نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (131)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: وأيضاً الوحي من خواص النبوة لتعلقه بالظاهر والإلهام من خواص الولاية.

    مقدمة كما أشرنا في البحث السابق أن للوحي إطلاقين الاطلاق الأول بالمعنى العام, الاطلاق الثاني بالمعنى الخاص, وإنشاء الله تعالى بعد سيتضح بالإشارات أن الإلهام أيضا له إطلاقان إطلاق بالمعنى وإطلاق بالمعنى الخاص, الآن نتكلم نحن في النبوة أو بالوحي بالاطلاق الخاص, وهو من خواص النبوة كما هو واضح ونتكلم في الإلهام بالاطلاق الخاص الذي هو من خواص الولاية, هنا يقول بان الوحي من خواص النبوة, أي نبوة المراد منها هنا؟ الجواب أيضا النبوة بالمعنى المصطلح, ما هي النبوة بالمعنى المصطلح؟ يعني النبوة التشريعية, النبوة التي هي للتشريع, النبوة التي يجب على من بلغه ذلك التشريع أن يمتثل لأوامر ذلك المشرع هذه هي النبوة التشريعية, يعني أن صحاب النبوة التشريعية يأتي بتشريع يجب على الآخرين أن يقتدوا به وان يلتزموا وان يمتثلوا لأوامره و لا يمكنهم لم كانوا في زمان ذلك التشريع لا يمكنهم لمن كانوا في زمان ذلك التشريع الخروج عن ذلك التشريع على تلك التشريعات, هذه النبوة التشريعية, اخواني الاعزاء بناء على هذا المعنى للنبوة لا إشكال ولا شبهة أن النبوة قد ختمت بخاتم الأنبياء والمرسلين, ولكن قد تطلق هناك نبوة أيضا ولا يراد بها النبوة التشريعية وإنما يراد من النبوة والنبي المعنى اللغوي له وهو الإنباء والإخبار عما في عوالم الغيب, هناك كثير من الحقائق الموجودة عوالم الغيب من الملكوت والجبروت وغيرها هل يمكن لاحد أن يصل إليها ويخبر وينبأ عنها؟

    الجواب: أنه لا دليل على انغلاق هذا الباب بعد انغلاق النبوة التشريعية, النبوة التشريعية غلقت وأغلقت وختمت بخاتم الأنبياء والمرسلين, أما ذلك المعنى من النبوة وهو الإنباء عن الحقائق والمعارف الغيبية هذا لم يدل دليل على انغلاقها على ختمها بل هي مستمرة إلى أن يرث الله الارض ومن عليها, إنما أبين هذه الجهة لأنه باعتبار بعض كلمات هؤلاء يوجد إشارة إلى أن هذا نحو من الإنباء هذا نحو من النبوة, ليس مرادهم من النبوة النبوة التشريعية

     

    وإنما مرادهم النبوة بمعناه اللغوي أي الإنباء والإخبار عن المعاني الغيبية, والدليل على ما أقول أن هؤلاء يميزون جيدا, طبعا هنا في الحاشية بين هذه الحقيقة, طبعا مقصودي من الحاشية في صفحة 199 هناك في هذه الصفحة قال: ولست لا بنبي ولا رسول. هناك في الشرح يقول القيصري: لأن النبوة التشريعية والرسالة اختصاص الهي إذ هو الذي يختص برحمته من يشاء {الله اعلم حيث يجعل رسالته} وقد انقطعتا, يعني هذه الظاهر وهذه النبوة التشريعية والرسالة, إذا لا مشرع بعد رسول الله بالأصالة لأنه ’آتي إلى آخره.

    التفتوا جيدا هذا المعنى الشيخ الأكبر في الفتوحات أشار إليه بشكل واضح في الباب 373 أنا انقل هذه المطالب من هذا الباب, باعتبار أن نسخات الفتوحات متعددة وهذه غير نسخة من الفتوحات وتختلف عن الطبعات الأخرى وهذه الطبعة التي هي طبعة جيدة المطبوعة في دار الكتب العلمية, منشورات محمد علي بيضون, ضبطه وصححه ورتب فهارسه محمد شمس الدين, وهذه طبعة جيدة لا فيها تعليقات ولا تخريجات فقط أصل الفتوحات التي هي أربع مجلدات الحجرية الغير جيدة, ولكن هذه طبعة جيدة إذا الإخوة يستطيعون أن يقتنوا منها يكون الأمر جيدا.

    هناك في الجزء السادس من هذه الطبعة وهذه الطبعة تسع مجلدات, في الجزء السادس من هذه الطبعة صفحة 233 في الباب الثالث 373 هناك يقول: فو الله, محيي الدين يشير إلى ما كتبه في الفتوحات, فو الله ما كتبت منه حرفا إلا عن إملاء الهي وإلقاء رباني, يعتقد أن كل ما موجود في الفتوحات هي الواردات القلبية, هذا جملة الأمر مع كوننا, محل الشاهد, مع كوننا لسنا برسل مشرعين, ولا أنبياء مُكِلفين, بكسر اللام اسم الفاعل, فإن رسالة التشريع ونبوة التكليف قد انقطعت عند رسول الله محمد ’فلا رسول بعده ولا نبي يشرع ولا يكلف, ثم قال: وإنما هو علم وحكمة وفهم عن الله سبحانه, التي هي الواردات القلبية, بعد ذلك يقول وإنما قلنا ذلك لأن لا يتوهم متوهم أني وأمثالي ادعي نبوة, لا بد سمعتم هنا وهناك أنه يدعي النبوة فهنا يصرح أن هذه النبوة التشريعية وهذه الرسالة التي هي مرتبطة بالتكليف والتشريع هذه غلقت, لا والله ما بقي إلا ميراث وسلوك.

    هذا الذي نحن ندعيه وهو أنه وارث كما قرأنا في العبارة سابقا, هذه القضية أتصور من الواضحات عند القوم.

    وأيضاً الوحي من خواص النبوة, الوحي الخاص من خواص النبوة الاصطلاحية لتعلقه بالظاهر, مراد من الظاهر مراده يعني ما يرتبط بالمكلفين وما يرتبط بالناس وما يرتبط بالخلق, أما والإلهام من خواص الولاية, الذي نحن نعتقد أن الولاية  كما سيأتي بحثها بعد ذلك أن الولاية باطن الرسالة والنبوة, وعلى هذا الفرق الثالث يتضح هذا الفرق الرابع وهو أن الأول وأيضا, أن الوحي مشروط بالتبليغ لأنه مرتبط بالناس أما الإلهام مشروط بالتبليغ أو ليس كذلك.

    إذن: من يتضح أن قضية > هذا عطاؤنا فامنن امسك بغير حساب <هذا مرتبط بالوحي أو مرتبط بباطن الوحي؟ هذا ليس مرتبط بالوحي {وما هو على الغيب بظنين} لا يمكنه أن يظن بالوحي وبالتشريعات المرتبطة بصلاح الناس وبمصالح الناس, نعم فيما يتعلق بالمعارف الغيبية وبمعارف الولاية هذا {هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب} يعني أُمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم, هذا تمام الكلام في المقام الأول من هذا التنبيه وإذا يتذكر الإخوة قلنا أنه لا أقل لابد أن نقسم هذا التنبيه إلى بحثين إلى مقامين, الأول: في بيان الفرق والإلهام, والثاني: في بيان أقسام الواردات القلبية.

    والفرق بين الواردات, وياليته بدأ بأهمية الوحي بالواردات, يعني واقعا قبل الدخول في بيان أقسام الواردات القلبية لابد أن نعرف أنه ما هو أهمية البحث في الواردات القلبية.

    بعبارة واضحة: هل أن البحث في الواردات التي ترد على الإنسان وعلى قلب الإنسان يعد من الفرائض أو يعد من النوافل أي منهما؟ بعض يتصور بأنه هذه الواردات القلبية مرتبطة بأولئك الذين يريدون أن يذهبوا إلى عالم السلوك عند ذلك لابد أن يعرفوا أقسامها ما هي؟

    الجواب: كلا, سواء جنابك سواء كنت في عالم السلوك وفي مراحل طي السلوك أو كنت جالسا في بيتك توجد واردات أو لا توجد وإرادات, هذه الواردات أساسا لا تنقطع عن الإنسان لا في حال فضلاً عن اليقضة وخصوصا إذا التفتنا إلى بعض هذه الآيات القرآنية, التفتوا جيدا, القرآن الكريم عندما يأتي في سورة الأنعام في الآية 112 هكذا يقول {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا} إذن شياطين الانس والجن متوقفين أن إيجاد الواردات القلبية أو غير متوقفين؟ أنت قد لا تلتفت وتتصور أن هذا وارد رحماني ولكن هو في واقعه وأراد شيطاني هذه آية.

    آية أخرى وهي الآية 121 من سورة الأنعام أيضاً أيضاً نفس المضمون قال تعالى {وان الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} إذن هؤلاء الذي يجادلون بالحق من بعد ما تبين لهم الحق هذا بوحي وهذا الوحي بالمعنى العام الذي يشمل الحق ويشمل الباطل, لأن الآية قالت {أن الشياطين ليوحون} نحو من الوحي إلى أوليائهم.

    إذن: كثير من هذه المجادلات للحق ولأهل الحق ولأدلة الحق هي من إيحاء الشياطين إما شياطين الانس وإما شياطين الجن, بينك وبين الله إذا عرف الإنسان بالنتيجة أنه توجد بعض الواردات التي ترد إلى قلبه وقد يكون مبدأها مبدأ شيطانيا ومن هنا تأتي أهمية البحث في الواردات القلبية وأقسام الواردات القلبية والضابط لتمييز الحق من الباطل فيها, فالبحث في الواردات القلبية وأقسام الواردات القلبية بحث يعد من النوافل أو من الفرائض؟ يعد من الفرائض.

    إذا أريد أن اضرب مثال حسي يكون كثيرا مهم عندي, أقول اقرب المعنى إلى ذهن الإخوة, اخواني الاعزاء كل إنسان في هذا العالم باقي أو مسافر؟ (كلام لأحد الحضور)  {يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا} أساسا لا يوجد أحد يبقى في هذه النشأة وفي هذا العالم, الآن إذا كنت مسافرا فمهم عندك عندك أن السائق من هو وأين يذهب بك أو ليس مهما عندك, ماذا تقول وأنت جالس في سيارة والسائق يأخذك يمين ويسار في مخاطر في في مهالك أو طريق مستقيم هذا مهم لك أو ليس مهم لك؟ لا يمكن لاحد أن يقول نحن جالسين ومرتاحين في السيارة أو بالطائرة وليس لنا علاقة بمن يذهب من هنا أو يذهب من هناك, هذا قد يصل بك إلى نار جنهم قد يصل بك إلى مهالك ومفاسد, هذه الواردات أيضا كذلك اخواني الاعزاء فان بعض هذه الواردات قد تغير مصير الإنسان.

    إذن: معرفة الفرائض القلبية من أهم الفرائض, يعني معرفة الحق من الباطل فيها, هذا مختصر مفيد لبيان أهمية هذا البحث.

    البحث الثاني: هو أنه ما هو مبدأ هذه الواردات القلبية, بنحو عام أتكلم القرآن الكريم بشكل واضح أولا لابد أن نعرف أن هذه الواردات القلبية حادثة وممكنة أو واجبة وقديمة أي منهما؟

    الجواب: أن هذه الواردات لم تكن ثم كانت, كانت معدومة ثم وجدت, إذن هي ممكنة أو واجبة؟ ممكنة, حادثة أو قديمة؟ حادثة, هذا السؤال الأول.

    السؤال الثاني: إذا صارت ممكنة وحادثة تحتاج إلى مبدأ فاعلي أو لا تحتاج؟ نعم كل ممكن محتاج إلى علة.

    سؤال بعد تمامية هذه المقدمات وهو ما هو علة هذه الواردات القلبية؟ يوجد احتمالان:

    الاحتمال الأول: أن يكون مبدأ هذه الواردات هو نفس الإنسان, ممكن أو غير ممكن؟ الجواب: كلا, لأن القرآن الكريم يقول {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا} ومعطي الشيء لا يمكن أن يكون فاقد له.

    إذن: المبدأ الفاعلي لهذه الواردات يمكن أن يكون الإنسان أو لا يمكن؟ لا يمكن, إذن من هنا يكون الإنسان هو المبدأ الفاعل أو القابل لها؟ يكون هو المبدأ القابل لها جميعا, ولذا تجد أن القرآن الكريم بشكل واضح أشار إلى هذه الحقيقة {بسم الله الرحمن الرحيم, قل أعوذ برب الناس, ملك الناس, الهي الناس, من شر الوسواس الخناس, الذي يوسوس في صدرو الناس} هذا قسم من أقسام الواردات, فالإنسان ليس هو المبدأ الفاعلي بل الإنسان هو المبدأ القابلي لهذه الواردات القلبية, ومن هنا وقع البحث بينهم ما هو أقسام المبادئ الفاعلية لهذه الواردات القلبية, وهذا الذي بدأه مباشرة قال: والفرق بين الواردات الرحمانية والملكية والجنية والشيطانية, هذه الرحمانية والملكية والجنية والشيطانية هؤلاء هم اقسم المبدأ الفاعلي للواردات القلبية, أتضح المعنى.

    مقدمة أنا بودي أن أشير إلى هذه القضية وهو أنه هذه الواردات القلبية بغض النظر عن مبدأها وأقسامها لا بد أن يعلم, التفتوا جيد؟ مرة نتكلم عن مقام الثبوت لهذه الواردات القلبية  وقلنا ما من إنسان إلا وترده واردات قلبية وهذه إما حقة وإما باطلة هذا ثبوتا.

    أما على مستوى مقام الإثبات متى تكون هذه الواردات حجة يمكن الاعتماد عليها ومتى لا تكون حجة؟ هذا مرتبط بمقام الإثبات لا بمقام الثبوت, في مقام الإثبات أنه إذا صدرت هذه الواردات وبينت من قبل المعصوم فهي حجة وهي حق, أذا بينت من غير المعصوم هي نفسها حجة أو ليست بحجة؟ ليست بحجة فلا بد أن تعرض على ميزان آخر.

    وهنا أريد أن أبين قاعدة عامة بالنسبة إلى الواردات القلبية بالمعنى العام لها عند العرفاء, اخواني الاعزاء  ليسوا بصدد البحث في المقام الثاني من البحث وهو الحجية وعدم الحجية, وإنما بصدد بيان المقام الأول من البحث, يقولون أنه توجد هناك واردات وهذه الواردات تنقسم إلى قسمين: قسم منها منها حقة, وقسم منها باطلة, هذا في مقام الواقع والثبوت, أما من الذي يقول أن حقا, من الذي يقول باطلا, من الذي هو صاحب دعوى مغرية, من هو صاحب دعوى شيطانية هذه يبحث عنها هنا أو لا يبحث عنها هنا؟ هنا تذكر ضوابطها العامة لا تسأل أنه فلان بالنتيجة الآن, التفتوا الآن قرانا من عبارة محيي الدين, عبارة محيي الدين صفحة 233 في الفصل 373 ماذا قال: فو الله ما كتبت منه حرفا إلا عن إملاء الهي وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني.

    هذا البحث ما هو؟ هذا يدعي هذا المعنى, في المقام الثاني من البحث وهو مقام الإثبات صحيح أو باطل, حق أو باطل؟ أن ثبت أن هذا المدعي معصوم فكلامه يكون حقا, وان ثبت أنه غير معصوم فكلامه حجة أو ليس بحجة؟ ليس بحجة, لمن حصل, بحسب الموازين, لمن حصل له القطع من كلامهم فالقطع حجة, لمن حصل له الاطمئنان بكلامهم فبناء على حجية الاطمئنان فالاطمئنان حجة, لمن لم يحصل له القطع ولا الاطمئنان فإذا كانت هذه القضايا يكفي فيها أخبار الثقة وكان عنده ثقة هذا فهي حجة وإلا لابد أن تعرض على موازين أخرى في المقام, وهذه لا فرق بينها, بين أن يكون لنفسه أو لغيره, التفتوا اخواني الاعزاء هذه القضية لابد أن تكون في المقدمة واضحة, الآن في أول الفصوص سنأتي يقول أن هذا الكتاب كله أخذته من يد رسول الله ’سواء كان صادقا أو لم يكن لا يؤثر شيء علينا, لأنه بالنسبة إلينا في مقام الإثبات هذا لكلام حجة أو ليس حجة؟ ليس بحجة لأنه لم يصدر من معصوم, شيخ الإشراق عندما يدعي أن كاتبي هذا وهو حكمة الإشراق في ليلة واحدة كوشفت به واحتجت إلى مدة لكي اكتبه فقط, هذا كان كلام صحيح أو غاير صحيح هذا لا يؤثر علينا شيئا, وهذا ما يصرحون به أنفسهم ولا يتبادر إلى ذهنك أنا أقوله, اخواني الاعزاء  هذا ما يصرح به هؤلاء الأعلام ولأقرأ لك عبارة في هذا المجال في الفتوحات الجزء الخامس من هذه الطبعة التي أشرت إليها وهي في الصفحة 10 طبعا في الباب 301 هناك في معرفة منزل الكتاب المقسوم بين أهل النعيم وأهل العذاب هذه عبارته, التفتوا جيدا اخواني هذه قواعد أصول البحث في المكاشفات.

    يقول: وإذا خالف الكشف الذي لنا كشف الأنبياء كان الرجوع إلى كشف الأنبياء, هذا الذي قرأتموه إذا جاءكم حديثنا فاعرضوه على كتاب ربنا فما وافق فخذوه وما خالف فاضربوا به عرض الجدار, فهو زخرف, وهو يصرح هنا يقول: ميزان صحة هذه الواردات والمكاشفات إنما هي بعرضها على الواردات والمكاشفات الموجودة للمعصومين, وعلمنا إذا وجدنا هناك مخالفة بين كشفنا وكشف الأنبياء وعلمنا أن صاحب ذلك الكشف الذي كان كشفه مخالف لكشف الأنبياء قد طرأ عليه خلل بكونه زاد على كشفه نوعا من التأويل فلم يقف مع كشفه, ثم يضرب مثال قيم هذا الذي قرأناه مررا يقول: كصاحب الرؤيا فإن كشفه صحيح واخبر عن ما يرى ويقع الخطأ في التعبير لا في نفس ما رأى, لأنه ما رأى علم شهودي لا يمكن أن يخطأ رأى الواقع ولكنه لماذا الآن يخطأ؟ باعتبار أنه في مقام التعبير في مقام البيان, فالكشف لا يخطأ أبداً والمتكلم في مدلوله يخطأ ويصيب إلا أن يخبر إلى آخره, هذا أولا.

    ثم هم من حيث الكبرى هذا بينوه ومن حيث التطبيق والصغرى قالوا أيضا قالوا أن في كثير من مكاشفات العرفاء يوجد خطأ, انظروا إلى هذه العبارة لصدر الدين القونوي في النفحات الإلهية, في النفحات الإلهية صفحة 113 نفحة 20 نفحة ربانية تتضمن تذكرة بأسرار تذكر إنشاء الله  قال: اعلم أن لأهل الكشف في مكاشافاتهم ومشاهداتهم ووارداتهم اغلوطات شتى, لا يتبادر إلى ذهنك نحن ندعي أن كل كشف يكون مطابقا للواقع, لا يعرف كنهها ويسلم من غوائلها إلا الكمل والأفراد, والانسان الكامل بالبيان الذي يبينه هؤلاء مرجعه الإنسان المعصوم.

    قال: إلا الكمل والأفراد من أهل العناية والاختصاص وهي على أقسام, هنا يبين أقسام الخلل الذي يقع فيه هؤلاء جميعا, ثم يقول: وقد عرفني الله مواقع الخلط وموجباته واطلعت على أصولها وأسبابها وأحببت أن اجمعها هنا, ثم يبدأ في بيان أسباب الخطأ والغلط والاشتباه الذي يقع فيه العرفاء, واضح هذا المعنى اخواني الاعزاء, إذن لا يأتي أحد يقول ان معتمدون على مكاشفات العارف.

    لمن حصل له القطع والاطمئان بهذه المكاشفات فهو حجة لما قرأتم في محله ان القطع والاطمئنان حجة, أما لمن يحصل له ذلك فلا بد من وجود ميزان هذا الميزان تارة للغير وتارة لنفس الإنسان, وهذه نقطة أساسية اخواني يعني أن الإنسان هل يوجد بالنسبة لنفسه بغض النظر أن الآخرين يقبلون أو لا يقبلون.

    بعد أن اتضحت هذه المقدمات تعالوا معي اخواني الاعزاء إلى أقسام المبدأ الفاعلي, فيما يرتبط بأقسام المبدأ الفاعلي لعل أفضل من بين هذه الحقيقة هو في مصباح الانس لأنه يوجد هنا كلام كثير بعد ذلك أبينه, في مصباح الأنس في الصفحة 50 من هذه الطبعة الحديثة مفتاح الغيب ومصباح الأنس لمحمد بن حمزة الفناري هناك صفحة 50 وبعبارة أخرى أخرى ليس صفحة 50 من المقدمة بل صفحة 50 من أصل الكتاب, لأنه يوجد فيها مقدمة مفصلة صفحة 50 من أصل الكتاب الفقرة 107 على 2 لأنه هذا كل فصل أعطاه 1-2-3-4 , ثم كل فصل قسمه على فقرات حتى كل واحد يستطيع أن يجد البحث مباشرة, الفقرة 107 على 2 قال: والإلقاء, التي هي الواردات, والإلقاء, وفي الحاشية يقول أي الخاطرات, والإلقاء إما صحيح أو فاسد, يعني أما حق وأما باطل.

    بعبارة أخرى: أما تقوى وأما فجور {فألهمها فجورها وتقواها}.

    قال: أو فاسد لا يوثق به والصحيح, يعني الحق ما هو؟ يقول: مبدأه مختلف, أما مبدأه الهي رباني وهو ما يتعلق العلوم والمعارف, يعني إذا وجدت أنه يوجد هناك كشف وهذا الكشف وهذا الوارد وهذا الخاطر يبين لك حقيقة من الحقائق معرفة من المعارف الإلهية الربانية إذن مبدأه الهي.

    أو ملكي روحاني, من باب كشف الإني, أو ملكي روحاني وهو الباعث على الطاعة من مفروض أو مندوب, وبالجملة كل ما فيه صلاح ويسمى إلهاماً.

    إذن: إذا وجدت هناك وارد قلبي يرد على الإنسان ويدعوك إلى فعل الطاعات إلى فعل الخير هذا مبدأه ملكي.

    والفاسد, هذا بالنسبة إلى الصحيح, والفاسد إما نفساني, مبدأه النفس, طبعا ذكرنا النفس بما هي نفس مبدأ فاعلي أو مبدأ قابلي؟ نعم يمكن أن تكون مبدأ قريباً وإلا بحسب المبدأ البعيد تكون شياطين الانس أو الجن لا فرق.

    يقول: إما نفساني وهو ما فيه حض النفس واستلذاذها ويسمى هاجسا أو شيطاني وهو ما يدعوا إلى معصية الحق إلى آخره ويسمى وسواسا, فمعيار الفرق, التفتوا إلى هذه الجملة القيمة في هذا المجال أحفظوها في الواردات القلبية, فمعيار الفرق ميزان الشرع وهذا الذي إذا تتذكرون في آخر تمهيد القواعد قلنا الذي يريد أن يدخل إلى السلوك لابد أن يكون أما مقلدا لمجتهد يقول له الحلال والحرام والواجب والمستحب والمكره وإما هو يكون مجتهدا في هذا المجال.

    يقول: هو الميزان الشرعي فما فيه قربى إلى الله ويقرب إلى الله فهو من الأولين يعني الإلهي والملكي, وما فيه كراهة شرعية فهو من الآخرين, النفساني والشيطاني, إلى هنا يوجد اسم جني في الوسط أو لا يوجد؟ في التقسيم لا يوجد اسم جني ولكنه عندما نأتي إلى القيصري نجد أن التقسيم يختلف عن هذا التقسيم, بنحو عام التقسيم الذي ذكره القيصر هكذا التفتوا جيدا.

    يقول: إما رحمان وإما شيطاني, هذا التقسيم الأول وفي طول هذا التقسيم الأول مراده من الرحماني الحق ومراده من الشيطاني الباطل ثم يأتي إلى الرحماني الذي هو الحق.

    يقول: إما الهي, أو ملكي, أو جني, بتعبيره هو, والرحماني إما رحماني, إما ملكي, إما جني, وبهذا يتضح أن الرحماني له إطلاق عام يشمل الأقسام  الثلاثة وله إطلاق خاص يشمل أحد الأقسام  الثلاثة, لا أدري أتضح المعنى؟

    إذن: يوجد عندنا تقسيمان أحدهما في طول الآخر أما رحماني وإما شيطاني, والرحماني أما عبروا عنه الهي, أو ملكي, أو جني.

    إذن قوله: والفرق بين الواردات الرحمانية والملكية والجنية والشيطانية هذه الأقسام  الاربعة ليست في تقسيم واحد وإنما مستفادة من تقسيمين طوليين حق أو باطل,والحق أما و أما و أما فالمجموع يكون أربعة, (كلام لأحد الحضور) ولهذا أنا قسمته طولي حتى لا يصير تحته, وهو إما حق وإما باطل, الآن نأتي الحق هذا الحق أما منشأه الهي,وأما منشأه ملكي, وما منشأه جني, فتقول لي في الجني أيضا يوجد حق؟ نعم كثير من الامور التي كانت للجن الذي كانوا تحت إمرة سليمان هؤلاء كانوا حق, كما في الناس يوجد مؤمن وفاجر كذلك في الجن يوجد متقي وفاجر, فإذا صدر من الجن المتقي فهو حق وإذا صدر من الجن الفاجر فهو الشيطاني الباطل, فلا يكون هناك تداخل في الأقسام, طبعا هذه الأقسام  التي أشار إليها القرآن بشكل واضح كلها أشار إليها, عجيب القرآن الكريم ما من صغيرة ولا ولا ورادة ولا كبيرة إلا أشار إليها بشكل واضح, انظروا إلى هذا الآيات من سورة النمل قال {آتينا داود وسليمان علما وقال الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين} هذا سليمان هذه العلم من أين جاء به؟ قال {وورث سليمان داود} إذن هذا العلم علم الوارثة وليس علم الدراسة, {وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء أن هذا لهو الفضل المبين} التفتوا جيدا {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} التفت إذن الجن تضعه في الحق أو في الباطل؟ يعني هذه القدرة التي كانت من جنوده في الجن والمعلومات التي كانوا يزودنها به الجن حق أو باطل؟ من الواضح أن هذه مرتبطة بالحق لا بالباطل, الآن التفتوا,القرآن عجيب يشير إلى قضايا يجعلها مرتبطة بسليمان يقول {إذا أتوا إلى وادي النمل قال نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} من الذي ضحك, الجن والإنس الذين حوله عرفوا أو لم يعرفوا؟ {فتبسم ضاحكا من قولها} إذن تبين أن معرفة منطق الحيوان من الذي كان مختص به؟ سليمان وإلا كان ينبغي الآخرين أيضا يقولون هذا فيما يتعلق باختصاص معرفة منطق النمل به, عندما نأتي إلى الطير نجد بأنه {مكث غير بعيد} عندما نأتي إلى عمل الجن ماذا تقول الآية{قال عفريت من الجن} عندما نأتي إلى البشر{قال الذي عنده علم من الكتاب} كاملا عندما يأتي إلى الجن لا يقول {قال الذي عنده علم ن الكتاب} لا يقول في الجن وهذا يكشف على أنه مقام البشر مرتبة ومقام البشر مرتبة أخرى, هذه نكات موجودة في هذه الآيات إنشاء الإخوة يراجعونها.

    يقول: والفرق بين الواردات الرحمانية, والملكية, والجنية, والشيطانية يتعلق بميزان السالك المكاشف, واقعا سؤال أساسي كيف يميز المُكاشَف يعني الذي كوشف, وكيف يعرف أن هذا مبدأه شيطاني وهذا مبدأه رحماني وهذا حق وهذا باطل كيف؟ في الواقع أن القرآن الكريم أشار بشكل عام إلى تلك الحقيقة في آيتين على الأقل قال تعالى {والذي جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} يعني ليس بهذا الشكل الإنسان يبقى متحيرا أن هذا الوارد القلبي أو هذا الكشف حق أو باطل؟ في كثير من الأحيان يستطيع أن يميز أنه هذا حق أو أن هذا باطل, أو انظروا إلى هذه الآية المباركة التي لعله من أوضح الآيات التي تدل على هذه الحقيقة قال {ونفس وما سواها فألهمها فجوها وتقواها} يعني الإنسان بفطرته الأولية ملهم ويستطيع أن يميز ما فيه تقوى النفس وما فيه فجور النفس, هذه من الامور إلا إذا هو دسها في التراب ولكن بحسب الخلقة الأولية وبحسب تسوية خلقة الله لأن الآية المباركة قالت {ونفس ما سواها} يعني جعلها ملهمة بالتقوى والفجور من تسوية النفس, لو لم تلهم لكانت النفس غير مسواة {فألهمها فجورها وتقواها} التفت جيدا ليس ألهمها الفجور والتقوى بل ألهمها فجور نفسها وتقوى نفسها لأن أعاد الضمير إلى نفسها إذن يوجد ميزان وهذا الذي أنا اصطلح عليه الميزان الأصغر {بل للإنسان على نفسه بصيرة} في الأعم الاغلب يستطيع ولو ألقى معاذيره ولو حاول أن يحتج على الآخرين بألف حجة وحجة لأن يضيع الأمر على الآخرين, ولكن هو يعرف بأنه هو حق أو أنه باطل, وفي موارد الحيرة والشك الله سبحانه وتعالى أعطاه موازين الأنبياء موازين الشرع المبين ليميز بين الحق والباطل, أتضح المعنى.

    ولهذا قال: فيتعلق بميزان السالك المُكاشَف أو المكاشِف, ومع ذلك, هذا الضابط الأول الذي هو الميزان, ومع ذلك نومأ بشي يسير من هذه الموازين, وهو أن كل ما يكون سببا للخير بحيث يكون مأمون الغائلة في العاقبة ولا يكون سريع الانتقال إلى غيره, وليس أنه بمجرد أنه ورده هذا الوارد القلبي بعده لم يعمل به ينتقل إلى عمل آخر هذا يكشف عن أنه حق أو ليس بحق؟ ليس بحق وإلا لو كان حق لبقي واستقر في وجوده وعمل به.

    يقول: ويحصل بعده توجه تام إلى الحق ولذة عظيمة مرغبة في العبادة إذا كان الأمر كذلك فهو ملكي أو رحماني, أما وبالعكس إذا لم يرغب في الآخرة ولم يرغب في العلم وفي العبادة فهو شيطاني, وبالعكس شيطاني. انظروا إلى التقسيم تجدون أنه غير واضح بخلاف التقسيم الذي ذكره في مصباح الانس.

    قال أما حق أما صحيح أما فاسد, والصحيح أما كذا وأما كذا والفاسد أما كذا وأما كذا, هنا يوجد تداخل في الأقسام التي أشير إليها.

    وما يقال بعض يقال, يقول بعض قال إذا أردتم أن تميزوا الحق من الباطل هكذا ميزا, يقول هذا الضابط باطل.

    وما يقال أن ما يظهر من اليمين, من المكاشفات, أو القدام أكثره ملكي, ومن اليسار أو الخلف أكثره شيطاني ليس من الضوابط, التفتوا جيدا الشيطان عادة يأتي من هذه الاربعة أركان, ليس من الضوابط هذا ليس صحيح إذا جاءك من الإمام أو اليمين فهو حق وإذا جاءك من الخلف أو اليسار فهو باطل.

    إذ الشيطان يأتي من الجهات كلها, المقصود الجهات الاربعة, كما ينطق به القرآن الكريم {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن إيمانهم  وعن شمائلهم ولا تجد أكثره شاكرين} من فوقهم ومن تحتهم كيف؟ الشيطان لا من فوق يأتي ولا من تحت وإنما يأتي من هذه الجهات الأربع وهذه فيها نكتة عرفانية باعتبار الفوق مرتبط بالدعاء والتحت مرتبط بالسجود وعلى أي حال لعله المناسبة تأتي إلى آخره.

    يقول: والاول, مراده من الأول ماذا؟ (كلام لأحد الحضور) رحماني, يعني بعبارة أخرى: مرتبط بالحق يعني أعم من أن يكون رحماني بالمعنى العام يعني غير الشيطاني هذا مختصر مفيد, يقسمه إلى أقسام ثلاثة بعضه يجعله جني, وبعضه يجعله ملكي, وبعضه يجعله الهي, التفتوا كيف, إذن: والاول يعني مراده ما يقابل الشيطاني الذي هو الحق يقول ينقسم إلى أولا و ثانيا وثالثا, وهذا بحثه يأتي. 

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/03/04
    • مرات التنزيل : 1613

  • جديد المرئيات