بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قال: أولها ظهور المعاني في القوة المفكرة من غير استعمال المقدمات وتركيب القياسات بل بان ينتقل الذهن من المطالب إلى مباديها ويسمى بالحدس, ثم في القوة العاقلة إلى آخره.
كان الكلام في اقسام ومرات الكشف المعنوي قلنا بان الكشف عموما ينقسم إلى كشف صوري والى كشف معنوي وأساساً إذا يتذكر الإخوة نحن قلنا بان الكشف إنما يبدأ من حيث الاستدلال حتى يتضح الفرق بين وظيفة وطريق العارف لكشف الحقائق وطريق الحكيم والفيلسوف والمتكلم والمحدث للكشف عن الحقائق, في النتيجة توجد هناك مجموعة من الحقائق التي يريد الإنسان التوفر عليها وهناك طريق يبدأ من خلال الاستدلال اعم من أن يكون الاستدلال استدلالا نقلياً من الآيات والروايات أو أن يكون الاستدلال استدلالا عقليا من خلال الحدود الوسطى, في النتيجة هناك مجهول نريد أن نصل إلى أين يكون معلوما فنحتاج إلى حد أوسط, هذا الحد الأوسط تارة يكون من الكتاب والسنة وأخرى يكون, يعني مضمونه, أما أن يكون نقليا وأما أن يكون عقلياً, إذا انتهى الاستدلال أي نوع من أنواع الاستدلال إذا انتهى الاستدلال يبدأ الكشف, الآن اعم من أن يكون كشفا صوريا محضا, أو كشفا صوريا متضمناً لمعنى, أو كشفا معنويا محضا, وذكرنا في الابحاث السابقة أن الكشف أيضاً أما أن يصل الإنسان إليه أداته أو يكون منتجا لعين اليقين أو منتجا لحق اليقين, أما ذاك فانه ينتج عندنا علم اليقين, على هذا الاساس في الابحاث السابقة نحن بينا ما هي اقسام الكشف ومراتب الكشف الصوري, الآن في هذا اليوم نريد أن نبين مراتب الكشف المعنوي, إذا يتذكر الإخوة في البحث السابق قلنا تارة في الكشف المعنوي تارة يظهر عند الإنسان معنى من المعاني وأخرى يظهر عند الإنسان حقيقة من الحقائق وليست صورة إذا صار صورة يرتبط بالكشف الصوري والآن نحن نتكلم في الكشف المعنوي, في الكشف المعنوي تارة يظهر وينكشف عند الإنسان معنى من المعاني وأخرى ينكشف عند الإنسان حقيقة من الحقائق وميزنا في البحث السابق بين المعنى وبين الحقيقة, قلنا المعنى من قبيل المفهوم من قبيل المعاني التي توجد في الذهن, والمصداق من قبيل الحقائق الخارجية, صار واضحا هذا التقسيم الأول.
قال: وأما الكشف المعنوي هو ظهور المعاني الغيبية, إذن يتضح بأنه ليس مطلق المعنى بشرط أن يكون من المعاني الغيبية, يعني لا يكون من الامور الحسية ومن الامور المرتبطة بعالم الشهادة بل يكون من الامور أو المعاني الغيبية والحقائق العينية, إذا كان الامر كذلك فللكشف المعنوي مراتب, ضعوا ذهنكم معني, يشير هنا مراتب ست, المرتبة الاولى يقول ظهور المعاني في القوة المفكرة, المرتبة الثانية ظهور المعاني في القوة العاقلة, المرتبة الثالثة ظهور المعاني في مرتبة القلب, المرتبة الرابعة ظهور المعاني في مرتبة الروح, المرتبة الخامسة ظهور المعاني في السر, المرتبة السادسة ظهور المعاني في الخفي, المرتبة السابعة ظهور المعاني في الأخفى, طبعا هو يكتفي إلى المرتبة السادسة وهو السر, هذا يكشف لنا بان النفس الانسانية لها (كلام لاحد الحضور) احسنتم, انت قد على مستوى البحث الفلسفي, على مستوى البحث الكلام تذكر لي مرتبة, مرتبتين, ثلاث, أربع, تقول عندي خيال, عندي وهم, عندي عاقلة, عندي حس مشترك وغير ذلك, ولكن عند العرفاء عندما يأتون إلى مراتب النفس يقسمونها إلى ماذا؟ هي المعروفة بالمراتب السبع, هذه المراتب السبع هي التي يعبر عنها بالمفكرة, أو يعبرون عنها بعض الأحيان بالنفس, بالمفكرة, بالعاقلة, والقلب والروح, والسر, والخفي, والأخفى, جيد.
إذن: معنى من المعاني الغيبية, التفتوا أحفظوا المقسم, معنى من المعاني الغيبية قد يظهر في المفكرة, وقد يظهر في العاقلة, إذا ظهر في المفكرة أو العاقلة فما الفرق بينه وبين البحث الفلسفي؟ هناك أيضاً معاني تظهر للفيلسوف في مرحلة العاقلة التي هي تدرك الكليات أو في مرحلة المفكرة التي قد تدرك الجزئيات, ما الفرق إذن بين الكشف وبين الحكيم, بين العارف وبين الحكيم في هذه المرتبتين فقط, يعني في مرتبة المفكرة وفي مرتبة العاقلة؟ الجواب: التفتوا جيدا, وهو الحكيم أي معنى من المعاني وصل إليها سواء كان معنى كليا أو كان معنى جزيا إنما يصل إليه بعد الاستدلال يعني بعد ترتيب المقدمات للوصول إلى المطلوب, أما العارف يصل أيضاً إلى هذه الحقائق إلى نفس المعنى سواء كان جزئيا أو كان كليا ولكن من خلال الاستدلال أو غير استدلال؟ قد يكون نفس المعنى, يعني بعبارة أخرى قد يكون مفهوما, قد يكون صورة ذهنية وجودا ذهنيا, التفتوا اخواني الاعزاء قد يكون المعنى ليس حضوري, ليس عين اليقين, ليس حق اليقين, لا لم يكن وإنما هو علم اليقين ولكنه بعد حجاب الاستدلال والحد الأوسط أو بلا استدلال وبلا حد أوسط أي منهما؟ وهذا هو الفارق بين الحكيم وبين العارف, ومن هنا تجد أن العارف يسمي الفيلسوف والحكيم يعبر عنهم محجوب وحجابه الحد الأوسط حجابه الاستدلال, تأنيسا للمحجوبين لان هؤلاء وصلوا إلى المعنى ولكن وصلوا إليه بالواسطة من خلال الحد الأوسط, فصار الحد الأوسط حجابا للوصول إلى تلك الحقيقة, لذا تجدون الآن أبين ما هو الفرق بين المفكرة وبين العاقلة, الآن أنا أريد أن أبين الفرق بين الحكيم وبين العارف.
قال: ظهور المعاني في القوة المفكرة ولكن من غير استعمال المقدمات وتركيب القياسات, والا إذا ظهر معنى من المعاني في المفكرة من خلال استعمال قياسات وتركيب مقدمات ولو وصلت إلى نفس ذلك المعنى الذي وصل إليه العارف يسمى كشفا أو يسمى استدلالا؟ هذا لا يسمى كشف, متى يسمى كشف؟ إذا كان من غير استعمال المقدمات وتركيب القياسات, من أين؟ يصل إلى المطلوب ومن خلال المطلوب يصل إلى الحد الأوسط, لا يصل إلى الحد الأوسط ومن خلال الحد الأوسط إلى المطلوب, انتم تعلمون انه عموما في عملية الاستدلال انه تطرأ عندنا قضية معلومة لنا بنحو الاجمال ولكن نريد أن نستدل على صحتها أو عدم صحتها فنذهب من المطالب, هذه الحركة الاولى, إلى المبادي ثم من المبادي إلى المطالب, المطالب الأولى يعني المعلومة إجمالاً, والمطالب الثانية يعني المعلومة تفصيلا, فمن هو الذي يقع حدا أوسط بينها هذا الحد الأوسط هو الذي أوصلنا من المطالب المجهولة إلى المطالب المعلومة تفصيلا هذا في علمية الاستدلال, أما في الحدس القضية كاملا معكوسة يصل إلى المدلول إلى المطلوب ومن خلال المطلوب يصل إلى الدليل, وليس من خلال الدليل يصل إلى المدلول بل من خلال المدلول يصل إلى الدليل, إذن هذا يعد كشفا أو يعد استدلالا؟ إذا كان من خلال الدليل إلى المدلول يسمى استدلال وهو وظيفة الحكيم, إذا انتهى من خلال المدلول إلى الدليل يسمى كشفا, وان كان المعنى معنى عام حصولي من المعاني من المفاهيم الموجودة في الذهن.
اضرب لك مثال: هذا المثال كثيرا لطيف ولعله عملي أيضاً, أنا عندما راجعت الروايات الموجودة في الكوثر, انتم تعلمون الواردة في الكوثر{إنا أعطيناك الكوثر} الكوثر له مصاديق في الدنيا وله مصاديق في الآخرة, عندما راجعت الروايات الواردة في الكوثر وجدت أن الروايات الواردة في البحار على قسمين, طبعا عندما اقول على قسمين بعدما عرفت النتيجة والا لما راجعت الروايات وجدت مجموعة من الروايات تعبر أن الكوثر نهر في الجنة وهذا باتفاق الفريقين وهذا يعني انه ليس من طرقنا فقط بل من طرقهم وارد كذا, وانه على حافتيه قصور النبي وذرية النبي وأولاده وغير ذلك وانه أحلى من العسل وانه كذا, وهناك مجموعة أخرى من الروايات قالت انه الكوثر عليه أواني بعدد نجوم السماء وانه يشرب منه من والى عليا وأهل بيته ويذاد عنه بتعبير الامام الباقر >فبين وارد يومئذ وبين مصروف< يعني الناس بالنسبة إليه طبقتين, اخواني الاعزاء في النتيجة هذا الكوثر داخل الجنة أو خارج الجنة؟ واقعا إذا انظرنا إلى الروايات التي تقول نهر في الجنة فهو معناه داخل الجنة فهل يعقل أن الناس بالنسبة إليه بين مصروف ووارد أو لا يعقل؟ لا يعقل لماذا؟ لأنه موالي ومعادي هذا قبل الدخول إلى جنة, فماذا نفعل بالطائفة الثانية من الروايات التي تقول بأنه عليه أواني كذا وأمير المؤمنين واقف عليه ويصرف عنه أعدائه ويسمح لأولياءه لا غير ذلك, فماذا نفعل بهاتين الطائفتين من الروايات؟ (كلام لاحد الحضور) هذا وجه, واقعا الآن مجموعة من الروايات لا يوجد وقت لان اقرأها ونصوص الروايات واحدة منها >فبين وارد..< أصلاً ليس هذه الروايات الروايات التي أنا واقف على الحوض فأريد أن أناول أصحابي أو اصُيحبائي يقولون لا تعلم ما أحدثوا بعدك فأنهم ارجعوا القهقرى, هذا باتفاق الفريقين واردة هذه الروايات فهذا داخل الجنة أو خارج الجنة؟ (كلام لاحد الحضور: خارج الجنة) إذن كيف نوجه انه نهر في الجنة أساساً من ساق العرش هذه كيف وتلك كيف؟ التفت جيدا, عندك طريقين:
الطريق الأول العقل والعقل هنا يستطيع أن يتكلم أو لايستطيع لانها امور جزئية والامور الجزئية يمكن للعقل أو لايستطيع.
الطريق الثاني: أن تذهب إلى النقل هنا الحمد لله رب العالمين هنا قواعد التعارض بين الأدلة هنا يجري أو لا يجري, عام, وخاص, ووارد, ومورود, ومطلق, ومقيد, هنا يرد أو لا يرد؟ النظر إلى السند هذا كله البحث بحث مضموني ماذا نفعل, الآن عندك روايات من هذين وهي روايات تقريبا مستفيضة أن لم اقول متواترة من الفريقين فماذا نفعل (كلام لاحد الحضور) تسنيم هذا عين في الجنة اقول يصرف أعدائه, أعداء أهل البيت يدخلون الجنة > اُصيحبائي لا تعلم ما أحدثوا بعدك< هؤلاء يدخلونهما الجنة ولكن لا يعطوهم تسنيم إذا كان هكذا تتبرع كثيرا جيد تدخلهم الجنة ولكن تقول لا نعطيكم تسنيم نعطيكم مخلوط, ما هو الوجه يأتي في ذهنكم أو لا؟ (كلام لاحد الحضور) هذا وجه, أنا أريد أن أبين هنا يوجد طريقين:
طريق كشفي وهو انه بعد أن يقرأ الروايات يلقى إليه طريق الجمع بينها.
وطريق نقلي يذهب إلى الروايات ليرى بان أهل البيت ^حلوا هذه المشكلة أم يحلوا هذه المشكلة؟ أنا واحد من الناس لأنه أردت أن اطرح هذه القضية أشغلتني كثيرا فلم أجد لها الا حلا وآحاد وهو انه الكوثر نهر في الجنة ولكن أن هذا النهر مستمر الجريان إلى أن يصب في حوض في باب الجنة خارج الجنة ولذا عبرت الروايات نهر وعبرت حوض, ومن الواضح فرق كبير بين النهر وبين الحوض, وميزت بينهما حيث جعلت النهر بلا أواني وجعلت الحوض مع الاواني, يعني النهر هو الذي يشرب منه أو الحوض هو الذي يشرب منه و لا يشرب؟ إذن يتضح الجمع بين الروايات: وهو نهر يبدأ من ساق العرش, من سلسبيل من تسنيم من… إلى غير ذلك ويستمر إلى أن يخرج إلى المحشر ولكن عند باب الجنة لدخول الناس إلى الجنة, فمن هو من أهل الجنة يسمح له يشرب منه {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} ومن هو ليس من أهل الجنة يصرف عنه, هذا عبر عنه انت كشف ولكن هذا الكشف كشف صوري؟ هذا ليس كشف صوري, لماذا؟ لأنه لم يحصل حق اليقين أو عين اليقين بالنسبة إلى صورة من الصور وإنما معنى من المعاني, المعاني جزئية أو كلية؟ هذا المعنى الذي أقوله معنى جزئي أو كلي؟ معنى جزئي إذن مرتبط بغير العاقلة, أنا الآن بعد أن انتهيت إلى هذه النتيجة ووجدت حلا مناسبا له سبحان الله عندما راجعت الروايات ودققت فيها وجدت رواية واحدة تشير إلى هذه النقطة ولو أشارة, انظروا إلى هذه الراوية القيمة الواردة عن الامام أمير المؤمنين قال: أنا مع رسول الله ومعي عترته على الحوض, تعابير مختلفة مرة حوض ومرة نهر, فمن أرادنا فليأخذ بقولنا وليعمل بعملنا فان لكل أهل بيت نجيبا ولنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة فتنافسوا في لقائنا على الحوض فانا نذود عنه أعدائنا ونسقي منه أحبائنا واوادائنا, إذن من الواضح أن هذا الحوض في الجنة أو خارج في الجنة؟ محال أن يكون داخل الجنة لأنه نذود عنه أعدائنا, ومن شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً, التفت, حوضنا فيه مثعبان, في الحاشية يقول مثاعب المدينة مسائل مائها المسيل الذي يسيل منه, يقول فيه مثعبان, مسيلان, ينصبان من الجنة احدهما من تسنيم والآخر من معين.
إذن: يظهر أن ذاك الذي فهمته من المعنى وان لم يكن حق اليقين ولا عين اليقين, مع الاستدلال وصلت إليه أو بلا استدلال؟ بلا استدلال, ليس انه قرأت الرواية لأنه إذا قرأت الرواية يكون طريق الاستدلال أما استدلال نقلي أو عقلي, إذا وفق الإنسان أن يرى هذه الحقيقة فماذا يصير؟ أما أن يكون عين اليقين وأما أن يكون حق اليقين, اتضح المعنى.
إذن: على هذا الاساس اخواني الاعزاء أدنى مراتب الكشف المعنوي هو أن توجد عند الإنسان معاني غيبية من غير الحد الأوسط من غير الاستدلال هذه المرتبة الاولى من مراتب الكشف المعنوي.
المرتبة الثانية: وهو انه معنى من المعاني لا يلقى إلى المفكرة وإنما يلقى إلى العاقلة, هنا معناه أن العاقلة معنى كلي مع الاستدلال أو بدون استدلا؟ إذا كان مع الاستدلال يكون كشفا أو يكون استدلالا, يكون عرفان أو يكون حكمة؟ التفتوا جيدا, اتضح المعنى إلى هنا, طبعا هذا البيان لا في كلمات شيخنا الأستاذ ولا في كلمات الشيخ جوادي وارجوا الله سبحانه وتعالى أن يكون فهمي لمطالب القوم إنشاء الله صحيحا, هذه المرتبة الثانية, يوجد بعض التعليقات اقرأها.
المرتبة الثالثة: القلب, ماذا قلنا سابقا في تعريف القلب لنرجع إلى صفحة 53 ماذا قال عن القلب؟ يقول: وما يسمى بالنفس المجردة الناطقة يسمى عند العرفاء بالقلب بشرطين إذا كانت الكليات مفصلة أولا وشاهدة إياها شهود عيانياً.
إذن: في مرتبة القلب أولا يوجد تفصيل أو يوجد كليات؟ تفصيل, ثانيا: علم اليقين مفهوم معنى, مشاهدة المعنى, بعبارة أخرى الوقوف على المعنى ولو مفهوما أو الوقوف على المعنى شهودا أي منهما؟
بعبارة أخرى: انت تفهم معنى الغضب وأخرى انت شاهد لأنك انت الآن غضبان, الغضب موجود عندك وجدانا, مرة تعبر عن نفسك أنا مجرد, ومرة انت تجد وتشاهد تجرد نفسك, طبعا ما الفرق بين المثال الأول والمثال الثاني, المثال الأول مرتبط بمشاهدة المعنى والمثال مرتبط بمشاهدة الحقيقة, اتضح المعنى.
إذن: ما الفرق بين المفكرة والعاقلة والقلب (كلام لاحد الحضور) احسنتم أهم قضية هي هذه, في المفكرة والعاقلة يوجد عندنا إدراك ولكن من غير توسيط الاستدلال أما هناك في القلب أيضاً يوجد إدراك ولكن إدراك على نحو العلم الحصولي أو الشهودي؟ والا هذه جميعا متفقة فيما بينها انه لا يوجد حد أوسط, الفرق بينها انه حق اليقين أو عين اليقين, اتضح المطلب.
إذن على هذا الاساس عندما ننتقل إلى المرتبة الرابعة من مراتب النفس وهي الروح أيضاً مشاهدة ليس إدراك حصول ليس معنى من المعاني كادراك الحصول وإنما كمشاهدة حضورية, ولكن مشاهدة أما المعنى وأما الحقيقة كلية أو جزئية؟ كلية لأنه لما ذكرنا فيما سبق أن الفرق بين الروح والقلب الاجمال والتفصيل في القلب يراها مفصلة وفي الروح يراها مجملة, واضح صار المعنى إذا يوجد هنا سؤال قبل أن أطبق العبارة اسألوا؟
(كلام لاحد الحضور) لماذا يقدم هو يبدأ من أدنى المراتب أدنى المراتب الروح؟ لا, يتقدم من أدنى المراتب لأنه بعد ذلك يقول هي أدنى مراتب الكشف, أدنى المراتب يعني فهم المعنى فهما حصوليا كمعنى من المعاني الجزئية, فهم المعنى كمعنى من المعاني الكلية, ثم مشاهدة المعنى كمعنى من المعاني تفصيلا أو مشاهدة معنى المعاني إجمالاً, اتضحت هذه هي مراتب الكشف الاربعة, وهي ما يعبر عنها بالنفس, والعقل, والقلب, والروح, أو التي عبر عنها هنا بالمفكر, والعاقلة, والقلب, والروح, اتضح هذا المعنى.
هنا يوجد بحث قيم إذا وفقنا الله تعالى نشير إليه في آخر هذا الفصل وهو انه هذه هل يمكن ربطها بعملية الاسفار الاربعة أو لا يمكن ربطها يعني هذه المراتب الأربع وهي الكشف النفسي, والكشف العقلي, والكشف القلبي, والكشف الروحي, هذه مرتبطة بالسفر الأول أو الأول والثاني, ثم المقامات الثلاثة والمراتب الثلاثة الأخرى مرتبطة بالسفر الثاني أو بالسفر الثالث أو بالسفر الرابع لعله إنشاء نوفق ونتكلم في هذا البعد.
قال: أولها ظهور المعاني في القوة المفكرة, اخواني ما هي المفكرة؟ بنحو الاجمال أنا أتذكر أن هذا المطلب مرارا بينته للاخوة ولكن أشير إليه, إذا تتذكرون قلنا نحن عندنا الحس المشترك الذي هو يأخذ من الحواس الخمس, هذا الحس المشترك لما يأخذ ما هو خزانته؟ الخيال, يعني كل ما يأخذ من صورة من صوت من كذا أين يخزنها؟ يخزنها في الخيال هذا واحد.
اثنين: عنده وهم وهو المدرك للمعاني, الحس المشترك مدرك للصور الجزئية وخزانته الخيال, الوهم مدرك للمعاني الجزئية وخزانته الحافظة كما تعلمون, الحافظة هي التي يخزن فيها المعاني الجزئية والعقل وهو المدرك للمعاني الكلية وخزانته العقل الفعال أو العقول المفارقة انتهينا.
السؤال هنا: عندنا متصرفة هذه المتصرفة ما هو عملها؟ هذه المتصرفة قوة من القوى خلقها الله سبحانه وتعالى لها وجهان وجه مرتبطة بالحافظة, ووجه بالخيال يعني يستطيع أن يأخذ من المعاني الجزئية ويستطيع أن يأخذ من الصور الجزئية لأنه الخيال خزانة الصور الجزئية والحافظة خزانة المعاني الجزئية وهو جالس بينهما, ما معنى بينهما؟ يعني له وجه إلى المعاني ووجه إلى الصور الجزئية وله القدرة, التفتوا, على أن يأخذ معنى جزئي ويحاكيه ويصوره بصورة جزئية على سبيل المثال: يأخذ الغضب أو يأخذ الحسد أو الحقد, يريد أن يصوره في الخيال ماذا يعطيه من صورة؟ يعطيه صورة وردة أو صورة الذئب أو الحيوانات السبعية أي منهم؟ وكذلك الحب يعطيه صورة مناسبة إلى هذا المعنى وهكذا, لا ادري اتضح المعنى.
التفتوا جيدا وهذه المتصرفة هي المنشأ للتأليفات, للشعراء, للكتاب, للمتكلمين, للنحات, للقاصين, للرسامين, للنحاتين, هذه كلها عمل المتصرفة, فإذا كانت المتصرفة دقيقة لطيفة عميقة واقعا عندما تتكلم تتكلم بأقل الكلام ولكن توصل أعلى المعاني, أما إذا كانت بتعبيرنا (تعبانه مريضة) ضعيفة ترى مولانا 55 صفحة تريد أن تخرج منها مطلب واحد ماذا يريد أن يقول, أو يتكلم ساعتين ونصف في النتيجة هذا المطلب الذي يريد أن يوصله لك ما هو المعنى, تستطيع أن تصل أو لا تستطيع؟ لا تستطيع, هذا الضعف اين؟ في المتصرفة, يريد أن يكتب كتابا ترى شخص يكتب سطرين ولكن يوصل لك المعنى ولكن أعطي هذا المعنى بيد شخص آخر يكتب عشرين صفحة ولكن النتيجة لا يوصل لك المعنى, اتضح المعنى.
من هنا قال: أن هذه القوة اذا صارت تحت حاكمية العقل تسمى مفكرة ومتفكرة, وإذا صارت تحت حاكمية الخيال تكون متخيلة, لا ادري اتضح هذا أو لا, لنرى اشتبهنا أو لا ؟ عفوا ليس تحت الخيال وإنما تحت الوهم يعني الواهمة التي هي عادة يقال شيطانية, لا ادري اتضح أو لا؟
اذن: تحصل إلى هنا عندما يقول ظهور المعاني في القوة المفكرة, يعني هذه القوة اذا صارت تحت تدبير العقل مرة المعنى هنا يظهر في المتصرفة, لماذا يظهر في المتصرفة ولا يظهر في العاقلة؟ بسبب انها اذا كانت جزئية تظهر هنا أما اذا كانت كلية تظهر في الكلية في العاقلة, الاخوة اذا يريدون يراجعون هذه البحث يراجعونه بالإمكان مراجعته في عيون مسائل النفس في صفحة 442, يعني في العين الثلاثين عين في الحواس الظاهرة والباطنة هناك عنده بحث قيم تحت صفحة 442 يقول إلى آخره وعنده هنا بحث قيم, يقول: وكل من الحِرَف والصنائع والآثار القلمية وغيرها يصدر من الإنسان فهي اولا يعمل ويصطنع في المتصرفة ثم على وزان ما صنع فيها يصدر في الخارج, ولو لم يستدل بالآية لكان كثيرا ألطف يقول{كل يعمل على شاكلته} ثم يشير إلى هذا لمطلب الذي اشرنا إليه فترى انسانا ينشأ مطلبا علميا بعبارات طويلة وأمثلة كثيرة لكن لا يؤدي في آخر الامر مراده حق التأدية, وتارة ينشأ ذلك المطلب بعبارة وجيزة كأنه يريك صحيفة نفسه عند ذلك تفهم لماذا قال: أوتيت جوامع الكلم وأوتي علي جوامع العلم, لماذا؟
باعتبار أن هؤلاء هذه القوة المتصرفة فيهم أقوى ما يكون في أي موجود آخر, طبعا ليكون في علمكم هذه القوة المتصرفة كثيرا نافعة وكثيرا مضرة في بعض الاحيان لأنه انت قد العاقلة تصل إلى معنى فعندما تريد أن تستدل لا بد أن تتوسل بالمتصرفة, بالمتصرفة تقول هذا الحد الأوسط اين استدل عليه, فإذا كانت المتصرفة ضعيفة يستطيع أن يثبت مدعاها أو لا يستطيع؟ يبقى حائر, وقد يكون بالعكس المعاني الكلية لا يستطيع أن يدركها ولكن عنده مفكرة عنده وقوة متصرفة قوية جدا بمجرد انه اذا استطعت أن توصل إليه المعنى بالبديهة يقيم الدليل عليها على سبيل المثال الشعراء, انتم ترون عموم الناس إدراكهم للمعاني الكلية قوي أو ضعيف؟ ضعيف, ولكن اذا أدرك معنى من المعاني وكان شاعرا مباشرة ألف تشبيه, وألف مثال, وألف كناية, يوصل لك المعاني, انتم رأيتم بعض الناس المعاني الكلية لا يدركها ولكن سريع البديهة اذا أدرك معنى يستطيع أن يستدل عليه والعكس بالعكس قد يكون إدراكه للمعاني الكلية جيد ولكن قوته المتصرفة ضعيفة.
قال: اولا ظهور المعاني في القوة المفكرة من غير استعمال المقدمات وتركيب القياسات بل أن ينتقل الذهن من المطالب إلى مباديها, التفتوا جيدا ليس ينتقل من, هذه المطالب المعلومة التفصيلة وليس المطالب المجهولة, يعني ينتقل من المدلول إلى الدليل وليس مثل هناك ينتقل من المجهول إلى المبادي ومن المبادي إلى المطالب, بعبارة أخرى هنا توجد حركتان أو حركة واحدة؟ حركة واحدة.
قال: بان ينتقل الذهن من المطالب, يعني من المدلول إلى مبادئها, ويسمى عندهم بالحدس, ثم ظهور المعاني في القوة العاقلة, لم يقل ثانيها وثالثها, ثم, يعني ثانيها مع انه كانت مراتب يبغي أن يقول أولها أو أولاها؟ المرتبة الاولى, المرتبة الثانية, وليس المرتبة الاول, لا بد أن يقول أولاها, ثانيها, ثالثها, إلى آخره.
ثم في القوة العاقلة المستعملة, لمن؟ قلنا أن العاقلة اذا استعملت المتصرفة تكون مفكرة, ثم في القوة العاقلة المستعملة للمفكرة وهي, أي القوة العاقلة, قوة روحانية غير حالة في الجسم وتسمى القوة العاقلة بالنور القدسي ويعد الحدس من لوامع انوار هذا النور القدسي.
اذن على هذا الاساس ظهور المعنى في المفكرة أدنى أو أعلى؟ يكون أدنى لان العاقلة أعلى؟ لا هذه من لوامعها هذه من شؤونها.
قال: والحدس من لوامع انوار النور القدسي وذلك ,مع الاسف الشديد, أن القوة المفكرة جسمانية عند هؤلاء كما هو مبنى جملة من المشائية, مع انه عند مبنى الحكمة المتعالية هذه القوى جميعها ما هي؟ مجردة.
وذلك لان القوة المفكرة جسمانية فيصير, أو فتصير هذه القوى الجسمانية, حجابا ما للنور الكاشف, هذا الكاشف هو النور القدسي, فتصير حجابا ما للنور الكاشف عن المعاني الغيبية, يعني المعاني المتعلق بالكاشف, فهي, القوى المفكرة, أدنى مراتب الكشف, وهو حصولي أو شهودي؟ حصولي, ما الفرق بينه وبين الاستدلال؟ انه في الاستدلال يوجد حجاب ولكن هنا يوجد أيضا نحو من انحاء الحجاب ولكن حجاب الحد الأوسط غير موجود, اتضح.
تعالوا معي إلى صفحة 200 من الكتاب هذه النقطة اشرنا إليها في أول أبحاثنا واشرنا إليه في هذا الكتاب في آخر هذه الصفحة هكذا يقول: فعلوم الأولياء والكمل غير متكسبة بالعقل, يعني ليس بالاستدلال, ولا متسفادة من النقل, يعني لا الحد الأوسط للاستدلال العقل ولا الحد الأوسط في الاستدلال النقلي, بل مأخوذة من الله معدن الأنوار ومنبع الأسرار, وآتيناهم بالمنقولات فيما بينوه إنما هو استشهاد لما علموه, وإثباتهم المعاني بالدلائل العقلية تنبيه, لمن؟ لماذا يسمى الفيلسوف محجوبا؟ لأنه لا يصل إلى المدلول إلا بعد المشي بعد الحد الأوسط الذي هو الدليل فلهذا يكون المدلول محجوبا بالحد الأوسط.
قال: أدنى مراتب الكشف ولذلك قيل الفتح, الآن لا ندخل في الفتح لان الفتح له اقسام متعددة, الفتح المبين, الفتح القريب, الفتح المطلق, {اذا جاء نصر والفتح} {أنا فتحنا لك فتحا مبينا} {نصر من الله وفتح قريب} والفتح على قسمين المراد من الفتح هنا الكشف.
قال: ولذلك قيل الفتح على قسمين فتح في النفس, التفتوا جيد, فتح في النفس, اذن ما يرتبط بالقوى المفكرة يسمى نفس الذي هو الحدس ماذا يسمى نفس والذي أدنى مراتبه الكشف هي في مرتبة النفس, ثم في مرتبة العقل, ثم في مرتبة القلب, ثم في مرتبة الروح.
قال: فتح في النفس وهو, هذا الفتح النفسي, وهو يعطي العلم التام نقلا وعقلا, ما هو معنى نقلا وعقلا؟ نحن عندنا نستدل هنا؟ نحن قلنا بأنه الاستدلال النقل والاستدلال العقلي هذا داخل في مراتب الكشف أو غير داخل؟ ما هو مقصوده؟ (كلام لاحد الحضور) يعني ما يثبت يعني ما يعطي العلم التام نقلا وعقلا (كلام لاحد الحضور) هذا لا ادري هذا من اين طلع, يقول وهو, الفتح النفسي, يعطي العلم التام إلى نقلا وعقلا, هذا إنشاء يبقى إلى غد.
والحمد لله رب العالمين.
