نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (13)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    وذهب جماعةٌ تبعاً للمحقق الثاني إلى حصول الملك.

    كان الكلام في أقوال المعاطاة. قلنا بأن الذي يتحصل من كلام الشيخ أن الأقوال في المعاطاة خمسة:

    القول الأول: أن المعاطاة كالبيع الفاسد لا تؤثر شيئاً لا الملك ولا الإباحة.

    القول الثاني: هو أن المعاطاة تفيد الملك اللازم كالبيع وهو ما نسب إلى الشيخ المفيد.

    القول الثالث: وهو أن المعاطاة تفيد الملك الجائز كما حققه المحقق الثاني ونسبه إلى كل من قال بالإباحة وأجاز جميع التصرفات.

    القول الرابع: هو أنه تفيد الإباحة بشرط أنه تفيد الإباحة وتجيز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

    القول الخامس: هو أنها تفيد الإباحة التي تجوز التصرفات المجردة عن الملك يعني التي لا تتوقف على الملك.

    ثم قال الشيخ(رحمه الله): بأن المشهور بين فقهائنا هو القول بالإباحة وإجازة جميع التصرفات, ولم يعلم من أحدٍ من المشهور أنهم قالوا بالملك إلا ما ذهب إليه المحقق الثاني وما يتوهم من عبارة صاحب السرائر, وقد ذكر الشيخ(قدس سره) عبارة صاحب السرائر وأجاب عن ذلك التوهم وأن صاحب السرائر أيضاً قائل بالإباحة.

    الآن الشيخ(رحمه الله) ينتقل إلى القول الثاني وهو: أن الإباحة تفيد الملك ولكن الملك الجائز لا الملك اللازم. هذا القول الذي اختاره المحقق الثاني ولم يكتفي بذلك بل نسبه إلى كل من قال بالإباحة وأجاز جميع التصرفات.

    الشيخ(رحمه الله) يقول: وهذا القول لا يخلو عن قوةٍ, طيب لقائل أن يقول شيخنا أنت في الأبحاث السابقة جميعاً كان كل همّك مناقشة هذا القول وهو أنه: لا يمكن الالتزام بأن مراد القائلين بالإباحة هو الملك الجائز كيف تقول هنا ولا يخلو عن قوة, بل سيبين بعد ذلك أن مختارنا في المسألة هو الملك الجائز.

    يقول: فرق بين المقامين, يقول: نحن هناك كنا نناقش المحقق الثاني في أن ما وجه به كلمات المتقدمين في غير محله, ولكن ما اختاره هو تام, يعني أن المحقق الثاني كانت له دعويان:

    الدعوة الأولى: كان يدعي أن المعاطاة تفيد الملك لا الإباحة وهذه نتفق فيها مع المحقق الثاني.

    الدعوة الثانية: التي كانت للمحقق الثاني هي أن كل من قال بالإباحة مقصوده الملك, نقول هذه الدعوة غير تامة وهذا التوجيه غير وارد, لابد أن نبقي ظواهر كلماتهم على حالها.

    نحن نتفق مع المحقق الثاني في إدعائه في قوله أن المعاطاة تفيد الملك الجائز ولكن نختلف مع المحقق الثاني في توجيهه كلمات القائلين أن المعاطاة تفيد الإباحة أن توجه بأنها مرادهم من الإباحة الملك الجائز, لا مرادهم من الإباحة باقٍ على ظاهره.

    فلهذا يقول هنا: وذهب جماعة تبعاً للمحقق الثاني إلى حصول الملك, ولا يخلو عن قوةٍ هذا القول, ولا يخلو عن قوةٍ يعني مدعى المحقق الثاني القائل بأن المعاطاة تفيد الملك الجائز هذا لا يخلو عن قوة لا ما وجه به كلمات السابقين القائلين بالإباحة وأن مرادهم منها هو الملك الجائز لا يخلو عن قوة, وكم فرق بين المقامين.

    الشيخ(رحمه الله) يستدل بعدة أدلة لإثبات هذا المطلب وهو: أن المعاطاة تفيد الملك لا أنها تفيد الإباحة.

    يقول: أولاً: للسيرة المستمرة القائمة بين المتدينين وبين المتشرعين أنه ما يأخذونه بالمعاطاة يتعاملون معه تعامل الملك, فيرتبون ويتصرفون فيما وصل إليهم بالمعاطاة كما لو كان ذلك الشيء مملوكاً لهم, وهذه السيرة مستمرة مرتبطة بعصر المعصوم ولو كانت هذه السيرة غير مرضيٍ عنها للمعصوم كان ينبغي أن يردع عنها وحيث أنه لم يردع عنها إذن هي مقبولة, على بحث موكول إلى بحث السيرة من علم الأصول من أنه كيف نستكشف الإمضاء من السيرة المعاصرة للمعصوم, هذا بحث أصولي ولكنه بنحو الإجمال هذا, أن هذه السيرة كانت معاصرة للمعصوم والمعصوم لو لم يكن راضٍ عنها وغير مرضيٍ عنها في الشريعة كان ينبغي أن يردع ولو ردع لوصل إلينا إذن حيث أنه لم يصل إذن لم يردع إذن السيرة ممضاة من قبل الشارع.

    إذن الدليل الأول الذي يقيمه الشيخ لإثبات أن المعاطاة تفيد الملكية, يقول: السيرة المستمرة بين المتشرعة والمتدينين على تعاملهم فيما وصل إليهم بالمعاطاة تعامل الملك لا تعامل الإباحة, فلهذا يتصرفون فيما وصل إلى أيديهم حتى تلك التصرفات التي تتوقف على الملك.

    قال: ولا يخلو عن قوةٍ للسيرة المستمرة, المراد من السيرة هنا يعني السيرة المتشرعة والمتدينين, طيب هذه السيرة متصلة بعصر المعصوم أم منقطعة؟ يقول لا هذه مستمرة إلى ارتباطها بعصر المعصوم, للسيرة المستمرة على معاملة المأخوذ بالمعاطاة معاملة الملك في التصرف فيه بالعتق في التصرف فيه, بالعتق الذي يتوقف على الملك وبالبيع الذي يتوقف على الملك والوطء الذي يتوقف على الملك والإيصاء؟؟8:18 الذي يتوقف على الملك, والتوريث وغير ذلك من التصرفات الكثيرة التي لا يمكن أن تتحقق إلا مع الملك. وغير ذلك من آثار الملك, هذا هو الأول, الدليل الأول.

    الدليل الثاني: الذي يذكره الشيخ, يقول: قوله تعالى {أحل الله البيع} والشيخ كما تتذكرون فيما سبق لم يقبل القول أن البيع يراد منه البيع الصحيح شرعاً, ولم يقبل أيضا ما ذكره توجيهاً لكلام الشهيدين في آخر تعريف البيع من أن البيع في الآية هو ما هو المؤثر يُراد منه المؤثر والصحيح عرفاً الذي يستكشف منه الصحيح شرعاً, بل قال: البيع محمول على ظاهره وهو المتعارف بين الناس وهو البيع العرفي, وليس البيع المؤثر في العرف, لا هذا ما يسمونه العرف بيعاً فالآية محمولة على ذلك, طيب المعاطاة بيع أو ليست بيع؟ يقول في العرف نعم المعاطاة بيع.

    فلهذا تجد أنهم يعطون شيئاً ويأخذون في قباله شيء ولو سألتهم ماذا فعلت؟ يقول بعتُ واشتريتُ, هذا الذي يعطي سيارته ويأخذ الثمن لو سألته ماذا فعلت؟ مع أنه لا يوجد أي صيغة للإيجاب والقبول لو سألته ماذا فعلت؟ يقول بعتُ سيارتي, إذن يرى أن المعاطاة ما هي؟ يراها بيع عرفاً ولا يأتي إلى ذهنه ولا يوجد احتمال في ذهنه أن ما فعله ليس ببيعٍ لا بيعٌ, كل ما يقوم به من أفعال المعاطاة في حياته اليومية في سألته في آخر اليوم أو في آخر الشهر أو في آخر السنة, ماذا فعلت يقوم كنت أبيع وأشتري, إذن يرى أن المعاطاة أحد مصاديق البيع عرفاً والآية المباركة تقول {أحل الله البيع} وهذا أحد مصاديق البيع إذن أحل الله المعاطاة, ولكن الكلام هنا, أن هذه أحل هل هي محمولة على الحكم التكليفي أم أنها محمولة على الحكم الوضعي, معنى أحل يعني ماذا؟ ظاهر الآية المباركة يقول الشيخ, الحكم التكليفي يعني جواز جميع التصرفات, {أحل الله البيع} يعني ماذا يترتب على البيع من التصرفات فهو حلال لك, طيب ماذا يترتب على البيع من التصرفات؟ تستطيع أن تبيع ذلك الشيء أن تهب ذاك الشيء أن توصي بذلك الشيء أن أن إلى غير ذلك, فكل التصرفات التي تترتب على البيع القرآن الكريم الآية المباركة أحلتها يعني جعلتها جائزة جعلتها حلالاً وهذا الجواز هو الجواز التكليفي في مقابل الحرمة التكليفية.

    إذن الاحتمال الأول في الآية المباركة هو أن المراد من أحل يعني أجاز جميع التصرفات وهذا الجواز هو الجواز التكليفي, هذا الجواز التكليفي والحلية التكليفية يلازمها ماذا؟ يلازمها الملك, لأنه إذا كانت تجوز جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك, إذن هذا الذي وصل إليه بالمعاطاة يكون ماذا؟ يكون ملكاً.

    إذن الآية المباركة أثبتت الملكية بالدلالة المطابقية أم بالدلالة الالتزامية؟ بالدلالة الالتزامية لأن الدلالة المطابقية هي حلية جميع التصرفات المترتبة على البيع, طيب هذا لها مدلول التزامي وهو أنه إذا لم يكن الإنسان مالكاً طيب لا يستطيع أن يتصرف بكل التصرفات حتى المتوقفة على الملك.

    إذن أولاً: نقول أن الآية المباركة تدلنا على الحلية التكليفية والجواز التكليفي والذي يستلزم الملكية الذي هو الحكم الوضعي, فإذن الشيخ استفاد من الآية المباركة الملكية بالدلالة الالتزامية أم بالدلالة المطابقية؟ لا بالدلالة الالتزامية لأن الدلالة المطابقية للآية هو حلية جميع التصرفات.

    الشيخ بعد ذلك يترقى درجة وهو أنه يقول أساساً يمكن أن يقال أن الآية المباركة ليست بصدد إثبات الجواز التكليفي حتى نقول بالدلالة الالتزامية نثبت الملك في المعاطاة, بل الآية بصدد بيان الجواز الوضعي والحكم الوضعي وهو أنه تريد أن تقول أن البيع صحيح, أحل الله البيع يعني جعله نافذا أنفذ البيع وإذا أنفذ البيع ماذا يترتب على النفوذ؟ الملكية, الملكية التي نريد أن نثبتها للمعاطاة لأن المفروض أن المعاطاة فرد من أفراد البيع بحسب العرف, لأن الملكية التي نريد أن نثبتها للمعاطاة ليست مستفادة من المدلول الإلتزامي للآية المباركة, بل هو المدلول المطابقي لنفس الآية المباركة, ثم يقول على تأمل, وجه التأمل لعله إشارة إلى مطلب وهو انه كيف يمكن أن يُدعى أن أحل مستعمل في أنفذ هذا خلاف الظاهر, أحل يعني جعله حلالاً جعله جائزاً وهذا الجواز هو الجواز التكليفي, أما إذا أردنا أن نقول أن الآية المباركة هي بصدد بيان الحكم الوضعي وهو الملكية لابد أن نحمل أحل على أنفذ وهذا فيه تأمل وهو خلاف الظاهر, لعله هذا, ولعله مطلب آخر حققه الشيخ (رحمه الله) في كتاب الأصول في أصوله وهو أن الحكم الوضعي غير قابل للجعل.

    الإخوة لابد درسوا في علم الأصول أنه وقع الكلام بين الأعلام أن الأحكام الوضعية هل هي منتزعة أم مجعولة بالاستقلال, نزاع موجود بين الأصوليين أن الملكية أن الزوجية أن أمثال هذه, الصحة الفساد التي هذه الأحكام الوضعية في مقام الأحكام التكليفية هذه هل يمكن للشرع أن يجعلها بالاستقلال أو أنها منتزعة من الأحكام التكليفية يعني عندما الشارع عندما أجاز جميع التصرفات ننتزع منها ماذا؟ الملكية فالملكية ليست مجعولة بالاستقلال من الشارع وإنما هي منتزعة من الحكم التكليفي المجعول للشارع, المولى عندما أو الشارع عندما أوجب النفقة على الزوج عند ذلك ننتزع الزوجية, وجوب النفقة حكم تكليفي فننتزع منه الحكم الوضعي وهو الزوجية, هناك بحث الشيخ مبناه أن الأحكام الوضعية طراً غير قابلة للجعل وإنما تنتزع من الأحكام التكليفية, إذن هنا هل يستطيع أن يدعي أن الآية المباركة بصدد إثبات نفس الحكم الوضعي مباشرة بالمدلول المطابقي, هذا على تأمل لعله إشارة إلى ذلك المطلب أو لعله إشارة إلى المطلب الأول الذي ذكرناه.

    إذن الدليل الثاني الذي يقيمه الشيخ لإثبات أن المعاطاة تفيد الملك الآن الجائز دعوه يأتي بيانه بعد ذلك, الآن بصدد إثبات أن المعاطاة تفيد الملك, الدليل الثاني أن الآية المباركة قالت أحل الله البيع والبيع يراد منه مطلق ما يسمى عند العرف بيعاً والمعاطاة أحد أفراد البيع وأحل هو الحلال أو الجواز التكليفي يعني جميع التصرفات المترتبة على الملك ويستلزم ذلك الملكية, إذن الآية المباركة تدلنا على الملكية في المعاطاة ولكن بالدلالة الالتزامية وإن كان يمكن أن يترقى ويقال أنها تدل على الملكية بالدلالة المطابقية.

    فلهذا قال, (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) لا هو الشيخ يقول محمول هذا البيع في الآية المباركة على هذا العرف (كلام أحد الحضور) أنا ايضا قلت, طيب الشيخ ناقش هذا ولم يقبل هذا, قال: بأنه هذا غير صحيح, الآن يذكر مبناه هو, مبناه يقول بأنكم قولكم أن {أحل الله البيع} بعض قال أن البيع يعني البيع صحيح شرعاً, طيب ناقش الشيخ في هذا أم لم يناقش؟ بعض قال مراد البيع يعني البيع الصحيح عرفاً, والشيخ ايضا ناقش في هذا كما أشرنا في القول الثالث فيما سبق, فإذن هو يرى بأن ما يصح إطلاق البيع عليه عرفاً الآية محمولة على ذلك المعنى لا أكثر من ذلك, فلهذا تجدون أن الشيخ قال أن البيع ليس له لا حقيقة شرعية ولا حقيقة متشرعية وإنما يحمل على معناه العرفي فلهذا عرفها على معناها العرفي, ولم يقبل تلك التعاريف التي قيدت بالإيجاب التي .. إل غير ذلك, باعتبار أنه قال أن البيع محمول على معناه العرفي ونحن لابد أن نعرف ذلك المعنى العرفي وذلك المعنى العرفي كما يشمل البيع الذي فيه الإيجاب والقبول يشمل ذلك البيع الذي لا إيجاب ولا قبول فيه, فإذن المعاطاة أحد أفراد البيع عرفاً والآية قالت {أحل الله البيع}.

    ويدل عليه أيضاً عموم قوله تعالى و{أحل الله البيع} حيث أنه يدل هذا العموم يدل لا الآية, حيث أن هذا العموم يدل على حلية جميع التصرفات, عموم اصطلاحه الأصولي في قبال الإطلاق, والإطلاق اصطلاحه الأصولي في قبال العموم ولكن قد يستعمل أحدهما بالآخر الآية المباركة لا يوجد فيها عموم بالاصطلاح الأصولي وإنما فيها إطلاق بالاصطلاح الأصولي ولكن قد يستعمل أحدهما بالآخر, الآن فرقهما موكول إلى علم الأصول.

    حيث أن العموم يدل على حلية جميع التصرفات المترتبة على البيع, طيب جميع التصرفت منها المتوقف على الملك إذن الآية المباركة بالالتزام تدل على الملكية, فالمعاطاة فرد من البيع فيدل والآية المباركة دلت على جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك فالآية تدل على أن المعاطاة تفيد الملكيه, بل قد يقال, هذا ترقٍ منه أن الآية لا فقط تفيد الملكية بالدلالة الالتزامية بل تفيد الملكية بالدلالة المطابقية, بل قد يقال أن الآية دالت عرفاً بالمطابقة على صحة البيع لا أنها دالة بالالتزام على صحة البيع وأنها تفيد الملكية, بل قد يقال بأن الآية دالة عرفاً بالمطابقة على صحة البيع, لا أن الآية فقط تدل على مجرد الحكم التكليفي وهو جواز جميع التصرفات, إذن الملكية التي نستفيدها من المعاطاة أو نقول تدل المعاطاة عليها مفادة بالمدلول المطابقي للآية المباركة لا بالمدلول الالتزامي, لا مجرد الحكم التكليفي لكنه محل تأمل, بينا وجه التأمل في دلالة الآية في المطابقة على الملكية وعلى الصحة.

    تقول طيب بعض قال بأنها ليست بيعاً, قال عرفت المناقشة فيه, وأما منع صدق البيع على المعاطاة عرفاً فمكابرةٌ, أساساً نحن لا نقبل هذا المعنى يكابر الإنسان إذا قال بأن العرف لا يطلق على المعاطاة بيع, لا كاملاً يطلق على المعاطاة بيعاً, ونحو بصدد بيان البيع العرفي لا بصدد بيان البيع الشرعي.

    وأما منع صدق البيع عليه عرفاً فمكابرة فإن قلت طيب تقدم في كلام جملة من الفقهاء المتقدمين الإجماع على نفي البيع عن المعاطاة, قالوا ودليلنا الإجماع على أن المعاطاة ماذا؟ ليست بيعاً, طيب كيف يمكنك أن تذهب إلى أن المعاطاة بيع وإجماع الفقهاء قائم على أن المعاطاة ليست بيعاً؟

    قال: لا القائلين أو الذين يدعون الإجماع على أن المعاطاة ليست بيعاً ليس مرادهم نفي حقيقة البيع عن المعاطاة وإنما مرادهم نفي اللزوم عن المعاطاة, ثم يذكر شاهداً على ذلك, تارة عندما يقولون ليست بيعاً يعني ليست حقيقة البيع, وأخرى عندما يقولون ليست بيعاً يعني لا يترتب عليها ما يترتب على البيع من اللزوم, يقول: ومراد المجمعين ليس نفي حقيقة البيع عن المعاطاة وإنما مرادهم نفي ما يترتب على البيع من اللزوم ونحن نوافقهم في ذلك لا ندعي أن المعاطاة تفيد اللزوم, فالإجماع لا يخالفنا ولا نحن نخالف الإجماع, طيب ما هي القرينة على ذلك, كيف تقول أن مراد المجمعين هذا؟ يقول لأنهم جعلوا الإيجاب والقبول من شرائط صحة البيع لا من شرائط انعقاد البيع, لو كان الإيجاب والقبول داخلٌ في حقيقة البيع, كان ينبغي أن يقولوا أن الإيجاب والقبول شرط في انعقاد البيع, ولكن هم صرحوا بأن الإيجاب والقبول شرط في صحة البيع يعني بيع موجود ولكنه ليس بصحيح, إذن لا ينفون البيعيّة عما توفر فيه الإيجاب والقبول, نعم ينفون الصحة يعني لا يترتب عليه اللزوم, ونحن لا نخالفهم في ذلك.

    قال: وأما دعوى الإجماع في كلام بعض المتقدمين على عدم كون المعاطاة بيعاً كابن زهرة في الغنية فمراد هؤلاء المجمعين بالبيع المعاملة اللازمة يعني نفوا اللزوم في المعاطاة وليس مرادهم نفي حقيقة البيع في المعاطاة. فمرادهم في البيع المعاملة اللازمة التي هي أحد العقود, والشاهد على ذلك وهو صاحب الغنية.

    ولذا صرح في الغنية بكون الإيجاب والقبول من شرائط صحة البيع لا من شرائط انعقاد البيع, لو كان الإيجاب والقبول من شرائط الانعقاد يعني إذا لم يوجد إيجاب وقبول فلا بيع, ولكن إذا كان الإيجاب والقبول من شرائط الصحة يعني إذا لم يوجد إيجاب وقبول لا بيع أم لا صحة للبيع؟ لا صحة للبيع لا أنه لا بيع, إذن المعاطاة بيع ولكن لا يترتب ما يترتب على البيع من اللزوم.

    (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) لا لا لا يوجد عندنا هكذا إجماع قلنا المشهور (كلام أحد الحضور) قلنا المشهور شيخنا (كلام أحد الحضور) أين (كلام أحد الحضور) لا أبداً لا, فيما تقدم قلنا بأنه ادعي الإجماع في كلام ابن زهرة على أن الإيجاب والقبول شرط, المستدل يريد أن يقول طيب إذا كان الإيجاب والقبول شرط بالإجماع إذن مع عدم الإيجاب والقبول إذن لا بيع.

    الشيخ يقول ذاك الإجماع ليس على البيع أنه مع عدم الإيجاب والقبول لا بيع, وإنما مع عدم الإيجاب والقبول لا صحة للبيع لا أنه لا بيع (كلام أحد الحضور) يعني ليس بيع أو بيع ليس بصحيح أي منهما؟ (كلام أحد الحضور) طيب أحسنتم فهو الشيخ لا يريد هذا المعنى وهو أن المعاطاة بيع ولكنه ليس بصحيح ونحن ايضا نقول والشيخ ايضا لا يقول أن المعاطاة يترتب عليها اللزوم كما يترتب على البيع لا يقبل هذا.

    قال: ولذا صرح في الغنية بأن الإيجاب والقبول من شرائط صحة البيع, ودعوى هذه الدعاوى تقدمت الإشارة إليها والجواب عليها فيما سبق. ودعوى أن البيع الفاسد عند الفقهاء ليس بيعاً قد عرفت الحالة في هذه الدعوى فيما سبق أنه نحن لم نوافق القائلين بأن البيع يراد منه البيع الصحيح شرعاً أو البيع الصحيح عرفاً لا مطلق ما يسمى عند العرف بيع حتى لو كان فاسداً فهو مشمول لـ{أحل الله البيع}.

    ودعوى أن البيع الفاسد عندهم ليس بيعاً قد عرفت الحال فيها متى؟ عند مناقشتنا لكلام الشهيدين وتوجيه كلام الشهيدين في آخر تعريف البيع.

    ومما ذكر, الدليل الثالث الذي يقيمه الشيخ, يقول: {إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ}, {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ} طيب هذه في العرف {تجارةً عن تراض} أو ليست {تجارةً عن تراض}؟ بلي المعاطاة العرف يراها أنها {تجارةً عن تراض}.

    فالآية الثانية التي يستدل بها على إثبات المطلب وهو أن المعاطاة تفيد الملك لقوله تعالى {إلا أن تكون تجارةً عن تراض} والمعاطاة عند العرف تجارةً عن تراض فتكون مشمولة لقوله تعالى {إلا أن تكون تجارةً عن تراض}. نعم التجارة عن تراض لها فردان: فرد مع اللفظ وفرد بلا لفظ.

    إذن يمكن الاستدلال على أن المعاطاة تفيد الملكية:

    أولاً: بالسيرة المستمرة.

    ثانياً: بقوله تعالى {أحل الله البيع}.

    ثالثاً: بقوله تعالى {إلا أن تكون تجارةً عن تراض}.

    البعض استدل بقوله: >الناس مسلطون على أموالهم< لإفادة الملكية, بهذا النحو من التقريب وهو أنه الحديث إن صح أنه حديث لا أنه قاعدة فقهية متصيدة من الأخبار على فرض انه حديث وإن كان الشيخ يعبر عنه بأنه حديث, وأما قوله يعني قول المعصوم مثلاً ليس مقصوده قول الفقيه مثلا, وأما قوله يعني قول المعصوم, على أي الأحوال.

    >الناس مسلطون على أموالهم< المستدل يقول هذه الرواية على فرض أنها رواية أيضا تدل على أن المعاطاة تفيد الملكية, أنا مسلط على هذا المال الذي يرجع لي أو ليس مسلطاً؟ نعم, الآن أريد أن أجعله ملكاً للآخر باللفظ أو أريد أن أجعله ملكاً للآخر بالمعاطاة؟ أنا مسلط على ذلك, لماذا تمنعني تقول بأنه أنت إذا أردت أن تجعله ملكاً للآخر في قبال شيء تأخذه لابد أن يكون باللفظ هذا خلاف قوله >مسلطون على أموالهم< فبمقتضى إطلاق قوله >الناس مسلطون على أموالهم< نقول أنا مسلط على مالي أملكه للغير بالعقد بالإيجاب والقبول وأن أملكه للغير بالمعاطاة.

    الشيخ(رحمه الله) يقول: الاستدلال بهذا القول الاستدلال بهذه الرواية غير تام, لأن الرواية ليست بصدد بيان أن الأسباب الناقلة أنت بالخيار بأي سبب تريد أن تنقل وإنما الرواية الحديث بصدد بيان أن الإنسان إذا صار مالكاً لشيء إذا صار مسلطاً على شيء فله حق جميع التصرفات من قبيل ماذا؟ له حق أن يبيع ذلك الشيء, له حق أن يهب ذلك الشيء, له حق أن يصالح على ذلك الشيء, له حق أن يؤجر ذاك الشيء, وله حق.. كل أنواع هذه السلطنة موجودة له, لا يستطيع أحد أن يقول لهذا الإنسان أنت عليك أن تبيع هذه ولا يحق لك أن تهديها, يجاب على ذلك >الناس مسلطون على أموالهم< أنت لابد أن تهدي وتهب هذه الحاجة ولا يحق لك أن تبيعها؟ لا أنا مسلط على مالي أريد أن أبيعها ولا أريد أن أهبها, أنت عليك أن تبيعها بهذه القيمة ولا يحق لك أن تبيعها بأكثر طبعاً غير الحاكم الشرعي, >الناس مسلطون على أموالهم< هذه الحاجة التي الآن بدرهم أريد أن أبيعها بدرهمين طيب يوجد مشتري فليشتري لا يوجد مشتري طيب لا يشتري >الناس مسلطون على أموالهم<.

    الشيخ يقول: الرواية بصدد بيان العموم والإطلاق لأنواع السلطنة التي هي أنه أنت لك الحق أن تؤجِر لك الحق أن تبيع لك الحق أن تهب لك الحق أن تصالح, وليست بصدد بيان أن الملك له أن البيع له أسباب متعددة سبب منه بواسطة ماذا؟ الإيجاب والقبول وسبب منه بواسطة المعاطاة, أنت لك الحق أن تنقل الملكية بأي طريقٍ, لقائل أن يقول للشيخ شيخنا لماذا تقول أن الرواية بصدد بيان أنواع السلطنة وليست هي بصدد بيان طريق نقل هذه السلطنة.

    يقول: باعتبار أن النقل يحتاج إلى سبب وهذا السبب حكم شرعي توقيفي لابد أن يتوقف فيه على أمر من الشارع.

    يتذكر الإخوة شيخ الطائفة فيما سبق ماذا قال؟ قال العقد حكم شرعي وقلنا مراده من الحكم الشرعي يعني سبب شرعي والحكم الشرعي والأحكام الشرعية ليست داخلة تحت سلطنة الإنسان, الأحكام الشرعية تابعة لسلطنة غير الإنسان داخلة تحت سلطنة الشارع, الشارع يقول لك الحق أن تبيع أن تهب أن تصالح أن تؤاجر كله لك الحق, ولكن إن أردت أن تنقل الملكية وتبيع أنا أرى أن هذا النقل لا يتم إلا عن هذا السبب, وهذا السبب هو حكم من الأحكام الشرعية ليس داخلاً تحت السلطنة حتى نستدل بقوله >الناس مسلطون على أموالهم< الحكم الشرعي داخل تحت حكم الشارع, لا أنه داخل تحت سلطنة من له السلطنّه.

    إذن هذه الرواية لا يمكن أن تكون دليلنا لإثبات أن الملكية كما تحصل بالإيجاب والقبول تحصل بالمعاطاة لأن >الناس مسلطون على أموالهم<, يقول لا فقط هنا, إنشاء الله سيأتي في محله في شرائط صحة الإيجاب والقبول نشترط ماذا؟ مثلاً أن يكون بالعربية أن يكون بلفظ المضي مثلا, هل يمكن أن يستدل أحد يقول >الناس مسلطون على أموالهم< يريد أن يجعل الإيجاب بالفارسية لا بالعربية مسلطون على أموالهم, نشترط أن يكون الإيجاب قبل القبول, واحد يأتي ويقول بأنه أنا مسلط على مالي أريد أرجع عن القبول قبل الإيجاب, نقول لا, جعل الإيجاب قبل القبول أو أن يكون بالصيغة العربية أو أن يكون بصيغة المضي هذه أحكام شرعية وليست داخلة تحت سلطنة من له السلطنة, والأحكام الشرعية تابعة لجعل الشارع.

    فلهذا يقول: أما قوله يعني هذا لا يمكن الاستدلال به لإثبات أن المعاطاة تفيد الملكية, وأما قوله الناس مسلطون على أموالهم فلا دلالة في هذا القول على المدعى الذي ادعيناه أن المعاطاة تفيد الملكية لأن عموم هذا القول باعتبار أنواع السلطنة لا باعتبار أنه الأسباب أيضاً, فهو إنما هذا العموم إنما يجدي ويفيد فيما إذا شك في أن هذا النوع من السلطنة يعني الصلح ثابتة للمالك وماضية شرعاً في حقه أم لا؟ يعني هذا الإنسان له الحق أن يبيع, طيب نشك أنه له الحق أن يصالح أو لا؟ قوله يقول >الناس مسلطون على أموالهم< كما له الحق أن يبيع له حق أن يصالح, هذا له حق أن يبيع ويصالح نشك أنه له الحق أن يؤاجره ولو بقيمة أقل؟ الناس مسلطون على أموالهم؟ يقول نعم له الحق أن يؤاجر ذلك.

    وماضية شرعاً في حقه أم لا, أما ولكن هذا الحديث لا يجري هنا ليس له عموم بالنسبة إلى هذا المطلب, له عموم بالنسبة إلى أنواع السلطنة ولكن ليس عموم إلى هذه الجهة, أما إذا قطعنا بأن سلطنة خاصة كتمليك ماله للغير نافذة في حقه, يحق له أن يبيع في مقابل شيء هذا ثابت له شرعاً, نافذة في حقه ماضية شرعاً لكن شك في أن هذا التمليك الخاص في أن هذا التمليك الخاص هل يحصل بمجرد التعاطي مع القصد أم لابد من القول؟ يعني شككنا في أن السبب الذي يجعل النقل والانتقال ما هو؟ هل يمكن التمسك بعموم >الناس مسلطون على أموالهم<؟ نقول لا, باعتبار أن السبب حكم شرعي وليس داخلاً تحت سلطنة أحد.

    لكن شك في أن هذا التمليك الخاص هل يحصل بمجرد التعاطي أم مع القصد يعني مع قصد التمليك أم لابد من القول الدال على ذلك القصد فلا يجوز الاستدلال بهذا القول على سببية المعاطاة في الشريعة للتمليك لا يجوز الاستدلال بعموم تسلط الناس على أموالهم.

    لا فقط هنا لا يجوز لنا أن نتمسك بقوله >الناس مسلطون على أموالهم< إنشاء الله سيأتي في باب الشرائط أنه يشترط أن يكون الإيجاب قبل القبول يشترط أن يكون بالعربية أيضا لا يمكن التمسك هناك بقوله الناس مسلطون على أموالهم لنفي شرطية العربية, لنفي تقدم الإيجاب على القبول لا يمكن التمسك لأنها أحكام شرعية.

    ومنه يظهر أيضا عدم جواز التمسك به أي بقوله >الناس مسلطون على أموالهم< لما سيجيء من شروط الصيغة من أنها بالعربية بالمضي متقدم الإيجاب متقدم على القبول ونحوها.

    وكيف كان يقول الآن هذه الرواية دلت على الملكية أو لا تدل, في النتيجة ففي السيرة والآيتين كفاية على إثبات المطلوب, وكيف كان ففي الآيتين المتقدمتين {أحل الله البيع} و{تجارةً عن تراضٍ} مع السيرة كفايةٌ.

    طيب الشيخ(رحمه الله) على ديدنه لا يستطيع أن يسكت الآن يرجع ويدغدغ في الأدلة الثلاثة, يقول أنه يمكن أن يناقش فيها يقال هكذا, فإذا قيل هكذا عند ذلك لا يبقى عندنا دليل على الملكية لابد أن نبحث عن دليل آخر أن المعاطاة تفيد الملكية, هاتان الآيتان والسيرة غير كافيتين, اللهم إلا أن يقال, من هنا يبدأ الشيخ بهدم ما بناه(قدس سره) ولكنه بعد أن يهدم ما بناه ثم يرجع بتقوية ما بناه ويصحح الاستدلال بالآيتين المباركتين.

    انظروا كيف يريد أن يعلم الطالب على الاستدلال, على المناقشة أنه ليس الإنسان مباشرة إذا حصل له شيء مجرد في ذهنه يقول طيب هذا هو الاستدلال هنا ودليلنا على المقام كذا, لا, إذا أشكل عليه كذا لابد أن كيف يجيب؟ اللهم إلا أن يقال, ماذا يقال؟ يقول: أما الآيتين فيمكن أن يناقش فيهما بهذا البيان, وهو أن الآية الأولى والآية الثانية وخصوصاً الأولى هي محل الكلام {أحل الله البيع} طيب هذه لم يكن مدلولها المطابقي الملكية, نحن بالترقي جعلنا مدلول مطابقي وهو على تأمل أيضاً.

    إذن المدلول المطابقي للآية الأولى هو ماذا؟ جواز التصرفات, ومن قال لكم أن هناك ملازمةً بين جواز التصرفات وبين الملكية, بل يمكن أن نقول بجواز التصرفات جميعاً حتى المتوقفة على الملك ولا نلتزم بالملكية, أيوجد محذور في هذا؟ يقول لا لا يوجد أي محذور في ذلك, نحن نلتزم, التفتوا جيداً, نحن نلتزم أن المعاطاة تفيد الإباحة وهذه الإباحة إباحة جميع التصرفات, حتى المتوقفة على الملك, إن قلت طيب هذا يلازم الملكية؟ يقول لا لا يلازم الملكية من أول الأمر, يلازم الملكية من آنٍ قبل التصرف, إذن من قال لكم أن المعاطاة تفيد الملكية من أول الأمر, لا أن المعاطاة تفيد الإباحة والملكية تحصل آناً ما, قبل تلك التصرفات المتوقفة على الملك, فإذن المعاطاة أفادت الملكية من أول الأمر أم أفادت الإباحة من أول الأمر؟ أفادت الإباحة, فلا تلازم بين جواز التصرفات كما هو المدلول المطابقي للآية والملكية.

    إلا أن تقولوا أن الإجماع, طبعاً تلازم عقلي لا يوجد وهو صحيح, تلازم عادي عرفي ايضا غير موجود وهو صحيح, ولكن يوجد تلازم ماذا؟ قد يقال يوجد إجماع قائم على التلازم الشرعي يعني أن الفقهاء في أي مورد أجازوا جميع التصرفات, في ذلك المورد يقولون ماذا؟ بالملكية.

    إلا أن يقال: أن الآيتين أجازتا مطلق التصرفات وهذا لا يلازم الملكية لا عقلاً ولا عادة, نعم يلازم الملكية شرعاً, والمفروض أن الإجماع هنا قائم على أنه توجد إباحة جميع التصرفات ولا ملكية إذن لا إجماع فيها في المعاطاة, نعم هذا الإجماع أين موجود؟ موجود في البيع, وهو أنه جميع التصرفات موجودة فيلازمها الملكية, يعني البيع الذي وجد بالإيجاب والقبول, أما البيع الذي وجد بالمعاطاة هل يوجد منهم إجماع على أنه يلازم الملكية؟ لا, فلهذا تجدون أنهم صرحوا بجواز جميع التصرفات مع ذلك نفوا الملك, إذن لا يوجد عندهم إجماع على الملازمة شرعاً بين جواز التصرفات وبين الملكية في المعاطاة.

    إذن لا يبقى عندنا طريق على استكشاف الملكية بالدلالة الإلتزامية, نحن فقط طريقنا للاستكشاف هو ماذا؟ هي الملازمة الشرطية وإجماع الفقهاء أنه كلما جازت التصرفات مطلقاً يجوز, يتحقق الملكية وهذا الإجماع لا فقط غير متحقق في المقام, بل هناك كلمات الفقهاء التي تدل على نفي الملكية في المقام.

    إذن, أما الآيتان فقد نوقش فيهما قيد الملكية لا يوجد فيها, فإن قلت: فقط يبقى مطلب واحد, وهو أنه إذن كيف تقولون جواز التصرفات حتى المتوقفة على الملك؟ يقول هذه نصححها بحصول الملكية آناً ما قبل التصرف, لا يشترط أن تحصل الملكية من أول الأمر, هذا أولاً.

    أما السيرة المستمرة يقول هذه من باب التساهل, طيب نحن كثيراً ما وجدنا في سيرة المتشرعة والمتدينين تساهلات وتسامحات وقلة مبالاة في مثل هذه المسائل ولعل هذه السيرة ايضا ناشئة من تلك التسامحات وعدم المبالاة, إذن لم يبقى عندنا دليل على أن المعاطاة تفيد الملكية.

    الآن لنرى بأن هذه المناقشات تامة أو لا يأتي جوابها (كلام أحد الحضور) يقول ليس بمعلوم, أن هذه السيرة كانت موجودة في عصر المعصوم, ولكنه هناك ردع ورد عنها والردع الروايات التي عندنا ولكن المتشرعة لم يلتزموا مثلا بذلك, ممكن أم لا (كلام أحد الحضور) أنا ايضا أقول يمكن أن الشارع يردع ولا يلتزم المتدينين أو لا يمكن؟ (كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) ايضا تحتاج, تكشف تلك ولكن ايضا تحتاج بوجه آخر إنشاء الله بالأصول, (كلام أحد الحضور) طيب لا يهم ذاك إذا هكذا لا أنه لا تحتاج إلى الإمضاء وإنما يستكشف منها الإمضاء, تحتاج إلى الإمضاء, تلك تحتاج, السيرة العقلائية تحتاج إلى واسطتين والسيرة الشرعية تحتاج إلى واسطة واحدة, بحثها في الأصول, الآن التفتوا الإخوة.

    قال: اللهم إلا أن يقال أن الآيتين أنهما لا تدلان على الملك بالمطابقة كما هو واضح, وإنما تدلان الآيتين على إباحة جميع التصرفات حتى المتوقفة على الملك كالبيع والوطي والعتق والإيصاء ومن الواضح وإباحة هذه التصرفات إنما يستلزم الملك ماذا؟ بأي ملازمة؟ بالملازمة الشرعية, طيب لا يستلزمها في الملازمة العقلية نقول أينما وجدت إجازة جميع التصرفات, عقلاً نحكم بالملكية, إذا كانت توجد ملازمة عقلية كنا نلتزم, ملازمة عادية لا توجد, وإذا توجد ملازمة فهي الملازمة الشرعية يعني أن الفقهاء يقولون أينما أجزنا جميع التصرفات فهناك ملكية, فإذن فقط هذه الملازمة الشرعية نستكشفها من من؟ من إجماع الفقهاء والإجماع منتفٍ في المقام إذن لا يوجد عندنا ملازمة شرعية بين إجازة جميع التصرفات وبين الملكية من أول الأمر.

    إنما يستلزم الملك بالملازمة الشرعية, هذه الملازمة الشرعية من أين حاصلة؟ الحاصلة في سائر المقامات من الإجماع وعدم القول بالانفكاك يعني إذا أجازوا جميع التصرفات يقولون بالملكية لا يفككون بينهم, وعدم القول بالانفكاك, دون المقام, لأنه لا فقط يوجد إجماع على التلازم, بل يوجد تصريح على جميع التصرفات وعدم الملكية.

    دون المقام الذي لا يعلم ذلك من الفقهاء بل يترقى الشيخ, حيث أطلق القائلون بعدم الملك إباحة جميع التصرفات, فلهذا تجدون في الكلمات السابقة نحن قرأنا ماذا؟ أن كل من قال بالإباحة أجاز جميع التصرفات, كل من قال بالإباحة الذي هو في قبال الملك أجاز جميع التصرفات, إذن لا ملازمة شرعية في كلمات القائلين أن المعاطاة تفيد الإباحة لجميع التصرفات مع الملكية الشرعية.

    قال: والإيصال حيث أطلاق القائلون بعدم الملك إباحة التصرفات, وصرح في المسالك والشاهد على ما نقول هذا, أنه لا يوجد إجماع, بل يوجد تصريح على عدم هذه الملازمة الشرعية, وصرح في المسالك بأن من أجاز المعاطاة سوغ جميع التصرفات, فإن قلت, إذن جملة من هذه التصرفات تتوقف على الملك؟ يقول يمكن تصحيحها بآناً ما قبل التصرف, غاية الأمر أنه لابد من التزام هؤلاء القائلين بجميع التصرفات والإباحة بأن التصرف المتوقف على الملك يكشف عن صدق الملك على ذلك التصرف المتوقف عليه يكشف صدق الملك عليه آناً ما, إذن كيف نجمع بين إجازة جميع التصرفات وبين عدم الملك, يقول بهذا الوجه نجمع, أن المعاطاة تفيد الإباحة من أول الأمر لا تفيد الملكية من أول الأمر, فإن قلت كيف صححوا؟ نقول: أنهم صححوه بحصول الملك آناً ما قبل ذلك التصرف.

    فإن الجمع يعني الجمع بين هذين الأمرين المتنافيين فإن الجمع بين إباحة هذه التصرفات جميعاً وبين توقف التصرفات على الملك يحصل بالتزام هذا المقدار أي مقدار؟ يعني حصول الملكية آناً ما لا حصول الملكية من الأول لا ملزم, الضرورات تقدر بقدرها (كلام أحد الحضور) اسمحوا لي فقط أنهي المطلب.

    وبين توقفها يحصل بالتزام هذا المقدار ولا يتوقف على الالتزام بالملك من أول الأمر ليقال هذه التي عندكم فيقال خطأ, ليقال أن مرجع هذه الإباحة في جميع التصرفات إلى التمليك لا ملزم لهذا لأن الضرورات تقدر بقدرها, هذا بالنسبة إلى الآيتين.

    وأما ثبوت السيرة واستمرارها على التوريث فهي كسائر سيراتهم الناشئة عن المسامحة وقلة المبالاة في الدين مما لا يحصى في عباداتهم ومعاملاتهم وسياساتهم, كما لا يخفى.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2011/11/02
    • مرات التنزيل : 1402

  • جديد المرئيات