24/08/2010
المُقدِّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تقبل الله أعمالكم مشاهدينا الكرام والسلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة إضافية من برنامج مطارحات في العقيدة ضمن ليالي شهر رمضان المبارك، عنوان حلقة الليلة هو: (اطروحة الإمامة في القرآن الكريم) ننوه إنما كانت هذه الحلقة مضافة تلبية للأسئلة المتكررة من المشاهدين الكرام عبر حلقات برنامج مطارحات في العقيدة خلال الشهور الماضية وخلال هذه الليالي،كان بعض الأخوة يسأل أسئلة تتعلق بالإمامة وارتأى سماحة السيد كمال الحيدري أن لا يترك أسئلة الأخوة بلا إجابة فكانت إضافة هذه الحلقة، أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدِّم: سماحة السيد الأخوة كثرت أسألتهم على موقعكم وعلى موقع قناة الكوثر على موقع الإسلام الأصيل، فمن جملة الأسئلة التي سألوها كثيراً وطلبوا من جنابكم الإجابة عليها هو هل أن القرآن أعطى نظرية متكاملة عن الإمامة وبيّن شروطها وموانعها ومسؤولياتها.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع بأنه من الواضح أننا لا نستطيع أن نقف على كل أبحاث الإمامة في القرآن في ساعة واحدة وفي حلقة واحدة وهذا واضح أتصور للمشاهد الكريم ولكنه أحاول في هذه الدقائق الأولى حتى أعطي مجال أوسع للمشاهد الكريم للمداخلات لعله بعد 25 دقيقة أو 30 دقيقة إن شاء الله ساستمع إلى المداخلات وأسئلة الأعزاء الكرام.
بودي أن أعطي خارطة الطريق لبحث الإمامة في القرآن الكريم وقبل أن أشير إلى هذا البحث والى هذه الخارطة وإلى هذه المنظومة المرتبطة بهذه المفردة القرآنية، الآن أنا لا أتكلم أن الإمامة اصل من أصول الدين أو أنها فرع من فروع الدين، هذه أبحاث لم يعرض لها القرآن الكريم أنها أصل أو أنها فرع، ولعله إن شاء الله تعالى إذا توفقنا وتهيأت الفرصة المناسبة نقف عند هذه أساساً هل لها مدخلية في أبحاث الإمامة أن نعرف أنها من الأصول أو أنها من الفروع أو أساساً لا مدخلية لمثل هذه الأبحاث، هذا موكول إلى محل آخر.
أنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت قبل أن أشير إلى هذه الخارطة وهذه المنظومة لهذه المفردة القرآنية وهذه المعرفة القرآنية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إلى أمرين:
أولاً: أن يعرف أنني أريد أن أتكلم عن الإمامة في القرآن ولا أريد أن أتكلم عن إمامة أهل البيت عليه أفضل الصلاة والسلام يعني أنا أفترض نفسي أني دخلت إلى القرآن كما أنني أريد أن أتعرف على التوحيد اذهب إلى آيات التوحيد وعندما أريد أن أتعرف على النبوة أذهب إلى آيات الأنبياء وعندما أريد أن اتعرف على الدار الآخر اذهب إلى الآيات المتعلقة بالدار الآخرة أريد أن أتعرف على الملائكة أذهب إلى الآيات المرتبطة بالملائكة.
السؤال المطروح وقد كثر هذا التساؤل هل أن القرآن الكريم أعطى رؤية وأطروحة ونظرية ومنظومة عن الإمامة، أصل الإمامة ولا نتحدث عن إمامة أهل البيت، يعني عندما أقرأ آية معينة أنا لا أريد أن أشير أن هذه الآية مرتبطة بعلي أو غير مرتبطة بعلي، لا أبداً، أريد أن أتكلم عن رؤية القرآن عن الإمامة، بعبارة أخرى كيف أن القرآن تكلم عن التوحيد فنستطيع أن نسأل عن رؤية القرآن عن التوحيد أو رؤية القرآن عن الدار الآخرة أو رؤية القرآن عن موسى أو عيسى أو يوسف، كذلك أريد أن اسأل أن القرآن الكريم أعطى رؤية، أعطى أطروحة، أعطى نظرية، وقف عند مفاصلها وعند وشروطها وعند موانعها وعند مسؤولياتها أو لم يعتنِ بهذه المفردة كما يحاول الطرف الآخر أن يتهم أتباع مدرسة أهل البيت أن الإمامة لم تطرح في القرآن الكريم فمن أين أنتم ابتدعتم هذه البدعة وجعلتم للإمامة موقعاً خاصاً في منظومة المعارف الدينية.
الآن ليست بصدد الدفاع عن أهل البيت، ولا أريد أن أثبت إمامة أهل البيت في هذه المرحلة، يتذكر المشاهد الكريم في الأطروحة المهدوية قلت أولاً أنه لابد أن نبحث عن الأطروحة بغض النظر عن أنه المهدي المنتظر الموجود عند شيعة أهل البيت موجود أو غير موجود، أنا أريد أن أتكلم عن المبدأ والأصل لا عن مصاديق الخارجية لهذه المبدأ والأصل، هذا أولاً.
الأمر الثاني: أنا هنا بودي أن المشاهد الكريم سواء كان من شيعة أهل البيت ومدرسة أهل البيت أو كان من عموم المسلمين الذين نجلهم ونحترمهم كما نحترم أنفسنا لأن أولئك لهم اجتهاداتهم ولهم نظرهم، ولكن الذي نؤاخذهم عليه هو أنه لماذا إذا اختلفنا معهم في الاجتهاد يكفروننا ويقولون أن هؤلاء مشركين وأن هؤلاء مرتدين وأن هؤلاء لا تجوز الصلاة خلفهم كما قرأنا كلماتهم بالأمس.
إذا اتضحت هذه الحقيقة إذن أنا الآن أريد أن أعطي الخارطة، المنظومة، الاطروحة، أخواني الأعزاء نخن نعتقد أن القرآن الكريم عندما نبدأ من هذه الآية المباركة من سورة البقرة وهي الآية 124، وهي قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين). سؤال: هذه الإمامة بمن مرتبطة؟ مرتبطة بعلي وأهل بيته؟ الجواب: كلا، بشكل واضح وصريح، وإذا وجدتم أحد يستدل بهذه الآية المباركة لإثبات إمامة علي بشكل مباشر أعرفوا أنه لم يعرف مقصود الآية المباركة، هذه الآية متعلقة بإبراهيم عليه السلام، لأن الآية تقوله: (إني جاعلك) يعني إبراهيم الخليل، إذن الآية متعلقة بإبراهيم الخليل. نعم، لابد أن نعرف أن هذه الآية فيها معطيات تشمل غير إبراهيم أو لا توجد فيها مثل هذه المعطيات، فلا يأتي البعض ويتكلم هنا وهناك يقول أن هذه الآية مرتبطة بإبراهيم فما علاقتها بعلي وأهل بيته. الجواب: نعم، بحسب الوهلة الأولى هذه الآية وبحسب النظرة الأولية هذه الآية متعلقة بإبراهيم الخليل.
ماذا يستفاد من هذه الآية؟ طبعاً أنا أذكر العناوين إن صح التعبير أنا اصطلح عليها فتاوى عقائدية، يعني لا أريد أن أدخل في التفاصيل، وإنما أريد أن أشير إلى الرؤية وليس إلى التفصيل والاستدلال.
ماذا يستفاد من هذه الآية؟
أولاً: يستفاد من الآية أن الإمامة من الأمور التي لابد أن تجعل من قبل الله سبحانه وتعالى، لأن الآية قالت (إني) الله سبحانه وتعالى يقول إني، كما قال تعالى (إني جاعل في الأرض خليقة) هنا يقول أيضاً (إني جاعلك للناس إماماً) فتكون الإمامة الإبراهيمية مجعولة من قبل الله سبحانه وتعالى على حد جعل النبوة لأن الله سبحانه وتعالى في سورة الأنعام يقول (الله أعلم حيث يجعل رسالته) إذن نجد أن القرآن الكريم نفس الاصطلاح الذي استعمله في النبوة استعمله في الإمامة الإبراهيمية، أؤكد في الإمامة الإبراهيمية حتى لا يقول قائل ما علاقة هذه الآية بعلي، نتكلم في إبراهيم، إذن نفس الاصطلاح الذي استعمله القرآن في النبوة وقد اتفقت كلمة علماء المسلمين، بل كلمة جميع الأديان السماوية أن النبوة أمر منصوصة ومجعولة من قبل الله، لا يمكن أن تنال بالانتخاب ولا بالشورى ولا بأهل الحل والعقد ولا بأن مد يدك حتى أبايعك، كلها لا تتحقق النبوة بها، لأن النبوة أمر إلهي وعهد إلهي، نجد أن القرآن الكريم استعمل نفس هذا الاصطلاح بالنسبة للإمامة الإبراهيمية، هذا أولاً.
الأمر الثاني: أن هذه الإمامة التي أعطيت لإبراهيم الخليل، طبعاً بالإجمال وإلا ادعوا لي بأن أوفق أن أقف ليالي بل أسابيع عند بحث الإمامة القرآنية.
الأمر الثاني: إن الآية قالت (إني جاعلك للناس إماماً) الله يخاطب إبراهيم، إذن كان نبياً أو يكن نبياً، كيف يعقل أنه لم يكن نبياً والله يخاطبه هذا أولاً، وثانياً أنه كانت في اخريات حياته ولذا طلب الإمامة لذريته ونحن نعلم جميعاً أنه لم يرزق الذرية وإلا على كبر سنه، (أألد وهذا بعلي شيخاً) إذن من الواضح أن إبراهيم لم يعطى الذرية في أوائل حياته، وعندما يطلبها لذريته يعني كان عنده ذرية وإلا لم يكن من الأدب الإلهي أن النبي لا توجد عنده ذرية ولا يعلم أنه سيرزق بذرية ويقول إلهي هل تعطيها لذريتي، أين ذريتك حتى أعطيها أو لا أعطيها، إذن هناك مجموعة من القرائن في الآية تبين أن هذه الإمامة أعطيت لإبراهيم بعد النبوة، إذن من المحال أن تكون هذه الإمامة هي النبوة، باعتبار أنها تحصيل للحاصل، الإنسان الذي كان نبياً لا معنى لأن الله سبحانه وتعالى يمرره بمجموعة من الامتحانات حتى يجعله لأن الآية تقول (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) مجموعة من المراحل، والقرآن الكريم في سورة الصافات يقول (ذلك هو البلاء المبين) عندما أؤمر بذبح ابنه إسماعيل.
إذن من الواضح أن هذه الإمامة ليست هي النبوة، ولذا وقع الخلاف بين المفسرين، واقعاً لا يعلم المفسرون كيف يوجهون هذه الآية المباركة.
الأمر الثاني أنه لا يعقل أن تكون هذه الإمامة هي بمعنى القدوة والأسوة يعني إني يا إبراهيم إني جعلتك قدوة واسوة، يعني نبي كإبراهيم من أنبياء أولي العزم شيخ الأنبياء وشيخ التوحيد، ليس قدوة للناس إلا بعد هذه الابتلاءات، هذا يعقل، العالم يكون قدوة، الولي يكون قدوة، كيف بنبي من أنبياء الله العظام كإبراهيم الخليل الذي هو شيخ الموحدين ونبي من أنبياء أولي العزم إلى آخر عمره لم يكن أسوة وقدوة للناس، هل يتعقله عاقل، (إني جاعلك) الآن بعد هذا العمر الطويل أجعلك قدوة. إذن هذا المعنى غير مراد.
إذن ما هو المعنى المراد؟ عندما لا تكون النبوة، عندما لا تكون القدوة، إذن فهناك دور آخر وراء النبوة ووراء القدوة، وهذا الذي نعتقد أن القرآن الكريم أشار إليه وهو أن هناك مقام في القرآن اسمه مقام الإمامة له أدوار دينية وله أدوار سياسية ومجموعة أدوار أشار إليها القرآن الكريم وذكرها كوظائف لمقام الإمامة.
المُقدِّم: أولوا الإمامة ولا تحتاج إلى تأويل فلماذا لم يؤولوا اليد التي مقتضاها عدم التنزيه وغيرها.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا هو الأمر الثاني.
الأمر الثالث وهو الأمر المهم: إن الإمامة في الآية عهد الله لأن إبراهيم قال (ومن ذريتي) يعني إلهي هذه الإمامة مختصة بي أو يمكن أن تكون لذريتي، الله ماذا أجابه؟ لم يقل له الإمامة ولا النبوة، قال (لا ينال عهدي). سؤال: ما الذي طلبه إبراهيم؟ طلب النبوة، لأنه أعطي النبوة أو الإمامة هنا، بطبيعة الحال أن مقتضى الجواب لابد أن يكون منسجماً مع السؤال، سؤاله ماذا كان إبراهيم؟ عن الإمامة، الله عبر عن الإمامة بأنها (عهدي) وهذا ما أكده جملة من المفسرين، فقط أشير لهم إجمالاً:
في تفسير الرازي وهو (التفسير الكبير أو مفاتيح الغيب، ج4، ص39، في ذيل هذه الآية المباركة)، منشورات علي بيضون، دار الكتب العلمية. قال: ((ومن ذريتي) طلب للإمامة التي ذكرها الله تعالى فوجب أن يكون المراد بهذا العهد هو الإمامة) لا النبوة (ليكون الجواب مطابقاً للسؤال) وإلا إذا قلنا أن عهدي هي النبوة أو شيء آخر فلا يكون الجواب مطابقاً للسؤال، وهذا نسبته في القرآن إلى الله! لأن إبراهيم طلب وقال (ومن ذريتي) يعني هذا الذي أعطيتني وهبتني، منحتني، أريد أن تعطيه لذريتي، قال: (فتصير الآية كأنه قال لا ينال الإمامة الظالمين) هذا تصريح بهذا المعنى.
وكذلك ما ذكره الطبري في تفسير الطبري (جامع البيان، ج2، ص511) المتوفى 310هـ، تحقيق الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، دار عالم الكتب للطباعة والنشر، يقول: (واختلف أهل التأويل … وقال آخرون معنى العهد عهد الإمامة فتأويل الآية على قولهم لا أجعل من كان من ذريتك ظالماً إماماً لعبادي يقتدى به) لأنه فسر الإمامة بالاقتداء فقال هنا بهذا وقد ابطلنا هذا الاحتمال، هذا هو المورد الثاني.
المورد الثالث ما ورد في (تفسير ابن كثير، ج1، في ذيل هذه الآية المباركة) حيث ينقل جملة من كلمات الأعلام ، حقق وخرج أحاديثه وعلق عليه أبو إسحاق الحويني اختصره الأستاذ الدكتور حكمت بن بشير، دار ابن الجوزي، يقول: (عن مجاهد قال لا ينال عهدي الظالمين قال لا يكون لي إمام ظالم) إذن كلهم يفسر العهد بالإمامة. إذا كانت الإمامة عهد بين الإمام وبين الله هل يمكن أن تنال بالانتخاب والشورى وأهل الحل والعقد، أن يأتي شخص ويعني خمسة أو عشرة ويقول انتخبوا من بينكم أحد فيكون هو الذي عهد الله له الإمامة، ويكون مصداقاً للعهد الإلهي، أنا لا أتصور أن يقول أن من انتخبه الناس بغض النظر عن كون الانتخاب شرعي أو غير شرعي وأن نظرية الشورى صحيحة أو غير صحيحة، أنا أتكلم في الإمامة الإبراهيمية، ولا يمكن أن تنال الإمامة الإبراهيمية لا بالشورى ولا بأهل الحل والعقد ولا بالسقيفة ولا بغيرها.
هذه الإمامة لا أتكلم عن تلك الإمامة أنها صحيحة وشرعية أو لا، له بحث آخر. أنا أقول هذه الإمامة الإبراهيمية لا يمكن أن تنال بالشورى.
الأمر الآخر الذي يستفاد من هذه الآية المباركة هو أن هذه الآية تبين لنا أن الإمام الإبراهيمية لا تكون إلا معصومة، لا تكون إلا معصومة، ولذا جملة من كبار المفسرين قالوا أن الآية دالة على العصمة، هذا لم يقله فقط أتباع مدرسة أهل البيت، عندما أقول دالة على العصمة لا أريد أن أقول عصمة أهل البيت، وإنما هذه الإمامة الإبراهيمية من يريد أن يتحقق بها ويكون مصداقاً لها لابد أن يكون معصوماً. سؤال: أين هذا؟
الجواب: في مواضع متعددة في كلمات المفسرين، الأول ما ذكره الفخر الرازي في نفس الموضع من الآية، (ص39) يقول: (قلنا إما الشيعة فيستدلون بهذه الآية على صحة قولهم) يعني أن الإمامة لابد أن تكون معصومة (يستدلون بهذه الآية على صحة قولهم في وجوب العصمة ظاهراً وباطناً وأما نحن) يعني غير الشيعة (فنقول مقتضى الآية ذلك) الفخر الرازي إنصافاً أفضل من كثير من المفسرين، يقول نعم ظاهر الآية الحق مع الشيعة (إلا أنّا تركنا اعتبار الباطن فتبقى العدالة الظاهرة معتبرة) لماذا ترك؟ لا يبين. فقط ادعاء، الآية تقول بأنه لابد أن يكون ظاهراً وباطناً معصوماً. ظاهراً وباطناً غير ظالم، ولذا في موضع آخر يصرح بهذا، يقول: (الآية تدل على عصمة الأنبياء من وجه) إذن الآن بغض النظر لأنه يفسر الإمامة أو بعض الأحيان يقول النبوة، ولكن محل الشاهد يقول أن الآية تدل على العصمة وهذا إقرار منه، وهكذا في موضع آخر في (ج3، ص10، ذيل الآية 35 من سورة البقرة) من نفس الكتاب، يقول: (قال في حق إبراهيم (إني جاعلك للناس إماماً) والإمام من يؤتم به) وهذا المعنى نحن نقبله، لأن معنى الائتمام ليس فقط يؤتم به في الأمور الظاهرية بل يؤتم به في الدين ويؤتم به في السياسة ويؤتم به في كل شيء، إذا كان مقصودهم من الائتمام هذا المعنى فهذا ما نوافق عليه وهو قولنا، أن الإمام من يكون إماماً كما كان رسول الله إماماً وكما كان إبراهيم إماماً، ما معنى أن إبراهيم كان إماماً معناه أن لابد أن يؤتم به في كل شيء. قال: (فأوجب على كل الناس أن يأتموا به فلو صدر الذنب عنه لوجب عليهم أن يأتموا به في ذلك الذنب وهذا يفضي إلى التناقض) يعني الله هنا أمر الناس جميعاً أن يأتموا بإبراهيم فلو صدر عنه ذنباً ولو كان صغيراً يأتموا به أو لا يأتموا، فمن الواضح أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلابد أن لا يأتموا، فكيف من جهة الله يأمرهم بالائتمام ومن جهة ينهاهم عن الائتمام، إذن لا يكون إلا دالاً على العصمة إذا لم يكن معصوماً فالآية كذا.
وممن صرح بدلالة الآية على العصمة البيضاوي في تفسيره (أنوار التنزيل وأسرار التأويل المعروف بتفسير البيضاوي، في ذيل الآية 124 من سورة البقرة) تأليف الشافعي البيضاوي، المتوفى 691هـ، دار إحياء التراث العربي، قال: (وفيه دليل على عصمة الأنبياء من الكبائر) يعني من اتصف بهذه الإمامة لابد أن يكون معصوماً.
وهذا المعنى أشار إليه العلامة الالوسي في روح المعاني ولا يسع الوقت أن أشير له.
هنا نقطة بودي أن يلتفت لها المشاهد الكريم، إذن إلى هنا لو سألنا سائل، هذه الآية فقط، لا نريد آية أخرى، لا يقول لنا قائل: هل يكفي آية واحدة في القرآن لإثبات أصل ومبدأ. نقول: نعم، ماذا تقولون في قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم وسع كرسيه السموات والأرض). سؤال: بحث الكرسي أمر عظيم ومهم في القرآن ورد في روايات الفريقين والمدرستين أنها أعظم آية بعد البسملة، ولكن ذكرت في القرآن مرة واحدة فقط لا غير.
إذن أخواني الأعزاء آية واحدة تستطيع أن تؤسس منظومة عقدية كاملة، منظومة معرفية كاملة كما في آية الكرسي، أنا لا أريد أن أقول أن الإمامة لم ترد بها آيات أخرى، بل أريد أن أقول أنه لو كانت هذه الآية فقط لكان كافياً لنا.
إذن إلى هنا انتهينا إلى النقاط التالية:
أولاً: إن الإمامة الإبراهيمية، لا أتكلم في إمامة علي وأهل البيت حتى يقولون ما علاقة الآية بعلي وأهل بيته، أن الإمامة الإبراهيمية مجعولة ومنصوصة من قبل الله، أنها غير النبوة، قالوا هي القدوة والأسوة فإذا كان مرادكم من الإمام المعنى اللغوي يعني من يؤتم به مطلقاً كما قال الفخر الرازي نعم نقبل هذا المعنى يعني يؤتم به في الدين وفي السياسة، بعبارة أخرى يجب الطاعة له، يؤتم به يعني أمرنا الله سبحانه وتعالى، الله سبحانه وتعالى عندما قال (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) يعني نحن مخيرين أن نتخذه أسوة وقدوة أو يجب علينا؟ إلزام، القرآن الكريم عندما يقول أن إبراهيم إمام يعني يجب الائتمام به مطلقاً في الدين والسياسة، لا يقول لي قائل: أنت معتقد بالإسلام أو معتقد بإبراهيم، هذا جوابه سيأتي، أنا معتقد بالإسلام الذي عندنا وهي شريعة الخاتم، أنا أتكلم في هذه الآية، أريد أن أقول أن الإمامة الإبراهيمية إذا تحققت لشخص آخر لابد أن تحمل مواصفات الإمامة الإبراهيمية، والإمامة الإبراهيمية يجب الائتمام بها مطلقاً في السياسة والدين والأخلاق والأفعال وغيرها.
هذه مختصر مفيد عن هذه الآية التي أسست للإمامة في القرآن الكريم التي أعطيت لإبراهيم الخليل عليه السلام.
المُقدِّم: معنا الأخ محمد من موريتانيا، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: سؤالي للشيخ الكريم إذا كانت (لا ينال عهدي الظالمين) نحن نعتقد أن الإمامة صحيحة لكن كيف يمكن أن نطلق على … ونبايع إمام، لماذا نبايع.
المُقدِّم: معنا الأخ بدر من إيران، تفضلوا.
الأخ بدر: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ بدر: عندي مداخلة وجيزة، بسم الله الرحمن الرحيم إن الله جل جلاله في محكم كتابه يتطرق إلى فضل إبراهيم وآله وداود وآله وكثيراً من الأنبياء ولكن لما تصل النوبة إلى نبينا محمد يدأب البعض أن يفصلوا محمد عن آله ويرون الإمامة بنظرته الضيقة أنها تكريساً للطائفية، وبالأخص للهاشميين دون غيرهم، إن كان زعمهم هذا حق وصائب فنستجير بالله من هذا القول أن الله طائفي، لأنه جعل الإمامة في آل إبراهيم وجعل الخلافة في آل داود فالسؤال الذي يطرح نفسه أن الله يعز عليه أن يجعل الإمامة في آل محمد وجعلها في آل إبراهيم وداود ولكن عندما وصلت النوبة إلى محمد فتكون تكريساً طائفياً وتكريساً للهاشميين وتقوم قيامتهم ولا تقعد.
المُقدِّم: ولذا ألزمنا بأن نقول الله صلى على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم لأن الإمامة كما أنها في آل إبراهيم كذلك هي في آل محمد.
المُقدِّم: معنا الأخ أبو علي من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو علي: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو علي: إذا كانت الإمامة تختلف عن النبوة في الآية والإمامة إذا كان تعريفها الائتمام في كل شيء فبما أن نبي ومرسل ومن أولي العزم فيعتبر إمام من غير كلمة الإمامة، يعني بما أنه نبي يؤتم به أيضاً في كل شيء وهو من أولي العزم، فما الفرق بين الإمامة والنبوة لنبي الله إبراهيم في هذه الآية.
المُقدِّم: بالنسبة للأخ محمد من موريتانيا يقول الآية تقول (لا ينال عهدي الظالمين) فإذن من نبايع إذا لم يكن الإمام من ينطبق عليه هذه الشروط.
سماحة السيد كمال الحيدري: سأبين في آخر البحث من يجب عليه بيعته.
المُقدِّم: بالنسبة للأخ بدر من إيران.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا الإشكال وهذا النقض وارد وهو أنه عندما نقول أن القضية في آل البيت في آل محمد نجد أنه ترتفع الأصوات أنها قضية نسبية وقضية عائلية وقضية توريث، ولكن القرآن الكريم كما قال الأخ العزيز نجد أنه أعطى حقوقاً لآل إبراهيم وآل داود.
المُقدِّم: معنا الأخ فهد من السعودية، تفضلوا.
الأخ فهد: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ فهد: يا سيد كمال لماذا لا تناظر الشيخ العرعور.
سماحة السيد كمال الحيدري: الأخ العزيز، أنا لا أعلم لعل الأخوة هناك صمم في قلوبهم أو مرضى القلوب، أنا مراراً ذكرت أن منهجي ليس هو المناظرة المباشرة، وأنتم بحمد الله وجدتم أن هذا هو المنهج الناجح والناجع في هذا المجال، أنا من أولئك الذين اعتقد أنني أتكلم هنا والذي عنده كلام يستطيع أن يرد كلامي فليتفضل على أي فضائية أخرى ويجيب على ما أقوله.
المُقدِّم: الأخ أبو علي من السعودية يقول أن سماحة السيد كان يرى أن الإمامة تختلف عن النبوة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا قلت حتى هذا المعنى لو كان، قلت بأن الإمامة لا يمكن أن تكون بمعنى النبوة ولا بمعنى القدوة والأسوة، ولكن حتى لو كانت بهذا المعنى فهو جيد، أما معناها التفصيلي، فنحن نريد أن ننهي البحث في وقتنا الضيق.
المُقدِّم: الأخ عبد الله من البحرين، تفضلوا.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ عبد الله: أخواننا الشيعة يعتقدون أن الإمام يعلم علم الغيب وهو مكتسب من الرسول، كيف يقول الشيخ عن خطبة الإمام علي في نهج البلاغة عندما عزل أحد ولاته قال له: صلاح أبيك … فظننت … الإمام علي يؤكد على أعمال الصلاح.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنك تريد أن تقول إن الإمام إذا كان يعلم الأمور، أولاً نحن اصطلاح يعلم الغيب لا نوافق عليه لأن الإمام أمير المؤمنين قال بأنه ليس هو بعلم غيب وإنما هو تعلم من ذي علم، إذن هذا التعبير نحن لا نعبر به ولا نقبل أن يعبر به أحد وإنما الصحيح عندهم علم ما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة. الأخ العزيز لعله سمع من بعض أولئك الذين لا علم لهم بهذا المعنى، إنه إذا كان الأمر كذلك فكيف يقدمون على التهلكة، يعني الإمام الحسن يشرب السم، أو الإمام أمير المؤمنين يخرج إلى المسجد وهو يعلم أنه سوف يقتل، أو أنه في ليلة المبيت على الفراش يبقى هنا وهو يعلم أنه لن يقتل، فلا مزية له. إذن أخي العزيز يصبر عليّ إلى الأسبوع القادم إن شاء الله تعالى سأعقد حلقة خاصة بهذا البحث وأولاً أثبت له هذه الحقيقة وثانياً أجيب عن هذه التساؤلات التي أشار إليها يوم الاثنين القادم في هذا الوقت.
المُقدِّم: الأخ أحمد من السعودية، تفضلوا.
الأخ أحمد: السلام عليكم.
المُقدِّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أحمد: تحية طيبة لكم على هذا البرنامج الرائع، وأحيي سماحة السيد الحيدري على هذا الطرح، عندي مداخلة أريد أن تتسع صدوركم حتى أطرح ما عندي، الأمر الأول تعليقاً لما قاله السيد كمال الحيدري في بعض الأمور، يقول لا ينبغي أن يكون معنى الإمامة بمعنى الأسوة لأن إبراهيم كان أسوة قبل ذلك بمجرد أن كان نبياً كان أسوة فعندما قاله له إماماً دل على إن الإمامة منزلة أعلى من منزلة النبوة، أنا أقول أن هذا الكلام منقوض هي بمعنى الأسوة كما فسره أهل السنة والجماعة، ولكن الله قال (إني جاعلك للناس إماماً) ليس إني جاعلك جعلاً شرعيا إماماً فهو كان إماماً منذ أن جعل نبياً، ولكنه قال إني سأجعلك جعلاً كونياً بمعنى سأيسر قلوب المؤمنين للانقياد لك واتباع طريقتك. الأمر الثاني، يقول السيد كمال الحيدري لا يمكن أن تكون الإمامة بالشورى، لدي سؤالين هنا، هل إمامة الخميني شرعية، وهل له حق الطاعة على الشعب الإيراني بحسب النظرية الشيعية. أقول: هل يكون الأمر فوضى حتى يخرج إمامكم؟
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا المنهج العلمي ارتاح له عندما أجد أخ عزيز فاضل يتكلم بشكل علمي منهجي كونوا على ثقة أفرح وهذا الذي أدعو له وهو أن تكون الحوارات بهذه الطريقة.
الأخ أحمد: بالنسبة لهذه الآية أنت قلت أنا لم أتطرق لإمامة أهل البيت، فإنه ليس هناك مجال في النقاش في الآية أنها تثبت إمامة إبراهيم وهذا متفق عليه بين أهل السنة، والفرق بين إمامة إبراهيم وإمامة الإمام الثاني عشر. الشيخ كمال أريد أن أناقشك في آية إنما وليكم الله.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا خروج عن محل البحث، أنا عندما أتعرض للآية سأستمع لكم، الآن في موضوع الآية.
المُقدِّم: الأخ عبد العزيز من البحرين، تفضلوا.
الأخ عبد العزيز: مساء الخير.
سماحة السيد كمال الحيدري: مرحباً بكم.
الأخ عبد العزيز: هناك رسالة مكتوبة من الإمام علي إلى معاوية، فيما يخص من ضمن الكلمات هو أنه إذا ارتضى الناس إماماً فيكون ذلك رضى لله، فهل معنى ذلك هل لو اجتمعت الناس وعينت شخص إماماً يكون في ذلك رضى لله، هذه الرسالة موجودة في نهج البلاغة.
المُقدِّم: الأخ أحمد من السعودية كان سؤاله الأول يقول أن سماحة السيد قال أنه كان أسوة قبل الإمامة فالمقصود أنه ليس جعلاً شرعياً وإنما هو سيجعل محبته في قلوب الناس.
سماحة السيد كمال الحيدري: إذا استطاع الأخ العزيز أن يأتيني بمفسر واحد أن المراد من (إني جاعلك للناس إماماً) يعني جعل محبتك في قلوب الناس، هل يوجد في الآية شيء يدل على أنه يريد منها أجعل محبتك في قلوبهم إذا كان يريد أن يجعل محبتهم لقال (سيجعل الرحمن لهم ورداً) أو (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) إذن كان القرآن الكريم يستطيع أن يتكلم هكذا، لماذا أن القرآن الكريم يتكلم بلغة ويريد غيرها، هذا أقرب إلى التأويل، وهو أنك تريد أن تفسر أولاً أن الجعل في الآية جعل تكويني، أين القرينة على ذلك، وثانياً أنك تريد أن تقول أن المراد من الإمام يعني أجعل محبتك في قلوب الناس ليطيعوك، ما هي القرينة على هذا من آية أخرى أو رواية من نص صحيح صريح مقبول من النبي صلى الله عليه وآله. إذن هذه دعوى لا دليل عليها لا من القرآن ولا من النصوص الصحيحة الواردة عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله.
المُقدِّم: يقول سماحة السيد أن الإمامة لا تكون بالشورى.
سماحة السيد كمال الحيدري: سأل قال بأنه أساساً الحكومة الموجودة في إيران وحكومة السيد الإمام الخميني شرعية أو لا؟ نعم، شرعية ولكن لا أنها شرعية لأنها انتخبت من الناس، بل لأننا نعتقد أن الإمام المعصوم في زمن غيبته أجاز للفقيه الجامع للشرائط أن يتولى أمر الإمامة، بشكل صريح وهذا يقوله كل علمائنا وفقهائنا، وإلا لو لم يجز الإمام المعصوم الحي الموجود وهو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت أن يقام حكم إسلامي في زمن الغيبة لما أجيز لأحد من الفقهاء أن يتصدى لإقامة الحكم الإسلامي، وحيث أن السيد الإمام وجملة من الفقهاء يعتقدون أن الإمام المعصوم اذن بل أوجب على القادرين على أن يتصدوا فالشرعية إنما جاءت من الإمام المعصوم.
المُقدِّم: السؤال الآخر يقول أن سماحة السيد قال أن الآية تثبت إمامة إبراهيم أما إمامة موسى وغيره من الأنبياء.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا لم أقل إلى الآن أن هذه الآية تثبت إمامة الإمام الثاني عشر ولكن انتظرني قليلاً حتى أكمل البحث.
المُقدِّم: الأخ عبد العزيز من البحرين يسأل عن رسالة الإمام علي إلى معاوية.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز نحن نعتقد أن هذه الرسالة وإن شاء الله سيأتي وقتها المناسب، هذه كانت من باب الزموهم بما ألزموا به أنفسهم، لأن أولئك الذين تصدوا للخلافة بعد رسول أمنوا بهذا الطريق بتصدي الخلافة، وحيث أنهم قبلوا بها فالإمام أمير المؤمنين يقول لمعاوية وغيره أن هذا الطريق الذي قبله لماذا لا تقبله بالنسبة لي، فهو من باب الزموهم بما ألزموا به أنفسهم، وهذا منطقي في كثير من الأحيان.
المُقدِّم: هل أن هذه الإمامة التي تفضلتم ببيانها قرآنياً هل هي منقطعة أم مستمرة.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أتصور الآن من اتصال الأخ العزيز اتضح له أن لا توجد عنده مناقشة على هذه النقوض، وفي الأخير أقر أن كل هذه الأمور التي قلتها نحن نقبلها في الإمامة الإبراهيمية، وهذا القدر نريد أن نتكلم فيه.
السؤال: هذه الإمامة الإبراهيمية هل كانت منحصرة بإبراهيم أم استمرت في ذريته؟ صريح الآية المباركة قالت أن إبراهيم طلب هذه الإمامة لذريته، الجواب الله أجابه بنعم أو قال له لا أي منهما؟ الجواب: قال له نعم بشرط لا مطلقاً إن صح التعبير، يعني عندما قال (ومن ذريتي) لم يقل له الله أن هذه الإمامة مختصة بك ولم يقل نعم اعطها لجميع ذريتك. بل قال: في ذريتك يوجد محسن ويوجد ظالم لنفسه مبين، أنا إنما أعطيها لغير الظالم، يعني مختصة بالمحسن، يعني انظروا إلى هذه الآية المباركة من سورة الصافات، الآية 109، قال تعالى: (وتركنا عليه في الآخرين سلام على إبراهيم كذلك نجزي المحسنين أنه من عبادنا المؤمنين وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) إذن في ذرية إبراهيم يوجد محسن ويوجد ظالم لنفسه، إذا كان الأمر كذلك فهذه الآية تقول نعطيها للظالم أو لا نعطيها، وإنما ينالها فقط المحسن، الآية هنا قالت (لا ينال عهدي الظالمين) وهناك قالت (وظالم لنفسه مبين) الإمام الإبراهيمية انقطعت أو استمرت؟ الجواب: القرآن يقول استمرت في المحسن من ذريته.
سؤال: إن ذرية إبراهيم انقطعت أو مستمرة إلى قيام الساعة، هل هناك من يدعي أن ذرية إبراهيم انقطعت، هذا معناه أن إبراهيم من ذريته. سؤال ثاني: رسول الله هل توجد عنده ذرية أو لا، وهل ذريته منقطعة أو مستمرة إلى يوم القيامة
إذن هذه الإمامة الإبراهيمية بمقتضى النص القرآني (ومن ذريتي قال لا ينال الظالمين) إذن موجودة في رسول الله هذه الإمامة الإبراهيمية، وأنها مستمرة في ذرية إبراهيم، إذن إلى هنا حصل لنا أنه لابد أن يوجد في ذرية محمد من هو معصوم حتى ينال الإمامة، لأن الإمامة الإبراهيمية كانت معصومة، الآية في سورة البقرة قالت أن الإمامة الإبراهيمية معصومة والقرآن الكريم والأدلة القطعية التأريخية تقول أن ذرية إبراهيم مستمرة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
سؤال: رسول الله من ذريته. ولرسول الله ذرية؟ الآن الشيعة بعد أن عرفوا هذه النظرية من القرآن يعني اتضح لهم أن القرآن يقول أن هناك إمامة وأن هذه الإمامة منصوصة وأن هذه الإمامة المنصوصة معصومة وأنها مستمرة في ذرية إبراهيم، لا تنقطع إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
سؤال: لا نسأل عن أصل الإمامة لأنه ثبت في القرآن فلا يأتي قائل من هؤلاء الذين تسمعونهم من هنا وهناك أن القرآن لم يعرض لمبحث الإمامة، لا بل إن القرآن عرض لمبحث الإمامة بشكل دقيق وتفصيلي وذكر شروطها قال (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) لا يقول لي قائل أن هذه الآيات مرتبطة ببني إسرائيل، نعم هذه هي الإمامة الإبراهيمية وهذه هي شروطها المستمرة. (وأوحينا إليهم فعل الخيرات واقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) هذه شروطها وموانعها ماذا. القرآن الكريم أعطى منظومة كاملة في الإمامة إذن فهي مستمرة، نحن الآن يعني الشيعة يعني أتباع مدرسة أهل البيت عندما جاءوا وتدبروا القرآن وجدوا أن القرآن يعطي، هذا الكلام موجه إلى الشيعة وإلى أتباع الاتجاهات الأخرى، حتى يعرفوا أن الشيعة لماذا يصرون على مسألة أن الإمامة وأنها مفردة اساسية من مفردات معارفهم الدينية، ولا أقول أصول أو فروع الدين لأني لا أهتم بهذه الاصطلاحات لأن ليس لها أصل لا قرآني ولا روائي. وإنما أؤكد هذه الحقيقة وهي أن الإمامة مفردة قرآنية ومعرفة قرآنية وأصل وركن قرآني، الآن الشيعة عندما فهموا مقصودي عندما عرفوا هذا جاءوا إلى رسول الله القرآن يقول (ما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحي يوحى) (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) جئنا إلى رسول الله وقلنا يا رسول الله القرآن قال إن الإمامة موجودة وأنها معصومة وأنها منصوصة وأنها مستمرة وأنت موجود فأنت الإمام بل إمام الأئمة، يا رسول الله من الأئمة بعدك. قال: الأئمة من بعدي إثنا عشر. إذن عين لنا عدد الأئمة وأنها ليست مفتوحة لكل من هب ودب أمثال يزيد ومعاوية ومن لف لفهم كما قرأنا من ابن تيمية، ليس عبد الملك بن مروان ليس هؤلاء، لا، هذه الأئمة من بعدي الخلفاء من بعدي، الخلفاء يعني الذين يخلفونني، عبد الملك بن مروان يخلف رسول الله، أيها الذين لا أعلم ما أعبر عنكم، فقط أقول عقولكم ليست في رؤوسكم وإلا بينكم وبين الله عبد الملك بن مروان وأولاد عبد الملك بن مروان، هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش، هذا يكون خليفة رسول الله، هذا منطقكم، وهذا دينكم، ولكن كيف تحكمون وأين تذهبون.
إذن سألناه يا رسول الله ما هو عددهم، قال: إثنا عشر. يا رسول الله ما هو نسبهم؟ قال: ذريتي وعترتي، لأنها موجودة فقط في ذرية إبراهيم، محال أن تكون من غيرها، بنص القرآن الكريم لابد أن تكون الإمامة الإبراهيمية في ذريته. لابد أن تكون هذه الإمامة من ذرية إبراهيم، سألت رسول الله قلت يا رسول الله ذريتك كثر وكلهم. قال: لا، عترتي أهل بيتي، يا رسول الله هؤلاء أهل بيتك وعترتك قد يختلفون فلان وفلان. قال: لا، وضع الكساء عليهم كما في صحيح مسلم، وقال: اللهم أن هؤلاء أهل بيتي. ماذا يفعل الرسول حتى يبين الحقيقة، حتى يقول بعض الناس لو كانت الإمامة حقاً لبينها القرآن، نعم، القرآن بينها بكل تفاصيلها، رسول الله بينها بكل تفاصيلها. وقرنهم بالقرآن قال: (كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً وإنهم لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) فلهذا هذا الحديث القطعي الصادر من الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله كما ذكرنا في أبحاث الأطروحة المهدوية كما تثبت عدم الافتراق بين العترة تثبت العصمة أيضاً، بودي أن هذه الحقيقة تتضح للمشاهد الكريم، ولذا تجد الآن يوجد إصرار من بعض الكتّاب والمتكلمين هنا أن يقولوا أن حديث كتاب الله وعترتي ضعيف، لأنهم يعلمون أنه إذا تم هذا الحديث فينهدم أساس النظرية الأخرى.
إذن فتحصل إلى هنا نحن الشيعة جئنا إلى القرآن هكذا هذه منظومتنا الفكرية وسيأتي تفصيلها، نحن الشيعة جئنا إلى القرآن وجدنا أن القرآن نص على الإمامة الإبراهيمية وجعلها عهد الله لا عهد بين الناس لا عقد اجتماعي حتى تتحقق بالشورى والانتخاب، وجعلها عهد الله واشترط فيها أن تكون معصومة ثم أخبرنا أنها مستمرة، طبعاً لا أريد أن أدخل في بحث قوله تعالى: (وجعلها كلمة باقية في عقبه) لأن جملة من المفسرين يربطون هذه الكلمة (باقية) بالعهد الذي الله سبحانه وتعالى أعطاه لإبراهيم في سورة البقرة. وعندما تمت عندنا هذه الامور يعني أن الإمامة من المفردات القرآنية في المعارف القرآنية، الإمامة منصوصة، الإمامة معصومة، الإمامة مستمرة، جئنا إلى رسول الله وقلنا له يا رسول الله، ولهذا الشيعة واقعاً منسجمون مع النص القرآني ومع الروايات الثابتة المتواترة عن رسول الله، ولكن ما حالكم أنتم، أنتم ثبت عندكم أنه قال رسول الله الأمراء من بعدي إثنا عشر، وقال القرآن الكريم أن الإمامة الإبراهيمية مستمرة إلى قيام الساعة، فأين وضعتموها؟ وضعتموها في كلمة واحدة، وضعتموها كما يقول ابن تيمية في (منهاج السنة) قال: (إن الله سبحانه وتعالى وهؤلاء الاثنا عشر خليفة هم المذكورون في التوراة حيث قال في بشارته بإسماعيل وسيلد اثني عشر عظيماً) إذن القضية بشارة من التوراة والانجيل (مبشراً برسول يأتي من بعده أحمد) قال: (وهكذا كان) من هم الاثنى عشر عظيماً الذين هم خلفاء رسول الله. كان الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ثم معاوية وابن يزيد ثم عبد الملك وأولاده الأربعة. هؤلاء يمثلون الإمامة الإبراهيمية عند هؤلاء، وأنا لا أعلم بأي دليل حصروها بهؤلاء، ما هو دليلكم، نحن عندما دليل حديث العترة. إذن هذه منظومتنا، ولذا أنا أتصور أن القضية بالنسبة لنا واضحة، أما بالنسبة إلى الطرف الآخر فليبحث عن هذه الإمامة القرآنية أين مصداقها في تراثهم وتأريخهم.
المُقدِّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، ملتقانا وإياكم إن شاء الله تعالى يوم الخميس القادم، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
- تاريخ النشر : 2011/10/22
- مرات التنزيل : 28841
-