الأخبار

المحاضرة (101)

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين

والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

اتضح لنا بما لا مجال للكلام فيه أن المصدر واسم المصدر في اصطلاح النحاة يختلف جذرياً عن المصدر واسم المصدر في اصطلاح الأصوليين. حيث أن النحاة واللغويين قالوا بأن المصدر واسم المصدر يتفقان في المعنى، وكلاهما دال على المعنى المجرد من غير أن يتضمن أي نسبة إلى الغير.

وعلى هذا الأساس فما أشكل به السيد الخوئي على صاحب الكفاية غير وارد، لماذا؟ لأنه كان مبني على هذا الاصطلاح الثاني الذي لا أثر له في كلمات النحاة واللغويين، ليس عندنا مثل هذا الشيء نحن، وهو أنه معنى اسم يتضمن معنى حرفي. بل إما معنى اسمي وإما معنى حرفي، أما اسمي يتضمن معنى حرفياً كما فسر المصدر فهذا لا وجود له. هذا بحثه سيأتي بعد ذلك ولكن للإشارة حتى يتضح بأنه ما هو جوابنا على إشكال السيد الخوئي على صاحب الكفاية.

إذن النحويون يرون من حيث المعنى لا فرق بين المصدر واسم المصدر بخلاف الأصوليين فأنهم يرون أن المصدر من حيث المعنى معناه، لا لفظه، معناه هو الحدث المنسوب إلى الغير، فيه نسبة إلى الغير، أعم من أن يكون ذلك الغير فاعلاً أو يكون ذلك الغير مفعولاً. وهذا ما صرح به (بخلاف اسم المصدر فإنه إشارة إلى المعنى المجرد) السيد الخوئي في حواشيه على أجود التقريرات، ص24، قال: (لزم منه كون جميع المصادر معاني حرفية فإنها) أي المصادر (تمتاز عن أسماء المصادر بكونها) أي المصادر (مأخوذات بما أنها أوصاف) يعني فيها نسبة … الوصف فيه نسبة إلى الموصوف (بخلاف أسماء المصادر الملحوظ فيها الحدث بما أنه شيء في نفسه) يعني ليس فيه نسبة إلى الغير (مع قطع النظر عن كونه وصفاً لغيره).

إذن الأصوليون يميزون أو لا اقل كلام السيد الخوئي وهو المشهور بين الأصوليين إلا ما ندر لعل النائيني لا يقول ذلك، كلام السيد الخوئي هو هذا، وهو أن المصدر معناه، لا لفظه، معناه هو أنه فيه نسبة إلى الغير، بخلاف اسم المصدر فليست فيه النسبة, ولذا السيد الخوئي في المحاضرات يميز بين المصدر وأسم المصدر (المحاضرات، ج1، ص278) قال: (وبهذا الاعتبار يعبر عنه باسم المصدر ويمكن أن يلاحظ مرة ثانية) يعني اسم المصدر (بالحيثية الأخرى وهي أن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه) كالأعراض الأعراض وجودها في نفسها لغيرها، فيكون فيه نسبة إلى الغير (وأنه طور من أطوار الغير وعوارضه وبهذا الاعتبار يعبر عنه بالمصدر؛ إذ قد اعتبر فيه نسبته إلى فاعل ما). إذن المصدر مأخوذ فيه النسبة إلى شيء، طبعاً ليس بالضرورة فاعل فقد يكون مفعولاً، دون المصدر فأنه أخذت فيه النسبة أو لم تؤخذ؟

ولذا يعبر تارة تعبير آخر (وإن شئت قلت أن اسم المصدر وضع للدلالة على الوجود المحمولي في قبال العدم كذلك) في الفلسفة إذا تتذكرون عندنا وجود محمولي وعندنا وجود نعتي – في الفلسفة- ما هو الوجود المحمولي؟ يعني كان التامة، زيد موجود، هذا موجود المحمول يسمى وجود محمولي، أما زيد قائم، هذا القيام أيضاً نحو من الوجود ولكن يسمى وجود نعتي، يقول: إذا نظرت إلى اسم المصدر فهو كالوجود المحمولي وإذا نظرت إلى المصدر فهو كالوجود النعتي، يعني ماذا؟ يعني وصف، يعني مرتبط بالغير. قال: (والمصدر وضع للدلالة على الوجود النعتي في قبال الوجود النعتي) يعني الوصفي.

إذن إلى هنا أتصور اتضح للأعزاء هناك فارق جوهري وجذري بين اصطلاح النحاة واللغويين في المصدر وأسم المصدر وبين اصطلاح لا أقل بعض الأصوليين في المصدر واسم المصدر من حيث المعنى.

أما من حيث اللفظ، النحاة قالوا من حيث اللفظ إذا كان اللفظ يشتق منه فهو مصدر، إذا كان لا يشتق منه فهو اسم المصدر. الآن تعالوا نسأل الأصوليين نقول لهم سلمنا معكم من حيث المعنى المصدر واسم المصدر متوافقان أو مختلفان؟ ماذا قال الأصوليون؟ قالوا مختلفان.

من حيث اللفظ يختلفان أو لا؟ أقرأ لكم عبارة السيد الخوئي مرة أخرى، قال: (وإما بحسب الصيغة) المراد من الصيغة يعني اللفظ، المراد منا لصيغة هنا ليس الهيئة وإنما المراد اللفظ (وأما بحسب الصيغة ففي اللغة العربية قلما يحصل التغاير بين الصيغتين) صيغة المصدر وصيغة اسم المصدر، يعني لفظ المصدر ولفظة اسم المصدر (بل الغالب أن يعبر عنهما بصيغة واحدة) بلفظ واحد (كالضرب مثلاً فأنه يراد به تارة المعنى المصدري) المعنى المصدري يعني الدال على النسبة (وأخرى ذات الحدث) الذي يعبر عن المعنى بالحدث وهو اصطلاح النحويين (وأخرى ذات الحدث فهما مشتركان في صيغة واحدة).

سؤالنا موجه الآن للسيد الخوئي وللأعلام الذين يقولون أنهما من حيث المعنى اثنان، إذا كانت الصيغة واحدة لا أقل في الأعم الأغلب أنتم كيف تعرفون أن هذا مصدر وهذا اسم مصدر، لأنهم افترضوا … النحاة ليس عندهم مشكلة لأن معنى المصدر ومعنى اسم المصدر واحد ولا مشكلة عندهم في ذلك. أما أنتم الاصوليون عندما تقولون أن معنى المصدر ما فيه نسبة ومعنى اسم المصدر ما ليس فيه نسبة والصيغة واحدة، كيف تميزون بينهما، يعني أنا عندما أقول (ضرب) هذا اسم مصدر أو مصدر؟ وهذه إحدى النقوض الواردة على الاصطلاح الأصولي، يجيبوا بجملة واحدة كما أجاب السيد الخوئي، قال: (فأنه يراد به تارة المعنى المصدري) عندما يستعمل في جملة، وهذا ما أشرنا إليه فيما سبق وقلنا أن الأصوليين وقع في كلامهم خلط بين المصدر واسم المصدر في نفسه والمصدر واسم المصدر في الاستعمال. إذا كان المقصود المصدر واسم المصدر في الاستعمال، نعم الحق مع الأصوليين وهذا الذي يصرح به النحاة، يقولون المصدر واسم المصدر من حيث المعنى في نفسه واحد ولكن من حيث الاستعمال والعمل والتأثير مختلفان، تارة يؤخذ فيه النسبة وأخرى لا يؤخذ فيه النسبة. أصلاً صرحوا وضربنا المثال وقلنا تارة تقول أعجبني ضرب زيد عمرا، أو أعجبي قتل علي عمرا، ليس فيه مشكلة، علي قتل عمر بن ود، واقعاً قتلة مشرفة، ولذا كانت أخته تتشرف بأنه قتله علي. هذه نعمة، لأنه بعض الأحيان تكون قتلته هكذا وبعد ذلك يندم لماذا قتل هذا … ولهذا أيضاً في جملة من أكابر صحابة أمير المؤمنين أنه وعدني حبيبي أمير المؤمنين أنه يقتلني شر خلق الله. أعجبني قتل، أعجبي ضرب، ضرب وقتل هنا مصدر أو اسم مصدر. لا نعبر مصدر واسم مصدر، بل نعبر هنا الضرب والقتل أخذ فيه نسبة أو لم يؤخذ فيه نسبة؟ نعم، أخذ فيه نسبة إلى الفاعل. ضرب زيد، قتل علي. نسبة إلى الفاعل لا نسبة إلى المفعول. لابد أن نسميه اسم، فإذا كانت فيه نسبة في الاستعمال لا في المعنى، في الاستعمال. وفرق كبير بين المعنى وبين الاستعمال.

تقول يعني ماذا؟ أقول: الجواب الذي ذكره صاحب الكفاية، تتذكرون أنه قال أن الآلية والاستقلالية غير مأخوذة في المعنى، ولكن مأخوذتان في الاستعمال، إذا استعملته آلياً يكون حرفياً وإذا استعملته استقلالياً يكون اسمي. ولهذا تعبيره يقول: (فإنه يراد به تارة) هذا يراد أين يراد؟ إذا معناه اللغوي غير متوقف على الإرادة، إذن يتبين أن المعنى غير مختلف وإنما الاختلاف يأتي من الإرادة والاستعمال، وأخرى تقول لا، هذا ماذا تسميه، سمه مصدر. وأخرى تقول لا، الفتنة أشد من القتل، هناك الفتنة مصدر والقتل مصدر، هل هناك نسبة أو لا؟ لا ليس هناك نسبة، أنت تريد أن تقايس بين حدثين في نفسهما. الصدق خير من الكذب. الصدر مصدر والكذب مصدر. التوحيد خير من الشرك (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) تريد أن تتكلم عن الفاعل عن المفعول … أبداً … تريد أن تقول هذا المعنى، هذا المفهوم هذه الحقيقة المجردة عن كل شيء أفضل أحسن أخير أشد أقوى أكثر … .

هنا ماذا نقول؟ نقول هذا اسم مصدر وذاك مصدر. ولكن هذا فيه نسبة وعارٍ عن النسبة هذا غير مرتبط بالمعنى بل مرتبط بعالم الاستعمال وهذا الذي أعتقده أن من قال من الأصوليين أن المصدر معناه ما أخذ فيه نسبة إلى الغير وأن اسم المصدر ما أخذ فيه المعنى المجرد من غير نسبة هؤلاء خلطوا بين المعنى المصدري واسم المصدر في نفسه، وبين استعمال المصدر واسم المصدر.

بحث آخر:

هذا البحث أعزائي لن أدخل في تفاصيله ولعله في بحث المشتق سيأتي وسنقف عنده. وهو بناء على نظرية الأصوليين في معنى المصدر واسم المصدر، لا في الاستعمال بل في المعنى لأن الأصوليين قالوا أن المصدر ما فيه نسبة إلى الغير. سؤال: الفعل مماذا يتركب، من أمر واحد أو من أمرين؟ قلنا بالأمس من أمرين: أولاً من الحدث المعنى المجرد وثانياً النسبة إلى الزمان، أما المضي أو إلى الاستقبال أو إلى الحال … سؤال: إذن الفعل أيضاً يتضمن معنى منسوب إلى آخر. وأنتم فسرتم المصدر معنى يسند إلى الغير، إذن لم يبق هناك فرق بين المصدر وبين الفعل، من حيث المعنى. كما أن المصدر هو المعنى المنسوب إلى الغير، كذلك الفعل هو المعنى محضاً أو المعنى منسوباً إلى زمان؟ فيكون نفسه. من هنا اضطر جملة من الأصوليين أن يقولون: نعم، سلمنا معكم أنه كما يوجد في المصدر نسبة كذلك في الفعل توجد نسبة ولكن الفارق أن النسبة في المصدر ناقصة والنسبة في الفعل تامة. وقد قرأتم في محله في علم الأصول ما الفرق بين النسبة التامة والنسبة الناقصة؟ أن النسبة التامة يصح السكوت، عليها والنسبة الناقصة لا يصح السكوت عليها، مثل زيد قائم، وقيام زيد. زيد قائم جملة تامة ونسبة تامة يصح السكوت عليها، ولكن قيام زيد، هذه نسبة ناقصة.

طبعاً على الكلام – إن شاء الله في بحث المشتق- أن الأفعال هل تتضمن الزمان أو لا تتضمن؟ الفعل يتضمن الزمان أو لا يتضمن؟ تقول سيدنا إذا لم يكن يتضمن الزمان فكيف يكون فعلاً. وفي المقابل ذاك الطرف يقول محال أن يتضمن الزمان، لأنه إذا كان يتضمن الزمان واستعمل فيما لا زمان له يكون استعمالاً مجازياً، أنت تقول (وكان الله غفوراً رحيماً) هذه كان فيها زمان أو ليس فيها زمان؟ يعني الله قبل كان والله ليس غفوراً رحيماً، ولهذا جملة من الحكماء والعرفاء اضطروا أن يسموا هذه (كان الوجودية) لا كان الزمانية الناقصة، حتى يميزوا أن هذه كان المستعملة في الزماني له زمان، في غير الزماني لا زمان له، من هنا حاول جملة من الأعلام قالوا أنه أساساً الأفعال أيضاً لا تتضمن زماناً. نعم، إذا استعمل في الزماني يتضمن الزمان … أما هو في نفسه لا زمان له. هذا بحثه سيأتي في بحث المشتق.

إذن هذا البحث أنا أجمالاً أشرت له، الأصوليون يقولون الذين قالوا أن المصدر ما يشتمل على النسبة قالوا: فإن قلت الفعل أيضاً يشتمل على النسبة، ما الفرق بين النسبة هنا … وإلا يلزم أن يكون كل فعل مصدراً، يقول: لا، لأن النسبة في المصدر ناقصة وفي الفعل تامة.

بعد هذا كله نرجع إلى بحثنا.

السؤال: ما ذكره السيد الخوئي من الإشكال على صاحب الكفاية تام أو غير تام؟ قال: يلزم بناء عل نظرية صاحب الكفاية أن تكون المصادر معانٍ حرفية. الجواب: أن المصدر لا توجد فيه نسبة حتى يتحول إلى معنى حرفي. إذن الإشكال غير وارد.

اللهم إلا أن يقال إلا إذا كان صاحب الكفاية ممن يفسر المصدر بهذا المعنى، يعني يقول المصدر ما فيه نسبة إلى الغير، فعند ذلك نحتاج إلى جواب آخر غير الجواب الذي أشرت له. وإلا أنا الذي لا أعتقد أن المصدر ليس فيه نسبة يرد عليه إشكال السيد الخوئي أو لا يرد عليه؟ إذا اخترت مبنى صاحب الكفاية في المعنى الاسمي والحرفي إشكاله يرد أو لا يرد؟ لا يرد عليه، لماذا؟ لأني لا أقول أن المصدر فيه نسبة إلى الغير، المصدر واسم المصدر كلاهما يشير إلى المعنى المجرد، إلى الحدث لا أكثر من ذلك.

إذن الإشكال لا اقل سوف يكون مبنائياً وأما اصطلاحياً، يعني على اصطلاح النحاة لا يرد الإشكال وعلى اصطلاح الأصوليين يرد الإشكال.

أما جواب السيد الصدر على الإشكال، السيد الشهيد كما في (مباحث الأصول، ج1 من القسم الأول، ص132) تقريرات السيد الحائري … السيد الخوئي ماذا قال؟ قال: يلزم على هذا أن يكون المصدر معنى حرفياً، السيد الصدر يسأله المصدر لا يكون معنى حرفياً، نسأل منك مرادك مادة المصدر أو هيئة المصدر؟ فإن كان مرادك مادة المصدر فالمادة تبقى معنى اسمياً ولا توجد فيها نسبة إلى الغير، وإن كان مرادك هيئة المصدر فهيئة المصدر معنى حرفي ولا محذور فيه لأن الهيئات كلها معاني حرفية، إذن يرد إشكال على صاحب الكفاية أو لا؟

الجواب: (أن المصدر قد وضعت مادته لمفهوم الحدث) يعني ذلك المعنى المجرد (وهيئته للدلالة على كون الحدث حالة في الفاعل أو المفعول) هيئة المصدر (وفرقه) أي المصدر (عن اسم المصدر هو أن اسم المصدر قد وضع بمادته لمفهوم الحدث من دون أن يكون لهيئته وضع مستقل يدل على صدوره من الفاعل أو وقوعه على المفعول) ثم يسأل السيد الخوئي ويقول (فإن كان المراد من هذا النقض أن مادة المصدر يلزم أن تكون حرفاً فللمحقق الخراساني أن يقول أن مادته تدل على مفهوم الحدث ولا يدل على النسبة، والهيئة تدل على الصدور) هيئة المصدر (بما هو حالة في غيره وإن كان المراد أن هيئة المصدر صارت حرفاً فهذا لا بأس به) لماذا؟ لأن كل الهيئات معاني حرفية.

هذا الكلام من السيد الشهيد تام أو لا؟

هذا الكلام ظاهره أنه قبل أن المصدر مركب من مادة ومن هيئة، وأن المادة موضوعة بوضع وأن الهيئة موضوعة بوضع. سؤال: إذا كان الأمر كذلك سيدنا ما الفرق بين (الضرب) و(الضرب) الضارب المادة موضوعة لمعنى والهيئة موضوعة للنسبة إلى الفاعل، والمضروب موضوعة للنسبة إلى المفعول. ما الفرق بين الضرب و…. هل يبقى بين المشتقات والمصادر أو لا يبقى؟ ولكن من أين جاء الخلط في كلمات السيد الشهيد؟

أعزائي، الهيئة تطلق على نحوين في كلمات المحققين، الهيئة تطلق على نحوين: النحو الأول هيئة للدلالة على نسبة معنية. كما في (ضارب، ومضروب …) كل المشتقات (فاعل، فعيل، صيغ المبالغة، اسم الفاعل …) كل واحدة من هذه الهيئات بالإضافة إلى المادة تبين معنى المادة أي نسبة فيها، نسبة اسم الفاعل، نسبة اسم المفعول، صيغة مبالغة، صفة مشبهة وغير ذلك. هذا نوع من الهيئات.

ونوع آخر من الهيئات ليست للدلالة على نسبة معينة زمان ومكان وذات، بل لحفظ حروف المادة، هذه المادة (ض ر ب) هذه كيف أجمعها وأحفظها، تحتاج إلى هيئة حتى أحفظ تبعثر مثل الخيط، الخيط في المسبحة ماذا تفعل؟ لا تعطي شيء جديد للمسبحة ولكن لولا الخيط هذه الحبات تتناثر، لولا الهيئة تتناثر حروف المصدر.

أضرب لكم مثال (حارث) على وزن فاعل، (محمود) على وزن مفعول، (عباس) على وزن … (يزيد، يشكر) على وزن يفعل فعل مضارع. سؤال: هيئات هذه دالة على نسبة أو ليست دالة على نسبة؟ … تارة أن الهيئة تؤخذ بما هي وصفية ونسبة إلى الغير فتدل على معنى وأخرى تؤخذ أعلام شخصية فلا تدل على معنى إضافي وراء المادة. الهيئة الموجودة في المصدر هل هي من النحو الأول أو من النحو الثاني، يعني على نحو تفيد معنى جديد أو على نحو تحفظ الحروف فقط. فإذا كانت تفيد معنى جديداً فتكون واحدة من المشتقات، وإن لم تفد معنى ولكن حفظت لي الحروف فهي المصدر، وقد خلط في كلام سيدنا الأستاذ السيد الشهيد بين الهيئة بالمعنى الأول والهيئة بالمعنى الثاني.

ولذا أنت المقام المحمود واقعاً هذا ينظر إليه مقام وفيه نسبة وأنه يحمده الجميع، أما إذا سميت أحد محمود، فهل يدل على أن يحمده الجميع، لا، هذه أعلام شخصية. ولهذا تجدون أن النحويين، أصحاب اختصاص، قالوا بأنه إذا أخذ هذه المادة أخذت بنحو يشتق منه فهو مصدر، أما أخذ بنحو أعلام الجنس فهو اسم مصدر، فيشتق منه أو لا يشتق؟ إذا هذا فهذا، أما ذاك … ولذا ميزوا في المصدر واسم المصدر قالوا إذا كانت هذه الحروف بنحو في هيئة يشتق منه فهو مصدر، وإذا كان لا، جامد فلا يشتق منه فهو اسم مصدر.

إذن ما ذكره سيدنا الشهيد من أنه المصدر مادته موضوعة لشيء وهيئته موضوعة لشيء، لازمه أولاً عدم الفرق بين المصدر وما يشتق من المصدر، وثانياً أن الهيئة في المصدر ليست هي من النحو الأول التي تدل على النسبة بل هي من النحو الثاني التي هي لحفظ حروف المادة.

 

والحمد لله رب العالمين

  • جديد المرئيات