نصوص ومقالات مختارة

  • فقه المرأة (64) – محاولة لعرض رؤية أخرى

  • أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان اللعين الرجيم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم

    كان الكلام في الاتجاه الثالث، وقلنا بأن هذا الاتجاه يفصّل في قبول حجية أخبار الآحاد في الدائرة التي يمكن أن تثبت بها المعارف الدينية، وبينّا توجد في هذا الاتجاه الثالث مواقف متعددة، الموقف الأول وهو ما أشار إليه السيد الطباطبائي قدس الله نفسه، حيث ذهب إلى أن أخبار الآحاد إنما هي حجة في المسائل التي تترتب عليها آثار عملية، أما تلك التي لا تترتب عليها أي أو لا يرتب عليها أي اثر عملي هذه أخبار الآحاد ليست بحجة فيها سواء كانت تلك في الأمور العقائدية وفي الأمور التكوينية وفي القضايا التاريخية فضلاً عن غيرها من المسائل، بناءً على هذا التوجه من الواضح بأنّ دائرة حجية أخبار الآحاد سوف تضيق جداً في المعارف الدينية، يعني المعارف الدينية ليست دائرتها مختصة بالحلال والحرام، وإنما دائرة الحلال والحرام هي دائرة ضيقة جداً بالنسبة إلى منظومة المعارف الدينية.

    ومن الموارد التي أكد فيها السيد الطباطبائي هذا المعنى ما ورد في الميزان المجلد العاشر صفحة 351 قال: والذي استقر عليه النظر اليوم في المسألة إنّ الخبر إن كان متواتراً أو محفوفاً بقرينة قطعية فلا ريب في حجيتها، وأمّا غير ذلك فلا حجية فيه إلا الأخبار الواردة في الأحكام الشرعية الفرعية، طبعاً الآن لا أريد ادخل في بيان مبنى السيد الطباطبائي، السيد الطباطبائي لا يكتفي بوثاقة الخبر وإنما يشترط أن يكون الخبر موثوق الصدور، هذا الذي يذهب إليه الآن بعض أعلام النجف المعاصرين، وهو أن لا يكفي أن يكون الخبر فقط السند معتبراً لا لابد أن يحصل من هذا السند موثوقية الصدور، هذا في الأحكام الفرعية، أما في غيرها فلا حجية له، لأنّ وثاقة السند لا يثبت لنا موثوقية الصدور، وكم ما له وثاقة في السند إلا أنّه من الموضوعات هذا كله نتكلم على مستوى السند لا على مستوى المتن، ما يرتبط بالمتن في القاعدة الثالثة التي سنقف عندها، يقول في الأحكام الشرعية الفرعية إذا كان الخبر موثوق الصدور بالظن النوعي فإنّ لها حجية، هذا مورد.

    المورد الآخر في المجلد الرابع عشر من الميزان صفحة 205 يقول: كونها أخبار آحاد ولا معنى لجعل حجية أخبار الآحاد في غير الأحكام الشرعية، وهذا واضح، طبعاً قيد أنّه تكون بشرط أن تكون موثوقة الصدور أيضاً هذا أشار إليه في موارد متعددة.

    ومن الموارد التي أشار إلى هذا المطلب بشكل واضح وصريح ما ورد في حواشيه على بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت المجلد السادس صفحة 336 الحاشية رقم 2 يقول: وأما أحاديث الصور فهي آحاد لا تبلغ حد التواتر، إلى أن يقول: ولا دليل على حجية الآحاد في غير الأحكام الفرعية من المعارف الأصلية، لا من طريق سيرة العقلاء، ولا من طريق الشرع على ما بُيّن في الأصول، يقول لا دليل عقلائي على الحجية ولا دليل شرعي ماذا؟ يعني دليل لفظي من الشارع، سواء آية قرآنية أو روايات تثبت حجية خبر الآحاد في هذا المجال.

    أنا هنا كما وعدت الأعزة بالأمس أريد أن أقف لدقائق فيما يتعلق بتعليقات السيد الطباطبائي على الميزان، وعندي هدف من طرح هذه القضية، انظروا لا إشكال ولا شبهة أن السيد الطباطبائي منهجه الفكري ومبانيه المعرفية في فهم القرآن والنص الروائي تختلف كاملاً عن المباني المعرفية التي يعتمد عليها المجلسي في البحار، فإنّهما منهجان معرفيان، مع أنّ كلاهما وخصوصاً فيما يتعلق بالنصوص الروائية فإنّهما يقبلان النصوص الروائية، يعني أن النص الروائي والروايات الواردة عن الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام كما هي معتبرة عند المجلسي، هي معتبرة عند الطباطبائي، كلاهما يعتبر النص لا يعتقد ان الروايات يلزم منها هدم الإسلام، كما قرأنا عن ابن إدريس الحلي، لا، ولهذا ينقل أنا لم أجد هذا في مكان عندما كان يأخذ كتاب البحار للمجلسي كان يقبّله كما يقبّل المصحف، لا لما ورد فيه من آراء المجلسي في البحار، بل لأنها نصوص أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، وأنا في كتاب العلامة الطباطبائي ملامح من سيرته الذاتية ومنهجه العلمي ذكرت أن السيد الطباطبائي ما هو موقفه من هذا الكتاب، في صفحة 122 من الكتاب أقول: كان ينظر إلى كتاب بحار الأنوار بعين التقدير ويكن له إجلالاً كبيراً، حيث كان يرى فيه دائرة معارف شيعية إلى آخره، كما كان يعتقد أن العلامة المجلسي من المنافحين عن المذهب المدافعين عنه، ومن الذين تصدوا لإحياء آثار الأئمة، بيْد انه مع ذلك وبرغم اجتهاده في الحديث وبصيرته ـ يعني المجلسي ـ في الرواية وتضلّعه بفنهما لم تكن له دراية عميقة بالمسائل الفلسفية، هذا نظر السيد الطباطبائي في المجلسي.

    الآن حوزاتنا العلمية المفروض أن فيها القدرة على أن تستوعب كل المباني الفكرية، بتعبيري من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، يعني سواء كان فلسفياً عرفانياً، أو كان أخبارياً، لا فرق بينهما، والسيد الطباطبائي اقترح عليه وبدأ بهذا العمل أن يعلّق على الروايات أو فهم المجلسي لبعض الروايات في بحار الأنوار، تعلمون بأن الآن أوسع موسوعة روائية في مدرسة أهل البيت هو كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي، وصار البناء على ذلك وقام بهذا العمل وأنجز هذا العمل، ولكنّه توقف عند آخر الجزء السادس، وبعد ذلك مُنع من ذلك، لا انه انصرف عن ذلك، لان أولئك الذين كانوا يطبعون البحار في ذلك الزمان وجدوا أن بعض التعليقات التي علّقها على صاحب البحار لم تحفظ قدسية صاحب البحار، لا أنه لم تحفظ الروايات، مرة أنه كان لا يحفظ حرمة للروايات وللنصوص الروائية، فكان بالإمكان أن يشكل عليه، ومرة كان يحفظ الروايات وكرامة الروايات وحرمة الروايات، ولكن عنده إشكال على فهم صاحب البحار لبعض الروايات، هذا مضافاً إلى أن العلامة المجلسي في بعض الأحيان لا فقط لم يفهم عمق الروايات كما يدعي السيد الطباطبائي، بل تكلّم بكلمات فيها اتهام للطرف الآخر، فيها اتهام للمنهج الذي هو لا يتفق معه.

    وهذه هي المشكلة الأخلاقية عندنا في الحوزات العلمية، المشكلة الأخلاقية في الحوزات العلمية انه إذا لم تتفق معه أو لم يتفق معك فكرياً بدلاً من أن يكون البحث علمياً محضاً يرجع إلى أبحاث هامشية، وهو الاتهام والتسقيط والى غير ذلك والحرمان والإقصاء ومنع الإمكانات ونحو ذلك، هذا هو الذي يؤخر الفكر في المؤسسة الدينية، وفي أي مؤسسة، يكون في علمكم أي مؤسسة علمية إذا لم يسمح فيها بالنقد العلمي الحر الجاد، هذه القيود كلها احترازية بالنقد العلمي الحر الجاد .

    سيدنا ما هو المراد من النقد؟ النقد واضح، ما هو المراد من العلمي يعني لابد أن لا يدخل في النوايا وانه هذا يريد أن يضعّف الإسلام ويضعّف المذهب، هذا ليس بحثاً علمياً حتى لو فرضنا أصلاً افترضوا أنه مرتبط بجهة أخرى، افترضوا الشيطان بيني وبين الله، الله سبحانه وتعالى ناقشه في القرآن أو لم يناقشه رد عليه أو لم يرد عليه؟ والحر يعني ماذا؟ يعني لا يقول هناك خطوط حمر، لا يوجد خط أحمر في البحث العلمي، في البحث العلمي إنما أقول حر يعني أنّ كل الملفات مفتوحة على البحث العلمي، الجاد ما معناه؟ يعني لا انه فقط نذهب إلى الهوامش والحواشي وإلا أصل المطالب ضروريات ضروريات ضروريات، لا لا، إذن المؤسسة أي مؤسسة علمية، إذا أرادت أن تكون منسجمة مع زمانها ومكانها لابد أن يوجد في تلك المؤسسات بحث ونقد علمي حر وجاد.

    الآن انقل لكم العبارة الذي صارت منشأ منع السيد الطباطبائي من إكمال البحث، تعالوا معنا في الجزء الأول من البحار صفحة 103 و104 يعني كتاب العقل والجهل، بعد أن ينقل مجموعة من الروايات أول ما خلق الله العقل، يأتي إلى كلمات  الفلاسفة يقول صاحب البحار: وأثبتوا عقولاً الفلاسفة العقل الأول العقل الثاني إلى آخره وتكلموا في ذلك فضولاً يعني من شأنهم أن يتكلموا أو ليس من شأنهم؟ يعني انتم أهل لان تتكلموا في هذه النصوص أم لستم أهلاً لذلك؟

    هنا السيد الطباطبائي عنده حاشية، هو لا يعارض أنّه أنت تريد تنقد آراء الفلاسفة والعرفاء من حقك أن تنقد وتقول هذا موافق للرواية أو مخالف، أما أن تتهمهم أنهم ليسوا من أهل هذا المجال، مباشرة السيد الطباطبائي قال بل لأنهم تحققوا، أنت لست أهل التحقيق وإلا هم ماذا؟ يعني بعبارة أخرى عندما قال تكلموا فضولاً السيد الطباطبائي لم يتحملها،وإلا مطالب كثيرة هو ناقش فيها الفلاسفة، يقول بل لأنّهم تحققوا أولاً أن الظواهر كذا إذن ما هو؟ قال بيني وبين الله إذا كنت أنت تعرف مباني الدين كان مقتضى الاحتياط الديني لأنك أنت لست أهل الاختصاص أن لا تتدخل في هذه القضية، وطريق الاحتياط الديني.

    إذن أنت لم تعمل بالموازين الدينية والأخلاقية لماذا تتهم الآخرين، انظروا وطريق الاحتياط الديني لمن لم يتثبت في الأبحاث العميقة العقلية أن يتعلق بظاهر الكتاب وظواهر الأخبار المستفيضة، ويرجع علم حقائقها إلى الله، يقول بأنّه والله العالم، ويجتنب الورود في الأبحاث العميقة العقلية إثباتاً ونفياً، أما إثباتاً فلكونه مظنة الضلال، وفيه تعرّض للهلاك الدائم، وأمّا نفياً لما فيه من وبال القول بغير العلم، والابتلاء بالمناقضة في النظر، واعتبر في ذلك بما ابتلي به المؤلف. يقول كل هذا الذي قلناه ابتلى به في كلماته في نقده للفلاسفة.

    هذه القضية عندما طبع هذا الكتاب وذهب عند أولئك المتصدين هذه فيها انتهاك لكرامة أئمة أهل البيت أم انتهاك لكرامة المجلسي؟ لكرامة المجلسي، ولهذا عندما أراد أحد تلامذته منه أنّ يرفع اليد عن هذا الكلام ولا يتعرض للمجلسي، قال السيد الطباطبائي كما ينقلها في كتاب العلامة الطباطبائي ملامح في السيرتين للطهراني الذي ترجمه جواد علي كسار في صفحة 341 قال السيد الطباطبائي: إن قيمة الإمام جعفر بن محمد الصادق ومنزلته أكبر من العلامة المجلسي ومنزلتي، فبين أن أحفظ كرامة الروايات وبين أن أحفظ كرامة المجلسي، وإذا كانت ساحة الأئمة المعصومين عرضة للشبهات والإشكالات العقلية والعلمية التي ترد عليهم من خلال طبيعة بيانات العلامة المجلسي وتوضيحاته وشروحه، فلسنا على استعداد لبيع أولئك الكرام بالمجلسي، ما أراه واجباً وينبغي أن يكتب من وجهة نظري سأكتبه من دون أن أقلل كلمة واحدة.

    هذا هو المنهج العلمي الذي أسير عليه أقول ما اعتقده بيني وبين ربي، تقول سيدنا فيه ثمن، أقول كرامة أئمة أهل البيت وكرامة فهمي للقرآن أعلى من حفظ كرامة الشيخ الصدوق، الشيخ الصدوق يقول بأنّ النبي يسهو، أنا أحفظ كرامة الشيخ الصدوق أو أحفظ كرامة رسول الله؟ ماذا افعل؟ وظيفتي أن أحفظ كرامة رسول الله وأقول أن الشيخ الصدوق مع كل احترامنا له لم يفهم النصوص القرآنية والنصوص الروائية، ولكن مع الأسف الشديد في الاونة الأخيرة تجدون مع الأسف الشديد أن التوجه لحفظ كرامة المباني الدينية أم لحفظ كرامة الأشخاص؟ لماذا تعترض على فلان ولماذا تعترض على فلان؟ الاعتراض العلمي بابه مفتوح للجميع، نعم الاهانة والتسقيط الشخصي هو الذي ماذا؟ وهذا هو الذي كان عليه ديدن العلماء السابقين.

    التفتوا إلى كلام الشيخ الطوسي في العدة، العدة في أصول الفقه للشيخ الطوسي في صفحة 215 في الباب الثاني الكلام في الأخبار يقول: وقد ذكرت ما ورد عنهم من الأحاديث المختلفة التي تختص الفقه في كتابي المعروف بالاستبصار والأحكام ما يزيد على خمسة آلاف حديث، وذكرت في أكثرها اختلاف الطائفة في العمل بالروايات، وذلك أشهر من أن يخفى، انظر الاختلاف الذي كان بين علماء الحديث من الامامية لا علماء الحديث من علماء المسلمين، حتى أنّك لو تأملت اختلافهم في الأحكام الفقهية بين الامامية وجدته يزيد على اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك، لا أن الاختلاف عشرة بالمئة، عشرين بالمئة، يقول اختلاف بين مذهب ومذهب اقل من الاختلاف الموجود بين علماء الامامية، هذا تصريح الشيخ الطوسي في ذلك الزمان، الآن لابد الشيخ الطوسي يحيى مرةً أخرى ليرى بأن الاختلاف إلى أين وصل.

    محل الشاهد يقول ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم، (إحفظوا هذا الأصل وأنا الذي أدعو إليه وأؤكد عليه وأركّز عليه) ووجدتهم مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه، لم يصدر الفتاوى بالتفسيق والتضليل والاسقاط والتحريم، يقول بينهم علاقات الود والمحبة والأخلاق والدين كانت قائمة مع أن اختلافهم أكثر من اختلاف أبي حنيفة والشافعي ومالك.

    الآن بينك وبين الله انظر إلى هذا الأصل الذي يؤصل له في القرن الخامس الشيخ الطوسي وانظر إلى بعض الأعلام في حوزاتنا العلمية هنا أو هناك، بمجرد أن يختلف أو تختلف معه تجد أنه لابد أن تغلق عليك وتطبق عليك السماوات والأرض لماذا؟ من أين جاءنا هذا المنطق؟

    يقول مع هذا الاختلاف العظيم لم يقطع أحد منهم موالاة صاحبه، ولم ينتهي إلى تضليله وتفسيقه، يعني صدّر فتوى بأنّه ضال مضل أو لم يصدّر فتوى؟ الآن ماذا يحدث؟ يا ريت ضال مضل خارج عن المذهب الآن خارج عن الدين! هذا المنطق من أين جاءنا؟ هذا منطق القرآن دلونا عليه، هذا منطق أهل البيت دلونا عليه، هذا منطق علماءنا السابقين دلونا عليه، من أين جاءنا هذا المنطق؟ هذا هو منطق الدواعش، إما معي وإما ضال مضل اذبحوه وسأبين هذا المنطق من أين جاء، مع ذلك نحن نشتم ولكن نتبع نفس المنطق.

    ولم ينتهي إلى تضليله وتفسيقه والبراءة من مخالفته، طبعاً يكون في علمك جملة من أعلام أهل السنة هذا منهجهم الآن يعملون به أو لا يعملون أنا أتكلم عن النظرية، هذا ابن حجر هدي الساري مقدمة فتح الباري لابن حجر العسقلاني الجزء الثاني صفحة 1141 قال ابن جرير (يعني ابن جرير الطبري) لو كان كل من ادعي له مذهبٌ من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به، وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك، لو كل واحد تتهموه وتقولون ذهب إلى أمر باطل ورديء وسقط عن العدالة وانه فاسق يقول للزم ترك أكثر محدثي الأنصار لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قومٌ إلى ما يرغب به عنهم، يعني أي مجموعة من الرواة أنت تجد مجموعته أو فلان يوثقه وآخرون يسقطوه، فإذا حسبت المجموع فكل الرواة سقطوا عن الاعتبار، إذا اثنين عدول واحد قال للآخر فاسق والثاني أيضاً قال أنت فاسق النتيجة ماذا تكون؟ كلاهما ساقط يعني الخارج عنهما الذي يتبع احدهما يقول ذاك فاسق أمّا الخارج عنهما ماذا يقول؟ كلاهما فاسق.

    انتم تعلمون ماذا تفعلون واقعاً أنا لا ادري هؤلاء يفهمون لوازم كلامهم أو لا يعلمون؟ إذا صار البناء من قال بالولاية التكوينية مغالٍ خارج عن المذهب، ولم يقل بالولاية مقصر إذن كلاهما خارجٌ عن المذهب، ومن يبقى في المذهب؟ أتعلمون أي منطق هذا؟ هذا ابن حجر بل أكثر من هذا.

    هذا ابن تيمية (الذي سأعلق عليه) انظروا ماذا يقول في كتابه التسعينية شيخ الإسلام ابن تيمية المجلد الثالث الرياض في صفحة 903 يقول وهذا الكلام فيه ما يجب ردّه لأمور عظيمة احدها ما ذكره عمن سماهم أهل الحق، يقول هذا المتكلم سمى نفسه أهل الحق، يقول فانه دائماً يقول قال أهل الحق وإنما يعني باهل الحق أصحابه وأتباعه ونظريته، وهذه دعوى يمكن لكل احد أن يقول لأصحابه مثلها، وكلٌ يدعي هو أهل الحق، وإلا لما اتبع ذلك الطريق، وكلٌ يدعي وصلاً بليلا وليلا؟ من يعرف هذا الوصل صحيحٌ مطابقٌ للواقع أو لا؟ يوم القيامة احكم الحاكمين هو يقول أنت كنت على حق وهذا على الباطل وليس أنت، أنت لست قسيم الجنة والنار، قسيم الجنة والنار عليٌ، تقول لي الأئمة أقول لا لم يثبت عندنا بحسب النصوص، بحسب النصوص فقط قسيم الجنة علي ولا توجد رواية واحدة أن باقي الأئمة أيضاً ماذا؟ هو صاحب الولاية يوم القيامة.

    قال: وهذه دعوى يمكن لكل احد أن يقول لاصحابه مثلها فإن أهل الحق الذين إلى آخره أنا هناك معلق على الكتاب اقرؤوا تعليقتي الله يعلم هذه تعليقة قديمة، ويا ليت أن أتباع ابن تيمية كانوا يعملون بهذه الوصية، فلا يكفّرون أحداً ولا يهتكون حرمة احد بمجرد المخالفة معهم كما تقدم ذلك مراراً من أبحاثهم، الآن أيضاً أقول يا ليت أن من يتكلم بهذا الكلام يا ليت يلتزمون نعم من حقك أن تبحث.

    باعتبار أننا مقبلين على الفاطمية بودي أن أقف عند قضية عادة لم يشر إليها، وهي القضية الزهرائية وفاطمة وما أدراك ما فاطمة سيدة نساء العالمين، واقعاً الأبحاث التي فيها كثيرة جداً، ولكن اتأسف كثيراً انه أخذنا بعداً صغيراً صغيراً من جوانب حياتها، وتركنا كل الأبعاد الأخرى من حياة سيدة نساء العالمين، الآن لا أريد أن ادخل في هذا، وإلا فاطمة سلام الله عليها يكفيها أن من ليسوا هم من شيعتها (بالمعنى الفقهي) تقول لي لماذا تقيّد هذا القيد؟ أقول باعتبار انه قد يكون من شيعتها بمعانٍ أخر، ولكن أنت لأنه جعلت مسطرة عندك قلت هذا ليس من الشيعة.

    انظروا العلامة الالوسي في كتابه روح المعاني في تفسير القرآن العظيم عندما يأتي إليها في ذيل الآية 42 من سورة آل عمران يقول: والذي أميل إليه إن فاطمة البتول أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات من حيث أنها بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله، بل ومن حيثيات أخر أيضاً، ولا يعكر على ذلك الأخبار السابقة، بعض الأخبار قد يقول أن بعضها مريم أفضل منها أو فلانة أفضل منها، لجواز أن يراد بها أفضلية غيرها عليها من بعض الجهات لا مطلقا، وبحيثية من الحيثيات، يقول وهذا الذي أقوله أنها أفضل من جميع النساء المتقدمات والمتأخرات حتى لو ثبتت نبوة مريم، هذا أمر عظيم وهذا بحثه سيأتي في فقه المرأة أن النبوة تنال النساء والنساء ينلن مقام النبوة؟ الجواب نعم وفوق مقام النبوة، كما يصرّح العلامة الالوسي، يقول حتى لو ثبت أن مريم نبي من الأنبياء ففاطمة أفضل منها، فهي فوق مقام نبوتها، يقول وهذا سائغ على القول بنبوة مريم أيضا، إذ البضعية من روح الوجود (باعتبار أن رسول الله هو روح عالم الإمكان) يقول هي جزء وبضعة من روح الوجود، إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود لا آراها تقابل بشيء وأين الثريا من يد متناولها، هذا الرجل لو تسأل بعض الفقهاء يقول أنه من النواصب، هذا الناصبي يتكلم بهذا الشكل، وأتحدى هؤلاء الفقهاء يتكلمون كلاماً بمثل هذا الكلام، إلى أن يأتي يقول: كما لا يخفى كيف لا تكون فاطمة ولها هذا المقام وفاطمة سيدة تلك العترة، أي عترة؟ عترة حديث الثقلين تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، يعبر عن فاطمة أنها سيدة العترة، والعترة فيهم علي والحسن والحسين، يقول سيدتهما فاطمة، والله لا أريد ادخل في هذا البحث دعونا عن مقاماتها ومقاماتها أصلاً غير قابلة للتصور بالنسبة إلينا.

    القضية التي أريد أن أقف عندها شيءٌ آخر، البعد المنسي من شخصية نساء العالمين هو بعدها السياسي، وهذا الذي أسست له سيدة النساء، انتم تعلمون بشكل أو بآخر أن السلطة في السقيفة انتقلت إلى غير الدائرة التي خطط لها الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وهذا ما بينته بشكل تفصيلي في كتاب التدابير النبوية، الآن أنا لست بصدد بيان خلافات مذهبية أبداً وإنما هناك تدابير نبوية هيأ لها النبي الأكرم أن تنتقل الخلافة بشكل بتعبيرنا سلس إلى علي، ولكنها لم تنتقل إلى علي بسبب أو بآخر وإنما أسس لنوع آخر من الخلافة والحكم السياسي في السقيفة، عند ذلك قامت الزهراء بدورها الأساسي، أول معارضة في تاريخ السياسي بدأت على يد سيدة النساء، ولذا الآن انتم تجدون بأنه أربعة كلمات منا وذهبنا إلى المصيبة، المصيبة في محلها والظلامة التي وقعت عليها كبيرة جداً، كله صحيح، ولكنها سلام الله عليها أسست لموقف سياسي ولمعارضة سياسية لم تكن لها سابقة قبل ذلك، وإذا وجدنا معارضات سياسية ومواقف سياسية معارضة من ابنائها فهم تابعون لسيدة النساء، حتى أمير المؤمنين لم يتصد للمعارضة السياسية المباشرة وإنما جعل فاطمة في واجهة المعارضة. نحن لم نقل هذا، وإنما هم يقولون كبار علماء أهل السنة يقولون هذا المعنى.

    الرواية الواردة من الروايات المعتبرة، ومن أهم الكتب المعتبرة وهو كتاب المصنّف لابن أبي شيبة المتوفى 235 من الهجرة يكون في علمك هذا أقدم من كل هؤلاء الأصحاب الصحاح وغيرها هناك في طبعة مؤسسة علوم القرآن المجلد 20 في صفحة 579 الرواية ثمانية وثلاثين ومئتين وهي من الروايات المعتبرة سنداً على جميع المقاييس الرجالية عند القوم، يقول: انه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان عليٌ والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم، يراجعون الزهراء في انه كيف يعقدون المعارضة السياسية، فإذن بيت فاطمة ماذا صار؟ بتعبيرنا اليوم صار مقر المعارضة السياسية للسلطة، الكل كان يجتمع أين؟

    سؤال إذا هي لم تكن معارضة هل معنى أن يجتمعون عندها أو لا معنى له؟ لا معنى له، يقول فلما بلغ ذلك عمر بن خطاب باعتبار أن الخليفة الثاني كان من أهم أركان خلافة أبي بكر النائب الأول، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة، لماذا لم يذهب إلى الزبير؟ لماذا لم يذهب لعلي؟ لأنه كان يعرف مركز المعارضة بيت فاطمة، فقال يا بنت رسول الله والله ما من الخلق احدٌ أحب إلينا من ابيك، وما من احد أحب إلينا بعد ابيك منك، وايم الله (قسم يقسم الخليفة الثاني) ما ذاك بمانعي أن اجتمع هؤلاء النفر عندك.

    إذن تبين فقط الزبير كان أو آخرين أيضاً موجودين؟ لا، مجموعة من كبار الصحابة الذين عارضوا ما وقع في السقيفة.. أن آمر بهم أن يحرّق عليهم البيت، فالخليفة الثانية يقسم إذا اجتمعوا مرة أخرى احرق البيت على من فيه، ليس احرق البيت عليك لا في الرواية غير موجود ولكن احرق البيت على ماذا؟ ومن يوجد فيه؟ يوجد فيه المعارضة السياسية الآن دعونا عن علي والزهراء، قال فلما خرج عمر جاؤوا، تبين انه كان نفر أو أكثر؟ أكثر، فقالت تعلمون أن عمر قد جاءني وقد حلف بالله لان عدتم ليحرقن عليكم البيت، وايم الله (الرواية تقول أن الزهراء اقسمت) ليمضين لما حلف علي يعني انه فقط للتهديد أم للواقع العملي؟ للواقع العملي، فانصرفوا راشدين فروا رأيكم، بعد لا تراجعوني لأنه هذا الرجل قد يحرق البيت، ولا ترجعوا إلي فانصرفوا عنها فلم يرجعوا عليها حتى بايعوا لأبي بكر .

    أنا واقعاً فقط أريد أقف عند هذه القضية أوّلاً ما هو الوجه الديني والأخلاقي والسياسي للتهديد بالحرق والإحراق لمعارضة سياسية سلمية من الخليفة الثاني؟ أنا هذا السؤال اوجهه لكل من يعتني ويدافع عن الخليفة الثاني انه ما هو الوجه الأخلاقي لهذا ما هو الوجه الديني لهذا؟ ما هو الوجه السياسي لهذا؟ هؤلاء كانت عندهم معارضة رفعوا السلاح أو لم يرفعوا السلاح؟ لم يرفعوا السلاح فلماذا يهددون بالحرق أنا أسأل منكم يعني ما كانت هناك وسيلة أخرى لاسكات المعارضة إلا ماذا؟ الآن تفهم هذه قضية الإقصاء والحرق والقتل مبدأها من أين جاء؟ من الخليفة الثاني انتم الآن تجدون بعض (تعرفونهم) المتطرفين والارهابيين ماذا يفعلون للناس؟ يحرقونهم هذه منشأها اجيبونا على هذا السؤال يا من تدافعون على كل سلوك وممارسات السلطة السياسية الحاكمة بعد رسول الله بأي وجه أخلاقي وديني وسياسي تهدد المعارضة السياسية السلمية هذا أوّلاً.

    وثانياً هذا بعد خطابي موجه إلى الخليفة الثاني مباشرة وليس خطاب موجه إلى المدافعين عنه أيها الخليفة الثانية وأنت تدعي انك من اقرب صحابة رسول الله إلى رسول الله يقيناً وأنت من اقرب الصحابة كما تقول ويقال عنك يقيناً انك وقفت مراراً وتكراراً وقفت هذا المسند للإمام احمد بن حنبل تحقيق حمزة احمد الزين المجلد 11 رقم الحديث ثلاثة عشر ألف وستمائة وثلاثة وستين يعبر عنه اسناده حسن والحديث رواه الترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي يقول عن علي بن زيد عن انس بن مالك أن النبي كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول الصلاة أهل البيت يعني كان يقف عند هذا البيت الذي أردت أن تحرقه أنت أمّا كان ينبغي لك احتراماً لهذا البيت أن لا تنتهك حرمة هذا البيت؟! فليخرجوا وبعد ذلك تريد تحرقهم احرقهم لماذا تهدد حرق هذا البيت الذي وقف عليه رسول الله لاشهر يقول إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، أنت تقول في المقدمة انه لا يوجد أحب إلينا منك هذا إذا تقوله كان ينبغي ألف عين لأجل عين تكرم كان لأجل عين فاطمة ولأجل عين أهل البيت أن تحفظ كرامة هذا البيت وان لا تنتهك حرمة هذا البيت ولو بالتهديد.

    قد يقول قائل سيدنا ما حرق البيت أقول على مبانيكم جيد جداً بينكم وبين الله الآن أي سلطة سياسية إذا جاءت إلى بيت مرجع من المراجع المعارضة لها سياسياً وهددت بحرق ذلك البيت إلا يعد هذا انتهاكاً لحرمة ذلك البيت أو لا يعد ذلك أي منهما؟ ولهذا واقعاً هذه مجموعة من التساؤلات هذا البعد طبعاً أنا في اعتقادي أن الزهراء سلام الله عليها أسست لنظرية في المعارضة السياسية كما أن الإمام الحسين أسس في حركته لحركة الأئمة من بعده ولهذا تجد أن الأئمة من بعده بعد خرجوا على الحكم أو لم يخرجوا؟ لان الإمام الحسين وضع أسس نظرية المعارضة السياسية وفي اعتقادي أن هذه الثمرة من تلك الشجرة المباركة التي وضعتها سيدة نساء العالمين إذا الإمام الحسين قام بهذا العمل فهو فرع تلك الشجرة التي هي أصلها ثابت وفرعها في السماء وياليت ونحن مقبولون الآن على أيام الفاطمية الأولى والثانية والثالثة والى غير ذلك ياليت أن المنبر الحسيني أن منابر مدرسة أهل البيت أن العلماء أن الفضائيات تتوجه لبيان الأبعاد الأخرى من شخصية سيدة نساء العالمين وهذا ليس معناه انه لابد لا نلتفت إلى ما وقع الظلم عليها لا، وقع عليها من الظلم ما لا يعلمه إلا الله هذا مما لا إشكال فيه يكفي هذا الظلم وهو انه انتهكت حرمتها بأن تهدد بحرق البيت هذا ليس انتهاك للحرمة؟

    إذن أعزائي كل من يسمعني وكل من يتابع هذه الأبحاث عليكم أن تطلبوا من أهل المنبر من المثقفين من الفضائيات من القنوات تعالوا بيّنوا لنا شخصية الزهراء في هذا البعد الذي هو البعد السياسي أن شاء الله في مناسبات أخرى سأقف عند محاور أخرى لشخصية سيدة نساء العالمين والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/01/30
    • مرات التنزيل : 1949

  • جديد المرئيات