نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (125)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: ومنبع هذه الانواع من المكاشفات هو القلب الانساني بذاته وعقله المنور العملي المستعمل لحواسه الروحانية.

    بعد أن بين لنا اقسام ومراتب الكشف الصوري ينتقل إلى بحث آخر وهو لعله من أهم الابحاث وهو انه إلى الآن كان يتكلم عن متعلق الكشف وهو المنكشف الذي قال: أما أمر دنيوي وأما أمر أخروي والأخروي أما متضمن للمعنى او غير متضمن للمعنى, وكذلك تكلم عن أدوات الكشف وهي أما البصر الملكوت أو البصيرة أو السمع الملكوتي أو الشم الملكوت, اللمس والذوق الملكوتي, جيد إلى الآن كل الذي وقع الكلام عنه, هذا الذي أنا قلت مرارا وتكرارا حتى لا يعترض علي احد لماذا تقول كل الكتاب, في الاعم الاغلب الكتاب مكتوب بشكل منطقي دقيق ويتضح لماذا اقول هذا الكلام, إلى الآن تكلمنا في أدوات الكشف وتكلمنا في أنواع وأقسام المُنكشف, أما من المدرك, انت قلت هذه أدوات الإدراك المُدرِك من هو؟

    هنا قال: ومنبع هذه الانواع من المكاشفات, يعني المدرك الحقيقي لهذه المكاشفات هو القلب بتعبيره هو القلب الانساني, اتضح الامر, إذن الآن تكتمل الصورة أن المدرك الحقيقي في الكشف الصوري هو القلب, وأدوات الإدراك هي الحواس الباطنية, والمدركات أو المنكشفات هي أما امور دنيوية أو أخروية, والأخروية أما تتضمن المعنى أو لا تتضمن المعنى, انظر إلى الصورة كيف تكون كاملة, لذا قال:  ومنبع هذه الانواع من المكاشفات هو القلب الانساني, اخواني الاعزاء تعالوا معي إلى صفحة 54 هناك قال في ذيل صفحة 53 آخر كلمة: وما يسمى بالنفس المجردة الناطقة يسمى عند العرفاء بالقلب, لماذا سميت هذه الخصوصية قلبا؟ يقول بشرطين: إذا كانت الكليات مفصلة, التفصيل في مقابل الاجمال البساطة, لذا مقام البساطة يصير مقام الروح فلذا ما الفرق بين الروح والقلب العرفاني؟ الحقائق إذا كانت بنحو البساطة فهي في مرتبة الروح الانسانية, أما إذا كانت في مرتبة التفصيل فهي في مرتبة القلب, هذا الذي نحن نصطلح عليه أما العقل الذي هو مرتبة البساطة أو النفس بحسب هذا الاصطلاح بحسب الذي هو مرتبة التفصيل ولكن يوجد شرط آخر يضيف إليه يقول: إذا كانت الكليات فيها مفصلة وهي شاهدة إياها شهودا عيانياً, يعني يكون كشفا يعني يكون أما عين اليقين وأما حق اليقين, أما إذا كان علم اليقين فلا يصطلح عليه بالقلب, هذه الاصطلاحات أحفظوها والا البحث لا يتضح.

    قال: ومنبع هذه الانواع من المكاشفات هو القلب الانساني, التفتوا جيدا, انت قلت أن القلب يدرك هذه الحقائق بالأدوات أو بلا أدوات؟ بالأدوات, قلت بالأدوات الباطنية بالحواس الباطنية فماذا تقول هنا بذاته؟ الجواب هذا المبنى الذي النفس في وحدتها كل القوى هذه النقطة, لان بعض المشائين كانوا يقولون النفس لا تبصر بذاتها بل تبصر بواسطة قوة الأبصار فهي تبصر مع الواسطة, نعم الا العاقلة فأنها تدرك الحقائق الكلية بلا واسطة, أما باقي الامور ما دون العاقلة فهي مدركة للنفس مباشرة أو بواسطة؟ بواسطة, وهذا معناه القوة تتوسط بين النفس وبين المدرك, أما على مبنى أن القوى هي نفس النفس وان النفس مرتبة منها عاقلة, مرتبة منها سامعة, فالنفس تبصر بذاتها أو لا تبصر؟ نعم النفس تبصر بذاتها ولكن في هذا الشأن في هذه المرتبة,إذن نظرية النفس في وحدتها كل القوى موجودة في كلمات العرفاء ومرة أخرى سيشير إليها.

    قال: هو القلب الإنسان بذاته وعقله العملي المنور, التفتوا جيدا, انت قلت انه تحصل مكاشفات للنفس والمدرك هو القلب, القلب بمجرد أن يكون قلبا يدرك أو يحتاج إلى سلوك والى تمرين والى عمل والى رياضة حتى يدرك ويكاشف؟

    يقول انت مرة تبحث عن العلوم الحصولية فالتهذيب, والتزكية, والاخلاق, والرياضة, والمجاهدة, والعمل, له مدخلية أو لا مدخلية له؟ لا مدخلية له, انت تستطيع أن تكون عالما بكثير من المفاهيم الفلسفية والعرفانية ولكن تبقى مستوى علم اليقين, على مستوى المفاهيم, أما إذا أردت أن تصل إلى حق اليقين, و عين اليقين, وحق اليقين, فإذن يكفي فيه النفس الناطقة أو لابد من البعد العملي وهو العقل العملي؟ لذا قال: هو عقله العملي, يعني بان العقل العملي له دور, ضعوا ذهنكم معي إذا تذكرون نحن كان عندنا بحث لعله مر في تمهيد القواعد أتذكر انه تقدم, أن العقل العملي في قبال العقل النظري هل هو مدرك كالعقل النظري أو انه ليس بمدرك, كان يوجد هناك اتجاهان اتجاه يقول نعم العقل وظيفته الإدراك, إذا مدركه متعلقه امور نظرية يسمى عقل نظري, إذا كان مدركه امور عملية يسمى عقل عملي والا وظيفة العقل هو الإدراك, نعم مدركاته تختلف أن كانت مرتبطة بـ ينبغي أو لا ينبغي فهي عملية, وان كان مرتبطة بـ يوجد و بما لا يوجد فهو نظري, هذا الذي اختاره السيد الصدر في آخر الجزء الأول من الحلقة الثالثة, وهناك نحن بينا قلنا أن نظرية المشهور عند الحكماء يقولون نحن لا يوجد عندنا الا عقل نظري واحد وهذا الذي يسمى عقل عملي هذه ليس مدرك بل هو عامل منفذ, جهة إجرائية, جهة تنفيذية, يعني ما أدركه العقل النظري سواء كان متعلقا بالنظر أو كان متعلقا بالعمل تنفيذه بعهدة العقل العملي.

    نعم ذلك الذي يقال انه يتعلق بالنظر او بالعمل هذا ليس العقل النظري أو العملي هذه الحكمة النظرية والحكمة العملية, في الحكمة بالنظرية والعملية إذا كان متعلق احدهما النظر يعني ما يوجد وما لايوجد يسمى حكمة نظرية, إذا كان متعلقة ما ينبغي وما لا ينبغي مثل الفقه, والاخلاق, وتدبير المنزل إلى غير ذلك, إذن الحكمة النظرية والعملية كلتاهما داخلان تحت العقل النظري, وهذا المعنى بشكل واضح أنا أشرت إليه في دروس في الحكمة المتعالية في صفحة 121 ونقلت العبارة من بهمن يار في التحصيل 189 هذا البحث هناك موجود. اعلم أن النفس الانسانية تقوى على إدراك المعقولات وعلى التصرف في القوى البدنية, فبأحدهما تقبل النفي على مفيض الصور المعقولة وتسمى عقلا نظريا, وبالآخر تقبل على البدن وتتصرف في قواها وتسمى عقلا عمليا, فالعقل العملي ليس مدرك العقل العملي قوة عمّالة قوة إجرائية تنفيذية وليس قوة مدركة, لان بها تعمل النفس وليس من شأنها أن تدرك شيئا بل هي عمالة فقط, وتسميتها بالعقل من باب الاشتراك اللفظي, واضح. هنا يشير إلى هذه الحقيقة يقول أنه أساساً ليست النفس تدرك بمجردها من غير عمل, النفس متى تدرك؟ القلب متى يدرك؟ يعني متى تنكشف له الحقائق على مستوى عين اليقين وحق اليقين؟ إذا انظم إلى الإدراك عمل, رياضة, سلوك ونحو ذلك.

    قال: ومنبع هذه الانواع من  المكاشفات هو القلب الإنسان بذاته, في الحاشية يقول بلا واسطة, إذا كان بلا واسطة بعد ذلك يقول المستعمل لحواسه فإذا صار بلا واسطة كيف يستعمل الحواس, هذه الحواس أين دورها؟ بيانه ما تقدم.

    وعقله المنور العملي, العملي لا أريد أن ادخل به وإنشاء الله في وقت آخر أوضحه, وهو انه يبدأ من التجلية, من التخلية, والتحلية, والفناء, ثم لما يصل إلى الفناء يصير طمس ومحو لأنه مراتب الفناء في الافعال, في الصفات, في كذا, إنشاء تعالى إذا صار وقت أنا آتي بالعبارة والحكيم السبزواري عنده بيان قيم لهذا المعنى, على أي الأحوال.

    إذن التفتوا جيدا سأختم البحث هنا بجملة واحدة: وهو متى يبدأ الإنسان بالحركة؟ عندما يحصل علم اليقين, وأما إذا لم يحصل له علم لا يتحرك, ومتى ينتهي؟ ينتهي عند حق اليقين, إذن يبدأ بالعلم وينتهي بالعلم, ولكن يبدأ بالعلم الحصولي ليصل إلى أعلى درجات الكشف وهو الفناء وهو المشاورة, يبدأ بعلم اليقين, إذن لا يتبادر إلى ذهن احد بأنه هذه منفصلة, نعم, مازال وصلت هنا أريد أن أتكلم كم كلمة, في حياتنا العادية وفي ضعف النفس النظرية تنفصل عن العملية, تجد القوة النظرية شيء والعملية  قد تجاريها وقد لا تجاريها, لذا الناس بإزاء هاتين القوتين يعني العقل العملي والعقل النظري يكون على أربع طبقات, أربع مستويات:

    المستوى الأول: أن يكون كلاهما ضعيفا, العقل النظري ضعيف والعقل النظري ضعيف, لا يفتهم ولا عنده عبادة.

    المستوى الثاني: وهو أسهله, يعني قليلا أعلى منه, وهو انه لما تقول له معارف وتوحيد يقول ماذا نفعل بهذا قل لي عبادة, وترى كلما تقول له عبادة يفعل, ألف ركعة, خمسمائة ركعة, ألف ركعة, ثلاثة آلاف ركعة, مرة قل فلان شيء ولا يدري بمضامينها وبمحتوياتها, هذا البعد العملي قوي جدا أما البعد النظري لا أعوذ بالله لا يكون وضعه مثل وضع عابد بني اسرائيل, الملائكة قالوا هذا كثير يعبد يا رب آتي به معنا هذا قديس, قال لهم هذا لا تعرفونه هذا لا ينفعنا هنا, الهي آتي به هنا, قال انتم ابعثوا ممثل عنكم يذهب وتكلم معه لكي تروه يصلح أن يكون مع الملائكة أو لا يصلح, ذهبوا ورأوا هذا في مزرعة لطيفة كثيرا مرتبة يعبد الله سبحانه وتعالى ليل نهار بلا انقطاع,  قالوا له كل همك من عبادتك هذه ما هو غرضك, قال انتظر يوما واحدا أن الله ينزل على حماره في هذه المزرعة وأكل حماره, فينتظر أن الله ينزل على حماره في المزرعة, هذا البعد العملي فيه إشكال, في عبادته لا توجد مشكلة وأنا فعلا اعرف هكذا أناس  أما لما يصل البعد النظري يعير إليه اهتماما أو لا يعير, وأعوذ بالله من الشيطان الاكبر هذا البعد النظري يصير قوي ولكن البعد العملي والتقوى والسلوك والمجاهدة والآداب الشرعية والآداب لا يراعيها واقعا هذا الشيطان يتعلم منه لأنه هذا يستطيع انه كل شيء يوجهه ويعطي مبانيه وليس عنده مشكلة تحت أي عنوان؟ حِيّل أو غير حِيّل يجد لها مخرجا, هذه طبقة.

    الطبقة الرابعة: طبقة أن كلاهما قوي ولكن احدهما منفصل عن الآخر هذا كلما قوي يصلون إلى مرحلة أن العقل يكون هو النظر وان النظر يكون هو العمل, يعني ما يعلمه يعمله بشكل إذا نتكلم بلغة حديثة بشكل أوتوماتيكي وليس انه في تكلفة على النفس, أساساً إذا لا يريد أن يعمل فيه تكلفة ومؤونة, ولهذا النفس كلما قويت في هذين البعدين تصل إلى أن احدهما تقترب عن الأخرى بل يصل في بعض الأحيان إلى أن يكون بينهما اتحاد مفهوما ومصداقا وان اختلافا  مفهوما وهذا ما نعتقده نحن في العصمة, العصمة ليس أن فيها بعد نظري, ليس أن فيها بعد عملي, ولكن البعد النظري والعملي ارتفعا إلى مستوى ينفصل احدهما عن الآخر أو لا ينفصل؟ لا يفترق ولا يَختلِف ولا يَتخلَف.

    قال: ومنبع هذه وعقله المنور العملي المستعمل لحواسه الروحانية, المستعمل ليس القلب بل المستعمل هو العقل العملي باعتبار هو المدبر وإذا كان هو المدبر هو الذي يستعمل ويدبر هذه القوى, لحواسه الروحانية, هذا بحث تقدم فيما سبق, فان للقلب عينا وسمعا وغير ذلك من الحواس, يعني شما, وذوقا, ولمسا, إلى غير ذلك, كما أشار إليه سبحانه بقوله {لا تعمى الأبصار ولكن القلوب التي في الصدور} {ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة} وفي الأحاديث المشهورة منا يؤيد ذلك كثيرا.

    وتلك الحواس, هذا بحث جديد طبعا مرتبط بالحواس الباطنية والظاهرية ولكن لم نعرض له فيما سبق لأنه موضعه كان هنا, وهو من الابحاث القيمة المهمة التي تنفعنا كثيرا في فهم حقائق المعاد والنشأة الأخروية.

    مقدمة يقول أن الحواس الباطنية هي باطن الحواس الظاهرية, ما معنى باطنها؟ يعني انه يوجد شيء اسمه باطن ويوجد شيء اسمه ظاهر, فإذا صار عندك باطن وظاهر يختلف الحكم, هذا الاختلاف على اقسام: مرة أن الإنسان بصير بإزائهما معا, يعني بصير باطنا وبصير ظاهرا, ظاهرا يرى بالبصر ويرى في البصيرة, ومرة كلاهما ماذا؟ هذا أخزاه الله في الدنيا والآخرة, عمى البصر وعمى البصيرة, لا دنيا ولا آخرة, ومرة عمى البصر, البصر الظاهري لايوجد ولكن من حيث البصيرة بصير هذه طبقة, ومرة بالعكس والتي هي في الاعم الاغلب هذه الطبقة وهي انه من حيث البصيرة أعمى ولكن من حيث البصر بصير, هذه الاقسام الأربعة متصورة هنا في الدنيا أو غير متصورة, يعني في هذه الدنيا نحن نستطيع أن نصور, كما انه نعتقد في الانبياء في الأوصياء في الأولياء من حيث البصر في الاعم الاغلب ما نعتقده في النبي وأئمتنا أن يكون كاملا ظاهرا وباطنا, إذن حيث البصيرة يبصر ومن حيث البصر يبصر هذه طبقة, في هذه الدنيا عندنا أعمى في البعدين في البصر والبصيرة, وعندنا ما يتعاكسان يعني أعمى البصيرة وبصير من حيث البصر وبالعكس, هذا كله متصور في الدنيا, لماذا متصور؟ باعتبار انه يوجد عندك ظاهر ويوجد عندك باطن, أما إذا ارتفع الحجاب, وعندما نقول ارتفع الحجاب يعني حصل الموت وهذا اعم من أن يكون الموت اختباريات يعني بإرادتك رفعت الحجاب أو كان موتا طبيعيا بغير إرادتك رفع الحجاب, تبقى الاثنينية أو لا تبقى الاثنينية؟ هذه الخصوصية الاساسية التي تعد واحدة من اصول فهم حقائق الآخرة خصوصا في الحشر الاكبر, وهو انه عندما يرتفع الحجاب لا يوجد عندنا أصل وفرع, ظاهر وباطن بل احدهما يتحد مع الآخر, يعني الفرع يتحد مع الأصل ويرجع إلى الأصل, يعني ماذا؟ ضعوا ذهنكم معي هذه قاعدة أريد أن أوضحها؟

    الجواب: ما كان هنا أمراً باطنيا هناك يكون أمراً ظاهريان, هنا بالخيال ماذا كنا نستطيع أن نرى؟ هل كنت بالخيال تستطيع أن ترى الامور المحسوسة, الامور المبصرة الامور المادية, تستطيع أو لا تستطيع؟ باعتبار انه له ذاك محدودة وهذا له محدودة أخرى والعكس كذلك, انت في الباصرة الظاهرية لا تستطيع أن ترى لكن لما يتحد احدهما مع الآخر ما تشاهده بعين الخيال بعين الباطن يكون المشاهد أمراً محسوسا لك, لا ادر ي اتضحت الحقيقة, الآن لنضرب مثال لها:

    انت الآن جنابك كثير من القضايا تراها فلان جالس فلان جالس وترى نور أيضاً هذا نسميه مشاهدة حسية وهذا أبصار حسي له اثر, الآن ارجع إلى داخلك ومن خلال قواك الداخلية حاول أن تبصر شيئا, له اثر أو ليس له اثر؟ ليس له أي اثر أو له اثر ضعيف؟ له اثر ولكنه كالأثر الحاصل من الذي تراه في العين المبصرة الخارجية؟ كثيرا اضعف, يعني الآن انت تستطيع أن تصور, إذا عندك سيارة في الخارج تلتذ بها أو لا تلتذ بها, عندك بيت, عندك زوجة, عندك أولاد, عندك كتاب, عندك جاه, تلتذ أو لا تلتذ؟ انت تستطيع أن تصور كل هذا بذهنك؟ نعم تستطيع, تلتذ أو لا تلتذ؟ تعير لها أهمية أو لا تعير لها أهمية؟ لا تعير لها أهمية, مع انه إذا قال لك قائل والله كلها تملكها انت ما هي قيمتها انها املكها بوجودها الذهني, لها قيمة أو ليس لها قيمة, لها اثر أو ليس لها اثر؟ تغطي  وتؤمن رغباتي وشهواتي أو لا تؤمن؟ لا تغطي ولا تؤمن شهواتي ولا تشبعني ولا ترفع عطشي أبداً, اخواني الاعزاء عندما يتحد الأصل مع الفرع والفرع مع الأصل ما يشاهد بالحواس سوف يشاهد بالخيال هناك, يعني انت ما تشاهده بالخيال يكون واقعا خارجيا, فأثره موجود أو ليس موجود؟ يعني كل الذي كان هنا مفهوما هناك يكون واقعيتا, فلها تأثر أو ليس لها تأثير؟ ليس لها تأثير فقط بل أثرها مضاعف لان القوة الخيالية من حيث الوجود أقوى بمراتب من القوى الحسية, وهذا معنى {لهم فيها ما يشاؤون} كل مشتهياتك هناك, وهنا أيضا لك {لهم فيها ما يشاءون} عندك هذه القاعدة أو ليس عندك؟ نعم هنا أيضاً موجودة {لهم فيها ما يشاءون} ولكن على أي دائرة؟ على دائرة المفهوم, {لهم فيها ما يشاءون} انت في خيالك تستطيع أن تشاء ما تريد, هناك الخيال هو الذي يكون هو الظاهر فتستطيع بهذه القوة التي كانت باطنية وصارت ظاهرية تشاء ما تريد ولكن بحسب الحمل الشائع لا بحسب الحمل الاولي, عند ذلك يتضح بان الشهوات تابعة للمشتهيات أو المشتهيات تابعة للشهوات؟ هنا الشهوات تابعة, يعني يوجد طعام في الخارج انت تشتهي, يوجد سيارة في الخارج أن تشتهي فشهواتك تابعة انت لا تستطيع أن تتصرف في المشتهيات او لا تستطيع؟ لا تستطيع أن تقلل أو تزيد أو توجد أو تعدم, هناك المشتهيات تابعة للشهوات, (كلام لاحد الحضور) لا ذاك بحث آخر ووقته سيأتي واشرحه, ولكن الآن على مستوى الشهوة.

    اذن الشهوة توجد المشتهى أو يوجد المشتهى فتشتهيه الشهوة, القوة الشهوية؟ هناك, وهنا الشهوة توجد المشتهى أو المشتهى موجود والشهوية تشتهي, أما هناك كيف يكون؟ كاملاً بالعكس, ماذا تشتهي هناك؟ انت وما تشتهي, انت في الدنيا اذهب إلى شخص عنده متر أو متر ونصف ويعمل بقالا يقول تمنى علي يقول والله لو كان عندي محل حجمه 5 أمتار كثيرا سأرتاح, لأنه واقعا كل أمله أن يتخلص من المحل القديم ويصير عنده محل اكبر, اذا عنده بيت حجمه 60 متره يقول لو كان عندي بيت حجمه 150 متره هذا يكون عندي عيد, والذي ليس عنده بيت وساكن في إيجار يقول لو عندي بيت 50 متر يكفي, أما الذي ساكن في بيت 500 متر يقول أريد بيت حجمه 1500.

    اذن كل شخص عنده هناك مشتهياته التي يشتهيها وهي امور وهمية خيالية أو امور حسية؟ هناك حسية خارجية, هنا كانت وهمية خيالية في الذهن ولكنها قائمة قيام الفعل بفاعله, يعني متقومة بصاحب الشهوة بصاحب الارادة, بصاحب الهمة, جنتك أو سع أو السيد الفلاني أو الشيخ الفلاني؟ (كلام لاحد الحضور) بحسب سعتك الوجودية من هنا, اذا تريد جنة بحجم 500 متر, اذا همتك 2000 متر اذا همتك تريد هذا فالأمر إليك, {لهم فيها } الله سبحانه وتعالى, كيف كريم, كريم بهذا المستوى, يقول فقط تمنى واشتهي هناك بإذن الله انت توجده فقط تمنى والامر إليك تريد أن تتمنى واحد أو تتمنى عشرة أو تتمنى مليون أو تتمنى ما لانهاية له, اذن كل واحد منا له هناك جنته الخاصة به, وليس جنة يقولون حي الزهراء هذا لفلان وهذا لفلان أبداً ليس بهذا الشكل لا يوجد حي الزهراء, ولا حي الزعفرانية, ولا يوجد حي الأمين, ولا حي اليرموك, حتى الاخوة بعضهم يقولون أنا بعض المناطق اعرفها وبعض المناطق لا اعرفها, ولا حي الزينبية و لا حي كذا, كله هذه ليست موجودة, يوجد جنة فلان وجنة فلان…, كم حجمها هذه, كل جنة؟ بقدر مشتهياتك, لعله السموات والارض يكون دونها بمراتب اذا انت تأتي إلى علي بن ابي طالب وتقول له تمنى على الله اشتهي على الله, يشتهي السماوات والارض, السموات  والارض كانت بيده هنا ماذا فعل بها؟ طلقها ثلاث لا قيمة لها عنده, يتمنى شيء آخر, نعم أنا وانت لأنه الدنيا لم تكن بأيدينا هنا لما يقولون تمنى, نتمنى ما يشبه الدنيا, اتضحت هذه القاعدة التي هي من أهم قواعد علم المعاد {لهم فيها ما يشاءون} ولكن الكرم الإلهي لا ينتهي, يقول بعض الناس لا يعرفون أن يتمنون علي فيقول{ولدينا مزيد} باعتبار وقف حد فكرهم المعرفة هنا بذر المشاهدة هناك, هذا البحث إنشاء الله الاخوة بإذن الله, أولاً اقرأ العبارة.

    قال: وتلك الحواس الروحانية أصل هذه الحواس الجسمانية فإذا ارتفع الحجاب بينها, يعني هذا الحجاب المادي بالانتقال أما انتقال طبيعي وأما انتقال اختياري, لا فرق بعض يَرفع هذا الحجاب وبعض يُرفع عنه هذا الحجاب, فإذا ارتع الحجاب بينها, بين الروحانية, وبين الخارجية, التفت جيدا بمقتضى القاعدة لابد أن يقول الفرع الأصل أو الأصل مع الفرع؟ الفرع مع الأصل ولكن يقول يتحد الأصل مع الفرع, لماذا يعبر أصل مع الفرع؟

    يقول: لأنه كان هناك باطنا يأخذ حكم الظاهر وليس ما كان هنا ظاهرا يأخذه هناك حكم  الباطن, لان ما كان هنا ظاهر سعة حركته ضيقة جدا كانت لأنه مرتبطة بالدنيا فإذا صار باطنا فبهذا القدر يصير, بل هو يريد أن يقول ما كان هناك باطنا وغيبا يكون ظاهرا يعني {يوم تبلى السرائر} ما كان باطنا يكون ظاهرا, يعني ماذا ظاهر؟ يعني ما كنت تفعله انت بالخيال في هذه النشأة ومدركه المتخيل أو الامور المتوهمة هناك تدرك به ما كنت تدركه بالحواس, ومُدركه الامور الخارجة عنه لذا قال: فيشاهد بهذه الحواس, أي حواس؟ الحواس الباطنية, فيشاهد بهذه, لماذا عبر هذه؟ لأنه بعد ارتفاع الحجاب تصير هذه هي الظاهرة, فيشاهد بهذه الحواس الباطنية ما يشاهد بها, ما كان يشاهد بها بالحواس الظاهرية, اتضح المعنى.

    هذا المعنى بشكل واضح أشار إليه شيخنا الاستاذ حسن زادة في عيون مسائل النفس في 713 : عين, 85 , عين في أن الخيال في الآخرة يصير عين الحس وليس أن الحس في الدنيا يصير عين الخيال, ليس هذا يصير ذاك, لا ذاك يصير هذا يعني ما كان هنا مدركا بالحس ومنشأ الأثر الخيال يوم القيامة يأخذ حكم الحس ويكون له هذه الآثار, اتضحت هذه الحقيقة, اقرأ هذه العبارة المهمة.

    هذه ينقلها عن صدر المتألهين قال: واعلم أن النفس ما دامت متعلقة بالبدن كان أبصاره بل إحساسه مطلقا غير تخيله, القوى الظاهرية غير القوى الباطنية, لانها في الاول, يعني الظاهرية, تحتاج إلى مادة خارجية وشرائط مخصوصة, أما في الثاني فلا تفتقر إلى ذلك, فلهذا سعة حركتها قوية جدا ولكن مع الاسف الشديد هنا كانت, أي الخيال, كان ضعيف, يستطيع أن يُنشأ على حد المفهوم, على حد هذه الصور, هذه الصور لها اثر أو ليس لها اثر؟ هناك يقوى الخيال ويكون بمنزلة الحس, فأثره أيضاً يكون بمنزلة المحسوسات الخارجية, كيف هنا المحسوسات الخارجية تؤثر هناك  أيضاً محسوسات, لذا تفهم لماذا أن القرآن يقول {وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة} انت جنابك تتصور ناظرة أي نظر؟ هذا النظر الباطن صار ظاهر قال{وجوه يومئذ ناظرة} قال{ربي لما حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا} هو أي بصر يقول؟ يقول البصر الظاهري ليس له في الدنيا مع أن ذاك انتهى صار مكانه الباطني وهو بالباطن يقوم بنفس الدور الذي كان يقوم بالظاهري ويرى أعمى يتصور بأنه هو هذا الذي كان في الدنيا مع انه ليس كذلك, لا ادري استطعت أن أوصل هذه الحقائق للاخوة.

    قال: فلا يبقى الفرق بين التخيل والاحساس إذ القوة الخيالية وهي خزانة الحس قد قويت وخرجت عن غبار البدن وزال عنها الضعف والنقص واتحدت القوى ورجع إلى مبدأها المشترك فتفعل النفس, التفتوا هذا محل الشاهد في هذه الجملة, فتفعل النفس بقوتها الخيالية ما تفعلها بغيرها, يعني قواها الظاهرية, هذه الخيال تستطيع أن تتصرف في المحسوسات كما كانت الدنيا فقط كانت تتصرف في عالم الخيال, في عالم الصور, وفي عالم المحسوسات الخارجية ما كانت تستطيع أن تتصرف, وترى بعين الخيال ما كانت تراه بعين الحس, وليس ترى بعين الحس ما كانت تراه بعين الخيال بل الخيال يقوى يصير بمنزلة البصر الحسي,  وصارت قدرتها وعلمها وشهوتها شيئا واحد, بعد ليس العقل العملي غير العقل النظري, التفتوا, ليس العقل العملي غير العقل النظري, يعني القدرة التي هي العقل العملي والقدرة التي هي العقل النظري شيئا ماذا؟ نفس العلم بالشيء هو القدرة عليه.

    وشهوتها شيئا واحد فإداركها للمشتهيات نفس قدرتها عليه وإحضارها إياها عندها بل ليس في الجنة الا شهوة النفس ومراداتها, قال تعالى{فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين} ولكن هذه أعين الخيال التي صارت حسية.

    قال: يتحد الأصل مع الفرع فيشاهد بهذه الحواس الباطنية ما كان يشاهد بالحواس الظاهرية والروح يشاهد جميع ذلك بذاته, بينا فيما سبق أن المراد من الروح يعني مرتبة العقل, اخواني الاعزاء في جملة واحدة الفرق البين الروح الانساني بحسب اصطلاح العرفاء هذه قواعد أحفظوها لانها تنفعكم كثيرا, الفرق بين الروح الانساني والقلب الانساني بحسب اصطلاح العرفاء كالفرق بين الاحدية والواحدية, اذا تتذكرون في الاحدية قلنا مقام الاستهلاك, مقام الاجمال, مقام البساطة, أما في مقام الواحدية مقام الكثرة, مقام التفصيل, هنا لما يقولون روح مرادهم مقام الاجمال, عندما يقولون مرادهم مقام التفصيل, كالأحدية والواحدية, والروح يشاهد جميع ذلك بذاته لان هذه الحقائق جميعا التي هي مفصلة في مرتبة القلب وعلى مستوى الحواس, لان هذه الحقائق تتحد في مرتبة الروح كما مر, لان مرتبة الروح هي مرتبة الاجمال, كما مر من أن الحقائق كلها في العقل الاول متحدة, لذا انتم تجدون عندما نصل إلى الحق سبحانه وتعالى, هو عمل كله, هو سمع كله, هو بصر كله, كذلك مرتبة الروح سمع, وبصر, وعلم, وقدرة, إلى آخره, وهذه المكاشفات, يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/02/24
    • مرات التنزيل : 1498

  • جديد المرئيات