نصوص ومقالات مختارة

  • نظرية وحدة الوجود العرفانية (155)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قال: فقال {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} مشيراً الى دولة حكم المرتبة الاحدية وجاء في الخبر الصحيح أيضا أن الحق سبحانه يميت جميع الموجودات حتى الملائكة وملك الموت أيضاً.

    كان الكلام في بيان معنى الفناء, ما معنى الفناء؟ طبعاً يعتقد هؤلاء أن الفناء أمر لا ريب فيه, أن الفناء حق واقع لا شك فيه, الآن لماذا؟ بيانه سأبينه بعد ذلك, ويطبقون ذلك على ما يتحقق للموجودات الإمكانية بعد النفخ الأول, إذن التفتوا جيدا محل الحديث أين؟ أن هؤلاء يعتقدون أن الحشر الأكبر لا يتحقق إلا بعد الفناء, وموقع هذا الفناء إنما يتحقق بعد نفخ الصور الأول.

    إذن: لا هو في نشأة الدنيا ولا هو في عالم البرزخ هذا الفناء العمومي لا الفناء الخاص, ولا هو في الحشر الأكبر, وبعد ذلك سنبين وهذه نقطة أساسية انتبهوا جيدا في النتيجة في الحشر الأكبر توجد كثر أو لا توجد كثرة؟ نحن بينا أنه ثم نفخ في أخرى {فإذا هم قيام ينظرون} إذن توجد الكثرة فما هو الفرق بين الكثرة التي بعد الفناء والكثرة التي قبل الفناء, لا أدري أتضح المعنى.

    إذن: نحن يوجد عندنا فناء متوسط بين كثرتين, كثرة ما قبل الفناء وكثرة ما بعد الفناء فما هو الفرق بينهما هذا إنشاء الله سيأتي, المهم أن الفناء حق لا ريب فيه بأي بيان؟ هذا سيأتي بعد ثلاثة أو أربعة اسطر, ما الدليل على وقوع هذا الفناء أو يوجد شاهد قراني على أن هذا الفناء سيتحقق؟ يقول قوله {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} لا أدري أتضح المعنى.

    الآن تعالوا معنا إلى الآية المباركة في القرآن الكريم لنرى انها واقعا تريد تشير إلى هذه الحقيقة أو إلى حقيقة أخرى, الآية في سورة غافر وهي رقم 16 من سورة غافر هذه قبلها يقول{لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} إذن هذا أي يوم الذي هو {لمن الملك اليوم} هذا الحشر الأكبر وليس محل الكلام, هو يستدل بهذه الآية للحشر الأكبر أو يستدل للفناء الذي يقع بعد النفخ الأول؟ هو يستدل بها للفناء الذي يقع أما عندما نرجع إلى الآية المباركة نجد أن الآية المباركة تعبر أن هذا اليوم {لمن الملك اليوم} يوم التلاق, تلاقي ماذا؟ لعله تلاق الارواح مع الاجساد والأجساد مع الارواح {يوم هم بارزون} إذن يوجد فناء أو لا يوجد فناء؟ بازون لا يوجد فناء لأنه إذا كان فناء بارزون أو خافون؟ في الفناء خافون ولكنه في الحشر الأكبر بارزون, {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} لا أدري أتضح هذا المعنى أو لم يتضح؟

    إذن: هذه الآية التي استدل بها لإثبات هذا المعنى وهو وقوع الفناء بعد النفخ بهذه الآية هذا الاستشهاد في غير محله وإلا أصل الدعوى تامة, اللهم إلا أن يقال على القاعدة في أصول التفسير أن الآية الواحدة إذا نظر إلى صدرها وذيلها ووسطها قد يكون لها معنى ولكن يمكن الآية الواحدة أيضا تقطع إلى مقاطع إذا كان لكل مقطع معنى ويؤخذ كل مقطع بمعنى مستقل وهذه قاعدة أسسها أهل البيت ^وفي كثير من الأحيان استدلوا بمقاطع أنت لو تضع هذا المقطع وتنظر إليه بسياق ما قبله وما بعده والآيات المحيطة يعني معنى, أما لو تقتطعه من هذا الإطار الذي هو موجود يعطي معنى آخر هذا ممكن أو غير ممكن؟ نعم الروايات صرحت أنه كيف يدعي البعض التفسير والآية الواحدة صدرها في شيء وذيلها في شيء ووسطها في شيء هذه إشارة إلى هذه القاعدة, فهنا قد يقال بأنه أساسا, ولذا هو جاء بهذا المقطع {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} قد يقال هذا المعنى, ولكن توجد هنا لو شروط لو قبلنا هذه المبنى وهذه القاعدة التفسيرية في محلها مع ذلك عندنا شبهة ما هي الشبهة؟ الشبهة هي هذه: أن الحكيم يمكن أن يوجه خطابا للمعدوم, هو إذا فرضنا أن هذه الآية في ظرف الفناء هو يوجد أحد حتى يقال له {لمن الملك اليوم}.

    بعبارة أخرى: الله يتكلم مع نفسه؟ (كلام لأحد الحضور) هو هذا احسنتم, أما الشيخ المفيد عندما أشكل عليه هذا الإشكال قال لا من قال لكم أن هذه الآية مرتبطة بعد النفخ الأول هذه الآية مرتبطة بما بعد النفخ الثاني, لذا في البحار في المجلد السادس صفحة 325 هذه عبارته: سأل المفيد في المسائل السروية عن قوله تعالى {لمن الملك} إن هذا خطاب منه لمعدوم لأنه يقوله عند فناء الخلق ثم يجيب نفسه فيقول {لله الواحد القهار} وكلام المعدوم أو والحديث مع المعدوم سفه لا يقع من حكيم, وجوابه عن سؤاله لمعدوم أو تقريره إياه خلاف الحكمة في المعقول؟ فأجاب المفيد بأن الآية غير متضمنة للخبر عن خطاب معدوم وهو قوله عز وجل {لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء ويوم التلاق} كذا, ويم هم بارزون تأكيد لذاك وهذا المعنى كاملا يشير إليه السيد الطباطبائي عندما يأتي يقول هذه الآية جاءت بهذا السياق في سياق يوم هم {بارزن لا يخفى منهم شيء على الله} في المجلد 17 من الميزان صفحه 318 هذه عبارة السيد الطباطبائي قال: تفسير ليوم التلاق {يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء} تفسير ليوم التلاق ومعنى بروزهم. الآن يأتي البحث الاصلي إذا كانت الآية المباركة غير مرتبطة بعد النفخ الأول يعني بعالم الفناء إذن ما معنى {لله الواحد القهار} قد تكون هذه قرينة على أن المراد لأن الله ظهر باسم القهارية ومع ظهروه باسم القهارية لا يبقى شيء, هذه أيضا أنا أتصور من الامور غير الصحيحة التفتوا جيد إلى ما أقول: تارة أن القهارية تقتضي فناء الأشياء يعني أن المقهور له تعين بالمعنى الذي تقدم من الفناء وسيأتي بعد ذلك, يعني أنه يراد من الفناء يعني زوال التعين, مراد من الفناء أي شيء آخر, تارة المراد هو هذا المقصود وأخرى لا ليس المقصود من ظهور دولة الحق القهارية أو دولة الاسم الواحد القهار ليس مراده فناء التعينات بل المراد منه سقوط الاسباب وانه لا سبب حقيقة إلا هو سبحانه وتعالى, وهذا هو الفرق بين الكثرة ما قبل الفناء والكثرة ما بعد الفناء, فانه في عالم الدنيا توجد كثرة وفي عالم البرزخ توجد كثرة ولكنه الواحد القهار ظاهر والأسباب غائبة وباطنة أو العكس؟ العكس, يعني الاسباب هي الظاهرة وباطنها الواحد القهار, يوم القيامة ماذا يحصل بالحشر الأكبر بالبقاء بعد الفناء ماذا يحصل؟ البقاء بالله, فالأسباب ظاهر أو باطنة؟ الاسباب باطنة والظاهر هو الواحد القهار, لا أدري أتضح المعنى, لذا السيد الطباطبائي لم يبين هذا المعنى بشكل صريح ولكن قطعا هذا مراده يقول: تفسير ليوم التلاق ومعنى بروزهم لله ظهور ذلك لهم وارتفاع الاسباب الوهمية التي كانت تجذبهم إلى نفسها وتحجبهم عن ربهم وتغفلهم عن إحاطة ملكه وتفرده في الحكم وتوحده في الربوبية والإلوهية.

    هذا الذي كانوا يغفلونه لذا الآن قد يقول لنا قائل يعني الله الآن ليس واحد قهار؟ الله الآن واحد قهار ولكنه نحن نرى قهاريته ووحدته أو نرى الاسباب الكثيرة؟ إلا أن يوفق الإنسان وهو في هذا العالم يفنى ويبقى بعد الفناء فطوبى لهم وحسن مآب ذلك حساب آخر ولكن نحن نتكلم في الحالة العمومية, إذن الحالة العمومية أن الاسباب ظاهرة وان الواحد القهار باطن, في الحشر الأكبر ماذا يحدث, أن الاسباب باطنة غائبة والظاهر دولة الواحد القهار,  وبهذا يتضح الفرق بين الكثرة ما قبل الفناء والكثرة ما بعد الفناء فانه ما قبل الفناء الأسباب ظاهرة والواحد القهار باطن وما بعد الفناء الذي هو البقاء بعد الفناء يكون بالعكس, (كلام لأحد الحضور) لا في ذلك الوقت يكون كله كن فيكون لان الله سبحانه وتعالى {ما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} والانسان يوم القيامة لا يحتاج الأسباب أبداً, يعني العالم عالم ماذا يكون؟ عالم كن فيكون إذن انتهت القضية, هذه الأسباب انتهى دورها لانها كانت مرتبطة بهذه النشأة.

    قال: فقوله {يوم هم بارزون} إشارة إلى ارتفاع كل سبب حاجب يحجب ذلك التوحد, تلك الربوبية, تلك الوحدة القهارة, إشارة إلى ارتفاع كل سبب حاجب وقوله {لا يخفى على منهم شيء} تفسير لمعناه وقوله {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} سؤال وجواب من ناحيته سبحانه تبين بهما حقيقية ذلك اليوم وهي ظهور  ملكه وسلطانه على الخلق على الاطلاق, فعند ذلك يرد إشكال لأنه خطاب لمعدوم أو لا يرد؟ لا, يسأل هذا السؤال ولعله أساسا من المجيب؟ الخلائق يجيبون ولعله الأولياء يجيبون, الانبياء يجيبون, لا اعلم لا يوجد دليل في الآية يقول {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} أن القائل من؟ الله, نعم تقول هناك روايات ذلك بحث آخر كما أنه توجد روايات بذلك الاتجاه يوجد روايات بهذا الاتجاه, لا يتبادر إلى ذهنك الروايات باتجاه واحد, لا يقول لنا قائل أن الروايات تقول هو أجاب نفسه, وهذا لا ينافي أنه توجد الخلائق ومع ذلك الله يجيب نفسه, والخلائق يجيبون, الانبياء والأوصياء يجيبون, وأهل البيت كما في بعض الروايات أن الذي يجيب هو أهل البيت ^ لا محذور وكلها صحيحة ولا ادري اتضح البحث أو لا؟

    أنا كنت بالأمس هذا المعنى الذي أشرت إليه وهو أنه أساسا في قوله كما بدأنا أول خلق نعيده هذا جعلته وقلت كيف تطوى السماء؟ الله سبحانه وتعالى يقيم دليل يقول كيف يعقل؟ قال نعم يعقل لأنه الذي قدر على بسطها يكون قادرا على طيها وقبضها وهذا المعنى بشكل واضح موجود بكلمات الامام أمير المؤمنين في الخطبة التي ينقلها صاحب البحار لأنه أنا لم يكن عندي وقت أن أراجع الخطبة, قال في الجزء 6 , 330 يقول عن النهج يقول: هو المفني لها بعد وجودها, هذا بعد النفخ, هو المفني بعد وجودها حتى يصير موجودها كمفقودها, هذه ك وليس تكون عدم تكون عدم أو لا تكون عدم؟ هذا الذي يصرح به هؤلاء أنه في الفناء نحن لا يوجد عندنا عدم أما زوال التعين وأما معنى آخر سيـأتي بيانه, وليس فناء الدنيا بعد ابتداعها بأعجب من إنشائها واختراعها, لا تعجب من هذا الذي يفينها هو الذي أبدعها والذي استطاع أن يبدعها يستطيع أن يفنيها, وكيف إلى آخره, الخطبة طويلة اقتصر على محل الشواهد: ثم قال ثم هو يفنيها بعد تكوينها لسئم دخل عليه في تصريفها وتدبيرها ولا لراحة واصلة إليه ولا لثقل شيء منها عليه لم يمله طول بقائها فيدعوه إلى سرعة إفنائها, لماذا يفعل ذلك؟ الجواب لأنه هو هذا النظام الأحسن.

    لكنه سبحانه دبرها بلطفه وامسكها بأمره وأتقنها بقدرته ثم يعيدها بعد الفناء من غير حاجة منه إليها, يعني في الحشر الأكبر يعيدها, ولا استعانة بشيء منها عليها.

    هذا  في كلمات أمير المؤمنين إذا وفقنا في آخر البحث نشير إليه, وجاء في الخبر الصحيح, في الخبر الصحيح هذا إشارة إلى روايات من الفريقين وهذه متفق عليها من الفريقين أنه في الفناء لا يبقى أحد حتى ملك الموت وحتى الملائكة المقربون وحتى حملة العرش فلا يبقى أحد, تقول أهل البيت كيف؟ الجواب ليس لأنهم لا يمرون في الفناء بل لأنهم مروا بالفناء فيما سبق, إذن عندما يحصل الفناء العمومي هم فانون وباقون بعد الفناء لأنه بعد الفناء يوجد البقاء بالله وهؤلاء حصل لهم وعند ذلك يتضح معنى وهم الذين سبقت لهم القيامة الكبرى يعني الموت الإرادي في الحشر الأكبر.

    قال: وجاء في الخبر الصحيح أيضا أن الحق سبحانه يميت جميع الموجودات, المراد هنا في الموت في النفخ الأول معناه الفناء, يميت الموجودات حتى الملائكة ومِلك الموت, ومَلك الموت كلاهما صحيح لأنه عزرائيل هو َملك الموت وأيضاً ِمِلك الموت هو المتصرف في الموت.

    ثم يعيدها, أي في الحشر الأكبر يعني {ثم نفخ في أخرى فإذا هم قيام ينظرون} ثم يعيدها للفصل والقضاء بينهم لينزل كُلا منهم منزله, وليس منزلته, ليُنزل كُلا منهم منزله من الجنة والنار.

    الآن هذا الكلام لابد أن يقيد باعتبار أنه ليس معلوم أساسا للملائكة أيضا يوجد جنة ونار هذا لابد لمن كانوا في عالم التكليف لهم جنة ونار أما الذين لم يكونوا في عالم التكليف وان كانوا مشمولين بالفناء وان كانوا باقين بعد الفناء ولكنهم ليس بالضرورة أن يكونون من المشمولين بالجنة والنار, وهذه الروايات واضحة في هذا المجال ومن أهم الروايات الواردة في هذا المجال هذه الرواية الواردة في البحار المجلد السادس صفحة 329 في باب نفخ الصور وفناء الدنيا الحديث 14 الرواية:

    حدثني ابي يعقوب الأحمر قال دخلنا على ابي عبد الله فترحم عليه ثم قال: أن الله عز وجل نعى إلى نبي نفسه فقال {انك ميت وأنهم ميتون} وقال {كل نفس ذائقة الموت} ثم انشأ يحدث فقال: ثم أنه يموت أهل الارض حتى لا يبقى أحد, ثم يموت أهل السماء حتى لا يبقى أحد إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل قال: فيجيء ملك الموت حتى يقوم بين يدي الله عز وجل فيقال له من بقي؟ هذا التعبير فيُقال له وليس يقول الله له, إذن توجد واسطة أو لا توجد؟ توجد واسطة؟ نعم توجد, فيُقال له وليس يقول له, فإذا كان بلا واسطة لابد أن التعبير يكون فيقول له, فيقال له وطبيعي باعتبار أن هؤلاء لا الصادر الأول ولا الصادر الثاني فلا يمكن أن يكون الخطاب بينهم وبين الله بالمباشرة.

    ثم يموت السماء حتى لا يبقى قال: فيجيء ملك الموت ويقال له من بقي وهو اعلم فيقول: يا ربي لم يبقى إلا ملك الموت وحملة العرش وجبرائيل وميكائيل فيقال قل لجبرائيل وميكائيل فليموتا فيقول الملائكة عند ذلك يا رب رسولاك وأميناك فيقول: اني قد قضيت على كل نفس فيها الروح الموت, ثم يجيء ملك الموت حتى يقف بين يدي الله عز وجل فيقال: له من بقي وهو اعلم, فيقول: يا ربي لم يبقى إلا ملك الموت حملة العرش, فيقول: قل لحملة العرش فليموتوا قال: ثم يـأتي كئيبا حزينا لا يرفع طرفه فيقال له من بقي, كل جماعته وأصدقائه أخذوهم ولم يبقى أحد, فيقول: يا ربي لم يبقى إلا ملك الموت, فيقال له: مت يا ملك الموت فيموت, ثم يأخذ الارض بيمينه والسماوات بيمينه لأنه كلتا يديه يمين, ثم يأخذ الارض بيمينه والسماوات بيمينه ويقول: اين الذين كانوا يدعون معي شريكا, اين الذين كانوا يجعلون معي إلها آخر.

    وهنا أيضا ينطبق مع الآية الكريمة {لمن الملك اليوم لله الواحد القهار} بناء على ذلك المعنى الذي أشرنا إليه, والروايات من الفريقين واضحة في هذا المضمون, لذا في عبارته قال: وجاء في الخبر الصحيح: >إن الحق سبحانه يميت….< إلى آخره قرأنا العبارة, وأيضاً, هذه وأيضا إذا تتذكرون نحن بالأمس قلنا أن معنى قوله {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب} ما معنى نطوي؟

    قال: أي نزيل عنه التعين السماوي لترجع إلى الوجود المطلق اللا متعين, وأيضاً, هذا بيان ثاني لمعنى الرجوع, وأيضاً, أليس قال أي نزيل فهذه وأيضاً بيان لقوله {يوم نطوي السماء} كما أن وأيضاً, كما أن وجود, وليس الوجودات, كما أن وجود التعيان الخلقية في قوس النزول إنما هو بالتجليات الإلهية في مراتب الكثرة والظهور يعني في قوس النزول كذلك زوال التعينات الخَلقية بالتجليات الذاتية, ومراده من الذات هنا كما مرارا ذكرنا ليس المراد منه اللا بشرط المقمسي المراد من الذاتي هنا مقام الأحدية.

    لذا تعبيره قال: في مراتب الوحدة, وقبل ثلاثة اسطر قال: مشيرا إلى دولة حكم المرتبة الأحدية.

    إذن: في الفناء نحن أقصى ما يكون إلى مرتبة الأحدية التي هي تعين من التعينات.

    قال: وكذالك زوالها زوال التعينات الخلقية بالتجليات الذاتية, إذن فرقوا جيدا في قوس النزول أي تجليات؟ إلهية, يعني مقام الواحدية, وفي قوس الصعود أي تجليات؟ الذاتية, يعني في مقام الأحدية.

    هذا البحث ومن جملة الأسماء كان ينبغي أن يكون أول الامر ولكن هو وضعه هنا, هنا ماذا يريد أن يقول؟ التفتوا جيدا نحن قلنا, دققوا فيما أقول جيدا, نحن قلنا أن الفناء حق لا ريب فيه وهذا هو المدعى فما الدليل؟ الجواب ليس الآيات, فالآيات شواهد الوقوع ولكن نحن نريد الدليل على أنه لابد أن يفنى فما هو الدليل؟ {لمن الملك اليوم} بيان لأنه وقع, ما الدليل على أنه لابد أن يقع؟ (كلام لأحد الحضور) احسنتم لابد نحن بعد أن قبلنا أنه الله إذا تسمى باسم فمعناه لابد أن يظهر دولة ذلك الاسم والا سمي الغفور ولا غفران له, له معنى أو لا معنى له؟ لا معنى له, يسمى  الخالق ولا خلق له, له معنى أو لا معنى له ؟ لا معنى له, فإذا كان من اسمائه التي يتسمى بها المميت الماحي القهار الواحد الأحد فهذا معناه أنه لابد أن تظهر دوله هذه الأسماء, لا يقول لنا قائل يعني الله الآن ليس قهار؟ نقول الآن  هو قهار والآن الله ماحي والآن الله مميت, ولكن ظاهر أو باطن؟ باطن, يعني ظهرت دولة هذا الاسم أو لم تظهر؟ لم تظهر دولة هذا الاسم, لا ادري اتضح المعنى.

    قال: ومن جملة الأسماء المقتضية لها, لأي شيء؟ للفناء للقيامة التي نقولها, يعني تعبيره للقيامة أنا كثيرا لا اقبله لأنه البحث ليس في القيامة بل البحث للفناء.

    قال: ومن جملته, الآن عبروا زوال التعينات, ومن جملة الأسماء المقتضية لها, أي لإزالة هذه التعينات, ما هي الأسماء المقتضية لذلك؟ القهار, الواحد الأحد, والفرد, والصمد, والغني, والعزيز, والمعيد, والمميت, والماحي, و القابض, إلى غيره, كما أنه قوس النزول ما هي الأسماء المقتضية للكثرة؟ الباسط, الخالق, الرازق, المعطي, وهكذا, اتضح الامر.

    قال: وإنكاره.

    هذه وإنكاره, أي إنكار الفناء ولكن أي إنكار؟ إنكار الفناء مطلقا أو إنكار وقوع الفناء للبعض في هذا العالم أي منهما؟ هذا الامر لم يبين ولعله إنشاء الله تعالى في التنبيه الأخير سنشير إليه.

    يقول: وإنكار من لم يذق هذا المشهد من العارفين علما غير الواصلين حالا, إذا وجدنا أن البعض ينكر هذا المعنى,ينكر ماذا ينكر أصل الفناء أو ينكر الفناء أنه يمكن أن يحصل في هذا العالم فأي منهما؟ فإذا كان المراد إنكار أصل الفناء فهذا صريح الآيات والروايات تبين بأنه ما بين النفختين يحصل الفناء بل البعض يدعي أنه يحصل العدم كما سنشير إليه بعد ذلك, وبعد ذلك عند الرجوع إلى هذا البحث هناك نقرأ عبارة المجلسي & قال: إن ظاهر هذا الخبر فناء جميع المخلوقات عند انقضاء العالم كما هو مذهب جماعة من المتكلمين عند ذلك يرد أبحاث متعددة عند المتكلمين, إذن مسالة الفناء والعدم هذا العموم مما لا ريب فيه, فالبعض عندما ينكر ينكر ماذا؟ أنه يمكن لاحد وهو في هذا العالم أن يصل إلى مقام الفناء والبقاء بعد الفناء وهو في هذا العالم أو لا يمكن, لا ادري اتضح أو لا, من الذي ينكره؟ يقول قسمان الذين ينكرون:

    القسم الأول: اصحاب العرفان النظري, هؤلاء  فقط يقرأون كتب والا هم لم يذهبوا وإذا لم يذهبوا يقول لا دليل على الوقوع.

    القسم الثاني: الفلاسفة والمتكلمون.

    ونحن في قبال كلا القسمين نقول إنما ينشأ من ضعف إيمانهم بالأنبياء أعاذنا  الله  من هذا الضعف, لذا قال: وإنكار, إنكار ماذا؟ إنكار أن هذا المقام وهذا الفناء يحصل للبعض, وإنكار من لم يذق هذا المشهد, أي مشهد؟ مشهد الفناء, متى يذقه؟ في هذا العالم, والا كلنا ذائقون ذلك الفناء شئنا أم أبينا صحيح أو غير صحيح؟ في النتيجة بعد النفخ الأول الكل سيذوق ذلك الفناء وذلك الانتهاء, وإنكار من لم يذق هذا المشهد, هذا الإنكار ممن يـأتي؟ من العارفين علما غير الواصلين حالا, اصحاب العرفان النظري الذين لم يصلوا إلى هذه المقامات عملا, أو المغرورين بعقولهم الضعيفة العادية, الذين هم الحكماء ومن جاء بعدهم.

    وإنكار من لم يذق هذه الحالة, هذه الحالة ما هي؟ الفناء في هذا العالم, وإنكار من لم يذق هذه الحالة, التفتوا جيدا مفعول إنكار, إنما خبره إنكار, إنما ينشأ من ضعف إيمانهم بالأنبياء, أعاذنا الله من ذلك الضعف.

    بعبارة أخرى: هذا الإنكار إنما متوجه إلى صفحه 152: وبإزاءه ما يحصل للعارفين الموحدين من الفناء بالله والبقاء به قبل وقوع حكم ذلك التجلي على جميع الخلائق, اتضح المعنى.

    قال: ومن اكتحل عينه بنور الايمان وتنور قلبه بطلوع شمس العيان يجد أعيان العالم دائما متبدلة وتعيناتها متزائلة كما قال تعالى , أنا لا اعلم وجه ارتباط هذه الجملة بالبحث السابق هذا إشارة إلى النحو الأول من الموت إذا تتذكرون لأنه ذكرنا نحن عندنا اقسام 5 من الموت القسم الأول هو تجدد الأمثال أو الحركة الجوهري, ومن اكتحل عينه, ولعله يريد أن يقول هذا: أن المؤمن إذا وصل من حيث الايمان إلى هذه الدرجة فهل ينكر هذا النحو الفناء في هذه النشأة أو لا ينكر؟ لا ينكر, أما من لم يصل إلى هذا حتى لو قرأ ألف كتاب في العرفان النظري فقد ينكر هذا المعنى.  ومن اكتحل عينه  وتنور قلبه بنور شمس العيان يجد أعيان العالم دائما متبدلة, إما بالحركة الجوهرية وإما بتجدد الأمثال, وتعيناتها متزائلة كما قال تعالى, هذه الآية وقفنا عندها هناك وقلنا هل تدل أو لا تدل, {بل هم في لبس من خلق جديد}. هذا هو الفناء بالنحو الأول, لأنه قلنا بأنه الفناء قد يراد به كذا وقد يراد به كذا وقد يراد به كذا, وقد يكون الفناء باختفائها, يعني باختفاء التعينات الخلقية فيه, أي في الحق, ما معنى أن تختفي؟ يقول معناه كاختفاء الكواكب عند وجود نور الشمس, الآن هذه الكواكب أيضا تأخذ نورها من الشمس ولكن لا تضيء لنا ولكن لماذا لا تضيء لانها غير موجودة أو موجودة ويوجد أقوى منها؟ وهذا الفرق بين الثاني وبين الأول, في الأول كان زوال التعين الخلقي, هنا لا يزول التعين الخلقي بل باق على حاله نعم لا يظهر له اثر, التفتوا لي إخواني هذا البحث يعد من اصول العرفان النظري, يعني أن تفهم ما هو مرادهم من الفناء, وهنا القيصري يبين أنهم إذا قالوا فناء إما مرادهم الأول, إما الثاني, وإما الثالث, وبعد ذلك سيـأتي ويقول هذه الجملة وأنا أقدم هذا البحث حتى تعرفون أهمية هذا البحث, بعد ذلك في أول سطر من 164 هكذا عبارته يقول: وإذا علمت ما مر علمت معنى الاتحاد الذي اشتهر بين هذه الطائفة, إذا سمعت أنه المظهر عين الظاهر أو المظهر عين المظهر أو اتحد الحق مع الخلق يعني ما هو مرادهم؟ مرادهم الفناء, ما هو مرادهم من الفناء؟ إما, وإما, وإما, فذاك الكلام الفارغ الذي لا ينشأ أما من جهل الأصحاب أو غيره لا يرد عند هؤلاء  لأنه هؤلاء  يصرحون ما هو مرادنا, وعندما يـأتي شخص يقول أن هؤلاء  يقولون أن الممكن يتحد مع الواجب, هو يصرح كمقدمة كما أنه جنابك في أول الرسالة العملية تكتب إذا كنا قدمنا الاحتياط يكون بهذا الشكل وإذا آخرنا الاحتياط يكون بهذا الشكل, فهو يقول في مقدمة شرح الفصوص إذا رأيت هؤلاء  يقولون اتحاد مرادهم من الاتحاد فناء وإذا قيل فناء فمرادهم من الفناء إما زوال التعينات, وإما خفاء اثر التعينات, اتضح هذا هذه القاعدة أحفظوها لأنه الإنسان في بعض الأحيان قد يشكل عليه فيقول لا هؤلاء  ليس مقصودهم هذا فيقولون هذه اين موجودة؟ فهذا المصدر الاصلي ها هنا.

    وقد يكون باختفاء التعينات في الحق تعالى كاختفاء الكواكب عند وجود الشمس, ويستتر وجه العبودية بوجه الربوبية فيكون الرب ظاهرا والعبد مخفيا, متى يكون هذا؟ هذا يكون بعد النفخ الأول, وقبله ماذا كان؟ كان الخلق ظاهرا والحق باطنا, يتذكر الاخوة في تمهيد القواعد بشكل مفصل وقفنا عند هذه النقطة قلنا أن في هذه النشأة ماذا يحصل؟ الحق باطن والخلق ظاهر, يعني الوحدة مستبطنة والكثرة ظاهرة, في الفناء ماذا يحصل؟ يكون العكس.

    يقول: فيكون الرب ظاهرا والعبد مخفيا, التفت بعد الشعر, وهذا الاختفاء إنما, أي اختفاء؟ اختفاء الخلق أو العبد في الرب, وهذا الاختفاء إنما هو في مقابلة اختفاء الحق بالعبد, متى؟ في الكثرة ما قبل الفناء, و هذا يحصل في الكثرة ما بعد الفناء.

    اختفاء الحق بالعبد عند اظهار الحق إياه اظهار العبد فيكون العبد الظاهر والحق الباطن, ثم يذكر شعرا لتأييد هذا المعنى ومن لسان هذا المقام التفتوا جيدا لا ينبغي أن نقف, مرة أن العارف  يقول شعرا واقعا كلمة كلمة عندما يقول عيني لعله مراده عينه الثابتة, ومرة شاعر متعارف يقول وأنت تريد أن تستفيد من شعره فلا معنى لان تحمل ذلك الشعر اصطلاحات العرفاء. وتعبيره ومن لسان هذا المقام, يعني لسان الحال وليس أنه قال ابن عربي هذا البيت:

    تسترت عن دهري بظل جناحه     فعيني, بعض المعلقين قال فعيني يعني العين الثابتة وهذا لا يوجد حاجة إليه لأنه شاعر يقول هذا المعنى.

    تسترت عن دهري بظل جناحه            فعيني ترى دهري وليس يراني

    التفت جيدا وضع ذهنك معي إذا بقى التعين أنت ترى الأشياء أو لا ترى الأشياء؟ تُرى أو لا تُرى؟ لا تُرى لأنه أنت باطن واكتفيت بنور الشمس, يعني الآن هذا المصباح الذي أمامنا هذا نراه وأيضاً يرانا, أما لو وضع في قبال نور الشمس فهل أنت تستطيع أن تميزه, نوره يتميز أو لا يتميز؟ ولكن هو يراك أو لا يراك؟ نعم هو يراني, أما أنا أراه أو لا؟ لا أراه.

    قال: فيعني ترى دهري وليس يراني            فلو تسأل الأيام ما اسمي ما درت

    وأين مكاني ما درين مكاني

    ولكن لي مكان أو ليس لي مكان؟ نعم لي مكان ولي اسم ولي تعين إلى آخره.

    وقد يكون.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2018/04/29
    • مرات التنزيل : 2139

  • جديد المرئيات