27/01/2011
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة الليلة: (موقف أعلام أهل السنة من التجسيم والصفات الخبرية) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
المُقدَّم: في البدء ما هي نقطة الخلاف المنهجية بين ابن تيمية وأتباعه من الوهابية من جهة وبين أعلام أهل السنة في الصفات الخبرية.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع نحن إلى هنا تكلمنا في مسألتين أساسيتين في مسألة توحيد الأسماء والصفات، المسألة الأولى وهي محدودية الحق سبحانه وتعالى وأن الله له حد أو ليس له حد، وانتهينا من هذه المسألة وقلنا أن في هذه المسألة أن كل الصفات الإلهية من العلم والقدرة والحياة والسمع والبصر وغيرها سوف تكون بطبيعة الحال أيضاً محدودة بحد. وهذا ما وقفنا عنده مفصلاً فيما سبق وأتضح بأن عموم علماء المسلمين ومنهم أيضاً علماء مدرسة أهل البيت وبالخصوص أئمة أهل البيت عليهم السلام ذهبوا إلى أن الله سبحانه وتعالى ليس محدوداً بأي حد كان.
المسألة الثانية التي وقفنا عندها طويلاً لعله الحلقة العاشرة كانت الحلقة السابقة في مسألة التجسيم وهل أن الله سبحانه وتعالى جسم أو ليس بجسم، طبعاً الآن لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذا البحث لأنه قد تقدم الكلام فيما سبق. وهناك مسائل أخرى سوف نبين موضع الخلاف فيها بيننا وبين ابن تيمية وأتباع ابن تيمية من محمد عبد الوهاب وأتباع محمد عبد الوهاب أو ما يسمون الآن في عصرنا بالوهابية.
فيما يتعلق بأن الله سبحانه وتعالى مركب أو ليس بمركب، فيما يتعلق بأن الله له ثقل أو ليس له ثقل، فيما يتعلق في أن الله له مكان أو ليس له مكان، له جهة أو ليس له جهة، له حيز أو ليس له حيز، له صورة أو ليست له صورة، له يدان أو لا، ونحوها من المسائل، ولذا سيطول الحديث مع الشيخ ابن تيمية في مثل هذه المسائل، وفي اعتقادي أن هذه هي أساس الدين، يعني إن الإنسان إذا اراد أن يعبد الله لابد أن يعرف الله سبحانه وتعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) ومن الواضح أن العبادة فرع المعرفة وإلا إذا الإنسان لم يعرف الله سبحانه وتعالى بالقدر الذي يمكنه لا تزيده سرعة المشي ولا تزيده كمية العبادة إلا بعداً عن الله سبحانه وتعالى، ولذا نجد أن القرآن الكريم والروايات الواردة عن النبي وأئمة أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام أكدت على هذه الحقيقة وهي أنه قبل العبادة هي المعرفة، ولكنه أنا في عقيدتي بعد أن انتهينا من هاتين المسألتين الأساسيتين هناك مسألة منهجية لابد أن نصل لها، لماذا أن ابن تيمية وأتباع ابن تيمية يعني الوهابية المعاصرة انتهوا إلى هذه النتائج الخطيرة في معرفة الله سبحانه وتعالى، يعني لماذا أن هؤلاء قالوا بالتجسيم، لماذا قالوا أن الله سبحانه وتعالى له مكان وله حيز، هو جالس فوق السموات ونحو ذلك من الأمور، ما هي النقطة التي انطلقوا منها، أو المنهجية التي بدأوا بها هذه الأبحاث لتكون النتائج هذه النتائج التي أشرنا لها وسنشير لها لاحقاً.
في هذا اليوم وفي هذه الليلة إن شاء الله تعالى أحاول بإذن الله تعالى أن أقف على أصل من أهم أصول المعارف القرآنية ومن أهم القواعد لفهم المعارف القرآنية، وأنه ما لم نحكم هذا الأصل وما لم نحكم هذا القاعدة فإن الدخول إلى القرآن الكريم والتعامل مع النصوص القرآنية، مع الآيات القرآنية، مع الروايات الواردة عن النبي يعني مع السنة النبوية سوف يكون دخولاً غير منهجي وغير علمي، وأنتم عرفتم بحمد الله تعالى أن هذه الحلقات مذ أكثر من سنة تحاول أن تكون مباحثها قائمة على اسس علمية منهجية موثقة مسجلة أنه لا تنسب إلى أحد شيئاً إلا مع الدليل، إلا مع المصدر والمرجع، خصوصاً أعلام أهل السنة والجماعة.
هذا الاصل يقوم على هذه الآية المباركة التي لم ترد في القرآن الكريم إلا في مورد واحد وهي الآية السابعة من سورة آل عمران، قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب) من الواضح أن المراد من الكتاب هنا هو القرآن الكريم، لأن واحدة من أسماء هذا السفر الإلهي هو الكتاب، (ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين).
الأصل الذي أصلت له هذه الآية المباركة قالت: (منه آيات محكمات) إذن من كما نعلم في اللغة العربية (إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون) هذه (من) من التبعيض، (منه آيات محكمات) إذن الأصل الأول أن القرآن (واخر متشابهات) يعني أن هذه الآيات التي نزلت على قلب الخاتم وهذا القرآن الذي بأيدينا الذي لم يدخله لا تحريف ولا زيادة ولا نقيصة كما هو المذهب الحق والاتجاه الحق بين علماء المسلمين ومنهم أتباع مدرسة أهل البيت وعلماء مدرسة أهل البيت أن آيات القرآن تنقسم إلى محكمة وإلى متشابهة، هذا الأصل الأول الذي أشارت له الآية المباركة.
الأصل الثاني أنها بينت أن الآيات المحكمة هن أم الكتاب، سواء أخذنا الأم بمعنى الأصل أو أخذنا الأم بمعنى المرجع أو أخذنا أي معنى، أخذنا الأم بمعنى الأساس، يعني أن مرجع وأساس وأصل المتشابهات ترجع إلى المحكمات. وهذه النتيجة ما هي؟ النتيجة التي ترتبت وهي أنه من أخذ بالمتشابهات ولم يرجعها إلى المحكمات وقع في الزيغ، إما قاصداً متعمداً لذلك وإما جاهلاً مشتبهاً. النتيجة لا تختلف، نعم في النية وفي ما يتعلق بالعقاب الآخروي له حساب يختلف، ولهذا تجد الآية المباركة قالت: (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه).
إذن هؤلاء لماذا وصفوا بأن في قلوبهم زيغاً، لأنهم أخذوا المتشابه وقطعوه ولم يرجعوه إلى المحكم فوقعوا في الزيغ والانحراف، إما ابتغاء الفتنة وهؤلاء كثير منهم، وهو أنه يريد أن يفتن الناس ويريد أن يضل الناس يضل ويُضل، وإما باعتبار أنه لا يعرف وجاهل ولهذا يتصور بأنه لابد أن يأخذ بظاهر هذه الآية وهو لا يعلم أن هذه الآية من المتشابهات لابد من إرجاعها إلى المحكمات، هذا المعنى الذي أشرت إليه لا يتبادر إلى ذهن أحد هذا التفسير الذي قدمته للآية المباركة، يعني اوضحت وإلا فهذا ليست تفسيراً، أنا بحثت هذه الآية في حدود عشرين درس في عشرين ساعة مفصلاً، ويمكن للأعزاء الرجوع إلى ذلك في كتاب (علم الإمام) هناك أشرت إلى هذه الآية.
انظروا ماذا يقول هذا التفسير الميسر الذي هو تفسير رسمي للملكة العربية السعودية، إعداد نخبة من العلماء، (التفسير الميسر) المقدمة بقلم الشيخ صالح عبد العزيز بن محمد آل الشيخ، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، يقول في ذيل هذه الآية، يقول: (منه آيات واضحات الدلالة هن أصل الكتاب) إذن هن أم الكتاب فسرها بأنها اصل، (هن أصل الكتاب الذي يرجع إليه عند الاشتباه) فإذا اشتبهنا في أي حقيقة قرآنية لابد أن نرجع ذلك إلى المحكم، (ويرد ما خالفه إليه) يعني إلى هذه المحكمات (ومنه آيات متشابهات) ما هو المتشابه؟ (تحتمل بعض المعاني) فإذا وجدنا آية فيها احتمالات متعددة لابد أن نرجعها إلى آية محكمة، يعني إذا وجدنا قوله يد الله فوق أيديهم، هذه اليد أي يد، إذن هذه النعمة أو القدرة أو معنى آخر أو لا نعلم، لابد أن نرجع إلى قوله تعالى (ليس كمثله شيء) وهذه الآية وهي قوله تعالى (ليس كمثله شيء) لم يختلف أحد أنها من أحكم المحكمات القرآنية في باب التوحيد، لا يوجد خلاف في هذا، قال: (ومنه آيات اخر متشابهات تحتمل بعض المعاني لا يتعين المراد منها) هذه المتشابهات (إلا بضمها إلى المحكم) إذن لا يحق لأحد أن يأخذ المتشابه ويترك المحكم.
بحثنا الليلة منصب على هذا الأصل (فأصحاب القلوب المريضة الزائغة لسوء قصدهم يتبعون هذه الآيات المتشابهات وحدها ولا يرجعونها إلى محكماتها ليثيروا الشبهات عند الناس كيف يضلوهم …).
إذن هذا البيان الذي بينته مأخوذ من التفسير الرسمي الصادر من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.
هذه النكتة أبينها للمشاهد الكريم وخصوصاً لأهل العلم، هذه الآية متشابهة أو محكمة، لا يمكن أن تكون متشابهة، وإلا لو كانت متشابهة للزم أن يكون كل القرآن متشابه، إذن هذه الآية من الآيات المحكمة أيضاً، يعني التي قسمت القرآن إلى محكمات ومتشابهات هذه هل هي محكمة أو متشابهة، لو كانت متشابهة إذن إلى ماذا نرجع؟ لا نعمل، إذن هذه الآية هي الاصل الأولي وهي القاعدة الأساسية في فهم المعارف القرآنية ولذا هي من الآيات المحكمة، بل هي من أحكم المحكمات في القرآن الكريم.
ونفس هذا الكلام ورد في (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) تأليف الشيخ العلامة عبد الرحمن السعدي، مقدمة فضيلة الشيخ العقيل، وكذلك فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، اعتنى به سعد بن فوزان الصميع، دار ابن الجوزي، في ذيل هذه الآية المباركة في (ص25) يقول: (وأن هذا ال كتاب يحتوي على المحكم الواضح المعاني البيّن الذي لا يشتبه بغيره، ومنه آيات متشابهات تحتمل بعض المعاني ولا يتعين منها واحد من الاحتمالين بمجردها) يعني بقطعها عن محكمها (حتى تضم إلى المحكمة) يعني إذا كان في الآية احتمالان أو أكثر لابد بماذا نعين، الفيصل هو المحكم القرآني (فالذين في قلوبهم مرض وزيغ وانحراف لسوء قصدهم يتبعون المتشابه منه) أي من الكتاب (فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة) وبعد ذلك سيتضح بأن نهج ابن تيمية قائم على أي أساس، وهو أنه أساساً واقعاً أريد أن استبق الابحاث أنه قائم على أن يأخذ الآيات المتشابهة في القرآن ثم يقول نحن نعمل بظواهر القرآن الكريم، هو يبترها عن محكماتها ولا يثبت لها أن هذه الآية التي يستدل بها (يد الله فوق أيديهم) هل هي من المحكمات أو هي من المتشابه، يقول ومن خالفنا في ذلك فهو مؤول، فهو معطل، فهو محرف، لا يعمل بظاهر القرآن، انظروا إلى هذه المغالطة المنهجية التي يستعملها الشيخ ابن تيمية، طبعاً الكثير ممن جاء بعده أنا أتصور من الناحية العلمية لم يلتفتوا إلى النقطة المنهجية التي حاولوا أن يبتليهم بها الشيخ ابن تيمية، قال: (يتبعون المتشابه فيستدلون به على مقالاتهم الباطلة وآرائهم الزائفة طلباً للفتنة وتحريفاً لكتابه وتأويلاً له على مشاربهم ومذاهبهم ليضلوا ويُضلوا) يعني هم ضلال وكذلك يضلوا غيرهم.
إلى هنا اتضح لنا بأن القرآن فيه آيات محكمات هن أم الكتاب، واخر متشابهات. وأنه لا يجوز العمل بآية في القرآن من المتشابه إلا بإرجاعها إلى المحكم.
السؤال المطروح: الآيات التي، طبعاً الآيات والروايات الواردة عن النبي عن السنة النبوية، الآيات والروايات التي تكلمت عن الصفات الخبرية كالوجه واليدين والرجل، طبعاً بعضها آيات قرآنية وبعضها نصوص نبوية، والرجل والساق والأصابع والمجيء والذهاب والاستراحة والقرب والبعد والنزول والصعود والاستراحة والثقل والوزن والمكان والعلو والحيز والجهة والكرسي والعرش … وعشرات الصفات المعروفة من الضحك وغيرها.
السؤال: هل أن هذه الآيات التي تكلمت عن الصفات الخبرية وهذه الروايات النبوية التي تكلمت عن الصفات الخبرية، هل هي داخلة في المتشابهات حتى نرجعها إلى المحكمات، ولا يمكن فهمها إلا في ظل المحكمات أم أنها هي من المحكمات، تقول لي: سيدنا ما الثمرة. أقول: الثمرة واضحة إذا كانت هي المحكمات لا نرجعها إلى غيرها وإنما نعمل بظاهرها، أما إذا لم يثبت أنها من المحكمات لا يمكن العمل بظاهرها إلا بإرجاعها إلى المحكمات التي هي أم الكتاب. أنا سؤالي هنا تتصورون أن الشيخ ابن تيمية من أين بدأ منهجه في الأسماء والصفات، افترض من غير دليل ولم يقم، ولذا أنا هنا أسأل أولئك الذين يعرفون تراث الشيخ ابن تيمية فليدلوني على مورد واحد في كتبه استدل بآية مرتبطة بصفة خبرية استدل أنها من المحكمات يعني أثبت أنها من المحكمات ثم استدل بظاهرها، لا يوجد هذا. يسلم وكأنه مفروغ عنه أن كل ما ورد من الآيات والروايات في هذا الوجه كلها محكمات. ولهذا بطبيعة الحال هذه مغالطة منهجية جداً خطيرة، لأنه مباشرة يقول أنا أريد أن أعمل بظاهر القرآن، تقول له: هذه الآية لا يجوز العمل بظاهرها، يقول: أيها المؤولة أيها المعطلة، ثم تبدأ الاتهامات كما تخرج من بعضهم، لماذا؟ لأنه هو بحسب الظاهر يدعي أنه يعمل بالظاهر، مع أنه أنتم تعلمون أن القرآن كله له ظاهر محكمه ومتشابهه إذن الكل يريد أن يعمل بظواهر القرآن ولكن القرآن هو قال أن آياتي تنقسم إلى محكمة ومتشابهة، وأنه لا يجوز العمل بالمتشابه إلا بعد إرجاعه إلى المحكم، الشيخ ابن تيمية يحاول ويصر، أنه يبدأ البحث وكأن القضية مفروغ عنها أن هذه الآيات كلها من المحكمات، ولذا يقول نحملها على ظاهرها، ولذا أتباعه بشكل واضح وصريح صرحوا بهذه الحقيقة.
الآن أنا أقرأ من كلام بعض أتباعه.
في كتاب (صحيح الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد) بقلم الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء، عندما أريد أن استدل استدل بكبار العلماء، حتى يتضح للمشاهد الكريم أن هذا القول ليس من فلان خطيب أو فلان متكلم على فضائية، لا أبداً، أنا حديثي موجه إلى كبار علماء المملكة العربية، أنا حديثي موجه إلى كبار علماء الأزهر، حديثي موجه إلى كبار علماء السنة في العالم، لأن البحث بحث علمي دقيق منهجي، انظروا ماذا يقول؟ يقول: (ونصوص الصفات) ومراده من الصفات الصفات الخبرية والصفات المرتبطة بأفعال الله (ونصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه). صريح، إذن عندما يقول (يد الله فوق) يقول أي فوقية؟ هي الفوقية المكانية، (ألم يعلم بأن الله يرى) يقول هذه الرؤية كما أنا وأنت نرى. وهكذا. (بل يداه مبسوطتان) يقول له يدان حقيقة. ولذا هم اضطروا عندما وجدوا أن هذا سوف يؤدي بهم لا إلى التجسيم فقط بل إلى التشبيه أيضاً اضطروا للتمويه على الناس أن يقول جسم لا كالأجسام، وجه لا كالوجوه، هذا من باب ضيق الخناق، هذا من باب ضيق هذا المنهج الذي بدأوه، ولذا اضطروا عندما جاءوا إلى هذه الآيات قالوا من غير تمثيل ومن غير تكييف.
سؤالي للوهابية ولأتباع ابن تيمية: إذا كانت الآيات جميعاً من المحكمات فلماذا تضمون إليها من غير تمثيل، هذا إشارة إلى قوله (ليس كمثله شيء) إذن يريدوا إرجاعها إلى محكم، هذا يكشف أن الآيات كلها المرتبطة بالصفات الخبرية هي متشابهة أو محكمة؟ هذا تصريح ضمني، ولا يصرحون، وبعد ذلك سيتضح أن جمهور علماء المسلمين من أهل السنة قالوا أن كل النصوص، كل الآيات وكل الروايات التي تحدثت عن الصفات الخبرية وعن الصفات الفعلية هي في الأعم الأغلب من المتشابهات لا من المحكمات، وهذه هي نقطة الخلاف المركزية.
حتى تعرفون أن النقطة المنهجية في الخلاف مع ابن تيمية وأتباع ابن تيمية في أي نقطة، في هذه النقطة، وهي نصوص الصفات من المحكم لا من المتشابه، ما الدليل على أنها من المحكم؟ يقول: (يقرأها المسلمون ويتدارسونها ويفهمون معناها) أي معنى؟ هذا المعنى اللغوي في اللغة، ما هي اليد؟ يعني الجارحة، ما هي الرجل؟ يعني الجارحة، ما هي الأصابع؟ يعني الجوارح، ما هي العين؟ يعني الجارحة، ما هو الوجه؟ يعني الجارحة. ولهذا قلت لكم أنهم اضطروا لكم أن يقولوا لا كالأجسام لا كالوجوه لا كالأيدي حتى يتخلصوا من شبهة التشبيه.
قال: (ويفهمون معناها ولا ينكرون منها شيئاً) حديثك مع عموم الناس، عموم الناس ليسوا هم المرجع في هذه القضايا، لابد أن نرجع إلى العلماء ماذا يقولون.
قد تقول لي: سيدنا أنت اذكر لي من الوهابية ومن كبار علماء الوهابية المعاصرين. اذكر لي شاهداً من كلام الشيخ ابن تيمية؟
الجواب: هذا كتاب (الفتوى الحموية الكبرى، ص197) لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية، دراسة وتحقيق حمد بن عبد المحسن التويجري، مكتبة دار المنهاج ودار جودة للنشر والتوزيع، انظروا يتكلم على أن الله له فوقية مكانية، كيف أن هذا الكتاب فوق، لو جئنا إلى هذا الكتاب وهذا الكتاب نقول هذا فوق هذا، يعني هذا الكتاب فوق هذا الكتاب، هو ايضاً يريد أن يثبت أن الله سبحانه وتعالى فوق السموات جالس على عرشه وعلى كرسيه. (فهذا كتاب الله من أوله إلى آخره وسنة رسوله صلى الله عليه وآله من أولها إلى آخرها ثم عامة كلام الصحابة والتابعين ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه فوق كل شيء) إذن أعلى مكان الله جالس فيه، على القمة، لا يوجد فوقه شيء، أنا لا أعلم كما ذكرت وسيأتي بحثه في النزول عندما ينزل إلى بعض السموات يلزم أن يكون فوقه شيء، هذا بحثه سيأتي في النزول، هناك نتكلم معه.
قال: (وعلي على كل شيء) يقول في الحاشية في بعض النسخ (وعالٍ على كل شيء) أي علو؟ يقول: العلو المكاني، لأنه لا يقبل العلو المعنوي وإلا يقول هذا يلزم منه التأويل والتحريف، (وأنه فوق العرش وأنه فوق السماء) ثم يشير إلى مجموعة من الآيات، يقول: (إليه يصعد الكلام الطيب والعمل الصالح يرفعه) صعود وارتفاع (إني متوفيك ورافعك إلي) إذن هو في الأعلى (أأمنتم من في السماء) هنا قالوا أن المراد من (في) يعني (على) يعني على السماء (أن يخسف) إلى أن يقول: (بل رفعه الله إليه) وهكذا يقرأ العشرات.
سؤالي: يا شيخ ابن تيمية من قال لك أن هذه الآيات من المحكمات وليست من المتشابهات، ما الدليل، من حقنا أن نسأل، مع أن القرآن في سورة آل عمران قال: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات) لو وقع الاختلاف بيني وبينك يا بن تيمية أن هذه الآيات من المتشابهات أو من المحكمات، لو كان الله قد كتب على صدر كل آية هي محكمة أو متشابهة لارتفع النزاع ولكنه لا يوجد في القرآن آية كتب عليها محكمة وأخرى كتب عليها متشابهة، أنت تقول هذه محكمات، إذن من خالفنا فهو مؤول فهو معطل فهو مخالف، لا يا أخي العزيز، لا يا شيخ، لا يا عالم، واقعاً العلم لا يورد العلم بمثل هذه الطرق، هذا ليس منهجاً علمياً، ثم يأتي إلى الروايات، يقول: (مثل قصة معراج رسول الله إلى ربه ونزول الملائكة من عند الله وصعود الملائكة إليه وقوله في الملائكة الذين يتعاقبون فيكم بالليل والنهار فيعرج الذي باتوا فيكم إلى ربهم فيسألهم وهو أعلم بهم … والعرش فوق ذلك) يعني فوق السموات (والله فوق عرشه وهو يعلم ما أنتم عليه) ثم يقول: (إن الله لما خلق الخلق كتب في كتاب موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي، وقوله في الحديث الصحيح للجارية أين الله؟ قالت: في السماء. قال: من أنا. قالت: رسول الله. قال: اعتقها فإنها مؤمنة) إذن إذا أراد الإنسان أن يكون مؤمناً لابد أن يعتقد أن الله في السماء.
سؤال: يا شيخ ابن تيمية من قال لك أن هذه النصوص كلها نصوص محكمة، ثبت العرش كما يقال في المثال ثم انقش، ثبت أنها محكمة وبعد ذلك ابني وقل بأنه لابد من العمل بظواهر هذه الآيات والروايات والنصوص النبوية. ولكن كل علماء المسلمين بعد ذلك سيتضح للمشاهدين كل علماء المسلمين اتفقت كلمتهم أن هذه الآيات هي من المتشابهات، إذن من هنا واقعاً دعوتي لكل من يريد أن يكتب سواء كان كتاباً أو بحثاً أو مقالة أو يناقش او يحاور في علم الخلاف أو يدخل في المواقع أو يخرج على الفضائيات عندما يستدل أي أحد من أتباع الشيخ ابن تيمية بمثل هذه الآيات أول سؤال وجهوه له قولوا ثبت أن هذه الآية محكمة وعند ذلك رتب عليها أنه يجب العمل بظاهرها من غير الرجوع إلى غيرها.
لا يقول لنا قائل يعني أن المتشابهات لا نعمل بظاهرها. نعم، المتشابهات أيضاً لابد من العمل بظاهرها ولكن بعد إرجاعها إلى المحكمات، لأن هذا القرآن نزل بلسان عربي مبين (إنا جعلناه قرآناً عربياً) وكل القرآن عربي مبين، لا فقط آياته المحكمة بل آياته المتشابهة، ولكن لا يجوز الوقوف عند ظواهر الآيات المتشابهة إلا بعد إرجاعها إلى محكماتها.
المُقدَّم: يعني سماحة السيد إذا كنا لا نقف عندما يتعلق بالله تعالى إذن أين نقف ونتثبت ونرجع إلى المحكمات.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه هي أخطر قضية منهجية في خلافنا مع الشيخ ابن تيمية وأتباعه إن كانوا قد التفتوا إلى هذه الحقيقة ولذا نحن نعتقد أن هذه الفوقية، ولذا تجدون أنه عندما يثبت الفوقية.
هذا طبعاً في (ص197) بودي أن يراجعه الأعزاء لأنه طويل في (ص197- 215 من كتاب الفتوى الحموية الكبرى) يصل إلى هذه النتيجة يقول: (ثم ليس في كتاب الله) في (ص214) (ثم ليس في كتاب الله ولا في سنة الرسول ولا عن أحد من سلف الأمة لا من الصحابة والتابعين ولا عن أئمة الدين الذين حرف واحد يخالف ذلك لا نصاً ولا ظاهراً ولم يقل أحد منهم قط إن الله ليس في السماء) إذن الكل يقول انهم قالوا أن الله في السماء، يدعي الإجماع على أن الله في السماء وبعد ذلك سيتضح أنهم نعم، هل يمكن أن يوجد مسلم فضلاً عن عالم، عندما القرآن يقول هذه الحقيقة يخالف فيها، ولكن هذه متشابهة أم محكمة، يا شيخ؟
الفوقية ماذا تثبت، أنا لا أذهب بعيداً وشهد شاهد من أهلها.
هذا كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج13، ص439) للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني، قال: (ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود) تبين أن أصل نظرية التجسيم من اليهود، من يجسم في هذه الأمة يتضح أنه على مذهب من في هذه الأمة (ولو قال من ينسب إلى التجسيم من اليهود لا إله إلا الذي في السماء لم يكن مؤمناً) يا ابن حجر أيها الإمام أيها الحافظ هذا شيخ الإسلام ابن تيمية يقول أن الله في السماء، لماذا لا يكون مؤمناً؟ لماذا لا يكون مؤمناً؟ يقول: (إلا إن كان عامياً لا يفقه معنى التجسيم) عند ذلك يُعذر، واقعاً هذا التقسيم تقسيم الإمام ابن حجر العسقلاني، يقول بأنه من قال لا إله إلا الذي في السماء إن كان عالماً فلا يؤمن بهذا، وإن كان جاهلاً يقبل منه العذر، (إلا أن كان عامياً لا يفقه معنى التجسيم) لماذا؟ لأن قوله في السماء دال على التجسيم، هذا الذي قلت أن الشيخ ابن تيمية بعض الأحيان يصرح كما قرأنا من عباراته في عشر حلقات، وبعض الأحيان صحيح لا يصرح ولكنه يلتزم بلوازم حتى الإمام ابن حجر العسقلاني يقول أن هذه لوازم الجسمية، يقول: (إلا إن كان عامياً لا يفهم معنى التجسيم فيكتفى منه بذلك كما في قصة الجارية التي سألها النبي) هذه الرواية التي قرأناها، قالت أنت مؤمنة، قالت: نعم، فأين الله، قالت في السماء، فقال اعتقها فإنها مؤمنة، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم. ولكن الشيخ ابن تيمية يجعل هذا دليلاً على أن الله في السماء. والعجيب أن الشيخ الألباني عندما يقرأ هذه الرواية في كراس له اسمه (التوحيد أولاً يا دعاة الإسلام) ابن حجر يقول هذا المعنى لعوام الناس، يقول: (ويقرب هذا حديث الجارية وهي راعية غنم وهو مشهور معروف وإنما أذكر الشاهد منه حينما سألها رسول الله أين الله؟ قالت هل: في السماء، لو سألت اليوم كبار شيوخ الأزهر مثلاً أين الله، لقالوا لك في كل مكان بينما الجارية أجابت بأنه في السماء وأقرها النبي). الجواب: أنا أجيبك لماذا أن كبار علماء الأزهر لا يقبلون ذلك؟ لأن هؤلاء علماء وتلك الجارية عامية، ولكنه هذا هو منهجكم الذي أدى بكم إلى أن تقولوا أن هذه المرأة أعلم من كبار علماء شيوخ الأزهر، هذا هو المنهج الذي أدى بكم إلى هذا.
إذن أيها المشاهدون والمتابعون كلمة واحدة أقولها، أن المشكلة الأصلية التي توجد عندنا مع الشيخ ابن تيمية أنه يفترض أن كل هذه الآيات والنصوص النبوية التي تكلمت عن الصفات الخبرية يفترضها أنها محكمات، إذن لابد بحسب المنهج أن يلتزم بظاهرها بحاق ظاهرها، ولكنه وجد أنه عندما يلتزم بحاق ظاهرها قد يؤدي به إلى التجسيم والتشبيه فأضاف هذه الجملة بلا تكييف وبلا تشبيه وبلا تمثيل ونحو ذلك حتى يتخلص من هذه الشبهة.
المُقدَّم: إذا تم ما تفضلتم به قد يسأل المشاهد عن موقف أعلام أهل السنة من هذه الآيات التي ذكرتموها ومن الروايات التي تحدثت عن الصفات الخبرية هل اعتبروها محكمة أم عدوها من المتشابهة.
سماحة السيد كمال الحيدري: هنا سيتضح الفاصل بين الاتجاه والمدرسة العقدية التي أسس لها الشيخ ابن تيمية ويتبعه الوهابية الآن المعاصرين، شاءوا أم أبوا، إلا أن يكونوا قد بدلوا مبانيهم العقدية. من يتضح ونحن عندما نقول بأن الشيخ ابن تيمية ومن تابعه على فكره العقدي ليسوا من أهل السنة الآن واحدة من المفاصل، واحدة من تجليات ومظاهر هذا الفصل، لا أقول هذا جزافاً، البعض يتصور أن هذا تكتيك يستعمله السيد الحيدري حتى يفرق بين أهل السنة، لا والله، أنتم تجدون أنا عندما أقول أن منهج أهل السنة شيء ومنهج ابن تيمية وأتباعه شيء آخر، هذا ما صرح به الشيخ العثيمين قال مدرستان متضادتان متباينتان تماماً. وثانياً الشواهد العلمية والنتائج التي انتهينا إليها أو ينتهي إليها الباحث المحقق يجد بأنها كذلك.
الشيخ ابن تيمية وأتباعه قالوا بأن هذه الآيات التي تكلمت عن الصفات الخبرية هي من المحكمات إذن لابد من إمرارها على ظاهرها. وهذا مقتضى القاعدة إذا كانت من المحكمات ولكنه الآن سيتضح أن جمهور علماء أهل السنة يقولون أن هذه الآيات من المتشابهات. جمهور أهل السنة. تقول: ماذا يقول علماء مدرسة أهل البيت؟ اقول: سيأتي الجواب في حلقة مستقلة سأبين موقف أئمة أهل البيت وعلماء مدرسة أهل البيت من الصفات الخبرية التي وردت في القرآن وسيأتي بحث هذا لاحقاً.
الآن بشكل عام أولاً ابدأ من الإمام محمد أبو زهرة في كتابه (ابن تيمية حياته وعصره آراءه وفقهه، ص226) قال: (المتشابه والتأويل: إن الكلام في تأويل المتشابه له اتصال وثيق بالكلام في الصفات والوحدانية) اساساً مسألة المتشابه في القرآن إنما طرحت واحدة من أهم مواردها ومصاديقها هي الصفات الإلهية (فالكلام في أحدهما يلازمه الكلام في الآخر، والأساس في هذا الموضوع أن كلمة متشابه قد وردت في القرآن الكريم في مقابل آيات محكمات … وإن) هذا محل الشاهد (وإن جمهور المفسرين) لا جمهور المفسرين من علماء الشيعة، بل جمهور المفسرين المسلمين من أهل السنة بمختلف اتجاهاتهم أشاعرة وماتريدية ومعتزلة وصوفية وزيدية وأباظية وغيرهم، أما الإمامية فواضح كما سيأتي بحثه لاحقاً. (وأن جمهور المسلمين على أن الآيات المتشابهات في كتابه الكريم هي الآيات المتعلقة بالصفات والأفعال المضافة إليه سبحانه وتعالى) لأن بعضها من قبيل الصفات وبعضها من قبيل الأعضاء وبعضها من قبيل الأفعال، نزول وصعود واستراحة واستلقاء ووضع رجل على الأخرى وغير ذلك، هذه كلها من الأفعال (قول يد الله فوق أيديهم ومثل قوله الرحمن على العرش استوى وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) مقتضى الظاهر أن نعمل أن الله سبحانه وتعالى له روح من روحه أعطى جزءاً منه أعطاه لمريم، هل يلتزم أحد بهذا الظاهر (وقد قال عدد كبير …).
إذن إمام من أئمة الأزهر وأنتم تعلمون أن الشيخ أبو زهرة يعد من أعلام أهل السنة المعاصرين، أنا عندما أقول من العلماء ومن الكبار هذا ليس معناه أني أوافق على ما يقوله ولكن أريد ان استشهد بكلام أحد أعلام أهل السنة وأنا منهجي كما عرفتم وتعرفون وهذا برنامجي أني بيني وبين الله أقرأ ما هو موجود على الكتاب وأعطي اللقب والعنوان الذي أعطي لصاحب ذلك الكتاب.
هذه دعوى الإمام محمد أبو زهرة أن جمهور المسلمين يقول ذلك.
الآن تعالوا معنا هل هو مصيب في هذه الدعوى ام لا؟
الآن أنا أحاول أن أذكر جملة من كلمات من محدثين ومفسرين.
الأول: (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، ج3، ص37-38) للإمام القرطبي، وهو غير صاحب التفسير، يقول: (وكذلك قال في حديث آخر وكلتا يديه يمين نافياً لتوهم النقص والقصور وكذلك كل ما اطلق على الله تعالى) يعني الصفات الخبرية (مما يدل على الجوارح والأعضاء كالأعين والأيدي والجنب والإصبع وغير ذلك مما يلزم من ظاهره التجسيم) من أمرها على ظاهرها يقول الإمام القرطبي أنه مجسم، يا أخي هذا ليس إلزاماً وإنما هذه هي اللغة العربية وهذه هي قواعد، هذا هو المنطق، أنت تقول أنه جسم ولكن ليس له مكان وليس له حجم وليس له طول وليس له عرض، إذن ليس بجسم، تقول: ماء ولكن ليس بسائل ولا يرفع العطش ولا يطفأ النار، إذن هو ليس بماء. هذا اشتراك لفظي هذا ليس بماء أنت تريد أن تسميه مجازاً ماء، أنت عندما تقول أن الله له يد، نعم كل ما في الأمر تقول نعم يد ولكن ليست كهذه الايدي، نعم إذا صارت مثل هذه الأيدي يصير تشبيه، ولكن تؤمن بأن له جسم، يا أتباع الوهابية كونوا على ثقة ليس البحث أن تأتي وتكون شيعياً، وأقسم بالله لا أريد من أحد أن يكون شيعياً، وإنما أريد أن تتضح لكم الحقيقة أبنائي، هذه الحقيقة أريد أن تتضح لكم أنكم تعبدون أي إله وأي رب، هذا الإمام القرطبي يقول لو أمررنا هذه الآيات والروايات على ظاهرها للزم التجسيم.
يقول: (مما يدل على الجوارح والأعضاء كالأعين والأيدي والجنب والإصبع وغير ذلك مما يلزم من ظاهره التجسيم الذي تدل العقول بأوائلها على استحالته) تتذكرون أن الشيخ ابن تيمية حاول أن يقول لا الفطرة ولا العقل دال على نفي التجسيم، مع أنه خلاف ما يقوله علماء أهل السنة (فهي كلها متأولة في حقه) ما معنى متأولة؟ يعني لابد أن نرجعها إلى محكمها. لا أن معنى التأويل أنك تتلاعب بها كما تشاء على خلاف ظاهر القرآن والمحكمات القرآنية (متأولة في حقه لاستحالة حملها على ظواهرها) يعني بينكم وبين الله هذا ليس مسلماً الإمام القرطبي أليس مؤمناً بالقرآن وبظواهر القرآن، يقول: والله أنا مؤمن بالقرآن وبظواهر القرآن ولكن القرآن هو قال أن ظواهري يعني آياتي تنقسم إلى قسمين محكمة ومتشابهة، ولا يمكنني أن أعمل وأبقي الظاهر المتشابه إلا بعد إرجاعه إلى المحكم.
المورد الثاني: ما ذكره الإمام القرطبي في (المفهم، ج6، ص697) قال في ذيل هذه الآية: (قال رسول الله (إذا رأيتم الذي يتبعون ما تشابه منه) فأولئك الذين سماهم الله (فاحذروهم)) يعني الذين في قلوبهم زيغ، رسول الله قال احذروهم، أمر، رسول الله أمرنا، لا اقل أيها المشاهد الكريم التفت إلى الحقيقة يا من تتبع الشيخ ابن تيمية، لا أقل هذا السؤال لابد أن تطرحه على نفسك، أنه لعل أن الشيخ ابن تيمية ولو جهلاً ولو غفلة ولو اشتباهاً، لا اريد أن أقول جهلاً، أريد أن احترم مقامات الناس وخصوصاً العلماء، وهذا هو الأدب العلمي والنهج العلمي وهذه هي الأخلاق العلمية.
السؤال: لعل هذا الرجل غفل أو اشتبه فهو ليس معصوماً وأنتم تقولون أنه ليس معصوماً لعله هو التزم بالمتشابه وأنت تتبع من عمل فيكون خلاف سنة رسول الله، ولذا هذا الحديث يقول في ذيله: (رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة … أو طلباً لاعتقاد ظواهر المتشابه) هذا النهج الحنبلي، النهج الظاهري، لا أريد أن أقول النهج الحنبلي، يقولون نحن نريد أن نعمل بظواهر القرآن. يقول: (بعض طلب هذه المتشابهات للتشكيك في القرآن وإضلال للعوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة الطاعنون في القرآن، وبعض اعتمد المتشابه لأجل طلب الاعتقاد بظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة) المجسمة لا المشبهة (الذين جمعوا ما وقع في الكتاب والسنة مما يوهم ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن الباري تعالى جسم مجسم وصورة مصورة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وإصبع تعالى الله عن ذلك) وأنا بودي أن الأعزاء يرجعون إلى كتاب الفتوى الحموية، كلها واحدة واحدة ثبتها ويقول على ظاهرها. ثم يقول: (فأما من يتبع المتشابه لا على تلك الجهتين فإن كان ذلك على إبداء تأويلاتها … فذلك مختلف في جوازه بناء على الخلاف في جوازه … وقد عرف) هذا الذي يدعيه الشيخ ابن تيمية أن هذا رأيه هو رأي السلف ورأي إجماع الأمة ورأي علماء الإسلام (وقد عرف أن مذهب السلف ترك التعرض لتأويلاتها مع قطعهم باستحالة ظواهرها).
نحن أيضاً نضم صوتنا إلى أصواتكم نقول اتركوا التأويل ولكن لا تقولوا تحمل على ظواهرها، لا يقول لي قائل: أن السيد الحيدري الحمد لله الآن رفض مذهب التأويل الذي هو مذهب مدرسة أهل البيت، لا، اريد أن أتنزل لا نؤول ولكن لا نقبل الحمل على الظواهر لأن هذه من المتشابهات هذه الظواهر ولابد من إرجاعها إلى المحكمات، وهكذا أعزائي (الجامع لأحكام القرآن، ج5، ص22) للإمام القرطبي المفسر، مؤسسة الرسالة، يقول: (قال شيخنا أبو العباس رحمة الله عليه متبعوا المتشابه لا يخلو أي يتبعوه ويجمعوه طلباً للتشكيك أو طلباً لاعتقاد ظواهر المتشابه) يشير إلى استاذه وهو ما ذكرناه في المفهم ينقل نفس العبارة التي أشرنا إليه احتى لا نطيل على المشاهد الكريم.
ومن الأعلام الذين تكلموا عن ذلك هو ابن سعيد الطوفي في (شرح مختصر الروضة، ج2، 43) لابن سعيد الطوفي، المتوفى 716هـ قال: (وأما معنى المحكم فأجود ما قيل فيه أن المحكم المتضح المعنى كالنصوص والظواهر والمتشابه مقابله) أي مقابل المحكم (وهو غير المتضح المعنى فتشتبه بعض محتملاته ببعض للاشتراك … ) ثم يذكر مجموعة من المتشابهات إلى أن يقول (أو لظهور تشبيه في صفات الله تعالى). مثل ماذا أيها الشيخ ابن سعيد الطوفي؟ قال: (كآيات الصفات وأخبارها) لا الآيات فقط بل النصوص النبوية إضافة لها، (كآيات الصفات وإخبارها نحو ويبقى وجه ربك) نعمل بظاهرها؟ نعم، نعمل بظاهرها بشرط الإرجاع إلى المحكم، (هن أم الكتب). نعم، نعمل بالظاهر من قال لك نحن لا نريد العمل بالظاهر ولكن القرآن قال أن الآيات محكمات هن أم الكتاب واخر متشابهات.
قال: (ويبقى وجه ربك لما خلقت بيدي، بل يداه مبسوطتان، يد الله ملئى لا تغيظها النفقة، فيضع الجبار قدمه) هذه إشارة إلى الروايات هذا من قبيل اللف والنشر المرتب (فيظهر لهم في الصورة التي يعرفونها، وخلق الله آدم على صورة الرحمن، ونحو ذلك مما هو كثير في الكتاب والسنة لأن هذا اشتبه المراد منه على الناس) إذا اشتبه المراد فلابد من الرجوع إلى المحكم ولذلك قال قوم بظاهره، إذا قالوا بظاهره ماذا يلزم يا شيخ، يا عالم، قال: (فجسموا وشبهوا).
من قال أن هذه الظواهر لابد أن تبقى على ظواهرها فهو مجسم ومشبه، فلذلك قال قوم بظاهرها، إذن مجرد أن يقول لك أحد أن هذه آيات قرآنية لابد أن واقعاً هذه كلمة حق يراد بها باطل كما قال إمام التوحيد أمير المؤمنين عليه السلام.
نعم، نحن نريد أن نعمل بالظواهر ولكن الظواهر القرآنية هي منقسمة.
(فلذلك قال قوم بظاهره فجسموا وشبهوا وفر قوم من التشبيه فتأولوا وحرفوا) من التشبيه فروا (فعطلوا وتوسط قوم فسلموا وأمروه …).
إذن هذا مورد ثالث أيضاً.
من الموارد الأخرى ما ورد في (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج7، ص291) للإمام العلامة العيني المتوفى 855هـ ضبطه وصححه عبد الله محمود محمد عمر، دار الكتب العلمية، فيما يتعلق في أن الله ينزل أو يتنزل، يقول: (يتنزل من باب التفعل وهذا من باب المتشابهات) ابتداء، يقول لابد أن تلتفت عندما ينسب التنزل إلى الله لابد أن نرجعه إلى محكماته ليس كمثله شيء. (والأمر فيها قد علم) في المتشابهات ماذا نفعل (أما التفويض وإما التأويل بنزل ملك الرحمة ومن القائلين … فعلى هذا الاساس وأمثاله وليس في هذا الباب وأمثاله إلا التسليم والتفويض إلى ما أراد الله من ذلك) لماذا أيها الإمام العيني تقول لا يمكن العمل بظاهره؟ نعمل بظاهره. قال: (فإن الأخذ بظاهره يؤدي إلى التجسيم) لا يقول لي قائل: نمرها.
هنا أريد أن أقول للمشاهد الكريم أنا لم أتهم الشيخ ابن تيمية أنه يمرها على ظاهرها، هذا الإنسان هو محمد أبو زهرة عندما كتب عن ابن تيمية، جاء إلى هذه وبيّن نظريته، هذا كتاب الإمام أبو زهرة (ابن تيمية حياته وعصره، ص223) قال: (وننتهي من هذا إلى أن ابن تيمية يرى الألفاظ في اليد والنزول والقدم والوجه والاستواء على ظاهرها) أنا لا أدعي لنفسي… قد يقول قائل سيدنا من أين تقول أنه يمرها؟ نعم، كما قلت حتى لا يبتلي بالتشبيه ولكن بمعاني تليق بذاته الكريمة، ولذا نجد الإمام محمد أبو زهرة يقول: (وهنا نقف وقفة، أن هذه الألفاظ وضعت في اصل معناها لهذه المعاني) يعني هذه الجوارح (الحسية ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها) إذن نسأل ابن تيمية أن اليد تطلق على يدي الله حقيقة أم مجازاً؟ فإن قال حقيقة يعني يد إذن جسم، وإن قال مجازاً إذن ليس على ظاهره هذا الذي نقوله أنه لماذا؟ لأن قوله (ليس كمثله شيء) ينفي أن تكون على ظاهرها. لا يحق لك أن تقول أنها محمولة في معناها على حقيقتها وعلى ظاهرها، مشكلتنا المنهجية ونقطة الخلاف المنهجية مع ابن تيمية وأتباعه الوهابية هي هذه، وخصوصاً كلامي هذا موجه لأهل العلم والتحقيق فليحققوا فيما أقول، وأنتم تجدون بأن هذا ليس رأي علماء مدرسة أهل البيت، وإنما هو رأي جمهور علماء أهل السنة.
قال: (وننتهي من هذا إلى أن ابن تيمية يرى الألفاظ كاليد والنزول والقدم والوجه والاستواء على ظاهرها ولكن بمعانٍ تليق بذاته الكريمة كما نقلنا من قبل) قلنا على ظاهرها يعني تبقى على حقيقتها، كل لفظ له معناه الحقيقي في اللغة. يقول ذاك. لذا يقول: (ولا تطلق على وجه الحقيقة على سواها وإذا أطلقت اليد على غيرها سواء أكان معلوماً أم مجهولاً فأنها قد استعملت في غير معناها) فأنت ابن تيمية أما أن تقول بالمجازية والتأويل وإما أن تلتزم بالتجسيم، لا يوجد حل آخر. ولا تكون بحال من الأحوال مستعملة في ظواهرها بل تكون مؤولة إذا لم تحملها على حقيقتها، ولكن على ذلك يكون ابن تيمية قد فر من التأويل ليقع في تأويل آخر وفر من التفسير المجازي ليقع في تفسير مجازي آخر. والغريب أن الإمام محمد أبو زهرة عنده إشكال جداً قوي على الشيخ ابن تيمية، يقول: أنا لا أعلم لماذا عندما يأتي إلى الصفات الخبرية للحق سبحانه وتعالى يحملها على حقائقها ولكن يقول لا كالأجسام، ولكن عندما يأتي على أولئك الذين يذكرون ملاذ الجنة، يقول أساساً ليست مراد حقائقها وإنما هي استعمالات مجازية، يقول: (وفي الوقت الذي يغضب فيه الغضب الشديد ويستنكر ذلك الاستنكار الشديد في من يحمل هذه الالفاظ ويرجعها إلى محكماتها) في الصفات الخبرية (نراه يعتبر كل الأسماء الواردة في نعيم الجنة مجازية) شيء غريب، إذا كان لا يوجد مجاز في القرآن فلماذا ترجع هذه، ولكن في التوحيد صار مجسماً بامتياز.
المشاهد الكريم لابد أن يعرف أن عندي ستة مصادر أخرى أريد إخراجها للمشاهد الكريم.
المُقدَّم: معنا الأخ لؤي من فلسطين، تفضلوا.
الأخ لؤي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ لؤي: تحية طيبة لسماحة السيد الحيدري، سماحتكم بدأتم البرنامج بالسؤال لماذا وصلت مدرسة الوهابية أو مدرسة ابن تيمية إلى هكذا معارف، أنا برأي أن الابتعاد عن توجيهات أمير المؤمنين يعسوب الدين وأمير الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام بهذا المقدار يكون ابتعاداً عن التوحيد، لذلك بودي لو تعرضت لقول الرسول الأعظم لأمير المؤمنين (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) فبني إسرائيل تركت هارون عليه السلام وعبدت العجل، وهذه الأمة عندما ابتعدت عن أمير المؤمنين عبدوا شاباً أمرد وعبدوا أيدي وأقدام … التي لا تختلف عن عجل بني إسرائيل.
وكذلك حديث الثقلين فكل ما ينطبق على حديث المنزلة ينطبق على حديث الثقلين، فبمقدار الابتعاد والاقتراب عن عترة آل البيت يكون الاقتراب والابتعاد عن المعارف الإلهية.
المُقدَّم: معنا الأخ أو عبد الله من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو عبد الله: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو عبد الله: عندي ثلاث أسئلة: السؤال الأول: أنت باحث أكثر مني، تشبيه يد الله، إذا كان الله يمد يده بالرزق للعباد فكيف تصل اليد إلى جميع العباد ونحن مليارات، أود توضيح هذه النقطة.
النقطة الثانية: نزول الله ويسأل عباده هل من سائل، والله يستجيب، كيف يكون هذا النزول.
النقطة الثالثة: أنا بحثي صغير وأنت باحث كبير، التشبيه هذا أنا وجدته عند اليونايين يشبهون الآلهة أجسام وأجساد أنها أشاهدها في الأفلام التي تعرض عن الحضارة اليونانية أو الاغريقية فهل لها علاقة بالشيخ ابن تيمية.
المُقدَّم: الأخ أبو علي من العراق، تفضلوا.
الأخ أبو علي: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو علي: أقبل يديكم مولاي الكريم وأقبل جبينك الطاهر وأقبل عمامتك الطاهرة، سيدي لقد بشرهم الله كل الذين ذكرتهم في حلقة اليوم فقد بشرهم الله بالآية 84 من سورة البقرة، حيث قال الحق الجليل: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعلمون).
المُقدَّم: معنا الأخ أبو نبراس من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو نبراس: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو نبراس: سؤالي يتكون من شقين: الشق الأول: ما هي الخطورة الكامنة وراء اعتقاد الشيخ ابن تيمية وأتباعه لإثبات الجسمية لله سبحانه وتعالى؟ الشق الثاني: ما هي النتائج والآثار المترتبة على هذا الاعتقاد، هل رتب ابن تيمية آثاراً على إثبات الجسمية لله.
المُقدَّم: الأخت نادرة من هولندا، تفضلي.
الأخت نادرة: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخت نادرة: طبعاً أنا من خلال الاستماع إلى محاضرات الشيخ بدأت بالاستبصار قليلاً قليلاً، فأنا في يوم ما كنت مسافرة في الطائرة، نظرت إلى السماء فقلت إذا كانت السماء مخلوق فلم استطع أن احتويها بنظري فكيف يمكن أن نحتوي الله بنظرنا ونقول أنه شاب أمرد، فذكرت محاضرات الشيخ وبدأت استرجع كلماته فصار عندي خشوعاً قوياً كيف كنا نمثل الله بشاب أمرد، السماء مخلوق من مخلوقات ولا ندركه بأبصارنا.
المُقدَّم: معنا أبو بكر من فرنسا، تفضلوا.
الأخ أبو بكر: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ أبو بكر: كل من التقيت بهم ذكروا لي ملاحظتان: الملاحظة الأولى: هي أن الشيخ كمال يبتر النصوص لكي تكون النصوص …. والملاحظة الثانية: أن الشيخ كمال يقرأ نصاً في كتاب ما وينسب هذا النص لمؤلف الكتاب والحقيقة هنا أن مؤلف الكتاب أورد هذا النص في كتابه معترضاً ومنتقداً على من قال هذا النص وليس من تأليف صاحب الكتاب.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا على الطريقة لأني أريد أن أسأله بيني وبين الله نحن ننتظره في الأسبوع القادم أو في الليلة القادمة فليأتينا بمورد واحد جئنا بنص بترناه أو نسبانه إلى أحد ليس له.
أنا أتصور أن هذه هي الطريقة غير العلمية وهي أنهم يحاولون إطلاق الشبهة.
سماحة السيد كمال الحيدري: سؤال الأخ من فلسطين، قال بأن سبب هذا الانحراف، أخي العزيز ما أشرتم له هو نص حديث الثقلين لأن حديث الثقلين الذين وقفنا عليه في ثلاثين حلقة إلى الآن الحديث يقول (ما إن تمسكتما بهما لن تضلوا بعدي أبداً) يعني من تمسك بأحدهما وأقصى الآخر، طبعاً هذا الخطاب غير موجه إلى طرف دون طرف، حتى أولئك الذين هم يدعون أنهم من أتباع مدرسة أهل البيت أنهم يتمسكون بالعترة ويتركون الكتاب جانباً أيضاً حديث الثقلين يشملهم لأن نص الحديث النبوي المتواتر القطعي يقول: ما إن تمسكتم بهما، يعني القرآن والعترة أهل بيتي، لن تضلوا. أنتم تعلمون بأن نفي الضلالة متوقف على التمسك بهما، على الثقلين، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فمن تمسك بالكتاب نافياً ومقصياً العترة جانباً فقد ضل، لا اقل لا ينجو من الضلالة ومن تمسك بالعترة وترك الكتاب جانباً أيضاً فقد ضل. إذن هذا اعتقادنا أعزائي، ولذا إن شاء الله عندما نأتي لبيان نظرية أهل البيت في الصفات الخبرية سنبين ما هو الأصل الذي بينه أهل البيت لذلك، أما فيما يتعلق بسؤال الأخ أبي عبد الله، السؤال الثالث له نحاول بقدر ما يمكن أن نبتعد عن نوايا الناس ولا نقول بأن الرومان كانوا يقولون كذا واليهود كانوا يقولون كذا، لعل هذا رأي اجتهادي وأخطأ فيه ولا نتهمه لأن هذا ليس منهجنا أن نتهم أحداً في نواياه.
أما فيما يتعلق باليد والنزول، واقعاً سؤالان أساسيان هذا لابد أن يسأل أولئك الذين يعتقدون بأن لله يداً حقيقة وأن له نزول حقيقة، لماذا يحتاج إلى النزول وهو عالم من فوق عرشه بكل شيء وقادر على كل شيء فما الحاجة إلى النزول، وإذا نزل إلى مكان هل يبتعد عن مكان آخر، يعني هل يوجد عنده بعد وقرب مكاني، وكيف ينسجم ذلك مع قوله تعالى وإذا سألك عبادي في سورة البقرة الآية 186 (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) لو سأله مئة إنسان أو ألف إنسان أو مليون إنسان بل ثلاثة ملايين أو عشرة ملايين إنسان بعضهم في الشرق وبعضهم في الغرب وبعضهم في الشمال، يعني في نقاط الكرة الأرضية، بل في جميع المخلوقات الإلهية، الله إذا صار قريباً من واحد يكون بعيداً عن الآخر، إلا أن تقولوا أن المراد أنه قريب بعلمه وهذا تأويل، خلاف ظاهر الآية، ثم قال تعالى: (أين ما تولوا فثم وجه الله) فإذا وليت وجهي إلى المشرق وجه الله إذا كان هنا فمن ولى وجهه إلى المشرق لا يجد وجه الله، يلزم أن يكون لله عدد من الوجوه لكي نجد وجه الله أين ما نولي وجهنا.
إذن لا يمكن أن نحمل هذه الآيات على ظواهرها من غير إرجاعها، وإلا نعم نقبل ظواهرها ولكن بعد إرجاعها إلى محكماتها.
أما سؤال الأخ العزيز حيث قال ما هي النتائج المترتبة على هذه النظرية؟
من أخطر النتائج على هذه النظرية أن هؤلاء لما كانت هذه المسائل مرتبطة بالتوحيد فمن خالفهم في هذه النتائج لزم أن يكفروه، ومن هنا كفروا المسلمين، فمن لا يعتقد بعقائد ابن تيمية في الأسماء والصفات اضطروا إلى أن يقولوا أنه كافر وأنه ضال، وهذه من أخطر النتائج المترتبة، هذا فضلاً عن بطلان عبادتهم وأنهم يعبدون رباً ليس هو رب حقيقي لأن له وجه وغير ذلك. وغيرها من النتائج الخطيرة التي لعلنا نوفق لبيانها فيما بعد.
أما مداخلة الأخت العزيزة نادرة، هذه الأخت أنا أدعوها إلى الهداية وأدعو لها بالهداية والله سبحانه وتعالى أن يبين لها طريق الحق لتهتدي حتى لا تكون ممن أن تقول عندما توضع في القبر في أول ليلة من ليالي البرزخ تقول (ربي ارجعون لعلي أعمل صالحاً فيما تركت).
المُقدَّم: الأخ أبو علي قال يدخلون في قوله تعالى: (أفتؤمنون ببعض وتكفرون ببعض).
سماحة السيد كمال الحيدري: أشار إلى الآية 85 من سورة البقرة، وهو أنه من عمل ببعض الآيات وأبقاها على ظاهرها ولم يرجعها إلى المحكمات لعله يكون من مصاديق هذه الآية المباركة.
إن شاء الله تعالى إذن إلى هنا اتضح للأعزاء بأن نقطة الخلاف المحورية والمنهجية الأساسية هو أننا أن الشيخ ابن تيمية اشتباهاً، غفلة، سهواً، جهلاً، وقع في هذه وهو أنه تصور أن كل الظواهر والآيات القرآنية محكمة مع أن صريح القرآن يقول أن بعض الآيات القرآنية محكمة وبعضها متشابهة، وأنه لا يجوز العمل وقبول ظواهر المتشابهات إلا بإرجاعها إلى المحكمات.
المُقدَّم: وبهذا عطل أهم آية.
سماحة السيد كمال الحيدري: عملاً وفكرياً ضمن منهجه العقائدي ونظريته في العقائد وفي الأسماء والصفات وقع في هذه الغفلة.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، كما أشكركم جميعاً مشاهدينا الكرام، إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
- تاريخ النشر : 2011/10/23
- مرات التنزيل : 3977
-