نصوص ومقالات مختارة

  • الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، ق (15)

  • 21/10/2010
    المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله أيامكم بكل خير، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة عنوان حلقة الليلة (الرد على نظرية إثبات الحد لله تعالى، القسم الخامس عشر) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلا ومرحباً بكم.
    المُقدَّم: سماحة السيد هل يمكن تلخيص ما تقدم بحثه في الحلقة السابقة حول الضابطة تحديداً فيما يطلق من المفاهيم على الله تبارك وتعالى.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
    في الواقع بانه في اعتقادي أن هذا البحث وهو ما يتعلق بأنحاء المفاهيم وأقسام المفاهيم وما يصح إطلاق المفهوم أي مفهوم كان على الله سبحانه وتعالى وما لا يصح يعد من أهم المباحث المرتبطة بالمعارف التوحيدية، يعني ما لم نقف على هذا المفتاح وعلى هذا الأصل وعلى هذا المحور في المعارف التوحيدية في الواقع لا نستطيع أن نميز متى يصح إطلاق هذا الوصف ومتى لا يصح إطلاق هذا الوصف، يتذكر المشاهد الكريم قلنا أن المفاهيم على ثلاثة أنحاء، نفس المفهوم هو بنحو إما يصح أن يطلق على الله سبحانه وتعالى وإما أن لا يصح أن يطلق على الله سبحانه وتعالى، وبنحو الإجمال قلنا أن المفاهيم التي تطلق على الأشياء على أنحاء ثلاثة، على أقسام ثلاثة، النحو الأول من المفاهيم هي تلك المفاهيم المختصة بالله سبحانه وتعالى، لا يحق لأي موجود ولا يصح أن تطلق على أي موجود غير الحق سبحانه وتعالى كائن ما كان ذلك الموجود، سواء كان ذلك الموجود جماداً أو كان ذلك الموجود نباتاً أو كان ذلك الموجود حيواناً أو كان ذلك الموجود إنساناً أو كان ذلك الموجود نبياً أو كان ذلك الموجود مرسلاً أو كان من أنبياء أولي العزم أو كان سيد أنبياء أولي العزم خاتم الأنبياء والمرسلين أو كان من الملائكة المقربين أساساً أي موجود وفي أي مستوى وفي طبقة وفي أي نشأة لا يصح إطلاق هذه المفاهيم على ذلك الموجود، لأنها مختصة به سبحانه وتعالى، من قبيل الغنى، الغني المطلق (والله هو الغني الحميد) هذا مفهوم مختص، وإذا صح بالمجاز وبالكناية وبالاستعارة نحتاج إلى قرينة ويحتاج إلى شاهد ويحتاج إلى تقييد حتى نقول أنه غني بالغير، إلا أن يكون غنياً بإغناء الله سبحانه وتعالى، أغناهم الله ورسوله من فضله، هذا إغناء من الرسول ولكن إغناء بفضل الله سبحانه وتعالى.
    القيوم، الموجود الذي هو قائم بنفسه من غير أن يحتاج إلى غيره وتقوم به الأشياء جميعاً، هذا الوصف لا يوجد إلا في الحق سبحانه وتعالى، ولذا أنتم تقرأون في أول آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم، الغنى، القيوم، الواجب الوجود، القديم لا قديم إلا هو، لا أزلي إلا هو، يعني لا يوجد عندنا موجود غير مسبوق بشيء إلا الله سبحانه وتعالى هو الأزلي، هو الأبدي، هو السرمدي، هذه الأوصاف مختصة بالله سبحانه وتعالى ولا يصح أن تطلق على غيره وإذا أطلقت تحتاج إلى ألف قيد ومجاز وعناية واستعارة وكناية إلى غير ذلك، هذا هو النحو الأول، ولا يوجد عندنا خلاف في هذه المفاهيم.
    النحو الثاني من المفاهيم أيضاً مفاهيم واضحة أنها مختصة بالمخلوقات وبالمخلوق، ولا يمكن أن تطلق على الله سبحانه وتعالى، لو فعلت فيها ألف ألف فعل وقيدتها بألف قيد وقلت ألف مرة لا لا لا، أيضاً لا يصح إطلاقها على الله سبحانه وتعالى، من قبيل الحدوث، الموجود المسبوق بالعدم، ما هو الموجود الحادث، هو ذلك الموجود الذي لم يكن ثم كان، انتقل من العدم إلى الوجود، يعني يكون وجوده مسبوقاً بعدمه، هذا نسميه حادث، هل يصح أن نقول أن الله سبحانه وتعالى حادث لا كالحوادث، محال، يعني ذاك القيد الذي قالوه في الجسم، لا كالأجسام، يد لا كالأيادي، سمع لا كالسمع، بصر لا كالأبصار، هذا هل يصح في الحدوث؟ الجواب: كلا لا يصح. في الفقير (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله) هل يصح أن نقول أن الله سبحانه وتعالى فقير أو لا يصح؟ لا يصح حتى لو جعلت معه ألف قيد، لا كالفقراء، بلا تكييف، بلا تأويل، بلا تحريف، بلا تشبيه، هذه (بلا) التي وضعوها لكي يخلصوا من المشاكل التي أطلقوها على الله، أيضاً لا تنفع، إذن هناك أوصاف مختصة، هذا الوصف وهذه المفاهيم بطبيعتها لا توجد فيها صلاحية أن تطلق على الله سبحانه وتعالى.
    القسم الثالث وهي التي يمكن أنه إذا كانت مع هذه الخصوصية تطلق على الله، وإذا كانت بهذه الخصوصية تطلق على الموجودات، ولكن المفهوم واحد، وبعبارة اصطلاحية يعبر عنه مشتركات معنوية، يعني المفهوم من حيث المعنى معنى واحد ولكنه يطلق على الواجب لخصوصية في المصداق ويطلق على الممكن في خصوصية كالوجود وكالحياة الله موجود، الله حي، الله له ذات، الله تعالى سميع، الله تعالى بصير، وهكذا.
    هنا نقول موجود ولكن لا كالموجودات الإمكانية، حي ولكن لا كالحياة القائمة بغيره المعطاة من الله، علم ولكن كالعلم الموجود عندنا المسبوق بالجهل أو أنه عرض أو كيف ونحو ذلك، هنا هذا هو النحو الثالث من المفاهيم وهي التي نعبر عنها بالمفاهيم المشتركة التي يمكن إطلاقها على الله ويمكن إطلاقها على المخلوقات، ولكن ليس بنحو واحد تطلق على الله وعلى المخلوقات، إذن الآية المباركة عندما قالت ليس كمثله شيء، إذا جئنا إلى القسم الأول مختصة به، إذا جئنا إلى القسم الثاني أساساً لا تطلق عليه، أما إذا جئنا إلى القسم الثالث، هنا نقول (ليس كمثله شيء) مفهوماً قد يكون مشترك ولكن من حيث المصداق أحدهما يختلف عن الآخر، هذا المصداق يختلف عن هذا، أنا أبين هذا باعتبار أن الكثير من الطلبات وردت من قبل المشاهدين تطلب توضيح هذه القضية.
    أخواني الأعزاء عندما يقول الحق تعالى (ليس كمثله شيء) ليس هذا المفهوم المشترك لا يطلق عليه، لا لا، إذا كان الأمر كذلك إذا أطلقنا على هذا الشيء موجود ينبغي أن لا نطلق عليه، إذا قلنا الإنسان حي، لا يصدق أن نقول …، ليس الأمر كذلك، الله يصدق عليه أنه حي، عالم، ولذا قالت الآية المباركة (وهو السميع البصير) لأن السمع والبصر كما أشرنا في الحلقة السابقة من الصفات المشتركة التي تطلق على الواجب ولذا قرأنا للأعزاء في الحلقة السابقة قلنا أن الأئمة عليهم أفضل الصلاة والسلام عندما جاءوا إلى بعض الأوصاف نفوها مباشرة، قالوا ليس له حد، ليس له جسم، ليس له صورة، ليس له تخطيط، ليس له شكل، لأن هذه من الصفات المختصة بالمخلوقات.
    أما عندما جاءوا إلى السمع والبصر والحياة والعلم قالوا: سمع ولكنه بأداة، بصر ولكن لا بعين، يعني أثبتوا ونفوا الخصوصية الموجودة في المخلوقات.
    إذن في الصفات المشتركة المفهوم صادق على الحق سبحانه وتعالى ولكن لا بالخصوصيات الموجودة عند الممكنات بل بخصوصيات تنسجم مع الوجود الواجب مع الوجود القيومي مع الوجود الغني مع الوجود الأزلي مع الوجود السرمدي، ونحو ذلك من العناوين، هذه هي أنحاء المفاهيم التي وقفنا عليها بحمد الله تعالى في البحث السابق.
    المُقدَّم: وهذا القيد موجود يعني حتى يطلق رب (ارجع إلى ربك فأسأله) واضح الفرق بين ربوبية الله وغيرها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أحسنتم، باعتبار أنه قيد فإذا قلنا الرب المطلق فهو مختص به، يعني رب العالمين، أما رب الدار ورب الأسرة ورب الدابة ورب البيت هذا ممكن لأنه مقيد، لأن هذا اللفظ مشترك بين الخالق وبين مخلوقه ولكنه هناك مطلق وهنا مقيد.
    المُقدَّم: الآن نأتي إلى صفة الحد أو وصف الحد هل هو من الأوصاف المختصة بالمخلوق أم أنها مشتركة بين الخالق والمخلوق.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه هي القضية الأصلية التي بإذن الله تعالى سندخل فيها، في الواقع أنا أتصور أن المشاهد الكريم الآن ندخل في بيان المصداق، هل أن الحد والمحدودية من الصفات المختصة بالله، ثلاثة أنحاء قلنا، من الصفات المختصة بالمخلوقين أو من الصفات المشتركة بين الخالق وبين المخلوق، أياً منها؟
    أنا أعتقد أن المشاهد الكريم بشكل واضح أمامه أن صفة الحد والمحدودية ومفهوم الحد والمحدودية ليس من الصفات المختصة بالله، يعني ليست من القسم الأول، لماذا؟ لأننا نجد أن هذه الموجودات أيضاً محدودة بالوجدان، إذن ليست مختصة، لو كانت صفة الحد والمحدودية من الصفات المختصة بالله كالغنى يمكن أن نجدها في موجود آخر أو لا يمكن؟ لا يمكن.
    إذن لا يمكن أن يقال بأنها من النحو الأول من القسم الأول من المفاهيم، فيدور أمرها يعني صفة المحدودية والحد فيدور أمر هذا الوصف وهذه الصفة وهذا المفهوم بين أن يكون من الأوصاف المشتركة بين الله وبين خلقه، يعني كما أن المخلوقات محدودة الله أيضاً محدود، وهذا الذي يركز عليه ابن تيمية وأتباعه ومقلدوه، يعتقدون كيف أن الوجود مشترك، وكيف أن الحياة مشتركة، وكيف أن العلم مشترك كذلك يعتقدون أن الحد والمحدودية أيضاً من الصفات المشتركة بين الخالق وبين المخلوق. هذا ما يعتقده ابن تيمية ومن يتبع ابن تيمية، هذا هو اعتقاده وهو أن الشيخ ابن تيمية يرى أن وصف الحد والمحدودية من الصفات المشتركة فتوجد في المخلوق وتوجد في الخالق على حد سواء. هذا هو الاتجاه الأول أو الرأي الأول.
    الرأي الثاني وهو الاتجاه العام بين علماء المسلمين الذين أنكروا أن يكون لله تعالى حداً وقالوا أن هذا الوصف مختص بالمخلوقات، يعني من القسم الثاني من الأوصاف لا القسم الثاني الذي هو المشترك. إذن واضح الاختلاف الآن أن الشيخ ابن تيمية يعتقد أن هذه من الأوصاف المشتركة بين الخالق والمخلوق فيعتقد أن الله محدود كما أن المخلوق محدود، أن الخالق محدود، أن الغني محدود كما أن الفقير محدود.
    أما نظرية علماء المسلمين في الأعم الأغلب ونظرية أئمة أهل البيت يقولون: لا، أن وصف الحد من الأوصاف المختصة بالمخلوقين، ويستحيل عقلاً، يعتبرون القضية قضية عقلية، يعني يدركها العقل بادنى تأمل وتدبر، ويستحيل أن يكون الحق تعالى محدوداً كما أن المخلوق محدود، أنا واقعاً في الحلقات السابقة أشرت إلى بعض كلمات أئمة أهل البيت، الآن أشير إلى كلمات كبار علماء المسلمين.
    منهم ابن حبان، في (صحيح ابن حبان، ج1، مقدمة التحقيق) تحقيق شعيب الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، قال: (وخاض) ابن حبان (وخاض في أمر كان البعد عن خوض لججه أسلم لدينه ونفسه) ماذا فعل ابن حبان (فقد أنكر الحد لله) انظروا المآسي والظلامات والمشاكل التي تلقاها بمجرد أنه أنكر الحد (وصرح بذلك في مقدمة كتابه الثقات فثارة ثائرة الذين أثبتوا لله الحد) وهذه أنا أتصور قضية مع الأسف الشديد أننا إلى الآن حتى في هذا الزمان عند البعض لا عند الجميع نجد أن البعض مأزوم بمجرد أن يختلف معه الآخر تبدأ الاتهامات ويبدأ التسقيط ويبدأ الربط بالسباية واليهود، يا أخي هذا اختلاف في الرأي ولكن انظروا ماذا فعلوا بان حبان، قال: (واستشاطوا غضباً) أولئك الذين أثبتوا الحد لله (ولم تسترح نفوسهم إلا حين رأوه مطروداً وحيداً يغادر بلدته سجستان، ويفتخر بطرده يحيى بن عمر ذاك الواعظ في سجستان حين سأله أبو إسماعيل الهروي هل رأيت ابن حبان فيجيبه منتفخاً متعظماً رافعاً رأسه وكيف لم أره نحن أخرجناه من سجستان) يقول نحن فعلنا هذا به (ويعلل ابن عمار سبب طرده وأنه تقرر بذلك إلى الله وانتصر بزعمه للدين) واتهم الرجل بانه أنكر الحد لله ولم يكتفوا بذلك، يقول العلامة الارنؤوط (وفوق اتهامه بالبدعة والزندقة) اتهم مباشرة أنه أهل بدعة وأهل زندقة، يقول (وذكره بعضهم في الكذابين) هو صاحب كتاب الثقات ولكنه صار يترجم له في الكذابين.
    هذا المنطق الذي واقعاً الإنسان يجد أنه لا يستطيع أن يتعامل به مع الآخر، أنا أعتقد أن هذه القضية …
    إلى أن يقول الارنؤوط (فلا يسمع منه ما شذ فيه وليس من شأن ما هو شاذ أن يثبت أمام الحقائق الساطعة) يقول بقي ابن حبان علماً (فهي التي تمكث في الأرض ويذهب الزبد جفاء فقد ظل ابن حبان متألقاً في حياته، بل وبعد وفاته، حتى أن الناس كانوا يزورن قبره رغم أنف الحاسدين).
    هنا أريد أن أعلق وهو أنه واقعاً هذا الأبحاث التي أطرحها ليس الغرض منها أن يأتي من مذهب فلاني سني ليكون شيعياً، ابداً ليس الغرض هذا، وإنما أريد أن يعرف كل إنسان مسلم طالب للحقيقة عليه أن يتلمس الحقيقة ويبحث عن الحقيقة، فإن انتهى بعد التحقيق، التفتوا إلى هذه القضية واعتبروها فتوى مني وسيأتي الكلام فيها، فإن بحث وحقق بمقدار جهده وبمقدار ما يستطيع وانتهى إلى أمر عقدي أو فقهي فيجوز له الاعتقاد به والتعبد به، لا فرق، وسوف يكون معذوراً يوم القيامة أيضاً، تقول لي سيدنا كيف هذا؟ أقول: سيأتي في الوقت المناسب ولكن أذكرها كقاعدة كلية. بعد الجد والاجتهاد وبعد البحث والتحقيق انتهى إلى أن الله سبحانه وتعالى على النظرية (أ) وليس على النظرية (ب) فيما يعتقده من نظرية (أ) أو ما يعتقده من نظرية (ب) سوف يكون معذوراً أمام الله سبحانه وتعالى، بل وسوف يكون ناجياً يوم القيامة ومثاباً على عمله، لأن الله سبحانه وتعالى يقول (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) لابد أن يتم البيان.
    نعم، أولئك الذين شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم، إذا حلمنا الرسول على النبي الخاتم إما إذا حلمنا الرسول على البينة والحجة وعلى كل زمان، يعني ما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً حتى نبعث بياناً وحجة. كذلك نقول في الآية المباركة (شاقوا الرسول) أي رسول؟ هذه الحجة الباطنية، أي حق، أي منطق، أي برهان، يعني شاقوا وخالفوا البرهان بعدما تبين لهم الحق، فإذا ثبت له الحق وخالف عند ذلك يكون مؤخذا، أما بيني وبين الله لم يثبت، ذهب إلى الحق وسأل عنه وتحقق، ولم يثبت له إلا ما انتهى إليه، فيستطيع أن يتعبد به اعتقاداً كان أو فقهاً، وهذا إنشاء الله تعالى من هنا أعد المشاهد الكريم أني سأقف عند هذه القضية بشكل تفصيلي والأدلة التي تثبته، وهذا هو ما اعتقده في مدرسة أهل البيت، أنا كعالم من علماء مدرسة أهل البيت أصرح به أمام المسلمين جميعاً، أن مدرسة أهل البيت لا أقل فهمي من مدرسة أهل البيت هو هذا المعنى، إذن لا يتبادر إلى الذهن نحن عندما نقول أن الحق فيما نعتقده من مدرسة أهل البيت أن الباقي على القطع واليقين يذهبون إلى نار جنهم، لا ليس الأمر كذلك، أبداً لا نقول هذا، نعم نقول هذا هو الحق الذي نعتقده، وهذا هو الصحيح الذي نعتقده، وغيرنا ما يعتقده نعتقد غير صحيح نعتقده خطأ ولكنه هذا الخطأ إذا كان مقصراً فيه، إذا كان معانداً فيه، إذا كان جاحداً فيه، إذا كان منكراً للحق والحقيقة فمؤخذ، أما إذا كان قاصراً ولم تتضح له الحقيقة أو اتضحت له الحقيقة التي يعتقدها فليس مؤخذاً لا في الدنيا ولا في الآخرة.
    هذا ابن حبان، وكذلك ابن حجر عندما يأتي إلى ابن حبان وما أنكر به الحد يقول والحق مع ابن حبان، في كتاب (لسان الميزان، ج7، ص50) لابن حجر العسقلاني، المتوفى 852هـ، تحقيق عبد الفتاح أو غدة، اعنى بإخراجه سلمان عبد الفتاح، دار البشائر الإسلامية، بعد أن يشير إلى هذه الحقيقة يقول: (قال الحاكم أبو حاتم … وكان يحسد لفضله … إن أراد القصة الأولى التي صدر بها كلامه فليست هذه بهفوة والحق أن الحق مع ابن حبان) إذن جملة من أعلام المسلمين، هذا مضافاً إلى ما ذكرناه من كلمات واسعة النطاق أن وصف الحد من الأوصاف المختصة بالمخلوقين.
    وهنا أشير الى ما ورد في كتاب (الأمالي، ص253) للشيخ المفيد البغدادي، من كبار أعلام مدرسة أهل البيت في زمن الغيبة الكبرى، المتوفى 413هـ تحقيق مؤسسة النشر الإسلامي، يقول: (ونظام توحيده نفي التحديد عنه) إذن لا يمكن أن الله يكون محدوداً (لشهادة العقول) إذن القضية نقلية أو عقلية؟ وهذه القضية سأبينها لاحقاً أن العقول تقول أن كل محدود مخلوق، إذن وصف المحدودية من الأوصاف المختصة بالمخلوقين، وليست من الصفات المشتركة بين الخالق وبين المخلوق.
    المُقدَّم: استمراراً لما تفضلتم به ما هو الدليل على أن صفة المحدودية مختصة بالمخلوقات.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه القضية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها كأصل من الأصول المنهجية والعلمية في مباحث التوحيد، هذا الأصل محتواه أن المسائل التي تواجهنا في المعارف الدينية يعني تأتي هناك كثير من الآيات القرآنية والروايات المسائل المطروحة في القرآن وفي الرواية تارة أن المسألة من المسائل التي يستطيع فيها العقل أن يدرك النفي أو الإثبات، يقول إما صحيح وإما ليس بصحيح، له القدرة على ذلك، الله سبحانه وتعالى زود العقل بقدرات واسعة، بحجة العقل أثبت وجوده سبحانه وتعالى، إثبات وجود الله ليس أمراً قال به القرآن، الذي لا يعتقد بوجود الله كيف يستطيع أن يعتقد بوجود رسول وبوجود كتاب مرسل من قبله، إذن أصل إثباته أمر عقلي، إذن المسألة التي إذا كان للعقل فيها رأي ويستطيع أن يثبت فيها شيئاً أو ينفي فيها شيئاً هنا نحتاج إلى النقل أو لا نحتاج بل حتى لو جاء النقل على خلافه يعتمد عليه أو لا يعتمد.
    أضرب مثالاً في الرياضيات، لو سألنا عقل الإنسان (2+2) ماذا يساوي؟ لو جاءت أربعة تقول أن الناتج هو (5) ماذا نفعل؟
    المُقدَّم: نرفض الرواية أن تأويلها أو التصرف معها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لابد من هذا، وإلا ماذا تقولون ترفعون اليد عن العقل لأجل الرواية، الجواب في جملة واحدة، لماذا لا نفعل ذلك؟ لا نفعل ذلك باعتبار أن الإيمان بأن (2+2=4) أمر قطعي جزمي، أما ما تقوله الرواية فهو أمر ظني، تقول لي: هذه الرواية صحيحة السند. الجواب: لو كانت ألف مرة صحيحة السند والرواية فهي أمر ظني في قبال الأمر القطعي، نسأل المشاهد الكريم عقلك يدرك أن الوجود والعدم يجتمعان أو لا يجتمعان، يعني أن يكون الشيء في آن واحد وفي حين أنه موجود يكون غير موجود، يعني الآن في حين أني موجود أكون معدوم، هل يعقل هذا أو لا يعقل؟ هذا اجتماع النقيضين واجتماع النقيضين محال. مثلاً: الآن أنا كجسم بوجودي الجسماني موجود في هذا المكان، في هذا الآن وفي نفس الآن الموجود هنا أكون في مكان آخر، هل يعقل هذا؟ لا يعقل. ولذا نحن قلنا أن الله سبحانه وتعالى عندما يقول في سورة البقرة (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان) إذا كان الله جسماً فإذا كان قريباً من (أ) فلا يستطيع أن يكون قريباً من (ب) إذن هو موجود غير جسماني، وإلا إذا كان موجوداً جسمانياً ودعاه شخص في شمال الأرض وآخر دعاه في جنوبه، كيف يكون قريباً من هذا وهذا من في آن واحد، وهذا يكشف عن أن الله سبحانه وتعالى ليس وجوده وجود جسماني.
    إذا كانت المسألة عقلية وللعقل فيها رأي عند ذلك لا يمكن أن يقف عنده النقل أن يصادمه النقل، وهذا طبعاً لا يتبادر إلى الذهن أن هذا رأيي الشخص بل هذا هو رأي المحققين حتى أولئك الذين حملوا وأشكلوا على الفلاسفة وأبطلوا نظرياتهم هذه القاعدة لا يستطيعوا أن يناقشوها، ومنهم الشيخ ابن تيمية، الشيخ ابن تيمية في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، ج3، ص185) تحقيق وتعليق الدكتور علي بن حسن بن ناصر، دار العاصمة، يقول بأن المسيحية أو الذين أمنوا النصارى بأن الله ثالث ثلاثة تقول لهم هذا غير معقول يقولون نحن لا نتكلم في العقل بل في النقل والنقل دلنا على جواز ذلك، الشيخ ابن تيمية يقول بأنه إذا صادم النقل العقل يسقط النقل، فيقول: (ولا يميزون) النصارى والمثلثة (بين ما يحيله العقل ويبطله ويعلم أنه ممتنع وبين ما يعجز عنه العقل فلا يعرفه ولا يحكم فيه بلا نفي ولا إثبات) يقول إذا كان العقل أن يفهم شيئاً ويؤمن بالإثبات أو بالنفي، فحكم العقل هو الحاكم، أما إذا كانت المسألة لا يدركها العقل من قبيل أن صلاة الصبح لابد أن تصلى ركعتين، الجواب: العقل لا ينفي ولا يثبت هذه القضية، صلاة المغرب ثلاث ركعات أو أربع ركعات، تسأل العقل يقول ليس لي دوري. نقول له حد السرقة ما هو، يقول ليس لي دور في هذا، لأن العقل لا يستطيع أن يثبت أو ينفي. أما أن الله ثالث ثلاثة يستطيع العقل أن يقول نعم أو لا يستطيع؟ نعم يستطيع.
    يقول: (ولا يميزون بين ما يحيله العقل ويبطله ويعلم أنه ممتنع كالتثليث وبين ما يعجز عنه العقل فلا يعرفه ولا يحكم فيه بنفي أو بإثبات كصلاة الصبح وأن الرسل أخبرت بالنوع الثاني ولا يجوز أن تخبر بالنوع الأول) يعني أن تقول شيئاً خلاف ما يحيله العقل. التفتوا إلى هذه القاعدة العقلية، العقل إذا أحال شيئاً بعد لا يقول لي قائل أن الرواية هكذا تقول، لا يقول لي قائل أن السلف الصالح هكذا قالوا، السلف الصالح أخطئوا واشتبهوا ولم يفهموا، نحن في اعتقادنا السلف الصالح لم يقولوا ولكن أنا أفرض فرضاً. إذن إذا كانت القضية، وبعد ذلك سنثبت للمشاهد الكريم أن القول بأن الله محدود بحد هذا مما يحيل العقل ونعتقد أنه من المحالات العقلية، من الممتنعات العقلية كشريك الباري، كيف أن شريك الباري ممكن أو ممتنع؟ نقول شريك الباري ممتنع عقلاً، يقول: أن الرسل أخبرت بالنوع الثاني ولا يجوز أن تخبر بالنوع الأول (فلم يفرقوا) النصارى (بين محالات العقول ومحارات العقول وقضاه في ذلك من قبلهم من المشركين الذين جعلوا لله ولداً شريكاً).
    إذن العقل إذا قال شيئاً بنفي، العقل القطعي، لا العقل الظني، هذه قضية، طبعاً الرجل أيضاً في كتابه (درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ج1، ص131) تحقيق الدكتور محمد راشد سالم، دار الفضيلة، الرياض، السعودية، يقول: (إما أن يريد ما أحدهما قطعي فالقطعي هو المقدم مطلقاً على الظني) عقلياً كان أو غير عقلي، أساساً القطعي قدم على غير القطعي.
    إذا اتضحت هذه الحقيقة أعزائي الكرام إذا وجدتم، لأبين القاعدة التي استند إليها لأنه وردت إلي مجموعة من التساؤلات تقول لي سيدنا أنتم عندما تقرأون الروايات من أصول الكافي أو من التوحيد للشيخ الصدوق أو من نهج البلاغة لا تقرأون السند ولا تبينون السند كونه صحيحاً أو ليس بصحيح.
    الجواب: إذا كانت القضية عقلية فلا نحتاج إلى دليل نقلي، وإذا قرأنا رواية أو نصاً روائياً فمن باب المؤيد والشاهد، لأن النقل هنا لنا به حاجة أو ليست لنا به حاجة؟ لا حاجة لنا به في القضية العقلية.
    الآن نأتي إلى سؤالكم وهو أنه ما الدليل على أن المحدودية من الصفات المختصة بالمخلوق وليست من الصفات المشتركة بين الخالق وبين المخلوق.
    أعزائي الكرام أريد أن أبين هذه الليلة قاعدة، وهذه قضية أدعي أنها عقلية وسأبينها، المراد من العقلية يعني من الوجدانيات، أن كل موجود محدود فهو موجود معدود قابل للعد والحساب. أن كل موجود محدود فهو موجود معدود قابل للعد، هذا الموجود محدود له حد. هذا موجود وهذا موجود تضعه بجنب هذا أصبح عندنا محدودان وعندما نضيف لهما ثالث صاروا ثلاثة وهذا هو العد، يعني أنتهاء أو انتهاء وجود الشيء وهو محدودية الشيء يجعله قابلاً للعد، وهذه قاعدة أحفظوها جيداً. أساساً سواء وجد بعده أو لا لم يوجد ولكن يمكن أن يوجد، وجد بعده يكون الثاني، إن لم يوجد الثاني لكن يمكن أن يكون الثاني، هو محدود.
    إذن قاعدة أكررها لأن بعض الأبحاث دقيقة والمشاهد الكريم يطلب التوضيح، كل موجود محدود، قاعدة عقلية طبقوها إذا وجدتم لها استثناءً واحداً لكم الحق، كل موجود محدود فهو موجود معدود ويدخل في باب الأعداد، تستطيع أن تعده وتستطيع أن تحسبه بالحساب، تقول واحد اثنان ثلاثة أربعة خمسة، هذا أصل عقلي والروايات الموجودة عندنا بغض النظر عن صحة سندها أو عدم صحة سنده أثبتت هذه القاعدة العقلية، وأنا عندما أقول أثبتت ليس دليل الرواية وإنما دليلي القاعدة العقلية، القاعدة القطعية لأن العقل يدرك ذلك والروايات شواهد ومؤيدات لهذه الحقيقة، وهنا أشير إلى بعض النصوص التي تثبت أن المحدودية تلازم المعدودية.
    الرواية الأولى ما ورد في (أصول الكافي، ج1، ص341) الطبعة الحديثة، تحقيق قسم إحياء التراث، مركز بحوث دار الحديث، وفي الطبعة القديمة (ج1، ص140، كتاب التوحيد، باب جوامع التوحيد، رقم الحديث5) يقول هذه القاعدة كما بيناها مرارا قال: (ولافتراق الصانع من المصنوع والحاد من المحدود والرب من المربوب) كلام الإمام أمير المؤمنين (الواحد لا بتأويل عدد) الله واحد، ولكن وحدته ترجع إلى العدد أو لا ترجع؟ لا على سبيل العدد، يعني لا يعد، (الواحد لا بتأويل عدد) في (ص341). (فمن وصف الله فقد حده) بيان التلازم بين المحدودية وبين المعدودية، قال (فقد حده ومن حده فقد عده) أمير المؤمنين يقول، يعني هناك ملازمة بين المحدودية والمعدودية، كل موجود والآن أريد أن أستبق الأبحاث إذن إذا قلنا أن الله محدود فيكون معدوداً. قد يقول قائل: وما هو المحذور، سيأتي البحث لاحقاً، أنا أريدك أن تتسلسل معي رياضياً منطقياً، نريد أن نقول أن الله ليس بمحدود ومن اعتقد بأنه محدود فقد اعتقد بأنه معدود، ومن حقك أن تسألك وما المحذور؟ سيأتي بحثه لاحقاً. هذا هو المورد الأول.
    المورد الثاني ما ورد في كتاب (التوحيد، ص56، باب التوحيد ونفي التشبيه، الحديث14) للشيخ الصدوق، ومراراً ذكرنا هذا المعنى، أيضاً نفس العبارة السابقة التي اشرنا إليها.
    وكذلك ما ورد في (ص81) من الكتاب وهو من البيانات المهمة للإمام أمير المؤمنين وأرجوا الله أن أوفق لهذا البحث، أقرأ الرواية، وهي (إن أعرابياً قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين عليه السلام، فقال: يا أمير المؤمنين أتقول أن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه) الراوي يقول (قالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسم القلب) يعني انظر حاله حال حرب وأنت تسأل مسألة عقائدية! (فقال أمير المؤمنين: دعوه) انظروا إلى هذه الحكمة الربانية والإلهية، ماذا يقول أمير المؤمنين؟ لا يقول امنعوه، فنحن الآن في حال حرب وليس الوقت وقت مسألة عقائدية، (قال أمير المؤمنين: دعوه، فإن الذي يريده الإعرابي هو الذي نريده من القوم) نحن إنما نقاتل القوم لأجل التوحيد، وهذه هي الحرب الإلهية والحرب لأجل الله، نحن لا نحارب لأجل الدنيا، أمير المؤمنين يقول لا أحارب أهل الجمل لأجل الدنيا أو للسلطة أو للإمامة السياسية، أبداً، وإنما أحاربهم لأجل التوحيد الحقيقي. (ثم قال: يا اعرابي، إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عز وجل، ووجهان يثبتان فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل واحد يقصد به باب الأعداد) يعني واحد ليس له ثان، إذا قال أحد الله واحد وقصد به باب الأعداد فهذا لا يصح في الله، يعني واحد لا كالعدد، لا بتأويل العدد، يعني أيها الناس اعلموا أننا لو قلنا بالمحدودية فقد قلنا بالمعدودية، والله ليس بمعدود، فهو ليس بمحدود، هذا بيان آخر. هذه روايات كثيرة وأنا أشير إلى شواهد منها.
    ومن الشواهد الأخرى ما ورد في (نهج البلاغة، ص22، الخطبة 1) شرح الشيخ محمد عبده، قال: (ومن أشار إليه فقد حده ومن حده فقد عده) يعني هناك تلازم بين الحد وبين العد، بين المحدودية وبين المعدودية، هذا مورد.
    وكذلك في الخطبة رقم (151) قال: (ومن وصفه فقد حده ومن حده فقد عده).
    إذن بهذا يتضح لنا بشكل واضح وصريح أن المحدودية تلازم المعدودية.
    المُقدَّم: هنا يأتي السؤال الذي ألمحتم إليه قبل قليل، إذا ثبت هذا التلازم عقلاً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: ثبت عقلاً والشواهد الروائية أيضاً أثبتت أن هناك ملازمة بين المحدودية وبين المعدودية.
    المُقدَّم: ما المحذور من أن يكون الباري تبارك وتعالى معدوداً، بمعنى أن تكون وحدانيته تبارك وتعالى وحدة أعداد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: يعني كما أن هذا الشيء واحد الله أيضاً واحد، هذه أنا أتصور أيها المشاهد العزيز الكريم الحبيب هذه القضية أنا أتصور هي صلب التوحيد، أنتم الآن انظروا إلى كل الاتجاهات والمدارس الإسلامية أهم مسألة فيها هي التوحيد، بل أساساً أنت عندما تعد أصول الاعتقادات تبحث في التوحيد، لا تبدأ بقوله الله موجود، تبدأ بقولك الله واحد، لماذا لا نبحث في ان الله موجود؟ لأن (أفي الله شك فاطر السموات والارض) (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم). الرسول الأعظم يقول كل مولود يولد على الفطرة، ويُسأل الإمام الصادق: أي فطرة هذه، قال: فطرة التوحيد.
    ولكن المشكلة أين، المشكلة في التوحيد، لا أن المشكلة في إثبات وجود الله، واقعاً كل المدارس الإسلامية همها الاول هو مسألة التوحيد، توحيد الذات، توحيد الصفات، توحيد الربوبية، توحيد الالوهية، توحيد العبادة، توحيد الخالقية، توحيد الشفاعة، توحيد الحاكمية، توحيد التشريع، كل هذه المراتب هي أصل اعتقاداتنا. وهنا تعتقد مدرسة أهل البيت أن التوحيد في المراتب، يعني التوحيد الأفعالي، يعني التوحيد في الشفاعة، التوحيد في الخالقية، التوحيد في الحاكمية، التوحيد في التشريع، هذه كلها فرع التوحيد في الصفات والتوحيد في الصفات فرع التوحيد في الذات، إذن أخواني الأعزاء قضية التوحيد وأن الله واحد هذه أي وحدة التي نعتقدها في الله، أهي وحدة عددية؟ هذه هي خصوصية مدرسة أهل، أولئك الذين يسألون ما هي الخصوصية التي تميز مدرسة أهل البيت عن باقي المدارس الإسلامية جميعاً والاتجاهات الفكرية والعقدية، أخواني الأعزاء في جملة واحدة أقولها كونوا على ثقة أصل اختلاف وتميز والفصل الذي به تتميز مدرسة أهل البيت، مدرسة علي والحسن والحسين وباقي الأئمة هي مسألة أن الوحدة التي يعتقدونها في الله يقول هذه الوحدة ليست بتأويل عدد، ليست وحدة عددية، لا يقبلون أن وحدة الله كوحدة الكتاب والإنسان والأرض، يعني العد، يعني الحساب، يعني الأعداد، لا يدخل الله سبحانه وتعالى، يعني إذا عددنا الأشياء لا يمكن أن نجعل الحق تعالى في عداد الأشياء، لا يمكن، وإلا لو صار في عداد الأشياء ولو صارت وحدته وحدة عددية، لكان مثله شيء، وهو الحق تعالى ليس كمثله شيء، وحدته لا يعقل أن تكون كوحدة المخلوقات، كيف أن تميزه ليس كتميز المخلوقات كذلك وحدته ليست … ولذا الإمام أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام يتذكر المشاهد الكريم هذه القضية قرأناها بشكل واضح وصريح بأنه قال كل ما في الخلق لا يوجد في خالقه وكل ما يمكن فيه يمتنع من صانعه.
    والأعداد وعالم الأعداد والمحدوديات موجودة في المخلوقات.
    هنا يأتي هذا التساؤل، وهو ما المحذور في أن الله سبحانه وتعالى تكون وحدته وحدة معدودة، ما المحذور في ذلك، ما هي النتائج المترتبة على أن الله معدود، لماذا أن مدرسة أهل البيت لا تسمح أن تقول الله واحد كالعدد، يقول واحد لا كالعدد، وحدته لا تدخل في عالم الأعداد، لماذا؟
    تعالوا نبين لكم بعض خصائص الوحدة التي تدخل في عالم الأعداد، الخصوصية الأولى، هذه خصائص الوحدة العددية لنرى أنها قابلة للانطباق على الله على وحدته أو غير قابلة لذلك.
    الخصوصية الاولى: أن الوحدة إذا أضيف إليها شيء ثاني تكون أكثر منها، هذا واحد وأضيف له كتاب آخر ماذا يكون، أيهما أكثر الواحد أو الاثنان؟ الاثنان، وهذا معنى أن الوحدة قليلة في قبال الاثنين والاثنين قليل في قبال الثلاثة والثلاثة قليل في قبال الأربعة، فإذا قلنا أن الله سبحانه وتعالى واحد ووحدته وحدة عددية إذن يكون أقل شيء، يعني إذا وجد شيء اثنان فهو أكثر منه.
    سلام الله عليك لا مولى الموحدين يا علي بن أبي طالب يا أمير المؤمنين قال: (كل مسمى بالوحدة غيره قليل) كل مسمى إذا سمي غيره بالواحد يكون قليلاً في قبال الاثنين والثلاثة، أما الله إذا قيل عنه واحد فهو ليس بقليل، يستحيل لأنه هو الذي (وهو معكم) كيف يمكن أن يكون قليلاً.
    إذن هذه الخصوصية الأولى في الوحدة العددية، ما هي؟ أن الواحد العددي بطبيعته قليل، بدليل أنه لو أضيف له واحد آخر يكون اثنان والاثنان أكبر من الواحد، وإذا أضيف إلى الاثنين واحد تكون ثلاثة والثلاثة أكبر من الاثنين وهكذا يستمر هذا التسلسل اللايقفي، أي وصلت إلى أي مرتبة من مراتب العدد تستطيع أن تضيف عليها مرتبة تكون أكبر من المرتبة السابقة، ولكنه بعد ذلك سيتضح أن وحدة الله وحدة قليلة أو وحدة غير قليلة؟ ولذا قال أمير المؤمنين (كل مسمى بالوحدة غيره قليل) لا يقول لي قائل يخرج الآن البعض على الفضائيات أو على المواقع ويكتبون أن هذا النص من نهج البلاغة وأنه لا سند له، لا، هذا شاهد ومؤيد فإن القضية قضية عقلية قطعية لا تحتاج إلى دليل وسند نقلي حتى نبحث، هذه هي الخصوصية الأولى.
    الخصوصية الثانية: هي أن الواحد إذا جاء الثاني يكون مغلوباً له، وهو يكون مقهوراً للأول، يعني هذا واحد، إذا جاء الثاني، تبقى وحدته أو لا تبقى؟ لا تبقى، يعني يصير مغلوباً، مقهوراً. هذا واحد إذا جاء الواحد الثاني يبقى يستطيع أن يحتفظ بوحدته أو يغلب؟ يغلب، إذا جاء الثالث هذا الاثنان يستطيع أن يحفظ اثنينيته أو يغلب؟ يغلب، إذن العدد بطبيعته مغلوب، مقهور، إذا قلنا أن الله سبحانه وتعالى وحدته وحدة عددية يكون واحداً قهاراً أو يكون واحداً مقهورا؟ والنص القرآن يقول (وهو الواحد القهار) فكل القرآن من أوله إلى آخره عندما يتكلم عن الوحدة يتكلم عن الواحد القهار، لأنه لا يمكن لأي موجود حتى لو وضع إلى جنبه يكون قاهراً لوحدته، بل وحدته غالبة، لماذا؟ لأنه ليس قليل، لأنه محيط بكل شيء، لأنه وجوده هو الأول والآخر والظاهر والباطن، ولو كانت وحدته وحدة محدودة ومعدودة إذا كان أولاً لا يكون آخراً، إذا كان آخراً لا يكون أولاً، إذا كان ظاهراً، هذا سأقف عنده إن شاء الله، هذه فتاوى عقائدية وهي من اهم معطيات الوحدة غير العددية للحق، أن الوحدة الإلهية إذا كانت وحدة عددية لازمها أنه إذا كان أولاً فليس بآخر، وإذا كان آخراً فليس بأول، وإذا كان ظاهراً فليس بباطن، وإذا كان باطناً فليس بظاهر، وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين، قال: (كل أول غير ه ليس بآخر إلا هو سبحانه وتعالى) هو الأول، وكل آخر غيره ليس بأول وكل ظاهر غيره ليس بباطن، وكل باطن غيره ليس بظاهر. لماذا؟ باعتبار أنه سوف يكون الوجود محدوداً، فإذا صار ظاهراً لا يكون باطناً، وإذا صار أولاً، هذا أول، هذا آخر، إذا كان هنا فلا يمكن أن يكون هنا، محال، مع أن صريح الآية في سورة الحديد (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) إذن أهم خصوصيات الوحدة العددية أولاً أنها قليلة في قبال الكثرة، وثانياً أنها مغلوبة مقهورة في قبال الاثنين والثلاثة والأربعة، يعني الوحدة العددية في قبال الكثرة أولاً قليلةً وثانياً مغلوبة ومقهورة.
    سؤال: فإذا صار الوجود أي وجود كان مغلوباً مقهوراً عند ذلك يكون خالقاً أو مخلقوقاً؟ محال أن يكون المغلوب خالقاً، مغلوب على أمره، (والله غالب على أمره) إذا كان مقهوراً فلا يكون خالقاً بل يكون مخلوقاً، وإذا صار مخلوقاً صار حادثاً، فلا يكون أزلياً وقديماً، انظروا إلى كلام إمام التوحيد أمير المؤمنين وهو تلميذ سيد الأنبياء والمرسلين، قال في (الخطبة 151) قال: (ومن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله) فصار حادثاً ولا يكون قديماً.
    يا أمير المؤمنين ما الملازمة إذا صار الشيء معدوداً يصير حادثاً؟ الجواب: لأنه إذا صار معدوداً صار مقهوراً وصار قليلاً والمغلوب والمقهور والقليل يستطيع أن يكون خالقاً غنياً قائماً بذاته واجباً أزلياً سرمدياً أبدياً أو لا يمكن؟ لا يمكن، فيكون حادثاً، فقد أبطل أزله، إذن ألخص لك، إذن لماذا نحن نرفض المحدودية لله سبحانه وتعالى لأن المحدودية تلازم المعدودية والمعدودية تلازم الحدوث، ومن عده فقد أبطل أزله. ولا يتبادر إلى ذهن أحدٍ فقط نحن نقول هذا المعنى، هذا الإمام البيهقي في كتاب (أسماء الله وصفاته، ج3، ص1044) للإمام الحافظ البيهقي، المتوفى 458هـ، قال: (والحد يوجب الحدث) ما معنى يوجب الحدث، يعني إذا صار الشيء محدوداً يكون حادثاً محدثاً وإذا صار حادثاً فيحتاج إلى محدث، فلا يكون أزلياً ولا قديماً.
    الشيخ ابن تيمية في كتابه (تعارض العقل مع النقل، ج1) يقول: (فالذي يفهمه الناس من هذا الكلام أن كل ما سوى الله مخلوق حادث بعد أن لم يكن وأن الله وحده هو القديم الأزلي) فإذا صار معدوداً فلا يكون قديماً أزلياً.
    لا أقل أيها المشاهد الكريم أنتم الذين تعتقدون بنظرية الحد لله سبحانه وتعالى وأن الله محدود لا أقل احتملوا أن كلامي يكون صحيحاً، إذن أنتم تعبدون الله أو لا تعبدون الله؟ ذلك الله الأزلي القديم، لا، تعبدون إلهاً حادثاً محدثاً مقهوراً مغلوباً على أمره، ولذا الإمام أمير المؤمنين عليه أفضل صلوات المصلين عندما يصل إلى هذه الحقيقة وينفي أن الله سبحانه وتعالى له عدد يستدل بهذه الآية المباركة.
    انظروا ماذا يقول إمير المؤمنين، يقول: لا يجوز عليه أن يقال واحد يقصد به باب الأعداد فهذا ما لا يجوز لأن ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد (أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة)، هذه إشارة إلى الآية في سورة المائدة (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة) سؤال: لماذا كفروا؟ لا لأنهم أمنوا بثلاثة فقط، يعني لو كانوا أمنوا بأربعة تنحل لا تنحل المشكلة، لا، بل لأنهم جعلوا الله في عداد الأعداد، أمير المؤمنين يقول أن هؤلاء كفروا لأنهم أدخلوه في عالم العدد. يا أمير المؤمنين لماذا من أدخل الله في عالم الأعداد صار كافراً؟ يقول: لأنه صار محدثاً وإذا صار محدثاً فهو ليس الله (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة) هذا معناه أنه لا يحق لنا أن نقول أن الله ثالث ثلاثة، ولا يحق لنا أن نقول أن الله ثاني الواحد، ولا يحق لنا أن نقول أن الله رابع الاربعة، يعني لا يحق لنا أن ندخله في عالم الأعداد، لماذا؟ لأنه بمجرد أن يدخل في عالم العد والحساب سوف يكون محدثاً وإذا صار محدثاً بطل أن يكون أزلياً قديماً.
    ولكن نص القرآن الكريم، هذا القرآن الذي قال (لقد كفر الذين قالوا) ولكنه نجده في مكان آخر في سورة المجادلة الآية 7 انظروا ماذا يقول القرآن، يقول: (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم) لا يقول الله ثالث الثلاثة، يقول هو رابع الثلاثة، يعني هو من جنسهم أو ليس من جنسهم؟ ليس من جنسهم، هذا هو الإيمان أن تقول أن الله، في هذه الليلة أريد منك أن تتدبر (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) القرآن يقول ثالث ثلاثة كفر أما رابع الثلاثة فهو إيمان، لماذا أن ثالث الثلاثة كفر ورابع الثلاثة إيمان؟ لماذا أن خامس الخمسة كفر وخامس الأربعة إيمان؟ لماذا أن سادس الستة كفر وسادس الخمسة إيمان؟ الجواب: لأنه عندما تقول سادس الستة يعني جعلته معدوداً معهم، يعني من سنخهم ومن نوعهم ومن حقيقتهم، أما عندما تقول سادس الخمسة يعني هو المحيط، ليس من سنخهم وليس من جنسهم، (وهو معكم أينما كنتم) وبهذا يتضح أن (لقد كفر الذين قالوا ثالث ثلاثة كفروا) والذين قالوا خامس الأربعة لم يكفروا.
    المُقدَّم: الأخ أبو مشاري من السعودية، تفضلوا.
    الأخ أبو مشاري: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو مشاري: أسعد الله مساك يا وجه الخير، يا طويل العمر، يقولون العتب بين الأخوان مرفوع، وأنا سألت من الأخ الذي ناشدني تهذيب الكلام، نحن بدو والبدوي لا يرضى بالمهانة، أنا لم أقل إلا الحقيقة، بل أن الحقيقة مرة، وأنا أنشد الحقيقة منهم، ونحن نسعى إلى التوحيد، لكن كان جوابي للأخ المتصل في كلمة قصيرة، هي: حين سمعنا قولك في التوحيد كلام عجيب خلانا في وادي، خلانا في وادي، وباقي العرب والمسلمين في وادي ثاني، كلام يهز الجبال ويدك الصخر، ونحن إلى الآن لم نسمع كلام مشايخنا وتاج رؤوسنا، ويقولون من طول الغيبات جاب الغنايم، وسبحان ربي قدر الله يمكن له كلام ثاني، ولكن ارجوا أن لا يطولوا السكوت لأن السكوت علامة الرضا، المقصود في البرنامج نحن أنباء هذه الديرة، ونحن ندري ما بين الصدور، والرجل أبخس بأصحابه، ريتهم يغارون على التوحيد.
    المُقدَّم: خلاصة سؤاله، لماذا هذا السكوت، هل السكوت علامة رضا.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا في الحلقة السابقة دعوت ومن هذا المنبر المبارك ومن هذه القناة ادعوا جميع العلماء وخصوصاً في الأزهر الشريف وخصوصاً علماء الزيدية وعلماء الازهر وعلماء السنة والجماعة بمختلف اتجاهاتهم وبمختلف مبانيهم الفكرية والعقدية أدعوهم واقعاً أن يخرجوا ويتكلموا ويبينوا حقائق التوحيد، أنا أتصور أن التوحيد إذا بين، كلمة التوحيد إذا بينت اطمأنوا أنها ستكون منطلقاً جيداً لتوحيد الكلمة.
    المُقدَّم: معنا الأخت أم علي من فلندا، تفضلي.
    الأخت أم علي: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أم علي: حقيقة أنا أريد أن أسلم على السيد، أنا من السنة سابقاً وفي حياتي لم أسمع عن التوحيد عن الله عز وجل، ومعرفة الفرق بين العدد الواحد والأحد، كنا نعرف أن الله واحد أحد، ولكن بالطريقة التي شرحها السيد اليوم حقيقة لم أكن أعرف الله عز وجل إلا اليوم، عرفت ان الله إله غير محدود وغير معدود، هذه أمور نحن لا نعرفها سابقاً، ولكن سماحة السيد شرحها لنا، شرح لنا موضوعاً لم نسمعه على منابر أهل السنة جميعاً، موضوع الأطروحة الذي طرحه اليوم والتوحيد الذي طرحه اليوم لم أسمع بها طيلة عمري، ما سمعتها أبداً حقيقة اليوم اقشعر بدني لهذا. بارك الله فيه. الله ينصرنا أكثر وأكثر.
    المُقدَّم: هذه ثمرة من ثمرات البرنامج.
    سماحة السيد كمال الحيدري: ارجوا الله سبحانه وتعالى أن نوفق لزيادة بيان هذه المعارف.
    المُقدَّم: الأخ صلاح من السعودية، تفضلوا.
    الأخ صلاح: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ صلاح: بالنسبة للآية التي ذكرتها حول قوله تعالى (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة) أنت قلت بأنه لم ينكر عليهم … هذا ينافي كلامك، كيف تقول أنت أنه يريد أن ينقض كلامهم في العددية، ثم قال ما من إله إلا إله واحد.
    المُقدَّم: سماحة السيد أشار إلى أصل الآية (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة) يعني حينما أدخلوه جعلوه من جنسها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز، لماذا أنه إذا قالوا ثالث ثلاثة يكون كفراً وإذا قالوا رابع ثلاثة يكون إيماناً؟ ما الفرق بين ثلاثة ثلاثة ورابع الثلاثة؟
    هل يوجد فرق بين ثالث ثلاثة ورابع الثلاثة؟
    الأخ صلاح: ليس هناك فرق.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لماذا هذا كفر وذاك إيمان.
    الأخ صلاح: من قال أن رابع ثلاثة إيمان.
    سماحة السيد كمال الحيدري: إذن كأنك لم تقرأ الآية المباركة (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) هذا كفر، شرك هذا؟ هذه حقيقة يقرها الله.
    الأخ صلاح: هذه ….
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا هو التلاعب، أخي العزيز أنا لم أقل أن الله سبحانه وتعالى لا يريد أن يبطل نظرية النصارى حتى تقول لي لماذا تقول: لا. أنا قلت أنه بعد إبطال نظرية النصارى واحدة من اهم النكات لماذا يبطله، لأنهم النصارى بالإضافة إلى أنهم أمنوا بالثلاثة جعلوا الله في عالم العدد، بأي قرينة؟ بقرينة هذه الآية المباركة (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم). فإذا كان الأمر كذلك إذن رابع الثلاثة حقيقة واقعة، أما ثالث الثلاثة فليس كذلك.
    المُقدَّم: لأن رابع الثلاثة لم يدخل معهم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لم يدخل معهم، إذا دخل الحق معهم في العدد فهذا كفر ولذا قال أمير المؤمنين (لقد كفر الذين قالوا أن الله ثالث ثلاثة) لا يدخلون في باب الاعداد، هذا المعنى بشكل صريح في (التوحيد) للشيخ الصدوق، قال: (لا يجوز أن يقصد باب الأعداد، أما ترى أنه كفر من قال ثالث ثلاثة) يعني إذا أدخلته في باب الأعداد حصل الكفر.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو شهد من الكويت، تفضلوا.
    الأخ أبو شهد: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو شهد: عندي ملاحظة وهي أن المولى عندما في سورة الإخلاص (قل هو الله أحد) كلمة أحد ليس لها ثاني حتى في اللغة العربية لا تستطيع أن تعدها، أنا على قدر فهمي أتكلم، أن كلمة أحد لا تثنى ولا تثلث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لا تدخل في باب الأعداد.
    الأخ أبو شهد: لا تدخل في باب الأعداد، فالإنسان عندما يقرأها في اليوم خمسة مرات فهذا إقرار بالوحدانية غير العددية.
    سماحة السيد كمال الحيدري: سيأتي ولذا قلت أن تتمة الكلام في الحلقة السابقة، وسأبين أي وحدة نعتقدها نحن في الحق، إذا لم تكن وحدة الله سبحانه وتعالى وحدة عددية، إذن أي وحدة نعتقدها، ما هي سنخ تلك الوحدة التي نعتقدها في الحق سبحانه وتعالى.
    المُقدَّم: الأخ إبراهيم من السعودية، تفضلوا.
    الأخ إبراهيم: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ إبراهيم: أريد من سماحتكم أن تغير موضوع إثبات الحدود لله في التوحيد، لأنه بدأ من شهر رمضان وإلى الآن لم ينتهي، ونريد أن نستفيد من علومكم الجم، اخرجتم من أمهات كتبهم وكيف هم يقولون بالحد، وأخرجتهم ما في كتبنا نحن الشيعة أن الله ليس بمحدود.
    المُقدَّم: ما هو المطلب.
    الأخ إبراهيم: هناك أشياء كثيرة لابن تيمية، وللبخاري أشياء كثيرة، نريد كشيعة أن نستفيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: إن شاء الله تعالى بإذن الله تعالى، باعتبار أن رغبات الأعزاء الكرام من حقهم أن يعطي ويقترح.
    المُقدَّم: أنا أقترح عليكم ولو تلبية لرغبة الأخوة أن تقرأ ولو خطبة من نهج البلاغة، كأنهم يقولون أن السيد يقتطع منها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز والأخوان الأعزاء جميعاً أصل معارف القرآن هو التوحيد، عندما لم تفهم أساس التوحيد باقي المعارف جميعها تكون على جرف هار، تكون ضعيفة، أنتم أمامكم الآن ما الذي أوقع أمثال ابن تيمية في مثل هذه الاشتباهات، من تابع الشيخ ابن تيمية ما الذي أوقعهم في هذه الاشتباهات. لا تستهينوا بمسألة الوحدة، نعم تقول لي مضى وقت طويل في هذا الموضوع، نحن في الأسبوع عندنا ليلة واحدة ووقتنا لا يكفي.
    أما ما أشرت إليه من أن البخاري يقول كذا وكذا، أنا أتصور أننا أشرنا في ابحاث سابقة، أولئك الخوارج الذين يروي عنهم البخاري فهو ليس بحثاً جديداً تريد الآن أن نكرره.
    المُقدَّم: سماحة السيد هل لديكم خلاصة لما تقدم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في جملة واحدة أقول أنه لا يعلم المشاهد الكريم أن من أثبت الحد لله فقد أثبت العد له ومن أثبت العد له فقد أثبت الحدوث له ومن أثبت الحدوث له فقد نفى عنه الأزلية ولذا قال علي أمير المؤمنين ومن حده فقد عده ومن عده فقد أبطل أزله. من هنا لابد أن ننتقل إنشاء الله تعالى ولعله في الحلقة الأخيرة من أبحاث الحد ما هي خصائص الوحدة التي نؤمن بها ونعتقد بها بالنسبة للحق تعالى، وثانياً ما هي أهم المعطيات التي تترتب على الإيمان بوحدة الحق سبحانه وتعالى تلك الوحدة غير العددية. وهذا ما سنوضحه في الأسبوع القادم.
    المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري كما أشكركم مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/22
    • مرات التنزيل : 2817

  • جديد المرئيات