قال الشيخ(قدس سره): فنقول: وبالله التوفيق, قال: في الخلاف إذا دفع قطعةً إلى البقلِ أو الشارب فقال أعطني بها بقلاً أو ماءاً فأعطاه فإنه لا يكون بيعاً وكذلك سائر المحقرات.
كان الكلام في المعاطاة العنوان الذي ذكره الشيخ لهذا المبحث وإن كان الأعلام من المحققين ذكروا هذا المطلب تحت عنوانٍ آخر وهو أنه: هل يشترط في تحقق البيع الصيغة أو لا يشترط ذلك, ولعله هو الأفضل والأعم, لأنه بعض اشترط أن البيع لكي يتحقق لابد من الصيغة وبعض من لا يشترط يقول يمكن أن يتحقق البيع بلا صيغة. عند ذلك تحقق البيع بلا صيغة يكون بالمعاطاة.
إذن ذاك العنوان الذي ذكره الفقهاء مقصودهم هذا المطلب الذي ذكره الشيخ هنا.
بنحو الإجمال أفهرس المطلب السابق هو أنه ذكرنا أن المعاطاة إما أن يقال بأنها تفيد الملك وإما أن يقال بأنها تفيد الإباحة, وقلنا بأنه يوجد قولنان آخران إلا أنه لا يعتنى بهما, أشرنا إليهما وإلى ما يرد إليهما فيما سبق.
قلنا: أن الفقهاء اختلفوا في إفادة المعاطاة على أنها هل تفيد الإباحة أو تفيد الملك أو أنها لا تفيد شيئاً أصلا بل هي بيع فاسد, كما نقل عن العلامة فيما سبق.
ثم بعد ذلك تعرض الشيخ لتحرير محل النزاع قال لابد أن نحرر محل النزاع أن هذه الأقوال التي ذكرت وهي أقوال ثلاثة هل أن محل النزاع فيها ما لو قصد المتعاطيان الإباحة أو ما لو قصد المتعاطيان التمليك, أي أن مقصود المتعاطيان إذا كان الإباحة فتوجد أقوال ثلاثة أو أن المقصود إذا كان قصد المتعاطيين التمليك فتوجد أقوال ثلاثة.
ذكرنا أو ذكر الشيخ بأن المشهور بين الخاصة والعامة أن المقصود مقصود المتعاطيين هو التمليك وبناءً على هذا توجد عندنا أقوال ثلاثة إما الإباحة وإما الملك اللازم وإما أنه لا تفيد شيئاً, وحيث أن المحقق الثاني المحقق الكركي صاحب جامع المقاصد وجد بأن قصد التمليك لا ينسجم مع إفادة المعاطاة الإباحة.
قال: أن مراد المشهور من الإباحة الملك الجائز والملك المتزلزل فحمل الإباحة في كلمات الفقهاء المتقدمين على الملك الجائز في قبال الملك اللازم. إذن تصرف في الإباحة في اصطلاح الإباحة الوارد من المتقدمين.
صاحب الجواهر(رحمه الله) حيث وجد بأن إطلاق الإباحة وإرادة الملك الجائز هذا لا يصدر من أصاغر الطلبة فضلاً عن كبائرهم فضلاً عن عظماء الطلبة, إذن قال: أن هذا الخلاف الذي ذُكر بين الفقهاء في المسألة ما لو كان مقصود المتعاطيين الإباحة, محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان الإباحة فإما أن تفيد الإباحة وإما أن تفيد الملك اللازم وإما أن لا تفيد شيئاً.
إذن المحقق الثاني قال: محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان التمليك وحمل الإباحة في كلمات المتقدمين على الملك الجائز.
صاحب الجواهر(رحمه الله) قال: محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان الإباحة حتى يحمل كلام القدماء على ظاهره ولا يتصرف في ذلك الظاهر.
إذن تبين أنه يوجد عندنا قولان في المسألة:
قول يقول: أن هذه الأقوال الثلاثة محل النزاع فيها ما لو قصد المتعاطيان الإباحة وهو قول صاحب الجواهر, وهذا يحافظ على كلام القدماء القائلين بأنها تفيد الإباحة.
وقول, ولكن يرتكب الخلاف ويرتكب خلاف المشهور من أي جهة؟ حيث أن المشهور يقول ما لو قصد المتعاطيان التمليك وهو يقول ما لو قصد المتعاطيان الإباحة.
المحقق الثاني يحمل كلام القدماء على واقعه على ظاهره من أن قصد المتعاطيين التمليك ولكن يتصرف في كلمات القدماء القائلين بالإباحة ويحملها أن المراد من الإباحة فيها هو الملك الجائز في مقابل الملك اللازم.
الشيخ(رحمه الله) تتذكرون في الدرس السابق ذكرنا, قال: لا إشكال ولا شبهة في بعد ما ذكره المحقق الثاني أنه واقعاً لا يمكن أن يقال بأنهم يطلقون الإباحة ويريدون الملك الجائز, وإلا لو كان هكذا كان ينبغي أنهم في العقود الجائزة أيضا يقولون أنهم تفيد الإباحة ويقصدون الملك الجائز, في الهبة تفيد الإباحة أم الملك؟ تفيد الملك الملك الجائز, ولكنه يصح إطلاق الإباحة مع أنه لم يطلق أحد منهم الإباحة هناك, إذن لا يمكن الالتزام بما ذكره المحقق الثاني من أنهم يطلقون الإباحة ويريدون الملك الجائز فهذا بعيد غايةً كما قال فيما سبق.
ولكن ما فعله المحقق صاحب الجواهر أبعد مما فعله المحقق الثاني حيث أنه أيضا جعل محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان الإباحة لا التمليك هذا خلاف ظهور كلمات الفقهاء المتقدمين بل خلاف صريح جملة من كلمات الفقهاء السابقين.
ومن هنا يدخل الشيخ لبيان هذين المطلبين:
أولاً: بيان بعد ما ذكره المحقق الثاني.
وثانياً: بيان أبعدية ما ذكره المحقق صاحب الجواهر.
فالآن يستعرض الشيخ الأنصاري(رحمه الله) جملة من كلمات الفقهاء السابقين لإثبات بعد ما ذهب إليه المحقق الثاني, ولإثبات أبعدية ما ذهب إليه صاحب الجواهر. الآن نقرأ هذه الكلمات.
قال: فنقول وبالله التوفيق, قال: في الخلاف الشيخ الطائفة في كتابه الخلاف, إذا دفع قطعة من النقد درهماً ونحو ذلك, إذا دفع قطعةً من النقد إلى البقلِ البقال صاحب البقول التي يبيع الخضروات أو إلى الشارب السقاء الذي يسقي الناس, أو الشارب, فقال أعطني بها بقلاً أو ماءاً فأعطاه فإنه لا يكون بيعاً, وكذلك سائر المحقرات لا فقط في هذه, في كل الأمور الحقيرة ايضا كذلك, فضلاً عن الأمور الحقيرة والكبيرة, كيف أنه في الأمور الحقيرة لا يكون هذا الإعطاء المتبادل بيعاً كذلك فضلاً عن الأمور الكبيرة والعظيمة.
قال: لا يكون بيعاً وكذلك سائر المحقرات, طيب هل أنها لا تفيد مطلقاً؟ يقول لا, لا تفيد البيع ولكنها تفيد الإباحة إباحة التصرف وإنما يكون إباحة له, يعني كل منهما يبيح للآخر أن يتصرف فيما وصل إليه فيما صار تحت يديه, فيتصرف كلٌ منهما فيما أخذه تصرفاً ولكن ليس تصرفاً ملكياً بل تصرفاً مباحاً, من دون أن يكون ملكه لا هو ملك ولا أنه كل منهما لم يملك شيئاً وإنما أبيح له التصرف فيه.
فإن قلت: أنه ما هو الفرق ما هي الثمرة المترتبة الآن سواء قلت أنه ملكه أو أباح له التصرف فيه؟ ما هي الثمرة, يقول لا هناك ثمرة أنه إذا قلنا أنها ملك لازم فحينئذ لا يستطيع أن يرجع كل واحد على الآخر باسترجاع ماله بخلافه ما لو قلنا أنها إباحة فإنه يستطيع أن يرجع كل واحد على الآخر وأن يأخذ ما أباحه للآخر, (كلام أحد الحضور) الآن البحث ليس بعد التصرف, الآن قبل التصرف, الآن التصرف هل يجعله مملّكاً أو لا الآن البحث ليس في ذاك, في البيع (كلام أحد الحضور) اسمحوا لي, لا هذا بيان الإباحة نريد أن نبين مطلب الإباحة, في البيع بمجرد أنه يقع البيع والشراء والإيجاب والقبول تحصل الملكية ولا يحق لأحدهما أن يرجع إلى الآخر, تصرف أو لم يتصرف, نريد أن نعرف بأنه في الإباحة أيضا كذلك في المعاطاة أيضا كذلك, نقول لا, يعني هذه وفائدة بيان إشكال مقدر.
فإن قلت: شيخنا هل يحق لكل منهما أن يتصرف في ما وصل إليه أو لا؟ يقول نعم يحق له أن يتصرف, يقول القائل إذن ما هو الفرق تقول أنه إباحة أو أنه بيع؟ يقول: لا فائدة كبيرة فرق كبير بينهما, وفائدة ذلك يعني أننا قلنا تفيد الإباحة لا الملك أن البقلِ إذا أراد أن يسترجع البقل أو أراد صاحب القطعة أن يسترجع قطعته كان لهما ذلك لماذا؟ لأن المفروض أن الملك لم يحصل لهما لا للبقلِ ولا لصاحب القطعة, وبهذا القول قال الشافعي, طيب أبو حنيفة ماذا قال؟ وقال: أبو حنيفة يكون بيعاً صحيحاً, وإن لم يوجد الإيجاب والقبول.
هذه العبارة هي محل شاهد الشيخ.
يقول: إذن تبين أن محل النزاع بيننا وبين أبي حنيفة من نقل هذا القول هو في أي شيء؟ في أن المعاطاة المقصود بها التمليك هل تفيد الملك اللازم كالبيع أو لا تفيد البيع اللازم, وإلا لو كان الكلام في المعاطاة المقصود بها الإباحة من يشك في أنها لا تفيد الملكية؟
لا إشكال ولا شبهة أنت إذا كنت قاصداً من المعاملة الإباحة, هل يمكن أن يتصور أحد أنه يقع ملكاً أو لا يقع ملكاً؟ لا يتصور أحد أنه إذا كان مقصود المتعاطيين الإباحة لا يوجد هناك مجال للتشكيك في أنها تفيد الملك أو لا تفيد الملك, إنما يقع النزاع أين؟ يقع النزاع ما لو كان مقصود المتعاطيين التمليك فيقع الكلام أنه واقعا تفيد التمليك كما يفيد البيع أو لا تفيد التمليك كما يفيده البيع, يعني فقط الإيجاب القبول غير موجود ولكن باقي الشرائط موجودة ومن الشرائط الأخرى أن المتبايعان يقصدان التمليك, وأما إذا لم يقصدا التمليك طيب لم يشك أحد ولم يدعي أحد أنه يقصدان الإباحة ولكن يمكن أن ملكاً لازماً أو لا يقع.
فإذن من ذكر كلام أبي حنيفة يتضح بأن محل النزاع أين؟ ما لو قصد المتعاطيان التمليك وإلا هل يمكن أن يلتزم أحد أن يقصد المتعاطيان الإباحة ولكن يقع بيعاً صحيحاً يفيد التمليك؟ فلهذا قال.
وقال: أبو حنيفة يكون بيعاً صحيحاً هذا إذا قصد التمليك وأما إذا لم يقصد التمليك طيب فلا يمكن أن يكون بيعاً صحيحاً, الشيخ يريد أن يقول مع قصدهما التمليك لا يمكن أن يكون بيعاً بل يفيد الإباحة.
وإن لم يوجد الإيجاب والقبول, هذا الكلام ايضا ذكره أبو حنيفة وقال ذلك في المحقرات دون غيرها من الأمور العظيمة.
دليلنا ما هو؟ طيب الشاهد الثاني الذي يأخذه الشيخ من كلام صاحب الخلاف, يقول: دليلنا أن العقد حكمٌ شرعي, المراد من العقد هنا يعني الإيجاب والقبول اللفظي, ما هو المراد من الحكم الشرعي هنا؟ الحكم الشرعي كما درستم إما حكم شرعي تكليفي كالوجوب والحرمة, وإما حكم شرعي وضعي من قبيل السببية والملكية ونحو ذلك, الشيخ يقول بأن دليلنا في مقابل دليل أبو حنيفة ماذا؟ أن العقد الذي يفيد البيع والملك اللازم هو ماذا؟ يحتاج إلى سبب شرعي وقد ثبت من الشارع أن السبب الشرعي لإفادة البيع والملك اللازم هو الإيجاب والقبول فيبقى غيره خارجاً عن محل الكلام, لأن المعاطاة لم يثبت أنها سبب شرعي لإفادة الملك اللازم, ونحن ندور مدار ما جعله الشارع سببا في تحقق الملك, وحيث أنه في الإيجاب والقبول اللفظي ثبتت السببية وفي المعاطاة لا يوجد إيجاب وقبول لفظي إذن لم تثبت السببية إذن لا يثبت ما يترتب على البيع.
الشيخ يقول: وهذا خير دليل على أن محل النزاع ما لو قصد التمليك وإلا لو كان المقصود الإباحة كان ينبغي الشيخ يعلل بماذا؟ يقول: بأنه أساساً لم يقصد البيع حتى يقع التمليك, لا أنه يقول لم يثبت أنه سبب شرعي, لأنكم تعلمون أنه إذا تارة إذا فقد المقتضي وأخرى يوجد المانع, نحن إذا وجد عندنا مقتضٍ ولكن وتحقق المانع, هنا ننسب عدم الأثر إلى عدم المقتضي أم إلى وجود المانع؟ أنتم تعلمون أنه إذا لم يقع التأثير لم يقع الأثر خارجاً تارة عدم وقوع الأثر لعدم وجود المقتضي وأخرى لوجود المقتضي ولكن لتحقق المانع, النار الآن موجودة هنا, ولكنه كانت الورقة التي نريد أن نحرقها رطبة.
هنا نقول لم تحترق الورقة لعدم وجود النار أم وجود الرطوبة فيها؟ طيب نقول لوجود الرطوبة فيها, نعم متى ننسبه إلى عدم المقتضي إذا لم يتحقق المقتضي في الخارج, هنا الشيخ يقول لا يتحقق في المعاطاة بيع لأنه ليس بسبب شرعي أو أنه ليس ببيعٍِ؟
طيب إذا كان مقصود المتعاطيين الإباحة طيب كان ينبغي أن يعلل بماذا؟ يقول لأنه ليس ببيعٍ لا أنه يقول لأنه ليس بسببٍ شرعي, عندما علل بعدم السببية الشرعية للمعاطاة هذا معناه أن المقتضي تام في المعاطاة يعني تفيد الملكية لكنه تفيد الملكية ولكن الشارع لم يجعلها طريقاً سببياً لإفادة الملكية. فتعليله عدم إفادة المعاطاة البيع لأن البيع حكم شرعي هذا خير دليل على أن المعاطاة تفيد الملكية, عفواً, أن المعاطاة ما لو قصد فيه المتعاطيان التمليك ولكنه كان هناك مانع ما هو المانع أنه لا يتحقق بالإيجاب والقبول الذي جعله الشارع سبباً, وأما لو كان مقصود المتعاقدين الإباحة كان ينبغي أن يعلل بماذا؟ بعدم وجود المقتضي لا لوجود المانع, كان ينبغي أن يقول لعدم وجود البيع هنا, لان مقصود المتعاطيين هو الإباحة لا التمليك, طيب إذا كان مقصود المتعاطيين الإباحة هل يمكن عقداً بيعاً صحيحاً شرعاً؟
من هذه العبارة أيضاً يستنبط الشيخ أو يستظهر الشيخ وهي كالصريحة في هذا المعنى, أن محل النزاع هو ما لو كان مقصود المتعاطيين التمليك.
يقول: دليلنا أي الشيخ يقول, دليلنا شيخ الطائفة, أن العقد حكم شرعي سبب شرعي, ولا دلالة في الشرع على وجوده أي وجود هذا السبب الشرعي هنا أي في المعاطاة, إذن فيجب أن لا يثبت يعني لا يمكن أن يثبت بالمعاطاة البيع كما يثبت بالإيجاب والقبول, فإن قلت شيخنا, لشيخ الطائفة, فإن قلت: أن المعاطاة إذا لم تكن قصد بها التمليك ولم تفد البيع إذن كيف أفادت الإباحة؟
يقول: لأن الطائفة أجمعت أنه يجوز لكل منهما أن يتصرف فيما وصل إليه الآخر وإن كان ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع, فإذن الشيخ يستدل بالإجماع لإثبات الإباحة هنا.
يقول: وأما الإباحةُ يعني إن قلت: إذن كان ينبغي أن لا يتحقق لا التمليك ولا الإباحة إذن كيف تقول أنه لا يقع التمليك ولكن تقع الإباحة, قال: فهو مجمع عليه وأما الإباحة بذلك أي بالمعاطاة فهو مجمع عليه لا يختلف العلماء فيها, أي أن المعاطاة تفيد الإباحة المعاطاة المقصود بها التمليك, وإلا إذا كانت المعاطاة المقصود بها الإباحة طيب لا يختلف اثنان أنها تفيد الإباحة. انتهى.
ولا يخفى صراحةُ هذا الكلام في عدم حصول الملك هذا رداً على مَن؟ رداً على المحقق الثاني الذي قال أنهم قالوا أنها إباحة وأرادوا الملك, يقول هذا صريح في أنه المعاطاة لا تفيد الملك, فكيف يمكن أن يحمل الإباحة في كلماتهم على الملك الجائز, هذه العبارة رد على المحقق الثاني, يعني إثبات بعد كلام المحقق الثاني.
ولا يخفى صراحةُ هذا الكلام في عدم حصول الملك لماذا؟ لما تقدم لأنه قال لا تفيد الملك أبداً طيب كيف يمكن أن يحمل الإباحة على الملك الجائز لأنه ملك في النتيجة؟.
وفي من هنا يريد أن يناقش المحقق صاحب الجواهر, يريد أن يثبت أبعدية كلام صاحب الجواهر, في هذا الشق أثبت بعد كلام المحقق الثاني, وفي أن محل الخلاف بين الشيخ وبين أبي حنيفة ما لو قصد البيع في البيع ماذا يقصد؟ التمليك أم الإباحة؟ يقصد التمليك.
يقول: والذي يكون شاهداً على أن محل النزاع ما لو قصد المتعاطيان التمليك هو ماذا؟ هو أن محل الخلاف بين الشيخ وبين أبي حنيفة ما لو قصد البيع لا الإباحة المجردة من أين؟ يقول: كما يظهر أيضا من بعض كتب الحنفية, الشيخ يذكر خلافه القائم بينه وبين الحنفية المذهب الحنفي والمذهب الحنفي هناك لا إشكال ولا شبهة عندهم ما لو قصد المتعاطيان التمليك هناك قالوا يفيد التمليك, الشيخ يقول حتى لو قصدا التمليك لا يفيد البيع.
حيث أنه بعد تفسير البيع يعني بعض كتب الحنفية, حيث أنه بعد تفسير البيع بمبادلة مالٍ بمال, قال: ماذا؟ وينعقد بالإيجاب والقبول وينعقد بالتعاطي أيضاً, إذن ينعقد ماذا؟ ينعقد ذلك الذي كان ينعقد بالإيجاب والقبول الذي كان ينعقد بالإيجاب والقبول هو التمليك أم الإباحة؟ التمليك, إذن بالتعاطي ايضا ينعقد ذاك وهذا هو محل النزاع بين الشيخ وبين أبي حنيفة ما لو قصد المتعاطيان التمليك.
إذن فتمسكه يعني تمسك الشيخ(رحمه الله) في قبال أبي حنيفة دليلنا العقد حكم شرعي فتمسكه بأن العقد حكم شرعي يدل على عدم انتفاء قصد البيعية يعني أن المقتضي تام ولكن يوجد مانع وهو أنه لم يتحقق الإيجاب والقبول, ولو لم يقصد البيعية كان ينبغي أن يعلل بعدم المقتضي لا بوجود المقتضي وتحقق المانع.
فتمسكه بأن العقد حكم شرعي يدل على عدم انتفاء قصد البيعية وإلا لو كان مقصود المتعاطيين الإباحة وإلا لكان الأولى بل ليس الأولى المتعين التعليل به أي بعدم قصد البيعية يعني التعليل بعدم المقتضي لا التعليل بوجود المانع وأنه لم يثبت من الشارع أن هذا سبب شرعي بتحقق البيع.
وإلا لكان الأولى بل المتعين التعليل به أي بعدم المقتضي أي بعدم قصد البيعية إذ مع انتفاء حقيقة البيع لأنه لو قصد المتعاطيان الإباحة هل يوجد بيع؟ لا, إذن كان ينبغي أن يعلل بعدم وجود البيع, إذن مع انتفاء حقيقة البيع لغةً لأنه ليست مبادلة مالٍ بمال, ولا عرفاً لأنه ليس تمليك وإنما هو إباحة, لا معنى للتمسك بتوقيفية الأسباب لا بتوقفه, لا معنى للتمسك بتوقيفية الأسباب الشرعية يعني السبب الشرعي نحن توقيفي من الشارع إذا ورد أن هذا سبب شرعي نلتزم أنه يفيد البيع وإذا لم يرد لا نلتزم مع حفظ أنه ماذا؟ أن الشرائط الأخرى تامة يعني ما لو قصد المتبايعان التمليك, فتمسك, بتوقيفية الأسباب الشرعية كما لا يخفى.
إذن هذه العبارة صريحة لعله أيضاً ظاهرة بل صريحة في رد المحقق الثاني الذي أوَّلَ الإباحة بالملك الجائز, وفي رد المحقق صاحب الجواهر الذي حمل محل النزاع على ما لو قصد المتعاطيان الإباحة دون التمليك.
لا يخفى, وقال في السرائر ابن إدريس في السرائر بعد ذكر اعتبار الإيجاب والقبول, انظروا أساساً هذه كلها قرائن على أنه الكلام أين؟ الكلام إذا تحققت كل الشرائط الأخرى في البيع ومنها قصد التمليك ولكن لم يتحقق فقط الإيجاب والقبول وإنما تحقق التعاطي, وإلا لو كانت بعض الشرائط الأخرى مفقودة أيضاً كما لو لم يقصد المتعاطيان التمليك أساساً لا معنى لذكر المسألة هنا, أساساً ذكر مسالة المعاطاة في ذيل هذا الشرط وهو شرط الإيجاب والقبول معناه أنه بيع فقط سقط هذا الشرط, بيع ماذا؟ يعني قصد فيه التمليك قصد فيه تمليك عينٍ بمال, قصد فيه مبادلة مالٍ بمال على نحو المعاوضة الحقيقية وهذا لم يكن إلا إذا محل النزاع هو ما لو قصد المتعاطيان التمليك.
وقال في السرائر بعد ذكر اعتبار الإيجاب والقبول واعتبار تقدم الإيجاب الأول على الثاني على القبول ما لفظه, ماذا قال؟ فإذا دفع قطعةً إلى البقلي أو إلى الشارب فقال أعطني فإنه لا يكون بيعاً هذا الشارب نسبة, كما تعلمون أنه تارة النسبة تتحقق بالياء وأخرى تتحقق بالمشتق, يعني من ينتسب إلى الشرب من ينتسب إلى السقي, السقاء يعني, فقال أعطني فإنه لا يكون بيعاً ولا عقداً لماذا لا يكون بيعاً ولا عقداً يا ابن إدريس؟
يقول: لأن الإيجاب والقبول ما حصلا, لا لأنهما لم يقصدا التمليك لا قصدا التمليك ولكن لم يتحقق السبب الشرعي, لأن الإيجاب والقبول ما حصلا, وكذلك سائر المحقرات وسائر الأشياء محقراً كان أو غير محقر لا فرق, من الثياب والحيوان أو غير ذلك, طيب شيخنا لا يفيد شيئاً؟ يقول لا, وإنما يفيد إباحة التصرف, وإنما يكون إباحة له لكل منهما أن يتصرف فيما وصل له, فيتصرف كل منهما فيما أخذه تصرفاً مباحاً, من غير أن يكون ملكه أو دخل في ملكه أو قرأت كما في بعض النسخ, من غير أن يكون ملّكه أو دخل في ملكه.
هذه الكلمة الأولى هذا الفعل الأول إن قراناه بالتشديد فالفرق بينه وبين دخل في ملكه واضح, يعني من غير أن يملّك الأول شيئاً أو أن يدخل في ملكه أي الأول شيءٌ, هذا الذي أعطى القطعة وأخذ البقل لا ملّك شيئاً لصاحب البقل ولا دخل شيء في ملكه وهو البقل, إذن من غير أن يكون ملّكه أو دخل في ملكه بناءً على هذه القراءة واضح.
ولكن هناك قراءة أخرى كما لعله في الحواشي ايضا كذلك, من غير أن يكون ملَكه أو دخل في ملكه, طيب ما هو الفرق بينهما؟
طيب ذكروا في محله, بأنه بناءً على الإباحة وأن المعاطاة تفيد الإباحة هل تكون لازمة بمجرد إرادة التصرف أو لابد أن يريد أن ينوي إرادة التصرف ويتصرف خارجاً, هناك قولان في المسألة:
قول يقول: بأن الإباحة إذا نوى أحد الطرفين أن يتصرف وإن لم يتصرف خارجاً يكون لازماً, إذن إرادة التصرف كافية في إدخاله في الملك.
وقول آخر يقول: لا إرادة التصرف مع التصرف الخارجي, إشارة إلى هذين القولين.
بأنه هل يكون ملَكه بمجرد الإرادة أو يكون دخل في ملكه بالإرادة ومع التصرف الخارجي, ولكنه كما ذكر في حاشية الشهيدي أن النسخة المصححة هي القراءة الأولى يعني المشددة ملّكه أو دخل في ملكه, والأمر سهل.
ولكلٍ, طيب فائدة هذه الإباحة ما هي؟ قال: ولكلٍ منهما أن يرجع فيما بذله لأن الملك لم يحصل لهما للطرفين وليس ذلك من العقود الفاسدة لا يتصور أحد أن هذا عقد فاسد لا يترتب عليه أي أثر, بل هو ليس عقد البيع ولكنه ماذا؟ يترتب عليه الإباحة لأنكم تعلمون أن العقد الفاسد يعني لا يترتب عليه لا الملكية ولا الإباحة يعني لا أثر له مطلقا, ابن إدريس يقول لا يتصور في المقام بأنه نحن نقول أن المعاطاة إذا لم تفد البيع إذن هي عقد فاسد يعني لا يترتب عليها أثر, لا, لا يترتب عليها أثر البيع وإن كان يترتب عليها أثر آخر وهو الإباحة.
وبعبارة أخرى: لا يترتب عليها ما قصد وإن كان يترتب عليها ما لم يقصد وهو الإباحة, إن قلت: كيف يكون ذلك؟ قال إجماع الطائفة, الطائفة أجمعت على أنه عقد المعاطاة مع أنه مع قصد التمليك هنا تفيد الإباحة مع أنه ما قصد لم يقع وما وقع لم يقصد, ما هو الدليل على أنها إباحة؟ قال: إجماع الطائفة.
قال: وليس ذلك من العقود الفاسدة لأنه لو كان عقداً فاسداً طيب لم يصح التصرف فيما صار إليه يعني لم يترتب عليه أي أثر حتى الإباحة وإباحة التصرف, لم يصح التصرف فيما صار إلى كل واحدٍ منهما وإنما ذلك على جهة الإباحة يعني التصرف ليس على أساس الملك وإنما على أساس الإباحة. انتهى كلام ابن إدريس.
فإن تعليله, هذا بيانه في المقام, محل الشاهد, فإن تعليله عدم الملك بعدم حصول الإيجاب والقبول يدل على ماذا؟ يدل على أن كل الشرائط الأخرى ومنها قصد التمليك متحقق إلا الإيجاب والقبول, وإلا لو لم يكن قصد المتعاطيين التمليك طيب لا معنى لأن يقول لم يتحقق الإيجاب والقبول, كان ينبغي أن يقول لم يتحقق قصد البيع حتى يتحقق هنا بيع, وإنما كان هناك إباحة فقط.
قال: فإن تعليله عدم الملك بعدم حصول الإيجاب والقبول يدل على أن ليس المفروض ما لو لم يقصد التمليك لأنه لو لم يقصد التمليك إذن لا معنى بالتعليل بعدم حصول الإيجاب والقبول, وإنما ينبغي التعليل بعدم تحقق البيع عرفاً ولغةً.
مع أن ذكره, هذا شاهد.
شاهد آخر: مع أن ذكره أي أن ابن ادريس ذكر المعاطاة هنا في حيز شروط العقد يدل على ماذا؟ يدل على ما ذكرنا, لأنه لو كانت المعاطاة مقصود بها الإباحة أساساً لا علاقة لها بالبيع وفي العقد, لأنه شيء آخر في قبال العقد وفي قبال البيع.
تذيّله العقد بهذه المسألة جعل هذه المسألة ذيلاً في تلك المسألة هذا دليل على أنه باقي الأمور كلها تامة إلا هذا الشرط, ولا ينافي.
إن قال قائل: هنا يوجد إشكال على العبارة التي قال: وليس ذلك من العقود الفاسدة, كأنه القائل يريد أن يقول هكذا هذا القول إنما ينسجم مع أنها إباحة لا مع أنها ملك لا مع أنها قصد بها التمليك, ماذا يريد أن يقول في هذه العبارة, الشيخ يريد أن يقول بأنه يعني ذلك القائل يقول هكذا والشيخ يريد أن يجيب على هذا التوهم, أنه: ابن إدريس قال وليس من العقود الفاسدة, لو كان قصد المتعاطيين التمليك ولم يتحقق الملك بالمعاطاة لا لازماً ولا جائزاً أليس كان ينبغي أن يكون من العقود الفاسدة؟ أنت قصدت بمعاملةٍ التمليك ولكنه لا يمكن أن يقع بذلك السبب لا ملك لازم ولا ملك جائز هذه المعاملة فاسدة أو ليست بفاسدة؟ فاسدة لماذا؟ لأن ما قصد وهو التمليك لا يقع وما وقع وهو الإباحة لم يقصد إذن ينبغي أن تكون المعاطاة من العقود الفاسدة.
إذن تعبير ابن إدريس أن المعاطاة ليست من العقود الفاسدة, إذن مقصوده أنه ما لو قصد بالمعاطاة الإباحة حتى يمكن التصحيح, إذن هناك ملازمة بين قوله عدم فساد المعاطاة وبين ما لو قصد المتعاطيان الإباحة حتى يمكن تصحيح الإباحة, أما إذا قصدا المتعاطيان التمليك ينبغي أن تكون المعاطاة من العقود الفاسدة لأنها لا تفيد لا الملك اللازم ولا الملك الجائز, هذا هكذا يقول المتوهم.
الشيخ يقول: مراده من العقود الفاسدة يعني الذي لا يترتب عليه أثر, يريد أن يقول المعاطاة ليست من التي لا يترتب عليها أثر مطلقا, بل يترتب عليها أثر, فإن قلت أنه كيف يترتب أثرٌ لم يقصد؟ يقول: هذا إجماع العلماء على أنه هناك تصرف وإباحة, واضح المطلب.
إذن لا تلازم بين أنه ليس من العقود الفاسدة وبين أن المقصود هو الإباحة من المتعاطيين بل المقصود التمليك من المتعاطيين ويقع إباحة لأن الإجماع قام على ذلك, فلهذا قال التفتوا.
قال: ولا ينافي ذلك, ذلك ماذا؟ يعني ما نحن بصدد إثباته من أن مقصود المتعاطيين هو التمليك ولا ينافي ذلك قوله وليس هذا من العقود الفاسدة لا تتصورون أنه يوجد تنافي بين قوله ليس من العقود الفاسدة وبين ما استظهرناه من عبارته, لماذا؟ كما لا يخفى, كما لا يخفى هذا بيناه بأن مقصود ابن إدريس من أنه ليس من العقود الفاسدة يعني ليس المعاطاة من العقود التي لا يترتب عليها أي أثر لا الإباحة ولا الملك, بل لا يترتب عليه الملك وإن كانت تفيد الإباحة بدليل من الخارج.
وقال في الغنية: بعد ذكر الإيجاب والقبول في عداد شروط صحة انعقاد البيع, كالتراضي هذه من الشروط كالتراضي بين طرفين, ومعلومية العوضين, وبعد بيان الاحتراز بكل من الشروط عن المعاملة الفاقدة له أي لتلك الشروط ما هذا لفظه, ما هو؟ قال: واعتبرنا حصول الإيجاب والقبول تحرزاً عن القول بانعقاده بالاستدعاء, هذا ليس محل الشاهد, لماذا اشترط الإيجاب والقبول في الغنية, يقول باعتبار أنه نريد أن نقول بأنه إذا حصل استدعاء من المشتري لا يمكن أن يتحقق الإيجاب والقبول, قال بعني المشتري قال بعتُ يتحقق البيع الشرعي؟ يقول لا, لان هذا بالاستدعاء نعم, إذا قال المشتري بعد ذلك قبلت عند ذلك يتحقق البيع, ليس محل الشاهد هنا, لكن محل الشاهد يرتبط بهذا المطلب.
إذن الآن بحثنا أين نحن؟ بحثنا فيما لو قصد المتعاملان التمليك, إذن بحثنا في هذه النقطة, أنه لو استدعى وقصده التمليك ولكنه لم يقل بعد ذلك قبلتُ هل يتحقق البيع؟ يقول: لا, في نفس هذا الإطار في نفس هذا المساق والسياق نجد أنه سيحترز عن المعاطاة يقول لأنه لا يوجد فيه إيجاب وقبول, إذن تبين أنه نفس الذي كان هناك بالاستدعاء هو الذي كان في المعاطاة في الاستدعاء كان الإباحة أم كان التمليك؟ في الاستدعاء كان التمليك إذن في المعاطاة بنفس وحدة السياق يثبت أنه ايضا التمليك.
قال: تحرزاً عن القول بانعقاد العقد بالاستدعاء من المشتري والإيجاب من البائع من قبيل ماذا؟ بأن يقول بعنيه المشتري بألف فيقول البائع بعتُك بألفٍ فإنه لا ينعقد بذلك العقد الشرعي, بل لابد أن يقول المشتري بعد ذلك اشتريتُ أو قبلتُ حتى ينعقد.
انظروا تحرزاً من هذا واحترازاً أيضاً عن القول بانعقاد العقد بالمعاطاة, يعني ذلك الذي كان مقصوداً هناك وهو التمليك هو ايضا مقصود في المعاطاة وإلا لو كان المقصود بالمعاطاة الإباحة أساساً لا يقع في سياق ذاك شيءٌ آخر, واحترازاً ايضا عن القول بانعقاد العقد بالمعاطاة نحو أن يدفع إلى البقلِ قطعة ويقول أعطني بقلاً فيعطيه, فإن ذلك ليس ببيعٍ وإنما هو إباحة للتصرف, لماذا إباحة للتصرف؟ قال: يدل على ما قلناه, على ما قلناه ما هو؟ أنه ليس ببيعٍ ويشترط الإيجاب والقبول في صحة البيع يعني التمليك المقصود يشترط فيه الإيجاب والقبول وأنه يفيد الإباحة, يدل ماذا؟ الإجماع المشار إليه يعني المشار إليه في كلام ابن غنية قبل هذه العبارة.
الإجماع المشار إليه وأيضاً فما اعتبرناه من الشروط وهو الإيجاب والقبول, فأيضاً فما اعتبرناه مجمع على صحة العقد به, يعني ماذا؟ بالإيجاب والقبول, هناك يفيد التصرف المعاطاة تفيد إباحة التصرف الدليل ماذا؟ إجماع الفقهاء, طيب الآن هذا الشرط الذي اشترطته هذا ما هو دليلك؟
يقول: وأيضاً فما اعتبرناه يعني من الإيجاب والقبول لتحقق البيع الشرعي, مجمعٌ على صحة العقد به وليس على صحته أي صحة ذلك العقد بما عداه أي بما عدا ذلك الشرط وهو الإيجاب والقبول دليلٌ, هذين دليلين.
إذن إلى الآن كم دليل أدعى على عدم الصحة أنه لا يقع بيعاً, أولاً: الإجماع, وثانياً: وأنه يشترط الإيجاب والقبول, ولِما ذكرنا نهى(ص), هذا هو الدليل الثالث, الدليل الثالث لإثبات أنه يشترط في تحقق البيع الشرعي الإيجاب والقبول اللفظي.
يقول: ولما ذكرناه يعني من أنه يشترط الإيجاب والقبول اللفظي لِما ذكرناه نهى رسول الله(ص) الرواية في دعائم الإسلام, نهى(ص) عن بيع المنابذة والملامسة وعن بيع الحصاة, في الرواية وعن رمي الحصاة أو طرح الحصاة وفي الرواية وعن طرح الحصاة, والمعنى واضح, وعن بيع الحصاة على التأويل الآخر.
هذه الأقسام الثلاثة من البيع وقع الكلام فيها بين المحققين بشكل طويل وعريض, ما هو المراد من بيع المنابذة, ما هو المراد من بيع الملامسة, ما هو المراد من بيع الحصاة.
أقوال متعددة الإخوة الذين يريدون أن يراجعونها فليراجعوها في حاشية ميرزا فتّاح الشهيدي هناك ذكر الأقوال المتعددة في أنه ما هو المراد من بيع المنابذة, ملامسة, وحصاة.
ولكنه ولعله المشهور بينهم في تفسير ذلك هو أنه: تارةً يتحقق الإيجاب والقبول من المشتري على مبيعٍ مجهول, المبيع غير مشخص, يقول بعتُك الثوب بألف درهم وذاك ايضا يقول المشتري ماذا؟ قبلتُ أي ثوب, بعتك الكتاب بألف درهم بألف دينار, ولكن أي كتاب؟ يقولون المعين له إما المنابذة يعني ما نبذته إليك فهو المبيع, أو الملامسة ما لمسته فهو المبيع, أو ما لمسته أنت فهو المبيع, بيع الحصاة, هذه المنابذة والملامسة, بيع الحصاة ما هو؟ وهو أنه إذا رميت الحجر ووقع على الثوب المشخص فهو المبيع.
فإذن تارةً يكون الإيجاب والقبول اللفظي متحقق ولكن المبيع يكون مجهولاً يعين المبيع بماذا بالمنابذة أو بالملامسة أو برمي الحصاة, هذا البيع صحيح أم باطل؟ باطل, لماذا؟ لاشتراط معلومية العوضيين كما قال, أليس قال بأنه ينبغي أن يكون هناك كالتراضي ومعلومية العوضين, وهنا وقع البيع على معلومٍ في الثمن والمثمن أو على مجهولٍ؟ على مجهولٍ إذن يكون من أوضح مصاديق البيع الغرري, هذا محل الكلام الذي هو شاهد؟
يقول: لا ليس محل الكلام, لأنه هنا يوجد الإيجاب والقبول اللفظي, إذن هذا المعنى من بيع المنابذة والملامسة ورمي الحصاة, ليس هو الذي يكون شاهداً لمحل الكلام, هناك معنىً آخر ذكروا لهذا وهو ماذا؟ وهو أن لا يوجد الإيجاب والقبول نفس المنابذة أو الملامسة أو رمي الحصاة يكون بمنزلة إيجاب البيع من البائع, التفتوا إلى محل الكلام.
أن يقصد من بيع الملامسة والمنابذة ورمي الحصاة ليس تعيين المبيع, بل أن يتحقق بالمنابذة الإيجاب من البائع, يعني لا يقول بعتُ وإنما بالملامسة يكون بمنزلة الإيجاب, بالمنابذة ينبذ إليه الثوب يقول كأنه بعتك, يرمي الحصاة كأنه بمنزلة بعتك وهذا هو محل الشاهد, لماذا؟ لأنه هنا يتحقق البيع ولكن بلا لفظ أو مع اللفظ؟ بلا لفظ وهذا هو محل الشاهد في الكلام, هذا الذي يفيدنا في أنه يستدل به صاحب الغنية لماذا؟ لأنه هذه هي المعاطاة لا يوجد لفظ ولا يوجد إيجاب من البائع, يقول نهى عنه, واضح صار.
إذن الدليل الثالث الذي ذكره في المقام لإثبات أن المعاطاة لا تفيد البيع هو ماذا؟ هو بيع المنابذة وبيع الملامسة وبيع الحصاة, قيده على التأويل الآخر هذا التأويل الآخر ماذا؟ في مقابل التأويل الأول الذي يكون الإيجاب والقبول لفظي ولكنه لتعيين المبيع, يريد أن يقول أن ذلك خارج عن محل الكلام لا شاهدنا لإثبات عدم صحة وقوع البيع بالمعاطاة وإنما هذا المعنى الآخر هو شاهدنا لإثبات عدم وقوع صحة البيع بالمعاطاة, هذا لماذا قال الآخر؟ باعتبار أنه في عبارة الغنية يقول التأويل الأول هذا يقول التأويل الآخر, لأنه تارةً يراد من بيع الملامسة والمنابذة ورمي الحصاة تعيين المبيع وهذا خارج عن محل الكلام, وأخرى يراد به بيان أنه لإيجاب البيع.
فلهذا الشيخ يقول: ولما ذكرناه هذا هو الدليل الثالث, نهى(ص) عن بيع المنابذة والملامسة وعن بيع الحصاة على التأويل الآخر, طيب الآن يريد أن يبين معنى ذلك التأويل الآخر.
يقول: ومعنى ذلك أن يجعل اللمس لشيء أو النبذ لشيء كالثوب أو إلقاء الحصاة على شيء يجعل بيعاً موجَبَاً يعني بمنزلة إيجاب البيع, انتهى كلامه.
فإن دلالة هذا الكلام, يأتي الكلام فيه.
والحمد لله رب العالمين.