16/08/2010
المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تقبل الله صيامكم وقيامكم وسائر طاعاتكم وأعمالكم، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، لا نزال نتحدث عن موضوعنا العام وهو التوحيد أما عنوان حلقة الليلة هو: (أقسام التوحيد والعلاقة فيما بينها) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدِّم: ما هي أهم أقسام التوحيد التي تطرح على أساس هذه المباحث وأن تكمن أهميتها.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه قد يتساءل هذا التساؤل وهو أنه لماذا البحث عن أقسام التوحيد وما هي أهمية أن نتعرف على أقسام التوحيد، قبل أن أجيب على هذا التساؤل أنه ما هي أقسام التوحيد بودي أن أشير للمشاهد الكريم أن الأقسام تنفعنا كثيراً، يعني أريد أن أجيب عن الشق الثاني من السؤال قبل الشق الأول، أن هذا التقسيم إنما ينفعنا عندما نصل إلى ما يقابل التوحيد، يعني عندما نتعرف على هذا القسم فما يقابله يكون شركاً، على سبيل المثال عندما نتحدث عن توحيد الأسماء والصفات فالشرك الذي يقابله ليس مطلق الشرك وإنما الشرك في الأسماء والصفات، عندما نتحدث عن توحيد الربوبية فالذي يقابل هذا القسم من التوحيد هو الشرك في الربوبية لا مطلقاً، عندما نتحدث عن التوحيد في الإلوهية والعبادة فالقسم الذي يقابل ذلك هو الشرك في العبادة، قد يقول قائل سواء كان شرك في العبودية أو في التدبير أو في الربوبية أو في الأسماء والصفات ما هي الثمرة؟
الجواب: إن الأحكام الفقهية تختلف فإن حكم المشرك على مستوى الصفات والأسماء يختلف عن حكم المشرك في العبادة، وحكم المشرك في العبادة يختلف عن حكم المشرك في التدبير ونحو ذلك. وهذا الخلط وهذا البحث إن لم يتضح جيداً أنتم تجدون هذه الظاهرة التي مع الأسف الشديد نجدها الآن في كثير من الأحيان أنه كلما صدر فعل من الأفعال يتهم بأنه شرك، هذا باعتبار أنه لم تتضح هذه المراتب وهذه الدرجات وهذه التقسيمات.
إذن على المشاهد الكريم الذي يريد أن يتابع مثل هذه الأبحاث أن يقف جيداً على هذه التقسيمات، هذا أولاً.
وثانياً: إن هذا التقسيم الذي سأشير إليه وقع فيه كلام كثير، أولاً أبين التقسيم، وهو يقوم على تقسيم ثلاثي هو تقسيم الأسماء والصفات أو توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية والعبادة، وهنا في المقدمة لابد أن أقول للمشاهد الكريم أن هذا التقسيم الثلاثي لم يرد بشكله الواضح والصريح لا في القرآن ولا في رواية معتبرة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وإنما هو بحث اجتهادي استقرائي حاول البعض أن يقول أننا عندما نريد أن نبحث مباحث التوحيد لابد أن تبحث مباحث التوحيد ضمن هذا التقسيم، توحيد الأسماء والصفات، توحيد الربوبية، وتوحيد الإلوهية.
ما هو المراد من هذه الأمور، من الكتب الجيدة في هذا المجال هو كتاب (تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات، ص105) تأليف ابن كامل الكردي، دار طيبة، الطبعة الأولى سنة 1421هـ، المملكة العربية السعودية. هناك يوجد عنوان يقول (المطلب الثالث: أقسام التوحيد عند أهل السنة والجماعة) بعد ذلك سيتضح أن هذا التقسيم ليس متفق عليه بين أهل السنة والجماعة، بل هو مورد نقد شديد من بعض علماء أهل السنة والجماعة. من هو الذي أنشأ هذا التقسيم واخترعه وذكره واقعاً هناك أبحاث مفصلة لا أريد الإشارة إليها.
يقول: (ولهذا قسّم العلماء التوحيد إلى ثلاثة اقسام) قسموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام (القسم الأول وهو الذي عبر عنه توحيد الربوبية) ثم هو يقول (إنما علموا بذلك بالتتبع والاستقراء والنظر في الآيات والأحاديث) وإلا لا يوجد هناك نص على هذا التقسيم الثلاثة (توحيد الربوبية وهو أن جميع أمور التدبير من الخلق والرزق والإحياء والإماتة والتصرف والتدبير وغيرها كلها بيده) يدبر الأمر من السماء إلى الأرض رب العالمين (القسم الثاني توحيد الإلوهية ويسمى ايضاً توحيد العبادة وهو إفراد الله بالعبادة فلا يعبد غيره (إياك نعبد) (القسم الثالث من أقسام التوحيد توحيد الأسماء والصفات) ما هو المراد من توحيد الأسماء والصفات بعد ذلك سيأتي إن شاء الله.
المهم أن هذا التقسيم الثلاثة ذكره مجموعة من العلماء، بودي أن المشاهد الكريم يلتفت بعض العلماء قسّم التوحيد كابن القيم قسمه إلى قسمين التوحيد النظري والتوحيد العملي. من هؤلاء كما اشرنا وهو ما ذكره في (مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، ج1) تأليف شمس الدين ابن قيم الجوزية، المتوفى 751هـ تحقيق عبد العزيز بن ناصر الجليل، دار طيبة، الطبعة الثانية سنة 1429هـ، المملكة العربية السعودية، يقول: (التوحيد نوعان) قبل قيل قلنا أن التوحيد على ثلاثة اقسام هنا صار نوعان، هذا يكشف عن أن القضية غير منصوصة وإنما هي اجتهادات هذا يجعله على نحوين وذاك يجعله على ثلاثة وغيره يجعله على أربعة، ولكن تترتب على ذلك (التوحيد نوعان نوع في العلم والاعتقاد ونوع في الإرادة والقصد ويسمى الأول التوحيد العلمي والثاني التوحيد القصدي الإرادي لتعلق الأول بالأخبار والمعرفة والثاني بالقصد والإرادة وهذا) الثاني (هو الذي ينقسم إلى توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية والعبادة) على هذا الأساس يتضح أن هذا التقسيم الثلاثي لا أصل له في الكتاب والسنة.
ولكن مع كل هذا يأتي هذا التساؤل، وهو أنه من ذكر هذا التقسيم الثلاثي لأول مرة. طبعاً هناك أبحاث مفصلة في هذا المجال الآن لست بصدد الدخول فيها تفصيلاً، ولكن المشاهد الكريم إذا أراد أن يراجع إلى كتاب (القول السديد في الرد على من أنكر تقسيم التوحيد) تأليف عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر، دار ابن القيم ودار ابن عفان، بعد أن يذكر هذا التقسيم هو يقول لماذا كتب هذا الكتاب، يقول: (كتبت هذا الكتاب لأني وجدت أن هناك بعض المعاصرين كتب كتاباً للرد على هذا التقسيم الثلاثي)، الكاتب يقول بغض النظر عمن هو، يقول أن هذا التقسيم الثلاثي منشأه التأثر بنظرية النصارى، التي هي ثالث ثلاثة، يقول أن الذي اخترع هذا التقسيم هو ابن تيمية، متأثراً بنظرية التثليث عند النصارى، أن الله ثالث ثلاثة، لهذا كتابه هذا (التنديد بمن عدد التوحيد، إبطال محاولة التثليث في التوحيد والعقيدة الإسلامية) هذا الكلام يقوله في (ص13)إلى أن يأتي في (ص30) يقول: (وخصوصاً هذا التقسيم لا يعرف عند السلف … إنما اخترع هذا التقسيم وانتشر بعد القرن السابع الهجري ولم يذكر الله تعالى في كتابه ولا النبي في سنته أو التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام … وإنما ابن تيمية هو الذي اخترع تقسيم التوحيد إلى إلوهية وربوبية وأسماء وصفات) يقول القائل: سيدنا إذا كان هذا التقسيم مورداً للنقض والإبرام بهذه الطريقة، أنتم لماذا تريدون أن ترتبوا الأبحاث على هذا التقسيم؟
الجواب: لأن ذكرنا في مقدمة هذه الأبحاث أن محور هذه الأبحاث هي ما يقوله ابن تيمية ومن هو على شاكلته ومن هو مقلد لابن تيمية، صحيح نحن عنوّنا التوحيد عند المجسمة والمشبهة ونحو ذلك، ولكنه في الواقع أن المنظر الأساسي لهذه هو ابن تيمية ومقلدي ابن تيمية من المعاصرين والمتأخرين، وأنا أتصور أن المشاهد الكريم يعرف ذلك جيداً.
تبقى عندي ملاحظة واحدة وهو أنها هنا لابد أن يلتفت أنه إذا قلنا التوحيد على مستوى الأسماء والصفات كما قلنا في المقدمة يقابله الشرك على مستوى الأسماء والصفات، ولا ينبغي إذا كان الإنسان مشركاً على مستوى العبادة أن نتهمه أنه مشرك على مستوى الأسماء والصفات، إذا كان مشركاً في التدبير لا يمكن أن نصفنه على المشرك في العبادة لا يحق لنا ذلك. ولذا نجد أن هذا المعنى بشكل صريح وواضح أشار إليه ابن باز في (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، ج1، ص34) لابن باز، رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، الإدارة العامة، الرياض، المملكة العربية السعودية، دار أصداء المجتمع، يقول: (توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات … وهذا في الجملة أقر به المشركون كما قال تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله)) فهؤلاء لم يكونوا مشركين على مستوى التدبير ولا مستوى الربوبية لأنهم كانوا يقولون (ليقولن الله) إذا بماذا كانوا مشركين، كانوا (ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم) كانوا على مستوى العبودية. فلابد أن تتضح هذه القضية. إنا إنما استعجل البحث لأني أريد أن أصل إلى الأبحاث الأصلية التي نريد الوقوف عندها.
على هذا الأساس ينبغي إذا دخلنا إلى كتاب في التوحيد مكتوب على أسس نظرية ابن تيمية أو من يعتقدون بهذا التقسيم الثلاثي، لابد أن يحفظ هذا الترتيب وهذه المنهجية الفنية، ولكن مع الأسف الشديد هذا الكتاب الذي يطبل له وشرح شروحاً متعددة ويقولون أنه صار فيه مجدداً وأحيى التوحيد وهو (متن كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد، ص5) لشيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب، دار الصميعي، عندما ندخل إلى الكتاب نجد أنه خلط خلطاً شديداً بين هذه الأقسام الثلاثة، وكأنه لم يقرأ أي بحث في التوحيد في هذا المجال، أنا فقط أعنون العناوين الموجودة في هذا الكتاب حتى يتضح أن هذا الإنسان وكأنه لم يقرأ كتاباً واحداً عن التوحيد، يعني إذا كان قد قرأ كتب ابن تيمية أو كتب ابن قيم كان يلتفت إلى هذا التقسيم الثلاثي، مثلاً يقول (فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب، من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب، الخوف من الشرك) لا ربط بين الأبحاث (الدعاء إلى شهادة لا إله إلا الله، تفسير التوحيد) يجعله في الباب السادس مع أن تفسير التوحيد لابد أن يكون في الباب الأول (من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء ودفعه) خلط عجيب، هذا إمامهم المجدد، هذا إمام التجديد، ولذا أنا عبرت عنه فيما سبق وأكدت هذه الحقيقة قلت أن هذا الرجل من الناحية العلمية ليس له أية قيمة علمية، واقعاً نكرة علمية، نعم أراد البعض أن يكبره سياسياً أو غيره ذاك حديث آخر، ولكن من الناحية العلمية ليس له أية قيمة علمية، مثلاً (من تبرك بشجر أو حجر ونحوها، ما جاء في الذبح لغير الله) ما علاقة هذا بهذا، هل ندخل هذا في توحيد الصفات أو في غيره. أقول بأنه (متن كتاب التوحيد) محمد بن عبد الوهاب، (باب ما جاء في الذبح لغير الله، باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله، باب من الشرك النذر لغير الله، من الشرك الاستعانة بغير الله، من الشرك أن يستغيث بغير الله، ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده) خلط واضح وفوضى كأن هذا الكاتب لا يعرف الألف باء فيما يتعلق بمباحث التوحيد.
ولذا هذا الكتاب من الناحية العلمية بغض النظر عن أن هذه المفردات صحيحة أو غير صحيحة من الناحية المنهجية ومن الناحية الفنية لم يكتب على اساس فني صحيح، ولذا المشاهد الكريم لابد أن يلتفت إلى هذه الحقيقة بشكل جيد.
إذن على هذا الأساس نحن سوف نحاول بقدر ما يمكن أن نحفظ في الأبحاث اللاحقة هذا التنظيم، حتى نكون على تناسق مع الكتب التي كتبت في هذا المجال، يعني ابن تيمية ومن جاء بعد ابن تيمية في هذا المجال.
المُقدِّم: يأتي سؤال بهذا الخصوص ما هي العلاقة الحاكمة بين هذه الأقسام الثلاثة من التوحيد وأين تكمن أهمية ذلك.
سماحة السيد كمال الحيدري: اتضح للمشاهد الكريم أنه يوجد عندما توحيد على مستوى الأسماء والصفات، طبعاً هناك أبحاث مفصلة ما هو المراد من التوحيد، ما هو المراد من الأسماء، ما هو المراد من الصفات، ما هو الفرق بين الأسماء والصفات، في الأبحاث اللاحقة إن شاء الله ستأتي وبإذن الله تعالى إن شاء الله في ليلة الجمعة القادمة سنبدأ البحث الأساسي في هذا المجال.
اتفقت كلمة هؤلاء القائلين بهذا التقسيم الثلاثي يعني توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية والعبادة، اتفقت كلمتهم على أن الأصل في هذه الأقسام الثلاثة هو توحيد الأسماء والصفات، ويتفرع عنه توحيد الربوبية ويتفرع عنهما توحيد الإلوهية والعبادة، الأصل هو الأسماء والصفات، النتيجة التي نريد أن نأخذها يعني إذا كان هناك توحيد حقيقي على مستوى الأسماء والصفات فهناك ينعكس إيجاباً على توحيد الربوبية وعلى توحيد العبادة، إما إذا كان هناك انحراف في الفهم وكان هناك شرك وكان هناك عدم فهم صحيح لتوحيد الأسماء والصفات فسينعكس سلباً على الربوبية والعبادة، إذن لا ينبغي لأحد عندما نريد أن نتكلم معه في التوحيد الربوبي أو في التوحيد العبادي أن نغض النظر عن توحيد الأسماء والصفات، لا يمكن، لأن هذه واحدة واحدة لا يمكن تجزئتها عن بعض.
إذن أخواني الأعزاء ما تجدوه من الكلمات وفي الكتب عندما يتعرضون لمسألة التوحيد في العبادة هذا بحث مبتور وبحث ناقص، لا يصح هذا البحث إلا على أساس التوحيد الربوبي وتوحيد الأسماء والصفات.
ممن صرح بهذه الحقيقة من المتقدمين والمتأخرين، منهم ابن تيمية في كتابه (الفتوى، سلسلة منشورات مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع في الرياض، رقم 74، الفتوى الحموية الكبرى، ص173) لشيخ الإسلام ابن تيمية، دراسة وتحقيق الدكتور حمد بن عبد المحسن التويجري، دار المنهاج ودار جودة للنشر والتوزيع، أنا أقرأ سؤال السائل وبعد ذلك أقرأ جواب ابن تيمية؟
(سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في سنة كذا، فقال السائل: ما قولكم في آيات الصفات كقوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) ثم استوى إلى السماء وهي دخان إلى غير ذلك من الآيات وأحاديث الصفات كقوله: إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن وقوله: يضع الجبار قدمه في النار). إذن هؤلاء يعتقدون أنه استوى على العرش وأن الاستواء بمعنى الجلوس وبين اصبعين ، إذن الحق تعالى له يد ويده لها أصابع وأنه له قدم وسيأتي بحثه لاحقاً مفصلاً. في (ص176) يقول: (فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية) إذن أصل التوحيد لا في التدبير ولا في العبادة وإنما في الأسماء والصفات فمن صح توحيد على مستوى الأسماء والصفات صح توحيد في العبادة، أما ومن بطل توحيد على مستوى الأسماء والصفات بطل عمله. (إنما يتقبل الله من المتقين) الله سبحانه وتعالى لا يقبل أي عمل بل يقبل العمل إذا كان على أساس صحيح، إذا كان على أساس التوحيد، وإلا أي عمل يقبل من الإنسان؟ لا يقبل، أي توحيد؟ التوحيد على مستوى الأسماء والصفات، طبعاً هنا لابد أن أنبه المشاهد الكريم أنه لا يوجد عندهم بحث أساسي في توحيد الذات وهذه من مختصات مدرسة أهل البيت وسأشير إليه لاحقاً يقول (فإن معرفة هذا أصل الدين وأساس الهداية وأفضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وأدركته العقول) هذا كلام ابن تيمية. هذا أولاً.
المورد الثاني: ما ورد في كتاب (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ج1، ص150و 151) لابن قيم الجوزية، خرج أحاديثه وعلق عليه الدكتور علي بن محمد الدخيل الله، يقول: (وجعل مفتاح دعوتهم) يعني دعوة الأنبياء (وزبدة رسالتهم معرفة المعبود سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله) إذن الأصل معرفة الله بحسب أسمائه وصفاته (إذ على هذه المعرفة تنبي مطالب الرسالة جميعها) كلها إنما إن قبلت قبل ما سواها وإن ردت رد ما سواها (وإن الخوف والرجاء والمحبة والطاعة والعبودية تابعة لمعرفة المرجو المخوف المحبوب المطاع المعبود) فإذا جعلته فلا قيمة للعبادة. لا يتصور أن البعض أنها مسألة توحيد في العبادة فقد، هذا الذي يحاول البعض أن يلبس على الناس ويصور لهم أن التوحيد كله ينحصر في العبادة وتوحيد العبادة، وأن أتباع مدرسة أهل البيت لا يوجد عندهم توحيد أبداً، لأنهم عندهم بعض الأعمال الشركية، لا، أصل التوحيد كما أنتم تعتقدون في الأسماء والصفات، إذن من هناك لابد أن نبدأ معكم في البحث لا على مستوى التوحيد في العبادة إلى أن يقول: (فأساس دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم معرفة الله سبحانه بأسمائه وصفاته وأفعاله ثم يتبع ذلك أصلان آخران) كل شيء يتفرع على هذا الأصل الذي أشرنا إليه.
ومن الموارد الأخرى التي بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها جيداً وهو ما ورد للشيخ محمد صالح العثيمين (القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى، ص17) يقول: (منزلة العلم بأسماء الله وصفاته من الدين) يعني من منظومة المعارف الدينية (وتوحيد الله به أحد أقسام التوحيد الثلاثة، توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية وتوحيد الأسماء والصفات، فمنزلته في الدين) يعني العلم بأسماء الله وصفاته (فمنزلته في الدين عالية وأهميته عظيمة ولا يمكن أحداً أن يعبد الله على الوجه الأكمل حتى يكون على علم بأسماء الله تعالى وصفاته) تصريح واضح، يعني قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) مقدمة العبادة ما هي؟ المعرفة، (إلا ليعرفون) يعرفون الأسماء والصفات الإلهية، فإذا وجدنا أن هناك خلل في معرفة الأسماء والصفات فلا توجد قيمة للعبادة، ولا توجد هناك قيمة للتوحيد العبادي، ولا قيمة للتوحيد الربوبي، ولهذا يقول (وهذا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة).
هذا البحث كما أشرت إليه بحث أساس وهو أنه ما لم تتضح هذه الحقيقة جيداً أخواني الأعزاء أيها المشاهد الكريم العزيز من أي مذهب كنت وفي أي اتجاه ومن أي مدرسة وعلى أي منهج، اطمأنوا أن العبادة إنما تكون لها قيمة عند الله إذا كانت على أساس معرفة صحيحة، فإذا كانت المعرفة الإلهية ومعرفة الله والتي أسها وأساسها في توحيد الله، إذا كانت مختلة فكل الأعمال ليست لها قيمة، إنما هي على شفا جرف هاو، لا قيمة لها، ليس لها أساس تبنى عليه، هذا المعنى موجود في كتاب (تحقيق العبودية بمعرفة الأسماء والصفات، ص119) كامل الكردي، يقول: (فالتوحيد أساس الدين) ولكن أي توحيد؟ توحيد الربوبية أو توحيد العبودية أو توحيد الصفات؟ يقول (وأساس التوحيد توحيد الأسماء والصفات) إذن التوحيد أساس الدين، وأساس التوحيد هو معرفة الأسماء والصفات. هذا هو الكلام الصحيح ومما لا إشكال فيه، أنه كل المراتب اللاحقة إنما تقوم على هذه المرتبة، وعلى هذا الأساس فتوحيد الأسماء والصفات هو الأصل وكل شيء يتفرع على هذا الأصل، فإذا كان الأصل صحيحاً فالفروع تعطي (ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي اكلها كل حين بإذن ربها) إذن هذا الأصل لابد أن يصحح أولاً وهو توحيد الأسماء والصفات، إلى أن يقول في (ص168) (فلا يتصور الإيمان بمجهول) إذا أردت أن تعبد وكان معبودك مجهولاً، سيتضح بعد ذلك بأن هؤلاء الذين يقولون بأنه له يد ولكن لا كالأيدي، وله وجه ولكن لا كالوجوه، إذن هو مجهول فيعبدون مجهولاً، ولذا بعد ذلك سيتضح أن توحيد ابن تيمية ومن هو على شاكلته إما توحيد المجسمة والمشبهة وإما توحيد المعطلة. لأن إن قالوا أن اليد هذه اليد فهو توحيد التجسيم، وإن قالوا يد ولا نعرف اليد إذن صاروا يجهلون، إذن كيف يعبدون من لا يعرفون. بعد ذلك سنقايس بين نظرية ابن تيمية ومن هو على شاكلته، وسيتضح أنه اساساً هل يوجد عند هؤلاء توحيد حقيقي، هل توجد عندهم معرفة حقيقة أو لا توجد، قد يقول قائل: عبادتهم وصلاتهم.
أنا لا أتكلم على مستوى التوحيد العبادي ولا أتكلم على مستوى التوحيد الربوبي، أتكلم أولاً على مستوى الأسماء والصفات التي تتفرع عليها كل تلك المراتب اللاحقة، ولذا يقول: (معرفة الأسماء والصفات هي الطريق إلى معرفة الله فمن عرف الله بأسمائه وصفاته بشكل صحيح فقد وقعت العبادة على معروف) أما من جهل الله فقد وقعت العبادة على مجهول، ومعرفته طريق عبادته، إذن معرفة الأسماء والصفات هي الطريق إلى معرفة الله، ومعرفة الله هي الطريق إلى عبادته كما يحب ويرضى.
ما هي الخطورة، قد يقول قائل: ما هي الخطورة؟
أنت إذا جهلت المعبود لعلك تتقرب إليه بما يبغض، وتبغض شيئاً يحبه، لأنك لا تعرفه، أنت إذا لم تكن تعرف مولاك الحقيقي ماذا يحب وماذا يكره هل تستطيع أن تستجيب في عبادته لم يحب ويكره لما يريد ويرضى، لا تستطيع، ولذا هنا رواية بعد ذلك سأبينها تفصيلاً في هذا المجال وهو الرواية الواردة عن الإمام الصادق عليه أفضل الصلاة والسلام يقول: (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير طريق فلا تزيده سرعة السير إلا بعداً) يعني هؤلاء المساكين الذين غفلوا التوحيد الحقيقي الذي هو معرفة الله حقيقة هؤلاء لا يزيدهم سرعة وكثرة وكمية العبادة لا يزيدهم لعله إلا بعداً عن الله سبحانه وهم يتصورون أنهم أهل التوحيد (هل أنبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا) التفت إلى الآية المباركة (الأخسرين أعمالاً) الأكثر خسراناً، والعجب أن الآية ذكرته في الأعمال لأن العقيدة كانت باطلة لأن المعرفة والتوحيد كان مختلاً، وإلا هذا الرجل يصلي ويصوم، (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً) لأنهم يتصورون شيوخهم وعلمائهم ومنابرهم ومساجدهم كلهم قالوا أن هذا هو الطريق الصحيح ولكنه هو الطريق المختل.
ولذا من هنا دعوتي إلى جميع المشاهدين وجميع الأعزاء من أي طريقة كنت أولاً ثبت العرش ثم انقش، ثم الأساس والأساس هو معرفة الله ولذا قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في أول خطبة في نهج البلاغة، قال: (أول الدين معرفة الله) من هنا تبدأ، وكل الأمور تكون فرعية، ولذا الآية المباركة (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً) هذا العمل لم يكن باطلاً وإلا إذا كان هو باطلاً هو كان هباءً منثوراً، هذه الأعمال كانت صلاة وصوم وعبادة وقراءة للقرآن وحفظاً للقرآن وختم القرآن وصلاة التراويح، كلها، يقول: (وقدمنا إلى ما علموا من عمل فجعلناه هباءً) لماذا؟ هل أن الله عنده عداء مع هؤلاء، لا، يقول لأن هؤلاء بنو أعمالهم على أساس (ما قدروا الله حق قدره) ما عرفوا الله حق معرفته، ماذا قالوا؟ قالوا وجه لا كالوجوه، يد، ساق، قدم، بشر، إنسان كامل، شاب أمرد، مستقر، جالس، مستلق، هذا ما قالوه، ولكن حتى يتخلصوا من مشكلة التشبيه والتجسيم لوضوح بطلان هذه النظرية، قالوا: لا، وكلمة لا هذه لا محتوى له ولا معنى له، أصلاً فيها تهافت، لأنه عندما تقول القرآن نزل بلسان عربي مبين، الله إذا كان له يد لا كالأيدي كان المفروض ولو في مورد واحد يقول أنا عندما أقول (يد الله فوق أيديهم) أنتم تقولون أن الأمور العقائدية لابد أن تأتي في القرآن، أي علي في القرآن، أي الإمامة في القرآن، هذه أهم الأمور العقائدية، إذن الله ترك كل هذه المباحث، أمن الحكمة أن الله سبحانه وتعالى يحتاج إلى أن يأتي فلان وفلان يقول: لا كالأيدي، لأن الله قال (ليس كمثله شيء). إذا كان (ليس كمثله شيء) فلا يد عنده، إن كان له يد فهو كالأيادي، هذا التناقض العجيب الذي لا يفهمه إنسان.
ولذا تجدون أن الكثير من العلماء الكبار، علماء مدرسة الصحابة قالوا أن هذا الكلام متهافت ولا نعلم له معنى، وسيأتي في الأبحاث اللاحقة إن شاء الله تعالى.
المُقدِّم: بعد هذا الاستعراض الواضح نريد أن يتعرف المشاهد على موقف أئمة أهل البيت من كل ما ذكرت.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهل البيت عليه أفضل الصلاة والسلام ركزوا على مسألة المعرفة، قالوا أن الأصل ليست العبادة بل الأصل هو المعرفة، لا يقول لنا قائل سيدنا إذا كان الأصل هو المعرفة فماذا تقولون في قوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) هذا معناه يجعل الأصل العبادة؟ الجواب يأتي.
أنا أريد ولو إجمالاً، لأن الطلب كان من الأخوة المداخلين عندما نطرح رأي الاتجاه الآخر أن نطرح رأي مدرسة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
أقولها في جملة واضحة أن أهل البيت يعتقدون أن الأصل هو المعرفة وليس الأصل هو العبادة، المهم أن المعرفة هي أصل كل شيء، اقرأ بعد الكلمات الواردة عن أئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام.
المورد الأول: ما ورد في (علل الشرائع، ج1، ص19، الباب التاسع، باب علة خلق الخلق) للشيخ الجليل الأقدم الصدوق، المتوفى 381هـ، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى سنة 1408هـ، الرواية عن أبي عبد الله الصادق، (قال: خرج الحسين بن علي على أصحابه فقال: أيها الناس إن الله جل ذكره ما خلق العباد إلا ليعرفوه) العلة الكبرى (ما خلق العباد إلا ليعرفوه فإذا عرفوه عبدوه) عندما يعرفونه يرون أنه يستحق العبادة، وإذا لم يعرفوه لا يعبدوه، (فإذا عرفوه عبدوه وإذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه) هذا هو التوحيد. فإن قلت: سيدنا ماذا تقول في قوله (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون). الجواب: هو الآية (وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين) عبادة للوصول إلى المعرفة وقبل العبادة المعرفة وإلا كيف نعبد رباً لا نعرفه، إذا كان المعبود مجهولاً هل يمكن عبادته أو لا يمكن، هذا البحث إذا كان المشاهد الكريم يريد أن يتوسع فيه أكثر يرجع إلى كتاب (التوحيد، ج1، ص439) تأليف السيد كمال الحيدري، دور التوحيد وحدود التوحيد في هذا المجال، لا أقف الآن عند تفصيله. هذا هو المورد الأول.
المورد الثاني وهو من الروايات القيمة في هذا المجال، وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى هذه الرواية، الرواية واردة في (بحار الأنوار الجامع لدرر أخبار الأئمة الأطهار، كتاب التوحيد، باب العلم وكيفيته، الحديث 26) للعلم الحجة فخر الأمة المولى محمد باقر المجلسي، مؤسسة الوفاء، بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة المصححة سنة 1403، دار إحياء التراث، هذه الرواية تبين قبل أن أقرأ الرواية أشير إلى هذه النكتة. وهي أننا عندما نرجع إلى القرآن الكريم نجد أن القرآن الكريم سمى الله بأسماء متعددة، قال: (له الأسماء الحسنى فادعوه بها) فطريق الدعوة والدعاء والعبادة يمر من خلال أسماء الله الحسنى وصفاته العليا. (قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى).
هنا يوجد تساؤل وهو لماذا أن الله سمى نفسه بالأسماء، هل كان محتاجاً إلى أن يسمي نفسه بهذه الأسماء، ما هي الحاجة إلى التسمية؟
انظروا إلى جواب الإمام الرضا عليه السلام، الرواية عن (محمد بن سنان قال: سألت أبا الحسن الرضا … قال: فليس يحتاج إلى أن يسمي نفسه) الله غني أن يسمي نفسه لماذا، قال (ولكنه اختار لنفسه أسماء لغيره) لا لأجل نفسه، (لغيره يدعوه بها) لأنه طريق المعرفة يمر من خلال الأسماء والصفات فإذا لم يعرفوه (لأنه إذا لم يدعا باسمه لم يعرف) لا طريق للمعرفة إلا من خلال الأسماء والصفات، هذه الرواية الثانية في هذا المجال.
الرواية الثالثة في هذا المجال، ما ورد في (التوحيد، باب نفي التشبيه، ص36، ح1) للشيخ الجليل الأقدم الصدوق، صححه وعلق عليه المحقق البارع السيد هاشم الحسيني، بودي أن المشاهد الكريم قليلاً يتدبر معي في هذا النص المبارك، الرواية هي (قيل لأبي الحسن الرضا عليه أفضل الصلاة والسلام، يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه) واقعاً عرفنا من هو حتى نعبده (فصعد عليه السلام المنبر فقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً ثم قال) المشاهد الكريم يلتفت (قال: أول عبادة الله معرفته) أول العبادة هي المعرفة وأفضل عبادة وأدق عبادة وأهم عبادة ولكن مع الأسف الشديد نحن نجد أن هناك ظاهرة في المجتمعات الإسلامية الاهتمام بأصل العبادة من غير معرفة المعبود من هو، يعني أنت لو تسأله من هو المعبود، واقعاً في ذهنه يتوهمه ويتخيله ويصوره ويجسمه ويشبهه ويكيفه أو يعطل كل شيء، عندما تسأله يقول لا أعرف عنه شيئاً. مع أن الإمام يقول (أول عبادة الله معرفته وأصل معرفة الله توحيده) انظروا إلى الكلمات كأنها منظمة تنظيم رياضي، رياضيات (2+2=4)، (أول عبادة الله معرفته، واصل معرفة الله توحيده) ثم الإمام سلام الله عليه وسنقف عندها مفصلاً في الأبحاث اللاحقة قال (فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته) يعني من شبهه جهل الله ولم يعرفه (فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته ولا إياه وحد من اكتنه ولا حقيقته أصاب من مثله) هذا التوحيد الحقيقي، (ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه) يعني جعل له نهاية وجعل له حداً. هذا هو التوحيد الذي يعتقده.
ولذا أول بحث إن شاء الله تعالى في ليلة الجمعة، الآن أفهرس البحث لليلة الجمعة حيث سندخل في صلب الأبحاث وجوهر الأبحاث الأساسية التي عقدنا هذه الأبحاث وهذه الحلقات لها. البحث الأول أن الله سبحانه وتعالى له نهاية وحد أو ليس له نهاية وحد، هذه المعركة التي سنشير لها واقعاً لها عدة فصول ولها عدة أبحاث أنا الآن عندما أفهرس الأبحاث حتى إن شاء الله تعالى. سأفهرس هذه الأبحاث حتى إن شاء الله تعالى المشاهد الكريم الكتب والمصادر الموجودة تكون تحت يده ويتهيأ لمراجعة هذه الأبحاث بشكل دقيق. الأبحاث التي سنعرض لها في أن الله محدود أو غير محدود، المسألة الأولى أو البحث الأول أن مسألة أن الله له حد هل هو داخل في توحيد الأسماء والصفات أو داخل في توحيد الربوبية أو داخل في توحيد العبادة أو أنه لا مسألة أخرى وراء هذه الأقسام، وسيتضح للمشاهد الكريم نقص وخلل هذا التقسيم وأن هذه المسألة طرحت وهي لا تستوعب ولا توجد لا في باب توحيد الأسماء والصفات ولا باب توحيد العبودية ولا في باب توحيد الربوبية، إذن أين موقعها؟ هذا يكشف لك أن التقسيم فيه خلل، وفي نقص، يعني ليس بجامع كما يقول المنطقيون، هذه هي المسألة الأولى.
المُقدِّم: معنا الأخ أبو فهد من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو فهد: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو فهد: معكم أبو فهد الشامي عضو الجمعية الفقهية السعودية، ضمن غرفة منهاج السنة، أريد أن أطرح ثلاث نقاط على عجالة. النقطة الأولى حديث (أنه ليجلس عليه ولا يفضل منه إلا مقدار أربعة اصابع).
سماحة السيد كمال الحيدري: أنت انتظر مني عندما أبحث لك ذاك البحث ادخل، نحن عودناكم وأردنا أن تتعلموا أنه لا ينبغي أن نداخل الأبحاث بعضها على بعض، عندما أصل إلى الأحاديث التي تتكلم عن جلوسه على العرش وأنه بمقدار أربع أصابع سأقف عندك مفصلاً وأنتظرك بفارغ الصبر أن تهيأ نفسك أنت ومن يقف خلفك، أنت ومن ترجع إليهم من علمائك، هيئوا ما عندكم، هذا ما كنت ابتغيه وهو أن تطرحوا بعد المراجعة والدقة إن شاء الله تعالى سيتضح للمشاهد الكريم أنه عندما نعرض البحث سنستمع للأخوة الأعزاء في الموضوع.
المُقدِّم: الأخ سيف من العراق، تفضلوا.
الأخ سيف: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ سيف: أحب أن نشكركم على هذا البرنامج الناجح، باختصار أتمنى التركيز على الأصابع الخفية لبث هذه الضلالات في الشريعة الإسلامية من القدم إلى العصور المتأخرة يعني منذ عصر صدر الإسلام إلى عصور متأخرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: اطمأنوا أن الأيادي الخفية هي النهج الأموي، النهج الأموي الذي كاد للإسلام من اليوم، منذ دخل إلى الإسلام وهو يكيد للإسلام كيف يقضي على محتوى الإسلام، سواء في التوحيد أو النبوة أو الإمامة وأزواج النبي صلى الله عليه وآله، كلما تجد مشكلة اطمأن أن منشأها من بني أمية ومن أسس لبني أمية، يعني ابن تيمية ومن تابع ابن تيمية وقلده إلى يومنا هذا.
المُقدِّم: الأخ عبد العزيز من السعودية، تفضلوا.
الأخ عبد العزيز: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد العزيز: السلام على أهل لا إله إلا الله محمداً رسول الله، السلام عليكم أيها الشيخ الطريق، قال تعالى: (واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) وحيث أننا نجد فيكم من أهل العلم وجب علينا أن نحاوركم أسوة بما حاور به عظيم هذه الأمة وخالقه في قوله تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) لدي في ذلك نقطتان أشرتم لها في بحوثكم السابقة، ما ورد عن الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الشيعة من ذكر ومعتقد إنما كان عن نقل، ما وصل إليه من رجال عدول دون القدرة للشيخ رحمه الله تعالى على معرفة ذلك، وعليه يكون الخلل ليس في رأي الشيخ رحمه الله بل في الوسائل النقلية التي اضطر الرجوع إليها، والنقطة الثانية بخصوص ما ذكرتموه عن رأي السلف الصالح رحمهم الله ومنهم شيخ الإسلام بن تيمية عن التوحيد والتشبيه ورواية الشاب الأمر ورواية لا تقول قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك … فقد كان إشكالكم قائم على التهافت والتناقض، إن ظاهر الرواية من التشبيه ومراد الشيخ رحمه الله عدم التشبيه لقوله تعالى (ليس كمثله شيء) هذا أنتم تناقضون الظاهر في إبراز الإشكال على قاعدة إذا ثبت أحد النقيضين صدق الآخر، وبهذا تضعون السلف في إشكال مع العلم وهذا لا يخفى على غيركم لأن العقائد امور وقتية وما هي أمور وقتية بالأساس وليست عقلية بالضرورة، وعليه وجب عليكم إما إثبات ضعف الرواية الثالثة أو أن تقبلوها وعليه وجب عليك التأويل خلاف ظاهرها، وإنما أقول ذلك لسعة الصدر لديك، ولنا بعد ذلك حوار آخر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، الأخ العزيز عبد العزيز ارجوا الله سبحانه وتعالى أن تكون كل مداخلات الأعزاء بهذا المستوى الرفيع من الأدب والاحترام والطرح العلمي الموزون بغض النظر عن أنه يوافقنا أو نوافقه يختلف معنا أو نختلف معه، أما ما ذكره الأخ العزيز من أنه ليس الإشكال في محمد بن عبد الوهاب أو الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب وإنما الإشكال في الطريق، واقعاً أنه إذا كان هذا يقبل عندكم فلابد أن تقبلوه عند غيركم، يعني القضية ليست مختصة بكم، لماذا عندما تصل الأمور إلى الشيخ محمد عبد الوهاب تحاولون أن تجدوا له مخرجاً أو ألف مخرج، ولكن عندما تصل القضية إلى الشيعة وإلى علماء الشيعة وإلى أتباع مدرسة أهل البيت، أنا لا أتكلم عنك الشخص أخي العزيز، وإنما أتكلم عن الشيخ ابن تيمية الذي تكلم أنه كتبكم مملوءة والآن كلمات من يتكلم عنكم أيضاً مملوءة أن هؤلاء يكذبون، أيضاً أحملونا على الصحة، قولوا أنه لعل وصل إليهم أننا نقول بكذا فهؤلاء قالوا كذا. لماذا بائكم تجر وبائنا لا تجر، هذا واقعاً موقف أو منطق لا يوافق عليه القرآن (تلك قسمة ضيزى) واقعاً ليس منطقياً، هذا اولاً. وثانياً أن هذا الكتاب الذي قرأته للأخ الكريم وهو (الرد على الرافضة) بودي أن يرجع إليه الأخ عبد العزيز، ليرى أنه كل ما نقله من الأول إلى الآخر كله كان مرتبط مع أن الشيعة كانوا بجنبه يستطيع أن يتأكد من هذه الحقيقة.
ثم أخي العزيز مع الأسف الشديد أن كتاب (الرد على الرافضة) ليس موجوداً بيدي، هذا الكتاب مطبوع حديثاً في السعودية، افترضوا أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يطلع على هذه الحقائق وأن طريق النقل إليه كان ليس صحيحاً، لماذا أن مطابعكم ومحققيكم وعلمائكم يطبعون هذه الكتب ويوزعونها الآن على ملايين المسلمين في العالم. كل من يدخل إلى البقاع المقدسة تعطى له كتب من هذه الكتابات وأنه، أهذه هي الأمانة العلمية واقعاً أنا احترم هذا الرأي، أنت تريد أن تقول ولو لم تصرح تريد أن تقول أن الشيخ محمد عبد الوهاب في هذا الكلام كان مخطئاً ولكن الخطأ ليس منه وإنما كان الخطأ من الناقل فاستدركوا هذا الخطأ ووجهوا له وقولوا أننا لا نعتقد ما يقوله الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه (الرد على الرافضة) نحن لا نعتقد ما يقوله ابن باز، نحن لا نعتقد بما يقولوه علمائكم، لا أن تطبعوا من هذه الكتب ملايين النسخ وتوزعونها بين المسلمين. بل إلى الآن تتكلمون أن الفتنة من الشيعة، وأن هؤلاء كذا وأن هؤلاء أهل البدعة وأهل الشرك، يا أخي تعالوا إلى منطق الإسلام وقولوا أننا لا نوافق أتباع مدرسة أهل البيت، كما أنا الآن أقول، أخي العزيز أنا لا أتفق معك في المسألة الأولى.
المسألة الثانية واقعاً احترم هذا ولذا تجد أني أقف طويلاً عند كلامك، المطلب الثاني أنا لم أدخل في مسألة التشبيه والمشبهة والوجه ينتظر الأخ العزيز ويتابع هذه البرامج واطمأن أنه سأعطيه الوقت الكافي لأقف معه الوقت الذي يريده ما دام أنه من أهل العلم وتبين من خلال كلماته وخلال لفتات لسانه أنه لا يريد التعصب وإنما يريد الحقيقة ولذا سنقف عنده مفصلاً فانتظرنا قريباً عندما نأتي إلى مسألة التشبيه والشاب الأمر وأمثال ذلك من الروايات.
المُقدِّم: معنا الأخ فؤاد من المغرب، تفضلوا.
الأخ فؤاد: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ فؤاد: أنا يعني أود أن أطرح سؤالاً، ليس سؤال وإنما ملاحظة، إطلاق تهمة التشبيه على جميع أهل السنة، فيه اجحاف كبير.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز أنا لم أطلق أن السنة يقولون بالتشبيه، لا تحملني ما لم أقل، لا تقولني مالم أقل، أنا قلت بأنه ابن تيمية ومن هم على شاكلة ابن تيمية يعني بعبارة أخرى أخصص وإلا أنا معتقد أن أهل السنة والجماعة وأن الأشاعرة وأكثر علماء الإسلام لا هم من المشبهة ولا هم من المجسمة ولا هم القائلين بالكيفية، وإنما كتبوا الكتب ولكن مع الأسف الشديد في الآونة الأخيرة وجدنا أن هؤلاء المجسمة والمشبهة بدءوا يقولون نحن أهل السنة والجماعة، نحن حديثنا مع هؤلاء لا مع جميع أهل السنة والجماعة.
الأخ فؤاد: أنا أقول أن هذه الفرقة هي فرقة سياسية أكثر منها فرقة دينية، هي فرقة سياسية أكثر من كونها دينية، يعني تمول من أموال البترول وغير ذلك، وهناك تحالف ما بين هذه الفرقة يعني السلفية وبعض المناهج السياسية خصوصاً في الخليج والنظام السعودي، فإطلاق التشبيه على جميع أهل السنة فيه إجحاف على أهل السنة.
سماحة السيد كمال الحيدري: وصلت رسالتك والحق معك، وهنا أصرح للمرة الثانية والثالثة والعاشرة هذا كلامي ليس موجهاً إلى جميع أهل السنة والجماعة أنا قلت مراراً أنه يوجد في غير أتباع مدرسة أهل البيت مدرسة الصحابة وهم الأعم الأكثر الأغلب وهم الأكثرية وفي المقابل يوجد النهج الأموي وهم الأقلية ولكن كما تفضلت أن هناك تمويل كبير لهذه الأقلية مما جعلها تغطي على تلك الأكثرية وتصادر رأي الأكثرية، وإلا أنا أضم صوتي إلى صوتك وأن أهل السنة والجماعة لا يقولون بالتشبيه.
المُقدِّم: شكراً لكم سماحة آية السيد كمال الحيدري، كما أشكر الأخوة والأخوات، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، موعدنا معكم في ليلة الخمس القادم.
- تاريخ النشر : 2011/10/22
- مرات التنزيل : 17345
-