نصوص ومقالات مختارة

  • رزية يوم الخميس ق(4)

  • المُقدَّم: السلام عليكم مشاهدينا الكرام ورحمة الله وبركاته، أحيكم أطيب تحية، (رزية الخميس، القسم الرابع) هو موضوع حلقة الحلقة من برنامج المطارحات، أرحب بسماحة السيد كمال الحيدري، سماحة السيد هل يمكن أن تقدم لنا تلخيصاً لما مر في الحلقات السابقة.

    سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

    في الواقع بأنه كان المقرر في هذا الشهر المبارك وهو شهر رمضان لسنة 1432 هـ، أن نقف على الانحرافات التي ابتلي بها النهج الأموي بالنسبة إلى خاتم الأنبياء والمرسلين، وذلك تتمة لما ذكرناه في السنة الماضية من الانحرافات التي وقعت في التوحيد عند النهج الأموي وتبعهم على ذلك ابن تيمية وتبع ابن تيمية على ذلك الوهابية والمعاصرون من أتباع ابن تيمية. ولكنه حاولت في هذه الليالي وكما وجدتم أنني اقترب من هذا البحث وإن كنت لا أدخل فيه تفصيلاً، ولذا تجدون بأننا في الليلة الماضية أشرنا إلى بعض المقولات الأموية، أؤكد هذه الحقيقة بعض المقولات الأموية للطعن في مقام الرسالة، وإلا بينكم وبين الله أيقبل عاقل منصف أن رسول الله صلى الله عليه وآله يسحر حتى أنه يتصور أنه فعل وهو لم يفعل أو أنه أتى النساء وهو لم يأت النساء وغير ذلك.

    بل أساساً نحن إنما وقفنا عند هذه القضية وهي رزية يوم الخميس كونوا على ثقة الآن لست بصدد أن أشخصن القضايا كما أشرت بالأمس، وإنما أريد أن أبين أن هناك اتجاهاً وموقفاً وقراءة قدمها النهج الأموي، لا يتبادر إلى الذهن عندما أقول بني أمية والنهج الأموي أو الإسلام الأموي البعض يتصور أن هذا النهج إنما بدأ على يد معاوية، لا أبداً، هذا النهج كان موجوداً في صدر الإسلام، قبل دخولهم في الإسلام وبعد دخولهم في الإسلام ظاهراً غير راغبين وغير مختارين، لأن أمير المؤمنين بشكل واضح وصريح يقول أساساً أعرضتم مختارين ودخلتم كارهين، يعني أنه إسلامكم لم يكن إسلاماً واقعياً، ومن اليوم الأول الذي دخلوا فيه الإسلام بدءوا يكيدوا ويتآمروا على الإسلام وعلى التوحيد الإسلامي الحقيقي وعلى نبي الإسلام وإذا نجد هنا بعض الآثار وهذه الكلمات إنما كلها تصب في ذلك الاتجاه وإلا بينكم وبين الله واقعاً أنصفوا هذا البحث لا أريد منكم غير الإنصاف. أنكم تجدون أنه اساساً كل هذا الكتاب لو كتب هذا الكتاب لكان خلاف الرحمة الإلهية، وأن مقتضى الرحمة أن لا يكتب هذا الكتب، ولكن كان رسول الله يريد أن يكتب الكتاب، لو كتب هذا الكتاب للزم منه العسر والحرج على الأمة وكان ينبغي أن لا يكتب هذا الكتاب. ولو كتب هذا الكتاب لهجر القرآن وأعرض عن القرآن فكان ينبغي أن لا يكتب هذا الكتاب.

    يعني هذه مجموعة أمور بحسب ظاهرها خدمة للأمة ولكن بحسب واقعهاً طعن في رسول الله صلى الله عليه وآله، يعني أنه ليس هو رحمة للعالمين، لا يراعي مصالح الأمة، ليس حريصاً على حفظ القرآن في وسط الأمة، ولكن هؤلاء هذه الجماعة وهذه الفئة إنما جاءت حتى تكون أحرص من رسول الله وأرحم من رسول الله وأعرف بمصالح الأمة من رسول الله، وأنهم استشرفوا المستقبل ورسول الله لم يستطع أن يستشرف ذلك.

    أضرب مثالاً آخر يؤكد هذه الحقيقة، في كتاب (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ج9، ص593) دار طيبة، تحقيق عبد الرحمن بن ناصر البراك، قال: (وقال الخطاب …) خشى أولئك الذين منعوا وصمموا والذين أصروا على أن لا يكتب رسول الله هذا الكتاب (خشي أن يجد المنافقون سبيلاً إلى الطعن فيما يكتبه) يعني رسول الله، يعني إنما منع الخليفة الثاني رسول الله من الكتابة وبتعبيره في (ص593) ينقل عن المازري يقول: (وصمم عمر على الامتناع) يعني لا أنه ذكر رأياً واكتفى، بل كان مصمماً وعازماً وجازماً أن يمنع رسول الله صلى الله عليه وآله من الكتابة، يوجه له يقول (خشي أن يجد المنافقون سبيلاً إلى الطعن فيما يكتبه وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق فكان ذلك سبب توقف هذه الجماعة) يعني أيضاً مرة رابعة أن الخليفة الثاني وأن هذه الجماعة استشرفت المستقبل وأنه خافت أن المنافقين يسيئوا الاستفادة من هذا ولكن رسول الله لم يلتفت. أيضاً تجدون أن هناك إصرار على أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان غير ملتفتاً وغير مستشرفاً، لا أقول يعلم ذلك بالوحي، لا يا أخي، كأي قائد آخر … أنتم لا تدعون أن هذه الجماعة ومنهم الخليفة الثاني كانوا يعلمون الغيب وإنما كانوا يقرءون المستقبل ويستشرفون المستقبل باعتبار أنه عندهم رؤيا مستقبلية، لماذا أن كل هذا موجود عند هذه الجماعة ولكن واحدة منها غير موجودة عند رسول الله وهو (ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) واقعاً ما لكم كيف تحكمون وإلى أين تذهبون. واقعاً هذا المنهج، ارجع وأقول الحديث ليس عن الأشخاص وإنما الحديث عن الموقف والنهج والقراءة والفهم أنه يتعامل مع الرسول صلى الله عليه وآله بهذه الطريقة وبهذا المنهج وبهذا الفهم.

    والعجيب أنه المازري كما ينقل العسقلاني يقول: (وفيه حجة) حجة لما؟ انظروا إلى الأصل الذي يريد أن يؤصل له. (وفيه حجة لمن قال بالرجوع إلى الاجتهاد في الشرعيات) هو لا يقول أنه اجتهاد في قبال النص. يريد أن يقول أن هذا الموقف أسس لنا أصلاً ونهجاً وهو أنه فليكن الكتاب قال ذلك أو رسول الله قال ذلك، إذا وجد ولي الأمة المصلحة في خلاف ذلك فعليه أن يضرب الكتاب والسنة بعرض الجدار. مع أنه يصرح يقول: (إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك). ماذا؟ ليس ظهور، الصراحة غير الظهور، الظهور يحتمل فيه الخلاف، أما الصريح والنص فلا يوجد فيه احتمال الخلاف. (مع صريح أمره لهم بذلك).

    إذن هذه هي الخطورة الموجودة في هذا الموقف، أرجع أقول مرة أخرى لست بصدد شخصنة البحث وأنه الذي قال هذا الفعل هو فلان أو فلان وإنما هدفي الوقوف على هذه النقطة وهي أن هناك جماعة وفئة ومجموعة هؤلاء أسسوا لنظرية مخالفة رسول الله صلى الله عليه وآله، هذا فعلهم والأدهى من هذا أن بعض العلماء الذي جاءوا بعد ذلك بدل أن يقولوا أن هؤلاء أخطئوا في مخالفتهم لرسول الله وأخطئوا في اتهامهم لرسول الله حاولوا بشكل غير مباشر أن يطعنوا في رسول الله إرضاءً وحفظاً لكرامة من خالفه وامتنع من إطاعة أوامره.

    المُقدَّم: وأسسوا منهجاً على أساس هذا الموقف.

    سماحة السيد كمال الحيدري: والى يومنا هذا، وإلى يومنا هذا تجدون الآن عندما نقول أن الخليفة الكذائي أو الملك الكذائي أو الحاكم الكذائي بغض النظر عن الأسماء لماذا فعل ذلك، يجعلون ذلك من فضائل ذلك الخليفة ومن فضائل ذلك الحاكم ويقولون أنه شخص المصلحة أن يضع، يعني عندما نأتي إلى فلان حكم وفلان حكم ولا أريد أن أذكر الأسماء سواء كان في زمن الخليفة الثالث أو في زمن معاوية بعده أو قبله، يقولون نعم النص قال ذلك ولكن الحاكم وجد أن المصلحة كذا ثم يضربون مثالاً هذا الموقف الذي تحقق في رزية يوم الخميس، يقولون لو كان في إشكال لنهره رسول الله والواقع أن رسول الله نهره أو لم ينهره؟ لا فقط نهره، بل قال قوموا عني.

    المُقدَّم: نصل إلى ما يحتمل كتابته في ذلك النص، هل هناك قرائن يمكن استشراف من خلالها ما كان رسول الله يردي أن يكتبه في ذلك الكتاب لكي يواجه هذه المعارضة.

    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه نقطة أساسية واقعاً وجداً مهمة، كونوا على ثقة كما ذكرت سابقاً أن هذه القضية تعد مفتاحاً لفهم تأريخ الإسلام، صدر الإسلام، ما حدث بعد رسول الله، ما حدث في زمن رسول الله، ما حدث في زمن الخلفاء الأربعة، ما حدث في زمان خلفاء بني أمية، ما حدث بعد ذلك إلى يومنا هذا. أصله لابد يقرأ هناك، وأرجع وأقول ذكرنا لمثل هذه البحوث واقعاً ليس الغرض منها إيجاد البغضاء والتشاحن والتباغض والتكفير، أبداً والله يعلم، وإنما غرضي الاساسي قراءة إيجابية وهي معرفة حقائق ما جرى في صدر الإسلام لأن يتخذ المسلم موقفه على أساس صحيح، يعني (يحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة).

    تقريباً إن لم أقل كل الذين علقوا على هذا الحديث الوارد في صحيح البخاري وفي مسلم إن لم أقل جميعهم فأغلبهم انتهوا إلى هذه النتيجة وهي أن هناك احتمالين لمضمون هذا الكتاب الذي كان يصر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكتبه وهو في تلك الحالة. هذه نكتة، عادة الإنسان في تلك الحالة قد تشغله أمور أخرى ولكن رسول الله كان يريد أن يؤكد على هذه القضية، ما هي؟ وهي أن ينجي أمته من الضلالة، لن تضلوا بعدي أبداً، هذه الجملة التفتوا لها جيداً، بعد ذلك سيتضح ما معنى أبداً، لا تضلون بعده أبداً. إما لن تضلوا بعدي وإما لن تضلون بعده، يعني بعد كتابة الكتاب إن تمسكتم به. ذكروا احتمالين: الاحتمال الأول قالوا أن رسول الله صلى الله عليه وآله أراد في تلك الكتابة أن ينص على أسماء الأئمة والخلفاء والأمراء الذين يأتون من بعده، لا أنه ينص على خليفة واحد، لا لا، أن ينص على كل من يأتي، على ما يمثل أبداً، وبعد ذلك سيأتي، أنه أراد أن يقول إن تمسكتم بهؤلاء الذين أعينهم لكم لن تضلوا بعدي وتعيشون في عزة والإسلام يكون عزيزاً ولا يكون ذليلاً وعشرات العناوين التي سأشير لها. وقد أشار هو رسول الله قال: إن كان هذا فيكون كذا، وإن لم يكن كذا فيكون كذا.

    ولكي أقرب المسألة إلى ذهن الأعزاء في معركة أحد رسول الله ماذا أمر الرماة؟ قال أن تكونوا هناك سواء نحن ربحنا وسواء نحن هُزمنا أنتم لا تتحركون، فلو كانوا بقوا على مواقعهم لما لحقت الهزيمة بالمسلمين، متى لحقت الهزيمة المسلمين؟ عندما تركوا إطاعة أمر رسول الله وتركوا موقعهم وعصوا رسول الله صلى الله عليه وآله، إذن رسول الله بشكل واضح وصريح يريد أن يقول يا أمتي هؤلاء الذين سأشير إليهم إن تمسكتم بهم لن تضلوا، أما إذا أقصيتموهم ودفعتموهم عما يجب لهم وعما ذكرته لهم أنت أحرار من شاء أن يؤمن ومن شاء فليكفر، (إن هديناه السبيل إما شاكراً وأما كافراً) لأنه (لا إكراه في الدين) ولكنه إذا أردتم النجاة من الضلالة أن تتمسكوا بهؤلاء الأمة.

    إذن في هذا الاحتمال رسول الله لا يريد أن يضيف مفهوماً دينياً جديداً، لا عقدي ولا شرعي، وإنما يريد أن يبين مصداق مفهوم من المفاهيم، إذن عندما قالت هذه الفئة حسبنا كتاب الله إما كانت مغالطة وإما عرفوا ماذا يريد أن يقول رسول الله، إما مغالطة تصوروا أن رسول الله أتم (أكملت لكم دينكم …) وإذا كمل الدين إذن ماذا يريد أن يقول رسول الله، رسول الله لا يقول أنا لا أريد أن أقول شيئاً جديداً ولكن أريد أن أقول أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم، أولي الأمر من هم؟ أولئك الذين أنتم تنتخبونهم، أهل الحل والعقد يضعونهم، أو أنا أعينهم لكم. الاحتمال الاول يذكر هؤلاء المفسرون والمعلقون أو الشارحون أن المراد ذكر أسماء الخلفاء الذين سيلون الأمر بعده.

    الاحتمال الثاني: لبيان الشريعة، حتى لا يقع الاختلاف في الاحكام الشرعية.

    الآن هذا احتمال.

    أنا أشير إلى من قال وأشار إلى هذين الاحتمالين:

    المورد الأول (كشف المشكل من حديث الصحيحين، ج2، ص315) لابن الجوزي، قال: (اختلف العلماء في الذي أراد أن يكتب لهم على وجهين) طبعاً اختلفوا كاستشراف وإلا باعتبار أن رسول الله لم يصرح شيئاً في ذلك المجلس (أحدهما أنه أراد أن ينص على الخليفة بعده) والثاني (أن يكتب كتاباً في الأحكام يرتفع معه الخلاف) يعني في الأحكام الشرعية، ولكن يقول (والأول أظهر وأقوى) وقد جاء به أولاً ثم قال والأول أظهر.

    يعني بحسب ظهور القرائن أن رسول الله كان يريد أن يكتب الأمر الأول لا الأمر الثاني.

    المورد الثاني ما ورد في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري،ج1، ص365) للعسقلاني، تحقيق البراك، دار طيبة، قال: (واختلف بالمراد بالكتاب فقيل كأن أرد أن يكتب كتاباً ينص فيه على الأحكام ليرتفع الاختلاف) هذا الذي ذكره ثانياً (وقيل بل أراد أن ينص على أسامي الخلفاء بعده حتى لا يقع بينهم اختلاف).

    وبعد ذلك سيتبين أن الذي وقع الاختلاف فيه وأدى إلى اختلاف الأمة ودمار الأمة كانت القضية المرتبطة بالشريعة أو القضية المرتبطة بالإمامة والقيادة والخلافة، أي منها؟ التي جرت الويلات على الأمة إلى يومنا هذا. وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، النقطة المركزية في الأمة عزتها من خلال الإمامة وذلتها من خلال الإمامة.

    المورد الثالث ما ورد في (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري، ج1، ص309) للقسطلاني، دار الكتب العلمية، قال: (كتاباً فيه النص على الأئمة بعدي) يعني أكتب لكم كتاباً، ما هو الكتاب؟ يشرحه (فيه النص) لأن كتاب النبي أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي أبداً أو لا تضلون بعده أبداً. هذا الكتاب يفسره يقول ما هو المراد؟ قال: (كتاباً فيه النص على الأئمة بعدي أو أبين فيه مهمات الأحكام) أيضاً يجعل الاحتمال الاول النص على الأئمة من بعده.

    المورد الرابع: ما ورد في (الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج، ج4، ص231) للسيوطي حقق أصله وعلق عليه أبو إسحاق الحويني الأثري، دار ابن عفان، قال: (أكتب لكم كتاباً قيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لأن لا يقع نزاع وفتنة) كما حصل. قد يقول قائل: سدنا إذا كانت القضية على هذا المستوى من الأهمية لماذا أن رسول الله لم يكتبه في نفس المجلس كان يخرج هؤلاء ويكتب أو لم يكتبه قبل هذا.

    الجواب: هذا الذي قلناه مراراً والآن نقوله وهو عندما أوقعوا الاختلاف يا ريت أوقعوا الاختلاف فقط عندما اتهموه بأنه غلبه الوجع أو هجر أو يهجر، إذن غداً كل من جاء اسمه في هذا الكتاب ويريد أن يستند على هذا الكتاب لإثبات إمامته وخلافته فماذا يفعلون حتى يسقطوا هذا الكتاب؟ يتوجه الطعن إلى رسول الله وأن رسول الله كتب هذا الكتاب وهو ليس في كامل قواه العقلية، فعند ذلك لا يتحقق ما يريده رسول الله ويلزم نقض الغرض، يعني لا تتحقق إمامة ذلك الإنسان المعني وتسري المشكلة إلى مقام النبوة. إذن ماذا فعل رسول الله لو كتب. إذن هذا السؤال الذي يركز عليه أصحاب النهج الأموي وأصحاب الوهابية المعاصرين أن رسول الله لماذا لم يكتب، رسول الله متى رفع يده عن تكليفه. الجواب: لا يرفع يده عن تكليف ولكن إذا وجد هذا التكليف لأن هذا التكليف لم يكن تكليفاً من التكاليف الشرعية يعني بيان مفهوم عقدي أو مفهوم شرعي أو حكم شرعي وإنما بيان مصداق للحاكم الشرعي فإذا عين ذلك المصداق وجاء صاحب الكتاب وقال أن رسول الله عينني كذا وكذا يقولون في أي حالة كان رسول الله، فلا الإمامة تثب لذلك الإنسان المعين ولا أن رسول الله يسلم من الشك والتهمة والنقض وغير ذلك.

    ولذا رسول الله عندما وجد هذا الاختلاف رفع اليد لأنه عند ذلك تتحقق المصلحة وتوجد المصلحة في كتابة الكتاب أو لا تتحقق ولا توجد؟ لا توجد المصلحة، يتحقق مراد رسول الله وهدفه من ذلك أو لا. وهذا الذي أشرنا إليه في عبارة سابقة وردت في (كشف المشكل لابن قيم الجوزية، ج2، ص315) قال: (وإنما خالف الخليفة الثاني أن يكون ما يكتبه في حالة غلبة المرض الذي لا يعقل معها القول ولو تيقنوا أنه قاله مع الإفاقة لبادروا إليه) هذا معناه ماذا؟ يعني غداً يقولون أنه كان في حالة الإفاقة أو لم يكن في حالة الإفاقة؟ لم يكن في حال الإفاقة فلا يتحقق المقصود.

    وبعبارة واضحة: إذن ترتفع الضلالة عن الأمة أو لا ترتفع.

    المُقدَّم: وخاصة أن الفريق الثاني كان مصمماً على موقفه.

    سماحة السيد كمال الحيدري: كما قلنا. (قيل أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لأن لا يقع نزاع وفتن وقيل أراد كتاباً يعين فيه مهمات الأحكام ملخصة ليرتفع النزاع فيها ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه). وهناك كلمات أخرى لجملة من الأعلام لا احتاج للوقف عليها.

    إلى هنا اتضح لنا بشكل واضح وصريح أنه بلا ريب أن أحد الاحتمالين، كلا الاحتمالين معقول ولكنه الاحتمال الأرجح هو الذي قاله عنه الأظهر كما في ابن الجوزي أنه للنص على الأئمة والخلفاء من بعده.

    المُقدَّم: هناك الآن احتمالان لهذا الحديث، يعني لا ثالث لهما. أما أن يكون للوصية بالخلفاء من بعده يعني تعيين الخلفاء بالأسماء بعد رسول الله، وأما أن يكون لغرض الاحكام، بالتأكيد هناك قرائن وهناك دلائل ترجح أحد الاحتمالين، لا يمكن أن يترك الأمر بهذا الشكل ولم يفسر كلام النبي من خلال القرائن والشواهد أنه إلى أي اتجاه نميل.

    سماحة السيد كمال الحيدري: في الواقع بأنه كما قرأنا في علم أصول الفقه وقواعد أصول الفقه أنه إذا كان هناك كلام فيه احتمالان يقال أن هذا الكلام صار مجملاً، لأنه نحن عندنا الكلام الصادر إما أن يكون نصاً، إما أن يكون ظاهراً وإما أن يكون مجملاً. النص كما لو قلت ثمانون جلدة، ثمانون جلدة هذا نص لا يحتمل احتمال آخر، يعني أنت عندما تقول 2+ 2 =4، يوجد احتمال أنه يوجد خمسة أو ثلاثة، هذا الكلام نص، أما وبعض الأحيان يكون الكلام له ظهور في معنى معين، ما معنى له ظهور؟ يعني 80 بالمئة 85 بالمئة ظاهر في اتجاه والباقي خلاف ذلك.

    أما المجمل ما هو؟ أنه كلا الاحتمالين متساويان، بمعنى 50 و50 أو 55 و 45، هنا قد يقال أن هذا الكلام مجمل لا نعلم أنه يراد به الاحتمال الأول أو الاحتمال الثاني، يراد به أن النبي كان يريد ان يكتب كتاباً لأجل أن يعين الخلفاء من بعده أو لبيان الأحكام حتى لا يقع الخلاف فيها.

    هنا لابد من الرجوع إلى القرائن لترجيح أحد الاحتمالين على الاحتمال الآخر.

    بحسب تتبعي لكلمات هؤلاء المعلقين والشراح والموضحين لهذا النص في الأعم الأغلب وبعضهم قال العكس، في الأعم الأغلب قالوا أن هذا الكتاب لأجل بيان الأحكام لا لأجل النص على الأئمة بعده. لكن كونوا على ثقة كلما تتبعت لأجد ما هي القرينة التي استندوا عليها لترجيح الاحتمال الثاني على الأول لم أجد.

    على سبيل المثال، هذا (شرح صحيح البخاري، ج1، ص231) لمحمد بن صالح العثيمين، مكتبة الطبري، يقول: (اختلف العلماء في قوله لا تضلوا بعده، فإن كان المراد لا تضلوا بعده في الشريعة) التفتوا إلى هذا الرجل الذي هو من أعلام الوهابية المعاصرين (فإن كان المراد لا تضلوا بعده في الشريعة فلا شك أن كتاب الله خير من ذلك) إذا كان رسول الله كان يريد أن يكتب أمراً في الشريعة فلا إشكال ولا شبهة فنحن في غنى عما قاله رسول الله، يعني يا رسول الله أنت أخطأت أنك قلت لا تضلوا بعده، لأننا عندنا كتاب الله وهو أهم من الكتاب لأن (لأن كتاب الله أفضل مما سيكتب) وكأن رسول الله لا يعلم، نفس المنطق الذي عبرت عنه المنطق الأموي، سواء كان الأموي القديم أو الأموي المحدثين وإلا أنا أعتقد أن أتباع ابن تيمية أموي، ومعاوية بني أمية أمويون مع هذا الفارق وهو أن معاوية وأتباعه أمويون على الصراحة ولكنه ابن تيمية أموي يبطن النصب ويظهر المحبة. وهذا الذي نجده في أتباعه من الوهابية.

    يقول: (لأن كتاب الله أفضل مما سيكتب) وكأن رسول الله لا يعلم أن كتاب الله أفضل مما يكتب، إذا كان رسول الله يعلم فلماذا قال لا تضلوا بعده، إذن يقول إذا كان مراده لا تضلوا بعده في الشريعة فيوجد عندنا من الكتاب ما لا نحتاج إلى كتاب رسول الله (وإن أراد أن يكتب كتاباً في الخلافة) هناك أحد احتمالين يا رسول الله إما تكتب لنا كتاباً في الشريعة فيوجد عندنا أفضل مما تكتب إذن نحن في غنى عما تكتب (وأما أراد أن يكتب كتاباً في الخلافة فأن من رحمة الله إن الله قدر أن يعارض عمر) إذن على كلا الاحتمالين كلام رسول الله كان حقاً أو كان جزافاً وعبثاً؟ واقعاً المشاهد يجيب على هذا، يقول إن كان رسول الله يريد أن يكتب في الشريعة فيوجد عندنا ما هو أفضل منه، وإن كان يريد أن يكتب في الخلافة فنحمد الله أنه أجرى الحق على لسان الخليفة الثاني. وإلا لأوقع الأمة فيما أوقعها من العسر والحرج وصرف الناس عن قراءة القرآن. ثم يقول: (لكن الذي يظهر هو المعنى الأول) يعني أنه كان يريد أن يكتب في الشريعة. بأي دليل؟ ابداً لم يذكر أي دليل. وإذا وجد أحد دليل منطق لماذا رجح هؤلاء الاحتمال الثاني وهو كونه أراد أن يكتب في الشريعة على الاحتمال الذي يريد أن يكتب في الخلافة فليدلنا على ذلك. لأني بحسب تتبعي لم أجد قرينة مفيدة علمية منهجية ترجح احتمال أراد أن يكتب الشريعة على احتمال أراد أن يكتب في الخلافة.

    ولكن في اعتقادي أن هناك مجموعة من القرائن الأساسية ترجح لنا بل تعين لنا أن رسول الله كان يريد أن يكتب في أمر الخلافة لا أن يكتب في أمر الشريعة، أنا بقدر ما يسعني الوقت أشير إلى بعض هذه القرائن.

    القرينة الأولى: هي السياق التأريخي، والله أنا لا أريد أن أذهب يميناً أو يساراً، رسول لم يدفن بعد ووقع الاختلاف في سقيفة بني ساعدة.

    المُقدَّم: يعني سقيفة بني ساعدة تفسر هذا.

    سماحة السيد كمال الحيدري: النبي يريد أن يقول أيها الناس إذا ذهبت عنكم بلا تعيين الخليفة من بعدي فستبتلون بالضلال والفتن والاختلافات إلى قيام الساعة، انظروا نظرة ولا أريد الإطالة على المشاهدين. انظروا إلى أول ما وقع بعد رسول الله صلى الله عليه وآله مباشرة، بعد رسول الله، وبعد ذلك أنظروا ماذا وقع في عهد الخليفة الثالث، أنهم خرجوا عليه وأدى إلى مقتله. انظروا ماذا حدث لعلي بن أبي طالب في خلافته سواء في الجمل أو في صفين أو في النهروان، انظروا ماذا حدث بعد ذلك بين الإمام الحسن ومعاوية انظروا بعد ذلك ماذا وقع في زمن يزيد أدى إلى مقتل وشهادة الإمام الحسين سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة. أنظروا بعد ذلك المآسي من استباحة المدينة وضرب الكعبة بالمنجنيق وما حدث بين بني أمية ثم بعد ذلك بني العباس وإلى يومنا هذا نحن ندفع ضريبة ذلك الذي وقع في يوم الرزية في يوم الخميس.

    وأنا أتصور أن هذا السياق التأريخي يكفي لنا أن نعين أن النبي صلى الله عليه وآله، وإلا بينكم وبين الله نحن في الأحكام الشرعية إذا اختلفنا تقع بيننا هذه المآسي، لا يا أخي، الفقهاء في المذهب الواحد كما هو في مدرسة أهل البيت الفقهاء قدس الله أسرار الماضين وحفظ الباقين منهم، تجد أنهم يختلفون ولكن هذا لا يؤدي إلى أن تقع مقاتل وأن يقع هناك تكفير وتباغض وغيره، لا يؤدي إلى ذلك. ولكن المشكلة الأصلية أين؟

    واكتفي هنا بكلمة واحدة للشهرستاني في (الملل والنحل) هذه الكلمة أقرأها أن السياق التأريخي هو الذي يفسر لنا أي ضلال كان رسول الله يريد أن يخلص الأمة وينجي الأمة منه ويجعلهم في أمان. يقول وقعت اختلافات متعددة.

    (الملل والنحل) للشهرستاني، المتوفى 548هـ تحقيق محمد سيد كيلاني، دار المعرفة، بيروت، لبنان، يقول: (فأول تنازع وقع في مرضه) ثم ينقل الرواية أأتوني بكتاب وقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي فقال الخليفة الثاني أن رسول الله غلبه الوجع حسبنا كتاب الله، ثم تأتي الخلافات كلها بعد هذا الخلاف، إلى أن يقول (الخامس) الخلاف الخامس (في الإمامة، وأعظم خلاف بين الأمة خلاف الإمامة) هذا الاختلاف الذي وقع في الإمامة أعظم اختلاف، التفتوا إلى العبارة (إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان). يعني أين ما وجدت السيف والقتل والحروب وأين ما وجدت الفتن اصلها في قضية الإمامة (على قاعدة دينية) ومما يؤسف له أن البعض يحاول الآن أن يجعل قضية الإمامة قضية سياسية، الخلاف بين فلان وفلان قضية سياسية لا قضية … لا.

    المُقدَّم: حتى التركيز على يوم السقيفة دون الإشارة إلى رزية يوم الخميس يوضح هذا.

    سماحة السيد كمال الحيدري: الآن هو يقول، يقول: (إذ ما سل سيف في الإسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الإمامة في كل زمان).

    (وقد سهل الله تعالى في الصدر الإسلام فاختلف المهاجرون والأنصار) أول اختلاف أين بدأ؟ بدأ من هنا (فقالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير واتفقوا) أي الأنصار (على رئيسهم سعد بن عبادة الأنصاري فاستدركه أبو بكر وعمر بأن حضرا …) وبدأت القضية تتوالى وتتوالى إلى يومنا هذا.

    إذن أتصور القرينة الأولى الدالة على هذا هو هذا الأمر.

    المُقدَّم: طبعاً هذا ما موجود في كتب القوم، كتب المدرسة الأموي. قد يتصور البعض ان هذا كل التفسير للحادثة.

    سماحة السيد كمال الحيدري: لا لا أبداً، أنا فقط أريد أن استشهد بما ورد في كتبهم.

    القرينة الثانية كما هو واضح وقرأنا العبارات بشكل واضح أن رسول الله صلى الله عليه وآله في عبارته بشكل واضح وصريح قال: أأتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده. وفي بعض النصوص أبداً. بعضها لا يوجد فيه أبداً.

    القرينة القوية اللفظية التي تثبت هذه الحقيقة وهو أن رسول الله صلى الله عليه وآله في أحاديث صحيحة متقنة واضحة بل متواترة بين أنه ما هو الطريق الذي لا تضلوا بعده أولاً، هنا يقول أريد أن أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أولاً, وفي بيانات أخرى قبل ذلك بين بماذا إذا تمسكتم لن تضلوا بعدي أبداً، قال: (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً) ما هو؟ كتاب الله وعتري.

    أنا لا أذكر بعض المصادر بل أذهب مباشرة إلى كتاب (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية) للحافظ العسقلاني، ج16، تحقيق عبد الله ظافر الشهري، تنسيق سعد بن ناصر الشكري، دار العاصمة ودار الغيث، قال: (ثم قال أخذ بيدي علي ثم خرج …) الحديث طويل في هذا المجال وأنا أكتفي بهذا المقدار منه، (قال: بلى، قال: فمن كان الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه، وقد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله تعالى سببه بيده وسببه بأيديكم وأهل بيتي). لماذا يا رسول الله كنت تريد أن تكتب؟ كنت أريد أن أؤكد هذا الأمر الذي مراراً ما أكدت عليه. قال: (هذا إسناد صحيح) ابن حجر العسقلاني يقول. (هذا إسناد صحيح).

    المورد الثاني (صحيح سنن الترمذي، ج3، ص52) تأليف الألباني، قال: (إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا) نص العبارة التي وردت في رزية يوم الخميس لن تضلوا. رسول الله يستعمل نفس اللفظ للإشارة إلى أنب هذا الكتاب مرتبط بحديث الثقلين (كتاب الله وعترتي أهل بيتي) هذا المورد الثاني.

    المورد الثالث (سنن الترمذي، ج6، ص337) لشعيب الأرنؤوط (إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود وعترتي أهل بيتي) وكذلك (إتحاف الخيرة المهرة، ج7، ص210) للبصيري، قال: (رواه إسحاق بسند صحيح وحديث غدير خم).

    وكذلك ما ورد في (مسند أحمد، ج18، ص114) وكذلك ما ورد في (الصواعق المحرقة، ج2، ص428) لابن حجر الهيتمي. إذن عشرات المصادر قالت نفس هذا النص في حديث الثقلين، إذن رسول الله في حديثه في كلامه في كتابه لن تضلوا بعدي بينه أو لم يبنيه في مواضع أخرى بشكل متواتر ومتقن وصحيح؟ نعم، بينه بشكل لا مجال للريب فيه ولكن بشرطها وشروطها، ما إن تمسكتم، لا بمجرد أن أضع، وإلا رسول الله عين الإمام من بعده ولكنه تمسكوا أو لم يتمسكوا؟ لم يتمسكوا فأدى إلى عدم الأمن من الضلال.

    المُقدَّم: معنا الأخ خالد من السعودية.

    الأخ خالد: السلام عليكم.

    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    الأخ خالد: الأخ المقدم تعرف أخي الكريم أننا في القرن الواحد والعشرين والسيد كمال يتكلم لمدة ساعة فإذا كان الخطاب للأخوة الشيعة فهم موافقون لحديثه أما إذا كان لأهل السنة فالسنة يريدون أحد علماء السنة يجلس على الطاولة بجانب الشيخ كمال ويأتي كل واحد.

    المُقدَّم: هذا العالم يأتي إلى قناتنا أو يتفضل بمداخلة ونحن نستمع إليه القضية ليست مشكل كما يقال لكي تحتاج إلى طلب وما شابه ذلك، يتفضل بالاتصال ونستمع إليه.

    المُقدَّم: الأخ أبو سامي من ألمانيا.

    الأخ أبو سامي: السلام عليكم.

    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    الأخ أبو سامي: إن رفض كتاب رسول الله من هؤلاء بتبيان أسماء الأئمة من بعده كانت له سابقة وكأنهم أخذوا بها وهو حواري عيسى الاثنا عشر الذين رفضوهم أحبار اليهود، وأتحدى أي مسيحي إلا القليل منهم بذكر أسمائهم. وهذا ما يحصل مع الأئمة الاثنى عشر في المسلمين لا يعلمون بأسمائهم. أضاعوا الإنجيل الذي لو اتبعوه لصدقوه.

    ولم يتبعوا رسول الله. هنا هل كان لليهود دوراً تأثيرياً في انحراف هؤلاء الذين رفضوا أمر الرسول بكتابة الكتاب الذي أمرهم به.

    المُقدَّم: أرجو أن لا نحيل الكثير من القضايا إلى العامل الخارجي، نجعله ونحصر هذا الخلاف باجتهادات معنية، وأتصور حسب هذا الخلاف يكون لصالح المسلمين.

    سماحة السيد كمال الحيدري: وأن لا نتهم أحد بنياته.

    المُقدَّم: الأخ فارس من النمسا.

    الأخ فارس: السلام عليكم.

    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    الأخ فارس: هل يعقل أن البخاري في كتاب المرضى باب قول المريض قوموا عني، اسم الكتاب قول المريض قوموا عني، هل يعقل أن البخاري يعلل هذا الباب وعندما يأتي إلى نص الحديث يقول فلما أكثروا الاختلاف عند النبي قال رسول الله قوموا وتحذف كلمة عني، وهذا تحريف في الكتب، وأنا أخشى أن يأتي يوم يغيروا حتى الباب فيسموه قول المريض قوموا، ويحرف بعد ذلك ويسمون الباب قوموا يرحمكم الله.

    المُقدَّم: مهيب من ألمانيا.

    الأخ مهيب: السلام عليكم.

    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    الأخ مهيب: نحن نبحث في القرآن وفي السيرة النبوي وفي كتب الحديث، لا أعرف رب العالمين لقد نساها، أنه قال اللهم صلي على عمر ولم يقل اللهم صل على محمد وآله محمد.

    المُقدَّم: لا نتكلم بلغة العواطف التي تخرجنا عن صلب الموضوع.

    الأخ مهيب: أن الرسول لو كتب الوصية كان طعنوا فيها، والدليل على صحة طعنهم بالوصية أن الزهراء عليها السلام لما طلبت من الخليفة الأول فدك جاءت بالسند عمر مزق السند.

    المُقدَّم: الأخت أم علي من فنلندا.

    الأخت أم علي: السلام عليكم.

    المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

    الأخت أم علي: أحب أن أوصل فكرة، المقصد من الكلام نحن تشيعنا من كتب صحيح البخاري ومسلم كما يتفضل الشيخ أو السيد كمال الحيدري، بطرح الأحاديث التي تطرح وهي اتهام الرسول والانتقاص من شخص الرسول، يعني أنا عندما تشيعت وبدأت في بحثي عن المذهب الشيعي أول الأشياء التي صدمتني في صحيح البخاري ومسلم وصف النبي بأنه يهجر، نحن أبناء السنة العامة لا تطرح عليهم هذه الأحاديث بشكل واضح، فسماحة السيد أطلب منك فقط أن توضح هذه الأحاديث لأهل السنة لأنهم لا يعلمون بها، هذه الأحاديث أو هذه حتى صحيح البخاري لابد أن يعلم الناس به، وجدنا في صحيح البخاري ومسلم تعظيم شخصيات على حساب شخصية أعظم الخلق أجمعين من الأولين والآخرين، على حساب سيدنا محمد ابتداء من عبس وتولى إلى رزية يوم الخميس التي يوصف يها رسول الله بأنه إنسان مشكوك في اتزان عقله، يعني هذه الأشياء المتناقضة الموجودة في صحيح البخاري ومسلم، أنا أسميها عقيدة المتناقضات لأني يحق لي أن أقول هذا لأني كنت من أهل السنة وجدت هناك تناقضات عديدة في صحيح مسلم، كقوله القاتل والمقتول في الجنة، كما يقول الحسين وقاتله في الجنة، يجتهدون ولا اجتهاد للحسين، الحسين خرج باغياً، هذا خارج عن موضوعكم، ولكن نحن لنا غيرة على رسول الله وهذا الكلام أوجهه لكل من له غيرة على نبيه، هل ترضى أن يقال لنبيك أنه يهجر أو غلب عليه الوجع.

    المُقدَّم: شكراً لكم على هذا القدر من المداخلة لضيق الوقت. رفض الكتاب كان له سابقة ومسألة اليهود.

    سماحة السيد كمال الحيدري: هذه مرتبطة بأنه ما من شيء يحدث في الأمة إلا وهو يحدث في الأمة الإسلامية حتى لو دخلوا في جحر ضب لدخلتم فيه، لعل الأخ يشير العزيز يشير إلى هذه الحقيقة وهو أنه ما جرى في تلك الأمم وهو أنهم لم يلتزموا بالأثنى عشر لأن نقباء بني إسرائيل موجودة وغيرها. أيضاً يريد أن يقول في هذه الأمة لم يلتزموا بما بينه الرسول صلى الله عليه وآله من خلفائه الاثنى عشر.

    في الواقع أنا أحاول الابتعاد عن نظرية المؤامرة، وأريد أن أبحث القضايا بحسب الأدلة الموجودة بأيدينا، أما بحسب النوايا وبحسب الاعتقادات وبحسب الماورائيات … وأنا أتصور بأنه عندما ندخل في النوايا قد يتهمنا أحد بأن هذا الإنسان ليس بمؤمن ومن أين تعرف أن هذا تآمر، والحق معه باعتبار أن النوايا مرتبطة بالله تعالى.

    أما بحسب الظواهر أن رسول الله بأمر صريح يقول أأتوني بكتاب وهو يقولون لا، أنه هجر أو غلبه الوجع أو أهجر. هذا القدر يكفي لبيان هذه الحقائق.

    المُقدَّم: هل هذه الحقائق الموجودة في كتب النهج الأموي من الكم بحيث يمكن حذفها خلال الطبعات القادمة.

    سماحة السيد كمال الحيدري: الأخ العزيز يقول أن بعض الكلمات حذفت، أنا استبعد، وأنا أشرت في الأطروحة المهدوية مجموعة الأمور التي تلاعب بها صحيح البخاري وتلاعب بها صحيح مسلم ولعلها موجودة في مسند أحمد، ولكن بحمد الله تعالى بعد هذا الانتشار الواسع والكتب الموجودة بأيدي الجميع أنا أتصور بأن التغيير فيها ليس بذاك الأمر السهل الذي يتصور الأخ العزيز.

    المُقدَّم: يوم السبت ندخل في موضوع جديد. أشكر سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    • تاريخ النشر : 2011/10/24
    • مرات التنزيل : 2214

  • جديد المرئيات