نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (133)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين  الطاهرين

    قال: والاول إما أن يتعلق بالأمور الدنيوية مثل إحضار الشيء الخارجي الغائب عن المكاشِف كإحضار الفواكه في الصيفية في الشتاء مثلا والأخبار عن قدوم زيد غدا وأمثال ذلك.

    كان الكلام في الواردات القلبية بالمعنى العام أعم من أن يكون مبدأ هذه الواردات هو الملك, الشيطان, أو الجن, أو غير ذلك, هنا صار بصدد بيان أن متعلق هذه الواردات القلبية تارة تكون مرتبطة بأمور دنيوية وأخرى تكون مرتبطة بأمور أخروية والمتعلقة بالأمور الدنيوية مرتبطة عموما بالجن, أما ما يتعلق بالأمور الأخروية  فيتعلق بالملك وما فوق الملك, هذا بنحو الإجمال فيما يتعلق بالمبدأ الفاعلي للواردات القلبية جميعا فقط نطب العبارة حتى نأتي إلى المطالب الاساسية التي لا بد أن تذكر خارج الفصل.

    قال: والاول, يعني ما كان حقا أعم من أن يكون رحمانياً أو ملكيا أو جنيا, والاول في قبال الشيطان, كأنه بعد ذلك سيأتي في صفحة 139 في السطر الثاني يقول: وقد يقال لغير الشيطاني كلها يقال رحماني.

    إذن: هذا إشارة إلى التقسيم الأول وهو إما روحاني وإما شيطاني, والاول, يعني الرحماني إما الهي وإما ملكي وإما جني.

    قال: والاول, يعني الذي هو رحماني بأقسامه الثلاثة إما أن يتعلق كتعلق تلك الواردات القلبية بالأمور الدنيوية, يعني تتعلق بأمور مرتبطة بهذه الدنيا مثل إحضار الشيء الخارجي الغائب عن المكاشف في الحال, كإحضار الفواكه الصيفية في الشتاء مثلا, ولا بد أن يتأمل فيما يتعلق بـ {كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا} هو من هذه المصاديق أو من مصاديق آخر, والأخبار عن قدوم زيد غدا, أو هذا الذي أشار إليه إذا يتذكر الإخوة في صفحة, تعالوا معنا إلى صفحة 125 قال: وقد يفرق بينهم وبين الملائكة اصحاب الأذواق بموازينهم الخاصة, وقد يحصل بأخبارهم عن أنفسهم إلى آخره,  وذكر  بعض الامور المرتبطة هناك بأنه فلان يعطيه فلان وفلان يفعل له كذا, ذكرنا بعض الموارد من هذا القبيل.

    قال: والأخبار عن قدوم زيد غدا وأمثال ذلك مما هو غير معتبر عند أهل الله, مراد من عدم الاعتبار يعني يعني غير معتنى به من قبل أهل الله, يعني العارف أن السالك يسير باتجاه أن يحصل هذه الواردات أو لا يسير؟ لا يسير بهذا الإتجاه.

    غير معتبرة مما هو غير معتبر عند أهل الله, إذا كان الأمر كذلك فهو جني, لعله والله العالم يريد أن يقول أن الواردات المرتبطة بالأمور الدنيونية كلها امور جنية, الآن هذا هذه الضابطة ما هو منشأها لابد أن يكون تحقيق فيها وإلا لا بد أن يقبل أن كل شيء على ما هو  عليه.

    ثم قال: وطي المكان والزمان والنفوذ من الجدان من غير الإنثلام والانشقاق, هذه كانت موجودة حتى في الأزمنة المعاصرة لنا الآن ولا أدري كان يوجد أحد مثل هؤلاء يقوم بمثل بهذه الاعمال استطاع أن يعبر جدار الصين الذي هو عرضه لا أدري كم متر من غير أن يحصل إنثلام أو ثقب أو شيء آخر هذا ممكن وليس غير ممكن.

    قال: والنفوذ من الجدران من غير الإنثلام والانشقاق أيضا من خواصهم وخواص الملائكة.

    التفتوا جيدا بهذا البيان واقعا لا نعرف الضابط, الآن فقط ذكر لنا بعض الأمثلة وهذه الأمثلة لا تعطينا ضابط, إذا كان من قبيل النفوذ في الجدران فهو ملكي وجني, أما من قبيل إحضار الفواكه فهو جني لا ملكي وهذه ليست ضوابط علميه ولا يمكن الاعتماد على مثل هذا الكلام, لذا أن ذكرت للإخوان أن عبارة مصباح الأنس في بيان الضابط كان أدق.

    قال: إذا كانت مرتبطة بالمعارف فهو الهي, إذا كانت مرتبطة بالدعوى إلى الطاعات فهو ملكي, وإذا لم يكن هذا ولا ذاك فهو أما نفساني وأما شيطاني, ذاك فيه ضابط عام يمكن للإنسان أن يعتمد عليه.

    قال: أيضا من خواصهم, يعني خواص الجن, وخواص الملائكة التي أعلى مرتبة من الجن, الكمل من الناس والأقطاب من الناس لهم مثل هذه التصرفات أو هذه الواردات أو لا؟ أساسا انتم لابد أن تلتفتون أن حديثنا في الواردات القلبية ولكن الامور التي تذكر مرتبطة بالواردات أو مرتبطة بالتصرف, من هنا يبقى ذلك الإشكال قائم وهو أن حديثنا في البحث العلمي فكيف دخل بالبعد العملي.

    جوابه والله العالم: هذا علم سنخ علم تترتب عليه آثار عملية وتصرف في نظام الكون.

    فان كان للكمل منها شيء يعني من هذه الامور من الواردات القلبية المرتبطة بالأمور الدنيونية, فان كان للكمل منها, أي من هذه الواردات القلبية المتعلقة بالأمور الدنيوية, أن كان للكمل منها شي فبمعاونة من الملائكة ومن مقام الملائكة, هذا إذا كانت تلك الواردات القلبية من الامور الدنيوية المتعلقة بالأمور الدنيوية.

    وأما إذا لم يتعلق (كلام لأحد الحضور) نعم طبعا يوجد فهم بالواسطة يكون, فلهذا نحن بالأمس نحن قلنا ن الإلهام فيه معنى خاص ومعنى عام هو هنا فسر الإلهام بلا واسطة ولكن بعض أقسام الإلهام يكون مع الواسطة لذا الإلهام بالمعنى العام والإلهام بالمعنى الخاص وهذا بحثه إنشاء أشير إلى مصدره.

    قال: وان لم يتعلق بالأمور الدنيوية, يعني الواردات القلبية لم تكن مما تعلق بالأمور الدنيوية بل مما تتعلق بالأمور الأخروية.

    قال: وان لم يتعلق بها وتعلق بالآخرة, ليس يتعلق بالآخرة, وارد قلبي متعلق بالأمور الأخروية فيكون ملكيا, وليس للجن فيه نصيب, أو كان من قبيل الاطلاع بالضمائر والخواطر فهو ملكي, هذا الذي أشرنا إليه في أول البحث قال: مثل الاخبار عن المغيبات والاطلاع بالضمائر والإنباء عن الخواطر قبل وقوعها في القلب, التفتوا جيدا, مرة أحد يخبر أن فلان غدا يأتي وفلان غدا لا يأتي وفلان يسافر وفلان لا يسافر, ومرة يقول غدا يخطر في قلبك أو ترى كذا وتسمع كذا, يقول هذا القسم الثاني مرتبط بالملك وهذا أيضا فيها ضابطة أو لا توجد ضابطة؟ هذه أمثلة كيف نميز بين من يقدر عليه الملك ولا يقدر عليه الجن, لأن كل ما يقدر عليه الملك وليس العكس, وليس كل ما يقدر عليه الملك يقدر عليه الجن, على أي الأحوال.

    قال: وان كان من قبيل الاطلاع  بالضمائر والخواطر فهو مبدأه ملكي لأن الجن لا يقدر على ذلك, وهذا أيضا كما قلت يحتاج إلى ضابطة, ما هي الضابطة التي على أساسها نقول الملك يقدر على هذا والجن لا يقدر على هذا؟

    وان كان, أي تلك المكاشفات والواردات القلبية, وان كان بحيث يعطي المكاشف قوة التصرف في الملك في عالم الشهادة والملكوت في عالم الغيب, كالإحياء, والإماتة, والاخراج لمن في البرازخ محبوس, هل يستطيع أو لا يستطيع؟

    نعم يستطيع, بعض الأولياء يستطيع أن يخلص بعض المتأذي في عالم البرزخ من عذاب عالم البرزخ, الإخراج لمن في البرازخ محبوس وإدخال من يريد في العوالم الملكوتية, هو يعيش في الدنيا ولكن يستطيع ماذا؟ >ما أكثر الضجيج واقل الحجيج< أن يمسح على عينه فيدخله إلى عالم الملكوت, أو  كما فعل الإمام الحسين ليلة العاشر من المحرم حيث أنه أرى أصحابه مواقعهم في الجنة.

    قال: من يريد في العوالم الملكوتية من المريدين الطالبين يقول أن كان كذا فهو رحماني, هذا أي رحماني هذا ليس رحماني بالمعنى العام وإنما بالمعنى الخاص يعني في قبال الملكي والجني.

    لأن أمثال هذه التصرفات, أيضا لم يعطنا ضابطة وإنما أعطانا مجموعة من الأمثلة, الآن أتضح بأنه فيما يتعلق بتعريف المبدأ الإلهي والمبدأ الملكي والمبدأ الجني فقط ذكر لنا مجموعة من الأمثلة ولم يبين لنا الضابط العام حتى  نقول أن مبدأ هذا الوارد القلبي وهذا الكشف مبدأه إلهي أو ملكي أو جني مؤمن, أو مبدأه شيطاني باطل.

    قال: لأن أمثال هذه التصرفات التي هي في الملك والملكوت من خواص المرتبة الإلهية ومن هنا سميت هذه الواردات مبدأها إلهي لا ملكي ولا جني, القائم فيها وبها الكمل والأقطاب, فان الكمل والأقطاب قائمون بالمرتبة الإلهية وقائمون بالمرتبة الإلهية, القائم في هذه المرتبة الإلهية الكمل والأقطاب.

    وقد يقال لغير الشيطاني كلها يقال رحماني ومراد من الرحماني هنا الرحماني بالمعنى العام الذي تحته يوجد الحق وتحته يوجد أما الهي, وأما ملكي, وأما جني, فإذا عرفت ما بينا لك واعتبرت حالك ومقام {بل الإنسان على نفسه بصيرة} يقول الآن هذه المواقف نحن أعطيانا بيدك سواء على مستوى العقل النظري أو على مستوى العقل العملي, علمت كمال استعداداتك إلى أي حد وعلمت مرتبة كشفك, أنه أنت في المرتبة الأولى في المرتبة الثانية في المرتبة الثالثة وهكذا, ومرتبة كشفك ونقصانهما, نقصان الاستعداد والكشف, والله هو الحكيم العليم, بينا مرارا لماذا أن مسألة الكشف والواردات القلبية تربط بالعلم من جهة وتربط بالحكمة من جهة أخرى, بالعلم باعتبار انها كلها مبدأها أما نفس العلم كما في الكشف المعنوي, وإما سوادن العلم كما في الكشف الصور, لماذا الحكمة؟ باعتبار أن الله سبحانه وتعالى لا يظهر لا يجعل أي موجود كان مظهرا لهذا الاسم ولسوادن هذا الاسم وإنما يعطي كل ذي حق حقه, يعني إعطاء كل مستحق لما هو مستحق له, هذه تمام الكلام في هذا الفصل السابع.

    في هذا الفصل السابع يوجد مجموعة من النكات أنا بودي أن أشير إليها:

    النكتة الأولى: إذا يتذكر الإخوة نحن قسمنا الكشف إلى كشف صوري والى كشف معنوي ويتذكر الإخوة قلنا أن الكشف الصوري يتضمن في الأعم الاغلب كشفا معنويا وذكرنا أن هذه موجودة أيضا في الكشف المعنوي, أن هناك نحوا من الكشف المعنوي يتضمن كشفا صوريا, والمثال الذي يمكن أن يذكر لهذه الحالة هذه الرواية التي أشرنا إليها فيما سبق وهي المذكورة في نوادر الاخبار للفيض الكاشاني صفحة 152 الرواية عن كشف الغمة عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله  ’وقد سأل بأي لغة خاطبك ربك ليلة المعراج فقال: خاطبي بلغة علي بن ابي طالب.

    المراد من اللغة ليس فارسي, أو عربي, أو تركي, المراد يعني الصوت كما سيتضح بعد ذلك, قال: خاطبني بلغة علي بن ابي طالب فألهمت, رسول الله يقول: أن قلت يا رب أنت خاطبتني أم علي فقال: يا احمد أنا شيء ليس كالأشياء ولا أخاطب الناس ولا أوصف على أي حال, خلقتك من نوري  وخلقت عليا من نورك فاطلعت على سرائر قلبك فلم أجد أحدا إلى قلبك أحب من علي بن ابي طالب فخاطبتك بلسانه كي يطمأن قلبك< هذه ينقلها عن كشف الغمة الجزء الأول صفحة 106 كما في الحاشية في نوادر الاخبار, هذا الأمر الأول.

    الأمر الثاني: وهي نكتة لطيفة يشير إليها السيد حيدر الآملي &في جامع الأسرار صفحه 463 هنا لا أنسى أن أشير هناك في جامع الاسرار هناك القاعدة الثالثة في بيان الوحي والإلهام والكشف, هنا يوجد بحث مفصل في أقسام الوحي صفحة 448 في القاعدة الثالثة في بيان الوحي والإلهام والكشف من صفحه 448 ونص العبارات الموجودة في هذا الفصل جاءت في هذه القاعدة الثالثة مع توضيحات من سيد حيدر الآملي,واللطيف أنه في الأعم الاغلب عبارات القيصري فتوضيحاته أصبحت بين الأقواس وليس عبارات القيصري بين الأقواس, فلهذا انتم ترون إذا يوجد عبارات بين الأقواس هذه توضيحات السيد حيدر الآملي وإلا أصل المتن لعبارات القيصري, الإخوة إنشاء الله يراجعون هذا البحث مفصلا هناك في صفحه إذا تتذكرون هذه المعنى قرأناه في صفحه 134 : ثم في مرتبة السر, ثم في مرتبة الخفي بحسب  مقاميهما ولا يمكن إليه الإشارة, التفت هنا إلى ماذا يريد أن يقول: ثم بين قوسين ظهور المعاني في كلمة السر, فإذن ظهور المعاني هذه إضافة السيد حيدر الآملي.

    ثم ظهورها, هذه عبارة السيد حيدر الآملي, في مرتبة الخفي وظهور المعاني في هذه المرتبة لا يمكن الإشارة إليه, يعني ظهور المعاني في هذه المرتبة هذه عبارة السيد حيدر الآملي, هذه الفصل بكامله مع التوضحيات موجود بهذه القاعدة الثالثة والاخوة يرجعون إليها.

    أما النكتة التي أردت أن أشير إليها هي هذه: في صفحه 463 وهذه الأبيات من الشعر, إذا تتذكرون نحن في صفحة 128 كان عندنا هذه قال: فوضع الله كفه بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي, هذه الأبيات موجودة:

    قيل لي قل في علي مدحا           ينتضي نطقي نارا موصدة

    قلت هل امدح من في فضله       حار ذو اللب إلى أن عبده

    والنبي المصطفى قال لنا (محل الشاهد هنا يبدأ)

    والنبي المصطفى قال لنا           ليلة المعراج لما صعد

    وضع الله على ظهري يدا          فأراني القلب أن قد برد

    هذا مقام علي وعلي واضع       رجليه بمكان وضع الله يده

    هذا مقام علي × يقول بأنه تعلمون بأنه في كسر الأصنام أن أمير المؤمنين × في الموضع الذي وضع الله يده, وعلي واضع رجليه لي بمكان وضع الله يده, ولله در القائل يقول الآملي: ولله در القائل وقد تنسب هذه الأبيات إلى المتنبي وتنسب إلى آمين الدين الطرابلسي رحمة الله عليهما كما في النص , هذا مطلب.

    المطلب الآخر: الذي ينبغي أن نقف عنده إذا يتذكر الإخوة نحن إلى هنا ذكرنا أن الكشف أما دنيوي وأما أخروي والأخروي أما صوري وأما معنوي.

    إذن أقسام الكشف وأقسام الواردات القلبية تكون أما دنيوية وإما أخروية صورية, وإما أخروية مرتبطة بعالم الغيب معنويا, أهل الله على أي شيء يريدون ويعتمدون ويطلبون؟ يقولون عادة يريدون القسم الثالث لا القسم الأول ولا القسم الثاني, هنا عبارة قيمة عفيف الدين سليمان التلمساني في منازل السائرين هناك عنده عبارة جيدة في بحث الفراسة صفحه 347 هذه العبارة أنا بودي أن الإخوة وهي تقريبا صفحة أو صفحة ونصف أطالعها بسرعة ولكنه من خلالها أنت تستطيع أن تميز مقامات من يدعون العرفان ومن يدعون الكشف ولعله صادقين أنا لا أتكلم في اصحاب الدكاكين والكذابين والدجالين لا هؤلاء خارجين تخصصا, إنما أتكلم بالحمل الشائع عادة له واردات قلبية, وله كشف, وله إخبارات, وله كرامات, نريد أن نعرف أن المعتبر والذي له قيمة عند اصحاب هذا البند أي من هذه الأقسام  الثلاثة.

    يقول: في صفحة 347 كما قلت في مبحث الدرجة الثالثة بصيرة تفجر المعرفة وتثبت الإشارة وتنبت الفراسة, تحت هذا العنوان هكذا يقول.

    يقول: والذي ثبت عندي بالتجربة أن فراسة أهل المعرفة إنما هي في تمييزهم لمن يصلح لحضرة الله عز وجل ممن لا يصلح, هذه الأمثلة كثيرة ولا أريد أن اعلق لأنه يحتاج إلى أنه كل جملة أقف عندها.

    يقول واقعا أن الفراسة الحقيقة أن تعرف هذا الإنسان غني أو فقير عنده أو ليس عنده جيد أو غير جيد, الفراسة هو أن تعرف أن فيه استعداد أن يذهب إلى لقاء الله أو لا يوجد فيه استعداد, لأنه حتى إذا فيه استعداد تأخذ بيده وتذهب به, انتم رأيتم في بعض الأحيان الإنسان عندما يريد أن يذهب إلى خدمة عالم يجد بعض تلامذته ينتفعون من هذا المجلس ويأخذهم معه إلى ذلك المجلس مجلس العلم.

    يقول: الفراسة الحقيقية هي التمييز ممن يدخل حضرة الله ممن لا يصلح, ويعرفون أهل الاستعداد الذين اشتغلوا بالله تعالى{الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا} ووصلوا إلى حضرة الجمع وهذه هي فراسة أهل المعرفة.

    وإما فراسة أهل الرياضة, يقسم الفراسة إلى أقسام, هذه فراسة أهل المعرفة أما فراسة أهل الجوع أهل الرياضة, بالجوع والخلوة وتصفية الباطن من غير وصلة إلى جناب الحق تعالى, رياضة عنده, زهد عنده,  ولكن الهدف أن يصل إلى الله أو أن يخبر أن فلان يأتي غدا أو أن فلان لا يأتي غدا, فلان فعل ذلك أو لم يفعل.

    فلهم فراسة كشف الصور والأخبار المغيبات المختصة بالخلق, فلان يأتي وفلان لا يأتي, فلان يفعل وفلان لا يفعل, فلان يرزق وفلان لا يرزق, فهم لا يخبرون إلا عن الخلق لأنهم محجوبون عن الحق.

    وأما أهل المعرفة فلأشتغالهم مما يرد عليهم مما هو من معارف الحق فإخبارهم إنما هو عن الله تعالى, عن المعارف الإلهية إذا تتذكرون عن مصباح الانس قال إذا كان المبدأ الإلهي فماذا إذا كانت الواردات واردات مرتبطة بالمعارف الإلهية فالمبدأ  الهي.

    ولما كان, الآن يقول تعالى إلى الناس, هذا هو الضابط بيناه فراسة أهل المعرفة وفراسة أهل الرياضة, ولما كان العالم أكثرهم أهل انقطاع عن الله, وليس أهل انقطاع لله, واشتغال بالدنيا, مالت قلوبهم إلى أهل كشف الصور, يعني الكشف الصورية, والأخبار عن ما غاب من أحوال المخلوقات فعظموهم واعتقدوا أنهم هم أهل الله تعالى خاصة, بأي بينان وبأي استدلال؟

    قال: واعرضوا عن أهل الكشف الحقيقي واتهموهم قالوا إذا كنتم من أهل الله كنتم تستطيعون أن تخبروا عن أحوالنا وإذا كنتم لا تستطيعون أن تخبروا عن أحوالنا كيف تستطيعون أن تخبرون عن الله؟ ملتفتين.

    قال: واعرضوا عن أهل كشف الحقيقة واتهموهم فيما يخبرون به عن الله لو كان هؤلاء أهل حق كما يزعمون لأخبرونا  عن أحوالنا وأحوال المخلوقات, وإذا كانوا لا يقدرون على كشف أحوال المخلوقات فكيف يقدرون على كشف امور أعلى من أحوال المخلوقات وهي عن المعارف الإلهية.

    فكذبوهم بهذا القياس الفاسد وعميت عليهم الأنباء الصحيحة ولم يعلموا أن الله تعالى قد حمى هؤلاء عن ملاحظة أهل الخلق, يقولون كان يستدرجهم إذا كان يجب أهل الخلق ويعطيهم, لأنه كانوا يفتحون دكانهم ويعيشون أنه فلان اخبر كذا وفلان يعيش كذا وفلان لا يفعل كذا.

    وشغلهم عن ما سواه حماية لهم وغيرة عليهم, وقد رأينا أهل الحق إذا التفتوا أدنى التفاتة إلى كشف الصور أدركوا منها ما لا يقدر غيرهم على إدراكه فالفراسة, الآن هذه النتيجة, فالفراسة التي تثبتها المعرفة هي الفراسة في ما يتعلق بالحق والقرب منه.

    وأما فراسة أهل الصفاء الخارجين المتعلقين بالخلق فلا يتعلق بجناب الحق ولا بالقرب منه, ويشترك, التفتوا إلى آخر جملة وهي واقعا تنفعنا كثيرا, ويشترك المسلمون والنصارى واليهود وسائر الطوائف فيها.

    إذن: إلى هنا يتضح لنا الامور المرتبطة أو بالأمور الأخروية التي هي بنحو من الانحاء دنيوية, هذه فيها خاصية أن {اتقوا الله ويعلمكم الله} هذه لها علاقة أو ليس لها علاقة؟ لا علاقة لها.

    إذن: هذه تكون ضابطة جيدة بأيدينا يا اخواني لأنه الآن تعلمون أن السوق سوق ادعاءات واسعة في كل مكان, أنه يخبر فلان يأتي وفلان لا يأتي وبكرة ترزق أو لا ترزق, هذه كلها امور بولي من أولياء الله أو لا علاقة لها؟ لا.

    إذن: لا تستدلون أن فلان اخبرني بالأمس وأنا اليوم رايته فعلا, لأنه الجن الفاسق والكافر عنده هذه القدرة أو ليس عنده القدرة؟ نعم يوحون إلى أوليائهم هذه المسائل حتى يغروكم وتتصورن أن هؤلاء من أولياء الله, إذن هذه ليست ميزان في معرفة أن هذا ولي من أولياء الله أو ليس كذلك, ومن هنا أنت تعرف أن الائمة استعملوا هذا الطريق أو لم يستعملوا هذا الطريق؟ ما استعملوه إلا للضرورة القصوى, أما أعدائهم والدكاكين المقابلة لهم كانوا مشغولين بمثل هذه الامور, الائمة ^هذا الباب أغلقوه وفتحوا باب المعارف, نعم قد يأتي أحد ولا تستطيع أن تثبت له الإمام إلا عن طريق الصرة التي بيده فيها كم درهم, أو في الطريق ماذا أكل وماذا احتاج وهكذا, وإلا هذه القضايا بالاخبار بأمور الدنيا والأشياء المرتبطة فيها كما يقول: ويشترك المسلمون والنصارى واليهود وسائر السفراء فيها لانها شريعة عند الله تعالى, هذه ليست هي شريعة الحق فيخص بها أهلها وسيأتي في باب ما تعلمه إنشاء الله  تعالى, هذا بحث.

    البحث الآخر: وهذا من الأبحاث القيمة والمهمة في نظري وان كان أشرنا إليه في بعض الأحيان اشارات إجمالية وهي المقامات السبعة للنفس, إذا تتذكرون نحن في ما يتعلق في المقامات السبعة للإنسان وهي المفكرة, والعاقلة, والقلب, والروح, والسر, والخفي, والاخفى, ذكرنا هذا ولكنه إذا يتذكر الإخوة قلنا أن هذه المراتب مرتبطة أن صح التعبير مرتبطة بالعقل النظري بالعلم أن صح التعبير, وهناك مراتب سبعة مرتبطة بالبعد العملي للإنسان يعني بالعبد السلوكي للإنسان, الناس بحسب سلوكهم وعبادتهم وارتباطهم بالله طبعا هذه المراتب ناتجة من تلك المراتب العلمية, لذا نحاول الوقوف على هذه المراتب السبع بنحو الإجمال, طبعا أيضا يعبر عنها مراتب سبع, ويعبر عنها البطون السبعة, ويعبر عنها بتعبيرات متعددة وهكذا, الآن نحن نبدأ بالبطن الأول أو المرتبة الاولى:

    المرتبة الاولى: وهي تقريبا وليس في الأعم الاغلب  ولكن حالة عامة موجودة وهي النظر إلى الدنيا بما هي هدف وغاية, يعني يطلبون الدنيا ولكن يطلبون الدنيا لأجل الدنيا, وهذا هو الذي أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة آل عمران في المصحف, اظهروا لنا الآية 14 من سورة آل عمران قال تعالى, طبعا هذه الآية من الآيات التي لابد للإنسان أن يقف عندها كثيرا, قال تعالى {زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسمومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا} التفتوا جيدا ما الدليل على أن هؤلاء يريدون الدنيا ولا يريدون الآخرة, لأن الآية قالت {والله عنده حسن المآب} إذن هؤلاء طلبوها لأجل الدنيا, وهؤلاء منطقهم كما ورد في سورة البقرة الآية 200 عجيب القرآن الكريم في دقائقه بين هذه الحقائق, منطق هؤلاء القرآن الكريم  في الآية 200 من سورة البقرة يقول {فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آبائكم أو اشد ذكرا} الآن التفتوا جيدا, {فمن الناس من يقول آتنا في الدنيا} ما الذي يؤتيه يقول لا يفرق لأنه نحن إنما نريد الحسنة ولا نريد السيئة إذا كنا مؤمنين بالآخرة ولأجل الآخرة, أما إذا كان نريد الدنيا فهل يفرق غير الحسنة أو لا يفرق؟ وهذا منطق كثير من الناس وان كان يلقلق على لسانه لقلة الإسلام والإيمان والتقوى, تجد أنه يريد الدنيا ويريد المال أعم من أن يكون حلالا أو حراما, وليس فقط يريده أعم مما حلالا أو حراما بل حتى لو كان حراما يحاول أن يلبسه لباس بألف حيلة حتى كتبنا الكتب المتعددة أن هذه الحرام كيف نجعله حلالا, لذا القرآن الكريم يذكر منطق هؤلاء ليس هو يقول أريد في الدنيا ولا افرق بل هو يلبس الحق بالباطل هذا لا إشكال ولا شبهة فيه, ولكن الكلام هذا لسان حالهم وهذا منطقهم وليس هذا  بيانهم فهم لا يقولون ذلك, منطقهم يقولون {ربنا آتنا في الدنيا} إذا كان هكذا منطقهم هؤلاء لهم نصيب في الآخرة أو ليس لهم نصيب؟ وما له في الآخرة من خلاق ومن نصيب, هذه هي المرتبة الأولى أو البطن الأول.

    المرتبة الثانية: التي لابد أن نقف عندها هي مرتبة من يريد الدنيا ويطلب الدنيا ولذائذ الدنيا وحسنات الدنيا ولكن لأجل الآخرة هذه نقطة, ليس أنه لا يريد الدنيا, يترك الدنيا, يزهد عن الدنيا, لا قيمة للدنيا عنده, طلقت ثلاث لا رجعة لي فنها, لا ليس هكذا وإنما يريد الدنيا ويطلبها ولكن يطلبها لأجل ماذا؟ لأجل الآخرة, وهؤلاء هم الذين عبر عنهم القرآن الكريم في سورة البقرة الآية 201 قال عنهم وهو كذلك وهو المنطق الطبيعي لهم, {ومنهم يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة}, هؤلاء يريدون الدنيا ولكن يريدون أي شيء من الدنيا؟ ما هو الحسن, ما هو الحلال, ما هو المطلوب الذي يوصلهم إلى الآخرة, في الدنيا حسنات وفي الآخرة حسنات, وقنا عذاب النار, القسم الأول ما له في الآخرة من خلاق, وأما القسم الثاني قال {أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب} هذا هو البطن الثاني, هذا البطن الثاني بمقتضى هذا المنطق هل يكتفي بأقل ضرورات الدنيا أو يتوسع فيها بملاذها في التوسعة في… إلى غير ذلك, أي منها؟ (كلام لأحد الحضور) لا يرى أي غضاضة في التوسع في حلالها, في التوسع بلذائذها بكل شيء, افترض بيت 100 متر أو 200 متر يقول لماذا اكتفي بهذا هذا ليس حرام.

    ننتقل بعد ذلك إلى الطبقة الثالثة أو المرتبة الثالثة أو البطن الثالث: هؤلاء الذين طلبهم الآخرة ولا يريدون الدنيا وإذا قبلوا الدنيا أو طلبوها فبعنوان {فمن اضطر} من باب الاضطرار في النتيجة لابد أن يكون عنده مجال, لابد أن يشرب, لابد لابد, فهؤلاء الذين زهدوا في الدنيا, ليس زهدوا في الحرام بل زهدوا في حلالها, وتفصيله يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/03/06
    • مرات التنزيل : 1636

  • جديد المرئيات