حديث الثقلين سنده ودلالته ق (17)
15/10/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدينا الكرام مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا موعدكم مع حلقة جديدة من برنامج الأطروحة المهدوية، (حديث الثقلين سنده ودلالته، القسم السابع عشر) أرحب باسمكم بسماحة آية الله السيد كمال الحيدري، أهلا ومرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلاً ومرحباً بكم دكتور.
المُقدَّم: هل يمكن في البداية بيان تمهيد يتضح به خارطة البحث.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في المقدم اقدم اعتذاري للمشاهدين الأعزاء أننا لم نتوفق لنكون بخدمتهم في الأسبوع القادم في هذا البرنامج.
في الواقع أن خارطة البحث كما أشرنا إلى ذلك مراراً وتكراراً أنه كان حديثنا لإثبات أن المهدي المنتظر الذي قلنا أن قضية المهدي المنتظر من الأمور المتواترة والعقائد الثابتة الضرورة في منظومة المعارف الدينية والإسلامية، يعني لا يوجد أحد يحترم عقله يستطيع أن يناقش في ضرورة ظهور المهدي المنتظر في آخر الزمان، قلنا هذا القدر من الأمور المتفق عليها بين جميع علماء المسلمين إلا من شذ ممن لا يعبئ برأيه في مثل هذه الأبحاث.
ولكنه انتقلنا إلى المرحلة الثانية وهي أن هذا المهدي المنتظر الذي بينت النصوص الصحيحة والصريحة والواضحة والمتفق عليها بين علماء المسلمين أنه من العترة وأنه من أهل بيت النبوة وأنه من ولد فاطمة سلام الله عليها، هل هو حي أو ليس بحي، وقلنا أن هذا يعد هو المفصل الأساسي الذي يفصل مدرسة أهل البيت عن باقي المدارس الإسلامية الأخرى، من هنا نحن دخلنا وكان هذا هو السبب لدخولنا في بحث حديث الثقلين، يعني نحن إنما دخلنا لبحث حديث الثقلين لإثبات حياة المهدي المنتظر، أما كيف، فسيأتي هذا إن شاء الله تعالى في المرحلة الرابعة من هذا الحديث ونحن قد انتهينا من المرحلة الأولى بحمد الله تعالى أي سند الحديث، ومن المرحلة الثانية وهي صيغة الحديث، والآن نتكلم في المرحلة الثالثة وهو أنه أساساً من هم أهل البيت في حديث الثقلين لأن صيغة حديث الثقلين المتفق عليها بين علماء المسلمين ولم يخالف في ذلك إلا من شذ في هذا المجار وقصر نظره وعلمه ولم يعبئ بقوله أيضاً، أن الصيغة الصحيحة والمعتبرة هي قوله (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) أما صيغة (كتاب الله وسنتي) لا أصل لها وهي من الموضوعات أو من الروايات الضعيفة السند التي أشرنا إليها مفصلاً في الأبحاث السابقة، ولذا اضطر بعض من يدعي العلم في الآونة الأخيرة أرادوا أن يثبتوا مضمون حديث كتاب الله وسنتي من خلال الشواهد القرآنية، هذا يكشف عن أنهم عجزوا عن إثبات صحة هذا النص الوارد عن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله.
عندما جئنا إلى هذه الصيغة وجدنا أن الرسول الأعظم يقول (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) من الواضح أننا في مثل هذا المورد لابد أن نرجع إلى القرآن لنرجع إلى النبي لنعرف منهم من هم أهل بيته، لو أن رسول الله ترك وقال ارجعوا إلى اللغة لرجعنا إلى اللغة لنعرف من هم أهل البيت، ولكنه لابد أن نرجع لنرى من هم الذين شخصهم لنا الرسول الأعظم، يعني بيان مصداق أهل البيت وعندما رجعنا إلى الكتاب وجدنا أن القرآن الكريم أكد على هذه المفردة في قوله تعالى في سورة الأحزاب (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) إذن نفس هذا العنوان الذي أخذه رسول الله في حديث الثقلين وجدناه موجود في النص القرآني لأنه قال وعترتي أهل بيتي، والقرآن قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).
هنا حاول البعض أن يقول بأن هذا المقطع من الآية المباركة من سورة الاحزاب إنما ورد في سياق الآيات التي تكلمت عن نساء النبي وأزواج النبي وأمهات المؤمنين، فإذا كان الأمر كذلك فإذن هذه الآية بالضرورة تكون شاملة لأزواج النبي ونسائه، لأنه كيف يمكن أن نرفع اليد عن السياق، سياق الآية المباركة لنقول أنها مختصة بعلي وفاطمة والحسن والحسين، وهذا أهم ما استندوا إليه، يعني هنا بودي أن أهل العلم وأهل القلم الذين يبحثون عن الحقيقة أن يلتفتوا، أهم ما استند إليه القائلون بأن أهل البيت شامل لنسائه صلى الله عليه وآله وشامل لأزواجه هو قرينية السياق، هذا مضافاً إلى بعض الرتوش الأخرى من قبيل الاستناد على اللغة، واتضح أن اللغة لا تسعفهم على ذلك. إذن أهم ما استندوا إليه هي قرينية السياق. من هنا يتذكر المشاهد الكريم نحن في الحلقات السابقة قلنا أن السياق لا يعنينهم.
وهنا في هذه الليلة نريد أن ندخل إلى بحث قرينية السياق بنحو آخر.
المُقدَّم: قبل الدخول في مناقشة قرينية السياق هل يمكن بيان القاعدة والضابطة التفسيرية التي يمكن على أساسها الاستناد إلى السياق لبيان المراد.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذه القضية بودي مرة أخرى أقول أن يتدبر فيها المشاهد الكريم.
في الواقع أن قرينية السياق كثيراً ما نجد، طبعاً هذه قرينية السياق لا نحتاجها فقط لفهم من هم المقصود بقوله أهل البيت، لا فقط هذا، نحن عندما نرجع إلى آيات متعددة في القرآن الكريم منها هذه الآية في سورة النساء قال تعالى: (يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) سؤال: من هم مصداق أولي الأمر؟ هل أن هذا أطلق إلينا حتى نرجع إلى اللغة أو حتى نرجع إلى من نشاء ونطبق عليه عنوان أولي الأمر، أو أن النصوص بينت مصداق هذا العنوان الذي ورد في القرآن. قرينية السياق ليست فقط، واقعاً لا يمكن أن نقول بأنه هنا أن أولي الأمر نرجع فيها إلى اللغة كما هو واضح.
أو قوله تعالى في سورة المائدة، الآية 55 قال تعالى: (إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ما المقصود بالولاية، من المراد بالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راجعون؟ هذا كيف نعرفه، هل نرجع إلى قرينية السياق كما يحاول البعض.
أو فيما يتعلق بالآية 61 من سورة آل عمران، قال تعالى: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعوا ابنائنا وأبنائكم ونسائنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) سؤال: ما هو مصداق أبنائنا؟ ما هو مصداق نسائنا؟ ما هو مصداق أنفسنا؟ هل نرجع إلى السياق، نرجع إلى اللغة، ماذا نفعل؟ لعل اللغة تسعفنا، ولكن ما هو المنهج الذي لابد من تطبيقه في المقام. في هذه الليلة أريد أن أقف عند هذه النقطة.
أنا أعتقد أنه لكي يتضح لنا المنهج الصحيح في كيفية التعامل لمعرفة مصاديق هذه العناوين في هذه الآيات، آية أهل البيت، آية النساء، آية أولي الأمر، لكي نعرف المصداق لابد من أتباع الخطوات التالية:
الخطوة الأولى التي ينبغي علينا اتخاذها في مثل هذه الموارد وخصوصاً إذا وقع النزاع، الآن وقع النزاع بيننا من المقصود بأهل البيت، نحن نقول أن المقصود بذلك النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين، يعني أصحاب الكساء الخمسة، وهم يقولون بالإضافة إلى هؤلاء أزواج النبي. ماذا نفعل في مثل هذه الحالة؟ اطمأنوا أن القرآن الكريم بشكل واضح وصريح كما قال في سورة النساء، الآية 59 قال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله) سؤال: أيها المسلمون هل قال فردوه إلى الله يعني قفوا عند الله أو لابد من الرد إلى الله وإلى الرسول، صريح الآية (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) هذه علائم الإيمان، ولا أريد أن أدخل في هذه القضية وإن كانت خارجة عن بحثي ولكن أشير لها.
من علائم الإيمان عند الإنسان إذا وقع النزاع في حقيقة دينية أن يرجع إلى الله والى الرسول، ولكن مع الأسف الشديد في مثل هذه الأزمنة نجدهم يتبجحون على فضائياتهم وعلى مواقعهم يقولون إذا وقع النزاع بيننا فكتاب الله فقط بيننا، ويحاولون نفي السنة. بغض النظر عن منشأ هذا، هذا إما أن يكون ناشئ عن جهل أو عن شعبة من شعب النفاق والزندقة. القرآن هذا رد صريح للقرآن الكريم، أنا أجد في بعض الأحيان يدعون أنهم من أهل العلم، يقول تعالوا لنتفق على مرجعية القرآن، يا أخي الله يقول مرجعية الله والرسول، وأنتم من حتى تقولون نكتفي بمرجعية القرآن الكريم، نعم السنة أي سنة؟ لا السنة التي تنفردون بها، ولا السنة التي نحن ننفرد بها. ولا السنة التي تنفرد بها الزيدية، ولا السنة التي تنفرد بها الاباظية، ولا السنة التي ينفرد بها النهج الأموي. السنة الصحيحة الصريحة المتفق عليها. حتى نستطيع أن نقطع دابر النزاع، لقوله لا تجتمع أمتي على ضلالة ولا تجتمع أمتي على خطأ.
إذن القرآن الكريم بشكل واضح وصريح قال (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول).
السؤال: نرجع إلى الله أولاً يعني إلى القرآن أولاً ثم إلى الرسول؟ الجواب: كلا، بل نرجع إلى مفسر ومبين القرآن، هو الذي يقول لنا ما هو، لقوله تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) فإذا بين رسول الله أمراً لا يحق لي أن أقول أن هذا رأيي واجتهادي، هذا سياق الآية، هذا ظاهر الآية ونحو ذلك، إذا قال رسول الله قولاً أو فعلاً عند ذلك …
إذن وما بينه الرسول لا يخرج من الوحي (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) ثم الله أمرنا قال ما بينه لكم رسول الله خذوه (وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) إذن القاعدة الاولى والأصل الأول والخطوة الأولى، إذا جئنا إلى مفردة وموضوعة ونريد أن نعرف مصداقها في القرآن الكريم أولاً بنص القرآن الكريم نحن أمرنا بالرجوع إلى مبين القرآن ومفسر القرآن وإلى من هو يبين ديننا وهو رسول الله صلى الله عليه وآله.
إذن أول من نسأل هذا السؤال، لا نسأل السياق، ولا نسأل اللغة، لا نسأل القرائن الأخرى في القرآن، بل نسأ رسول الله صلى الله عليه وآله، يا رسول من المقصود ومن هم مصداق أهل البيت في هذه الآية.
وهذا ليس هو رأيي الشخصي، الكثير من العلماء ولكن في مواضع متفرقة، منهم الشيخ ابن تيمية، الشيخ ابن تيمية في كتابه (مجموع الفتاوى، ج13، ص18) يقول: (ومما ينبغي أن يعلم أن القرآن والحديث إذا عرف تفسيره من جهة النبي لم يحتج فيه ذلك إلى أقوال أهل اللغة) لا يمكن لأحد ماذا تقول اللغة كما يفعل البعض، الآن تقول له من هو المراد من أهل البيت، يقول انظر إلى اللغة تقول أنه يطلق على الازواج، هذا جهل وعدم العمل بالمنهج القرآني الصحيح، وهذا ما يصرح (فإنه قد عرف تفسيره وما أريد بذلك من جهة النبي فإنه لم يحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم) لأنه سوف يكون اجتهاداً في قبال نص رسول الله، هذا النص أعم من أن يكون قولياً أو فعلياً. هذا كلام أحد الأعلام من المتقدمين.
من أولئك الذين صرحوا بهذه الحقيقة بشكل واضح في كتاب (رسائل الدعوة السلفية، منزلة السنة في الإسلام وبيان أنه لا يستغنى عنها بالقرآن، الرسالة رقم 4، ص11 و12) للألباني وهو ملتفت إلى هذه الحقيقة، لا يستطيع أحد أن يقول ليس لنا علاقة بالسنة بل نكتفي بما يقوله القرآن، ما هو القرآن، اقرأوا لنا آية من القرآن، واقعاً هذه شعبة من شعب النفاق، وشعبة من شعب الزندقة، كما سأقرأ العبارة، هذا إنكار لرسول الله ولكن بشكل مبطن. يقول: (ضلال المستغنين بالقرآن عن السنة) أنه من نهج وقال بالقرآن فقط وترك السنة يعني هو ضال عن الطريق ولا يعرف المنهج، (فهذا الحديث الصحيح) يعني حديث لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه، (فهذا الحديث الصحيح يدل دلالة قاطعة على أن الشريعة الإسلامية ليست قرآناً فقط وإنما هي قرآن وسنة فمن تمسك باحدهما دون الآخر لم يتمسك بأحدهما لأن كل واحد منهما يأمر بالتمسك به بالآخر … وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) ونتيجة ذلك أن مقتضى العمل بالقرآن هو العمل بالسنة والرجوع إلى السنة، (عدم كفاية اللغة لفهم القرآن) لا يأتيني أحد عندما نقول ما هو المراد من اهل البيت، يقول انظر إلى كتب اللغة يشمل أزواج النبي. هذا منطق مفلوج وبائس وقائم على اساس الجهل وعدم معرفة القواعد التفسيرية.
(ومما سبق يبدو واضحاً أنه لا مجال لأحد مهما كان عالماً باللغة العربية وآدابها أن يفهم القرآن الكريم دون الاستعانة على ذلك بسنة النبي القولية والفعلية) لابد أن نرجع أولاً إلى السنة القولية والفعلية للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في هذا المجال.
ثم يقول في (ص22): (إذا ورد الأثر بطل النظر) إذا قال رسول الله أهل بيتي هؤلاء لا يحق لك أن تجتهد، هذا هو المنهج العلمي إذا ورد الأثر بطل النظر لأن السنة حاكمة على كتاب الله ومبينة لكتاب الله ومفسرة (لتبين للناس ما نزل إليهم).
إذن هذا منهج أضعه بيد كل الأحبة الأعزاء الذين يدخلون في حوارات علمية مع هذا ومع ذاك ويقعون في فوضى بحثية، بعضهم يستدل بالسياق وآخر يستدل بآيات أخرى وبعض يستدل باللغة، اخواني الأعزاء الخطوة الأولى كما اتفقت عليه كلمة العلماء هي أنه لابد من الرجوع أولاً إلى السنة القولية والفعلية لرسول الله.
أما إذا وجدتم أحداً يقول لا نعتني بالأثر ولا ربط لنا به وإنما علينا بالقرآن، انظروا ماذا يقول البربهاري في (شرح السنة، ص119) المتوفى سنة 329هـ، يقول: (وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر) تقرأ له رواية، ونحن نجد على بعض الفضائيات تقرأ له الرواية وهي رواية صحيحة السند من جميع علماء المسلمين يقول أريد آية من القرآن، (وإذا سمعت الرجل تأتيه بالأثر فلا يريده ويريد القرآن فلا تشك أنه رجل قد احتوى على الزندقة) شعبة من شعب النفاق، شعبة من شعب الزندقة، والمسؤولية الشرعية يقول: (فقم من عنده ودعه) لأن (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) فإذا لم يرده إلى الرسول فهذا لا يؤمن، هناك خلل، ولذا قلت شعبة من شعب النفاق وشعبة من شعب الزندقة.
إذن الخطوة الأولى أن نرجع إلى السنة القولية والفعلية لرسول الله.
الخطوة الثانية: فإن لم يكن هناك في سنة رسول الله سنة قولية أو فعلية لبيان من تنطبق عليهم الآية المباركة، عند ذلك ننتقل إلى السياق لنسأل سياق الآية والآيات المحيطة بهذه الآيات لبيان المقصود من أهل البيت أو أولي الأمر أو الولاية أو النساء أو الأبناء …، فإن لم نجد، يعني السياق لم يعنا على فهم المصداق من تلك المفردة، عند ذلك ننتقل إلى الآيات الأخرى والقرائن الأخرى في القرآن، يعني عند ذلك ننتقل إلى تفسير القرآن بالقرآن، تفسير القرآن بالقرآن يعني الاستعانة بآيات أخرى يعني قرائن منفصلة في القرآن لفهم الآية الأولى هذا إنما يكون إذا لم يعن السياق ولم يعرف لنا السياق ولم يعين لنا السياق مصداق الآية. فإن لم نجد ذلك في القرآن عند ذلك نرجع إلى اللغة والاستعمالات اللغوية.
إذن هذه هي الخطوات الأربعة في المقام، وهذا ما صرح به أيضاً الألباني في هذه الرسالة في (ص15) قال: (الشائع) ينقل عن بعض أهل العلم وإن كانت عنده مناقشة (الشائع لدى كثير من أهل العلم أنه يفسر القرآن بالقرآن إن لم تكن ثمة سنة) أولاً توجد سنة فإذا كانت السنة فلا تصل النوبة إلى تفسير القرآن بالقرآن بل يكون اجتهاداً في قبال النص النبوي الشريف قولاً وفعلاً. نعم، إن لم تكن هناك سنة عند ذلك نرجع إلى تفسير القرآن بالقرآن إما بقرائن داخلية يعني سياق وإما بقرائن خارجية. وعندي شاهد على ذلك، انظروا إلى هذه الآية المباركة، اطمأنوا أن علماء المسلمين أيضاً يفعلون ذلك، في الآية المباركة من سورة التوبة قال تعالى: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه) أنتم تعلمون أن واحدة من الآيات التي تستند إليها مدرسة أهل السنة والجماعة، أهل السنة والصحابة لبيان فضل الخليفة الأول الاستناد إلى هذه الآية.
سؤال: هذه الآية من قال لكم أنها مرتبطة بالخليفة الأول، إذا قلتم بأننا لابد أن نرجع إلى السياق وإلى الآيات الأخرى وإلى اللغة لماذا ترجعون إلى الرواية، تقولون أجمع التاريخ والروايات، هذا يكشف عن أن منهجهم العلمي هو هذا، يعني عندما يريدون أن يفهموا حقيقة ومصداق لعنوان قرآني أول ما يرجعون إلى الأثر وإلى السنة القولية والفعلية لرسول الله، فإن لم يكن عند ذلك يرجعون إلى القرآن الكريم، هذا هو المنهج الذي سوف إن شاء الله تعالى نحاول تطبيقه على هذه الآية من سورة الأحزاب.
المُقدَّم: صار واضحاً بما يدع مجالاً لمن يشكك، ولكن هل يمكن تطبيق الخطوات الماضية على بيان المراد من أهل البيت في آية التطهير.
سماحة السيد كمال الحيدري: في هذه الليلة بالقدر الذي يسعنا الوقت نريد أن نطبق ذلك على الخطوة الأولى، ما هي الخطوة الأولى، وهي أن نرجع أولاً إلى النبي الأكرم، يا رسول الله صلى الله عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين، يا رسول الله من المقصود ومن هم مصداق أهل البيت في آية سورة الأحزاب (إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً). نسأل رسول الله بينت أم لم تبين؟ قد يقول قائل لم ترد عندنا رواية ولا واحدة، وليست هناك أي رواية صحيحة صريحة متفق عليها تبين من المقصود بأهل البيت، الآن نرجع إلى كتب الحديث وإلى المصادر المعتبرة عند جميع علماء المسلمين، وسوف اقتصر على الروايات الصحيحة السند فقط، وإلا الكتب التي عرضت لهذه مئات، أنا أكتفي ببعضها التي صرحت بأنها صحيحة السند، طبعاً بعد هذه الخطوة سوف أنتقل إلى مَن مِن العلماء صرحوا بأن هذه الآية مختصة بهؤلاء الأربعة يعني بأهل البيت، هي مختصة بأهل البيت ولكن المراد بأهل البيت هم الأربعة، مَن مِن علماء المسلمين صرح وقال باختصاص هذه الآية بهؤلاء، ليس من علماء مدرسة أهل البيت بل من علماء المسلمين.
أما الخطوة الأولى أو الأمر الأول، فيما يتعلق بذلك أحاول أن أمر عليها سريعاً.
المورد الأول (صحيح مسلم، ج4، فضائل أهل البيت) المتوفى 261هـ أما الرواية فهي (قالت عائشة) الراوي عائشة أم المؤمنين (قالت عائشة خرج النبي غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) ولم يقل رسول الله اللهم هؤلاء من أهل بيتي، والعارف باللغة يعرفون ماذا أقول، لو كان مراد رسول الله أن هذه الآية تنطبق على أزواجه لقال اللهم هؤلاء من أهل بيتي. ولا يقول اللهم إن هؤلاء أهل بيتي. اللهم هؤلاء أهلي، أو أهل بيتي ونحو ذلك.
هذا هو المورد الأول وهو ما ورد في صحيح مسلم.
المورد الثاني ما ورد في (صحيح سنن الترمذي، ج3، ص306) وهو تأليف محمد ناصر الألباني، الرواية عن عطاء بن رباح عن عمر بن أبي سلمة قال: (لما نزلت هذه الآية على النبي (إنما يريد) في بيت أم سلمة فدعا فاطمة وحسن حسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء ثم قال) التفتوا جيداً هذا التجليل بالكساء حتى يبين الحصر، يريد أن يوجد له سور وحاجز عن الآخرين، وإلا لو لم يفعل ذلك لقال فلان وفلان أنهم … (ثم قال: اللهم هؤلاء) من أهل بيتي أم هؤلاء أهل بيتي؟ يعني رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يعرف اللغة العربية حتى يقول اللهم هؤلاء، إذا كان مقصوده التبعيض لكان يقول من أهل البيت، حتى لا يخرج غيرهم، لا أقل لا يحدث ولو تلميحاً خروج أزواجه، والعجيب أن هذه الآية نزلت في بيت إحدى نسائه ولم تنزل في بيت علي حتى يقال إن نسائه لم تكن موجودة حتى يدخلهم معه، بل تصريحات موجودة قالت أم سلمة وأنا معهم يا نبي الله، وجدت هذا المقام العالي العظيم الرفيع قال: أنت على مكانك وأنت على خير. يعني لا تقتربي من هذا الخط الأحمر، هذا هو بيت النبوة وبيت الرسالة، البيت المختص بعلي وفاطمة والحسن والحسين، ولذا قلت أنا في حلقات سابقة أنه عندما تكلم القرآن عن أزواج النبي قال (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية) ولكن عندما جاء إلى هذا البيت (أهل البيت) وكأنه عنوان واضح لا مصداق له إلا من؟ ورسول الله للتأكيد ولدفع هذا الاحتمال جللهم تحت الكساء.
قال: (صحيح).
وكذلك ذكر هذا المعنى في طريق آخر في باب مناقب أهل البيت، عن عبد الله عن جابر بن عبد الله قال: (رأيت رسول الله في حجته يوم عرفة يقول إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي) هذا حديث الثقلين، والعجيب أنه ينقل رواية أهل البيت في آية التطهير خلف هذه الآية ليقول مصداق أهل البيت هؤلاء قال: (نزلت هذه الآية على النبي إنما يريد الله فدعا النبي فاطمة، وقالت أم سلمة وأنا معهم … قال أنت على مكانك وأنت على خير).
وكذلك في (صحيح الترمذي، ج3، الحديث3871) قال: (صحيح، قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وهو أحسن شيء روي في هذا الباب) هذا المورد الثاني.
المورد الثالث ما ورد في (سنن الترمذي، ج6، ص336، الحديث4121) بتحقيق الأرنؤوط قال: (حديث صحيح).
يعني الألباني يقول صحيح، الأرنؤوط يقول صحيح، وكذلك الأخوة الذين يريدون أن يراجعوا الحديث يجدونه في (ص388) قال: (حديث صحيح) وهذا إسناد ضعيف ولكن الحديث صحيح، وهذا مما بيناه فيما سبق.
وممن أشار أيضاً إلى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل في (مسند أحمد بن حنبل، ج28، ص193) بتحقيق الأرنؤوط (دخلت على واثلة فقال إلا أخبرك بما رأيت من رسول الله قلت: بلى، قال: أتيت فاطمة اسألها عن علي قالت: توجه إلى رسول الله فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله ومع علي وحسن وحسين آخذ كل واحد منهما بيده حتى دخل فأدنى علي وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسناً وحسيناً كل واحداً منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساء ثم تلا هذه الآية وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي … حديث صحيح). هذه ليست في مورد واحد، والشاهد على ذلك تعدد الرواة. وهذه الرواية عن شداد بن عمار قال دخلت على واثلة فذكروا علياً فلما ذكروا علياً، لابد أنهم ذكروه بسوء، فلما قاموا قال لي، لأنه لا يستطيع أن يتكلم أمامه، ألا أخبركم برسول الله ماذا فعل بعلي، وهؤلاء ماذا يفعلون، خط بني أمية هذا الأصل. ويقول: (وأخرجه ابن أبي شيبة، وأخرجه ابو يعلى، والطبراني وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير، وأخرجه الطبري في تفسيره والطحاوي في مشكل الآثار وابن حبان والطبراني في الكبير والقطيعي في زوائده على فضائل الصحابة والحاكم والبيهقي وزادوا وقالوا البيهقي إسناد صحيح) وعشرات المصادر.
وأيضاً أشار إلى هذا الحديث في (مسند أحمد بن حنبل، ج44) قال بعد أن ذكرت الرواية: (فعشاهم وقال اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي) لا أن نسائي خاصتي بل هؤلاء خاصتي، وهنا أتحدى رواية واحدة صحيحة صريحة متفق عليها بين جميع علماء المسلمين قال في غير هؤلاء هؤلاء خاصتي، لا تقول لي قال في صحيح البخاري في أزواج النبي وقال في عائشة كذا، نعم هذه حجة عليكم وأنتم أحرار في قبولها أو عدم قبولها، ولكنها ليست حجة علينا، والحجة علينا قول رسول الصحيح الصريح المتفق عليه، قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً) وكررها ثلاث مرات (قال) أم سلمة (فأدخلت رأسي البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله قال: أنك إلى خير …) ثم يشير إلى سندها يصحح بعضها ويضعف بعضها ولكنه يؤكد على صحة بعضها.
وكذلك ما ورد في (المصنف، ج17، ص118) لابن أبي شيبة، وكذلك (خصائص أمير المؤمنين، ص26) للنسائي، وكذلك في كتاب (الذرية الطاهرة النبوية، ص108) للحافظ الدولابي صاحب الكنى المتوفى 310هـ، وأشار إلى ذلك وصححه، وكذلك في (مسند أبو يعلى الموصلي، ج12، ص313) وكذلك الذهبي المتشدد في (سير أعلام النبلاء، ج2) قال: (وصح أن النبي جلل فاطمة وزوجها وابنيهما بكساء وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي) وكذلك ما قاله في (سير أعلام النبلاء، ج3، ص254) الأرنؤوط يعلق يقول: (حديث صحيح بطرقه وشواهده).
وهنا أريد أن أنقل رواية أو روايتين، أنه الإمام ابن كثير في (تفسير القرآن العظيم) نجد أن الإمام الحسن يقول نحن أهل البيت، وهذا ما لم تدعه أحد من أزواج النبي، وإذا كان هناك شخص يدعي أنه من أهل العلم فليأتني برواية واحدة أن عائشة أم المؤمنين قالت أن هذه الآية نزلت فيها، نعم ادعي لهم بعد ذلك، وسيأتي في الأسبوع القادم مرويات عائشة في التفسير لا توجد رواية قالت فيها عائشة أن الآية نزلت فيَّ. أما الإمام الحسن ماذا يقول؟ في (تفسير القرآن العظيم، ج6، ص190) لابن كثير، تحقيق حكمت بن بشير بن ياسين، أشرف على طبعه سعد بن فواز، دار ابن الجوزي، يقول: (إن الحسن بن علي استخلف حين قتل علي عليه السلام قال فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجره وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه فلان، وحسن عليه السلام ساجد، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثم برأ فقعد على المنبر فقال: يا أهل العراق، اتقوا الله فينا فإنا أمراءكم وضيفانكم ونحن أهل البيت الذي قال الله إنما يريد الله ليذهب …) إذن الإمام الحسن أدعى ماذا؟ وإذا كانت هذه الآية نزلت في أزواج النبي لماذا لم تدعيها واحدة منها هذا في رواية صحيحة معتبرة (فما زال يقولها حتى ما بقي أحد في المسجد حتى وهو يحن بكاءً على ما قاله).
وكذلك هذا المعنى ورد في كتاب (در السحابة في منازل القرابة والصحابة) للشوكاني. أيها المشاهد الكريم أنا إنما أعدد المصادر بمختلف الاتجاهات من مفسرين ومحدثين ومؤرخين لأقول أن القضية ليست مشهورة بل متفق عليها، لا يوجد خلاف في هذه القضية الواضحة. يقول: (وأخرج الطبراني في الكبير بإسناد رجاله ثقات ثم ينقل رواية الإمام الحسن).
الآن يوجد كتاب (الشريعة، ج5، ص2207) للآجوري.
واختم حديثي بما قاله علامة المفسرين في العراق العلامة الألوسي، التفتوا إلى قوله، قال: (وأخبار إدخاله علياً وفاطمة وابنيهما تحت الكساء وقوله عليه الصلاة والسلام اللهم هؤلاء أهل بيتي ودعائه لهم وعدم إدخال أم سلمة) التفتوا خبر إدخال (أكثر من أن تحصى) أين التواتر من هذا الخبر، التواتر خمسة أو عشرة، يحصى، يقول العلامة الالوسي لا يحصى، يقول وأخبار مع خصوصيات، أولاً هؤلاء الأربعة، ثانياً الدعاء له، ثالثاً إخراج أزواجه، لا غيرهم، إخراج أم سلمة وهي من أمهات المؤمنين، أليس هكذا. والآية نزلت في بيتها ولكن أخرجت، وأنا استغرب من الذين يقولون بأن أزواجه مشمولين للآية، أفلا تتدبرون، أفلا تعقلون، مالك كيف تحكمون، صريح الروايات فوق حد الاحصاء أن رسول الله أخرج أم سلمة، وإذا كانت مشمولة فلماذا يخرجها مع أن الآية نزلت في بيتها، عائشة لم تدخل باعتبار أن الآية لم تنزل في بيتها، ولكن هذه نزلت في بيتها فالمفروض أن يقال هكذا.
إذن بحسب الخطوة الأولى اتضح لنا أن الأحاديث النبوية والسنة النبوية القولية والفعلية متواترة على أن المراد من أهل البيت هؤلاء، ولا يمكن أن يقول أحد أن السياق يقول كذا، هذا جاهل، وهذا اجتهاد في قبال نص رسول الله، السنة القطعية الثابتة من رسول الله قولاً وفعلاً.
إذن هذه هي الخطوة الأولى.
المُقدَّم: الأخ عبد الله من السعودية، تفضلوا.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
الأخ عبد الله: أنا من أهل السنة، من سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لعلي أتفق معك أن أمهات المؤمنين خارجات عن أهل البيت عليهم السلام، وهذا فيه خلاف بين أهل السنة أنفسهم، ويوجد بحث طويل في ذلك، ولكن ذلك لا ينقص من مقام أمهات المؤمنين، أمهات المؤمنين فقط وليس أمهات الكافرين ولا المنافقين، وهذا دليل على وجود ود بين آل البيت والسيدة عائشة.
سماحة السيد كمال الحيدري: حديثنا أن عنوان اهل البيت شامل للنساء أو ليس شامل، أن نساء النبي لهن مقام ذاك له بحث سيأتي أن العلاقة طيبة بين نساء النبي وبين أهل البيت ذاك حديث آخر سيأتي، الحديث الآن وموضوع البحث أن أهل البيت أولاً ليس محل الخلاف، محل الخلاف من الوهابية والسلفية المحدثين وإلا كل علماء المسلمين قالوا بأنه لا يشمل نساء النبي. نعم، محل الخلاف من الشيخ عبد الرزاق عفيفي الذي هو من أعلام السلفية والوهابية المعاصرين. يقول في كتابه (الإحكام في أصول الأحكام، ج1، ص323) للآمدي، علق عليه العلامة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، دار الصميعي، بعد أن ينقل الروايات ويحاول أن يضعف، ويقول أن لا توجد رواية صحيحة أنه جمع هؤلاء، هل هناك كذب أعظم من هذا، كل علماء المسلمين قال الروايات في هذا صحيحة، يقول: (إلى نحوه من الآثار التي يغلب على من رواها أنه رافضي أو شيعي متهم أو ضعيف) يعني أم سلمة شيعية رافضية، والله هذا طعن في أم المؤمنين، لماذا تسكتون في الطعن في أم سلمة وتخرسون، ولا تتكلمون، هذا طعن في أم سلمة. هذا طعن في عائشة، لماذا تسكتون ولا تتكلمون، قد يقال قائل: لا يقصد أم سلمة أو عائشة بل يقصد أشخاص آخرين في السند، الجواب: لأنه يخالفكم الرأي صار ضعيفاً متهماً، أهذا هو منطق العقلاء، أهذا هو منطق الدين، أهذا هو منطق الأخلاق، إذا كان الاختلاف في الرأي سبب في الطعن والتضعيف والاتهام، فنحن أيضاً نطعن فيكم ونطعن فيمن تعتمدون عليه ولكن لا نفعل ذلك لأننا تحكمنا قواعد أخرى. يقول: (وعلى تقدير صحة شيء من الأحاديث) يعني لم يصح منها شيء (فغايته الدلالة على أنهم من أهل البيت) تبين أن رسول الله نسى أن يقول (من) هو يعلم رسول الله (فغايته الدلالة على أنهم من أهل البيت وأن الآية تشملهم لا أنها نازلة فيهم أو خاصة بهم) ورسول الله يقول خاصتي. ومع ذلك يدعون أنهم تابعون لسنة رسول الله، أيها المسلمون لمن نرفع شكوانا، هؤلاء يدعون أنهم تابعون. يقول: (فإن سياق الآيات سابقها ولاحقها صريح في أنها نزلت في زوجات النبي) إذا كان لك منطق حتى نستطيع أن نتكلم معك، إذا كان لك عقل كيف يمكن الذهاب إلى السياق ونص رسول الله يقول هؤلاء أهل بيتي وخاصتي.
المُقدَّم: الأخ عبد الله من المملكة العربية السعودية، تفضلوا.
الأخ عبد الله: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
الأخ عبد الله: سيدنا الكريم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بين في حديث الكساء أن فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام هم أهل بيته، كيف يرتفع إشكال اشتمال الأئمة التسعة الباقين تحت عنوان أهل البيت.
سماحة السيد كمال الحيدري: هذا خارج عن موضوعنا. الآن حديثنا هل يختص بهؤلاء الأربعة أم يشمل نساء النبي، أما كيف يشمل الآخرين ذاك بحث.
المُقدَّم: ولأننا نريد أن ندخل الإمام المهدي فلابد أنه سيأتي.
الأخ خالد من السعودية، تفضلوا.
الأخ خالد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليك السلام ورحمة الله.
الأخ خالد: حديثكم شيق وجميل، ولكن بصراحة ما استسغت أن نساء الرجل ليسوا من أهل بيته، هل زوجتك ليست من أهل بيتك.
المُقدَّم: أنها من أهل بيتي تدخل في بيتي وتعيش معي أمر، وخاصتي وعترتي أمر آخر.
سماحة السيد كمال الحيدري: قلنا أنه في اللغة أهل البيت يشمل النساء، في العرف أهل البيت يشمل النساء. ولكن كلامنا أن هذه الآية رسول الله على من طبقها، أنا أستغرب لماذا أنتم تنجرون إلى منطلقاتكم العقدية والثقافية والفكرية، رسول الله يقول هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، لا أم سلمة، أنت مع ذلك تقول لرسول الله لماذا تفعل هكذا؟ أهذا منطقكم مع رسول الله، هذا الذي لا ينطق ولا يفعل عن الهوى، هذا الرسول الذي هو ما اتاكم الرسول فخذوه، هذا الرسول الذي (لتبين للناس ما أنزل إليهم) أخي العزيز أنت خلطت بين البحث اللغوي والبحث العرفي والاستعمالات العرفية، الآن تقول أهلي يصدق عليه زوجتي، وأنا أقول ذلك أن زوجتي يصدق عليها أنها من أهلي، بل الخدم ومن يسكن معك، لو عاش معك أولاد خالك أو أولاد عمك في البيت تقول هؤلاء أهل بيتي، أخي العزيز البحث ليس بحث لغوي ولا استعمالي ولا عرفي، وإنما البحث اصطلاحي، يا رسول الله من هم أهل بيتك؟ قال أهل بيتي هؤلاء وخاصتي.
ويأتي العفيفي يعلم رسول الله أن مقصوده من أهل بيته يعني (من أهل بيتي).
المُقدَّم: معنا الأخ أبو عمار من السعودية، تفضلوا.
الأخ أبو عمار: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
الأخ أبو عمار: عندي تعليق سريع واستفسار من سماحة الشيخ فارجوا أن يتسع صدره وهو يساعدنا في البحث عن الحقيقة جزاه الله خيرا، يعني شيخ كمال جمهور علماء المسلمين يعتبرون أهل البيت كل من حرمت عليه الصدقة من أقرباء النبي عليه السلام.
سماحة السيد كمال الحيدري: أخي العزيز لم يقل جمهور علماء المسلمين أن أهل البيت هكذا، أهل البيت في الفقه من حرمت عليهم الصدقة، أنا لا أتكلم في البحث الفقهي، نعم نحن في كتبنا الفقهية نقول المراد من أهل البيت من حرمت عليهم الصدقة، نحن نتكلم في هذه الآية، وهذه الروايات لم أقرأها أنا لا من البحار ولا من كتاب توحيد الصدوق ولا من التهذيب ولم أقرأها من كتاب من لا يحضره الفقه، ولا من الوسائل. بل قرأناها من أهم كتب القوم، أخواني الأعزاء قلت تكراراً ومراراً أن البحث ليس بحثاً فقهياً، ليس بحثاً عرفياً، ليس بحثاً لغوياً، وإلا إذا كنت صادقاً اجمع لي من يقولون أن أهل البيت من حرمت عليه الصدقة، ستجد في البحث الفقيه لا في هذه الآية المباركة، وحدثينا في هذه الآية المباركة.
المُقدَّم: ثم من حرمت عليه الصدقة يخرج نساء النبي.
سماحة السيد كمال الحيدري: إذن لا تختص بنساء النبي، لماذا تصرون نساء النبي، لماذا ليس كلهم، مع أنكم تصرون، وهذا الإصرار من بعض هؤلاء المتخلفين.
المُقدَّم: معنا الأخ مهند من السويد، تفضل.
الأخ مهند: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله.
الأخ مهند: بعض الفرق من المسلمين يعتمدون على الإعراب ولا يعتمدون على قول النبي، عندي زميلي في العمل يغسل في هكذا، سألته لماذا تغسل على رجلك، قال: لأن الإعراب وامسحوا بوجوهكم إعرابها معناها الغسل.
سماحة السيد كمال الحيدري: إلى هنا انتهينا إلى هذه النتيجة، وهذه النتيجة هي في الخطوة الأولى لو كنا نحن وحديث رسول الله فحديث رسول الله يختص بهؤلاء، ومن أراد أن يستند إلى القرينة أو إلى السياق أو إلى الشواهد والقرائن الأخرى فهذا معناه اجتهاد في مقابل نص رسول الله القولي والفعلي، ولكن مع الأسف الشديد كما قلنا أن منهج السلفية ومنهج الوهابية المحدثين أنهم حاولوا، هذا الرجل وهو العفيفي الذي كان له مقام فيما سبق، هذا الرجل بعد أن ينقل يحاول أن ينقل روايات بستة طرق ويضعفها جميعاً، ثم يقول (ومن أراد الاستقصاء في ذلك ونقدها) لأنه مسلم عنده لابد أن يرد ما يرتبط بعلي وفاطمة والحسن والحسين، ومع ذلك يدعون أننا نحب علياً وهذه من مقامات علي وأهل البيت، لماذا هناك إصرار على نقدها وتضعيفها، والعجيب والغريب أنه عندما نصل إلى قضية هذه الروايات، في (صحيح مسلم) بتحقيق السلفي الأثري يعني الشيخ مسلم بن محمود عثمان عندما ينقل هذه الرواية التي هؤلاء أهل البيت، في صحيح مسلم يقول حديث ضعيف. لأن هؤلاء عندهم استعداد أن يضحوا بمسلم وبالبخاري من أجل أن لا تثبت منقبة وفضيلة لعلي وفاطمة، لا لأهل البيت، بل لعلي وفاطمة. حديث ضعيف، افترض أن هذا الحديث الذي نقله مسلم كان ضعيفاً، لكن هناك العشرات من الروايات بطرق أخرى صحيحة وحسنة أشر إليها، هذا هو الذي نحن قلنا أن هؤلاء إما ليسوا أهل أمانة علمية وإما أهل جهل مطبق، وإما هناك أغراض أخرى من وراءها.
المُقدَّم: شكراً لكم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، شكراً لكم مشاهدينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
