نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (132)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    تنبيه:  الفرق بين الإلهام والوحي أن الإلهام قد يحصل من الحق تعالى بغير واسطة الملك بالوجه الخاص الذي له مع كل موجود والوحي يحصل بواسطته.

    هذا التنبيه في الواقع يشتمل على بحث أساسين:

    البحث الأول: في بيان الفرق بين الوحي بمعناه الاصطلاحي والإلهام.

    البحث الثاني: في بيان أقسام وأنواع الواردات القلبية, وهذا التقسيم للواردات القلبية ليس بلحاظ أنه صوري أو معنوي بل بلحاظ أنه حق أو باطل, وإذا كان حقا فهل أن مبدأه رحماني أو ملكي أو جني, وإذا كان باطلا فما هو مبدأه الفاعلي؟

    هذان بحثان عرض لهما في هذا التنبيه, من هذا البيان يتضح بأنه هذان البحثان يعدان من أهم الأبحاث الاساسية في هذا المقام, وياليت أن القيصري جعلهما تنبيهين لا تنبيها واحد فكان ينبغي أن يبحث أولا على خلاف هذا الذي فعله أولا في أساس الواردات القلبية, يبحث ما هي الواردات القلبية وما هي أقسام الواردات القلبية, بعد أن  يقسم الواردات القلبية إلى حق والى باطل يأتي إلى الواردات القلبية الحقة المطابقة للواقع والسلمية, يبحث عنها انها هل وحي أو هي إلهام, يعني هل هي بتوسط المَلَك أو هي لا بتوسط الملك؟ ولكنه تجدون أنه أولا لم يجعل هذين البحثين تنبيهين بل جعلهما تنبيها واحد وثانيا لم يبحث في هذين البحثين بشكل فني ومنطقي بحيث يبحث في الواردات ثم يبحث في الفرق بين الوحي الإلهام, لذا تبعا للمتن لا بد أن نبحث كما بحث هو, أولا ندخل في بيان الفرق بين الوحي والإلهام وهذا على خلاف الترتيب الفني, وثانيا نبحث في بيان الواردات القلبية ولذا تجدون أنه قال أولا الفرق بين الإلهام والوحي هذا في صفحه 136 ثم قال: والفرق بين الواردات الرحمانية والملكية, والامر سهل.

    أما في أصل البحث: فيما يتعلق بالفرق بين الإلهام وبين الوحي في الواقع هنا لا بعد أن نعلم مقدمة أن الوحي له اصطلاح بالمعنى العام وله اصطلاح بالمعنى الخاص, من قبيل إذا يتذكر الإخوة في باب الأبحاث الفقهية إباحة بالمعنى العام وإباحة بالمعنى الخاص, الوحي بالمعنى العام أساسا  لا يختص ليس فقط لا يختص بالأنبياء بل لا يختص أساسا بالناس بل يوجد بغير الناس أيضا, وبناء على ذلك فكما يشمل الوحي الخاص بالأنبياء يشمل الإلهام أيضا, التفتوا جيدا, الوحي بمعناه العام يشمل كل هذه, يعني قوله تعالى {فألهمها فجورها وتقواها} أيضا نحو من أنحاء الإلهي أو انظروا إلى هذه الآية المباركة قال تعالى {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا} من الواضح هذا ليس المراد منه الوحي الاصطلاحي الذي يكون من خلال الملك الإلهي بل هذا نحو من الإلهام من قبيل {فألهمها فجورها وتقواها} {فطرة الله التي فطر الناس عليها} ونحو ذلك.

    إذن: هنا عندما يريد أن يميز بين الوحي والإلهام ليس مراده من الوحي الوحي بالمعنى الأعم وإنما مراده من الوحي الوحي بالمعنى الأخص الذي يقع في قباله الإلهام وإلا الوحي بالمعنى الأعم أولا لا يختص بالأنبياء كما قرأنا هذه الآيات المتعددة {وإذ أوحينا إلى أمك ما يوحى} هل هذا وحي النبوة, من الواضح ليس كذلك, {أو أوحينا إلى أم موسى ارضعيه} من الواضح أن هذا الوحي النبوة يعني ليس الوحي بالمعنى المصطلح الخاص بالأنبياء هذا الذي نحن نعتقد أنه انقطع برحيل الرسول الاعظم ’هذا المعنى من الوحي الذي كان موجودا في حياة الأنبياء وانقطع بانقطاع الأنبياء هذا الوحي نسميه الوحي بالمعنى الخاص هذا في قباله يقع الإلهام ويقع عندنا أقسام أخرى من الوحي, أما الوحي بالمعنى العام فهو شامل لجميع هذه الأقسام  كما أشرنا هذه نقطة.

    النقطة الثانية: التي ينبغي أن نشير إليها وهو أنه لابد أن يعلم الله سبحانه وتعالى ارتباطه بالناس من عدة طرق, ولعله هذه الآية المباركة الواردة في سورة الشورى قال تعالى في الآية 51 من هذه السورة {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء أنه علي حكيم} إذن أنا اعبر عنها طرق الارتباط الإلهي بالخلق, ضعوا ذهنكم معي لعله اليوم البحث يصير بمقدار تفسيري ولكن له علاقة مباشرة بهذا البحث اخواني الاعزاء, أولا يكلمه, من الواضح أن الكلام هنا له معناه الخاص, قلنا هو إبراز ما في الضمير سواء كان هناك لفظ أو لم يكن هناك لفظ وهذا البحث مرارا أشرنا إليه, الآية تشير إلى طرق ثلاث تقول إلا وحيا أو, ومن الواضح أو يشير إلى التقسيم قاطع للشركة, يعني الطريق الأول غير الطريق الثاني والطريق الثاني غير الطريق  الثالث بقرينة قوله {أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا} نستكشف أن الطريق الأول لا فيه حجاب ولا فيه رسول ملك, المراد من الرسول هنا الملك {رسلاً ذي أجنحة مثنى وثلاث ورباع} القرآن يعبر عن الملائكة بأنهم رسل {رسلا ذي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}

    إذن: من هنا يتضح لنا أنه من طرق الارتباط الإلهي بخلقه أولا أنه ما هو؟ (كلام لأحد الحضور) يعني بلا واسطة, لأنه قال {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا}  نحن إلى الآن لا نعرف معنى وحيا ولكن بقرينة قوله {أو من وآراء حجاب أو يرسل رسولا} والتقسيم قاطع للشركة إذن القسم الأول والطريق الأول لا هو من وراء حجاب ولا هو من خلال يرسل رسولا يعني يوجد ملك إذن ما هو؟ بلا واسطة.

    من هنا وقع بحث بين الأعلام وهو من الأبحاث العميقة في مباحث العرفان النظري التي مرتبطة ببحث نظرية المعرفة في العرفان, وهو أن الله سبحانه وتعالى بلا واسطة فقط يرتبط بالصادر الأول أو أنه يرتبط مع أي موجود يشاء بلا واسطة أي منهما؟ بالصادر الأول لا إشكال ولا شبه ارتباطه مع الواسطة أو بلا واسطة؟ بلا واسطة, هذا مما لا ريب فيه, إذن من مصاديق الطريق الأول الارتباط والحديث والتكلم مع الصادر الأول ولكن الكلام أن هذا الارتباط هل مختص بالصادر الأول أو أن الله له طريق خاص بلا واسطة مع كل الموجودات طولا وعرضا أي منهما؟ ما هو الجواب؟ (كلام لأحد الحضور) إذن يوجد اتجاهان أشار الشيخ إلى الاتجاه الأول.

    الاتجاه الأول: الذي يعتقد بان هذا التسلسل تسلسل ضروري, إذن على هذا الاساس لا يمكن الارتباط بما دون الصادر الأول إلا مع واسطة, نعم هذا الذي هو في الدون قد يرى الواسطة وقد لا يرى الواسطة وإلا ثبوتا يمكن أن يكون غير الصادر الأول من غير واسطة أو لا يمكن؟ لا يمكن, لذا اتجاه يوجد بين العرفاء يقولون بأنه لا يمكن الارتباط بغير الصادر الأول إلا مع الواسطة, نعم في مقام الإثبات هذا الذي حصل معه الارتباط قد يرى الواسطة, وقد يسمع الواسطة, وقد يحصل له علم بالواسطة, وقد لا يرى, ولا يسمع, ولا يحصل له علم, فيكون ارتباطه هو يتصور أنه بلا واسطة وإلا في الواقع مع الواسطة أو بلا واسطة؟ يكون مع الواسطة, هذا الذي يصر عليه شيخنا الاستاذ الشيخ جوادي, يعتقد بأنه هذا غير هذا هذا ليس ممكن وهذه وجهة نظره, ووجه نظر في مقابل هذه وجهة النظر يقول أساسا إنما صار هذا التسلسل الصادر الأول, والثاني, والرابع, والعاشر, والمائة, طولا وعرضا, هذه الحكمة الإلهية اقتضت ذلك وإلا هذا ليس معناه أنه إذا أراد أن يرتبط بغير الصادر الأول لابد أن يكون مع الواسطة؟ لا هو يستطيع أن يرتبط ولكن اقتضت حكمته أن يجعل الامور > أبى الله أن يجري الاشياء إلا بأسباب فجعل لكل شيء سببا < هذا ليس معناه عدم إمكان الطريق المباشر بل إمكانه موجود ولكنه كما ذكرنا مرارا للاخوة أنه الإمكان أعم من الوقوع, صحيح ممكن الإنسان له خمسة رؤوس ممكن أو غير ممكن؟ ممكن, له عشرة رؤوس أو ثلاثين يد ممكن أو غير ممكن؟ ممكن, يمشي على اثنين أو يمشي على اثنين وعشرين ممكن أو غير ممكن؟ ممكن, ولكنه أيهما أكثر حكمة وأيهما هو الصنع الأكمل؟ إن يكون بهذه الصورة, ليس بالإمكان أبدع مما كان, هذا ليس معناه أن بقية الخيارات ممتنعة, كذلك هؤلاء يقولون أن الارتباط بغير الصادر الأول بلا واسطة من الممكنات ولكن اقتضت الحكمة الإلهية أنه في الاغلب يرتبط بغير الصادر الأول مع واسطة او وسائط ولكن هذا لا يعني امتناع  الارتباط المباشر, وهذا الذي أنا اعتقده واعتقد أن محيي الدين وجملة الأعلام أيضا هذا مبناهم وعلى هذا الاساس هؤلاء الأعلام فسروا نظرية الصادر الأول, يعني الواحد لا يصدر منه إلا واحد نفس هذا الكلام يرد فيه وهو أن الواحد لا يصدر منه الا واحد, أو أن الواحد لم يصدر منه إلا واحد أي منهما؟ إذا بنينا على الاتجاه الأول فالصادر الواحد لا يصدر منه إلا ماذا؟ لأنه صدور الاثنين في عرض واحد ممتنع, لا يصدر منه إلا واحد لأن غير ذلك ممتنع, أما بناء على الإمكان الواحد لم يصدر منه إلا واحد وان كان أن يصدر منه في عرض واحد أكثر من واحد ليس فيه مشكلة, ولعله في بعض عبارات محيي الدين أنا ناقل بعض العبارات في هذا المعنى أنا لا أدري هنا موجود أو ليس موجود ولكن أنا هذا العبارة نقلتها للاخوة مرة أو مرتين, انظر الآن استطيع أن أجدها للاخوة أو لا استطيع, في الأسفار الجزء 2 شيخنا الاستاذ الشيخ حسن زاده هذه العبارة ينقلها ولكن مع الاسف لم أجدها, وجدتها في صفحة 414 في الجزء2 من الأسفار بتصحيح شيخنا الاستاذ الشيخ حسن زاده يقول ثم اعلم أن العجب كل العجب هو ما في الباب الأول من التدبيرات الإلهية للشيخ الأكبر حيث قال: أن أول موجود اخترعه الله تعالى جوهر, بسيط, روحاني, فرد, وهذه نظرية الواحد لا يصدر منه إلا واحد, نظرية وقاعدة الواحد, ولو شاء الله سبحانه وتعالى لاخترع موجودات متعددة دفعة واحدة, وليس أنه هذا ممتنع عقلا ولكن حكمته ماذا؟ ولكن النظام الأحسن والأكمل اقتضى أن يكون > أبى الله أن يجري الاشياء إلا بأسبابها < خلافا لما يدعيه بعض الناس من أنه لا يصدر عن الواحد إلا واحد.

    يقول: ولو كان هذا لكانت الارادة قاصرة, هذا كلام محيي الدين, الارادة قاصرة, والقدرة ناقصة, إذ وجود أشياء دفعة واحدة ممكن لنفس غير ممتنع والممكن محل القدرة فان ثبت أن أول موجود واحد فاختيار منه تعالى وليس أنه لا يوجد بديل له, وهذا تابع للنظرية المعروفة تعدد أكثر من واحد في عرض واحد ممكن أو ممتنع فان قبلنا الإمكان التعدد ممكن ولكن ليس بالضرورة واقع, وان قبلنا الامتناع أساسا التعدد غير ممكن, (كلام لأحد الحضور) نحن الآن شيخنا في قاعدة الواحد أنا أردت فقط (كلام لأحد الحضور) لا أريد أن أقول محل الكلام حتى انّظر أنا له وإلا قاعدة الواحد تأخذون رأيي أنا كفتوى أقولها, أما الآن هذا يلزم عليه إشكال أو لا يلزم؟ أقول لابد أن ندافع وليكون في علمك الشعراني في شرح التجريد الذي في اللغة الفارسية أيضا يصرح الذي أتذكر شيخنا الاستاذ ليس مرة أو مرتين يصرح يقول: هذه من زلة قلم شيخ الاستاذ, لأنه هذا خلاف القواعد المسلمة بين الحكماء, في شرحه التجريد الفارسي الشعراني أيضا, تعلمون شيخنا الاستاذ الشيخ جوادي  أيضا كان يقول بهذا المعنى, الآن السؤال هذا أن هذا البحث صار عشرين دقيقة من طرحه هذا المعنى, قال: أن الإلهام, وهو الفارق الأول بين الوحي بالمعنى الخاص وبين الإلهام, أن ا لإلهام قد يحصل من الحق تعالى بغير واسطة الملك بالوجه الخاص الذي له مع كل موجود,.

    السؤال: إن هذا الارتباط الخاص مع كل موجود هذا هل يتصور ثبوتا في غير الصادر الأول أو لا يتصور, بناء على الامتناع لا يتصور, بناء الإمكان يتصور, لا أدري أتضح المعنى, ولذا شيخنا الاستاذ الشيخ جوادي يقول بأنه هذا بحسب تصور السالك أنه لا يوجد واسطة وإلا ثبوتا إما يلزم الطفرة إذا ارتبط به مباشرة وتجاوز كل هذه الوسائط وارتبط بهذا الأمر العاشر بحسب التسلسل الطولي يلزم الطفرة والطفرة ممتنعة, وإما يلزم الخلف وهو أنه ما فرض ليس صادرا أول صار صادرا أول والتالي بكلا قسميه باطل فالمقدم مثله, هذا البيان لشيخنا الاستاذ مبني على أن الارتباط المباشر في نفسه ممكن في غير الصادر الأول ممكن أو غير ممكن؟ مبني على أصل يفترضه وهو أنه ممتنع إذن تحتاج هذه الجملة إلى توجيه.

    تعالوا معنا إلى صفحة 180 من الكتاب.

    قال: وأما بحسب الاسم الباطن, ارتباك الله سبحانه وتعالى, وأما بحسب الاسم الباطن فطريقان جامعان للطريق الروحانية كلها أحدهما طريق الله يعني طريق ارتباط الحق تعالى بالوجودات الإمكانية, طريق العقول والنفوس المجردة التي هي واسطة في وصول الفيض الإلهي والتجلي الرحماني إلى قلوبنا لهذا على القاعدة> أبى الله أن يجري الامور إلا بأسباب.

    ثانيهما: طريق الوجه الخاص الذي لكل قلب به يتوجه إلى ربه من حيث عينه الثابتة ويسمى طريق السر ومن هذا الطريق اخبر العارف الرباني, أو يخبر العارف الرباني يقول حدثني قلبي عن من؟ رسول, وائمة, وعلماء, ووسطاء, يقول نعم ذلك الطريق العام موجود, طبعا ليكون في علم الإخوة البحث هنا إثباتي يعني ليس أن كل من يقول حدثني قلبي عن ربي أحسنت الله هذا إلى أين وصل المقامات, هذا البحث ليس إثباتي نحن نتكلم في البحث الثبوتي, أما زيد واصل إلى هذا المقام أو غير واصل ذاك حديث صغروي والآن حديثنا في الحديث الكبروي.

    وقال سيد البشر: لا يسعني, هذا الكلام لي فيه كلام, لي وقت مع الله لا يسعني في ملك مقرب, هذا مرتبط بالصادر الأول وبحثنا ليس في الصادر الأول ولكن بحثنا في غير الصادر الأول.

    بعبارة أخرى: بحثنا في مثل هذه الموارد, إذا تتذكرون نحن في سورة الكهف هذا المعنى عندنا بشكل واضح في سورة الكهف الآية 69 قال {فوجدا عبد من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما} هذا العلم ظاهر الآية أنه مع الواسطة أو بلا واسطة؟ بلا واسطة, طبعا أنا في قناعتي أن هذه الآية لا تدل ولكن البعض يستدل بها, بالقرينة التي ذكرناها أن القرآن في الأعم الاغلب عندما يقول أنا يعني مع الوسائط, وعندما يقول إنّي يعني بلا واسطة وهنا الآية لم تقول وعملته من لدني علما وإنما قالت {وعلمناه من لدنا علما} يعني بصيغة الجمع أتت وليست بصيغة المفرد وليس من قبيل  إنّي جاعل في الارض خليفة ولكن م قبيل {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} أو {إنا أنزلناه في ليلة القدر} وهذا يتنافى مع قولنا {نزل به الروح الأمين على قلبك} الجواب كلا, لأنه تلك تبين إنا أنزلناه مع الواسطة بلا واسطة فهو مسكوت عنه, المهم البعض يستدل بمثل هذه الآيات.

    إذن: أتضح الفرق بين الإلهام وبين الوحي: أن الإلهام قد يحصل من الحق تعالى بغير واسطة الملك بالوجه الخاص الذي له مع كل موجود, أنت الآن الأمر إليك هذه العبارة كيف تفسرها, تفسرها أن الوجه الخاص ثبوتا أو الوجه الخاص إثباتا, في الواقع بلا واسطة أو بحسب نظر نظر السالك بلا واسطة, لا أدري أتضح المعنى.

    أما الوحي ما هو؟ أي وحي اخواني الاعزاء؟ هذا الوحي المعنى الخاص وإلا بالمعنى العام شامل لكل هذه الأقسام كما قلنا.

    والوحي يحصل بواسطته, بواسطة الملك ولذلك الآن يريد أن يأخذ على هذا المعنى يقول: ولهذا الاحاديث القدسية لا تسمى وحياً ولا تسمى قراناً لماذا؟ هو يفسر الحديث القدسي بهذا المعنى وهو أنه من قبيل الإلهام وليس من قبيل الوحي, يعني الذي قال الحديث القدسي أخذه من الله بلا واسطة, طبعا هذا بيان للفرق بين القرآن وبين الحديث القدسي وإلا إذا يتذكر الإخوة نحن في مكانات أخرى بينا أنه يوجد فرق آخر: وهو أن القرآن هو كلام الله مضمونا و لفظاً, أما الحديث القدسي هو كلام الله مضمونا لا لفظا, أما الحديث النبوي أو الولي فهو مضموناً ولفظا للنبي أو الولي وهذه قائمة على أساس أوتيت جوامع  العلم, أوتيت جوامع  الحكم وذلك بيان وهو يذكر بيان آخر.

    يقول: ولذلك لا تسمى الاحاديث القدسية بالوحي والقران, هذه والقران معطوف على الوحي يعني لا تسمى وحيا ولا تسمى قرانا, وان كانت الاحاديث القدسية كلام الله تعالى, وأيضا قد مر أن الوحي.

    فرق آخر: يترتب على هذا الفرق الأول فرق ثاني بين الوحي وبين الإلهام وهو أنه الوحي قلنا أنه من خلال الملك فهل يسمع الملك أو يرى الملك أو لا يسمع ولا يرى؟

    يقول: وأيضاً قد مر أن الوحي يحصل بشهود الملك, الرؤية البصرية الرؤية القلبية, وسماع كلامه, السماع القلبي, فهو من الكشف الصوري, لأنه إذا صار سماع وشهود يكون من الكشف الصوري وليس من الكشف الشهودي, طبعا الكشف الشهودي أيضا أحد أقسام الكشف الصوري ولكن هو يقول هنا شهود وسماع فلا يمكن أن يقول من الكشف الشهودي ولابد أن يقول من الكشف الصوري الأعم من الكشف الشهودي البصري أو الكشف السماعي.

    قال: فهو من الكشف الشهودي ولكن  كشف شهودي يتضمن ماذا؟ المتضمن لكشف المعنى والذي إذا يتذكر الإخوة في أبحاث سابقة قلنا أنه أعلى مرتبة.

     قال: فتكون أعلى مرتبة وأكثر يقينا لجمعها بين الصورة والمعنى في صفحة 130 فيما تقدم, أما والإلهام ما هو؟ هذا من الكشف المعنوي المحض, وإذا ترجعون انتم إلى الروايات تجدون أن هذا المعنى أيضا الروايات أشارت إليه, يعني عندما نأتي إلى ذيل هذه الآية المباركة التي قرأناها من سورة الكهف نجد هذا المعنى بشكل واضح موجود, طبعا هذه الآية من سورة الكهف نحن لم نكملها للاخوة, الآية من سورة الكهف الإخوة إنشاء الله  يراجعوها هم لأنه أبحاثها كثيرا قيمة ومفيدة لأنه يقول: فتحصل أن القسم الثالث, أي {يرسل رسولا فيوحي} أو يرسل رسولا فيوحي وحي بتوسط الرسول الذي هو ملك الوحي {نزل به الروح الأمين على قلبك} فيوحي ذلك الملك بإذن الله ما يشاء من قبيل {نزل به الروح الأمين على قلبك} {قل من كان عدو لجبريل فانه نزله على قلبك} والموحي مع ذلك هو الله كما قال تعالى ولكن كيف أوحى الله؟ أوحى الله ذلك من خلال ملك ورسول والرسول بين لمن؟ يعني بمعنى أوضح توجد واسطة اختيارية بين الله وبين من وصل إليه الوحي. وأما القسم الثاني من وراء حجاب ما هو فرقه عن الرسول فهو أيضا مع الملك, والملك واسطة أو ليس واسطة, حجاب أو ليس حجاب؟ يقول نعم, يقول ما هو فرق هذا مع قوله أو من وراء حجاب؟ يقول فرقه أن من وراء حجاب أن هذا الحاجب هو يوحي أو لا يوحي؟ من قبيل الشجرة فان الشجرة حجاب ولكنه هي أوحت إلى موسى أو لا؟ لا.

    لذا قال: غير أن الواسطة لا توحي كما في القسم الثالث وإنما يبتدأ البحث مما وراء الحجاب لمكاني منه وهذا من قبيل تكليم موسى في الطور {فما آتاها نودي من جانب الوادي الأيمن في البقعة المباركة} نودي ممن؟ نودي من الشجرة إني  أنا الله.

    إذن: من وراء حجاب الشجرة وبهذا يفترق الأمر الثالث عن الأمر الثاني أنهما كلاهما مع الحجاب ولكن الثالث أن الواسطة توحي أما في الثاني الواسطة توحي أو لا توحي؟ لا توحي, ثم يوجد عنده بحث روائي قيم في صفحة 79 في ذيل هذه الآية المباركة وهي:

    في الدر المنثور عن عائشة, أن الحارث ابن هشام أنه سأل رسول الله قال: كيف يأتيك الوحي, قال:  أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصة الجرس, وذا تتذكرون هذا البحث أشرنا إليه يعني الكشف صوري أو معنوي؟ صوري, سماع أو شهود؟ سماع, فيصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو اشد علي, وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما أقول.

    قالت: عائشة ورايته ينزل في الوحي في الشديد البرد فيفصم وان جبينه لتفصد عرقا.

    وفي التوحيد عن زرارة قلت لأبي عبد الله جعلت فداك الغشية التي كانت تصيب رسول الله إذا نزل عليه الوحي؟

    قال: >ذلك الذي إذا لم يكن بينه وبين الله أحد < يعني هذا القسم الأول من الأقسام وهو بلا واسطة, ذاك إذا تجلى الله له ثم قال: >تلك النبوة يا زرارة<. ثم في العلل بإسناده عن الصادق قال جبرائيل: >إذا أتى النبي قعد بين يديه, هذه الرواية عجيبة, قعد بين يديه قعدة العبد وكان لا يدخل حتى يستأذن < وبطبيعة الحال إذا كان العبد الاعتباري لا يمكن أن يدخل على مولاه إلا بالإذن التشريعي فكيف إذا كان عبد وجودي وتكويني, وروايات أخرى في هذا المجال كثيرة جدا.

    في البصائر قال: سالت أبا جعفر من الرسول, من النبي, من المحدث؟ هذه الرواية المرتبطة ببحثنا, فقال: الرسول الذي يأتيه جبرائيل فيكلمه قبلا أمامه فيراه كما يرى أحدكم صاحبكما الذي يكلمه فهذا الرسول, والنبي الذي يؤتى في النوم نحو رؤيا ابراهيم ونحو ما كان يأخذ رسول الله من السبات إذا أتاه جبرائيل في النوم وهكذا النبي, ومنهم يجمع له الرسالة والنبوة فكان رسول الله نبيا, وأما المحدث فهو الذي يسمع الكلام ويحدثه من غير أن يراه ومن غير أن يأتيه في النوم< هذا كله موجود هنا.

    قال: وأيضا قد مر أن الوحي قد يحصل بشهود الملك, هذا الفرق الثاني وهو مترتب على الفرق الأول, وسماعه فهو من الكشف الصوري المتضمن للكشف المعنوي, أما والإلهام ما هو؟ هو الكشف المعنوي, طبعا عندما قلنا كشف معنوي يشمل كل المراتب السابقة في الكشف المعنوي الذي  يبدأ من المرتبة الأولى التي هي النفس وتسمر إلى العاقلة, والى القلب, والروح, والخفي, والاخفى.

    وأيضا الوحي, أي وحي هذا؟ الوحي بالمعنى الخاص الذي يقع في قبال الإلهام, والوحي من خواص النبوة لتعلقه بالظاهر والإلهام من خواص الولاية, هذه الجملة يوجد في كثير من الحديث وإنشاء الله عندما نأتي إلى بيان الفرق بين النبوة والرسالة والولاية هناك نفيض الكلام, ولكن بنحو الإجمال أقول لكم أن أتم مراتب النبوة وأتم مراتب الولاية اجتمعت في الخاتم ’ملتفتين, فلا توجد مرتبة في النبوة والرسالة أعلى من هذه المرتبة, ولا مرتبة من الولاية أعلى من هذه الولاية, وأهل البيت ^ورثوا عن جدهم مقام الولاية والباطن, فإذا فرضنا وإذا قبلنا هذا المعنى كما هو ثابت في محله أن أعلى مراتب الولاية موجودة عند الرسول وهؤلاء ورثوها فأعلى مراتب الولاية, فهم أفضل من الأنبياء السابقين جميعا من حيث الإمامة والولاية, إمامة بمعنى الولاية وليس الإمامة السياسية وليس الإمامة بمعنى القدوة, الولاية بمعنى وساطة الفيض الولاية وهذه الولاية بالمعنى التي يقولونها, أما باقي الأنبياء يختلفون ولهذا انتم تجدون ابراهيم الخليل كان نبيا ولكن لم يكن إماما إلى أن الله سبحانه وتعالى أعطاه مقام الإمامة وهكذا, والرسالات يأتي تفضيلها على هذا الاساس كما بيناه مفصلا في كتاب من الخلق إلى الحق, التفتوا جيدا.

    وعلى هذا الاساس بنحو الإجمال أشير وتفصيله إنشاء الله  في ذلك الفصل المعلى, وهو أنه في قضية موسى والعبد والصالح الاختلاف كان مرتبط بالنبوة وبالولاية وليس الاختلاف كان في النبوة حتى يقال كيف يعقل أن يكون هناك نبي أنبياء أولي العزم ويوجد أحد في زمانه لأن ذلك العبد كان تابعا لموسى في النبوة فكيف يمكن أن يكون أفضل منه؟

    الجواب: لم يكن في النبوة وفي الشريعة وفي الظاهر  أفضل من موسى هذا لا فرض له لأنه كان نبياً من أنبياء أولي العزم فكل من كان في زمانه كان محكوما بشريعة موسى, طبعا هذا على فرض أن المراد من موسى هو النبي من أولي العزم لأنه احتمال آخر أنه لا هذا ليس النبي الذي هو من أولي العزم وهذا احتمال ضعيف ولكنه موجود هذا الاحتمال, أما على أساس مقام الولاية لا ليس بالضرورة لأنه إذا كان الأكمل في مقام النبوة والرسالة بالضرورة يكون هو الأكمل في مقام الولاية أبدا, (كلام لأحد الحضور) أنا ليس محل كلامي هذا ولكن حتى لا يبقى سؤالك بدون جواب: جنابك أنه أمير المؤمنين المؤمنين أفضل أم الحاكم الذي حاكمه, اجبني, أمير المؤمنين صار محكوما للقضاء, (كلام لأحد الحضور) ليس فيه مشكلة الآن لا يوجد عندنا, لو أن قضية من القضايا أن أحد المراجع في هذا الزمان دُعي إليها في القضاء فإذا ذهب إلى القاضي والقاضي يريد أن يحكمه يعني بالضرورة القاضي أعلم منه؟ لا يوجد ملازمة, القضاء منصب تنفيذي إجرائي ولكن الأعلمية واقع وجودي تكويني, هنا بحث وهذا طرحناه في بحث الإمامة وهو إن النبوة والرسالة هي درجة وجودية أو منصب إبلاغي تنفيذي أي منهما؟ انتهت القضية, إذا صار أفضل هذا ليس معناه أنه في كمال من الكمالات أفضل وإنما في درجة لسبب من الاسباب كما نحن عندنا في سفراء الإمام الحجة الخاصين كانوا خاصين وكان يوجد من هو اعلم منهم.

    إذن: تبين أن المنصب ليس بالضرورة يريد أن يقول هذا أفضل هذا, نعم هذا أفضل من جهة وقد يكون الآخرون أفضل من جهات أخرى لذا أنا في المقدمة ذكرت للاخوة أكمل الأفراد ظاهرا وأكمل الأفراد باطناً وولايةً هو الخاتم هذه الأكملية من الطرفين والحيثيتين لم تجتمع إلا في الخاتم, هذا قلته للاخوة الاعزاء حتى كثير من معارف القرآن إذا لم تتضح هذه الحقيقة تكون غير قابلة للحل, واحدة منها هذه القضية وهو أنه كيف يمكن للعبد الصالح أن يتكلم بهذه اللغة مع من وانتم مطلعين على العبارات وهي عبارات جدا قوية ولا يمكن أن تصدر من إنسان (كلام لأحد الحضور) {قال انك لن تستطيع معي صبرا} محل شاهدي هذا {وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} هذه أي عدم إحاطة عدم إحاطة بشريعته الظاهرية؟ أصلاً له فرض هذا الفرض؟ أصلا هذا لا فرض له, إذن هذا أي علم الذي العبد الصالح يقول {أنت لم  تحط به} هذا علم الباطن وعلم الولاية والسر, ولذا هذه الأعمال التي قام بها هذا العبد الصالح لم تكن أنه امسك سكينه وقتل شخص حتى يكون خلاف الموازين, لا قتل, ولا هدم, ولا فعل, بأسباب يعني عمله كان عمل باطني ولم يكن ماذا؟ أنت قد ترى إنسان يمشي في الشارع وضربته سيارة ولكن ما الذي حدث باطنا حتى هذه السيارة صدمته وقتلته, هذا العمل أي عملت, هذا العمل الباطني, ولكن أنت إذا رأيت هذا شاب وقتل تقول يا أخي سبحان الله صدفة خرج للشارع وسيارة دهسته, هذا أنت تحسبه بحسابات الظاهر, ولكن يوجد مدبر باطني يدير الامور, هذا العبد الصالح لم يقم بالعمل الظاهر بل قام بالتدبير الباطني الذي العمل الظاهر أنت تراه في الخارج, هذا جدار مقتضى القواعد أن هذا الجدار الذي عمره 700 سنة المفروض إلى الآن منهدم, لأنه ترى بين مدة ومدة لسبب من الاسباب الله يهيأ الآن مديرية الآثار يقول هذا الجدار لابد أن نبنيه لماذا هذا الجدار دون هذا الجدار أنت لا تعلم, ولكن يوجد مدبر باطني حقيقي وراء هذا العالم هو يدبر الامور, باب الصدفة يوجد طائرة تسقط في الطريق وأنت من باب الصدفة في ذلك اليوم أتيت أن تركب في الطائرة وصار عندك شغل فلم تسافر ورجعت وبعد ساعتين ماذا أخبروك؟ تقول سبحان الله صدفة هذا الأمر يصير, ولكن هذا ليس صدفة هذا أمر باطني إما صلة رحم أو أعطى صدقة, وإما دعاء الوالدين, وإما دعاء محتاج, وإما إلى غير ذلك وتتمة الحديث تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/03/05
    • مرات التنزيل : 1828

  • جديد المرئيات