غير معصوم رآها صادقة أو كاذبة؟ لا نعلم, {إني رأيت احد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين} انسان يرى لنفسه بعض الرؤى فيها دلالة المجد, فيها دلالة على المقامات, فيها دلالة على العلم, صادقة أو كاذبة؟ لا يعلم لابد أن ينتظر الزمان فان تحققت فبها وان لم يتحقق فبها, أنا اعرف شخصا من الاشخاص الذي كان في عمر 6 أو 7 او8 او10 سنوات, رويت له رؤية يقول رأيت وجهه في فلقة القمر هناك بعد ثلاثين أو أربعين سنة صار احد الاعلام, في ذلك الوقت كانت الرؤية صادقة أو كاذبة؟ لا يعلم, فلهذا قال: فان كان متعلقا بالحوادث, التفتوا جيدا, كيف يتميز انه حق أو باطل, اقرأ لك العبارة بنحو المضمون: فعند وقوعها كما شاهدها وعدم وقوعها, هذه أو ضعوها, فعند وقوعها كما شاهدها, صريحة, أو على سبيل التعبير, يعني رآها مرموزة وكانت تحتاج إلى تعبير, أو وعدم وقوعها يحصل التميز, إذن وقوعها وعدم وقوعها متعلق بـ يحصل, يعني يحصل التميز بين الحوادث الواقعية وبين الخيالية الصرفة من أي طريق؟ من وقوعها وعدم وقوعها.
إذن السؤال: الحوادث متى نعلم انها صادقة حقيقية أو كاذبة شيطانية خيالية؟ الجواب: الطريق لذلك إذا كانت مرتبطة بالأمور المستقبلية فعند وقوعها نعلم أن الرؤية كانت صادقة وعند عدم وقوعها نعلم انها كانت خيالية باطلة, الآن ما رآه أما أن يكون صريحا كما شاهدها أو تحتاج إلى التعبير.
قال: فعند وقوع تلك الحوادث كما شاهدها إذا كانت صريحة, أو على سبيل التعبير إذا لم تكن صريحة وتحتاج إلى تعبير, وعدم وقوعها يحصل التميز بين الحقيقة وبين الخيالية الصرفة, ثم الآن هذا أو على سبيل التعبير, يريد أن يقول أن التعبير بعض الأحيان يكون سهلا وبعض الأحيان يكون صعبا, فإذا كانت الانتقالات كثيرة فهل يمكن التعبير بيسر وسهولة أو لا يمكن؟ أما إذا لا التعبير يحتاج بواسطة أو بواسطتين تصل إلى الأصل انت عند ذلك التعبير ممكن.
قال: وعبور الحقيقة عن صورتها الأصلية, يعني عن ذلك المعنى الاصلي الموجود عندها هذه الحقيقة تتصور بصور يقول: إنما هو للمناسبات التي بين الصور الظاهرة هي, تلك الحقيقة, فيها, أي في تلك الصور الظاهرة, وبين الحقيقة للمناسبات التي بين الصور وبين الحقيقة, يعني العبارة هكذا: يعني إنما هو للمناسبات التي بين الصور وبين الحقيقة, هذه الظاهرة هي فيها, أي الظاهرة تلك الحقيقة في الصور, اجعلوا هذه – الظاهرة فيها- اجعلوها بين شارحتين, العبارة هكذا يقول: إنما هو للمناسبات التي بين الصور وبين الحقيقة, هذه الصور ما هي؟ قال: الظاهرة هي, تلك الحقيقة, في تلك الصور.
ولظهور تلك الحقيقة فيها, أي في تلك الصور أسباب, لماذا تظهر تلك الحقيقة في هذه الصورة ولا تظهر تلك الحقيقة في صورة أخرى.
قال: ولظهور تلك الحقيقة في هذه الصور أسباب كلها راجعة إلى أحوال الرائي, ومن هنا قالوا في بحث البرزخ قالوا بأنه نحن عندنا بالنسبة إلى المؤمن يأتي ملكان نسميهما مبشر وبشير, أما بالنسبة إلى الكافر والفاسق والمجرم يأتي نفس الملكان ولكن نسميهما منكر ونكير, لماذا؟ الله يبعث هنا مبشر وبشير, وهناك يبعث منكر ونكير؟ أجاب بعضهم الله لا يبعث الا ملكين ولكنه لمن ساءت أحواله يتصور أن هذا منكر ونكير, ولمن حسن أحواله يكون؟ التفت إلى القرآن القرآن يزيد الايمان أو يزيد الخسارة؟ صريح القرآن يقول{أنزلنا القرآن فيه شفاء} (كلام لاحد الحضور) احسنتم إذن هذا القرآن حقيقته بنحو جاءت إلى المؤمن تصير هداية وشفاء ونفس هذا القرآن إذا جاء للفاجر والفاسق ماذا يصير؟ بعبارة واضحة إذا تريدون مثالا واضحا هذا المفتاح ضعوه في الباب إذا كان بهذا الشكل يفتح وإذا بالعكس يغلق, هذا مفتاح الضوء ترفعه يطفأ تنزله يخرج نور منه, إذن شيء واحد يأخذ ماذا؟ وهذا بحث قيم في مبحث الاحتضار, وهو انه لماذا أمير المؤمنين بالنسبة يراه البعض بهذه الصورة ويراه البعض بهذه الصورة.
قال: وتفصيله يؤدي إلى التطويل, وأما إذا لم يكن كذلك, يعني إذا لم تكن الصور المشاهدة في النوم واليقظة لم تكن حوادث, وأما لم يكن كذلك, أي إذا لم يتعلق بالحوادث, كيف نستطيع في الحوادث من خلال الزمان الآتي نميز, في غير الحوداث كيف نميز؟ يقول يحتاج إلى منطق آخر.
قال: فالفرق بينها, يعني بين الامور الحقيقية وبين الخيالية الصرفة, موازين يعرفها أرباب الذوق والشهود بحسب مكاشفاتهم, الآن ما هي تلك الموازين, يقول: كما أن للحكماء ميزانا يفرق بين الصواب والخطأ في العلوم الحصولية هو علم المنطق وبعض هذه الموازين يشير إليها.
والحمد لله رب العالمين.