نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (12)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    وممّا يشهد على نفي البعد عمّا ذكرناه من إرادتهم الإباحة المجردة مع قصد المتعاطيين التمليك أنه قد صرح الشيخ في المبسوط والحُلي في السرائر وكظاهر العلامة في القواعد بعدم حصول الملك بإهداء الهدية بدون الإيجاب والقبول ولو من الرسول.

    كان الكلام فيما ذكره المحقق الثاني من أن الإباحة هل يراد منها الملكية الجائزة أي الإباحة المترتبة على ملك الرقبة أو أن الإباحة تبقى على ظاهرها وهي المجردة عن الملك.

    الشيخ(رحمه الله) قال: أن الذي يقوى في النفس هو أن نبقي ظواهر كلمات الأعلام على ظاهرها أن نبقي تلك الظهورات على صراحتها من أنه لا إشكال أن مراد المتقدمين هي الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المترتبة على الملك.

    فإن قلت: كيف يمكن إذن توجيه تلك التصرفات التي تتوقف على الملك لأننا فرضنا أن جواز التصرفات هي مطلقة يعني حتى التي تتوقف على الملك, قال: أنه يمكن أن يلتزم بهذا المعنى أنه تحصل الملكية آناً ما قبل التصرف ويقع ذلك التصرف عن ملك, إذن نحن لا ملزم لنا أن نلتزم بأن الملكية حاصلة بنفس المعاطاة لا أن الإباحة المجردة هي الحاصلة بالمعاطاة, ولكن حيث أن جملة من التصرفات تتوقف على الملكية فنلتزم بالملكية آناً ما قبل التصرف حتى يكون التصرف عن ملكٍ.

    طبعاً وإن استبعد هذا إلا أنه قال: هذا أهون الشريّن يعني إذا دار الأمر بين أن نحمل كلماتهم على خلاف ظهورها بل على خلاف صراحتها وبين أن نرتكب هذا وهو الالتزام بأنه تحصل الملكية آناً ما قبل التصرف فهذا أهون من ذلك الارتكاب وأهون من ذلك التصرف.

    ثم الشيخ أساساً رجع وقال من قال لكم أن القائلين بالإباحة قالوا بالإباحة مطلقا وبجواز التصرف مطلقاً حتى فيما يتوقف على الملك؟ لا نحن نجد في جملة من كلمات الفقهاء أنهم يجيزون التصرف فيما لا يتوقف على الملك يعني الإباحة مقدارها تلك التصرفات التي لا تتوقف على الملك وأما التي تتوقف على الملك فلا يجيزونها.

    إذن قولكم: أن ظواهر كلماتهم إطلاق التصرفات لا هذا في محل المنع ليس ظواهر كلماتهم إطلاق التصرفات حتى لتلك التي تتوقف على الملك, ومن هنا دخل الشيخ في بيان بعض الكلمات التي تبين أن القائلين بأن المعاطاة تفيد الإباحة ليس مرادهم من الإباحة مطلقة التصرفات حتى التي تتوقف على الملك.

    قرأنا بالأمس بعض الكلمات, هذه الجملة وصرح الشيخ في المبسوط, التي كانت مفقودة في نسختنا بالأمس وقراناها من الكتاب هذه الجملة زائدة لماذا زائدة؟ باعتبار أن الشيخ الأنصاري بعد ذلك يذكرها ويذكر متنها كاملةً وهذا معناه أنه هنا في غير محلها يكون تكرار يعني, شاهده هذا التفتوا.

    قال: ومما يشهد على نفي البعد عما ذكرناه ما هو الذي ذكره الشيخ؟ أنه بقي ظواهر كلماتهم على حالها يعني المراد من الإباحة, الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المترتبة على الرقبة.

    وممّا يشهد على نفي البعد عما ذكرناه, طيب ما هو الذي ذكرته متعلق ذكرنا؟ من إرادتهم الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المرتبة على الملك, مع أن الفرض هو ماذا؟ قصد المتعاطيين التمليك, وإلا لو كان قصدهما الإباحة طيب لا إشكال ولا نزاع, مع قصد المتعاطيين التمليك ومما يشهد على نفي البعد عمّا ذكرنا أنه قد صرح الشيخ في المبسوط, طيب وقد صرح الشيخ في المبسوط يكون تكراراً هذه الجملة التي قبلها, الآن الشيخ يقول وقد صرح الشيخ في المبسوط.

    إذن تلك الجملة التي هي في النسخة الموجودة عندي غير موجودة يظهر أنها زائدة تكرار يعني, قد صرح الشيخ في المبسوط والحُلي في السرائر وكظاهر العلامة في القواعد, صرحوا ماذا؟ بعدم حصول الملك بإهداء الهدية بدون الإيجاب والقبول يعني حصلت الهدية بالمعاطاة حصلت الهبة بالمعاطاة لا أنها بالإيجاب والقبول يعني لم يكن فيها إيجاب وقبول لا من المُهدي ولا من الرسول الذي أوصل هذه الهدية.

    الآن إذا كان هناك إيجاب وقبول من الرسول لقائل أن يقول بأنه طيب هذه خارجة عن المعاطاة موضوعاً لأنه وجد فيها إيجاب وقبول, يقول لا لو فرضنا أنه لم يكن هناك إيجاب وقبول مطلقاً لا من صاحب الهدية ولا من الرسول الذي أوصل تلك الهدية إلى المُهدى إليه, طيب صرحوا بعدم حصول الملك, التفتوا جيداً.

    أساساً الهدية تفيد الملك الجائز أم الملك اللازم؟ طيب من الواضح تفيد الملك الجائز, وإذا كان مقصود القائلين بالإباحة الملك الجائز كما يقول المحقق الثاني, فلا معنى لنفي الملكية هنا, التفتوا لهذه النكتة.

    أيها المحقق الثاني أنت تقول مرادهم من الإباحة يعني الملك الجائز, طيب الهدية ماذا تفيد؟ تفيد الملك الجائز لا شيء آخر, إذن لماذا ينفون الملك إذن؟ لأنهم هم يريدون من المعاطاة إن كان كما تقول هو الملك الجائز إذن لا معنى لنفيها هنا لعدم حصول الملك, إذن هذا خير شاهد على أن مرادهم من الإباحة الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المترتبة على الملك, وإلا لو كان مرادهم من الإباحة الإباحة المترتبة على الملك لا معنى لنفيهم حصول الملكية في المعاطاة في الهدية, هذا الشاهد على أنه صريح.

    فلهذا يقول: قد صرح الشيخ, من هذه أصرح لا توجد, لأنه إذا كان مرادهم, آخر المحقق الثاني ماذا قال؟

    المحقق الثاني قال: أن مرادهم من الإباحة الملك الجائز, طيب الهدية ماذا تفيد؟ الملك الجائز إذن كان لابد أن يلتزموا هنا بأن المعاطاة أيضا تفيد ماذا هنا؟ الملك الجائز ولكن أنكروا ذلك قالوا لا تفيد الملك يعني أي ملك, الملك اللازم لا تفيد؟ طيب الهدية لا يوجد فيها ملك لازم الهدية فيها ملك جائز, إذن لا تفيد الملك الجائز, إذن عندما يقول إباحة مرادهم ماذا؟ الإباحة المجردة عن الملك لا الإباحة المترتبة على الملك.

    أنه قد صرح الشيخ ومن تبعه بعدم حصول الملك بإهداء الهدية بدون الإيجاب والقبول ولو ذلك الإيجاب والقبول يكون حاصلاً من الرسول, نعم يفيد ذلك يعني المعاطاة في الهدية إباحة التصرف, إذن يظهر أن الإباحة هناك في مقابل الملك الجائز لا أنها هي الملك الجائز.

    ثم يقول: لكن الشيخ استثنى وطي الجارية, نفس هذا الذي قلناه صرح الشيخ أنظروا الآن نفس المضمون ذكره, لكن الشيخ استثنى وطي الجارية.

    إلى هنا تبين أن توجيه المحقق الثاني غير تامٍ أن ما ذكره المحقق صاحب الجواهر غير تام, وأن الشيخ يقوى عنده الإباحة المجردة عن الملك وأنه لا توجد مطلق التصرفات وهذه كلمات الأعلام شاهدة على ما يقوله.

    في قبال ذلك يقول هناك جملة من الأعلام أساساً أنكروا أن تكون المعاطاة بيعاً, قالوا أن المعاطاة ليست بيعاً, المعاطاة ليست من البيوع, ثم يقول الشيخ وما أبعد بين ما يقوله هذا القائل وبين ما يقوله المحقق الثاني من أن المعاطاة بيع تفيد الملك أصلاً لا أنها تفيد الإباحة.

    ثم إن المعروف بين المتأخرين ما هو المعروف؟ أن من قال بالإباحة المجردة عن الملك في المعاطاة أن هؤلاء الذين قالوا بالإباحة غير المترتبة على الملك أنها أي المعاطاة ليست بيعاً فلهذا لا تكون مشمولة لقوله تعالى {احل الله البيع} ولا تكون مشمولة لقوله تعالى {إلا أن تكون تجارة عن تراضٍ} ليست مشمولة لتلك الأدلة, أنها ليست بيعاً حقيقةً يعني يصح سلب البيعية عنها كما هو ظاهر بعض العبائر المتقدمة أيضاً, الإخوة يتذكرون أن بعض العبائر التي قراناها تكون ماذا؟ ليست بيعاً, كما هو ظاهر بعض العبائر المتقدمة, ومعقد أيضاً إجماع الغنية باعتبار أنه قال ليست بيعاً.

    ثم يقول الشيخ: وما أبعد ما بين هذا القول الذي يرى أن المعاطاة ليست بيعاً وبين من يرى أن المعاطاة بيع وتفيد الملك الجائز, وما أبعد ما بين هذا القول وبين توجيه المحقق الثاني من إرادة نفي اللزوم فقط وإلا هي بيع تفيد الملك الجائز ولكن الشيخ يقول كلاهما قد ارتكب خلاف الظاهر, المحقق الثاني ارتكب خلاف الظاهر وأيضاً هؤلاء الذين نفوا البيعيّة عن المعاطاة ارتكبوا خلاف الظاهر, يدفع كلام المحقق الثاني بدفعيّن بوجهين, ويدفع كلام هؤلاء المتأخرين بعض المتأخرين بأنها ليست بيعاً بوجه ثالث.

    يقول: وكلاهما خلاف الظاهر يعني كلام المحقق الثاني وكلام بعض المتأخرين.

    ويدفع الثاني كلام من يعني؟ كلام المحقق الثاني الذي قال: أن الإباحة في كلماتهم يعني الملك الجائز وأن المعاطاة هي بيعٌ.

    يدفعه طيب واضح بأن الإباحة في قبال الملك الجائز هذا خلاف الظهور واضح, ولكن يقيم الشيخ وجهين آخرين لإثبات خلاف الظهور في توجيه المحقق الثاني.

    الوجه الأول: الذي يذكره يقول أن القائلين في البيع يقولون أن البيع إذا تحقق يكون لازماً من كل جهةٍ لا يبقى فيه جهة للتزلزل إلا الخيار, يعني نحن إذا نظرنا إلى البيع نجده أنه مسدود الأبواب والثغور إلا من باب واحد وهو الخيار, إذا كان هناك خيار ففيه تزلزل إذا لم يكن فيه خيار ففيه لزوم من كل جهةٍ هذه حقيقة البيع عند الأعلام, حقيقة البيع عند الأعلام أنها لازمةٌ من كل جهة إلا من باب واحد وهو باب الخيار فإنه هو الذي يوجد التزلزل فيها والجواز فيها, طيب بناء على ما ذكره المحقق الثاني هكذا تكون المعاطاة أو أن لها تزلزل من غير جهة الخيار أيضاً؟ واضح أنه المحقق الثاني يقول أن المعاطاة لا فقط متزلزلة من جهة الخيار, أساساً يرى نفس المعاطاة لا تثمر لنا إلا الملك الجائز, إذن حقيقة البيع غير موجودة هنا, إذا قلنا أن البيع هو الذي يكون لازماً من كل جهة إلا من جهة الخيار, إذن المعاطاة يمكن أن تكون بيعاً؟ لا لماذا؟ لأن المعاطاة فيها جواز من غير جهة الخيار أيضا, لأنه أساساً لا يوجد فيها لزوم من أي جهةٍ, إذن هذا هو الوجه الأول لدفع كلام المحقق الثاني.

    الوجه الثاني: لدفع كلام المحقق الثاني هو هذا, هو أنهم اشترطوا في محله في الكلمات السابقة ذكروا أن الإيجاب والقبول من شرائط صحة انعقاد البيع يعني إذا لم يكن هناك إيجاب وقبول فلا ينعقد البيع, وهنا هل يوجد في المعاطاة إيجاب وقبول؟ لا, إذن فلا ينعقد البيع.

    هذان وجهان لدفع المحقق الثاني, فلهذا يقول: ويدفع الثاني يعني توجيه المحقق الثاني تصريح بعض الأعلام بأن شرط لزوم البيع منحصر في مسقطات الخيار, إذن معناه ماذا؟ فكل بيع عند هذا البعض لازم من غير جهة الخيارات فقط جهة الخيارات التي تأتي بالتزلزل إلى البيع, وفي المعاطاة هكذا؟ أم أنها متزلزلة من الأصل؟ فيها جواز وتزلزل حتى من غير جهة الخيارات؟ فإذن ليست بيعاً. هذا أولاً.

    وتصريح غير واحدٍ أن الإيجاب والقبول من شرائط صحة انعقاد البيع إذن إذا لم يكن هناك إيجاب وقبول إذن لا معنى لانعقاد البيع, هذه بالصيغة زائدة, لا معنى لأن نقول أن الإيجاب والقبول من شرائط صحة انعقاد البيع بالصيغة, طبعاً لانه إذا كان بيع بالصيغة طيب يحتاج إلى إيجاب وقبول هذه تصير بشرط المحمول وهو باطل, وقد ذكر المحققون بأن هذه الكلمة زائدة في النسخ الأصلية.

    هذا فيما يرتبط بالثاني.

    أما الأول وهو الذي قال: أنها ليست بيعاً, يقول نفي البيعيّة عن المعاطاة يعني صحة السلب البيع عن المعاطاة متوقف على أمرين وكلاهما نحن ناقشناهما فيما سبق.

    يقول: إذا أردنا أن ننفي أن المعاطاة بيعٌ يعني يصح سلب البيع عن المعاطاة هذا متوقف على أمرين:

    الأمر الأول: أن نقول أن البيع موضوعة للصحيح المؤثر, أما إذا قلنا أنها موضوعة للأعم فهذا الكلام لا يأتي.

    إذا قلنا أن البيع موضوعٌ للصحيح المؤثر عند العرف الذي يستكشف منه أنه مؤثر عند الشرع, الإخوة يتذكرون في آخر تعريف البيع نحن وجهنا كلام الشهيدين بهذا الوجه حتى يكون مشمولاً لقوله تعالى {أحل الله البيع} يقول إذا قلنا أن البيع مراد منه هو المؤثر شرعاً واحد, اثنين وقلنا أن المؤثر شرعاً لابد أن يكون بالإيجاب والقبول عند ذلك المعاطاة بيع أو ليست بيعاً؟ ليست بيعاً, فإذن متى يصح كلام البعض عندما قالوا أن المعاطاة ليست بيعاً؟ إذا قبلنا هذين الأمرين وحيث أن المصنف قد ناقش فيهما فيما تتذكرون إذن هذا الكلام أيضاً يكون خلاف الظاهر.

    فلهذا قال: وأما الأول يعني قول بعضهم أن البيع أن المعاطاة ليست بيعاً. وأما الأول: فإن قلنا بأن البيع عند المتشرّعة حقيقةٌ في الصحيح فتكون ماذا؟ مجازاً في غير الصحيح, ولو بناءً على ما قدمناه في آخر تعريف البيع, ولو بناءً على هذا المبنى الذي ناقشناه في محله, ولكن هذا إذا أردنا أن نصححه لابد أن يبتني على هذين الأمرين:

    الأمر الأول: من أن البيع في العرف اسم للمؤثِر منه في النقل لا مطلق المؤثر ولو لا مطلق البيع ولو لم يكن مؤثراً, فإن كان في نظر الشارع أو المتشرّعة من حيث أنهم متشرّعة ومتدينون بالشرع أيضاً صحيحاً مؤثراً في الانتقال إذن كان بيعاً حقيقياً هذا أشرنا إليه مفصل في ذاك البيان في آخر تعريف البيع, وإلا يعني إذا لم يكن مؤثراً عند الشارع والعرف وإلا كان صورياً نظير بيع الهازل في نظر العرف, فيصح على ذلك يعني بناءً على هذا يمكن أن يقال أن المعاطاة ليست بيعاً ولكن بإضافة أمر آخر ما هو؟ فيصح على ذلك نفي البيعية على وجه الحقيقة ولكن في كلام من؟ في كلام كل من اعتبر في صحة البيع الصيغة.

    إذن إذا قلنا أن البيع موضوع للمؤثر وأن البيع لا يكون إلا بالصيغة والإيجاب والقبول عند ذلك يصح نفي البيعية عن المعاطاة أما إذا ناقشنا في هذين الأمرين كما سيناقش في الأمر الثاني بعد ذلك أنه من قال لكم أن البيع عرفاً لا يصح إلا بالإيجاب والقبول إلا بالصيغة, لا هناك بيع يمكن أن يتحقق عرفاً بلا إيجاب وقبول بلا صيغة.

    فيصح على ذلك نفي البيعية على وجه الحقيقة في كلام كل من اعتبر في صحة البيع الصيغة أو فسر البيع بالعقد لأنهم في مقام تعريف البيع أي بيع؟ بصدد بيان ما هو المؤثر في النقل في نظر الشارع.

    الشيخ بعد هذا لا يبين قال: كلاهما خلاف الظاهر إذن هذا القول أيضاً خلاف الظاهر لماذا خلاف الظاهر؟ لأنه كلا هذين الأمرين وهو أنه إطلاق البيع ويراد منه المؤثر شرعاً وأن البيع لا يتحقق إلا بالصيغة كلاهما غير مرضي عند الشيخ, فهذا القول ايضا وهو الذي نفى البيع عن المعاطاة أيضاً خلاف الظاهر.

    من هنا الشيخ(رحمه الله) يريد أن يدخل في صلب المسألة. إلى هنا كانت مقدمات المعاطاة, أن محل النزاع أين, توجيه الأعلام أين, كلمات الأعلام ما هي.

    من هنا يقول: إذا عرفت ما ذكرنا من المقدمات من أن محل النزاع أين, وأقوال الأعلام ما هي, وأن الإباحة في كلماتهم ماذا يراد منها؟ لابد أن نعرف ما هي الأقوال في المسألة.

    الأقوال في المسألة بحسب ما ينقلها ستة, ولكنه في واقع الأمر هي خمسة والتقسيم الدقيق لها هكذا, أن يقال: أن المعاطاة يعني التي خلت عن اللفظ مطلقا وإنما وجد فيه الفعل الخالي عن اللفظ, أعطيت شيئاً وأخذت في مقابله شيئاً آخر كما تأخذ من الخباز تعطيه المبلغ وتأخذ الخبز وتذهب إلى البيت انتهى شيء آخر لا يوجد, محل الكلام هنا, موضوع البحث هذا وهو أن يعطي شيئاً في قبال ما يأخذه بلا أن يوجد هناك أي لفظ.

    أن المعاطاة إما أن لا تفيد شيئاً أي تكون كالبيع الفاسد هل يترتب على البيع الفاسد أثر في الشريعة, فإذن المعاطاة إما أن لا تفيد شيئاً لا الملكية ولا الإباحة المجردة وهذا نقل عن النهاية من العلامة وإن كان رجع عنه, قبال هذا القول وإما أن تؤثر شرعاً والثاني يعني تؤثر شيئاً إما أن تفيد الملك أو لا تفيد الملك؟ والأول يعني إفادة الملك إما أن تفيد الملك اللازم كالبيع بالصيغة وإما أن تفيد الملك الجائز كما وجه المحقق الثاني, والثاني يعني الإباحة إما أن تفيد الإباحة والتصرف مطلقاً حتى التي يتوقف على الملك أو يفيد الإباحة والتصرف فيما لا يتوقف على الملك, فالأقوال تكون خمسة.

    القول الأول: أنها لا تفيد شيئاً مطلقا.

    القول الثاني: أنها تفيد الملكية اللازمة كالبيع.

    القول الثالث: تفيد الملكية الجائزة كالمحقق الثاني.

    القول الرابع: تفيد الإباحة ولكن مع جواز مطلق التصرفات.

    القول الخامس: أنها تفيد الإباحة ولكن مع بعض التصرفات التي لا تتوقف على الملك.

    هذا هو التقسيم المنطقي للأقوال في الإباحة.

    قال: إذا عرفت ما ذكرنا فالأقوال في المعاطاة على ما يساعده ظواهر كلماتهم ستة, طيب نحن أشرنا إلى خمسة, الآن نرى أن هذا السادس الذي يشير إليه الشيخ هل يمكن جعله أحد الأقوال أو نفس الشيخ أيضا سيتأمل فيه.

    ستة: اللزوم مطلقا, طيب اللزوم وصف لماذا؟ وصف للملك يعني الملك اللازم, كما هو ظاهرٌ عن المفيد, ظاهر عبارة الشيخ المفيد أنه قائل بأن المعاطاة تفيد الملك اللازم كالبيع بالصيغة بلا فارق بينهما, طيب لماذا بعد ذلك يقول الشيخ ويكفي في وجود القائل, طيب إن كان ظاهر المفيد هذا فلماذا ويكفي؟ إن شاء الله سيأتي بعد ذلك أن العبارة التي يستظهر منها هذا المعنى نوقش في ظهورها, يعني نوقشت في النسبة نسبت إلى الشيخ المفيد هذا, ولكنه في النسبة مناقشة لأن العبارة التي يستظهر منها هذا المطلب فيه كلام.

    ومن هنا الشيخ عدل عن ذلك قال: ويكفينا في وجود القائل بهذا القول هو أن العلامة يعبر الأشهر عندنا أنها لا تفيد اللزوم هذا معناه ماذا؟ أن القائل باللزوم لا فقط ليس بشاذ بل هو المشهور, يقول: والأشهر عندنا يعني في قباله ماذا؟ في قباله المشهور وإلا لو كان في قباله شاذ كان يقول والمشهور وما يقابل المشهور ماذا؟ هو الشاذ.

    يقول: حتى لو ناقشنا في ظاهر كلام المفيد من أنها لا تفيد اللزوم يكفينا عبارة من قال والأشهر عندنا أنه يوجد قائل بهذا القول.

    قال: ويكفي في وجود القائل باللزوم قول العلامة في التذكرة ماذا قال؟ الأشهر عندنا أنه لابد من الصيغة إذن في القول المقابل أنه ماذا؟ أنه مشهور أنه يفيد اللزوم ولا يحتاج إلى الصيغة, هذا قول.

    والثاني: واللزوم بشرط كون الدال على التراضي أو الدال على المعاملة لفظا, تارة نقول بأنه يقول البائع للمشتري بعتُ والمشتري يقول قبلتُ هذا بيع أم معاطاة؟ بيعٌ, وأخرى لا يستعمل الألفاظ الصريحة أو الظاهرة في البيع وإنما يستعمل ألفاظ لم توضع للبيع والشراء, إما هي مجاز إما هي كناية إما هي مقاولة لفظية بينهما, فيقول هذا القائل بأنه إن كان الدال على التمليك والرضا بالتمليك هو لفظ حتى لو لم يكن من ألفاظ البيع والشراء, فهنا المعاطاة تفيد اللزوم, أما إذا لم يكن هناك لفظ فالمعاطاة لا تفيد اللزوم وإنما تفيد الملك الجائز.

    هنا الشيخ يقول: وفي عد هذا القول أو هذين القولين من أقوال المعاطاة تأمل, لأنه نحن عندما دخلنا بحث المعاطاة قلنا مرادنا من المعاطاة ما لا يوجد فيه لفظ مطلقا, الآن سواء كان مجازي كنائي صريح أو غير صريح إذن هذا خروج عن محل الكلام.

    محل الكلام ما لم يكن هناك لفظ على الإطلاق, الآن إذا وجد لفظ وكان كنائية أو مجاز هذا خروج عن محل الكلام, وهذا هو القول الذي نحن لم نأتي به في التقسيم, فلهذا يقول: واللزوم يعني يفيد الملك اللازم المعاطاة بشرط ماذا؟ بشرط كون الدال على التراضي أي تراضي؟ التراضي في أن يكون كل من الثمن والمثمن ملكاً للآخر, أو الدال على هذه المعاملة لفظاً هذا حكي عن بعض معاصري الشهيد الثاني وبعض متأخرَ المحدثين لكن في عد هذه الأقوال في المعاطاة تأمل وجه التأمل اتضح, أنه نحن بحثنا في المعاطاة التي لا لفظ فيها مطلقاً, فإذا وجد لفظ طيب يكون خارج عن محل الكلام فهذا ليس من أقوال المعاطاة.

    ومن هنا حاول بعض المحققين الأعلام من المعاصرين أن يقولوا بأنه هناك مقاولة قبل المعاطاة أو لا توجد مقاولة؟ لم يأخذ قيد اللفظ لأن أخذ قيد اللفظ يخرج البحث عن محل النزاع.

    قال: إن كانت هناك مقاولة في المعاطاة يعني قبل أن تقع المعاطاة تقع مقاولة بين البائع والمشتري فتفيد اللزوم, وإن لم تكن هناك مقاولة فلا تفيد اللزوم وإنما تفيد الجواز والأمر سهل. هذا هو القول الثاني.

    القول الثالث: والملك الغير اللازم يعني الملك الجائز المتزلزل كما ذهب إليه المحقق الثاني لا فقط ذهب إليه بل نسبه إلى جمهور المتقدمين القائلين بالإباحة ونسبه إلى كل من قال بالإباحة, إذن ليس هذا مختصاً بالمحقق الثاني, بل المحقق الثاني يرى أنه منسوب إلى من قال بالإباحة أيضاً.

    وفي النسبة ما عرفت فيما سبق أن هذه النسبة غير تامة وأن ظواهر كلماتهم بل صريح كلماتهم أنها لا تقبل الحمل على هذا التوجيه.

    هذان قولان أين؟ في الملك, أو ثلاثة أقوال في الملك. الآن ثلاثة أقوال أخرى اثنين منها في الإباحة والسادس في عدم الإباحة والملك.

    وعدم الملك لا الجائز ولا اللازم ولكن مع إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك, يعني حتى العتق حتى البيع ونحو ذلك, كما هو ظاهر عبائر كثير من الفقهاء كما أشرنا, بل ذكر في المسالك ماذا قال؟ أن كل من قال بالإباحة أي إباحة؟ الإباحة المجردة عن الملك, يسوغ جميع التصرفات, إذن صاحب المسالك يرى بأنه كل من قال بالإباحة المجردة مراده جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

    وإباحة ما لا يتوقف على الملك هذا هو القول الخامس وهو أنه هناك إباحة ولكنه يوجد جواز التصرف فيما لا يتوقف على الملك, وإباحة ما لا يتوقف على الملك وهو الظاهر من الكلام المتقدم عن حواشي الشهيد التي قراناها بالأمس وتتمتها في هذا اليوم, بأنه القائل بجواز التصرف لم يقل بجواز التصرف مطلقا.

    وهو الظاهر من الكلام المتقدم عن حواشي الشهيد على القواعد وهو المناسب لما حكيناه عن الشيخ في المبسوط في إهداء الجارية من دون إيجاب وقبول, هذا القول الخامس.

    والقول السادس, والقول بعدم إباحة التصرف مطلقا فضلاً عن الملكية. وهذا الذي نسب إلى النهاية وإن كان قد رجع عنها, وهو مطلق ما نسب إلى ظاهر النهاية لكن ثبت رجوع صاحب النهاية عن هذا القول في غير كتاب النهاية.

    طيب هذه الأقوال في المسألة.

    طيب شيخنا الآن بيّن لنا أقوال فقهائنا من هذه الأقوال أو ما هو المشهور وغير المشهور بين علمائنا ما هو من هذه الأقوال.

    يقول: المشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة لا لزوماً ولا جوازاً, بل أن المعاطاة المشهور بين فقهاء الإمامية أنها تفيد الإباحة المجردة عن الملك, بل قد ذهب إليه جملة من المحققين كالسيد أبو الحسن الأصفهاني, وأمثال هؤلاء المحققين أيضا من المتأخرين.

    والمشهور بين علمائنا عدم ثبوت الملك بالمعاطاة, بل لم نجد قائلاً بالملك إلى زمان المحقق الثاني, عندما وجه كلماتهم أن مرادهم من الإباحة هي الملك الجائز, بل لم نجد قائلاً بالملك إلى زمان المحقق الثاني الذي قال بالملك ولم يقتصر على هذا فقط, وإنما نسب إلى القائلين بالإباحة أن مرادهم الملك الجائز.

    ولم يقتصر على ذلك يعني ذهب إلى الملك الجائز حتى نسبه إلى الأصحاب, نعم, ربما يوهمه ظاهر عبارة السرائر ابن إدريس الحُلي, يقول: قد يستشف من كلام أو يتوهم في كلام ابن إدريس الحُلي في السرائر أنه قائلٌ بالملك ولكن الملك الجائز وهذا يكون مؤيداً للمحقق الثاني.

    طيب من أين يستشف من كلامه هذا؟ الآن نقرأ العبارة.

    حيث قال في السرائر: الأقوى أن المعاطاة غير لازمة, طيب اللزوم وعدم اللزوم وصف ماذا؟ وصف الملك, إذن قوله غير لازمة معناه أنها تفيد الملكية ولكن الملكية غير اللازمة, هذه قرينة.

    الأقوى أن المعاطاة غير لازمة شاهد آخر, بل لكلٍ منهما فسخ المعاوضة إذن يرى أن المعاطاة ماذا؟ معاوضة والمعاوضة فيها أيضا فسخ طيب الفسخ وعدم الفسخ في أي مورد يأتي؟ يأتي في البيع الذي فيه تمليك وإلا إذا لم يكن هناك تمليك لا معنى للفسخ ولا معنى للتعبير عنها بأنها معاوضة هذا هو الشاهد الثاني, بل لكلٍ منهما فسخ المعاوضة ما دامت العين باقية.

    الشاهد الثالث: فإن تلفت العين لزمت اللزوم وعدم اللزوم وصف ماذا؟ وصف الملك أيضاً.

    هذه هي الشواهد التي قد توهم أن صاحب السرائر ايضا يرى أن المعاطاة تفيد الملك الجائز, لكن الشيخ يقول لا, توجد في عبارات صاحب السرائر ما يدفع هذا التوهم ما هو؟ ولذا نسب ذلك أي القول بالملك الجائز إليه, ولذا نسب ذلك أي الملك الجائز إليه أي إلى ابن إدريس في المسالك, الشهيد في المسالك قال أن ابن إدريس في السرائر يقول بالملك الجائز ومنشأ هذه النسبة هذه العبارة التي قراناها.

    يقول الشيخ(رحمه الله): أن هذه العبارة التي نقلت من السرائر وإن كانت توهم ذلك ولكن صاحب السرائر له عبارة بعد هذه العبارة تدفع هذا التوهم, ماذا يقول؟ لكن قوله أي قول صاحب السرائر بعد ذلك يعني بعد هذه العبارة التي قراناها حيث قال: ولا يحرم على كلٍ منهما الانتفاع بما قبضه, هذا يدفع الاحتمال المتقدم لماذا؟ لأنه إذا كان صاحب السرائر يقول بأن المعاطاة تفيد الملك هل يحتمل أحد أنه يحرم الانتفاع بما وصل إليه؟ متى يحتمل أنه يحرم الانتفاع؟ أنه إذا لم يفيد الملك, فهنا يأتي توهم أنه إذا لم تفيد المعاطاة الملكية هل يجوز الانتفاع بما وصل إلى يد المتعاطيين أو لا يجوز الانتفاع؟

    فهنا صاحب السرائر يدفع هذا التوهم, يقول: لا تتوهموا أنه نحن نقول أن المعاطاة لا تفيد الملك ولكن هل هذا معناه أنه يحرم الانتفاع بما وصل إلى يده؟ يقول لا لا يحرم الانتفاع لأنها تفيد الإباحة.

    فيجعل الشيخ الأعظم(قدس سره) هذه العبارة قرينة على أن صاحب السرائر أيضا ليس من القائلين بأن المعاطاة تفيد الملك, وإلا لو كان من القائلين بأن المعاطاة تفيد الملك أساساً لا يتوهم أحد أنه يجوز لمن وصل إليه أن ينتفع أو لا يجوز له.

    توهم أنه يجوز له أن ينتفع أو لا, إنما يأتي بناء على عدم الملك يعني أنها تفيد الإباحة, فقد يتصور أحد أنه هذا الآن لا أملكه هذا الثمن الذي بيدي لا أملكه والمثمن الذي في يد الآخر ايضا لا يملكه إذن كيف يجوز له أن ينتفع به؟

    هنا لدفع هذا التوهم يقول: ولا إشكال أنه لا يحرم الانتفاع, وهذه العبارة شاهد على أن مراده أن المعاطاة تفيد الإباحة لا الملك الجائز.

    ولكن يبقى على الشيخ إذن أن يوجه لنا تلك العبارات المتقدمة, باعتبار أنه أن في السرائر ورد أنها لا تفيد اللزوم أنها إذا حصلت فسخ المعاوضة وغير ذلك, وهذه كلها أوصاف الملك لا أنها أوصاف الإباحة, الآن يجيب عنها الشيخ.

    يقول: لكن قول السرائر بعد ذكر العبارة المتقدمة ولا يحرم على كل منهما الانتفاع بما قبضه بخلاف البيع الفاسد يعني يحرم الانتفاع فيه باعتبار أنه لا يترتب عليه أثر هذا القول ظاهر في أن مراد صاحب السرائر هو مجرد الانتفاع إذ لا معنى لهذه العبارة بعد الحكم بالملك إذا كان صاحب السرائر من القائلين بأن المعاطاة تفيد الملكية.

    فإن قلت: إذن كيف توجهون لزم فسخ المعاوضة؟ يقول هذه كلها مبنية على نظر المتعاطيين, أليس أن المتعاطيين يقصدان التمليك, أما قوله ارجعوا إلى عبارة من؟ إلى عبارة صاحب السرائر, قال: الأقوى أن المعاطاة غير لازمة يريد أن ينفي كلام مَن؟ كلام الشيخ المفيد الذي قال أن المعاطاة تفيد الملك اللازم يريد أن يقول لا لا لزوم, ولكن أنا ماذا أقول هل أقول بالملك الجائز أو بالإباحة؟ لا عبارته الأخرى تبين أنه قائل بالإباحة لا الملك الجائز.

    إذن قوله إن الأقوى أنها ليست لازمة بصدد رد كلام المفيد لا بصدد بيان أنه يقول بالملك ولكنه الجائز لا اللازم.

    فلهذا يقول: وأما قوله والأقوى إلى آخره, فهو إشارة إلى خلاف المفيد وإلى خلاف العامّة القائلين باللزوم, إذن هذه العبارة لا يستفاد منها أنه قائل بالملك الجائز.

    فإن قلت: العبارة الثانية ماذا تقول فيها؟ وإطلاق المعاوضة على المعاطاة من أين نشأت؟ باعتبار ما قصده المتعاطيان, المتعاطيان ماذا قصدا؟ التمليك, فبهذا اللحاظ أيضا سميت معاوضة وإلا في واقع الأمر ليست معاوضة وإنما هي إباحة للطرفين.

    بلحاظ أن مقصود المتعاطيين التمليك أم الإباحة؟ قلنا أن محل النزاع هو التمليك, إذن بهذا اللحاظ سميت معاطاة سميت معاوضة, وإلا في واقع الأمر فإن المعاطاة ليست معاوضة كمعاوضة البيع ولا تفيد حكم البيع.

    وإطلاق المعاوضة عليها باعتبار ما قصده المتعاطيان, ويظهر أيضا إطلاق الفسخ عليها ايضا من أي جهة؟ من جهة ما قصده المتعاطيان لا في واقع الأمر (كلام أحد الحضور) لم ألتفت إشكالكم أين ماذا (كلام أحد الحضور) متعاطيين تمليك هذا, يقول بلحاظ ما ذكره المتعاطيان المتعاطيان أليسا قصدا التمليك (كلام أحد الحضور) قصدا التمليك, الآن بغض النظر عمّا يترتب عليه, يترتب عليه ملك جائز أو يترتب عليه إباحة مجردة بغض النظر عما يترتب عليه, هم عندما يريدون أن يرجع كل منهما على الآخر في نظرهما هذا فسخ أو ليس فسخ؟ فإذن يصح أن نستعمل فسخ المعاوضة, لماذا؟ لأنه في نظرهما معاوضة هي, وإن كان في نظر الشرع ليست معاوضة بل تفيد الإباحة.

    نحن الآن الشيخ بصدد توجيه أنه كيف صح استعمال كلمة فسخ, يقول في نظر المتعاطيين لابد أن يستعمل الفسخ لأن المتعاطيين قصدا التمليك, الآن الشارع ماذا يرتب؟ يرتب الإباحة أو الملك, ذاك بحث آخر ما عنده علاقة بالمتعاطيين. تأملوا أكثر لعله يتضح إنشاء الله.

    قال: وإطلاق المعاوضة على المعاطاة باعتبار ما قصده المتعاطيان وإطلاق الفسخ على الرد بهذا الاعتبار أيضا يعني باعتبار ما قصده المتعاطيان.

    بعبارة واضحة: نحن الآن لسنا بصدد أن التعاطي أن المعاطاة ماذا تفيد إباحة أم ملك؟ نريد أن نرى بأنه يصح استعمال الفسخ والرد أو لا يصح استعمال ذلك؟ يقول بنظر المتعاطيين يصح استعمال ذلك, إذن استعمال الفسخ في عبارة السرائر ليس شاهداً على أن مراده ماذا؟ أن المعاطاة تفيد الملكية لعل استعمال الفسخ والرد بلحاظ ما يقصده المتعاطيان وإن لم تفد الملكية بل أفادت الإباحة المجردة عن الملك.

    وإطلاق الفسخ على الرد بهذا الاعتبار أيضا, وكذا اللزوم يعني عندما قال فإن تلتفت لزمت يعني لزمت في نظر المتعاطيين لا أنها لزمت في نظر الشارع يعني تكون وصفاً للملك.

    ويؤيد ما ذكرنا: يؤيد ماذا؟ يؤيد ما ذكرناه من أنه عبارة صاحب السرائر لا يراد منها أن المعاطاة تفيد الملك الجائز, بل لابد أن نلتزم أن المشهور يقولون بالإباحة المجردة عن الملك.

    ويؤيد ما ذكرناه بل يدل على ما ذكرنا أن الظاهر من عبارة التحرير في باب الهبة (كلام أحد الحضور) يعني أنا ايضا رأيت في باب السرائر ولكنه هنا عندي في باب التحرير, طبعاً والذي يؤيد الذي يقوي السرائر باعتبار أنه يريد يؤيد كلام السرائر هو, يعني هو بصدد تقوية ما ذكره عن صاحب السرائر, أن صاحب السرائر لا يقول بالملك الجائز إذن الآن عندما ينتقل إلى التحرير, طيب هذا لا يؤيد بل ولا يدل عليه, على أي الأحوال, النسخة الموجودة عندي التحرير ولكنه في بعض النسخ الأخرى ايضا وجدت أنه السرائر ولكنه في النسخ أو الحواشي التي فيها تحقيق أنا ما وجدت أنهم يشيرون أنها تحرير أو أنها سرائر, ولكن بحسب القرائن لابد أن يكون المراد هنا السرائر لأنه هو بصدد بيان كلام صاحب السرائر, وأن صاحب السرائر ليس من القائلين بالملك الجائز وإنما من القائلين بالإباحة المجردة عن الملك.

    ويؤيد ما ذكرنا بل يدل عليه أن ظاهر عبارة التحرير أو السرائر في باب الهبة توقفها أي الهبة على الإيجاب والقبول طيب هذا يدل طيب لماذا؟ إذا كانت الهبة التي تعطي الملك الجائز يشترط فيها الإيجاب والقبول, فما بالك في الذي يعطي الملك اللازم لا يشترط الإيجاب والقبول, أنتم تعلمون ما يتساهل في الهبة لا يُتساهل فيه في باب البيع, أحكام البيع لها أحكامها الخاصة ولكنه هناك توسع في باب الهبة وفي أحكام الهبة, طيب إذا كان في باب الهبة يشترط الإيجاب والقبول فما بالك في باب البيع الذي يُراد منه أن يترتب عليه اللزوم وأحكام البيع.

    يقول: في باب الهبة توقف الهبة على الإيجاب والقبول ثم قال وهل يُستغنى عن الإيجاب والقبول في هدية الأطعمة؟47:33 الأقرب عدم الاستغناء, نعم يباح التصرف, إذن هذا خير شاهد ودليل على أن صاحب السرائر يرى أن المعاطاة في الهبة التي هي أسهل من البيع لا تفيد إلا الإباحة إذن في باب البيع من باب أولى أن يقول أنها لا تفيد إلا الإباحة.

    نعم, يباح التصرف بشاهد الحال, انتهى كلامه وصرح بذلك أيضاً في الهدية, تلك في الهبة هذه في الهدية, وصرح بذلك أيضا في الهدية فإذا لم يقل في الهبة بصحة المعاطاة فكيف يقول, هذه كلها قرائن تشهد على أن هناك المراد من عبارة السرائر وليس من عبارة التحرير لأنه كلها كأنه يتكلم مع صاحب السرائر أن صاحب السرائر يقول أن صاحب السرائر يقول.

    فإذا لم يقل يعني صاحب السرائر في الهبة بصحة المعاطاة فكيف يقول بالمعاطاة, المراد بصحة المعاطاة يعني لا تفيد الملك الجائز لا أنها لا تفيد الإباحة, (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) فإذا لم يقل في الهبة لا في الهبة, فإذا لم يقل في الهبة بصحة المعاطاة فكيف يقول بها في البيع.

    وذهب جماعةٌ, إذن المشهور بين الفقهاء هو ماذا؟ هو أن المعاطاة لا تفيد إلا الإباحة المجردة عن الملك, وذهب المحقق الثاني إلى أنها تفيد الملك الجائز.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2011/11/02
    • مرات التنزيل : 1528

  • جديد المرئيات