نصوص ومقالات مختارة

  • موقف ابن تيمية من حديث خلق الله آدم على صورته ق(1)

  • المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وله عظيم الشكر والثناء على أن رزقنا معرفة محمد وآل محمد أحب خلقه إليه أ والهداة إليه تبارك وتعالى، صلوات الله عليهم أجمعين، السلام عليكم مشاهدينا الأكارم أهلاً بكم ومرحباً في حلقة أخرى من برنامج مطارحات في العقيدة، موضوع هذه الحلقة أيها الأحبة هو عن (موقف ابن تيمية من حديث خلق الله آدم على صورته، القسم الأول) سيكون محور حديثسماحة آية الله السيد كمال الحيدري، فأهلاً بكم وأهلاً بسماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم دكتور.
    المُقدَّم: سماحة السيد أنتم خلال الحلقات السابقة طرحتم مجموعة من الأبحاث في التوحيد عموماً، هل يمكن أن تبينوا لنا وللمشاهدين الأكارم خلاصة لهذه ا لأبحاث بما تبين مسير هذا البحث الذي ستبدأون به بدأ من هذه الحلقة وكذلك الحلقات المقبلة.
     سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السمع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمدٍ وآله الطيبين الطاهرين.
    في المقدمة أولاً أقدم اعتذاري لجميع المشاهدين الأكارم أني انقطعت عنهم لمدة أسبوعين، وكذلك أكرر شكري الموصول لجميع الأعزاء الذين تواصلوا معنا إما من خلال الاتصال المباشر إما من خلال المواقع وإما من خلال التلفون أنه البرنامج يرجع إلى وضعه الطبيعي وندعو الله سبحانه وتعالى أن تتوفر الظروف والشروط اللازمة لإدامة مثل هذه الأبحاث، يتذكر المشاهد الكريم أننا في أسابيع طويلة بل ولأشهر متعددة من شهر رمضان الماضي بدأنا أبحاث التوحيد، وذكرنا بأن البحث في التوحيد له مراتب متعددة وله أقسام متعددة ولابد أن يبحث ضمن دوائر متعددة:
    المبحث الأول أو القسم الأول أو المرتبة الأولى هو البحث عن توحيد الذات وهذا الذي قلنا أنه موكول إلى دراسات أخرى لا نريد الوقوف عنده.
    المبحث الثاني وهو ما يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات.
    المبحث الثالث: ما يتعلق بتوحيد الربوبية.
    المبحث الرابع: وهو ما يتعلق بتوحيد الألوهية والعبادة.
    نحن كنا بحمد الله تعالى في الأشهر الماضية وقفنا عند توحيد الأسماء والصفات، قلنا فيما يتعلق بمسألة الصفات الإلهية توجد هناك اتجاهات ثلاثة أساسية طرحها كبار علماء المسلمين من مختلف الاتجاهات والمباني الفكرية والعقدية سواء كانوا على مستوى مدرسة أهل السنة والجماعة أو كانوا على مستوى مدرسة أهل البيت عليهم السلام. وأنا أشير إجمالاً إلى هذه الاتجاهات حتى يتضح موضع بحثنا أين وماذا نريد أن نبحث في هذه الحلقة والحلقات القادمة إن شاء الله تعالى.
    الاتجاه الأول: قلنا وهو الاتجاه التجسيمي في مسألة الصفات يعني عندما نأتي إلى الصفات الخبرية من قبيل اليد والرجل والعين والوجه والصورة … إلى غير ذلك، هؤلاء امنوا الاتجاه الاول قالوا أن الله سبحانه وتعالى جسم، ولكنه حتى يتخلصوا عن إشكالات الجسمية قالوا جسم لا كالأجسام، ولكن امنوا بأن الله سبحانه وتعالى جسم، وبذلك التزموا على هذا الأساس التزموا بكل لوازم الجسمية، قالوا أن الله سبحانه وتعالى له حجم وله حيز وله جهة وله مكان وله حركة وانتقال وله صعود ونزول وله جلوس وقعود وله استراحة وله ثقل عندما يجلس على العرش أو على الكرسي ونحو ذلك وهذه كلها لوازم الجسمية، وهذا ما بيناه بحمد الله تعالى في الأشهر الماضية وثبت للمشاهد الكريم أن الشيخ ابن تيمية ومن تبعه من أتباعه وهم أتباع محمد بن عبد الوهاب أو ما يسمون أنفسهم الوهابية أو بتعبير واضح وصريح المؤسسة الدينية في المملكة العربية السعودية هم الذين مشوا على هذا النهج وهو أن الله سبحانه وتعالى جسم، قد يقول قائل بأنه لم يصرحوا. نعم، قد لم يصرحوا بذلك ولكن التزموا بهذه الأمور ونفس الشيخ ابن تيمية صرح في مواضع متعددة وأنا لا أريد أن أطيل على المشاهد الكريم في هذا المجال ولكن أقرأ عبارة واحدة كما وردت في كتابه المعروف والأساسي في هذا المجال وهو كتاب (بيان تلبيس الجهمية، ج1، ص359) تحقيق يحيى بن محمد الهنيدي، قال: (ويقولون بل قامت القواطع العقلية على نقيض هذا المطلوب وأن الموجود القائم بنفسه لا يكون إلا جسماً وما لا يكون جسماً لا يكون إلا معدوماً). إذن الله إذا قلنا أنه ليس بجسم إذن موجود أو معدوم؟ أصلاً ليس له وجود، إذن إذا كان الله موجود فلابد أن يكون جسم، ولذا مباشرة قال: (وما لا يكون جسماً لا يكون إلا معدوماً ومن المعلوم أن هذا) يعني ما لا يكون جسماً لا يكون إلا معدوماً (ومن المعلوم أن هذا أقرب إلى الفطرة والعقول من الأول الذي ينفي الجسمية). أنا لا أتصور أن هناك عبارة أوضح من هذه العبارة لإثبات الجسمية، هذا هو الاتجاه الأول الذي أشرنا له في الأبحاث السابقة ووقفنا عنده تفصيلاً.
    الاتجاه الثاني وهو الاتجاه الذي امن بالإضافة إلى الجسمية امن بالتشبيه فهم مجسمة وهم مشبهة بالإضافة إلى التجسيم، يعني قالوا أن الله سبحانه وتعالى يشبهه، جسم، وكذلك يوجد شيء يشبهه لا مثله ولكن يشبهه في هذا المجال، ولذا نجد أن الشيخ ابن تيمية قال أنه ليس بالضرورة أن الإنسان إذا كان مجسماً فهو مشبه، فقد يكون مجسماً ولا يكون مشبهاً، وقد يكون مجسماً ومشبهاً في آن واحد، هذا المعنى أشرنا إليه في كتاب (درء تعارض العقل والنقل أو موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، ج2، ص405) دار الفضيلة، الرياض السعودية، الطبعة المؤلفة من أربعة مجلدات، والطبعات الأخرى يقع في (ج4، ص145 أو ج4، ص123) يقول: (وفي الجملة الكلام في التمثيل والتشبيه ونفيه عن الله مقام والكلام في التجسيم ونفيه مقام آخر) يعني ليس كل من نفى التشبيه فهو ليس بمجسم، قد ينفي التشبيه ولكنه هو يؤمن بالتجسيم وليس كل من قال بالتجسيم بالضرورة أنه يقول بالتشبيه، ولذا يقول: (فإن الأول) يعني نفي التشبيه (دل على نفيه الكتاب والسنة وإجماع السلف والأئمة واستفاض عنهم الإنكار على المشبهة) أما يأتي في (ص406) يقول: (وأما الكلام في الجسم والجوهر ونفيهما أو إثباتهما فبدعة ليس لها أصل) يعني ليس لنا أن ننفي الجسمية، كما أنه ليس لنا أن نثبت الجسمية وإن كان هو أثبت الجسمية هنا بشكل أو بآخر.
    إذن هناك انفصال بين التجسيم وبين التشبيه، إذن النظرية أو الاتجاه الثاني في هذا المجال الاتجاه الذي يعتقد أن الله بالإضافة إلى كونه جسم فهو قائل بالتشبيه أيضاً.
    النظرية الثالثة وهي النظرية التي نقلناها عن كبار علماء المسلمين ومنهم كبار علماء أهل البيت وكذلك الكتب الحديثية أن الله سبحانه وتعالى منزه عن التجسيم وعن التشبيه، لا هو جسم لا يشبهه شيء وهذا الذي قرأناه في (التوحيد، ص41 و ص43) للشيخ الصدوق، هناك الإمام سلام الله عليه بشكل واضح وصريح أشار إلى هذه الحقيقة، قال: (فكل ما في الخلق لا يوجد في خالقه) هذه قاعدة عامة (وكل ما يمكن فيه) أي في الخلق (يمتنع من صانعه) هذه القاعدة الأصلية، لماذا؟ لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء) وهذا هو الاتجاه العام الذي بنى عليه مدرسة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، ولذا في (ص43) من الكتاب يقول: (والواصفون لا يبلغون نعته حد الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة لها من شبهه وإبانة له من شبهها) هذه الرواية عن الإمام الرضا، وقد قرأنا رواية متعددة عن أمير المؤمنين وعن الإمام الرضا عليهما السلام.
    إذن إلى هنا اتضح بحمد الله تعالى في الأبحاث السابقة الاتجاهات الثلاثة.
    أما بحثنا في هذه الليلة، الآن أريد أن أربط البحث المتقدم بهذه الأبحاث، أما بحثنا لهذه الليلة بحثنا في هذه الليلة فيما سبق اتضح أن الشيخ ابن تيمية قائل بالتجسيم وقرأنا، السؤال المطروح علمياً هنا وهو أن الشيخ ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وأتباع محمد بن عبد الوهاب أيضاً قائلون بالتشبيه أم أنهم قائلون بالتجسيم، يعني هم المجسمة فقط أم من المجسمة والمشبهة.
    إذن بحث جديد سنبدأه إن شاء الله من هذه الحلقة وهو أن الشيخ ابن تيمية بالإضافة إلى قوله بالتجسيم فهل هو قائل بالتشبيه أو ليس قائلاً بالتشبيه، طبعاً عندما أقول الشيخ ابن تيمية مقصودي نهج ابن تيمية يعني أتباعه من الوهابية والمؤسسة الدينية المعروفة الآن وعمودها الفقري هي المدرسة الوهابية في المملكة العربية السعودية.
    المُقدَّم: موضوع حلقة الليلة هو موقف ابن تيمية من حديث خلق آدم على صورته، هل اصل الحديث أولاً لو سمحتم ببيان هذا الحديث هل توجد له نصوص صحيحة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع أن هذه القضية هذا الحديث وهو أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته، طبعاً ورد بألفاظ متعددة تختلف بعضها في الصدر وبعضها في العجز، وكذلك بعضها فيها تعابير متعددة بعضها على صورته بعضها على صورة الرحمان وبعضها على صورة نفسه وتعابير كثيرة، أنا الآن لا أريد أن أستعرض كل هذه الألفاظ، ولكن بنحو الإجمال أريد أن أقف عند هذا المقدار وهو هل أنه عندنا نص صحيح يدل على أن النبي قال إن الله خلق آدم على صورته، هذا المقطع أو لا يوجد، الجواب في جملة واحدة أقولها للمشاهد الكريم: نعم، هناك روايات وردت عن طرق المدرستين والفريقين سواء كانوا من أهل السنة والجماعة أو كانوا من علماء مدرسة أهل البيت نقلوا أحاديث فيها هذا النص (إن الله خلق آدم على صورته) أحاول أن استعرض بعض النصوص أو بعض الروايات التي تكلمت عن ذلك.
    طبعاً سوف أحاول أن لا أقرأ صدر الحديث وذيل الحديث، لأنه بعد ذلك عندما نريد أن نقف على مضمون الحديث وفقه الحديث وعلى دلالة الحديث وعلى تفسير الحديث سنقرأ ما قبل ذلك وما بعد ذلك.
    الرواية الأولى وردت في (صحيح ا لبخاري) هذه الطبعة أعزائي من أحدث الطبعات وأحسن وأدق الطبعات التي طبع بها صحيح البخاري، الأعزاء الذين يريدوا المتابعة يتابعوا هذه النسخة وهي (الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله وسننه وأيامه) للإمام الحافظ محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري، المتوفى سنة 256هـ، أشرف على تحقيقه شعيب الأرنؤوط، عادل مرشد، حقق هذا الجزء وخرج أحاديثه وعلق عليه محمد يوسف الحوراني، محمد أشرف الاتاسي، لأنا أول مرة ننقل من هذا الكتاب ولذا أنا أنقل المصدر كاملاً، الجزء الرابع، الرسالة العالمية، الطبعة الأولى سنة 1432هـ يعني هذا الكتاب لم يتجاوز عمره الشهرين أو ثلاثة أشهر، الإدارة العامة، دمشق. في هذا الكتاب (ج4، ص443) وبودي أن المشاهد الكريم يلتفت جيداً إلى ما أقول لأنه بعد ذلك لنا رجوع مرة أخرى، الكتاب يقول: كتاب الاستآذان، يعني ينقل الرواية ليس في باب التوحيد وإنما ينقل الرواية في باب الاستأذان، أما بعد ذلك سيتضح أن أتباع ابن تيمية وأتباع محمد عبد الوهاب يجعلونها من صفات الله، يعني يجعلوها في باب التوحيد مع أن البخاري لا يجعلها في باب التوحيد، إذن فهم منها مرتبطة بالصفات الإلهية أو لم يفهم، على أي الأحوال هذا بحثه سيأتي.
    الرواية هذه: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (خلق الله آدم على صورته) طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال له اذهب فسلم على أولئك النفر، الرواية تقول فكل من يدخل الجنة على صورة آدم، يعني لا أعلم على طول ستين ذراع … هذا سيأتي بحثه في فقه الحديث، فم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن، رقم الحديث 6227.
    هذا المورد الأول. إذن صحيح البخاري ينقل هذا المقطع خلق الله آدم على صورته.
    المقطع الثاني أعزائي: ما ورد في (صحيح مسلم، ج4، ص396) هذا الكتاب يعرفه المشاهد الكريم المتوفى 261هـ، دار الخير، الرواية تختلف هنا، في كتاب البر والصلة والآداب، أيضاً لا علاقة لها بكتاب التوحيد، التفتوا إلى هذه النكتة وهي أن كلا العلمين البخاري ومسلم لم يجعلوها في صفات الله سبحانه وتعالى، الرواية هذه: (عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وفي حديث ابن حاتم عن النبي قال: إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته) من الواضح بقرينة الوجه يعني على صورة وجهه سبحانه وتعالى. إذن هذه الرواية الواردة في كتاب البر والآداب، الأعزاء إذا أرادوا المراجعة باب النهي عن ضرب الوجه الحديث 2612.
    وكذلك ورد هذا الحديث الذي هو محل الكلام في باب (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير) أيضاً لا علاقة له ببحث التوحيد، الرواية: (قال: قال رسول الله: خلق الله آدم على صورته).
    أعزائي أريد أن استبق البحث قليلاً ولو لدقيقتين، التفتوا جيداً، في الحاشية المحقق الذي حقق الكتاب وهو الشيخ مسلم بن محمود عثمان السلفي الاثري، انظروا ماذا يقول في الحاشية، أنا لا أريد أن أعلق فقط أريد أن اقرأ وسيأتي التعليق إن شاء الله، يقول: (وأصل الجملة) وهي أن الله خلق آدم على صورته، يعني شبيه بصورته، يقول: (وأصل الجملة من الحديث جاء نصه في التوراة) إذن مضمون ما ينقله هنا أصله من التوراة، (وقال الله نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا) هذا في التوراة، المحقق ينقل العبارة (فيتسلطون على سمك البحر وعلى طير السماء وعلى البهائم وعلى كل الأرض وعلى جميع الدبابات التي تدب على الأرض فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه) هذه كلها عبارات التوراة (وفي هذا الموطن أحب أن أنوه أن بعض المنكرين لهذا الحديث قد يستندون إلى ما نسب إلى مالك ولكنه لا يصح) إذن هو يقبل بأن هذه الرواية تدل على التشبيه التي نقلت إلينا من التوراة من اليهود. هذا الآن نضعه في يد المشاهد الكريم إلى أن يأتي تحقيقه لاحقاً.
    من الموارد التي يمكن الإشارة إليها وهو ما ورد في (مسند الإمام أحمد، ج12، ص275) مؤسسة الرسالة، الرواية عن أبي هريرة عن النبي: (إذا ضرب أحدهم فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته) وفي الحاشية يقول بشكل واضح وصريح يقول بأن هذا الحديث إسناده صحيح على شرط الشيخين. ثم يذكر المصادر التي اشارت إلى هذا الحديث.
    ومن أولئك الذين، حتى أبين للمشاهد الكريم أن هذا القدر من الحديث تقريباً متفق عليها، أن الله خلق آدم على صورته.
    ما ورد في كتاب (المصنف، ج9، ص445) للحافظ الكبير أبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني تحقيق حبيب الرحمن الأعظمي، توزيع المكتب الإسلامي، الطبعة الثانية سنة 1403هـ، الرواية: (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه ولا يقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته) إذن في النص ماذا يوجد؟ يوجد أشبه، يعني وجه آدم يشبه وجه الله سبحانه وتعالى. (ولا يقولن قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته) في الحاشية يقول: (أخرجه البخاري في الأدب المفرد) وغير ذلك من المصادر التي هي كثيرة وكما أشرنا.
     ومن المصادر التي أخرجت الحديث كتاب (الشريعة، ج3، ص1147، الإيمان بأن الله عز وجل خلق آدم على صورته بلا كيف) للإمام الاجري المتوفى سنة 360هـ، الرواية: (إذا ضرب أحدكم فليتجنب الوجه فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته).
    هنا أهل العلم الذين يتابعون أهل التخصص إذا أرادوا تفصيل البحث، لأنه يقول للعلماء من هذا الحديث أربعة مواقف نجملها ويشير في ثلاثة أو أربعة صفحات، للمراجعة من الأبحاث الجيدة الموجودة في ذيل هذا الحديث.
    ومن الموارد أيضاً حتى انتهي من هذه، من الموارد ما ورد في كتاب (التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته على الاتفاق والتفرد، ج1، ص223) تأليف الإمام ابن مندة المتوفى سنة 395هـ حققه وعلق عليه وخرج أحاديث الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي الأستاذ المشارك في قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، مكتبة العلوم والحكم، الرواية متعددة، منها هذه الرواية، قال: (لا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته وهذا إسناد مشهور متصل صحيح …).
    وممن أخرج هذه الرواية أيضاً (صحيح ابن حبان، ج13، ص18) تحقيق الأرنؤوط، أيضاً الأعزاء إذا أرادوا المراجعة هناك يرجعون، أساساً ولم يذكر أحد من هؤلاء هذا المعنى فيما يتعلق بالصفات، ذكر الزجر عن قول المرئ لأخيه قبح الله وجهك، الرواية عن النبي: (ولا يقولن أحدكم قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله خلق آدم على صورته، قال إسناده حسن ونحو ذلك) وممن أيضاً أخرج ذلك ما ورد في (المنتخب من مسند عبد بن حميد، ج2، ص336) تحقيق وتعليق أبي عبد الله مصطفى بن العدوي، دار بلنسية، أيضاً نص هذا الحديث الذي حذف الصدر والذيل، (عن النبي خلق الله عز وجل آدم على صورته).
    وكذلك ممن نقل هذا الحديث ما ورد في (شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، ج2، ص470) للشيخ الإمام العالم اللكالكي، تحقيق الدكتور أحمد بن سعد بن حمدان الغامدي، يقول: (قال إذا قاتل أحدكم ….).
    طبعاً كما أشرت وعشرات المصادر الأخرى ولذا اكتفي بهذا القدر، فقط أشير للمشاهد الكريم أن هذا الحديث ورد من طرقنا أيضاً، يعني لم يرد من طرق القوم فقط، ومن الطرق التي ورد عنها هذا الحديث عندنا ما ورد في (التوحيد، ص147) للشيخ الصدوق، الحديث العاشر، قال: (سمع النبي … فقال مه لا تقول هذا فإن الله خلق آدم على صورته) وكذلك مورد أخير حتى انتهي من هذا البحث وهو ما ورد في كتاب (عيون أخبار الرضا، ج1، ص110، الحديث 12) للشيخ الصدوق المتوفى 381هـ، قال: (إن رسول الله مر برجلين يتسابان ثم يقول … فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته).
    إذن من حيث صدور الحديث واضح بأن الحديث له أصل في كلمات علماء المسلمين وهو إنسان يحصل له اطمئنان بصدور هذا النص من لسان رسول الله صلى الله عليه وآله.
    المُقدَّم: نشكر لكم مشاهدينا الأكارم طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج مطارحات في العقيدة موضوع هذه الحلقة موقف ابن تيمية من حديث خلق الله آدم على صورته، سماحة السيد كمال الحيدري بيّن إجمالاً أن هنالك نصوص صحيحة تدل على هذه العبارة خلق الله آدم على عبارته صدورها عن رسول الله صلى الله عليه وآله، يتابع سماحة السيد كمال الحيدري الحديث من خلال فقه الحديث، وأول الفقه وكل الإثارة ترتبط بالصورة، يعني خلق الله آدم على صورته هل يستفاد منها التشبيه أو لا يستفاد. فياحبذا باعتبار أن أصل الإشكالات كلها ترتبط بهذه الكلمة كلمة الصورة، الاستعمالات اللغوية للصورة ما المراد منها.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في المقدمة بودي أن يتضح للمشاهد الكريم أنه من الأصول المسلمة أنه نحن عندما نأتي إلى آية قرآنية أو نأتي إلى نص نبوي أول الأمر ينبغي علينا أن نراجع كلمات اللغويين في هذا المجال لنرى ما هي الاستعمالات التي استعملت فيها تلك المفردة، يعني عندما نسمع كلمة العرش أو كلمة الكرسي أو كلمة الصورة الآن في حديث رسول الله لابد من الرجوع إلى كلمات اللغويين لمعرفة ماذا يقول أهل اللغة في هذه المفردة وما هي الاستعمالات لهذه المفردة في كلمات اللغويين.
    أعزائي بشكل عام للصورة طبعاً الصورة لها استعمالات متعددة في كلمات المتكلمين وفي كلمات الفلاسفة وفي كلمات العرفاء، الآن أنا لا أريد أن أدخل لأنها لعله تحتاج إلى رسالة مستقلة في هذا المجال ولكن بالقدر المرتبط ببحثنا أنا بودي أن أشير إلى استعمالين لهذه المفردة:
    الاستعمال الأول الذي تستعمل به هذه المفردة هو أنه قد تطلق الصورة ويراد بها شكل الشيء، هيئة الشيء التي بها يتميز عن غيره. يعني إذا جئنا مثلاً إلى الكرسي وإلى السرير على سبيل المثال لوجدنا أن كرسي مصنوع من الخشب وأن السرير أيضاً مصنوع من الخشب وأن منضدة مصنوعة من الخشب، لو جئنا إلى هذه الأمور نجد بأنه أساساً هذه جميعاً المادة فيها واحدة يعني كلها مصنوعة من الخشب ولكن مع ذلك نجد أنا نسمي هذا كرسي ونسمي هذا سرير ونسمي هذا منضدة، لماذا، هذا الاختلاف في ماذا؟ الاختلاف، ليس الاختلاف في المادة، وإنما الاختلاف في الشكل والهيئة التي على أساسها قلنا هذا سرير وقلنا هذا كرسي ونحو ذلك من الأمور.
    إذن أعزائي هذه النقطة لابد أن يلتفت لها المشاهد الكريم بشكل واضح وصريح ودقيق وهو أنه الصورة قد تطلق ويراد من الصورة شكل الشيء، يراد من الصورة هيئة الشيء، يراد من الصورة ما يميز شكل هذا الشيء عن شكل آخر، يعني إذا أردنا أن نضرب أمثلة افترضوا نأتي إلى الإنسان ونأتي إلى الغنم وإلى البقر وإلى باقي الحيوانات من حيث الحياة كلها موجودات حية ولكن نقول هذا شكله يختلف، صورة هذا يختلف عن صورة هذا، ما معنى الصورة؟ ليس مرادنا من الصورة يعني صفات الشيء وإنما مرادنا من الصورة شكل هذا الموجود يختلف عن شكل هذا الموجود.
    طبعاً وهذا المعنى من الصورة يضعون يدهم على الوجه، ولذا يقولون أن الإنسان إذا قطع رأسه فلا صورة له، إذن يتضح من هذا أنه عندما يضعون أيديهم يضعون أيديهم على وجه الإنسان، يعني شكل الوجه تطلق الصورة ويراد به هذا.
    الاستعمال الثاني الذي يذكر في المقام وأنا بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليه بشكل واضح ودقيق، وهو أنه اساساً قد تطلق الصورة ويراد من الصورة صفة الشيء، صفات الشيء، يعني افترضوا عندما تسأل عن صورة المسألة لا تسأل عن شكل المسألة وإنما تسأل عن صفات هذا الشيء كأنه عالم، قادر، سميع، بصير، ونحو ذلك، إذن يوجد لهذه المفردة وهي الصورة استعمالان:
    الاستعمال الأول: هو شكل الشيء.
    الاستعمال الثاني: هو صفة الشيء.
    قد يقول قائل: سيدنا هل أن اللغويين استعملوا هذا. نقول الجواب: نعم، أشاروا إليه بشكل واضح وصريح. في المورد الأول وهو ما ورد في كتاب (النهاية في غريب الحديث والأثر، ص529، باب الصاد مع الواو) للإمام الجزري ابن الأثير، أشرف عليه وقدم له علي بن حسن الحلبي الأثري، دار ابن الجوزي، قال: (في أسماء الله تعالى المصور وهو الذي صور جميع الموجودات ورتبها فأعطى كل شيء منها صورة خاصة وهيئة منفردة) إذن أطلقت الصورة وأريد منها الهيئة شكل الشيء (وهيئة منفردة يتميز بها على اختلافها وكثرتها وفيه أتاني الليلة ربي في أحسن صورة) هذه في بعض النصوص أن النبي صلى الله عليه وآله قال أن ربي أتاني في هذه الليلة في أحسن صورة. (الصورة ترد في كلام العرب على ظاهرها) يعني وهو الشكل (وعلى ما معنى حقيقة الشيء وهيئته وعلى معنى صفته). إذن الصورة قد تستعمل ويراد بها هيئة الشيء، شكل الشيء وقد تستعمل ويراد بها صفة الشيء.
    الآن أنا أريد أولاً أن أشير إلى أنه قد تطلق الصورة ويراد الشكل الظاهري الذي يدرك بالعين المجردة والمحسوسة، يعني هذا الشكل شكلك الظاهري وشكل هذا الكرسي وهذه المنضدة، الذي يكون إدراكه بالعين الباصرة والمحسوسة، وقد تطلق الصورة ويراد بها الصفة المعنوية يعني المعاني التي لا تدرك إلا بالعقل وبالذهن ولا تدرك بالعين الباصرة، هذا هو المورد الأول أعزائي.
    ويؤكد هذا المعنى بشكل واضح وصريح ما ورد في كتاب (مصطلحات في كتاب العقائد، ص85) دراسة وتحليل، تأليف محمد بن إبراهيم الحمد، دار ابن خزيمة، الطبعة الأولى سنة 1427هـ في هذا الكتاب قال: (وقال الكفوي الصورة بالضم الشكل) وهذا هو المعنى الأول أو الاستعمال الأول (وتستعمل بمعنى النوع والصفة) التي هي أمر معنوي وليست أمراً محسوساً. (الصورة ما تنتقش به الأعيان وتميزها عن غيرها) كما نقول صورة الكرسي يتميز عن صورة السرير، يعني هذا الشكل الظاهري. والصورة وضع    الشيء بعد تركيبه أي هيئته وشكله وتناسب بعض أجزائه مع بعض آخر. هذا أيضاً ما يذكره مصطلحات في كتاب العقائد.
    ولعل أوضح من أشار الى هذا ما ورد في قسم الدراسة من كتاب (بيان تلبيس الجهمية) تعلمون أن هذا الكتاب يقع في عشرة مجلدات، الجلد الأول منه أو الجزء الأول منه مرتبط بالدراسة عن الكتاب لا أنه في أصل الكتاب وإنما مقدمة، ولذا قال تأليف فلان قسم الدراسة. في هذا الكتاب في (ص398) يشير الى هذا المعنى بشكل واضح ويقول: (الصورة بالضم الشكل، جمعها صور، وهي ما تنتقش به الأعيان … والحقيقة والصفة). إذن أيضاً تطلق ويراد بها حقيقة الشيء ويراد بها صورة الشيء، ثم يقول: (والصورة ضربان) من يقول؟ صاحب الدراسة (أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة كصورة الإنسان والفرس وغيره يدرك بالمعاينة والرؤية الحسية) هذا هو الاستعمال الأول وهو الاستعمال المشهور لمفردة الصورة.
    المعنى الثاني أو الاستعمال الثاني قال: (والثاني معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والرؤية والمعاني التي خص بها شيء بشيء) معاني، إذن هل يمكن إدراكها بالحواس الظاهرية أو لا يمكن؟ لا يمكن أن ترى بالعين المجردة. إذن أعزائي للصورة اصطلاحان، للصورة استعمالان، للصورة معنيان: المعنى الأول وهو أنه تطلق الصورة ويراد به شكل الشيء، وهذا ما يدرك بالعين الباصرة الحسية، المعنى الثاني أو الاستعمال الثاني تطلق ويراد بها أمور معنوية لا يمكن إدراكها بالحواس الظاهرة. ولذا بودي أن المشاهد الكريم واقعاً يلتفت في هذا المجال وهو أنه الشيخ ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية، ج6، ص464) تحقيق الدكتور عبد الرحمن عبد الكريم اليحيى، يقول: (وقال العلماء كابن عباس وعكرمة وأحمد وغيرهم الصورة هي الرأس) لماذا؟ لأنه هي التي تميز هذا الإنسان عن ذلك الإنسان، وإلا لو يوجد عندنا الآن شخصان من البشر هذا وهذا وقطعنا رأسيهما، هل يمكن التمييز بينهما؟ لا يمكن. متى يمكن التمييز؟ عندما يوجد له هذا الرأس وهذا الوجه.
    (الصورة هي الرأس فإذا قطع الرأس لم تبقى الصورة) لماذا؟ هذا معناه استعمال للصورة في المعنى المحسوس، يعني في المعنى الذي يرتبط بالشكل والهيئة والمقدار ونحو ذلك من …
    سؤال: هذه القضية من القضايا المهمة، إذن الى هنا اتضح أنه يوجد استعمالان للصورة:
    الاستعمال الأول: الشكل.
    والاستعمال الثاني: هو المعنى أو الصورة أو الحقيقة.
    المُقدَّم: الآن اتضح اختلاف …
    سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا، الآن لا أريد أن أدخل في فقه الحديث، سيأتي، نحن فقط نريد الآن نرى بأنه أساساً الصورة لها استعمالان أما هذا الحديث ما هو معناه.
    المُقدَّم: أردت أن أقول أن هناك استخدامان للصورة أي استخدام يؤخذ يولد اتجاه في فهم الحديث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، وهذا ما سيأتي في فقه الحديث.
    المقدم:الآن أريد أن أسأل هذا السؤال، على ضوء من الطبيعي أن الكلمة يختلف فيها فتتعدد الاتجاهات في فهم الحديث، فما هي الاتجاهات التي ذهب إليها علماء المسلمين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: بودي أن المشاهد الكريم نقف قليلاً عند الاتجاهات التي حاولت فهم هذا الحديث، طبعاً الكلمات مختلفة في كلمات علماء المسلمين من أتباع مدرسة أهل البيت أو من أهل السنة والجماعة، بعضهم يقول أن الأقوال أربعة وبعض يقول أن الأقوال ثلاثة وبعضه يقول قولان وبعضهم يقول أن التأويلات خمسة أو عشرة، وهذا كله لا يهمني، كل ما أريد أن أقول أشير الى أهم الاتجاهات الموجودة في فهم هذا الحديث بناء على ما تقدم من معنى الصورة واستعمالات الصورة.
    توجد اتجاهات ثلاثة، البحث بهذا المقدار فيه دقة وفيه عمق، واعتذر للمشاهد الكريم ولكني أحاول بقدر ما أمكن أن أوضح هذه المسألة، هذه مسألة مرتبطة بعقيدة المسلمين، تقول لي: لماذا مرتبطة؟ لأنه إذا ثبت أن الله سبحانه وتعالى له صورة وشكل إذن قابل للرؤية يوم القيامة، أو قابل للرؤية في هذه الدنيا، ولذا أنتم تجدون بشكل واضح وصريح.
    المُقدَّم: الرؤية البصرية.
    سماحة السيد كمال الحيدري: الرؤية البصرية بهذا العين، يعني كما بهذا العين أنت ترى هذا الكتاب وتراني وترى الأشياء وترى الشمس وترى القمر وترى الموجودات الجسمانية كذلك تستطيع بهذه العين إما في هذه الدنيا وإما في النوم وإما في القيامة في الحشر الأكبر ترى الله سبحانه وتعالى، وهذا ما صرح به هؤلاء القوم، يعني أنت عندما تأتي الى هؤلاء تجدهم بشكل واضح وصريح يصرحون ويقولون، جاء في كتاب (بيان تلبيس الجهمية، قسم الدراسة، ص399) انظروا ماذا يقول بعد أن يشير الى معناه، يقول: (والله سبحانه وتعالى أعظم موجود وأكبره وهو الغني عما سواه وهو القائم بنفسه والقائم على كل شيء بما يصلحه وهو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم فرؤيته جائزة عقلاً في الدنيا وسألها نبي الله موسى عليه السلام (ربي ارني) وهي واقعة للمؤمنين في الجنة ولهم) يعني للمؤمنين (ولغيرهم في الموقف على خلاف في ذلك بين أهل العلم). هذه من أهم نتائج هذه المسألة لذا أعزائي التفتوا أن المسألة ليست مسألة نظرية محضة وإنما مسألة عقدية وقع الخلاف فيها بين علماء المسلمين من اليوم الأول من صدر الإسلام أن الله سبحانه وتعالى هل يمكن أن يرى بهذه العين الحاسة البصرية المحسوسة المادية أو لا يمكن؟ وهذه من نتائج هذه المسألة وهي أن الله سبحانه وتعالى له صورة أو ليس له صورة.
    أما الاتجاهات، توجد اتجاهات ثلاثة أساسية في هذا المجال:
    الاتجاه الأول: وهو الاتجاه الذي يقوم على عنصرين وركنين أساسيين:
    العنصر الأول: يعتقد أن المراد من الصورة الشكل وليس المراد من الصورة الصفة والمعنى والحقيقة، لا أبداً. يقول: (إن الله خلق آدم على صورته) يعني على شكله، على الشكل، الشكل. إذا كان هذا الكتاب له شكل ويُرى إذن الله أيضاً يرى، هذا العنصر الأول. إذن العنصر الأول والركن الأول في هذا الاتجاه يفسر ويقول أن المراد من الصورة هو الشكل والهيئة لا المعنى والحقيقة التي لا تدرك بالعين وإنما تدرك بالعقل والقلب.
    أما العنصر الثاني وهو أن الضمير في قوله صلى الله عليه وآله (إن الله خلق آدم على صورته) يقول هذا الضمير صورته يعود على الله لا على آدم، هذا الاتجاه الأول.
    إذن الاتجاه الأول يقوم على أمرين وعنصرين وعلى ركنين: يقول معنى الصورة هو الشكل والضمير في قوله (صورته) يعني صورة الرحمن، يعني صورة الله، لا صورة آدم، على صورة الله. إذن هذا معناه أن الله سبحانه وتعالى له شكل ووجه وله صورة وشكل.
    الاتجاه الثاني: يقول بأنه نحن نختلف مع الاتجاه الأول في العنصر الأول وإن كنا نتفق معه في العنصر الثاني، يعني ماذا؟ يقول الصورة ليست الشكل، وإنما المراد من الصورة المعنى والحقيقة، الله خلق آدم على صورته يعني على صفاته، فكيف أن الله عالم فالإنسان أيضاً عالم، كيف أن الله قادر فالإنسان أيضاً قادر، كيف أن الله سبحانه وتعالى مريد ومختار وسميع وبصير … الخ. هذه كلها الصفات الإلهية لها آيات في وجود الإنسان باعتبار أن الإنسان أكبر آية لله سبحانه وتعالى ولذا القرآن الكريم قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين) عندما خلق الإنسان وصفه بماذا؟ وصف نفسه يريد أن يقول حيث كان أحسن الخالقين إذن (قل كل يعمل على شاكلته) إذن هذا المخلوق هو أحسن المخلوقين، مع أنه يريد أن يمدح الإنسان ولكنه مدح خالق الإنسان قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين) يعني هذا المخلوق هو أحسن المخلوقين، لماذا؟لأنه فيه من آيات ومن صفات الحق سبحانه وتعالى، ولا نقول لا بالحلول ولا بالتركيب ولا بالترشح ولا بالفيض، أبداً أبداً، وإنما نقول هذه آية ذلك الوجود. إذن الاتجاه الثاني يوافق الاتجاه الأول في العنصر الثاني يعني يقول الضمير يعود على الله ولكنه ليس المراد من الصورة يعني الشكل وإنما المراد من الصورة يعني الصفة والمعنى والحقيقة.
    إذن ما معنى الحديث أن الله خلق آدم على صورته؟ معناه أن الله خلق آدم على صفاته. هذا نموذج.
    الاتجاه الثالث: يقول: لا. نحن نتفق مع الاتجاه الأول في العنصر الأول ونختلف معه في العنصر الثاني، بخلاف الاتجاه الثاني كان يتفق معه في العنصر الأول ويختلف معه في الثاني.
    في الاتجاه الثاني قال بأن الصورة اختلف مع الأول قال الصورة تختلف، في الاتجاه الثالث يقول لا، الصورة لا تختلف، يعني الشكل، ولكن مرجع الضمير ليس هو الله وإنما مرجع الضمير هو آدم الإنسان، إن الله خلق آدم على صورته، يعني على صورة آدم، لا على صورة الله سبحانه وتعالى.
    السؤال الأساسي الذي يطرح هنا: ما هو الفارق الأساسي بين هذه الاتجاهات؟ الآن لا أريد أن أدخل في التفاصيل، ولكن أشير لدقيقتين لا أكثر، أعزائي التفتوا الى هذه النكتة، بناء على الاتجاه الأول يلزم أن يكون لله سبحانه وتعالى صورة وشكل، الجسم موجود لا إشكال، ولكن يلزم التشبيه، يعني آدم خلق صورته على شبه صورة الله سبحانه وتعالى، فنقع في مشكلة التشبيه، التجسيم انتهينا منه في الأبحاث السابقة، نقع في مشكلة التشبيه أعزائي.
    إذن إذا بنينا على الاتجاه الأول بعبارة واضحة كل من التزم الاتجاه الأول من هذه الاتجاهات الثلاثة فإنه ملزم أن يقول بالتشبيه بين آدم وبين صورة الرحمن وبين صورة الله سبحانه وتعالى. ومن الواضح أن التشبيه لا يعقل بلا تجسيم، هو قائل بالتجسيم فمن يقول بهذا الحديث بالاتجاه الأول يكون مجسماً أيضاً. إذن أعزائي التفتوا الى هذه النقطة بشكل واضح وصريح حتى تتضح الصورة بشكل واضح أكثر، ولا يبقى فيها أي إشكال، انظروا الى هذا الحديث، هذا الحديث في (إثبات الحد لله عز وجل وبأنه قاعد وجالس على عرشه، ص167) للدشتي، الرواية هذه، (إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه، ولا يقل قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله عز وجل خلق آدم على صورته) يعني على شكل صورته. التعليل واضح، والمحقق يقول: (حديث صحيح، وقد رواه المؤلف هاهنا من طريق ابن مندة في التوحيد من طريق فلان …). وسأبين هذا الحديث بعد ذلك.
    إذن، الى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح ما هو؟ أنه توجد اتجاهات ثلاثة في فهم هذا النص:
    الاتجاه الأول: من التزم به لابد أن يلتزم أن يكون مشبهاً، يعني يقبل أن وجه الإنسان يشبه وجه الله أو يشبه صورة الله يعني شكل الله لأنه فسر الصورة بمعنى الشكل.
    المُقدَّم:  بقي لدينا سؤال أساسي فيما يرتبط بهذا الموضوع، قضية اتجاه ابن تيمية يعني اتجاه ابن تيمية يقول بأي من هذه الاتجاهات الثلاثة؟
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أتصور أن عنوان بحثنا في هذه الليلة هو هذا السؤال.
    في الواقع أنه لا أريد أن أعلق ولا أن احكم على الرجل أنه يقبل الاتجاه الأول أو يقبل الاتجاه الثاني أو الثالث، لأنه اتضح لنا أنه من يقبل الاتجاه الأول فسوف يكون من المشبهة، الشيخ ابن تيمية ماذا يقول؟ واقعاً من هذه الليلة إن شاء الله وفي الحلقات القادمة والليالي القادمة باذن الله سوف نقرأ عبارات كثيرة لا عبارة واحدة من ابن تيمية وأتباع ابن تيمية ابن كثير وخصوصاً المدرسة الوهابية المعاصرة لنا، يعني أتباع ابن تيمية يعني أتباع محمد بن عبد الوهاب، لنرى أنهم يقبلون الاتجاه الأول أو يرفضون الاتجاه الأول ويذهبون الى الاتجاه الثاني أو الثالث أو غير ذلك، وبعد ذلك سيتضح مصير مدرسة واتجاه ابن تيمية ومبنى ابن تيمية وأتباع ابن تيمية.
    المُقدَّم: مشكلة التشبيه فقط في الاتجاه الأول.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الاتجاه الأول، لأنه في الاتجاه الثاني قال الصورة صفة، فانتهت القضية ليس فيها تشبيه، وفي الاتجاه الثالث قال الضمير لا يعود الى الله بل الى آدم. إذن المشكلة في الاتجاه الأول فقط، وهي نقطة أساسية وهو أن المشكلة من فسر هذا الحديث وما يشبه هذا الحديث وما يناظر هذا الحديث بالاتجاه الأول. أما من يفسره بالاتجاه الثاني أو الثالث عند ذلك فهو لا يقع في مشكلة التشبيه.
    الآن تعالوا معنا الى الشيخ ابن تيمية مرة أخرى لنقف معه بشكل تفصيلي في هذا المجال.
    الشيخ ابن تيمية أعزائي في كتابه المعروف وهو كتاب (بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية، ج6، ص445) بعد أن ينقل الحديث، أي حديث؟ حديث (خلق الله آدم على صورة الرحمن) هذا نص آخر، قلنا فيه ألفاظ متعددة بعضها خلق الله آدم على صورته، وبعضها خلق الله آدم على صورة الرحمن.
    ماذا يقول؟ نريد أن نشير الى العنصرين، ماذا قلنا نحن؟ قلنا أن الاتجاه الأول يتقوم بعنصرين وركنين: الأول أن الضمير يعود على الله. الثاني أن المراد من الصورة يعني الشكل. لنرى أنه يوجد في كلامه أو لا يوجد.
    يقول: (فاتفاق السلف على رواية هذا الخبر) مراده من هذا الخبر (خلق الله آدم على صورة الرحمن) (ونحوه دليل على أن علماء الأمة لم تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن) التفتوا اتفاق السلف دليل على أن الأمة لم تنكر أن الله خلق آدم على صورة الرحمن، إذن على صورته الضمير على من يعود؟ يعود على الله لا أنه يعود على آدم. هذا هو الركن الثاني الذي أشرنا إليه.
    يقول: (دليل على أن علماء الأمة لم تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن، بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا) ينسب الى علماء المسلمين على طريقته والمشاهد الكريم يتذكر في أبحاث سابقة كلما أعوزه الدليل قال أجمع السلف أجمع المتقدمون والمتأخرون بلا أي مستند لهذا.
    قال: فإن قلت: أن هذا الحديث ضعيف. يقول: هذا الحديث لا أقل إن لم يكن صحيحاً فلا أقل هو حسن.
    يقول: (ولهذا يجعل الترمذي وغيره الحديث الحسن ما روي من وجهين ولم يكن في طريقه متهماً بالكذب ولا كان مخالفاً للأخبار المشهورة وأدنى أحوال هذا اللفظ أن يكون بهذه المنزلة) أدناه أن يكون الحديث حسن، وإن كانوا هم يعتقدون أن هذا الحديث لا فقط أنه حسن بل هو حديث صحيح، وفي موارد متعددة أنا بودي إذا المشاهد أراد أن يرجع الى هذا المعنى انظروا الى (ص367) من الكتاب، قال: (لا تقبحوا الوجه فأن الله خلق آدم على صورة الرحمن) إذن المراد من الصورة الوجه، وهذا هو العنصر الثاني. يقول: (لا تقبحوا الوجه) الوجه ما هو؟ الصورة بالمعنى الأول أو الصورة بالمعنى الثاني؟ الصورة بالمعنى الأول يعني الشكل. يقول: (لا تقبحوا الوجه فأن الله خلق آدم على صورة الرحمن) يعني على شكله وعلى صورته، وعلى هيئته. وفي الحاشية يقول: (صح أن الله خلق آدم على صورة الرحمن وقال: سمعت أحمد يقول هو حديث صحيح، ويرى المؤلف أن أدنى أحوال هذا اللفظ حسن) يعني هذا اللفظ ماذا؟ عنوانه الحسن.
    إذن على هذا الأساس الحديث حسن وأيضاً قد ثبت عن الصحابة …
    أن هذا المعنى كلا العنصرين، أي عنصر؟ عنصر أن المراد من الصورة الشكل، والعنصر الثاني أن الضمير يعود على الله سبحانه وتعالى. هذا المعنى بشكل واضح وصريح ورد في كتاب (أحاديث العقيدة، المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعاً ودراسة) تأليف الدكتور سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الثانية سنة 1431هـ يقول: (ومما لا ريب فيه أن الصورة ثابتة لله تعالى على ما يليق بجلاله وعظمته وأن الضمير في قوله على صورته عائد الى الله تعالى وإضافة الصورة إليه) الى الحق تعالى (من باب إضافة الصفة الى الموصوف) صورته يعني صورة نفسه. فإن قلت: من قال أن المراد من الصورة يعني الشكل، لعله مراده المعنى؟ قال: (ولا فرق بين إثبات هذه الصفة الصورة) يعبر الصفة، يعني الصفة الخبرية (لله تعالى وبين إثبات باقي الصفات من قبيل اليدين والوجه والعين).
    المُقدَّم: يعني واضح يريد الشكل المادي.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لأن اليدين والوجه والعين ليست أمور معنوية، لم يقل كالعلم والقدرة والسمع والبصر وإنما أشار كاليدين والوجه والعين وغيره.
    إذن يشير الى العنصرين الضمير يعود على الله وأن المراد من الصورة الشكل، يقول: (وهذا هو الذي اختاره الشيخ ابن تيمية) هذا ليس فهمنا بل فهم أتباعه من الوهابية، (قال شيخ الإسلام بن تيمية هذا الحديث لم يكن بين السلف من القرون الثلاثة نزاع في أن الضمير عائد على الله، فأنه مستفيض من طرق متعددة عن عدد من الصحابة وسياق الأحاديث كلها يدل على ذلك) يعني أن الضمير يعود على الله ولكن لما انتشرت الجهمية، مباشرة من يخالف بن تيمية يكون جهمياً، يعني من يقول بالاتجاه الثاني أو بالاتجاه الثالث يكون جهمياً ومعطلاً ويكون خارجاً عن الدين وغيره. (ولكن لما انتشرت الجهمية في المئة الثالثة جعلت طائفة الضمير فيه عائد على غير الله) هل اتضح للمشاهد الكريم هذا المعنى بشكل واضح وصريح، وهنا أيضاً أؤكد هذه القضية كما ورد في كتاب (تأويل مختلف الحديث) هذه عبارة الشيخ الدبيخي إشارة الى عبارة الإمام ابن قتيبة المتوفى 276هـ في كتابه (تأويل مختلف الحديث).
    المُقدَّم: إجمالاً ابن تيمية يذهب الى الاتجاه الأول.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا أول الغيث، وهناك شواهد كثيرة في كلماته وكلمات أتباعه ستأتي، اليوم فقط افتتحنا هذا البحث وهو أننا قرأنا من عبارات الشيخ ابن تيمية ما يؤيد أو يثبت أنه يختار الاتجاه الأول وهو أن المراد من الصورة الشكل وأن الضمير في صورته يعود على الله تعالى.
    المُقدَّم: معنا الأخ عبد الجليل من العراق، سلام عليكم.
    الأخ عبد الجليل: السلام عليكم ورحمة الله. عندي مداخلة فيما يخص الحديث الذي ذكره سماحة السيد …
    المُقدَّم: معنا الأخ ثائر من العراق، تفضلوا.
    الأخ ثائر: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
    الأخ ثائر: هناك روايتان حول مسألة الشاب الأمرد ولكن …
    سماحة السيد كمال الحيدري: بحثنا ليس في مسألة الشاب الأمرد، الآن بحثنا ليس هذا، وسيأتي بحث الشاب الأمرد في الأبحاث اللاحقة، الآن أصل أن الله خلق آدم على صورته، ما هو معنى الحديث، بغض النظر عن كونه شاب أمرد أو ليس كذلك.
    المُقدَّم: فيما يرتبط بهذه القضية التي أشرتم إليها وهي قضية يأتي ربي في أحسن هيئة أيضاً ستأتي لاحقاً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه المباحث كلها ستأتي، الروايات الواردة أن رسول الله صلى الله عليه وآله رآه في أحسن هيئة وفي أحسن صورة، ما هو تفسير هذه الروايات كله سيأتي. نحن الآن في أصل هذا الموضوع وهو أنه نفسر وبعد ذلك نأتي الى التفاسير باذن الله تبارك وتعالى.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو حسين من السعودية، تفضلوا.
    الأخ أبو حسين: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو حسين: سيدنا بخصوص أسماء الله الحسنى هو الأول والآخر والظاهر والباطن، فتفسيرها أن الأول ليس قبله شيء والآخر ليس بعده شيء …
    المُقدَّم: الأخ أبو حسين هل هذا مرتبط ببحث خلق الله آدم على صورته أم ببحث آخر.
    الأخ أبو حسين: نعم، فإذا جئنا مثلاً الى (خلق الله آدم على صورته) لو غيرنا صورته وجعلناها صورتها، يعني (الهاء) تعود الى من، تعود الله سبحانه وتعالى.
    المُقدَّم: بين سماحة السيد هناك ثلاث اتجاهات، اتجاه يقول …
    سماحة السيد كمال الحيدري: الأول والثاني كان يقول بأنه يعود على الله والثالث يقول بأنه يعود على آدم.
    المُقدَّم: معنا الأخ حسن من العراق، تفضلوا.
    الأخ حسن: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ حسن: هل الآدميون قبل آدمنا على نفس صورة آدمنا.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا لم يثبت بأنه يوجد هناك … نعم توجد عندنا بعض الروايات، ونحن نتكلم في تلك الروايات التي اتفق عليها علماء المسلمين، أما يوجد آدم قبل آدمكم هذا أو ألف آدم قبل آدمكم تلك أبحاث لها محلها المناسب، الآن نتكلم عن آدم أبو البشر، وما قبل ذلك هل هو ثابت أو ليس بثابت له بحث آخر لا علاقة له بمحل بحثنا، نحن الآن نتكلم أن آدم أبو البشر الذي نحن نسله والروايات تثبت هذه الحقيقة أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورته ما هو المراد من هذا النص المبارك الصادر عن النبي صلى الله عليه وآله.
    المُقدَّم: الأخ فارس من العراق، تفضلوا.
    الأخ فارس: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ فارس: في الواقع أطلب توضيح الاتجاه الثاني والاتجاه الثالث فيما يدل عليه هذا المعنى. يعني نحن الاتجاه الأول فهمنا أن ابن تيمية يقصد به هذا المعنى. الاتجاه الثاني والاتجاه الثالث لم نفهمها نرجو التوضيح.
    المُقدَّم: معنا الأخ علي من السعودية، تفضلوا.
    الأخ علي: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ علي: أردنا أن نتكلم حول موضوع الصورة التي خلق الله سبحانه وتعالى آدم على ….
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو محمد من السعودية، تفضلوا.
    الأخ أبو محمد: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو محمد: الضمير يعود على آدم أم على الشاب الشخص الذي يتكلم مع النبي.
    سماحة السيد كمال الحيدري: بحثه سيأتي، قلنا للأعزاء أن هناك نصوص متعددة مختلفة بألفاظ متعددة، لذا الأعزاء لا يستعجلون، قلنا أن هذا هو القسم الأول وهو مدخل الحديث وأننا لم نقف على كل تفاصيل هذه الروايات.
    أعزائي بنحو الإجمال أن هذا الحديث وهذا النص صدر من النبي صلى الله عليه وآله أما أن تفسيره هو الاتجاه الاول أو الاتجاه الثاني أو الاتجاه الثالث؟ لماذا اختلف المفسرون، لماذا اختلف علماء المسلمين؟ اختلفوا بسبب أنه في صدر الحديث هناك قرينة وفي ذلك الحديث توجد قرينة، واختلاف النصوص، لا تستعجلوا الأبحاث، كلها سنقف عندها تفصيلاً، لأننا قلنا أن هذه قضية عقدية يترتب عليها ثمرة اساسية وهي أن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يُرى في الدنيا أو لا يمكن، يمكن أن يُرى في النوم أو لا يمكن، يمكن أن يرى في الحشر أو لا يمكن، يمكن أن يرى في الجنة للمؤمنين أو لا يمكن، وهذه مسألة طويلة عريضة وقديمة بتأريخ الإسلام، إذن لا يمكن تجاوزها، بعبارة أخرى لا يمكن أن نستعمل فيها قانون الطفرة، أي نتجاوز المراحل ونحرق المراحل.
    أما فيما يتعلق بالأخ الذي قال بأنه اساساً لم يتضح لك الاتجاه الثاني والاتجاه الثالث. الآن أنا فقط أشرت الى هذه الاتجاه الثلاثة، أما حقيقتها وأدلتها وبأي شيء يستندون ومحتواها هذا بحثه سيأتي إن شاء الله تعالى في الأبحاث اللاحقة، ولكن بنحو الإجمال أقول: أن الاتجاه الثاني يعتقد أن الله خلق آدم على معانيه، ما هي معاني الحق سبحانه تعالى؟ عالم، قادر، سميع. صفاته المعنوية. أما هناك يقول خلقه على شكله الظاهري وعلى وجهه الظاهري وعلى هيئته الظاهرية، إذن الثاني واضح وهو أن الله خلق آدم على صورته يعني خلق آدم على معانيه وصفاته المعنوية.
    أما الاتجاه الثالث يقول أساساً أن الله خلق آدم ليس على صورته هو وإنما على صورة أدم، نفس آدم، فالضمير لا يعود على الله، وإنما يعود على آدم، فالضمير لا يعود على الله، إذن لا توجد، حتى لو فسرنا الصورة بمعنى الشكل فلا يلزم أي مشكلة لأن الضمير لا يعود على الله سبحانه وتعالى.
    المُقدَّم: سماحة السيد كمال الحيدري شكراً لكم، وشكراً للمشاهدين الكرام على طيب المتابعة لهذه الحلقة من برنامج مطارحات في العقيدة. سيبين السيد في الحلقات القادمة الآثار العقدية والعملية لهذا الحديث ستتضح إن شاء الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/23
    • مرات التنزيل : 4321

  • جديد المرئيات