نصوص ومقالات مختارة

  • موقف ابن تيمية من حديث خلق الله آدم على صورته ق(5)

  • المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج مطارحات في العقيدة، عنوان حلقة هذا الأسبوع (موقف ابن تيمية من حديث خلق الله آدم على صورته، القسم الخامس) أرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم.
    المُقدَّم: نسأل الله لكم الصحة والشفاء العاجل، في البدء هل يمكن ذكر خلاصة لما تقدم عن الشيخ ابن تيمية في الحلقة السابقة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمنالرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
    في الواقع أنه الأمور التي ثبتت على نحو القطع واليقين عن الشيخ ابن تيمية فيما يعتقده بالنسبة الى التجسيم والتشبيه والتغير في صوره، أتصور أن المشاهد الكريم عندما تابع الحلقات الأربعة الماضية التي تكلمنا فيها عن هذه القضية ثبت له بما لا مجال له للشك والريب فيه أن لله تعالى جسماً وأنه ما ليس بجسم فليس بموجود، هذا هو الأصل الأول الذي يبتني عليه توحيد الشيخ ابن تيمية أن الله جسم وما ليس بجسم فليس بموجود. نعم حاول أتباعه أو هو أن يغالط يميناً ويساراً ويدافع أن في الجسم اصطلاحات متعددة وأنه كذا وأنه كذا إلا أنه صرح في آخر الأمر ما ليس بجسم فليس بموجود.
    الأصل الثاني في عقيدة التوحيد عند الشيخ ابن تيمية أنه يعتقد أنه لا يمكن نفي التشبيه من كل وجه عنه تعالى، يعني أن الله سبحانه وتعالى يشبه خلقه من وجه وخلقه يشبهونه من وجه وإلا للزم التعطيل والجحود، وهذا ما بيناه مفصلاً في الأبحاث السابقة ولا نحتاج الى الإعادة.
    الأصل الثالث: المنفي عن الله سبحانه وتعالى أن الله سبحانه ليس له ند، يعني شبيه من كل وجه ولكنه له شبيه من بعض الوجوه، والمنفي في قوله تعالى (ليس كمثله شيء) هو وجود المماثل كما تفضلتم ووجود الند، وجود المساوي، أما وجود المشابه من بعض الوجوه فغير منفي عنه سبحانه وتعالى.
    المُقدَّم: بل متعين.
    سماحة السيد كمال الحيدري: نعم، كما بينا.
    الأصل الرابع الذي أشرنا إليه في البحث السابق هو أن الله سبحانه وتعالى يتغير في صوره يعني أن صورة التي هي صفة خبرية للحق سبحانه وتعالى، هو يعتقد أن اليد والساق والصورة والوجه هذه من الصفات الخبرية، ما معنى من الصفات الخبرية يعني هي أعضائه سبحانه وتعالى، عندما نقول صفات خبرية، يعني يعتقدها صفات عينية وليست صفات معنوية. وما معنى أنها صفات عينية؟ يعني أنها جزء من ذاته سبحانه وتعالى. وهو يعتقد أنها متغيرة من حال الى حال. ولذا يظهر لهم في المرة الأولى بصورة ثم يتنكر بصورة ثانية ثم يظهر لهم في صورة ثالثة ثم في الرابعة يعرف بتلك الصورة كما أشرنا الى تفصيل ذلك في الحلقة السابقة.
    الى هنا أصول ثلاثة تبتني عليها عقيدة التوحيد عند الشيخ ابن تيمية عقيدته في توحيد الصفات، لا يغالطون ويذهبون الى توحيد العبادة، الآن نتكلم في توحيد الصفات، وأنتم تعلمون أن الإنسان إذا صار مجسماً ومشبهاً وآمن بالتغيير على مستوى الصفات فهو بالضرورة لا يستطيع أن يكون موحداً حقيقياً على مستوى العبادة وعلى مستوى الفعل الإلهي، يعني أن الشرك يلازمه في كل الأبعاد.
    ومن هنا وجدنا. طبعاً هذه الأصول الثلاثة، إذن الأصول الأول التجسيم والأصل الثاني التشبيه من وجه أو من بعض الوجوه، الأصل الثالث التغيير.
    من هنا أشرنا في الحلقة السابقة أن العلامة العثيمين وجد أنه حتى لو أمكن أن يقبل من الشيخ ابن تيمية ما يتعلق بالتجسيم وما يتعلق بالتشبيه فأنه لا يمكن أن يقبل منه ما يتعلق بالتغير والتغيير لأن التغير من أوضح صفات المحدثات وهذا ما أكده كبار العلماء، ومنهم ابن قيم كما أشرنا في الحلقة السابقة في كتابه (هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، ص368) تحقيق عثمان جمعة ضميرية، دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع، وقد أشرنا الى هذا الكتاب في الحلقة السابقة فلا نحتاج الى الإعادة، قال: (بل جميع النبوات من أولها الى أخرها متفقة على أصول في توحيد الحق سبحانه، الأول: أن الله قديم واحد. الثاني: أنه لا والد له ولا ولد. الثالث: أنه غني بذاته. الرابع: أنه لا يتغير) ولكن الشيخ ابن تيمية أصر على أنه يتغير في صورته ورفض تلك النظرية التي تقول أن التغير مرتبط بالرائي وإنما قال: أن المرئي وهو الحق سبحانه وتعالى يتغير من صورة الى صورة، ولذا تجدون أن العلامة العثيمين قال: (نحن هنا مضطرون للتأويل) يعني أن العلامة العثيمين هنا لم يستطع أن يتماشى مع نظرية السلف وهو إمرار الصفات الخبرية على ظاهرها، لا، لم يفعل ذلك، لماذا؟ لأنه وجد أنه لو أمرها على ظاهرها وقبلها على ظاهرها للزم أن يكون القديم حادثاً وأن يكون الغني فقيراً وأن يكون الواجب ممكناً. ولذا في كتابه (التعليق على صحيح مسلم، ج1، ص623) لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، مكتبة الرشد، هذا الكلام إنما أكرره هنا لأهميته لأنه يؤصل لنا أصلاً مهما في معارف التوحيد يعني إذا وجدنا أن هناك صفة من الصفات الخبرية يلزم منها الحدوث ويلزم منها النقص على الله سبحانه وتعالى لابد من ارتكاب خلاف ظاهرها وهذا أصل مهم لا في هذا المقام بل في مقامات متعددة.
    ولذا هذه عبارته في (ص623) يقول: (هل المعنى أنه يتغير) يعني الله سبحانه وتعالى في صفاته الخبرية وهي الصورة (أو يتغير نظر الناس) وبتعبير آخر هل الذي يتغير الرائي في نظره وتخيله أو المرئي (بمعنى) ما معنى يتغير بنظر الناس (بمعنى يخيل إليهم) الى الناس (على أنه بصورة غير صورته، الظاهر أن المراد الثاني) وهذا ما أشرنا إليه في الحلقة السابقة أن ابن تيمية مباشرة قال أن الذين يؤولون هذا الحديث من القرامطة فهو قرمطي، وبعد ذلك سيتضح أنه يقولون أنه جهمي وأنه معطل وأنه جاحد …
    قال: (الظاهر أن المراد الثاني) فإن قلت: هل أن الشيخ العثيمين ملتفت أن هذا خلاف الظاهر كلامه وتأويله. (وإن كان هذا خلاف ظاهر اللفظ) شيخنا لماذا ترتكب خلاف ظاهر اللفظ فهذا من التأويل، هذا باطل، هذا أهل الباطل وقول الجهمية والمعطلة (لكن لأن الله تعالى لا يتغير وإذا حملناه على أن المرئي وهو الحق تعالى يتغير في صوره والصور صفات خبرية لذاته سبحانه وتعالى) ليست صفات لأفعاله وليست صفة فعل بحسب الاصطلاح وإنما هي صفة ذات، لأن صفات الفعل قد تتغير لا مشكلة في ذلك، يرزق ولا يرزق ولكنه في الصفات الخبرية المرتبطة بالذات لا يمكن أن يحصل التغير وإلا يلزم أن يكون الموصوف أيضاً متغيراً فيلزم الحدوث، ولذا عبارته (لكن لأن الله تعالى لا يتغير فيحمل على هذا) وهذا أصل أبينه لأعزائي ولجميع أهل التحقيق ولجميع أهل العلم وخصوصاً من أتباع محمد بن عبد الوهاب ومن الذين يعتقدون بإمامة وعلم وفضل العلامة العثيمين العلامة العثمين يصرح بأنه إذا لزم من إثبات صفة خبرية لله سبحانه وتعالى فلابد من حملها على خلاف ظاهرها.
    إذن لماذا تكفرون من لا يعتقد بما لا تقولون ويحمل بعض الصفات الخبرية على خلاف ظاهرها، وإلا يلزم منكم أن تكفروا وتضللوا هذا الرجل، تقولون ضال وجاحد ومعطل ونحو ذلك.
    ولذا العلامة العثيمين ملتفت لهذه النقطة، جاء في (ص625) وحاول أن يثبت ويتثبت ويقيم الدليل على صحة ما قاله وأن الأصل الذي أصله ونظر له صحيح، قال: (وكذلك أيضاً حديث فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به) هذه الرواية المعروفة في كتب المدرستين بقرب النوافل (وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، هذه قطعاً ليس المراد ظاهرها) يعني لابد أن نحملها على خلاف ظاهرها، يعني لابد من التأويل، فتكون من المؤولة، يقول: لا محذور فيها إذا دل الدليل العقلي القطعي على أنه لا يمكن إثبات هذه الصفة بحسب ظاهرها لله سبحانه وتعالى. وهذا هو المسلك الذي سار عليه كثير من علماء المسلمين جمهور الأشاعرة وعلماء الإمامية وغيرهم (لأن يد الإنسان حادثة لم تكن ولا يمكن أن يكون الله عز وجل جزءاً من بشر) لأن الرواية تقول ويده التي يبطش بها، يقول توجد إشكاليتان: الإشكالية الأولى أن الإنسان حادث وإذا قلنا يده تكون يد الله يلزم أن تكون حادثة، والثانية أنه يلزم أن يكون الله جزءاً من البشر وكيف يمكن أن يكون الخالق جزءاً من الخالق (ولعل من المناسب أن نشير الى أنواع التأويل) ويصرح أن بعض التأويل باطل وكفر وبعض التأويل حق.
    إذن إذا كان الأمر كذلك من أول الأمر كونوا مع ركب علماء المسلمين قولوا أن الصفة الخبرية التي يمكن حملها على ظاهرها ولا يلزم منها التجسيم والتشبيه والتركيب والتغيير فنبقيها على ظاهرها والصفة الخبرية التي يلزم منها التجسيم والتشبيه والتغيير والتركيب لابد من تأويلها وحملها على خلاف ظاهرها. (ولعل من المناسب أن نشير الى أنواع التأويل ليتضح المراد فنقول التأويل ينقسم الى قسمين: القسم الأول تأويل لا وجه له إطلاقاً ولا مساغ له في اللغة، فهذا التأويل في درجة بمنزلة الإنكار) يعني واقعاً حمل اللفظ على خلاف ظاهره إذا لم يكن هناك لا دليل عقلي ولا قرينة لفظية لغوية تساعد على ذلك هذا مرجعه الى إنكار تلك الصفة، لا يجوز أين ما اشتهينا أن نحمل الكلام على ظاهره. أما القسم الثاني (القسم الثاني تأويل له وجهه في اللغة العربية، لكنه مرجوح) لماذا مرجوح؟ باعتبار أنه لابد من حمل الكلام على ظاهره ولكنه لأنا لم نستطع حمل الكلام على ظاهره فنرتكب خلاف الظاهر وهذا ما فعله في روايات تغير الصورة يوم القيامة لله سبحانه وتعالى.
    طبعاً هنا لابد أن أشير للمشاهد الكريم أن هذه النظرية وهي أنه على فرض صحة مثل هذه الروايات وهي أن الله يتنكر وتتبدل صورته يوم القيامة على فرض القبول، وإلا أن لا أقبل مثل هذه الروايات لأني اعتقد أنها من الإسرائيليات التي دخلت على الدين الإسلامي وله بحث آخر، ولكن على فرض قبول مثل هذه الروايات نجد أن جملة من كبار علماء المسلمين قالوا أن هذا التغير مرتبط بالرائي وليس بالمرئي.
    هذا الذي نقلناه عن العلامة العثيمين نجده موجود في كتاب (رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد، ص64) تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة ابن تيمية، قال: (فإذا مَثُلَ في أعينهم غير ما عرفوا من الصفة) إذن هذا التمثيل مرتبط بأعين الرائي (نفروا وأنكروا إيمانهم بصفة ربوبيته التي امتحن الله قلوبهم فلما رأى أنهم لا يعرفون) يعني رأى الحق المؤمنين لا يعرفونه (إلا الذي امتحن الله به قلوبهم تجلى لهم في الصورة التي عرفهم في الدنيا فأمنوا به وصدقوا وماتوا ونشروا عليه من غير أن يتحول الله من صورة الى صورة) لأن التحول من صفات الحوادث والمحدثات (من غير أن يتحول الله من صورة الى صورة ولكن يمثل ذلك في أعينهم بقدرته) (فتمثل لها بشراً سوياً) (ولكن يمثل ذلك في أعينهم بقدرته) أما من غير أن يتحول.
    إذن، الى هنا اتضح للمشاهد الكريم أن القضية واضحة عند علماء المسلمين بأنه لا ينبغي حمل هذا التغير على الحق سبحانه وتعالى، وإنما هي صفة مرتبطة بالرائي لا بالمرئي.
    المُقدَّم: إذن ما هي العلامة في اعتقاد ابن تيمية التي من خلالها يتعرف المؤمنون على ربهم يوم القيامة.
    سماحة السيد كمال الحيدري: هذا السؤال بنحو الإجمال أشرنا إليه في الحلقة السابقة ولكنه وقفنا فقط عند السند وأن ابن تيمية قال عند سند هذه الروايات التي تكلمت أن الله يتغير في صورته ويتحول من صورة الى صورة وأن المؤمنين لا يعرفونه من خلال صورته فيكشف الحق سبحانه وتعالى عن ساقه فيتعرفون عليه، بعبارة أخرى أن الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية يعني الوهابية المعاصرة هؤلاء يعتقدون أن الذي يميز الحق سبحانه وتعالى عن غيره من الموجودات ليس بوجهه وصورته وإنما من خلال ساقه، إذن العلامة المميزة لله بالنسبة الى خلقه هي الساق وليست الصورة والوجه. وهذا أمر عجيب غريب، لأنه الشيخ ابن تيمية هو صرح بأن الله سبحانه وتعالى إنما يتميز عن خلقه بصورته وبشكله يميزه عن الآخرين. وأنا لا أعلم هذه أي جزء من الساق، الله سبحانه وتعالى كشفه لخلقه حتى ميزه عن خلقه، ثم هذه الساق كانت اليمين أو كانت اليسار، المقطع الأول من الساق الجزء الأعلى الجزء الأسفل، ومن أين عرف المؤمنون أن هذه الساق ساق إلهية، واقعاً هذه قضية مهمة، يعني هم الصورة لم يعرفونها صورة إلهية ولكنهم من أين عرفوا أن هذه الساق ساق إلهية، لعله والله العالم كما قال في الصواعق المرسلة ابن قيم، هذا هو التوحيد الذي يقتلون الناس على أساسه ويتهمون الآخرين بأنهم كفار وأنهم مشركون هذا توحيد هذه الجماعة البائسة واقعاً في التوحيد، أنظروا ماذا يقول أحد أئمة، لا أقصد أئمة أهل السنة، لا لا، بل أئمة النهج الأموي ونهج ابن تيمية. (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ج1، ص253) تصنيف ابن قيم الجوزية، حققه وخرج أحاديثه الدكتور علي بن محمد دخيل الله، الأستاذ المساعد بكلية أصول الدين بالرياض، درا العاصمة للنشر والتوزيع، يقول: (فيكشف عن ساقه فيخرون له سجداً وتنكيره) تنكير الساق لأن الآية قالت (يوم يكشف عن ساق) لا عن الساق ولا عن ساقه، يقول لماذا نكر هذا التنكير، هل هذا التنوين للتنكير؟ يقول: لا، لبيان التعظيم. (وتنكريه للتعظيم والتفخيم كأنه قال: يكشف عن ساق عظيمة) يعني ساق إلهية فلا معنى لأن تكون نصف متر لابد أن تكون ثلاثة آلاف متر وعرضه ألفين متر ووزنها 350 طن مثلاً وهكذا، حتى تتميز هذه الساق عن سيقان المخلوقات، أما من حيث الصورة فتبين أن الصورة تشبه الآدميين، يقول ولهذا لم يميزوه، وإلا لو كانت الصورة أيضاً صورة عظيمة وصورة فخمة كاملاً كانوا يميزون أن هذه الصورة صورة إلهية. أنا بودي أن تذهبوا بمخيلتكم وتتصورون الإله الذي يصوره هؤلاء البائسين في التوحيد، وهو أنه جسمه وسيقانه وسع كرسيه السموات والأرض، مثل هذا الموجود الكبير الذي لا يعلم طوله من عرضه ولكن رأسه على شكل الآدميين ولذا لم يستطيعوا تمييزه، ولذا عندما وصلت القضية الى الساق استطاعوا أن يميزوا لأن الساق ساق إلهية أما الصورة فليست إلهية.
    هذا هو منطق ابن تيمية، هذا منطق ابن قيم، هذا هو منطق أتباع محمد بن عبد الوهاب، هؤلاء أتباع ومقلدي ابن تيمية يصورون التوحيد على هذا الشكل، واقعاً لا استطيع أن أعبر عنه إلا أنه طريقة ومنطق ومنهج بائس في معرفة الله سبحانه وتعالى، أين هذا من قول الإمام الرضا عليه السلام: (كلما ميزتموه بأدق معانيه فهو مخلوق مردود إليكم). كلما ميزتموه بأوهامكم بأدق معانيه فهو مخلوق مصنوع مردود إليكم. كلما توهمتموه فاعلموا أن الله غير ذلك. هذا هو التوحيد الذي بينه لنا أئمة أهل البيت، وكثير من علماء المسلمين. قال: (وتنكيره للتعظيم والتفخيم كأنه قال: يكشف عن ساق عظيم جلت عظمتها) جلت عظمة الساق.
    المُقدَّم: تبين أن الساق لها جلالة أيضاً.
    سماحة السيد كمال الحيدري: لا أعلم والله! لو قال جل الله أن له ساق، لا لا، (جلت عظمتها وتعالى شأنها) هذا ابن قيم، هذا توحيدهم، فمن يريد أن يذهب خلف هذه النظريات في التوحيد فهو حر، أو يريد أن يدفن رأسه في التراب كالنعامة فهو حر أيضاً، ولكنه للمنصفين ولأهل العلم وللمحققين أوصلوا هذه الحقائق للناس ليعرفوا ما هي حقيقة التوحيد التي يقولها هؤلاء (جلت عظمتها وتعالى شأنها أن يكون لها نظير أو مثيل أو شبيه) أيها الإنسان ماذا أعبر عنك أيها البائس (تعالى الله عما يقول الجاهلون علواً كبيراً) أيها الجاهل لا أقل قل هذا في صورته، لماذا تقول ذلك في ساقه. لا أقل وجهه وصورته أحملها على الظاهر، لماذا تحمل هذه الساق وتعطيها هذه الأوصاف، بأي دليل قلت هذا الكلام، بنص، برواية، ببرهان عقلي، بدليل نقلي؟ هذا هو التوحيد الذي كما قلت مراراً وتكراراً يؤكده هؤلاء.
    ابن تيمية قد يقول لي قائل: هذا ابن قيم إنسان جاهل يقول هذا الكلام، لماذا أنت تتكلم وكأنه ابن تيمية يقول هذا الكلام.
    تعالوا معنا الى الشيخ ابن تيمية لنرى ماذا يفعل بهذه الآية (يوم يكشف عن ساق) مع أنه مقتضى الحمل على الظاهر أن يقول بأنه أي ساق كان ولا ارتباط لها بساقه سبحانه، ولكنه انظروا إصراره يؤدي به الى ماذا؟
    هذا كتاب (مجموعة الفتاوى، ج6، ص237) لشيخ الإسلام ابن تيمية، اعتنى بها وخرج أحاديثها عامر الجزار وأنور الباز، الأسماء والصفات، دار الوفاء، وفي طبعات أخرى (ج6، ص395) يقول: (ولا ريب أن ظاهر القرآن لا يدل أن هذه من الصفات) يعني الساق، ظاهر الآية لا يدل يكشف عن ساق، (فأنه قال يوم يكشف عن ساق، نكرة في الإثبات لم يضفها الى الله ولم يقل عن ساقه فمع عدم التعريف لا يظهر أنه من الصفات) الى هنا مقتضى القاعدة أنه يتكلم على الموازين الصحيحة وهو أن ظاهر الآية المباركة فلو حملنا الآية على غير الساق بالمعنى المتعارف يعني ساق الإنسان ونحو ذلك إذن لم نرتكب خلاف الظاهر.
    المُقدَّم: أبداً أهوال، هموم، مشاكل.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في النصوص حملت على الشدة، فإذا حملناه فهذا ليس خلاف الظاهر لأن ظاهر الآية لا تقول أن هذه الساق ساق عظيمة إلهية جلت عظمتها وتجلى وكبر شأنها ليس الأمر كذلك. ولذا قال صريحا: (لا يظهر أنه من الصفات إلا بدليل أخر) فإذا حملنا هذه الآية على غير الساق يقول (ومثل هذا ليس بتأويل) فإذا حملناها على غير الساق المتعارفة لا يكون تأويلاً لأنه ليس ظاهر الآية أن هذه ساق إلهية.
    ولكنه أصر على أن هذه الآية تكلمت عن ساقه سبحانه وتعالى وأقام أدلة ثلاث لإثبات (يوم يكشف عن ساق) مراده يعني يوم يكشف الحق تعالى عن ساقه هو سبحانه وتعالى. أين يقول هذا؟ قال ذلك بشكل واضح وصريح في (بيان تلبيس الجهمية، لابن تيمية، ج5، ص472 و 473و 474) تحقيق سليمان الغفيص، يقول: (الوجه السادس أنه من أين في ظاهر القرآن لله ساق) كأنه القضية مفروض عنه كما أن لله يد وعين وصورة ووجوه لابد أن نثبت له ساق (من أين في ظاهر القرآن لله ساق وليس معه إلا قوله (يوم يكشف عن ساق)) يقول نحن نقول أن المراد من الساق هنا هي الساق الإلهية، بأي دليل؟ يقول: (وذلك لأنه ليس في ظاهر القرآن أن ذلك صفة لله تعالى) بحسب الظاهر ليس كذلك (لأنه قال يوم يكشف عن ساق ولم يقل عن ساق الله ولا قال يكشف الرب عن ساقه وإنما ذكر ساقاً منكرة غير معرفة ولا مضافة وهذا اللفظ بمجرده لا يدل على أنها ساق الله) ولكن من الذي جعلك تحمله على أنه ساق الله، يقول أدلة ثلاثة، الدليل الأول: (والذي نجعل ذلك من صفات الله تعالى أثبتوا بالحديث الصحيح المفسر للقرآن) صحيح البخاري الرواية يتذكر المشاهد الكريم قرأناها من (صحيح البخاري، ج3، ص739، رقم الحديث 4919) الرسالة العالمية، تحقيق شعيب الأرنؤوط، الرواية (سمعت النبي يقول يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنه، عندما رأوا صورته لم يسجدوا له وعندما قال أنا ربكم قالوا نعوذ بالله منك، ولكن عندما رأوا ساقه وقعوا ساجدين، فعظمته وجلاله لا يظهر إلا في الساق، جلت قدرته كما قال ابن قيم في ساقه، يعني جل جلال وعظمته وتعاليه وقدرته أين كلها موجودة؟ في الساق، لا في اليد ولا في الوجه ولا في أي صفة من صفاته هذا المعنى، (فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة).
    إذن يقول الدليل الأول الذي ساقنا الى أن نقول أن الآية مراد منه هو الحديث الصحيح الذي باعتقادنا نحن بأنه من الإسرائيليات.
    وقد يقال: (أن ظاهر القرآن يدل على ذلك) يريد أن يترقى درجة، يقول بل قد يقال. وعلى طريقته الملتوية والمغالطية الشيخ ابن تيمية انظروا ماذا يعبر (والذين جعلوا ذلك) حتى غداً إذا أراد أحد أن ينسب الى الشيخ ابن تيمية هذا القول. يقول: لا، هو ينقل عن الآخرين، وبعد ذلك لا يناقش أي دليل من هذه الأدلة، يسلم بها ويدافع عنها. (وقد يقال أن ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون الى السجود) وحيث أن السجود لا يكون إلا لله سبحانه وتعالى إذن هذا الكشف مرتبط بالساق. إذن بدأ يستدل لتوجيه الرواية ولا يكتفي أن يقرأ الرواية فقط، وإنما صار بصدد التنظير، وهذا الذي قلته أنه مجسم ومشبه بامتياز وقائل بالتغيير بامتياز وقائل بالتركيب بامتياز، لأنه يحاول أن ينظر لذلك ويحاول أن يقيم الأدلة لذلك. يقول: (وقد يقال أن ظاهر القرآن يدل على ذلك من جهة أنه أخبر أنه يكشف عن ساق ويدعون الى السجود والسجود لا يصلح إلا لله فعلم أنه هو الكاشف عن ساقه، فحمل ذلك على الشدة لا يصح) هذا الدليل الثالث. ثم يبدأ بمناقشة الرأي الثالث الذي هو رأي جملة من الصحابة، يقول: (والصحابة قد تنازعوا في تفسير الآية هل المراد به الكشف عن الشدة أو المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه) الصحابة إذن قالوا أنه يكشف عن الشدة، أنت تقول نتبع السلف هذا هو اتباعك للسلف (ومن من السلف قال) من الصحابة أن المراد من الساق هنا ساقه سبحانه وتعالى. وفي (ص474) من بيان تلبيس الجهمية يقول: (وهذا يراد … فلفظ الآية يكشف عن ساق، وهذا يراد به الإظهار والإبانة وأيضاً فهناك تحدث الشدة لا يزيلها) تقول يكشف عن ساق يكشف عن الشدة ويزيل الشدة، لا، يوم القيامة تحدث الشدة، إذن هذه قرينة أخرى على أنه ليس المراد الكشف عن الشدة.
    إذن بهذا البيان أعزائي يتضح بشكل واصح وصريح للأعزاء أن القضية لابد أن تحمل على ظاهرها. ولذا أنا أنقل كلاماً واحداً لأحد الأعلام الوهابية المعاصرين يحمل حملة شديدة على أولئك الذين يقولون أن المراد من الساق هنا غير ساقه سبحانه وتعالى وإنما المراد به الشدة.
    في كتاب (شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري،ج1، ص457) تأليف عبد الله بن محمد الغنيمان، رئيس قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ج1، دار العاصمة للنشر والتوزيع، يقول: (وبهذا يتبين بطلان قول من يقول المراد بالساق الأمر الشديد المهول وكل … ونحو ذلك من التأويلات الباردة السخيفة) تبين أنه في الصحابة من عنده تأويلات باردة وسخيفة، هذا لابد أن يقام عليه الحد فقد تجاوز على الصحابة وانتهك حرمة الصحابة، وابن تيمية في الصارم المسلول يقول حت لو قلت عن صحابي أنه لا علم له ولو قلت أنه بخيل لو قلت أنه ليس بطويل أو ليس بقصير فلابد من إقامة الحد عليه والتعزيز، لا يقتل تلطفاً من ابن تيمية وإنما يقام عليه الحد ولابد أن يجلد. إذن العلامة الغنيمان لابد أن يجلد عندما يتكلم مع الصحابة بهذه الطريقة. يقول: (ونحو ذلك من التأويلات الباردة السخيفة التي يجب أن ينزه عنها كلام العقلاء فضلاً عن كلام رسول الله صلى الله عليه وآله) يا إنسان يا عالم كما تدعي، الشيخ ابن تيمية في مجموع الفتاوى قال لو حملناها على الشدة فهو ليس خلاف الظاهر لأن الآية لا يوجد فيها ظهور، لأن الآية لا يوجد فيها ظهور على أن الساق مرتبط به سبحانه وتعالى، يقول: (وكل من جرد نفسه لله وطرح عنه التعصب) لأن الصحابة الذين قالوا أنه ليس المراد من الساق ساقه سبحانه كانوا من المتعصين ومن أهل الهوى ولم يكونوا عدول وأصحاب رسول الله هكذا هم يحق لهم أن يتهموا أصحاب رسول الله، بينكم وبين الله لو خرج عالم شيعي وقال أن بعض أصحاب رسول الله أهل تعصب وأهل هوى لقامت الدنيا ولم تقعد أنه سب الصحابة، وهذا الرجل بشكل رسمي في مكتباتكم وفي كتبكم تطبعونها يهين الصحابة ينسب إليهم تأويلات باردة وينسب إليهم التعصب (وكل من جرد نفسه لله وطرح عنه التعصب والتقليد فأنه يعلم بطلان هذه التأويلات وسخافتها) إذن كم عنوان أعطاه للصحابة الذين قالوا أن المراد منها الشدة، قال يوم يكشف عن ساق يعني يوم يكشف عن الشدة. وصفهم بالمؤولة فيكونوا من المعطلة والجهمية وثانياً أن تأويلاتهم سخيفة وثالثاً أنهم أهل تعصب ورابعاً أنهم أهل السخافة. فيا أهل العلم من الوهابية انظروا الى عالمكم أو أحد علمائكم كيف يصف من يقول قولاً هو رأي الصحابة وهذا ما صرح به ابن تيمية.
    ارجع وأقول قال: (والصحابة قد تنازعوا في تفسير الآية) الألف واللام داخلة على الجمع يعني تفيد الكثير من الصحابة لا أقل. (هل المراد به الكشف عن الشدة أو المراد به أنه يكشف الرب عن ساقه، لذلك) التفتوا ماذا يقول المحقق (لذلك أورد كثير من العلماء والمفسرين الأمرين جميعاً) يعني بعض الصحابة أنه الشدة وبعض الصحابة قال ساقه (فقد .. أن الرب يكشف عن ساقه … وذكروا أن المقصود بذلك شدة الأمر وكربته) (انظر تفسير ابن جرير، والأسماء والصفات للبيهقي) هؤلاء كلهم سخفاء وتأويلات باردة ومن أهل التعصب أيضاً الى غير ذلك. هذا هو المنطق الذي قلنا عنها مراراً أن هؤلاء من يوافقهم في الرأي يجعلونه إماماً للأئمة ومن يخالفهم في الرأي فهو جهمي معطل جاحد كافر قرمطي متعصب سخيف بارد مقلد وإن كان صحابياً.
    المُقدَّم: ما هو أهم دليل استدل به ابن تيمية وأصحاب لإثبات أنه تعالى خلق آدم على صورة نفسه لا على صورة أخرى.
    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع هذه هي المسألة الأساسية التي وقع فيها خلاف بين ابن تيمية وأتباع ابن تيمية وبين كثير من علماء المسلمين بأنه من أين تقول أن الروايات الصحيحة التي وردت وتقول أن الله تعالى خلق آدم على صورته، هذا الضمير إنما يعود على الله سبحانه وتعالى، ما هو دليل على هذا؟ لا تقول لي بأنه أن الله خلق آدم على صورته باعتبار أن مقتضى القواعد إرجاع الضمير على الله، لا، مقتضى القواعد إرجاع الضمير الى أقرب الكلمات (أن الله خلق آدم على صورته) فأقرب ضمائر الصورة يعود على آدم لا على الله. نعم، قد تقولوا لا معنى للرواية. سيتضح لكم إذا أرجعنا هذا الضمير وهو (خلق الله آدم على صورته) لو أرجعناه إلى آدم هل له معنى أو كما تقولوا لا معنى؟ سيتضح أنه له معنى عميق ودقيق وعظيم جداً. أساساً يشير الى حقيقة من أهم الحقائق إذن لماذا إصرار ابن تيمية وأتباع ابن تيمية على أن خلق آدم على صورته لابد من إرجاع الضمير الى الله وأن الله سبحانه وتعالى خلق آدم على صورة نفسه.
    أهم دليل استند إليه هؤلاء لإثبات أن هذا الضمير إنما يعود على صورة الحق سبحانه وتعالى هو الاستناد الى بعض الروايات التي وردت بلسان على صورة الرحمن. منها هذه الرواية التي بعد ذلك سأقف عند سندها ولكن فقط أنقل الرواية (إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة الإنسان على صورة وجه الرحمن) هذه رواية. والرواية الثانية وهي (لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صور الرحمن عز وجل). هذه الروايات هي التي صارت منشأ عند الشيخ ابن تيمية وأتباع الشيخ ابن تيمية ليصروا على أن الضمير في الروايات صحيحة السند (أن الله خلق آدم على صورته) أن الضمير يعود على الله سبحانه وتعالى وأنه خلقه على صورة نفسه، وهذا يكشف … إذن صورة آدم ووجه آدم يشبه وجه الله وصورة الحق. ولذا وقعوا في الاشتباه يوم القيامة ولم يعرفوا الحق سبحانه وتعالى عندما تنكر لهم لأن الوجه وجه آدمي بخلافه عندما كشف عن ساقه فتبين أن الساق إلهية ولكن الوجه بشري وآدمي. وهذا من أعاجيب توحيد ابن تيمية وأتباعه. واقعاً أن الإنسان لا يعلم يبكي على حال هذا الإنسان على حال هؤلاء الذين هم (تعالى الله عما يقول الظالمون) (تعالى الله عما يقول الجاهلون) تعالى الله عما يقول المعاندون، الله سبحانه وتعالى يقول (ليس كمثله شيء) وهؤلاء يصرون على أن الوجه يشبه وجه الآدمي ولكن فقط له علامة واحدة وهي أن الساق عظيمة جلت عظمتها وتعالى شأنها.
    انظروا ماذا يقول ابن تيمية في هذا المجال؟ الشيخ ابن تيمية مصر على أن هذه النصوص التي قرأناها نصوص صحيحة وهي التي تفسر لنا رواية أن الله خلق آدم على صورته.
    هذا المعنى جاء بشكل صريح في (بيان تلبيس الجهمية، ج6، ص441) تحقيق عبد الرحمن بن عبد الكريم اليحيى، قال: (الوجه الثامن: أن رواية الحديث من وجوه فسائر الألفاظ تبطل عود الضمير إلى آدم) لماذا؟ يقول (مثل قوله لا تقبحوا الوجه فإن الله خلق آدم على صورة الرحمن. وقوله في الطريق الآخر من حديث أبي هريرة: إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه فإن صورة الإنسان على صورة الرحمن) بعد أن ينقل هذه الروايات يأتي في (ص445) يقول: (مع أن هذه الروايات المتنوعة في مظنة الاشتهار دليل على أن علماء الأمة) إذن ينسب الى كل علماء الأمة وبعد ذلك سيتضح أن هذه النسبة صحيحة أو على طريقته التي يدلس بها (دليل على أن علماء الأمة لم تنكر إطلاق القول بأن الله خلق آدم على صورة الرحمن، بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا) إذن يدعي الإجماع (بل كانوا متفقين على إطلاق مثل هذا) ثم يأتي في (ص450) يقول: (وهذه الوجوه كلها مع أنها مبطلة لقول من يعيد الضمير في قوله الى آدم فهي أدلة مستقلة في الإخبار بأن الله تعالى خلق آدم على صورة نفسه). وأنا لا أتصور أنه يوجد تصريح أفضل من هذا التصريح.
    ولذا عندما يأتي في كتابه (اللئالئ البهية في شرح العقيدة الواسطية، ج2، ص19) لابن تيمية، الشرح لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ، تحقيق وعناية عادل بن محمد مرسي رفاعي، دار العاصمة، يقول: (وأما حديث الصورة) مراده من الصورة يعني خلق الله آدم على صورة الرحمن لا رواية خلق الله آدم على صورته. تقول لي سيدنا: بأي قرينة تقول هذا الكلام؟ بهذه القرينة (فقد شذ ابن خزيمة في تضعيفه) لأن الإمام ابن خزيمة لم يضعف تلك النصوص التي تكلمت أن الله خلق آدم على صورته وإنما ضعف الروايات التي تكلمت عن أن الله خلق آدم على صورة الرحمن.
    إذن عندما يقول فقد شذ، وبعد ذلك سنبين ابن خزيمة الذي ينسبه الى الشذوذ بمجرد أن يختلف معه ابن تيمية صار شاذاً، لا يستطيع أن يقول معطل جهمي، كافر، خارج، لماذا؟ لأنه إمام الأئمة ابن خزيمة.
    (فقد شذ ابن خزيمة في تضعيفه والحديث صحيح) ليس حديث خلق الله آدم على صورته بل حديث خلق الله آدم على صورة الرحمن.
    سؤال: لماذا هذا الإصرار من هؤلاء القوم على تصحيح هذه الرواية؟
    عندما أقول إصرارهم يعني كتبوا رسائل في هذا المجال، منها هذه الرسالة وهي (عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم على صورة الرحمن) لا في خلق آدم على صورته بل على صورة الرحمن هذه التي قرأناها وينسبها الى عقيدة أهل الإيمان. تأليف الفقير الى الله حمود بن عبد الله بن حمود التويجري، دار اللواء للنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1409هـ المملكة العربية السعودية، الرياض، ولكي تعرفوا قيمة هذا الكتاب لابد أن نشير الى ما قرض به وما ذكره العلامة ابن باز في تقييمه لهذا الكتاب. يقول: (فقد اطلعت على ما كتبه صاحب الفضيلة الشيخ التويجري … فألفيته كتاباً قيماً كثير الفائدة قد ذكر فيه الأحاديث الصحيحة الواردة في خلق آدم على صورة الرحمن وفيما يتعلق بمجيء الرحمن يوم القيامة على صورته وقد أجاد وأفاد وأوضح ما هو الحق في هذه المسألة وهو أن الضمير في الحديث في خلق آدم على صورته يعود الى الله عز وجل) بأي قرينة؟ بقرينة خلق الله آدم على صورة الرحمن.
    سؤال: لماذا هذا التركيز؟
    الجواب في جملة واحدة: لأن هذا أهم دليل عند هؤلاء لإثبات أن هذا الضمير يعود على الله، لماذا أقول هذا الكلام؟
    انظروا الى هذا الكتاب وهو (أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعاً ودراسة، ص126) تأليف الدكتور سليمان بن محمد الدبيخي، مكتبة دار المنهاج، قال: (حديث ابن عمر، قال: قال النبي: لا تقبحوا الوجه فإن ابن آدم خلق على صورة الرحمن، فقالوا هذا نص صحيح صريح غير قابل للتأويل) أيها الدبيخي أين أهمية هذا الحديث حتى ضعف هذا الحديث أو أوّل ماذا يضركم؟ يقول: (ولأهمية هذا الحديث في هذا الباب وكونه فيصلاً وقاطعاً للنزاع في هذه المسألة) لأنه إذا لم يوجد عندنا حديث خلق الله آدم على صورة الرحمن أنت من أين تقول هذا الكلام (فقد أثار نقاشاً واسعاً خاصة بين بعض العلماء المعاصرين) الذين سأشير لهم (وفيما يلي توضيح وبيان لهذا الحديث).
    الى هنا اتضح للمشاهد الكريم أن هذا الحديث يعد هو الفيصل الذي يثبت لنا أن ضمير على صورته يعود على الله سبحانه وتعالى.
    المُقدَّم: ماذا يقول أعلام المسلمين في هذا الحديث خلق الله آدم على صورة الرحمن.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أرجو الله سبحانه وتعالى في هذه الحلقة أن أقف عند هذه النقطة.
    بودي أن الأعزاء يدققوا، في الواقع سوف أقف عند علمين من الأعلام الكبار، واحد من المتقدمين وواحد من المعاصرين ليتبين لكم أن هذا الحديث من الناحية السندية، الآن لا أريد أن أتكلم عن بطلان المتن وأنه صحيح أو ليس بصحيح، من الناحية السندية هل له سند يمكن الاحتجاج به أو لا يمكن.
    الشخص الأول الذي سأتكلم عنه هو الإمام بل إمام الأئمة ابن خزيمة، وقد عبر عنه بأنه شاذ، لابد أن يضعفه ولابد أن يسقط اعتباره حتى يستطيع أن يخالفه.
    الشخص الثاني هو أحد أئمة الجرح والتعديل المعاصرين وهو العلامة الألباني الذي هو من أئمة السلفية الدعوية المعاصرة، تعلمون أن السلفية أجنحة متعددة في زماننا السلفية الدعوية والسلفية الجهادية والسلفية المحافظة التقليدية، لعل العلامة الألباني إما من السلفية المحافظة التقليدية أو من الدعوية وإلا فليس هو من السلفية الجهادية، إن شاء الله تعالى إذا وفقنا أن نقف على خصوصيات هذه المباني هذا الذي تسمعونه هنا وهناك يوماً يقولون أن الخروج على الحاكم ما لم يصدر منه كفر بواح وخروج على رسول الله وحرام حتى لو ضرب ظهرك وسرق مالك، ويوماً يهيئون ويعدون القنوات الفضائية لإسقاط هذا الحاكم المسلم أو ذاك الحاكم المسلم. واقعاً لا أعلم ضمن أي منطلق هؤلاء يتحركون وضمن أي رؤية، ولكن أحملهم على الصحة وأقول أن هؤلاء ليسوا أهل العلم وأنهم ليسوا أهل العلم بل أهل جهل بمباني علمائهم.
    أما فيما يتعلق بابن خزيمة، بودي أن المشاهد الكريم أن يتعرف عليه وبعد ذلك سننتقل إليه.
    قال في (سير أعلام النبلاء، ج14، الترجمة 214، ابن خزيمة) للذهبي، مؤسسة الرسالة، قال: (محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة الحافظ الحجة الفقيه شيخ الإسلام، إمام الأئمة) ليس إمام وشيخ بل إمام الأئمة (أبو بكر السلمي النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف ولد سنة 223هـ …) وفي (ص372) يقول: (حدثنا فلان عن فلان حدثنا ابن حاتم بن حبان التميمي قال: ما رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن ويحفظ ألفاظها الصحاح وزياداتها حتى كأن السنن كلها بين عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة) التفتوا الى العبارات (ما رأيت على وجه الأرض من يحفظ صناعة السنن) ولكن ابن تيمية يصفه بانه شاذ بمجرد أنه ناقش في هذه الرواية (وأنه كأن السنن كلها بين عينيه، وقال أبو الحسن الدارقطني كان ابن خزيمة إماماً ثبتاً معدوم النظير، وقال الإمام أبو العباس ابن سريج وذكر له ابن خزيمة فقال: يستخرج النكت من حديث رسول الله بالمنقاش) هذه قدرته الدقة والعمق (وقد كان هذا الإمام جهبذاً بصيراً بالرجال …).
    إذن هذا هو الإمام ابن خزيمة.
    أما الشخص الثاني هو العلامة الألباني ولا أتصور أنني بحاجة الى بيان من هو العلامة الألباني وأنتم تجدون الآن في كل كتاباتهم وفي كل قنواتهم وكل من تتكلم معه في شيء يقول إما ضعفه الألباني وإما أنه صححه. في (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة) محمد ناصر الألباني، ج3، (كلتا الروايتين التي قرأناهما) يوردهما في الضعيف. ولذلك قلت لكم انتظروني وبعد ذلك سأقول لكم بأنه هذه الروايات أين سندها وأين ذكرت. نحن عندما قرأنا الروايات لم نقرأها من كتاب الآن ارجع وأقول في (سلسلة الأحاديث الصحيحة والموضوعة، ج3، ص315، رقم الحديث 1175) قال: (إذا قاتل أحدكم فليتجنب الوجه فإنما صورة الإنسان على صورة وجه الرحمن …) طبعاً يعبر عن الحديث بأنه منكر، وسأبين المنكر في المضمون أو الإنكار في السند. وفي الحديث (1176) قال: (لا تقبحوا الوجه فأن ابن آدم خلق على صورة الرحمن عز وجل، قال: ضعيف). طبعاً يكون في علم الأعزاء أشير الى هذين المصدرين.
    قبل أن أدخل الى هذا البحث أريد أن أبين أصلاً أصله علماء التعديل والجرح، المحققون منهم الذين هم أهل الدراية في هذه المجالات في علم الجرح والتعديل قالوا لا يكفي أن ننظر الى رجال السند حتى نقول أن الرواية يمكن الاحتجاج بها، قد ننظر الى رجال السند وننظر أن كل هؤلاء الرجال من أهل الثقة وهم ثقات، ولكن مع ذلك لا يمكن الاحتجاج بالرواية، لماذا؟ قالوا لأنه قد تكون الرواية فيها علة، ومن هنا فلا يكفي أن يكون رجال السند ثقات بل لابد أن يخلو إسناد الرواية ورجال الإسناد من العلة القادحة، ولذا صرحوا بهذا المعنى في مواضع متعددة، منها ما صرح به العلامة العثيمين في (مصطلح الحديث، ص13) قال: (فالصحيح لذاته ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادمة) ولذا عبر بأنها منكرة أو شاذة أو نحو ذلك، حتى لو كانت الرواية صحيحة، ثم قال في (ص13) ما هي العلة القادحة، قال: (والعلة القادمة أن يتبين بعد البحث في الحديث سبب يقدح في قوله) حتى أن الحديث صحيح ولكن هناك سبب قادح في السند (بأن يتبين أن الحديث منقطع أو موقوف أو أن الراوي سيء الحفظ أو مبتدع فلا يحكم للحديث بالصحة حينئذ لعدم سلامته من العلة القادحة) ولذا يقول في رواية ينقلها يقول: (فظاهر الإسناد الصحة لكن أعلّ بأن رواية عن الحجازيين ضعيفة) إذن مع أنه ظاهر السند الصحة ولكن هناك علل قادمة. ولذا تجدون علامة اليمن المعاصر العلامة أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي في كتابه القيم في هذا المجال (أحاديث معلة ظاهرها الصحة) جاء وبين هذه القضية بشكل واضح وصريح في (ص16) من الكتاب قال: (فالحديث المعلل هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدم في صحته مع أن ظاهره السلامة) ثم قال: (قال الحافظ في النكت بتحقيق فلان قال: وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل) ليس من باب أن رجال الإسناد ضعاف، لا أبداً، (بل أن حديث المجروح ساقط واهٍ وعلة الحديث تكثر في أحاديث الثقات) إذن في الأعلم الأغلب (أن يحدثوا بحديث له علة فتخفى عليهم علته والحجة فيه عندنا العلم والفهم والمعرفة).
    سؤال: هنا ابن خزيمة إمام الإمام قال: (أن هذا الحديث وإن كان بحسب الظاهر سالم ولكن بحسب العلة فيه علل ثلاثة) ولذا قال العلامة الألباني (وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ولكن له أربعة علل: ذكر ابن خزيمة ثلاثة منها) ولكنه ابن تيمية لأنه ليس من أهل الخبرة في هذا المجال مباشرة تصور إذا صار الإسناد من الثقات فالحديث يمكن الاحتجاج به.
    وتوضيح هذا الأصل وهذه القاعدة وبيان خطأ وتوهم ابن تيمية وأتباع ابن تيمية إن شاء في الحلقة القادمة.
    المُقدَّم: معنا الأخ عبد الله من السعودية، تفضلوا.
    الأخ عبد الله: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ عبد الله: أولاً عندي رجاء ومن ثم بعد ذلك نتداخل تداخلاً علمياً في هذه المسألة أولاً يا شيخنا الفاضل الأمة الإسلامية الآن تمر بمراحل من تسلط الأعداء ومن التشتت ومن التنافر بينها، فارجو إن شاء الله أن توجهوا الناس الى الوحدة الإسلامية وإلى نبذ الخلاف فيما بينهم، وثانياً هذه المسائل التي تبحثها الآن هي مسائل فرعية جداً ومعظم أهل القبلة وأهل الإسلام لا تؤثر في عقيدتهم أو في إسلامهم فالكل يوافق أن الله ليس كمثله شيء.
    بالنسبة لحديث الصورة وحديث الساق، إن من قال من أهل السنة أو من شيوخ أهل السنة أن هناك حديث للصورة صحيح أو حديث للساق صحيح لا يقرون بأن هذه الصورة تشبه أحد من مخلوقات الله وساقه تشبه ساقاً مما عند خلق الله، هم لا يقرون بأن هذا الأمر يوافق هذه الخلقة لأنه عندما آية محكمة ظاهرة واضحة (ليس كمثله شيء) هم يرددون هذا ولكنهم يفوضون المعنى الى الله. هناك الكثير من أهل الإسلام لا يقرون بحديث الصورة ويرون أنه ضعيف وعود الضمير أيضاً عند السنة لا اقول عند الشيعة حديث خلق الله آدم على صورته، ولكنهم يرجعون الضمير الى آدم.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أشكر الله سبحانه وتعالى أنه يوجد أناس عندما يتكلمون يحفظون آداب الكلام وآداب البحث العلمي وبكل رحابة صدر عندما يناقش وأنا أحترم هذا الرأي وهذه الطريقة من البحث فجزاك الله خيراً.
    أما فيما قلته في مسألة الوحدة الإسلامية، الله يعلم أن هذه البرامج إنما بدأت بها لإثبات الوحدة الإسلامية، بعد ذلك سأبين للأعزاء أن هذا الرأي الذي ذكرته هو رأي ابن تيمية ومن يتبعه هو الرأي الشاذ بين علماء المسلمين وهذا ما وافقت عليه أنت، قلت أن علماء المسلمين يقولون إما أن الرواية ضعيفة وإما أن يقولون (ليس كمثله شيء) ويتجاوزون، أما الشيخ ابن تيمية فلم يفعل ذلك وقف عنده وأصر على أن المراد من الساق يعني ساق الحق سبحانه وتعالى، وأصر عند الروايات الواقفة، أنت تقول أنهم يثبتون الصورة ولكن يفوضون المعنى، يا ليتهم في صحيح البخاري وصحيح مسلم شراحهم أنهم يصرون … بل قرأنا لكم في شرح كتاب التوحيد من صحيح ا لبخاري بمجرد اختلفنا معهم في أن هذا الساق ليس مراده ساق الله قالوا أن هذه تأويلات باردة وسخيفة وتعصب وجهل. يا أخي العزيز يا ليت أن هذا المنطق هو الذي يحكم فيما بيننا، بعد ذلك سيتضح أنهم يتهمون كل علماء المسلمين لأنهم لم يتفقوا معهم أن الله خلق آدم على صورة الرحمن.
    المُقدَّم: معنا الأخ أبو عبد الملك من السعودية، تفضلوا.
    الأخ أبو عبد الملك: السلام عليكم.
    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    الأخ أبو عبد الملك: أنا أريد أن أسأل الشيخ عن عقيدته في مسألة الأسماء والصفات لأنني سمعت أن في عقيدته شيء من الحلول وغيره. المسألة الثانية أنا أريد الآن بدأ أتباع المذهب الشيعي في أصول المذهب الشيعي لأنها تصادم الآيات الصحيحة من القرآن وكذلك السنة، العقلاء من الشيعة الآن بدءوا لا يسمعون المراجع فقط بل بدءوا بالبحث.
    سماحة السيد كمال الحيدري: أخي عقيدتي في الأسماء والصفات أنا الى الآن كتبت ست أو سبع مجلدات في التوحيد أرشدك لها إجمالاً: مجلدان في التوحيد، ومجلدان في معرفة الله، ومجلدان في الالهيات، وآخر ما صدر لي هو كتاب دروس في التوحيد، بإمكانك الرجوع الى موقعي وتطالع هذه الكتاب. هذا أولاً.
    أما ما قلته من أنك شكرت الله على أن الشيعة … نعم بحمد تعالى أن الشيعة لم يتعلموا ولم يثقفوا على أساس أن يقلدوا في العقائد انظروا الى رسائلهم العملية التي كتبها لهم مراجعهم يقولون لا يجوز الرجوع في العقائد الى هذا وذاك وإنما يجب عليك أن تبحث، وبحمد الله نشكر الله أن هذه الأبحاث بدأت تأخذ موقعها في أوساطكم بدليل مداخلاتكم، هذه المداخلات منك ومن أمثالك يحاول إعلامياً أن يعطي بعض الكلمات أن الشيعة وقعوا في الشك، أنا أشعر أن بعض أتباعكم أخذت أثرها فيكم، فلهذا تجلسون لها جلوساً تحاولوا أن تجدوا لها شيئاً علمياً للرد ولكن لا تجدوا.
    المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، الى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/23
    • مرات التنزيل : 2749

  • جديد المرئيات