نصوص ومقالات مختارة

  • موقف ابن تيمية من حديث رسول الله : لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق (3)

  • 08/04/2010
    المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، نحييكم أطيب تحية ونلتقيكم في حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (موقف ابن تيمية من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي علي السلام: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق، القسم الثالث) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المُقدِّم: سماحة السيد هل من تمهيد لموضوع حلقة الليلة حتى يتواصل معنا الأخوة الكرام.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    أتذكر بأننا في الحلقتين السابقتين وقفنا عند أحاديث ثلاثة وردت عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله). الحديث الأول وهو قوله عليه أفضل الصلاة والسلام لعلي عليه السلام: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، طبعاً لا يوجد (يا علي) في النص، وإنما النص هو قول علي: (لعهد النبي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلى منافق). أو (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). وقلنا بأن هذا الحديث من الأحاديث المتفق عليها بين علماء المسلمين، ولم يختلف أحد في سند هذا الحديث وأن هذا الحديث صادر عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله).
    الحديث الثاني – الذي أشرنا إليه في الحلقتين السابقتين-: هو الحديث الذي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني). طبعاً في جملة من النصوص التي قرأناه في الحلقة السابقة كان بالإضافة إلى هذا المضمون (من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله، من أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله) هذا أيضاً نص تقدم الكلام عنه، وقلنا بأنه أيضاً متفق عليه بين علماء المسلمين.
    الحديث الثالث – الذي وقفنا عنده قليلاً-: هو ما ورد في سنن الترمذي الذي نوقش فيه، وهو الحديث الوارد في (الجامع الكبير سنن الترمذي، ج6، باب 69 من المناقب، الرواية رقم 4050) تأليف الإمام الحافظ أبي عيسى الترمذي، توفي في 279هـ، حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الأرنؤوط، سعيد اللحام، الرسالة العالمية، الطبعة الأولى، وهي أحدث الطبعات الموجودة في هذا المجال، 1430هـ، دار الرسالة العالمية، الجمهورية العربية السورية، دمشق. فيما يتعلق بمناقب الإمام أمير المؤمنين،، الرواية حدثنا قتينة قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: (إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب) طبعاً ذكرنا في الحلقة السابقة أن العلامة الالباني قال: إسناد هذا الخبر ضعيف، وهنا أيضاً الأرنؤوط أيضاً يقول ذلك، يقول: إسناده ضعيف جداً وذلك أبو هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين ساقط الحديث ومنهم من كذبه، وأخرجه ابن عدي في (الكامل، المجلد 5، ص1734). هذا الحديث الذي قلنا بأنه توجد عندنا أحاديث مرتبطة بالأنصار وهي صحيحة السند. فيما يتذكر المشاهد الكريم نحن في الحلقتين السابقتين اشرنا إلى هذه القضية قلنا بأنه ورد فيما يتعلق بفضائل الصحابة ولكنه كان إنما كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم علي. الرواية التي وردت في (فضائل الصحابة، الجزء 2، ص715، الحديث 979) هذه مرتبطة بمنافقي الأنصار، وإن كان لا تنافي هذا الحديث كما ذكروا في علم الأصول أن المثبتات لا يوجد فيما بينها تنافٍ.
    فيما تقدم في الحلقة السابقة أشرنا إلى هذه النصوص الثلاثة، النص الأول (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق). النص الثاني (من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني). النص الثالث (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول إلا ببغضهم علياً).
    المُقدِّم: فيما يتعلق بهذا المجال، قد يقول المشاهد ليس بحجة علينا ما دام ضُعِف من قبل الألباني والمحقق الأرنؤوط بأنه ضعيف وأنه فيه هارون وغيره، هل من سند صحيح يصحح هذا الحديث الثالث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليه بشكل دقيق حتى نخرج بنتيجة، هناك كتاب وصل بيدي وجزا الله الأخوة خيراً الذين بعثوا إلينا هذه الكتاب، وهذا الكتاب هو (جزء علي بن محمد الحميري، ص97، الحديث رقم 38) تأليف أبي الحسن علي بن محمد بن هارون ابن زياد الحميري، المتوفى 323هـ، تحقيق ودراسة وتخريج الدكتور عبد العزيز سليمان بن إبراهيم البعيمي الاستاذ المشارك في كلية الحديث الشريفة، الجامعة الإسلامية، المدينة المنورة، مكتبة الرشد، شركة الرياض للنشر والتوزيع، أنا إنما أشرت إلى المصدر كاملاً حتى يتضح للمشاهد لأنه لأول مرة أشير إلى هذا الكتاب، الطبعة الأولى، 1418هـ، المملكة العربية السعودية، الرياض، طريق الحجاز. في الحديث يقول: حدثنا علي، حدثنا هارون بن إسحاق، حدثنا سفيان بن عيين، عن الزهري، عن يزيد بن خصيفة، عن بسر بن سعيد، عن أبي سعيد الخدري قال: (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغض علي). هذا النص الوارد هنا.
    قبل أن اشير إلى معرفة هذا السند، بودي أن المشاهد الكريم أن يتعرف على مؤلف هذا الكتاب هو علي بن محمد الحميري، ترجمة هذا الرجل جاءت في (سير أعلام النبلاء، المجلد 15، ص13) قال: الحميري الإمام الفقيه العلامة قاضي الكوفة أبو الحسن علي بن محمد بن هارون الحميري الكوفي الحافظ. إذن هذا الرجل يعد من الأعلام ومن الحفاظ ومن الأئمة، الإمام الفقيه العلامة.
    إذا كان الأمر كذلك فأنا بودي ولو لدقائق أن أقف عند سند هذا الحديث، لنرى بأن هذا الحديث سنده هل يوجد فيه إشكال أو أن سنده تام لا يوجد فيه أي إشكال. هذا السند فيه الأشخاص التالية اسمائهم. الشخص الأول هو هارون بن إسحاق، وهو كما يقول في كتاب (الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة، ج3، ص230) للحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، تحقيق فريد عبد العزيز الجندي، دار الحديث، القاهرة، ولا إشارة إلى رقم الطبعة. هنا فيما يتعلق بهارون بن إسحاق، هذه عبارة الذهبي، يقول: هارون بن إسحاق الهمداني الكوفي، حافظ عن أبي عيينة، ومعتمر، وعنه الترمذي والنسائي، وابن ماجه، وابن خزيم، والمحاملي، ثقة متعبد. إذن الأول هو هارون بن إسحاق الهمداني وهو ثقة متعبد.
    الشخص الثاني الموجود في السند هو سفيان بن عيينة كما جاء في (تقريب التهذيب، ص395) للحافظ ابن حجر العسقلاني، تقديم بكر بن عبد الله، دار العاصمة للنشر والتوزيع، النشرة الأولى والثانية، الطبعة الأولى والثانية، 1423هـ،، هكذا يقول عن هذا الإنسان وهو سفيان بن عيينة، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت: يقول: سفيان بن عيينة بن ابي عمران ميمون الهلالي، أبو محمد الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة. وأنا لا أتصور أن يوجد تقييم أكبر من هذا التقييم، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة. نعم، إلا أنه تغير حفظه في آخر عمره، وكان ربما دلس لكن تدليس على الثقات، وفي هذا النص لا يوجد تدليس, لأنه كثيراً ما ينقل عن الزهري وهذا المعنى موجود في الصحاح. إذن حتى لو فرضنا وجود التدليس فتدليسه عن ثقة، إذن لا يؤثر على صحة الحديث وحسنه، هذا فيما يتعلق بالراوي الثاني وهو سفيان بن عيينة.
    الثالث، هو الزهري، في نفس الكتاب يعني المحقق هو إبراهيم البعيمي هكذا يقول: هو أبو بكر محمد بن مسلم أبو عبيد ابن عبد الله بن شهاب الزهري، القرشي، ثقة، حافظ، متقن، حجة. هذا هو الشخص الثالث في هذا السند. وهو ثقة، حافظ، وحجة.
    الشخص الرابع الذي يوجد في الحديث عن يزيد بن خصيفة، يزيد بن خصيفة كما يعرفه يقول: ينسب إلى جده الكندي ، في (جزء علي بن محمد الحميري، ص97) يقول: ثقة، وثقه أحمد ويحيى بن معين والنسائي وأبو حاتم وابن سعد وابن حجر وابن حبان. كل الأعلام، أعلام الجرح والتعديل أيضاً وثقوه.
    الشخص الخامس في السند هو بسر بن سعيد، الذي أيضاً في (تقريب التهذيب ص166، رقم الترجمة 672) قال: بسر بن سعيد المدني، العابد، مولى ابن الحضرمي، ثقة، جليل، هؤلاء هم السند وبعد ذلك يأتي عن أبي سعيد الخدري، وهو من كبار صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله).
    إذن النتيجة التي ننتهي إليها من هذا النص أن هذا النص تام من حيث السند، يعني لا يوجد أي مجال للتشكيك في صحة هذا السند، فهذا السند على مباني أعلام الجرح والتعديل، إما صحيح وإما إذا كان فيه خدشة من جهة أنه سفيان بن عيينة قد يدلس عن الثقات، فلا يكون إلا حسناً، ولا يمكن التنازل عن قبول هذا الحديث، إما على مستوى أنه صحيح وإما على مستوى أنه حسن.
    إذن هذا الحديث وبهذا اللفظ وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت بشكل واضح وصريح أقرأ النص مرة ثالثة يقول: (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا – وهنا حصر، فعندما يقول في اللغة إلا فيفيد الحصر، يعني أن الطريق الذي كنا على أساسه نميز صحابة رسول الله أي منهم مؤمن وأي منهم منافق إنما ننظر إلى حبهم لعلي أو بغضهم لعلي- ببغض علي). إذن حب علي وبغضه كان هو الميزان لتمييز صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من حيث الإيمان والنفاق، وسأقف عند هذا إنشاء الله تعالى بعد ذلك، وسيتضح للمشاهد أن الميزان الأول لتمييز الصحابة لابد أن نعرف أن الصحابي مؤمن أو منافق فإذا ثبت أنه مؤمن عند ذلك نسأل أنه عادل أو ليس بعادل، يعني عادل أو فاسق، وهذا مع الأسف الشديد هو الخطأ المنهجي الذي نجده في كل الكتب في عدالة الصحابة من هذه المدرسة أو من تلك المدرسة، مباشرة يدخلون في بحث عدالة الصحابة وفسق الصحابة، مع أنه يوجد بحث أسبق من هذا وهو أنه أساسه ما هو الدليل أن هذا الصحابي مؤمن فإذا ثبت الإيمان وإلا (وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فقط أسلموا بألسنتهم وإلا بقلوبهم لم يؤمنوا بذلك. إذن أول أمر وهو هذا، وسنتكلم عنه تفصيلاً في نتائج هذا الحديث المبارك وهو (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) وهنا يقوله صحابي على مستوى أبي سعيد الخدري يقول: (ما – نفي- كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلا ببغض علي). فهو كان الميزان لتمييز مؤمني الصحابة عن منافقيهم.
    المُقدِّم: كانت قضية مهمة في ذلك الوقت، صار واضحاً سماحة السيد ثبوت هذا الحديث ولا نقاش فيه. ما هو موقف الشيخ ابن تيمية من هذه النصوص الثلاثة المتقدمة وخصوصاً هذا النص.
    سماحة السيد كمال الحيدري: فيما يتعلق بموقف ابن تيمية من هذه النصوص الثلاثة، في الواقع بأنه أنا أريد أن أقف قليلاً عند هذه القضية بشكل واضح وصريح، أما النص الأول وهو (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) على طريقة الشيخ ابن تيمية لمّا لم يستطع أن يرمي الحديث بالضعف والكذب والوضع حاول أن يشكك فيه، هذا المعنى بشكل واضح وصريح أشار إليه في (منهاج السنة، الجزء 4، ص152) هذا في الطبعة الحديثة، أما في الطبعة القديمة فهو في (ج7، ص148) بعد أن يذكر العبارة يشير إلى هذا المطلب بشكل واضح وصريح، يقول: وحديث علي قد شك فيه بعضهم، وعلى طريقته يرسلها، من هؤلاء الذين شكوا في هذا الحديث، والعجيب أن المعلق أيضاً لم يعلق شيئاً، مع أن المفروض أن يعلق ويقول أن الذين شكوا في هذا الحديث هم فلان وفلان، أبداً أبداً، يترك هذا على عواهنه، يتركه على ذمة الشيخ ابن تيمية، وهذه طريقته، وأنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة، أن الشيخ ابن تيمية في وسط البحث يلقي كلمة ليشكك فمن يطمئن بالشيخ يقول وقد شكك فيها الشيخ ابن تيمية، ولكن هو يقول: وحديث علي قد شك فيه بعضهم، يا شيخ الأمانة العلمية تقتضي أن تقول أنت من الشاكين أو من المتثبتين؟ هذا أول الغيث، وأول التشكيك. وثانياً إذا كنت أنت من المتثبتين وأن هذا الحديث صادر عن رسول الله إذن قل من الذي شك في هذا الحديث حتى ترده وتقول أن هذا الحديث ثابت أو تؤيده، أما أن تلقي الكلمة هكذا على عواهنها بلا أن تشير، وهذه هي طريقته، وبودي لمن يطالع منهاج السنة ممن يعتقد بأمانة الشيخ ابن تيمية فلينظر إلى هذه القضية، وسيتضح له أنه ليس أميناً كما ينبغي عندما تصل القضايا إلى فضائل ومناقب علي وأهل بيته عليه أفضل الصلاة والسلام. إذن الحديث الأول يلقي بكلمة تظهر فيه أنه شاك فيه.
    أما في يتعلق بالنص الثاني وهو قوله (من أحب علياً فقد أحبني) بودي أن المشاهد الكريم بشكل واضح وصريح يلتفت، في (منهاج السنة، ج3، ص224) أما في الطبعة القديمة (ج5، ص37) بعد أن ينقل كلام العلامة الحلي، من الأحاديث التي ينقلها العلامة الحلي في (مناقب علي) يقول: وقال رجل لسلمان، ما أشد حبك لعلي – لماذا تحب علياً إلى هذه الدرجة، كأنه يعترض عليه ويتعجب- قال: سمعت رسول الله يقول: (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني). يقول: إنما أفعل ذلك باعتبار أن هذه سنة رسول الله، هذا هو الذي قاله لنا رسول الله. هذا كلام العلامة الحلي. الشيخ ابن تيمية بعد أن يأتي إلى التعليق على هذا، يقول: والجواب … ثم يصل إلى الأحاديث، يقول: الأحاديث العشرة الأول – الذي منها حديث (من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني)– يقول: فالعشرة الأول كلها كذب. أنا أقرأ العبارة، يقول: فالعشرة الأول – هذا الحديث لعله يعد الحديث الثالث أو الرابع بترتيب العلامة الحلي، هذه داخلة ضمن العشرة الأول- فالعشرة الأول كلها كذب. السؤال الأساسي الذي ينبغي للمشاهد أن يلتفت إليه، وهو أنه واقعاً أن هذا الحديث (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني) هل هو كذب موضوع، أو أنه حديث صحيح وافق عليه الأعلام حتى تتضح أمانة هذا الإنسان فيما يتعلق بفضائل علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام.
    وهنا أشير إلى بعض المصادر، المصدر الأول في هذا المجال ما ورد في (المستدرك على الصحيحين في الحديث، للحاكم للنيسابوري، ج3، ص130)، هذه عبارته، الرواية هذه، أنا أقرأ السند، … عن أبو زيد سعيد بن أوس الأنصاري، حدثنا عوف بن ابي عثمان النهدي، قال رجل لسلمان: ما أشد حبك لعلي: قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني) انظر أيها المشاهد المسلم حتى تنظر إلى أمانة هذا الرجل، قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. إذن الإمام النيسابوري يقول: صحيح، وقد يقولون أن النيسابوري معروف بالتساهل وأنه لا يمكن الاعتماد على تصحيحه، فماذا تقولون في الذهبي، وهو من المتشددين في هذا المجال، انظروا إلى العبارة في تعليقة الذهبي على هذا الحديث: أبو زيد الأنصاري حدثنا قال … قال رجل لسلمان … يحشي يقول: (خ م) يعني البخاري ومسلم. يعني على شرط البخاري ومسلم. هذا ما أكده أيضاً العلامة الألباني، قال: صححه النيسابوري ووافقه الإمام الذهبي. بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذا النص الذي سأقرأه من (سلسلة الأحاديث الصحيحة، الجزء 3، ص288، في ذيل الحديث 1299) قال: أخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي. هذا الحديث الذي يقول عنه إمام الأمويين وشيخهم ابن تيمية يقول: كذب.
    مرة يقول بأنه ضعيف، وأن سنده غير تام، ومرة يقول لم يثبت عندي سنده، أما أنه لأنها وردت في علي فهي كذب، يعني هذه (ماركة مسجلة) عند الشيخ ابن تيمية, فالحديث صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في هذا المجال. وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت.
    وأهم من هذين العلمين أيضاً لعله أيضاً في عرضهما، هذا الكتاب وهو (الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين، ج1، ص373، الحديث 442) تأليف أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي، المتوفى سنة 1422هـ، فهو من الأعلام المعاصرين، وهو من أعلام علماء اليمن، دار الأفاق، صنعاء. قال: قال الحاكم (رحمه الله) في الجزء 3، ص130، الحديث الذي قرأناه، بعد أن ينقل الحديث يقول: قال: ما أشد حبك لعلي، قال: سمعت رسول الله يقول … هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه كذا، وأبو زيد الأنصاري لم يخرجا له، فالحديث صحيح، حتى أبو زيد الأنصاري وإن لم يرد في الصحيحين ولكن الحديث عند العلامة الوادعي صحيح، وهو من الأعلام المعاصرين. وعندي يقين بأنه أي العلامة الوادعي على منهج الشيخ ابن تيمية والآخرين هو قد رأى ذلك فهو تعريض بالشيخ ابن تيمية الذي يقول أنه كذب. ولذا نحن عندما نأتي إلى (الاستيعاب) عندما ينقل هذا الحديث يرسله إرسال المسلمات، يعني يقول: قال رسول الله بلا أن ينظر إلى السند، لأن القضية واضحة لا تحتاج إلى دليل، هذا المعنى ورد في (الاستيعاب في معرفة الأصحاب،ج3، ص1101) لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر، تحقيق علي بن محمد، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1412هـ، هذه عبارة ابن عبد البر، قال: وقال (صلى الله عليه وآله): (من أحب علياً فقد أحبني، ومن أبغض علياً فقد أبغضني، ومن آذى علياً فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله). إلى الآن نحن ذكرنا للمشاهد الكريم على الأقل النيسابوري الذي صحح الحديث والذهبي الذي صحح الحديث والوادعي الذي صحح الحديث والاستيعاب أرسله ابن عبد البر وأيد هذا المعنى.
    أرجع إلى النص وأقرأه للمشاهد الكريم حتى لا يتصور بأنه أنا أنقل هكذا، هو يقول، الفصل العاشر، الرافضي، قال رجل لسلمان … ثم يعلق في (ص227): فالعشرة الأول كلها كذب. من المسلمات عند ابن تيمية، لماذا؟ في جملة واحدة لأن القضية مرتبطة بمناقب وفضائل علي.
    الآن بينا بأن هذا الحديث وهو الوارد عن سلمان: (ما أشد حبك لعلي، قال: سمعت رسول الله يقول: من أحب علياً فقد أحبني ومن أبغض علياً فقد أبغضني) يعني دليل شدة حبي لعلي؛ لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (من أحب علياً فقد أحبني) فإذن أنا عندما أحبه كأني أحب رسول الله، لابد أن يكون الإنسان رسول الله أحب إليه من أولاده ومن كل شيء يملكه. إذن إنما سلمان يشتد ويؤكد على حب علي لأن حب علي هو حب رسول وحب رسول هو حب الله سبحانه وتعالى، وبعبارة واضحة إنما أحبه لأن حبه هو حب الله سبحانه وتعالى (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ).
    الآن أريد أن أتنزّل كما يقال من الناحية العلمية، لو فرضنا أن هذا السند أو هذا الخبر الذي نقله الحلي لسند هذه الرواية افترضوا أنه ضعيف السند كما يحاول الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج3، ص288) يقول: صحيح على شرط الشيخين وقد وهما – يعني الحاكم النيسابوري والذهبي- فأن أبا زيداً هذا لم يخرج له الشيخان شيئاً، على ضعف فيه، قال الحافظ: صدوق له أوهام.
    إذن هذا لا يجعل الحديث كذباً، وإنما على مبنى الألباني وإن كان العلامة الوادعي صحح الحديث، وإن كان قال لم يرد عن الشيخين إلا أن الحديث صحيح. الآن أريد أن أتنزل للمشاهد الكريم وللمحقق وللعالم حتى يلتفت، لو تنزلننا وقلنا أن هذا الحديث ضعيف، السؤال: هل أن كل حديث، التفتوا إلى القاعدة في الجرح والتعديل والتي يقبلها علماء المسلمين، إن الحديث إذا صار من خلال طريق معين ضعيف، هذا معناه بالضرورة أن متن ذلك الحديث أيضاً ضعيف أو قد يثبت متن ذلك الحديث بطريق آخر، أي منهما؟ قاعدة أسس لها العلامة الألباني وجملة من أئمة الجرح والتعديل، هذه القاعدة أشار إليها في (صحيح سنن ابن ماجه، ج1، في المقدمة، ص14) تأليف محمد ناصر الألباني، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع لصاحبها سعيد بن عبد الرحمن الراشد، الرياض، يقول: إذا قلت صحيح أو حسن فإنما أعني المتن وأما السند فقد يكون صحيحاً أو حسناً لذاته أو لغيره، لا ضرورة أني إذا قلت صحيحاً يعني السند صحيحاً، قد يكون المتن صحيح، لأن هناك شواهد تؤيد هذا وإن كان السند ضعيفاً. إذن كان مقتضى القاعدة العلمية، ورد عندنا ويكون في علم المشاهد الكريم، وقد ورد عندنا هذا الحديث وهذا المضمون في حديث آخر في الرقم 1299 من السلسلة الصحيحة (من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله عز وجل، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله) رواه المخلص في (الفوائد المنتقاة) بسند صحيح عن أم سلمة. ولذا يقول وله شاهد من حديث سلمان. لماذا؟ نعم، حديث سلمان وإن كان عند العلامة الألباني من حيث السند ضعيف، ولكنه يوجد هناك شاهد يثبت متن. إذن كان المفروض للأمانة العلمية لشيخ الإسلام الذي يعتقدون به أنه شيخ الإسلام أن يقول أن العلامة الحلي نقل هذا النص وإن كان هذا السند فيه إشكال ولكن هذا المضمون ثابت من طريق آخر. هذه هي الأمانة العلمية، لا أن يدلس بهذه الطريقة، ويقول: كذب، كل كذب، العشرة كلها كذب. مقتضى الأمانة العلمية كان ينبغي أن يشير إلى هذه الحقيقة التي أشرت إليها وهي أنه لابد أن يقول هذا السند أنا لا أوافق عليه، نعم المضمون صحيح، المضمون تام، أما أن يطلق هذا الكلام كله كذب، كله كذب.
    إذن إلى هنا اتضح لنا من الناحية العلمية، أولاً: إن السند صحيح، وكما أشرنا ثلاثة أو أربعة من الأعلام يعني النيسابوري والذهبي والوادعي، هذا أولاً. وثانياً: على فرض ضعف سند هذا الحديث الذي ورد عن سلمان فإن المتن صحيح بطريق آخر. إذن هذا المورد والنص الثاني الذي أدعى فيه الشيخ، النص الأول حاول أن يشكك فيه وهذا النص الثاني جعله كذباً.
    نأتي إلى النص الثالث، بودي أن المشاهد الكريم أن ينظر إلى الشيخ كيف يتعامل مع هذا النص، في النص الثالث انظروا ماذا يقول الشيخ ابن تيمية؟ في (منهاج السنة، ج3، ص26) في الطبعة الحديثة، نشر دار الفضلية، وفي الطبعة القديمة (ج4، ص298) يقول: ومما يُبين به الفرق بين هذا الحديث وبين الحديث الذي روي عن ابن عمر – واقعاً لم نجد رواية مروية عن ابن عمر- ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي إلا ببغضهم علياً فإن هذا مما يعلم كل عالم أنه كذب. يعني بمجرد أني ادعي أن هذا الحديث صحيح يقول أنك لست عالماً فالعالم هو من يكذب ما ورد في فضائل علي، وبتعبير آخر هذا هو الناصبي، هذا هو العالم، هذا هو العلم عند الشيخ ابن تيمية. قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي إلا ببغضهم علياً، فإن هذا مما يعلم كل عالم أنه كذب. هذا هو المورد الأول.
    المورد الثاني الذي أشار إليه (منهاج السنة، ج4، ص153) من الطبعة الحديثة، وفي الطبعة القديمة (ج7، ص149) يقول: وهذا مما يبين به كذب ما يروى عن بعض الصحابة كجابر أنه قال: ما كنا نعرف المنافقين على عهد النبي إلا ببغضهم علي بن أبي طالب، أيضاً يدعي أنه كذب هذا النص. إذن لا أقل في موردين في (ج3، ص26)، وفي (ج4، ص153) يصرح بأن هذا الحديث كذب. وأنا أشير هنا للمشاهد الكريم وأقرأ له النص الذي قرأناه من (جزء علي الحميري، ص96) قلنا: الرواية … هارون بن إسحاق ثقة، سفيان بن عيينة إمام ثقة، الزهري إمام ثقة، يزيد بن خصيفة ثقة، بسر بن سعيد ثقة، أبو سعيد الخدري ثقة (ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول إلا ببغض علياً) ولكن عندما تصل النوبة إلى الشيخ ابن تيمية أيضاً يكون هذا الحديث كذب أيضاً.
    لهذا أنا أريد أن أقف عند كلام الإمام العسقلاني، انظر أيها المشاهد الكريم، القضية عندما تصل أن الإمام العسقلاني الذي هو على نهج ابن تيمية، يعني ابن حجر العسقلاني لا يخرج عن الإطار العام لابن تيمية، ولكن انظروا إلى القضية إلى اين وصلت، هو يقول ابن حجر العسقلاني أن ابن تيمية في أحيان ينتقص علياً، ابن حجر العسقلاني قول، لا علماء مدرسة الصحابة، لا علماء مدرسة أهل البيت، حتى يقولون أنهم يعادون شيخ الإسلام ابن تيمية، لا، وإنما يقول شخص هو على منهج ابن تيمية. قد يقول قائل: من أين تقول أن الإمام العسقلاني على منهج ابن تيمية، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت لما أقول. ورد في (تهذيب التهذيب، ج3، ص480) تصنيف الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر شهاب الدين العسقلاني، المتوفى 852هـ، باعتناء إبراهيم الزيبق، عادل مرشد، مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى، دمشق، سورياً، ماذا يقول العسقلاني؟ يقول: وقد كنت أستشكل توثيقهم الناصبي غالباً، يقول عندما كنت أنظر إلى النهج الأموي يعني النهج الذي على رأسه ابن تيمية عادة يوثقون النواصب، وتوهينهم الشيعة مطلقاً، ولكن عندما تصل القضية إلى محبي علي نجد أنهم يسقطونهم، هذا كان يشكل لي تناقضاً، يقول: ولا سيما إن علياً ورد في حقه (لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق). يعني مقتضى القاعدة أنه من أحب علياً لابد أن يوثق ويعدل ومن أبغض علياً لابد أن تسقط عدالته، نجد أنه عموماً أن القضية كانت معكوسة عند النهج الأموي. انظروا ماذا يقول؟ يقول: ولكنه تبين لي في آخر الأمر – العسقلاني في تهذيب التهذيب، ولا أعلم كيف تبين له في الرؤيا أم في عالم البرزخ لا أعلم- يقول: وقد تبين لي … وبالعكس فكذا … وأيضاً فأكثر ممن يوصف، يقول: ثم ظهر لي في الجواب – هذا يقوله في آخر الجواب الذي ظهر له- أكثر من يوصف بالنصب – من هم الناصبة؟ الذي يتدينون ببغض علي ومحبة معاوية، هذا الذي عرفناه في كل كتب اللغة والكلام والجرح والتعديل هذا هو تعريف النصب-. قال: فأكثر من يوصف بالنصب يكون مشهوراً بصدق اللهجة والتمسك بأمور الديانة – هؤلاء النواصب أهل الدين- أما بخلاف من يوصف بالرفض – يعني بخلاف من يوصف بأنه محب لعلي، ولا أعبر بالشيعة لأن بحثي ليس في الشيعة وإنما بحثي في أن هؤلاء أحبوا علياً- فإن غالبهم كاذب ولا يتورع في الأخبار. أما النواصب فهؤلاء هم الحريصون على الدين. هذا العسقلاني بودي أن يلتفت المشاهد الكريم، هذا العسقلاني يريد أن يقيم ابن تيمية، لو كان المقيم من أولئك الذين يخالفون ابن تيمية نعم، ولكن هذا على نهج ابن تيمية، يوافقه في الرأي، انظروا ماذا يقول في عن ابن تيمية في (لسان الميزان، ج8، ص551) ابن حجر العسقلاني، اعتنى به الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة، اعتنى بإخراجه سلمان عبد الفتاح أو غدة، دار البشائر الإسلامية. بعد أن يقول أنه الحلي كتب كتاباً في مناقب علي، ورد عليه الشيخ ابن تيمية، وقد طالعت الرد المذكور – يعني رد ابن تيمية- فوجدته كما قال السبكي في (الاستيفاء) … لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في رد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر – الحلي- وإن كان معظم ذلك من الواهيات والموضوعات، لكنه – التفتوا إلى هذا الكلام الذي صدر من ابن حجر العسقلاني في تقييم كتاب منهاج السنة الذي هو المرجع الأساس الآن لمن ينهج نهجه ويسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة، وكذبوا وخسئوا ليس هم أهل السنة والجماعة، بل هم أهل الاتجاه الأموي، هم أصحاب النهج الأموي، وإلا مدرسة الصحابة يحبون علياً ولكن- يقول: لكنه رد في رده – يعني رد في رده على ابن المطهر- كثيراً من الأحاديث الجياد – الجيدة، الحسنة، الصحيحة- التي لم يستحضر حالة تصنيفه مظانها – باعتباره كان يريد أن يوجه له- ولزم من مبالغته لتوهين كلام الرافضي الإفضاء أحياناً إلى تنقيص علي. هو بصدد رد ابن المطهر ولكن ذلك الحقد والبغض الدفين في وجود ابن تيمية يظهر على فلتات لسانه، المرء مخبوء تحت لسانه. يقول: ولزم من مبالغته لتوهين كلام الرافضي الإفضاء أحياناً إلى تنقيص علي، وهذه الترجمة لا تحتمل إيضاح ذلك وإبراز أمثلة ذلك.
    هذا هو تقييم ابن حجر العسقلاني لابن تيمية، وأنا أتصور أن الشواهد ا لتي أشرت إليها واضحة لا تحتاج إلى تأمل، وهو أنه يكذب حديث بعد آخر مرتبط بفضائل علي عليه أفضل الصلاة والسلام.
    المُقدِّم: معنا الدكتور أبو يوسف من بريطانيا، تفضلوا.
    الأخ أبو يوسف: السلام عليكم.
    المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو يوسف: عندي سؤالين، السؤال الأول فيما يخص التحقيق في كتب ابن تيمية، أنا عندي الطبعات القديمة هذا الذي حققها رفع الأحاديث التي لا تعجبه والتي لا تروق له، عندما يقول ابن تيمية أن النبي أخذ أقاربه للمباهلة وهي من عادات الجاهلية، هذا الحديث رفع من الطبعات الحديثة. والسؤال الثاني: ذكرتم في حلقات سابقة وقلتم إن ابن تيمية قال: إن جل الصحابة كانوا يكرهون علياً، واستناداً إلى الحديث الذي قلتموه الليلة فهل يكون جل الصحابة من المنافقين أم أنا فهمت خطأً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا بودي فيما يتعلق بطبعات (منهاج السنة) وأنها قد حذف منها بعض ما فيها، واقعاً أنا لم أتحقق من هذا الأمر فلذا لا أنفي ولا أثبت هذا الأمر. أما ما ذكره الشيخ أن أكثر الصحابة أو أن كثيراً من الصحابة كانوا يبغضون علياً، هذه أيضاً من الأكاذيب وسيأتي إنشاء الله تعالى وسأثبت هذه الحقيقة، بودي أن أشير للمشاهد الكريم أن الأمر ليس كما يقول ابن تيمية أن كثيراً من الصحابة كانوا يكرهون علياً، لا ليس الأمر كذلك، وإنما إن كبار السلف من الصحابة والتابعين كانوا يحبون علياً، وهذا هو العلامة الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج1، القسم الأول، ص319، في ذيل الحديث 166) يقول: وكثير من كبار السلف … كل ما فيه أن موسى ابن قيس كان يحب علياً أكثر من أبي بكر، فليفهم المشاهد الكريم، وكثير من كبار السلف كانوا كذلك. يعني كانوا يحبون علياً أكثر مما يحبون أبا بكر فضلاً عمن دون أبا بكر في هذه المسائل. هذا مقتضى العمل بسنة رسول الله، هذه هي السنة النبوية. إذن هذه الدعوى التي يقولها ابن تيمية وهي أن كثيراً من الصحابة أو أكثر الصحابة كانوا يبغضون علياً ويسبون علياً هي من أكاذيبه وتدليساته، وإلا في (السلسلة الصحيحة) يقول: كل ما فيه – يعني في موسى بن قيس- إنه يحب علياً أكثر من أبي بكر، كما هو ظاهر، وكثير من كبار السلف كانوا كذلك، كما يعرف من تراجمهم. نعم، وإن كنا لا نفضل على أبي بكر أحداً بعد رسول الله. هذا سيأتي بحثه، أنه واقعاً هل يمكن أن يكون أحد هو ميزان الإيمان والنفاق ويوجد من هو أفضل منه؟ وحبه يكون حب رسول الله وأبو بكر أفضل منه. أساساً غير معقول وغير منطقي. هذا البحث في الحلقة القادمة سأقف عنده بشكل تفصيلي، وهي ما هي العلاقة بين الحب وبين هذا التلازم (من أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني الله، ومن أبغض علياً فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله) وبين الأفضلية، أساساً يمكن الانفكاك أو لا يمكن الانفكاك، هذا سيأتي بحثه. يقول: وإن كنا لا نفضل على أبي بكر أحداً بعد رسول الله، وهذا مما تولى بيانه شيخ الإسلام. إذن تبين رأس الفتنة هو شيخ الإسلام الذي حاول أن يغطي على هذه القضية وإلا كبار السلف من الصحابة والتابعين كما يقول العلامة الألباني كانوا يحبون علياً أكثر مما يحبون باقي الصحابة. وهذا هو مقتضى السنة النبوية. أنا بودي فقط أن أنقل هذه القضية وتنتهي والمشاهد الكريم فليفهم عند ذلك نهج بني أمية ونهج شيخ الإسلام الأموي أو شيخ الأمويين ابن تيمية كيف تعامل مع هذه السنة النبوية (من أحبني فقد أحب علياً ومن أبغضني فقد أبغض علياً)؟ انظروا إلى تقييم ابن تيمية في (منهاج السنة، ج4، ص155) يقول: ولهذا كان الذي قتل عمر – الخليفة الثاني- كافراً يبغض دين الإسلام ويبغض الرسول وأمته فقتله بغضاً للرسول ودينه وأمته. إذن من قتل الخليفة الثاني فهو كافر منافق. والذي قتلَ علياً كان يصلي ويصوم ويقرأ القرآن. والله لا أعلم كيف أعلق على هذا، والله هذه أشد أموية تطرفاً، يا أخي هل يوجد أحد يقول من قتل عمر كان كافراً منافقاً ومن قتل علياً الذي حبه حب الله وبغضه بغض الله، أي بغض أشد من قتل إنساناً. يقول: كان مؤمناً يصلي ويصوم ويقرأ القرآن. يقول: وقتله معتقداً أن الله ورسوله يحب قتل علي، هذا الرجل لا يريد أن يقول اجتهد وأخطأ، يقول كان يتصور أن قتل علي محبوب. أنا لا أعلم أن الخوارج لم يقولوا هذا الكلام، بيني وبين الله فليدلني أحد ممن يدافع عن الشيخ ابن تيمية أن الخوارج أين قالوا هذا، أن ابن ملجم قاتل علي إنما قتله معتقداً إن الله ورسوله يحب ذلك، ثم قال: وفعل ذلك محبة لله ورسوله، وإن كان في ذلك ضالاً، مبتدعاً. وإلا فهو مسلم، مؤمن، تقرب إلى الله ولكنه صدر منه اشتباه، هذا الذي أنا أميز وأقول أن هناك نهج أموي ويؤسس وينظر ويقول له، الآن دفاع واضح عن الخوارج والنواصب وعن الذين قتلوا علياً.
    المُقدِّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات، ملتقانا وإياكم إنشاء الله في الحلقات القادمة، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/19
    • مرات التنزيل : 23377

  • جديد المرئيات