بسم الله الرحمن الرحيم
و به نستعين
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين
إن شاء الله تعالى من هذا اليوم سنبحث مباحث التعارض.
هذا البحث يُعد من قبيل كتاب البرهان في المنطق, الأعلام جميعاً الأعزة جميعاً يعلمون بأنه حصيلة ولب وزبدة الأبحاث المنقطيّة إنَّما تبحث في كتاب البرهان, وإلا ما يتعلق بالكليات ومباحث الألفاظ والقضايا كلها مقدمات لبحث كتاب البرهان.
أعزائي, في جملة واحدة فتوائية لا تفصيلية, التفصيل يأتي, أن كلّ ما قراناه في علم الأصول أو ما نقرأه يتوقف أو تتوقف تماميته وحجيته على هذا الباب, وهو باب التعارض, يعني أنت لو أتمتت كلّ تلك الأبحاث بلا هذا البحث كلها من قبيل المقتضي فقط, وإلا ليس من قبيل النتيجة, لأن المقتضي إنَّما يؤثر أثره لو لم يكن هناك مانع يمنع من تأثير المقتضي, وإلا إذا وجد مانع عن تأثير المقتضي فهل أن هذا المقتضي يؤثر أثره أو لا يؤثر؟ لا يؤثر.
من باب المثال: خبر الثقة حجةٌ, افترضوا, الظهور حجةٌ افترضوا, الإجماع حجةٌ افترضوا, عمل الأصحاب حجة افترضوا, ولكن بشرطها وشروطها ما لم يكن لخبر الثقة معارض, وإلا إذا كان هناك معارض يقف أمامه طيب نقدم هذا أو نقدم هذا أو نسقطهما أن نتخيّر ماذا نفعل؟
ولذا تجدون بأنه الروايات الواردة في التعارض ليست قليلة, ولعله من أهم المباحث التي جاءتنا, أهم المباحث الأصولية, التي جاءت في كلمات الأئمة هل بحث التعارض, ولكن المشكلة -هذا بنحو الإجمال هذه كلها فتاوى هذه عناوين عامة إلى أن نصل- ولكن المشكلة أن روايات حل التعارض هي متعارضة, هذه المشكلة الطامة الكبرى هنا, أنه ما جاء ليكون حلاً هو صار جزءً من المشكلة, وهذا إن شاء الله عندما نتعرض للروايات العلاجية وما ذكرت في كلمات الأئمة من الروايات الصحيحة وغيرها.. تجد بأنه توجد معركة آراء في الروايات الواردة لعلاج التعارض, فالروايات العلاجيّة أيضاً متعارضة, على أي الأحوال. فالبحث بحث أساسي ومهم وركن من أركان عملية الاستنباط الفقهي.
ذكرت مراراً للأعزة أن هذه العملية فيها مجموعة أركان. واحدة من أركانها هي بحث التعارض.
هذا البحث عنون بعناوين متعددة وسيأتي الحديث, مرةً قيل: مباحث التعارض, وأخرى قيل: مباحث التعادل والتراجيح, وثالثة قيل: مباحث التعادل والترجيح بمناسبة أنه الإفراد إذا تعادل مفرد طيب الترجيح لابدَّ ماذا يكون؟ مفرد, طيب لماذا هذا مفرد وهذا جمع. وقيل رابعاً: مباحث التعادل والتراجح, لأن الذي يقابل التعادل هو ماذا؟ تراجح, لماذا؟ لأن هذا اسم مصدر ليس منسوباً إلى الفاعل, أما إذا قلت تعادل وترجيح فالتعادل بلا نسبة إلى فاعل أما الترجيح نسبة إلى الفاعل.
من هنا اختلفت كلماتهم في عنونة هذه الأبحاث, هل هو التعارض, هل هو التعادل والتراجح هل … إلى آخره.
ولذا إن شاء الله تعالى بقدر ما يمكن, وإلا أعزائي إذا أردنا أن ندخل في هذه التفاصيل جميعاً وإن كانت تستحق واقعاً أبحاث مهمة ومفيدة أيضاً, ولكنه بالقدر الذي يمكن, الإخوة يعذروننا في جملة من الأحيان سوف نعطيهم المصدر هم يراجعون, نحن وحدة من إشكالاتنا كانت على أساتذتنا الكبار في حوزة قم, كنّا نقول بأنه: أنتم تفترضون أن الطالب الذي يحضر بحث الخارج لا يفهم أي شيء, فكل ما في الكتب تريد أن تبينوه, طيب بيني وبين الله سبعين ثمانين بالمائة من الأمور الموجودة في الكتب الطالب الواصل إلى البحث الخارج طيب هو يستطيع مراجعتها فلماذا تنقل؟ نعم, على الأستاذ أن يعطيه سر المهنة -بتعبيرهم- وهذا الذي مع الأسف لا يوجد في كثير من الدروس, لذا أحاول أن أرجع الأعزة إلى المصدر أقول هذا طالعوه في فلان مكان, فإذا كان هناك إشكال نحله.
ولكن قبل الدخول في أبحاث التعارض أو أي عنوان آخر الذي يقع في بابين رئيسيين مهمين وهو:
الباب الأوّل: التعارض غير المستقر وتحته فصول متعددة.
والباب الثاني: وهو التعارض المستقر, وتحته أيضاً فصول متعددة.
هناك مجموعة من الأبحاث عبروا عنها أبحاث تمهيدية للدخول إلى مباحث التعارض.
البحث أو الأمر الأوّل: أن مباحث التعارض هل هو داخلٌ في علم الأصول من المسائل الأصولية, أو ليس من المسائل الأصولية؟ هذا البحث الذي عادةً الأعلام في أي مسألة يدخلونها يبينون يقولون هل هي مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية؟ مبحث الضد مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية, خبر الواحد مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية؟ الاستصحاب مسألة أصولية أو ليست مسألة أصولية؟.
أعزائي في كلمة واحدة أقولها للأعزة وذكرنا ذلك تفصيلاً ولا أعيد: أننا لا نجد أي ثمرةٍ علمية تترتب على كون المسألة أصولية أو غير أصولية؟ أصلاً هذا البحث لغوٌ في عقيدتنا -مع كلّ احترامنا للأعلام- لا قيمة لهذه المسألة, سواءً كانت أصولية أم لم تكن أصولية, نحتاج إليها في عملية الاستنباط, لا فرق. الآن لماذا أقول هذا الكلام, قد تقول سيدنا على أي مبنى؟
على مبنى أنّ علم الأصول أو ما يصطلح عليه الآن بعلم الأصول أعزائي ليس هو علمٌ بالمعنى المصطلح له موضوع ومسائل ومحمول وكذلك, وإنما هي مجموعة مسائل احتاج إليها الفقيه في عملية الاستنباط ليس إلاَّ, – إن صح التعبير- هي كشكول يحتاجها الفقيه.
والشاهد على ما أقول: أنك استقرأ مسائل علم الأصول من أول مسألة إلى آخر مسألة تجدها داخلة في أكثر من علم, بعضها مسائل لغوية, بعضها مسائل عرفية, بعضها مسائل عقلية, بعضها مسائل كلامية, بعضها مسائل تفسيرية, بعضها مسائل روائية, وأنتم تعلمون أن المسألة العرفية لها قواعد العرف لحلها, أما المسألة العقلية, أيضاً العرف يحلها أو قواعد عقلية تحلها؟ قبح العقاب بلا بيان مسألة عرفية أو عقلية أو عقلائية أي منهما؟ بحسب الباب الذي تدخل فيه.
ولذا أعزائي, أولاً: في أول هذه الدورة نحن أشرنا إليه, والأعزة الذين يريدون أن يراجعون فقط للإجمال أقول, في (كتابي القطع, ص97) هذا المعنى بشكل واضح وصريح أشرت إليه, هذه العبارة أقول: [تأسيساً على ما تقدم, فنحن نعتقد بأنَّ ما يصطلح عليه بعلم الأصول ليس علماً بالمعنى الفني فلا يتميز عن باقي العلوم بمائز علمي] الرياضيات تتميز عن الطبيعيات والطبيعيات عن الفلسفة أما هذا العلم ليس موضوع معين حتّى يتميز عن باقي.
نعم, المهم ما هو؟ المهم تجذير المسائل في علم الأصول يعني ماذا؟ يعني: أنت عندما تريد أن تدخل في أي مسألة لابدَّ أن تعرف أن هذه داخلة في أي مسألة من مسائل العلوم الأخرى, هذا الذي أنا اصطلح عليه بتجذير المسائل, يعني ماذا؟ يعني: عندما تأتني وتريد أن تبحث المعنى الحرفي, المعنى الحرفي مسألة ماذا عقلية عرفية أدبية أي بحث؟ فإذا كانت عقلية لابدَّ أن تطبق عليها قواعد المنهج العقلي, إذا كانت كلامية لابدَّ أن تطبق عليها قواعد المنهج الكلامي, إذا كانت من أصول العقدية لها قواعدها, إذا كانت من فروع العقدية لها قواعدها, إذا كانت من فروع الفقه لها قواعدها, الآن تعالوا معنا كثير من الأدلة التي تستعمل في حجة خبر الواحد أو في غير حجية خبر الواحد آيات قرآنية, أليس كذلك, يعني مفهوم آية النبأ أو آية النبأ آية الكتمان آية الإنذار.. عشرات الآيات استدل بها على حجية خبر الواحد, هذا بحثها بحث قرآني أم بحث روائي؟ بحث قرآني, إذن لابدَّ أن تذكر قواعدك في عملية فهم القرآن الكريم, هل تقبل أنت بنظرية ظهور القرآن وحجية ظهور القرآن أو لم تقبل؟ في بحث الخمس تستدل بآية الغنيمة, هل ظهور القرآن حجة أو ليس بحجة؟ هل يفسر بعضها بعضا أو لا يفسر.
إذن أنت المهم عندك في المباحث الأصولية ليس معرفة أنها أصولية أو ليست أصولية, وإنما معرفة أن هذه المسألة إلى أي علم من العلوم تعود حتّى تطبق عليها ذلك المنهج وتلك القواعد المرتبطة بذلك العلم, وإلا.
الآن إن شاء الله تعالى سيأتي في بحث التعارض, نجد أن هناك بعض المسائل حل التعارض يكون من خلال أخبار العلاجية أليس كذلك, إذن عندما صارت أخبار علاجية لابدَّ ماذا تطبق عليها؟ تطبق عليها قواعد حجية السند, أليس كذلك, هذه القاعدة, أما إذا أردت أن توجد الجمع العرفي بينهما, أي قواعد تطبقها؟ قواعد السند أو قواعد الفهم العرفي؟ إذن انظروا, الآن أنت في هذا باب التعارض تجد سوف نبحث عشرة مسائل, لكن مسألة مرتبطة بالعرف, مسألة مرتبطة بالروايات, مسألة مرتبطة بالآيات مثلاً: العرض على الكتاب, واحدة من أهم الأدلة العلاجية وهو أنه عندما يقع التعارض على مبنى من يرى أنه العرض على الكتاب في التعارض -وإن كان لا نوافق- هو ماذا؟ هو أنه عندما تعارضا اعرضوهما على كتاب ربنا, جيد. طيب هذا العرض على كتاب ربنا أنا كيف أفهم كتاب ربنا حتّى أعرضه؟ التفتوا جيداً. أعرضه على كتاب ربنا, يعني: أذهب وأبحث آية آية في القرآن الكريم أجد يؤيد أو يخالف, أو أعرضه على كتاب ربنا يعني: الفهم العام للقرآن الكريم أي منهما؟
هذا الذي نحن قبل قليل في بحث الخمس أشرنا إليه, قد يقول قائل: هذه الرواية لابدَّ أن نعرضها على كتاب الله فإنَّ وجدنا عليها شاهد أو شاهدين فإذن حجة, مولانا آلاف الفروع يوجد عليها شاهد في الكتاب أو لا يوجد شاهد في الكتاب؟ لا يوجد شاهد في الكتاب, إذن لابدَّ أن نرمي بها عرض الجدار. إذن ما معنى العرض على الكتاب؟ هذا لابدَّ أن تعطيني نظرية كاملة وقواعد الفهم القرآني عندك حتّى تعرض على الكتاب, وهكذا وهكذا..
إذن أعزائي في جملة واحدة نقول: أننا لا يهمنا أن نعرف أن المسألة أصولية أو غير أصولية؛ لأنه سواء كانت أصولية طيب ما الأثر, أو لم تكن أصولية ما الثمرة؟
ولذا الأعلام ما ذكروا لنا أي ثمرةٍ لكون المسألة أصولية أو غير أصولية؟ نعم, المهم معرفة أن المسألة داخلة في عملية الاستنباط أو ليست داخلة, هذا أولاً.
وإذا كانت داخلة في عملية الاستنباط إلى أي علم من العلوم تنتمي إلى العلوم العقلية إلى العلوم العرفية إلى العلوم الأدبية إلى العلوم النقلية ويعد على هذا.
ومن سوف يتضح إن شاء الله من خلال عرض مسائل ومباحث التعارض أننا أول مرّة نبحث أن هذه المسألة إلى أي أصل ترجع ثمَّ نبحثها, هذا البحث الأوّل.
طبعاً الأعزة إن شاء الله تعالى يراجعون هذا البحث أيضاً تفصيلاً من (كتاب القطع, ص97 إلى ص102) ولذا قلت في (ص102) [إن من المهم تجذير المسائل في علم الأصول وإرجاع موضوع كلّ مسألة إلى أصلها ومصدرها الذي نشأة منه لأنه معرفة هذه الحقيقة يسهل لنا الطريق للوقوف على المنهج الصحيح في تحقيق تلك المسألة]. جيد.
البحث الثاني: واقع البحث بين الأعلام في موضع ومكان هذه المباحث, الآن المشهور وضعوها أين؟ في خاتمة المباحث الأصولية, هذا هو المشهور, الآن لو ترجعون كلهم إما يجعلوها آخر المقاصد وإما يجعلها تحت عنوان الخاتمة.
ولكن هناك رأيٌ يستند إلى مجموعة من الروايات يقول: موضع هذا البحث هو ذيل حجية خبر الواحد, لماذا؟ لأن الروايات الواردة عندنا كلها – الروايات العلاجية- كلها وردت في مورد الخبران ماذا؟ >إذا جاء عنكما الخبران المتعارضان< إذن موضوع المسألة الخبر, إذن على أي أساس نجعلها في آخر مباحث الأصول؟!
وهذا الرأي فقط انفرد به (السيّد أبو الحسن الأصفهاني+ في تعليقةٍ له قيمة على الكفاية, تحت عنوان -ما أدري الآن مطبوع أو ليس بمطبوع, أنا عندي نسخة قديمة- تحت عنوان: منتهى الوصول إلى غوامض كفاية الأصول, للسيد أبو الحسن الأصفهاني, تقريرات الشيخ محمد تقي الآملي -صاحب الحاشية على المنظومة التي من الحواشي المعروفة, هذا الرجل الحق والإنصاف فقيه كبير, هذا كتابه الفقهي لعله اثنا عشر أو أربعة عشر مجلد من الكتب المهمة في الفقه, ولكنه طغى عليه حاشيته على المنظومة وإلا له كتب فقهية وأصولية قيمة, هناك في- ص251) هذه عبارته, يقول: [ثمَّ إن الأليق بالوضع أن يُجعل باب التعارض من مسائل حجية الخبر] لا أن يجعل في هذا الموضع, [ضرورة أنه كما يبحث عن حجية الخبر الغير المعارَض] عن المقتضي نبحث عن حجيته [يكون الأنسب تعقبه] يعني بحث حجية خبر الواحد [بالبحث عن حجية المعارَض] يعني: كما نبحث عن حجية الخبر غير المعارَض الذي لا معارِض له, الأنسب أن نبحث عن حجية الخبر الذي له معارِض.
ولكن توجد هنا إشكالية أعزائي, ما هي الإشكالية؟ وهي: أنه التعارض ليس منحصراً بالأخبار, قد يكون التعارض أوسع من الأخبار, ولذا عبروا بتعارض الأدلة والأدلة منحصرة في الأخبار, نعم, عمدة الأدلة هي الأخبار ولكن القضية أوسع من ذلك.
ولذا -وهذه هي نقطة الضعف- ولذا اضطر أن يقول: [ثمَّ نبحث بحثاً استطرادياً] في ماذا [في تعارض غير الأخبار] لأنه هو ملتفت إلى هذه النكتة, يقول: [وهذا مع انحصار المعارضة بالخبر واضح جداً] إذا قلنا, طبعاً هذا مشي مع مذاق الروايات, لأنه عندما نتكلم في الروايات ما عندنا أدلة متعارضة, عندنا أخبار متعارضة, مع الروايات هذا المدار, أما [ومع القول بالتعميم وشمولها لمطلق الدليلين] أعم من أن يكون من الأخبار أو من غير الأخبار, [يكون الأنسب أيضاً ذلك] يقول الأنسب أيضاً أن نبحثها هنا, [مع تعقب البحث عن الخبرين المتعارضين بالدليلين المتعارضين استطراداً] وهذا خير شاهد على ما فعله الأعلام, إذن لو أرادوا أن يبحثوه هنا لكان البحث ماذا؟
أولاً: استطرادي, التفتوا جيداً, وثانياً: أن جملة من الأدلة بعد لم تبحث وهي الأصول العملية, فكيف يمكن عقد بحث لتعارض الأدلة ومنها الأصول وبعد لم يبحثوا الأصول العملية. يعني: أنتم تعلمون واحدة من أهم الأبحاث في بحث التعارض ماذا؟ كيفية تقدم الإمارة على الأصول وبحث أن الأصول العملية هل تتعارض فيما بينها وإذا تعارضت أيها يقدم على الآخر, هذا نبحثه في ذيل خبر الواحد أو لا نبحثها؟ فإنَّ بحثناها هذا لازمه بحث أمورٍ بعدُ لم تطرح وهي الأصول العملية, لأن الأصول العملية تأتي بعد حجية خبر الواحد بحسب التسلسل الموجود في كلماتهم. أليس كذلك.
إذن حتّى نتخلص من الاستطراد أولاً, وحتى لا يكون البحث مبني على أصول موضوعة لم يأتي البحث عنها ثانياً, فالصحيح أن تجعل كخاتمة للمباحث الأصولية جميعا لا أن تجعل في وسط الأبحاث الأصولية كما فعله المشهور.
(كلام أحد الحضور) طيب هذا يصير هكذا تحلل بحث التعارض, هذه لها مجموعة من القواعد وتلك لها مجموعة من القواعد وهذه خلاف البحث الفني, جيد.
الأمر الثالث: أي العنوانين أفضل, أو أي العناوين أفضل؟ هل نبحث نعنون أبحاثنا بمباحث التعارض أو التعادل والتراجيح, أو … إلى غير ذلك.
هناك وجهة نظرٍ وهي لعله المركوزة في أذهان جملة من الأعلام, طبعاً يكون في علم الأعزة, لعل المعروف التعبير عن هذه المباحث بمباحث التعادل والترجيح, أو التراجيح, تراجح أنما ما رأيت ولكن احتمله البعض, إما التعادل والتراجيح, إما التعادل والترجيح, المشهور أو المعروف أو المشهور في كلماتهم هذا.
ولكنه جملة من الأعلام كصاحب الكفاية وغير صاحب الكفاية السيّد الشهيد وغيره, يقولون لا, أن البحث لابدَّ أن يكون في التعارض, الآن ما هي النكتة, لماذا يختلف الأعلام في أنه يعنونوا هذا البحث بالتعارض أو يعنونونه بالتعادل والترجيح أو التراجيح أو التراجح, ما هي النكتة؟ النكتة هذه: وهي أنهم يقولون أولئك الذين يرجحون عنوان التعادل والتراجيح أوالترجيح أو التراجح, يقولون: أن عنوان التعارض بما هو عنوان التعارض ليس له حكم في نفسه, إنَّما الأحكام لمصاديق وأفراد وأقسام باب التعارض. يعني ماذا؟ يعني الروايات قالت, هذه الروايات إذا تعارضت مع هذه الرواية, إما أن يتعادلا وإما أن يترجح أحدهما على الآخر سنداً أو, إذن الروايات تعطي حكم التعارض أو حكم أفراد ومصاديق التعارض؟ ما تعطي حكم التعارض تعطي حكم المصاديق.
هذا من قبيل: أن يقول الإنسان, ولكنّ الإنسان فيه أفراد, زيد وعمر وبكر وخالد وإلى ما شاء الله, فتارةً نعطي أحكام العنوان الكلي وأخرى نريد أن نبحث أحكام الأفراد الجزئية, في باب التعارض نحن نريد أن نبين أحكام الأفراد المصاديق, ولذا قالوا باب التعادل والتراجيح لأن هذا الباب يتعرض لبيان أحكام الأقسام لا لبيان أحكام المقسم.
فلو قلنا: باب التعارض وأشرنا إلى الأحكام للزم من قبيل وصف الشيء بحال متعلقه لا وصف الشيء بحال نفسه, من هنا الأفضل ماذا نقول؟ نقول باب التعادل وباب التراجيح, لأننا الذي نريد أن نبحثه هنا أحكام الروايتين المتعارضتين أو الدليلين المتعارضين فإما أن يتعادلا وإما أن يترجح أحدهما على الآخر.
ومن هنا تجد أن الأعلام جميعاً مثلاً على سبيل المثال: الميرزا النائيني في أجود التقريرات قال: [خاتمة في التعادل والتراجيح, وهكذا السيّد الخوئي+ سيدنا الأستاذ, في مصباح الأصول [الكلام في التعادل والترجيح] لا التراجيح, هذا ثانياً, وهكذا في دورته الأخرى هذين دورتان أساسيتان في تقريرات السيّد الخوئي, وهي دراسات للسيد علي الهاشمي الشاهرودي [في التعادل والتراجيح] لا في التعادل والترجيح, وهكذا في تقرير رابعاً له تعلمون السيّد الخوئي درّس تقريباً ست دورات أصول (غاية المأمول من علم الأصول, للشيخ محمد تقي الجواهري أيضاً من طلابه) أيضاً عنده الدورة الأخيرة خرجت أيضاً في التعادل والترجيح. جيد. فأيهما أولى؟
طبعاً هذه قضايا فنية وإلا ليست قضايا علمية بالنحو الذي تؤثر الآن سواء كانت تعارض أو تراجيح ولكن هذه لابدَّ أن يطلّع عليها الأعزة.
أعزائي, هذه النكتة التي بينت غير تامة, وهي: أن ما نريد بيانه هنا إنَّما هي أحكام المصاديق والأفراد والأقسام, لا, الجواب: هو أن باب التعارض, أو هذه الأبحاث, كما تتعرض لبيان أحكام الأقسام والأفراد, تتعرض لأحكام نفس العنوان, قبل أن نصل إلى من؟ إلى أقسامه, يعني بعبارة أخرى: أنتم تعالوا إلى مفهوم الإنسان ومفهوم أفراده, جملة من الأحكام ثابتة للأفراد, ولكن جملة من الأحكام ثابتة للأفراد أو للكلي؟ لا, لنفس الكلي, الإنسان كلي, هذا الحكم كليٌ للأفراد أو لنفس المفهوم؟ لنفس المفهوم, نحن عندنا مجموعة من الأحكام -وسنعرض له لاحقاً- مجموعة من الأحكام مرتبطة بنفس التعارض قبل أن نصل إلى التعادل والترجيح, ومن أهم تلك المسائل هاتان المسألتان:
المسألة الأولى -التي لابدَّ أن نعرض لها- إذا تعارضا بغض النظر تعادلا, تراجحا بينهما جمع لا يوجد بينهما, إذا تعارضا فهل الجمع أولى أو الطرح أولى أي منهما؟ هذه القاعدة التي أسس لها الأعلام قالوا كلما أمكن الجمع فهو أولى هذا حكم ماذا؟ حكم الأقسام أو حكم التعارض؟ حكم نفس التعارض, لا حكم أقسام التعارض. هذه مسألة.
المسألة الثانية: إذا تعارضا فالأصل هو التخيير أو التساقط أيهما؟ بغض النظر عن أن نصل إلى الأدلة الخاصة, لا, الأصل ماذا يقتضي؟ يقتضي كلما تعارض دليلان الأصل فيهما التساقط فإذا دل دليل على عدم التساقط فنخرج عن الأصل أو الأصل فيهما التخيير, يخير بينهما أي منهما؟ هذا لا علاقة لها يوجد تعادل أو لا يوجد تعادل.
إذن القول بأنه في باب التعارض نحن إنَّما نكتفي ببيان أحكام الأقسام كلام غير تام, لأنه في باب التعارض كما نريد أن نبين أحكام الأقسام نريد أن نبين أحكام نفس المقسم, من هنا+, المحقق القمي في كتابه القوانين الذي مع الأسف أنا لم يكن عندي في البيت, وهو أنه يقول: عندما وصل إلى هذا الباب قال: [باب التعارض والتعادل والتراجيح] لماذا ما هي نكتته, النكتة الفنية؟ يقول هذا الباب ليس يريد أن يتعرض فقط لأحكام الأفراد وإنما يريد أن يتعرض لأقسام أحكام المقسم أيضاً [باب التعارض والتعادل والتراجيح].
ولكن هذا الجمع وإن كان من جهة جيد, ولكن من جهة أخرى فيه إشكال, إشكاله ما هو؟ وهو أنه جمع بين المقسم والأقسام, المقسم في عرض القسم الأقسام في عرض المقسم أو في طولها؟ في طولها فلا معنى أن يكون العنوان يكون جامعاً بين ماذا؟ يعني ما هو قسم يلزم أن يكون قسيماً, وهذا خلاف البحث الفني وإن كان ما فيه إشكال, لا محذور فيه, واقعاً التعارض والتعادل والتراجيح.
ولذا نحن مختارنا واختيارنا سوف يقع على بحث (تعارض الأدلة) بما لها من أفراد ومصاديق وأحكام إلى آخره. هذا الأمر الثالث.
الأمر الرابع -الذي نمر عليه إن شاء الله مروراً سريعاً ولا نقف عنده الأعزة هم يراجعونه- هو: أنه أساساً, طبعاً يكون في علمكم, أنه توجد نكات جيدة عرض لها بعض الأعلام الآن أشير إليها.
الأمر الرابع: هو أنه لو صار المختار هو بحث التعادل والترجيح أو التراجيح أو التراجح يعني ليس مختارك صار العنوان باب التعارض وإنما باب التعادل, طيب في مقابله ماذا تجعل؟ تراجيح أو ترجيح أو تراجح؟ هذا بحث أوسع من عرض له هو السيّد اليزدي+ صاحب العروة في كتاب له قيم جداً, أنا بودي لعله من أوسع من كتب في هذا الباب وهو كتاب التعارض آية الله العظمى سيد محمد كاظم اليزدي, هناك في ص36 من الكتاب) [ثمَّ لا يخفى أن التعبير بالتراجيح فيه مسامحةٌ من وجوهٍ: الوجه الأوّل: أن معادلة تعادل التراجح لا التراجيح, الثاني: أنه أطلق الترجيح وذاك عبّر عنه بالتعادل لماذا لابدَّ أن يقال التراجيح, الثالث: أنّه كذا وكذا, الرابع, الخامس…] ومجموعة من الوجوه, مثلاً على سبيل المثال أنا قلت لكم ما أريد أن أدخل الإخوة صفحتين ثلاثة هم يطالعونه في هذا الكتاب الآن إما في المواقع موجود وإما الكتاب موجود.
يقول: لماذا عبّر عن التعادل بالإفراد, وعبّر عن الترجيح بالجمع يقول: [وربما يعتذر عن التعبير بالجمع أن التعادل أمرٌ عدمي ولا تمايز في الأعدام] بخلاف الترجيح أمرٌ وجودي والأمور الوجودية واحدة أو متعددة, طيب أنظروا هذه التكلّفات أعزائي, لا علاقة لها بمثل هذه الأبحاث.
فلذا الأعزة يرجعون إليها هناك. تتمة البحث تأتي.
والحمد لله رب العالمين.