بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قبل إتمام البحث هذا بحث مسألة نفس الأمر ومسألة الوجود الخارجي ومسألة المفهوم ومسألة اللفظ ومسألة الوجود الكتبي.
تعلمون أن عندنا وجود اسمه الوجود الكتبي وعندنا وجود اسمه الوجود الكتبي وعندنا وجود اسمه الوجود المفهومي، المعنى، وفي المنطق عندنا الوجود الخارجي.
مع الأسف الشديد في منطق المظفر وما هو على هذا المستوى لم يشيروا إلى مسألة الواقعية النفس أمرية مع أنها حقيقة من الحقائق، ومن هنا قالوا أن المفهوم مصداقه الواقع الخارجي مع أن مصداق أي مفهوم ليس هو الواقع الخارجي بل ا لواقع النفس الأمري، لأن كثير من المفاهيم ليست لها مصاديق خارجية، نفس العدم، العدم مفهوم أو لا؟ نعم مفهوم، أين مصداقه؟ في الخارج؟ شريك الباري مفهوم أو ليس بمفهوم، أي مصداقه؟ الامتناع مفهوم أو ليس بمفهوم، أين مصداقه؟ في الواقع الخارجي؟ أبداً، ولذا قانون أن مصاديق المفاهيم هو الواقع النفس الأمري لا الوجود الخارجي، خلافاً لما تقرأه في منطق المظفر أو أي منطق تذهب إلى المفهوم والمصداق الخارجي.
وهذا المفهوم أو هذه الحقيقة التي نعبر عنها الواقعية نفس الأمرية سوف تلازمنا في أي علم أينما نذهب في الأصول نتكلم موجود، في الفقه نتكلم موجود، في الفلسفة نتكلم موجود، في الكلام موجود، في التوحيد موجود، لذا أعزائي طالعوا هذه القضية، هذا البحث أنا عرضته له في (الفلسفة (الإلهيات بالمعنى الأعم) يعني شرح كتاب الأسفار ، ج2، ص137) عبرت عنه المرتبة الرابعة عالم نفس الأمر، يبدأ من (ص37 و 38 و 39 و 40) ثم قلت المرتبة الخامسة الواقع العيني.
(ومن هنا نقول كل ما له وجود خارجي فله واقع نفس أمري، وليس العكس، وليس كل ما له واقع نفس أمري له وجود خارجي) هذا البحث ترجعون إليه حتى عندما نقول أن هذا ليس وجود خارجي وإنما واقع نفس أمري الأعزاء يلتفتوا إلى لا أقل إلى ما نصطلح عليه، طبعاً هذا غائب في كثير من الكلمات الفلسفية والمعرفية وغيرها.
نرجع إلى كلامنا.
فيما يتعلق ببحثنا هذا اليوم كان الكلام في بيان نظرية المحقق العراقي& قلنا أن المحقق العراقي في نظريته عرض للمحاور الثلاثة التي أشرنا إليها:
المحور الأول: أنه قبل وقال أن الواضع الجاعل عبروا عنه ما تشاؤون جعل الملازمة بين اللفظ وبين المعنى. وهي ملازمة، لا استلزام، يعني كما أن اللفظ يؤثر على المعنى المعنى أيضاً يؤثر على اللفظ بعد ذلك سيأتي، ملازمة من الطرفين، لا ملازمة من طرف واحد، يعني إذا استذكرت اللفظ انتقل ذهنك إلى المعنى، وإذا جاء المعنى إلى الذهن اطمأنوا أن اللفظ يأتي إلى جنبه، سيأتي بحث هذا.
هذا في المحور الأول، إذن اعتبر الملازمة.
سؤال: أي ملازمة اعتبرها، الملازمة بالحمل الأولي مفهوم الملازمة أو الملازمة بالحمل الشائع، يعني واقع الملازمة؟
الجواب: قلنا أنه في الجعل اعتبر مفهوم الملازمة، يعني الملازمة بالحمل الأول التي هي بمقدور الجاعل، أما الملازمة الواقعية النفس أمرية بمقدوره أو خارجة عن مقدوره؟ أصلاً خارجة باصطلاحي عن قدرته التكوينية، هذا المحور الأول.
المحور الثاني: قلنا بأنه أساساً ما هي نتيجة هذه الملازمة، ما الذي يترتب عليه؟ قلنا: يترتب عليها ليس بعنوان العلة والمعلول يعني جعل هذه الملازمة بالحمل الأولي يحقق مصداقاً من مصاديق القانون التكويني الذي جعله الحق للأشياء، وهو أنه إذا تحقق الملازمة بين شيئين فيوجد ذلك الذي عبرنا عنه معد وعبرنا عنه شرط وما شئت فعبر.
إذن بهذا انتهينا من المحور الأول والمحور الثاني.
وأما الجواب عن المحور الثالث، ما هو المحور الثالث؟
إذا يتذكر الأخوة قلنا في المحور الثالث يأتي هذا التساؤل وهو أنه ما هي النكتة التي أدت بالجاعل أن يجعل هذا اللفظ (م، ا، ء) لهذا المعنى الذي هو مصداقه الخارجي السائل المعروف، لفظ الماء وضعه لمفهوم له مصداق خارجي وهو ذاك الشيء السيال، لماذا لم يضع لفظ الحجر لذاك؟ ما هي نكتة الاقتران بين اللفظ وبين المعنى.
هنا جاءت إن شاء الله بعد ذلك ستأتي، هنا جاءت نظرية المناسبة الذاتية التي نسبت إلى ابن عباد، ابن عباد ادعى أن بين كل لفظ ومعنى لفظ خاص ومعناه المعين مناسبة ذاتية، وحيث وجدوا أن الذاتية، هذا لازمه أنه لا يمكن التفكيك، لا لا، اقتضاء مثلاً، وما هو الدليل الذي استدلوا عليه؟ قالوا لو لم تكن هناك أي مناسبة جعلت هذا اللفظ لهذا المعنى للزم الترجيح بلا مرجح والترجيح بلا مرجح ممتنع عقلاً، لأن مرجع الترجيح بلا مرجح إلى الترجح بلا مرجح، لا ترجيح، أصلاً الترجح بلا مرجح، يعني وجود شيء من غير فاعل ومن غير موجد وهذا من المحالات الأولية أن كل حادث وكل ممكن يحتاج إلى فاعل.
في هذا المحور ماذا يقول المحقق العراقي؟ المحقق العراقي يقول: لا، هذه القاعدة وهذا المطلب لا نلتزم به هنا، أشار إلى هذا بنحو الإجمال في (مقالات الأصول، ج1، ص60) قال: (أقول: لا يخفى أن عمدة الذي دعاهم إلى الالتزام بما ذكر هو توهم احتياج تخصيص كل لفظ بمعناه إلى خصوصية وربط بينهما هو المرجح للتخصيص) لماذا جعلت هذا اللفظ (أ) للمعنى الخاص. واللفظ (ب) للمعنى الثاني ولم تعكس، يقول باعتبار أن هناك خصوصية في (أ) تنسجم مع المعنى الأول، وخصوصية في (ب) تنسجم مع المعنى الثاني.
هذا الجواب، يقول: الذي أدى بهم إلى ادعاء تلك الادعاءات، وسأبين تلك الادعاء بعد ذلك. الذي أدى بهم هو (أظن أن الالتزام بذلك في جميع الإضافات والاختصاصات) يقول لو التزمنا بأنه يجب وجود خصوصية أو نكتة أو مناسبة بين كل اقترانين بين شيئين فماذا تفعلون بالاقتران الذي يحصل بين وجودين، الآن أنا وجودي مقترن بوجودك في هذا الزمان.
سؤال: لماذا ان وجودي غير مقترن بوجود علي بن أبي طالب في ذاك الزمان؟ هذا الاقتران، هناك مناسبة في هذا الزمان وهناك ليست عندي مناسبة. يقول: لا، إذن هذا يكشف لنا أنه كثير من الاقترانات تقع ولا تحتاج إلى مناسبة، هذا الذي يعبر عنها السيد الشهيد بالصدفة النسبة في الأسس المنطقة للاستقراء، يقول عندنا صدفة مطلقة التي هي محالة، وعندنا صدفة نسبية التي هي ممكنة، ما هي الصدفة النسبية؟ أنا أخرج من باب المنزل وأجد فلان أمامي، تقول لي لابد أن هناك علة وخصوصية أني إذا خرجت من باب المنزل اقترنت بفلان، خرجت من باب المنزل نزل المطر، أنا جالس في البيت ساعة لم ينزل المطر، بمجرد أن خرجت نزل المطر، هذا اقتران وهذا اقتران، هذا يحتاج إلى مناسبة؟ كل الاقترانات، كل الصدف النسبية، المراد من الصدفة المطلقة يعني وجود الشيء بلا علة، المراد من الصدفة النسبية يعني هذا له علة وهذا أيضاً له علة ولكن اقتران أحدهما بالآخر لا علية بينهما، أنا وضعت ماء هنا لكي ينجمد ووضعت ماء على النار حتى يصل إلى درجة الحرارة 100، في نفس الزمان الذي هذا وصل إلى درجة الانجماد هذا وصل أيضاً إلى درجة الغليان، هل هناك مناسبة ذاتية ومرجح؟ الجواب: كلا، هذا له علته وهذا له علته ولكن من باب الاتفاق وقع هذا مع هذا، ونحن نعبر نقول اتفاقاً حصل كذا، اتفاقاً لا أنه يعني وقع بلا علة، الاقتران لا علة له، لا أن هذا بلا علة أو هذا بلا علة، لا، هذا له علة وهذا أيضاً له علة، أما اقتران أحدهما بالآخر هل يشترط أن يكون له علة؟ الجواب: كلا.
قال: (وأظن أن الالتزام بذلك في جميع) يعني وجود علة للاقتران (وأظن أن الالتزام بذلك في جميع الإضافات والاختصاصات يوجب إنكار المقارنات الاتفاقية بين الأشياء) والتالي باطل لأنكم لا تستطيعون أن تنكروا المقارنات الاتفاقية، مراد من الاتفاق يعني الصدفة، المراد من الصدفة يعني الصدفة النسبية لا الصدفة المطلقة.
سؤال: ما هو وجهه؟
وجهه هذا: التفتوا جيداً وجهه هذا: أنه يوجد عندي معنى من المعاني أريد أن أوصله (حب) مثلاً أريد أن أوصله إلى المقابل، الحب ليس معنى مثل الماء حتى أأتي له بالماء واقول له أريد من هذا، ليس أمراً محسوساً حتى أبينه له، لا بالمصداق الخارجي يمكن ولا بطريق آخر، فاضطر أن أضع له لفظ، إذن الأصل أن هذا المعنى يحتاج إلى لفظ. لماذا هذا اللفظ؟ يقول: لا، لأي نكتة، من قبيل إذا تتذكرون … كان عندنا بحث في الحلقة الثالثة يقول بأنه بعض الأحيان المصلحة ليست في متعلق الجعل بل المصلحة في نفس الجعل، في النتيجة لابد أن يجعل، المصلحة في نفس الجعل، المصلحة ليست في ا لعلاقة بين اللفظ والمعنى بل المصلحة في أصل الوضع، ولهذا لابد أن يضع، إما أن يضع هذا وإما أن يضع هذا.
وبعبارة أخرى أعزائي وأمثلته بعد ذلك ستأتي، من قبيل أن الإنسان كما يقولون طريقي الهارب، أو رغيفي الخبز، أنت خلفك سبع وتهرب وتصل إلى مفترق طرق، إما أن تذهب إلى اليمين أو إلى اليسار حتى تهرب من السبع، تختار اليمنى أو تختار اليسار، إذا كان يحتاج إلى مرجح فلابد أن تقف جنابك هناك تبحث ثلاث ساعات ما هو المرجح حتى تدخل في اليمين أو اليسار، أصلاً بلا اختيار منك سوف تدخل في أحدهما، إما نكتتها أقرب إما عينك وقعت على أحدهما، وإما لا هذا ولا ذاك، أصلاً نكتة اختيار أحدهما أنك تريد أن تهرب وانتهت القضية، يعني النكتة في أصل الهروب أما هذا أو ذاك، لا، لا يحتاج إلى مرجح، النكتة في أصل الجعل أما جعل هذا لهذا لا يحتاج إلى نكتة، ولذا عبارته التفتوا لي جيداً، قال: (بل ويمكن في المقام دعوى كون المرجح خصوصية في نفس وضع اللفظ لمعناه لا بينهما) رحمة الله تعالى عليه، المحقق عندما يتكلم هذا قلمه الشريف، ومعروف المحقق العراقي علم في الأصول. وهو المعروف في هذه الجملة هو أنه دخل عليه بعض الأعلام فقال له شيخنا ماذا تقولون في مقدمة الواجب. قال: اختاروا ما شئتم نثبت خلافه. قدرته الأصولية كانت إلى هذا الحد، لا يحتاج أن تسألني أنا ماذا اختار، أنت تختار وجوب المقدمة أنا أثبت لك عدم الوجوب، تختار عدم الوجوب أنا أثبتك لك الوجوب. هذا من قبيل والأمثال تضرب ولا تقاس من قبيل بأنه كان في القياس على درجة أنه لو أراد أن يثبت أن هذه الاسطوانة التي من الجص والاجر أنها من الذهب لاستطاع. أبو حنيفة، يقولون في حياته أنه قدرته القياسية كانت إلى هذا الحد.
في سطر واحد بين هذا الذي شرحته أنا في حدود عشرين دقيقة يقول: (بل ويمكن في المقام دعوى كون المرجح خصوصية في نفس وضع اللفظ لمعناه لا بينهما) لا خصوصية تربط اللفظ بمعناه، (نظير ما يقال في الأحكام الظاهرية) هو يقول الوضعية مقصوده من الوضعية يعني تلك الأحكام (من كون الجعل لمصلحة في نفس الجعل بلا ربط بين متعلقي الجعل أبداً). يعني اللفظ والمعنى.
إذن الجواب على المحور الثالث أنه نحتاج إلى خصوصية أو لا نحتاج إلى خصوصية؟ لا نحتاج لها. وهذا ما صرح به في هذا الموضوع.
هذه المحاور الثلاثة التي أشار إليها.
ما هي النتائج المترتبة على هذه النظرية؟
النتيجة الأولى: وهي أنه قلنا بجعل الملازمة بالحمل الأول يتحقق مصداق الملازمة الواقعية بين اللفظ وبين المعنى، يقول هذه الملازمة الواقعية التي تتحقق ببركة هذا الجعل تصل إلى درجة أن اللفظ يكون فانياً في المعنى، صحيح أن اللفظ شيء والمعنى شيء آخر ولكن يحصل بينهما، لأن العلامة تكون من مصاديق العلاقة الواقعية النفس أمرية، أساساً ماذا يحصل؟ يحصل فناء فيما بينهما، شيخنا إذا صار فناء؟ يقول إذا صار فناء سيؤدي ذلك إلى أن حسن وقبح المعنى يؤثر على اللفظ، يسري إلى اللفظ، فإذا كان المعنى حسناً عندما تسمع اللفظ تطمئن النفس وتلتذ وتستكين النفس، أما إذا كان المعنى قبيحاً يسري إلى اللفظ، حسن المعنى وقبحه سوف يسري إلى حسن اللفظ وقبحه.
هذا المعنى في (مقالات الأصول، ج1، ص61) يقول: (بنحو يكون الانتقال بأحدهما عين الانتقال بالآخر وربما تسري صفات أحدهما إلى الآخر فقبح المعنى ربما يسري إلى اللفظ كما أن تعقيد اللفظ) إذا اللفظ بتعبيرنا (معنجر) يسري إلى المعنى، اللفظ إذا كان معقد ولذا أنتم تجدون بأنه يستعمل لفظ الأسد كثيراً ولكنه نادراً ما أدري كذا … هناك أسماء ألف اسم للأسد، أسماء نابية لا تستعملها لأنه أساساً لطافة اللفظ تؤدي إلى المعنى يسري إلى المعنى.
هذا البحث أوسع وأفضل بحثه في (نهاية الأفكار، ج1، ص25) يقول: (بنحو كان ا لمعنى بنحو أنه إذا ألقي اللفظ كأنه ألقي المعنى بلا التفات إلى اللفظ) لماذا؟ لهذا الفناء ولهذا التداخل فيما بينهما (بنحو كان المعنى بنفسه قد ألقي بلا توسيط كما هو الشأن في الكتابة) يقول في الألفاظ أيضاً هكذا (فإن الناظر فيها بمقتضى الارتكاز لا يرى إلا نفس المعنى بلا التفاته في هذا النظر إلى حيث نقوش الكتابة ومن المعلوم أنه لا يكون الوجه في ذلك إلا جهة شدة العلاقة والارتباط بينهما) هذه ليست التي حصلت الملازمة بالحمل الأولي التي حصلت الملازمة بالحمل الشائع، يعني واقع الملازمة (التي أوجبت قالبية اللفظ للمعنى وفنائه فيه، ومن جهة هذا الفناء ترى بأنه قد يسري إلى المعنى ما للفظ من التعقيد مع أن المعنى لا يكون فيه تعقيد وإنما التعقيد للفظ كما أنه قد يكون بالعكس فيسري إلى اللفظ ما للمعنا من الحسن والقبح فيرى اللفظ قبيح أو حسن مع أن اللفظ لا يكون فيه حسن ولا قبح وإنما الحسن والقبح إنما هو للمعنى كما هو واضح).
هذا المعنى بشكل واضح أخذه السيد الطباطبائي& وشرحه في أصول الفلسفة وأيضاً في حاشيته على الكفاية، هذا المطلب الموجود عند المحقق العراقي، من أراد المراجعة أنا أشير إليه أيضاً (أصول الفلسفة، ج1، ص604) قال: (ثم يصل الأمر بعد ذلك إلى أن الإنسان حينما يتكلم أو يسمع يغفل الألفاظ) يلتفت إلى الألفاظ أو أنه أساساً ما فيه ينظر تصير الألفاظ أو ما به ينظر؟ تصير ما به، تصير آلة ولا يلتفت إليها أصلاً (ويركز على المعنى فقط وكأنه يلفظ المعنى) تعبير لطيف كثيراً، (وكأنه يلفظ المعنى أو يسمع المعنى أي يضحى المعنى لديه عين اللفظ) هذا الفناء الذي اشار إليه المحقق العراقي (ومن هنا يؤثر جمال وقبح المعنى في اللفظ وتسري أحياناً سمعة المعنى إلى اللفظ واللفظ إلى معنى آخر) وهذا قد ينجر، يعني هذا اللفظ يؤثر على المعنى وهذا المعنى أيضاً فيه ارتباط وهذا القبح يؤدي إلى الاستمرار، أو بالعكس المعنى قبيح يؤثر على لفظ فإذا كان هناك مقارنات أيضاً لذلك اللفظ تلك الألفاظ مع أنها ليست لهذا المعنى ولكنها مقارنات لهذا اللفظ فتصير قبيحة أيضاً.
نكتة:
[وبعض الأحيان نخرج من عالم اللفظ إلى عالم المعنى إلى عالم التسمية والمصداق الخارجي، هذه المشكلة، وهو أنه بعض الأحيان اللفظ جميل والمعنى أيضاً جميل، ولكن هذا اللفظ الجميل والمعنى الجميل أنت وضعته على اسم لشخص ذاك الشخص بالنسبة إليك قبيح، هذا المصداق الخارجي بمرور الزمان يؤثر على المعنى ومن المعنى يؤثر على اللفظ، أنت لو أعطوك ملك السموات والأرض ويقولون لك سمي ابنك باسم يزيد تقول لا اسمي. ما هي المشكلة في اسم يزيد لغة معنى. لا، أنا اسمي يزيد!! ما هو إشكالك؟ تقول: هذا ينقلني إلى ذاك المصداق الخارجي وهكذا. هذا واحد من الأجوبة التي يقولون بأنه لماذا لا تسمون أسمائكم باسم فلان وفلان هذا جواب فني وليس كتلك الأجوبة، هذا جواب فني له وهو أنه هذا هو السبب. لماذا أهل البيت؟ باعتبار أن هذا القبح لم يكن واضحاً حتى أنه لا يسمي. أنا الآن التفت إلى القبح لا استطيع أن أسمي. وإلا في ذاك الزمان أسماء طبيعية في اللغة موجودة. وأنتم تجدون هذا في التاريخ].
هذه الفائدة الأولى.
الفائدة الثانية: التي يشير إليها، هذه كلها نتائج نظريته في حقيقة الوضع، طبعاً في حاشية الكفاية، الطبعة التي عندي من الطبعات القديمة – اشتريتها في ذاك الزمان بـ (7) تومان، الكثير من كتبي مجلدين وثلاثة وأربعة اشتريتها بـ (20 أو 30) تومان، مثلاً البحار اشتريته بـ (3000) تومان 110 مجلد بـ (3000) تومان. الوسيط في القانون للسنهوري المؤلف من 12 مجلد اشتريته بـ (1050) تومان-.
في (حاشيته على الكفاية، ص19) يقول: (ويتبين بذلك أن الإنسان يتوصل إلى اللغات بوضع المعاني نفسها وعرضها على المخاطب، ثم وضع الألفاظ في محلها) محل ماذا؟ محل المعاني (بالاعتبار بإعطاء حدودها) حدود المعنى (إياها) للألفاظ، هذه نفس نظريته في الاعتبار إذا تتذكرون. السيد الطباطبائي نظريته في الاعتبار ماذا كانت؟ قال: (إعطاء حدود شيء لشيء آخر) نفس النظرية، انظروا هذا الذي كنت أقول لكم أن السيد الطباطبائي يتحرك ضمن منظومة، هذا عند الاعتبار يطبقه هنا الآن في المقام، يقول: إن المعنى له حدود وله خاصية، هذه الخاصية والحدود يعطيها للفظ (بإعطاء حدودها إياها ولكن بحكم الوهم فتكون الألفاظ وجودات للمعاني بالعرض) المعاني هي مصادق نفسها بالذات أما الألفاظ فمصداق المعنى ولكن بالعرض. إلى أن يقول: (ثم الدلالة على ذلك بما يراه … وليست بما يراه نفس الشيء وهماً) وعند ذلك يرى اللفظ عين المعنى (ولذلك ربما سرى بعض أوصاف أحدهما إلى الآخر من حسن أو قبح أو خير أو شر، ومن هنا يؤخذ جل باب التطير) انظروا هذا العالم، الآن أين كان البحث؟ في بحث الوضع وأين انتقلنا؟ إلى بحث التفأل والتطير والطيرة، الذي في حديث (رفع عن أمتي) (يؤخذ جل باب التطير والتفأل كما يتطير من الغراب لاشتقاقه من الغربة ومن شجرة البان لأنه من البين والفرقة والعرب كانت تتشئم من العطسة) إلى الآن نحن عندما يعطس أحد نقول له لا تخرج، مع أن الرواية تقول أن العطسة شاهد صدق الخبر ولا علاقة لها بأن تخرج أو لا (والعرب كانت تتشاءم من العطسة لأنهم كانوا يتشاءمون من حيوان يسمى عاطوسا) فهذه انتقلت أين؟ إلى هذا الصوت. سأبين لكم هذا المعنى في وقت مناسب.
جملة من المعاني عبر عنها بأصواتها، أنت تقول خرير الماء، وهذا الصوت تسميه أنت. نعاب الغراب، هذا النعيق للضفدع، هذا هو صوته أنت تسميه ماذا … ولهذا كثير من المعاني سميت بأصواتها الخاصة.
يقول: (سمي عاطوساً فهذه وأمثالها صفات سرت من معنى إلى لفظ ومنه إلى آخر ثم إلى معنى، وربما ذهب الأمر إلى غايات بعيدة وعميقة جداً) هذا الذي إذا يتذكر الأعزاء نحن أكدنا للأخوة أن بحث الوضع من الأبحاث المهمة المهمة المهمة، لا فقط في عملية الاستدلال بل في كثير من فهم … الآن أصلاً هذا يفتح باباً جديداً في باب التطير وباب التفأل مرتبط بعملية الوضع.
هذا إذن الأعزاء يرجعون إلى تفصيله في الموردين، لأن البحث مفصل عند السيد الطباطبائي وشرحه بشكل جيد.
الشيخ المحقق العراقي بعد أن بين، هناك آثار أخرى يذكرها أشير لها حتى يطالعها الأخوة، يقول: مما تقدم تستطيعوا أن تفهموا حقيقة الأحكام الوضعية، نحن عندما أحكام تكليفية وعندما أحكام وضعية يقول: مما بيناه في حقيقة الوضع تفهم حقيقة الأحكام الوضعية، هذا المعنى في (ص67) من الكتاب قال: (ثم أن من التأمل فيما ذكرناه ظهر حال سائر الأحكام الوضعية وحقيقة الأحكام الوضعية) يقول حقيقة الأحكام الوضعية هي هذه الاعتبارات ولكن اعتبارات تولد حقائق، ولهذا أنت مع أن المملوك الذي تملكه أمر اعتباري أو حقيقي؟ تقول هذا الكتاب ملك لي، وهذا الشيء لي، وهذه زوجتي، هذه الملكية أو الزوجية … ولكنه عندما تتصور هذه الألفاظ لا تتصورها بمعناها الاعتباري وإنما تتصورها بمعناها التكويني الوجودي، ولذا إذا أخذوا منك شيئاً ملكاً لك كأنما أخذوا قطعة من وجودك، لماذا؟ لو كان أمر اعتباري اليوم موجود وغداً غير موجود؟ الجواب: لا، لأن هذا الاعتبار حول ذلك الملازمة بالحمل الأولي إلى ملازمة بالحمل الشائع، الواقع النفس أمري، ولذا أنت واقعاً تتعامل معه تعامل الأمر الاعتباري أو تعامل الأمر التكويني؟ تعامل الأمر … ولذا يقول: (من الملكية والزوجية وأن روحها) روح الأحكام الوضعية (مثل الاختصاص الوضعي في الألفاظ بنحو يرجع إلى اعتبار واقعي) التفتوا جيداً لا يجعل الاعتبار الواقعي بنحو ماذا؟ انظروا إلى التعابير كم هي مرتبة، هناك يقول طريق، وهنا يقول يرجع، إذن هذه العلاقة الملازمة بالحمل الشائع الواقعية ليست مجعولة، مآلها إلى الحمل الأولي أو ذاك الجعل الاعتباري.
(تكون الاعتباريات الذهنية طريقاً إليها لا أن قوام حقيقتها بصرف الاعتبار الذهني) ليس قوام حقيقة هذه الأمور الواقعية صرف ذاك الاعتبار حتى يقال كيف يمكن للاعتبار أن ينشأ حقيقة واقعية.
هذه خلاصة نظرية المحقق العراقي في المقام، وهي التي الاخوة إذا يريدون الرجوع إليها في (مقالات الأصول، ص66) في أربعة أسطر هكذا يقول: (تشريح فيه تحقيق: وهو أنه بعدما عرفت حقيقة الجعل) ما هي حقيقة الجعل؟ إيجاد الملازمة بالحمل الأولي، هذه حقيقة الجعل المحور الأول (وعرفت حقيقة المجعول) ما هو المجعول؟ ولكنه لا بأنه هذا جعل ذاك (فربما) وهذا نحن الآن ماذا نسميه، نسميه جعل، نسميه وضع؟ أنت حر في أن تسميه بأي شيء (فربما يستفاد لعنوان بعض العناوين الخارجية فيدعى نحو) ماذا يعبر عنه؟ (حو عنوان وضع اللفظ على معناه تشبيهاً له بوضع شيئاً خارجي على غيره) ولكن ليس من قبيل أنك تضع علماً على رأس فرسخ، يقول ليس مثل ذاك لا يذهب ذهنك إلى هناك، ولذا بشكل واضح وصريح يقول في (ص62): (وبذلك تمتاز) يعني نظريتنا (تمتاز نسبة الألفاظ إلى معانيها عن نسبة العلامات إلى ذيها كالبيرق الموضوع علامة للحرب أو الخشبة الموضوعة علامة للفرسخ أو الدخان الذي هو علامة وجود …) هذه نظرية المحقق الأصفهاني الذي بعد ذلك سيأتي أن اللفظ وضع علامة على المعنى. بحثه سيأتي في نظرية المحقق الأصفهاني (فإن الالتفات إلى البيرق والخشب والدخان يلازم الالتفات إلى غيره لا عينه) ونظريتنا ماذا؟ اثنينية تبقى بعد الملازمة الواقعية أو لا تبقى؟ لا تبقى. (بل ولا يسري صفات أحدهما حسناً وقبحاً إلى الآخر) وهذا بخلاف ما بيناه في حقيقة الوضع. ولذا هو أيضاً يقول: (وبهذا تمتاز نظريتنا عن نظرية التنزيل أن الوضع تنزيل اللفظ منزلة المعنى) التي هي نظرية المحقق الإيرواني التي سيأتي بحثها إن شاء الله.
هذه نظرية المحقق العراقي.
تعالوا معنا إلى الإشكالات في المقام- نعنونها فقط- :
الإشكال الأول: وهو الإشكال الذي ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+، السيد الخوئي+ يقول: بأن هذا الكلام غير تام، أنا أقرر كلامه بالقياس الاستثنائي، هذا الكلام غير تام، لأنه نسأل الجاعل، أي جاعل كان، نسأله أنه جعل اللفظ للمعنى، أي جعل؟ التي هي الملازمة بالحمل الأولي، جعل اللفظ للمعنى مطلقاً أعم ممن يعلم بهذا الجعل وممن لا يعلم أو جعله مقيداً، أي منهما؟ شقان لا ثالث لهما، إما أن تقولوا أن الجاعل جعل اللفظ للمعنى مطلقاً من علم بجعله ومن لم يعلم، لازمه أن من لم يعلم بالجعل إذا سمع اللفظ أن يتبادر ذهنه إلى المعنى والتالي باطل. إذن هذا الشق باطل.
وإن قلت أنه جعل اللفظ للمعنى بقيد، ما هو القيد؟ للعالم بالوضع فيلزم التهافت، لماذا؟ لأنه يلزم أنك تعلم بالوضع إذا علمت بالوضع، وهذا من قبيل تقدم الشيء على نفسه وهو أشبه ما يكون بالدور وأشبه ما يكون بالتهافت، تقدم الشيء على نفسه. إذن هذا القول إما الشق الأول وإما الشق الثاني، والتالي بكلا شقيه باطل فالمقدم مثله. تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين