29/04/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على صفوته من الخلائق أجمعين محمد وآله الطيبين الطاهرين، السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته، أهلاً بكم ومرحباً في حلقة أخرى من برنامج مطارحات في العقيدة [أنوب فيها عن الأستاذ الدكتور سالم جاري في تقديم هذه الحلقة] معكم أكون في خدمتكم وانتم تستمعون لمباحث سماحة السيد كمال الحيدري فيما يرتبط بموضوع: (موقف ابن تيمية ممن آذى وسب علياً عليه السلام). اعتدت أن تكون مقدمة البرنامج من الأحاديث النورانية لأئمة الهدى سلام الله وصلواته عليهم أجمعين، ولكن بمناسبة أيام الفاطمية ذكرى رحيل الصديقة الكبرى الطاهرة الشهيدة فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها رجحت أن تكون البداية الصلوات المأثورة المروية عن إمامنا العسكري سلام الله عليه ضمن صلوات على المعصومين الأربعة عشر في الفصل الخاص بالسيدة الزهراء سلام الله عليها تكون مقدمة لهذا البرنامج ننور بها قلوبنا ونحن نتلو هذه الصلوات التي أكد كثير من أهل المعرفة أمثال السيد أحمد الكربلائي رضوان الله عليه على بركتها وعظمت آثار هذه الصلوات على عموم المعصومين الأربعة عشر، أما عن الزهراء عليها السلام فنقول: اللهم صلِ على الصديقة الطاهرة فاطمة الزكية، حبيبة حبيبك ونبيك، وأم أحبائك وأصفيائك، التي انتجبتها وفضلتها واخترتها على نساء العالمين، اللهم كن الطالب لها ممن ظلمها واستخف بحقها، وكن الله الثائر بدم أولادها، اللهم وكما جعلتها أم أئمة الهدى وحليلة صاحب اللواء والكريمة في الملأ الأعلى فصلي عليها وعلى أمها صلاة تكرم بها وجه أبيها وتقر بها أعين ذريتها وأبلغهم عنا جميعاً في هذه الساعة أفضل تحية والسلام. مرحباً بسماحة السيد كمال الحيدري.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: عظم الله أجوركم سماحة السيد بشهادة الزهراء سلام الله عليها، موضوع هذه الحلقة كما تقدم هو (موقف ابن تيمية ممن آذى وسب علياً عليه السلام) على ما يبدو أن هذا الموضوع له نوع ارتباط بالحلقات السابقة، حبذا لو يكون مطلع الحديث خلاصة لما تقدم فيما يرتبط بهذا الموضوع.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
اتضح في الحلقة السابقة أن معاوية بوجه خاص وبني أمية بوجه عام كانوا من النواصب، وهذه قضية لا أتصور أنه يوجد فيها خلاف بين المحققين من علماء المسلمين، سواء كانوا من الاتجاه الأموي والمنهج الأموي كأمثال ابن كثير والذهبي وابن حجر وابن تيمية وأمثال هؤلاء أو كانوا من أعلام مدرسة الصحابة، فأنهم جميعاً صرّحوا على أن بني أمية بشكل عام كانوا من النواصب.
المُقدَّم: يعني ينصبون العداء لأهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، لأنا بينا في الحلقة السابقة بأن المراد من الناصبين يعني الذين يتدينون ببغض علي وأهل بيته، هذه هي النصوص الواردة أن هؤلاء لا فقط كانوا يبغضون بل كانوا يتقربون الله تعالى ببغض علي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام، وأن هذا النهج بدأ بشكل واضح وصريح على يد معاوية بن أبي سفيان، يعني معاوية هو أول من أسس هذا النهج بشكل رسمي عندما سنّ سب علي على المنابر، نعم، لعله كانت هناك إرهاصات قبل ذلك، ولكنه بشكل رسمي وبشكل واضح وصريح إنما بدأ على يد معاوية، وهذا ما يصرح به جملة من الأعلام، ويتذكر المشاهد الكريم نحن في الحلقة السابقة أشرنا إلى ما ذكره ابن كثير في (البداية والنهاية) وأن جميع بني أمية إلا عمر بن عبد العزيز إنما كانوا جميعاً من النواصب لم يستثني منهم أحداً، ابن كثير الذي هو يعد من أعمدة الاتجاه الأموي.
ومن أولئك الذين صرحوا بهذه الحقيقة هو الإمام القرطبي في كتابه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج6، ص304) تأليف الإمام الحافظ أبي العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي، المتوفى سنة 656هـ، حققه وعلق عليه وقدم له الدكتور محيي الدين ديب وأحمد محمد السيد ويوسف علي بدوي ومحمود إبراهيم، دار بن كثير، دمشق، بيروت، في هذا الكتاب يصرح الإمام القرطبي بهذه الحقيقة، وأنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة بشكل واضح وصريح، يقول في ذيل الحديث الذي ورد في حديث الثقلين (إنما أنى بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به … إلى أن قال: ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي – يكررها رسول الله ثلاث مرات-) في المقدمة بودي أن المشاهد الكريم يلتفت أن الإمام القرطبي يعتقد أن المراد من أهل البيت في حديث الكساء وفي آية التطهير ليس نساءه وليس فلان وإنما يقول: هذا دليل على أن أهل البيت المعنيون في الآية هم المغطون بذلك المرطي في ذلك الوقت, يعني أصحاب الكساء، يعني الرسول (صلى الله عليه وآله)، فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها، يصرح بهذا، إذن لا يقول لنا قائل: أن الإمام القرطبي عندما يقول أهل البيت يراد به نساء النبي؟ لا، بل يصرح في (ص302) من الكتاب، يقول: المراد من أهل البيت هم المغطون بذلك المرطي في ذلك الوقت. إذن خاصة بهؤلاء الخمسة. ثم يعلق في (ص304) يقول: هذه الوصية – التفتوا جيداً ودققوا في ذلك، الإمام القرطبي ليس إنساناً عادياً- وهذا التأكيد العظيم من الرسول الأعظم يقتضي وجوب احترام آل النبي وأهل بيته وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم وجوب الفروض المؤكدة – لا أنه فرض بل من الفروض المؤكدة- التي لا عذر لأحد في التخلف عنها – لا أنه اجتهد فأخطأ- لا عذر لأحد في التخلف عنها.
المُقدَّم: من ضروريات الدين.
سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، من الضروريات، هو كذلك قطعاً من الضروريات. هذا مع ما علم من خصوصيتهم بالنبي وبأنهم جزء منه – فاطمة بضعة مني- فأنهم – أهل البيت- أصوله التي نشأ منها – أهل البيت هم أصول لرسول الله لأنها أم أبيها- فأنهم أصوله التي نشأ منها وفروعه التي تنشأ عنهم كما قال: فاطمة بضعة مني يريبني ما يريبها ومع ذلك – هذا مقام أهل البيت، من هم أهل البيت؟ فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها- ومع ذلك فقابل بنو أمية عظيم هذه الحقوق بالمخالفة والعقوق فسفكوا من أهل البيت دمائهم، وسبوا نسائهم، وأسروا صغارهم، وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم، واستباحوا سبهم ولعنهم فخالفوا رسول الله في وصيته وقابلوه بنقيض مقصوده وأمنيته فوا خجلهم إذا وقفوا بين يديهم ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه.
هذا هو كلام إمام كالقرطبي يتكلم، ولا يستثني أحداً، يقول: إلا معاوية الذي هو صحابي وكاتب للوحي، لا لا، يقول: بني أمية، هذه فعالهم أنه قتلوا واستباحوا ولعنوا وفعلوا وفعلوا، هذا هو المصدر الأول. والقرطبي من أعلام مدرسة الصحابة.
المُقدَّم: يعني ما أقرب ما قاله بما ورد في زيادة عاشوراء فيما يرتبط ببني أمية.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه حقيقة واحدة، هذا متفق عليه، وبعد ذلك سأقرأ إشارة إلى ذلك.
المورد الثاني ما ورد في (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج13، ص669) لابن حجر العسقلاني، الذي يعد من أعمدة النهج والاتجاه الأموي، يقول: ووقع في شرح الوجيز للرافعي عند ذكر الخوارج قال: هم فرقة من المبتدعة خرجوا على علي عليه أفضل الصلاة والسلام، ثم يقول: وليس الوصف من كلامه وصف الخوارج فقط – يعني الذين خرجوا على علي- الخوارج المبتدعة، وإنما هو وصف النواصب أتباع معاوية – الذين خرجوا على علي وكانوا أهل بدعة ليس هؤلاء الخوارج وإنما أتباع معاوية وأصحاب معاوية الذين هم نواصب، وهذه أيضاً حقيقة يؤكدها ابن حجر العسقلاني. وهناك حقيقة رأيتها، وجدت أن هذه الروايات مع الأسف الشديد لا توجد في الثقافة الإسلامية العامة، في كتاب (استجلاب ارتقاء الغرف بحب أقرباء الرسول وذوي الشرف، ج2، ص592) تأليف الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي، المتوفى 902هـ، تحقيق ودراسة خالد بن أحمد الصمي، بابطين، الجزء الثاني، دار البشائر الإسلامية، والذي يهمني في هذا الكتاب، هو أن أصل هذا الكتاب رسالة ماجستير تقدم بها المحقق إلى جامعة أم القرى بمكة المكرمة، وقد أجيزت بتقدير ممتاز مع التوصية بالطباعة وذلك مساء يوم الأحد 15/2/ 1420هـ. في هذا الكتاب ينقل رواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يعلق عليها. أما الرواية فهي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أهل بيتي – الإمام القرطبي بين المراد من أهل البيت هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها- إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية. صريحة الرواية، لا أشدهم سباً، ولا أشدهم شتماً، ولا اشدهم لعناً، بل أشدهم بغضاً، لا هم يبغضون علياً، بل هم أشد من يبغض علياً وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام، وأنا لا أعلم إذا كان هؤلاء من المبغضين فماذا نفعل بحديث رسول الله عندما يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. إذن هم من أوضح مصاديق المنافقين، معاوية وبني أمية جميعاً. وإن أشد قومنا لنا بغضاً بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم. رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ثم يقول مستدرك الحاكم ثم فلان ثم فلان … هذه الرواية. بغض النظر قد يقول لنا قائل بأن هذه الرواية ضعيفة بفلان وفلان، المهم أن الواقع التاريخي يثبت هذه الحقيقة. المهم عندي هو التعليقة التي يعلق عليها بابطين الذي قدم هذه الرسالة إلى أم القرى في مكة المكرمة. يقول: لقد أثبتت – أنا اقرأ العبارة وإن كانت طويلة ولكن المشاهد فليعلم أن هذا الكلام قدم في جامعة أم القرى في مكة المكرمة- لقد أثبتت حوادث التأريخ أنه لم يقع على أسرة من صنوف العذاب وضروب التنكيل ما وقع على آل النبي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام – لم يقع على أحد، وعندما يقول آل البيت فواضح أن مراده من أهل البيت هم العترة يعني علي وفاطمة والحسن والحسين باعتبار أن رسول الله لم يكن موجوداً، بعد رحلته – مع أنها بلغت الغاية من شرف الارومة وطيب العنصر وقد أسرف خصوم هذه الأسرة الطاهرة في محاربتها وأذاقوها ضروب النكال وصبوا عليها صنوف العذاب ولم يرقبوا فيها إلاً ولا ذمة ولم يراعوا لها حقاً ولا حرمة وأفرغوا بأسهم الشديد على النساء والأطفال والرجال جميعاً في عنف لا يشوبه لين وقسوة لا يمازجها رحمة، حتى غدت مصائب أهل البيت مضرب الأمثال في فضاعة النكال، وقد فجرت هذه القسوة البالغة ينابيع الرحمة والمودة في قلوب الناس وأشاعت الأسف الممض في ضمائرهم وملئت عليهم أقطار نفوسهم شجناً.
المهم أن الرسالة مقدمة في مكة المكرمة نعم هي مطبوعة في بيروت.
المُقدَّم: هل الحديث الذي نقلتموه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استناداً إلى هذا الكتاب، استخدام تعبير أشدهم بغضاً لنا بنو أمية، هل لنا تشمل رسول الله؟
سماحة السيد كمال الحيدري: يقيناً، بعد ذلك سنثبت ذلك المعنى، لأن الروايات صريحة وتقدمت، لأنه من أبغض علياً فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، وقد تقدم الكلام عن ذلك مفصلاً في الأبحاث السابقة.
بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الحقيقة وهو أن البغض والإسراف في بغض أهل البيت وصل إلى الصحابة وكبار الصحابة تركوا السنة النبوية خوفاً من معاوية لأنه علي كان يعمل بتلك السنة، تركوا السنة النبوية، لا السنة العلوية، لا السنة التي سنها علي، بل السنة التي سنها رسول الله، لماذا؟ لأن علياً كان يستن بها، فبغضاً لعلي تركوا سنة رسول الله، خوفاً من معاوية، هكذا كانوا يشيعوا الرعب والخوف والإرهاب في قلوب من يحب علياً ويوالي علياً ويريد علياً.
منها ما ورد في (السنن الكبرى، ج5، ص274، الحديث 9447) للإمام أبي بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، المتوفى 458هـ، خرج أحاديثه وآثاره وضبط نصه وعلق عليه إسلام منصور عبد الحميد، دار الحديث، القاهرة، المطبوع في سنة 1429هـ، الرواية هذه، يقول: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين … إلى أن يقول أخبرنا ميسرة عن فلان عن فلان عن سعيد بن جبير قال: كنا عند ابن عباس بعرفة فقال: يا سعيد، مالي لا اسمع الناس يلبون؟ قلت: يخافون معاوية. فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك الله لبيك وإن رغم أنف معاوية، اللهم العنهم فقد تركوا السنة من بغض علي. هذا الإرهاب الذي أوجده هذا الذي يصطلح عليه ابن تيمية ومن جاء بعده إلى يومنا هذا ويدافعون عن معاوية الذي يعبرون عنه بالملك المجاهد كاتب الوحي، معاوية، أنه أوجد إرهاباً في الأمة أن الناس يخافون أن يعملوا بسنة النبي لأن علياً كان يستن بها، بغضاً لعلي لا بغضاً للسنة.
الرواية الثانية في هذا المجال، ما ورد في (التعليقات السلفية على سنن النسائي، ج3، ص466) لأبي الطيب الفوجياني، صححه وعلق عليه وخرج أحاديثه أحمد شاغب وأحمد مجتبى السلفي، تقديم فضيلة الشيخ صالح اللخيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى بالمملكة العربية السعودية، المكتبة السلفية، باكستان. العبارة كما يلي، الرواية بعد أن يقول، عن سعيد بن جبير قال: كنت مع ابن عباس في عرفات، قال: مالي لا أسمع الناس يلبون. قلت: يخافون من معاوية. قال: فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال: لبيك الله لبيك فأنهم قد تركوا السنة من بغض علي. في الحاشية يقول: صحيح الإسناد. الرواية صحيحة، أنهم تركوا السنة النبوية بغضاً لعلي. وهنا بودي أن ينظر المشاهد الكريم ما قاله في (شرح الإمام السيوطي وحاشية الإمام السندي على سنن النسائي في ج5، ص279) هذه هي عبارته، تعليقاً على الرواية يقول: وبهذا ظهر منشأ الخلاف بين العلماء في التلبية في عرفات. يقول: الآن اتضح اختلاف العلماء هل يلبون أو لا يلبون الذين لم يكونوا يلبون كان خوفاً من معاوية وإلا السنة النبوية كانت واضحة من أنه لابد من التلبية في عرفات. وظهر أن الحق مع أي الفريقين، من هنا اتضح أن السنة النبوية كانت التلبية، من بغض علي، يشرح ذلك، ما معنى من بغض علي؟ يقول: أي لأجل بغضه، أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً لعلي. هذه هي السياسة التي كان يستعملها بنو أمية وعلى رأسهم المنافق، بل على رأس المنافقين في بني أمية معاوية، أنهم حاولوا أن يقضوا لا على ذكر علي، بل يقضوا على السنة النبوية. وهذه قضية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها بشكل واضح ودقيق. فإذا كان الأمر كذلك وأنا أتصور أن القضية واضحة. فإذا كان معاوية بالخصوص وبني أمية بشكل عام من المبغضين لعلي عند ذلك يأتي الحديث المتواتر عن رسول الله (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) فإذا كانوا من المنافقين يعني معاوية ومن جاء بعده إذن يشملهم قوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ) عند ذلك واقعاً الإنسان يستغرب عندما يجد بعض أهل الجهل الذين يخرجون على بعض الفضائيات ويسمون أنفسهم أنهم أهل علم أن الصحابة جميعاً في الجنة، والله لا أعلم كيف يمكن لإنسان سوي لا لإنسان عالم، لإنسان سوي يحترم عقله ويحترم دينه ويقول أن الصحابة جميعاً في الجنة، مع أن هؤلاء ثبت بغضهم ونفاقهم وأنهم من أهل النار. وأنا أتصور أن الأنصار إنما خالفوا في السقيفة خلافهم كان لأنهم كانوا يخافون أن يأتي آل أبي سفيان إلى الحكم، وقد تحقق ما خافوا منه، يعني في نهاية المطاف لم يطل الأمر إلا ثلاثين عاماً أو أقل وجاء بنو أمية إلى الحكم وفعلوا أنهم أول ما فعلو أرادوا أن يقضوا إلى السنة النبوية وهذه هي الروايات الصحيحة التي تثبت هذه الحقيقة.
المُقدَّم: سماحة السيد بينتم من خلال ما قرأتموه من النصوص في القسم الأول من البرنامج قضية نفاقية وبغض معاوية وبني أمية لأمير المؤمنين وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم، الدلالات الأخرى التي يمكن أن تستفاد من النصوص الدالة على أن معاوية وبني أمية بغضوا وسبوا وشتموا علياً صلوات الله وسلامه عليه.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أن النصوص واضحة الدلالة أن معاوية لم يكن فقط يشتم ويسب علياً، بل يأمر الآخرين أن يسبوا علياً، يعني أنه سن سنة، هذه القضية قد يقول البعض ما الدليل على أنه كان يأمر بذلك. أنا اكتفي هنا بكلام وبحثه إنشاء بعد ذلك سيأتي، أن ابن تيمية في (منهاج السنة، ج3، ص226) في الطبعة الحديثة، أما في الطبعة القديمة (ج5، ص40) يقول: وعن سعد بن أبي وقاص قال: أمر معاوية ابن أبي سفيان سعداً بالسب فأبى. لأن النصوص الموجودة في صحيح مسلم فلان، فنال معاوية منه، أو قال لما لا تسب أبا تراب، من هنا حاول البعض أن يقول أنه لم يكن بصدد سب علي، ولم يطلب من سعد سب علي، وإنما سأله لماذا أنت لم تفعل ذلك، فعندما قال أنا لا أفعل ذلك تورعاً استحسن منه ذلك، هذا صدر في تكلفاتهم، وبعد ذلك سيأتي البحث، ولكن هنا يصرح ابن تيمية يقول: أمر معاوية ابن أبي سفيان سعداً بالسب فأبى. فقال: ما منعك أن تسب علي بن أبي طالب، وهنا أيضاً بغض ابن تيمية يتضح، لأن الرواية تقول ما منعك أن تسب أبا تراب كما في صحيح مسلم، ابن تيمية لا يستطيع أن يقول أبا تراب، يقول: علي بن أبي طالب، ولذا في الحاشية يقول في النسخة الأخرى: أن تسب أبا تراب، وهي النص في صحيح مسلم وهو ينقل الرواية عن صحيح مسلم ولكن بغضه لا يمكن إلا أن يظهر على فلتات لسان وفلتات قلمه.
المُقدَّم: ما الفرق بين أن يقول علي وبين أن يقول أبا تراب.
سماحة السيد كمال الحيدري: باعتبار أن أحب الأسماء لعلي هو كان أبو تراب. وسماه رسول الله بهذا، ولهذا هم لا يريدون أن يسموه بهذا، ولا يكنوه بهذا، لهذا السبب، وقلت في كل شيء الله سبحانه وتعالى (والمرء مخبوء تحت لسانه) قال: ما منعك أن تسب علي بن أبي طالب، قال: ثلاث قالهن رسول الله فلن أسبه، لئن يكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم، سمعت رسول الله يقول لعلي وقد خلفه … بعد أن يذكر هذه الأمور الثلاثة. ولكنه أنظر إلى حقد هذا الرجل، يقول: فهذا حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه وفيه ثلاث فضائل لعلي لكن ليست من خصائص الأئمة ولا من خصائص علي، لا قيمة لها، مشتركة، سعد بن أبي وقاص يقول لو أن لي واحدة منها وهو صحابي، هكذا يقول، ولكن ابن تيمية بغضاً لعلي يقول: لا، هذه من المشتركات التي ليس لها قيمة، وهذا سيأتي بحثه عندما نقف عند هذه الخصائص والمناقب والفضائل لعلي وموقف شيخ الإسلام الأموي من هذه المناقب.
المُقدَّم: أحد المشايخ كان يتحدث عن منهاج السنة النبوية قال: أن الاسم الذي يليق بهذا الكتاب هو منهاج السنة الأموية لا منهاج السنة الأموية.
سماحة السيد كمال الحيدري: وهو كذلك، واقعاً كذلك، هذا الحديث أنا بودي هنا هذه القضية أن أشير لها بشكل واضح وصريح، طبعاً هذا الحديث قضية سب وشتم معاوية لعلي قضية متواترة في كتب التاريخ وغيرها، لا شك فيها، ولكن وجدت رواية قيمة في هذا المجال وإن كان هناك كلام أن السند تام أو ليس بتام ولكنه هناك روايات أخرى تثبت هذه الحقيقة الرواية في (البداية والنهاية، ج11، ص50) لابن كثير الدمشقي، الرواية عن أبو زرعة الدمشقي حدثنا أحمد بن خالد الوهبي حدثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن نجيح عن أبيه، الرواة ثقات، وإنما الكلام في (عن أبيه وعن سعد الذي ينقل الرواية) يقول: لما حجّ معاوية أخذ بيد سعد بن ابي وقاص فقال: يا أبا إسحاق إنا قوماً قد أجفانا هذا الغزو عن الحج حتى كدنا أن ننسى بعض سننه – لم يكن يعرف الحج- فنطف بطوافك، هذا أمير المؤمنين عند الأمويين لا يعرف أن يحج ولكن هو أمير المؤمنين، قال: فلما فرغ أدخله دار الندوة، يعني لما فرغ من الحج أدخله دار الندوة، يعني أدخل معاوية سعد، فأجلسه معه على سريره ثم ذكر علي بن أبي طالب فوقع فيه، فقال: أدخلتني دارك وأجلستني على سريرك ثم وقعت في علي تشتمه. هذه الرواية الأخرى التي تقول لماذا لا تسبه، هنا ليس فقط لا تسبه، يعني بعد أن شتم وسب علياً طلب من سعد فعندما أبى عن ذلك كما يقول ابن تيمية قال: لماذا تمتنع عن السب، لم يسأله استفهاماً وإنما سأله أمراً، لماذا أنت لا تشتم، الرواية طويلة، لا أريد أن أقول. يقول: الرواية بعد ذلك، عندما قال والله لئن يكون فيّ إحدى خلاله الثلاث أحب إليه أن يكون لي ما طلعت، ثم قال له بعد أن سمع لا أدخل لك داراً بعد هذا اليوم، ثم نفض رداءه ثم قام، هذا ما يقوله بشكل واضح وصريح ابن كثير في البداية والنهاية.
تفضلتم بالسؤال عن أهم الدلالات الأخرى التي يمكن أن نستفيدها، واقعاً نحن قلنا في الحلقة السابقة واليوم أكملنا البحث أنه الدلالة الاولى المستفادة أن هذه دالة على البغض والبغض يدل على النفاق.
والدلالة الثانية التي يمكن استفادتها من هذا الحديث ولعله إن لم تكن أعظم شناعة وفضاعة وجرماً ومن الدلالة الأولى فليست من الدلالة والمضمون الأول وهو النفاق، وهو أنه ورد في أحاديث صحيحة مقبولة كثيرة في كلمات أعلام المسلمين، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): من سب علياً فقد سبني، ومن آذى علياً فقد آذاني. الآن واقعاً الوقت لا يسع أن أقف أمام كل تلك المصادر التي تكلمت عن هذه الحقيقة وأقف عند أهم تلك المصادر.
من تلك المصادر المهمة التي أشارت إلى هذه الحقيقة ما ورد في (مسند أحمد بن حنبل، ج44، ص328) الرواية عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيسب رسول الله فيكم؟ قلت: معاذ الله أو سبحانه الله أو كلمة نحوها. قالت: سمعت رسول الله يقول: من سب علياً فقد سبني. وهذه أم المؤمنين أم سلمة، من سب عليا فقد سبني. إذن حتى لو تنزلنا وقلنا أن السب والشتم لا يدل على البغض فلا أقل أنه من سب علياً فقد سب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم يقول العلامة شعيب الأرنؤوط إسناده صحيح. هذه الرواية الأولى في هذا المجال. هذه الرواية وردت في مصادر أخرى سأشير لها.
الرواية الثانية ما ورد في (مسند أبي يعلى الموصلي، ج12، ص444) للإمام الحافظ علي بن مثنى التميمي، المتوفى سنة 307هـ، الرواية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها، قالت أم سلمة: رقم الحديث 7013، قالت أم سلمة: أيسب رسول الله على المنابر. باعتبار كان أمير المؤمنين معاوية، واستطاع بنو أمية أن يحققوا الهدف الذي من أجله حاربوا الإسلام ورسول الله وفعلوا ما فعلوا إلى أن وصلوا إلى ما يريدون. قال: أيسب رسول الله على المنابر، لأني وجدت أن بعض هؤلاء الجهلة على الفضائيات ويقولون أن معاوية لم يفعل ذلك، ولا أعلم كيف أن علياً كان يسب على المنابر ومعاوية كان مخالفاً لذلك، أيعقل هذا. أُيسب رسول الله على المنابر. قلت: وأنى ذلك، كيف يعقل أن رسول الله يسب على المنابر. قالت: أليس يسب علي ومن يحبه، يعني ومن يحب علياً، فأشهد أن رسول الله كان يحبه، وهؤلاء يسبون علياً ومن يحب علياً، وأنا أضيف على هذه الرواية إنشاء الله تعالى بعد ذلك سيأتي في قضية الخندق (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) هؤلاء كانوا يسبون لا فقط رسول الله، بل يسبون الله سبحانه وتعالى، سباً مباشراً، لأنهم كانوا يلعنون ويشتمون ويسبون علياً ومن يحب علياً، وإنشاء الله تعالى أعد ا لمشاهد الكريم في الحلقات القادمة سنقف عند هذه الحقيقة، هذه من الأحاديث التي ينكرها ابن تيمية ويقول أنها موضوعة، وسيتضح بعد ذلك بأن هذا الحديث (يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) هذه رواية عن أم سلمة، قالت أم سلمة: أيسب رسول الله على المنابر، قلت: وأنى ذلك، قالت: أليس يسب علي ومن يحبه، يعني ومن يحب علياً، فأشهد أن رسول الله كان يحبه. الرواية رجاله ثقات، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وأخرجه أحمد وهذا إسناد صحيح وذكره الهيثمي، وقد تكون بعض الطرق منقطعة أو بعض الطرق غير صحيحة ولكن الرواية لها طرق أخرى صحيحة ولا إشكال في ذلك.
وممن نقل هذه الرواية في (فضائل الصحابة، ج2، ص735، الحديث 1011) وكذلك في (خصائص أمير المؤمنين للنسائي، ص80، الحديث 91) وكذلك في (المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري، ج3، ص121) وقال صحيح ولم يخرجاه ووافقه الذهبي على أن الحديث صحيح. إذن النص الأول (من سب علياً فقد سبني) بالإضافة إلى هذا الذي قرأناه عن أم سلمة، وبشكل مباشر من سب علياً، كانوا يسبون علياً ومن يحب علياً، فكانوا يسبون الله ورسوله بشكل مباشر.
أما فيما يتعلق بحديث (من آذى علياً فقد آذى رسول الله) هذا المعنى بشكل واضح وصريح جاء في (فضائل الصحابة، ج2، ص784) لأحمد بن محمد بن حنبل، الرواية قال رسول الله: (من آذى علياً فقد آذاني) وأنا لا أعلم أن عاقلاً يشك أن إنساناً إذا سب وشتم إنساناً ألم يؤذه، واقعاً يمكن أن يقال لا يحصل أذى من السب والشتم واللعن على المنابر إذن (من آذى علياً فقد آذاني) هذا هو النص الأول في هذا المجال.
النص الثاني، طبعاً النصوص كثيرة في هذا المجال وأنا أكتفي بهذا القدر، وهو ما ورد في (سلسلة الأحاديث الصحيحة، ج5، ص373، الحديث 2295) للعلامة الألباني، (من آذى علياً فقد آذاني) يقول: روي عن جمع من الصحابة، الأول عن عمر بن شاس رواه البخاري في التأريخ، والفسوي في المعرفة وأحمد وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي وابن عساكر … والطريق الثاني عن سعد بن أبي وقاص رواه الهيثمي في المسند وأبو يعلى والقطيعي في زيادته على فضائل الصحابة وابن عساكر. الثالث جابر بن عبد الله رواه ابن عساكر قلت: فلان إسماعيل هذا صدوق توفي 241 هـ من شيوخ ابن ماجه لكن محمداً هذا وهو ابن جعفر الصادق تُكلم فيه. على القاعدة باعتبار ابن جعفر الصادق فلابد أن يكون مورداً للكلام لا ثقة. وبالجملة بعد أن يذكر طرق الحديث، وبالجملة فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق، لا أنه فقط حسن، فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق. إذن إلى هنا انتهينا إلى هذه الحقيقة الواضحة التي لا ريب فيها وهي أن معاوية كان يسب وكان يشتم علياً على المنابر، بل وكان يؤذي علياً على المنابر، لأنه أنا لا أتصور يوجد مصداق للأذى أوضح من السب والشتم واللعن على المنابر. هذه هي الحقائق التي انتهينا إليها من خلال الروايات الصحيحة المستفيضة، بل يطمأن الإنسان بصدورها عن النبي (صلى الله عليه وآله).
المُقدَّم: سماحة السيد قضية النتائج المترتبة على السب والشتم، هذا الموقف الأموي من السب والشتم إذا كان يتسع المجال أن تتناولوا هذا الامر.
سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أنه أنا اكتفي هنا بماذا يقول القرآن في هذا المجال، وبعد ذلك انتقل إلى كلمات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وكلمات علماء المسلمين في هذا المجال. أما على مستوى البحث القرآني قال تعالى في (سورة الاحزاب، الآية 57) (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ) وبعضهم يقول لماذا تلعنون الصحابة، ماذا أقول لهؤلاء الجهلة الذين يجب أن يتعلموا شيئاً لأجل أن يتفقهوا في الدين، لا أن يحفظوا الروايات وهم لا يفهمونها، أنا وجدت أن بعض هؤلاء الذين يخرجون على الفضائيات الغريب أنه يكتب كتاباً في فضائل الصحابة وينقل هذه الرواية أن رسول الله قال من سب علياً فقد سبني ومن آذى علياً فقد آذاني وهو يخرج كالأعمى في الفضائيات ويقول أن جميع الصحابة في الجنة، شيء غريب واقعاً (لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا …. أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ) واقعاً (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) انظروا إلى الآية المباركة قال: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِوَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً).
ومع ذلك يخرج هؤلاء الجهلة ويقولون أن معاوية من الصحابة وهو في الجنة. أما على مستوى الرواية ما ورد في (المستدرك على الصحيحين، ج3، ص121) أنا بودي أنه بنفس هذا البيان الذي أشرنا إليه موجود في كلمات ابن عباس، الرواية صحيحة طبعاً، الرواية قال: جاء رجل من أهل الشام فسب علياً عند ابن عباس فحصبه ابن عباس، ضربه الحصى، فقال: يا عدو الله آذيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذن من سب فقد آذى رسول الله. (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِوَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) لو كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) حياً لآذيته، هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. الآن لا أريد أن أعلق، لماذا لا يخرج مسلم والبخاري مثل هذه الأحاديث، ما هو الغرض، أليست صحيحة، واللطيف لا أنها فقط النيسابوري بل الذهبي في الحاشية يقول صحيح، يعني يوافق النيسابوري على ذلك. هذا على المستوى القرآني وعلى مستوى الروايات الواردة في المقام.
وأما على مستوى الكلمات، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت بشكل واضح وصريح إلى هذا الكتاب، وهو (الصارم المسلول على شاتم الرسول، ص4) وعلى ساب الرسول وعلى من يؤذي الرسول، لشيخ الإسلام الإمام ابن تيمية، حققه وفصله وعلق حواشيه محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيداً، بيروت. البحث مفصل هناك انتقي منه ما أحتاج إليه، يقول: المسألة الأولى أن من سب النبي (صلى الله عليه وسلم) – على ما في الكتاب- من سب النبي من مسلم أو كافر فأنه يجب قتله. هذا رأي ابن تيمية، ثم يقول: هذا مذهب عليه عامة أهل العلم، لم يختلف أحد في هذه القاعدة، أن ساب الرسول وأن شاتم الرسول يجب قتله، إلى أن يقول: لا أنه يجب قتله. فقال – القاضي عياض-: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه وكذلك حُكي عن غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره، ليس فقط يجب القتل وإنما الإجماع على أنه كافر، فمن سب علياً فقد سب رسول الله، ومن سب رسول الله فهو كافر يجب قتله. إذن الدلالة الجديدة لهذه الأحاديث الدالة على أن معاوية كان يشتم لا أنه يثبت نفاقه الذي له إسلام ظاهر وكفر باطن، بل يثبت كفر. يقول: وقال الإمام إسحاق بن راهويه أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسول الله أو دفع شيئاً أنه كافر بذلك وإن كان مقراً بكل ما أنزل الله … ثم يقول: وتحرير القول وحكمه عند الأمة القتل ومن شك في كفره وعذابه كفر. يعني إذا شك أحد في كفر معاوية، أنا أتصور أنه نسي أنه … أساساً هو لم يتعرض للروايات التي فيها سب علي وأهل بيته. يقول: ومن شك في كفره وعذابه كفر، وتحرير القول فيه أن الساب إن كان مسلماً – كمعاوية- فأنه يكفر ويقتل بلا خلاف، وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيره. هذه هي النتيجة الأساسية التي ننتهي إليها والدلالة الحقيقية التي ننتهي إليها من هذه النصوص وهو أنه بعد أن ثبت أن معاوية ومن يسب علياً وأهل بيته أنهم منافقون بهذه الأحاديث الواضحة والصريحة ثبت أنهم كفار.
المُقدَّم: معنا الأخ أبو مرتضى، تفضلوا.
الأخ أبو مرتضى: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو مرتضى: عندي نقطتين أحب أن أوضحهما، أول شيء: طرح السيد لما اتصل به أحد الأخوة وقال له لماذا لا تدخل في مناظرة، السيد طرح طريقة للمناظرة لم يعرفها لا السابقون ولا اللاحقون وهي أن يتحدث خمس حلقات ثم يأتي مناظره ويتحدث خمس حلقات، المناظرة المعروفة تكون وجهاً لوجه، هذا أولاً. ثانياً: السيد كمال أطال في الحديث عما ارتكبه يزيد في عهده، وهذا ليس سراً عند أهل السنة، ما رأيه في كلام الشيخ الكوراني في كتابه عصر الظهور إن الإمام المهدي المنتظر يقتل أهل المدينة.
سماحة السيد كمال الحيدري: هل هذا مرتبط بالبحث، أيها الأخ العزيز المحترم، أولاً قلت بأنه أنا قرأت الروايات عن يزيد، وهذه مغالطة واضحة أما أنك لا تفهم، أنا لم أتكلم عن يزيد بل تكلمت عن معاوية، وثانياً ما علاقتي بكتاب كتبه فلان بإمكانك أن تتصل به في أي فضائية وجناب الشيخ يخرج على الفضائيات بإمكانك أن تطرح عليه السؤال، أخواني الأعزاء رجائي منكم إن كنتم من أهل العلم وإذا كنتم منصفين وأهل حقيقة لا أنه في مجلاتكم وجرائدكم تقولون أن الكوثر ليس خير كثير بل شر كثير، واقعاً هذا الأسلوب عفا عنه الزمن، أنا لم أتِ باسم يزيد، يزيد واقعاً أحقر أن يذكر، ولكن لأنكم تدافعون عنه اضطررت أن أذكره، وأنا لا أتكلم عنك أخي العزيز إنما أتكلم عن كل من يدافع عنه، لماذا أنت متألم بهذا التألم من شخص كمعاوية يسب عليا، لماذا أنتم متألمون والله أقسم لو أن علياً كان يقال عنه شيئاً ويساء إليه في أي فضائية لما خرج أي واحد للدفاع عن علي، وإنما عندما يكون الحديث عن معاوية وعن بني أمية وعن يزيد ومن قبل ذلك ومن بعد ذلك تجد تبدأون ترجعون ويا ليت أنه يوجد عندكم منطق علمي ومنهج وأساس علمي تردون كل هذه النصوص الصحيحة التي وردت في كتبكم. أما ما ذكره الأخ العزيز حول المناظرة وأنه لم يسبقه الأولون والآخرون، نحن نطرح هذه الحقائق وبحمد الله تعالى فضائياتكم ملئت الدنيا صراخاً تعالوا إلى تلك الفضائيات، فضائياتكم موجودة أخرجوا فرداً فرداً ورواية رواية وناقشوها سنداً ودلالة، وأما السب والشتم والذهاب يميناً وشمالاً فهذا ليس هو المنهج العلمي الصحيح.
المُقدَّم: معنا الأخ كامل من هولندا، تفضلوا.
الأخ كامل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ كامل: فيا يرتبط بالفضائيات التي ملئت الدنيا صراخاً دفاعاً عن الظلمة، أما قناة الكوثر التي فيها سبب استبصارنا ففيها الدفاع عن الأنبياء وتنزههم، أما تلك الفضائيات فتدافع عن الأمويين. لي مداخلتين سماحة السيد، أولاً: أرجوا تخصيص وقت لما بعد الآية الكريمة التي ذكرتوها وهي (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً) الآية التي بعدها تقول: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) نرجو تخصيص وقت للمؤمنين والمؤمنين، والمداخلة الثانية إن مخالفة الأصحاب كانت في سقيفة بني ساعدة لم تتحقق بعد ثلاثين عاماً بل للمتتبع نحن نرى مباشرة في خلافة الأول والثاني، بعد رحيل النبي، ووصول الطلقاء وآل أبي سفيان إلى مناصب حساسة في الدولة، وهي مصداق لرأي الخليفة الأول بأن أبي سفيان هو سيد قريش في حياة النبي محمد ولذلك جاء الثاني ليسمي معاوية كسرى العرب، وفي حكم أمير المؤمنين ظهر الحق وظهر الأنصار الذين حبهم إيمان أمثال سعد بن عبادة.
سماحة السيد كمال الحيدري: مشمول بقوله (يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) وبالآية (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) يقيناً.
المُقدَّم: معنا الأخ نادر من العراق، تفضلوا.
الأخ نادر: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ نادر: عظم الله لكم الأجر، أعزك الله وأبقاك ذخراً لنا وللإسلام لإظهار هذه الحقائق، سيدي العزيز بالنسبة للشيخ ابن تيمية ما هو رأيه في خلافة أمير المؤمنين، وليس في الصحيحين ما يدل على خلافة علي بن أبي طالب.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعد الأخ العزيز إنشاء الله تعالى سيأتي في الوقت المناسب واشرح بأنه يوجد دليل في كتب القوم على إمامة وخلافة ووصاية علي عليه السلام وأنه هو الوصي وأنه هو الخليفة، إنشاء الله تعالى بعد ذلك سيتضح أن هذه النصوص هي الدالة أنه الأولى بالخلافة والإمامة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
المُقدَّم: مشاهدينا الكرام انتهى الوقت المخصص لهذه الحلقة من مطارحات في العقيدة شكراً لكم على طيب المتابعة، خاتمة هذا اللقاء هي صلوات أخرى على الصديقة الزهراء سلام الله عليها التي نعيش هذه الأيام ذكرى رحيلها المؤلم لكل من يحبون الوفاء لرسول الله ويؤذيهم عدم الوفاء لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في بضعته الزهراء. الصلوات: اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها، بعدد ما أحصاه كتابك وأحاط به علمك. اللهم أمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- تاريخ النشر : 2011/10/22
- مرات التنزيل : 4451
-