الأخبار

تعارض الأدلة (10)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

في البحث الأخير ما قبل التعطيل نقلنا كلاماً عن ابن الجنيد وأنّه نسب إليه القول بالقياس, وابن الجنيد من حيثُ أنه أحد أعلام مدرسة أهل البيت لم يناقش في ذلك أحد, ولكنّه من جهةٍ أخرى أيضاً نسبت إليه أقوال وآراء سواءٌ كان على مستوى البحث العقدي أو على مستوى البحث الفقهي بالمعنى الأعم بما يشمل الأصول, هناك بعض النظريات المنسوبة إليه التي أولدت كلاماً ونقضاً وإبراماً بين الأعلام ممن جاء بعده.

من الأمور التي أيضاً نسبت إلى ابن الجنيد هذا القول وهو أنه يقول بعد أن نسب إليه السيّد بحر العلوم في كتابه (رجال السيّد بحر العلوم المعروف بالفوائد الرجالية, ج3, ص213) قال بأنه بعد أن نسب إليه القياس قال: [وأعظم من ذلك] يعني: أعظم من أمر نسبة القياس إلى ابن الجنيد [ما حكاه المفيد عنه من نسبة الأئمة إلى القول بالرأي] أن الأئمة ما يقولونه هي آرائهم, وبعبارةٍ أخرى: هذه اجتهادات الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لا أنها على حد ما يقوله الرسول الأعظم -هذا البيان منّي- وإلا هذا القدر الموجود هنا, ولهذا بعد ذلك يعلق عليه, يقول: [فإنه رأيٌ سيءٌ وقولٌ شنيعٌ وكيف يجتمع ذلك مع القول بعصمة الأئمة وعدم تجويز الخطأ عليهم على ما هو المعلوم من المذهب, وهذا القول وإن لم يشتهر عنه إلاَّ أن قوله بالقياس معروفٌ مشهور].

أنا الآن واقعاً لستُ في موقع أو لستُ بصدد الدفاع عن ابن الجنيد, أنا إنَّما نقلت هذا الكلام لأمرين -ومرتبط بالبحث لا يتصور أنه خارج عن البحث-:

الأمر الأوّل -الذي أحتاج أو أنه يحتاج الأعزة إلى أن يلتفتوا إليه-: أنّه ليست الأمور الضرورية في المذهب عقائدياً وعملياً هي من الأمور الثابتة, ليس الأمر كذلك, وإنما هي أمورٌ قد تختلف من زمان إلى زمان آخر, ما قد يكون ضرورياً في زمان قد ينقلب إلى نظري, وما هو نظري في زمان قد ينقلب إلى ضروري, وهذه نكتة مهمة لابدَّ أن يلتفت إليها, يعني: إذا وجدت أمراً نظرياً في زمانك, ليس بالضرورة أنه نظريٌ أيضاً في عصر الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لعله كان في ذلك الزمان ضروري والعكس صحيح, إذا وجدت في زماننا أمر ضروري من المسلمات, ليس بالضرورة أنه في صدر الإسلام أيضاً كان ضرورياً لعله كان نظرياً, وهذا ما أشرنا إليه في مسألة الخلافة السياسية, التفتوا, أن الإمام علي ابن أبي طالب كان منصوباً من قبل الله ونصّ عليه وبيّن من قبل رسول الله, هذه المسألة يتذكر الأعزة -هذا في كتابنا أو في الكراس أو الرسالة الأخيرة >منكر الضروري<- هناك بينّا قلنا أنه توجد أقوال ثلاثة في المسألة: قولٌ يرى أن مسألة النص على الإمامة السياسية لا هي ضرورية حدوثاً ولا بقاءً, أما الآن فواضح ليست كونها ضرورة, نعم ضروري مذهب, ولكن ليس ضروري دين, وهذا باتفاق الأعلام المعاصرين يقولون, ولهذا منكره لا يخرج من الدين, قولٌ يقول: لا, كان حدوثاً بالنسبة إلى الطبقة المحيطة برسول الله كان ضروري ولكن لما انتابه لعوامل الخفاء وعوامل الظلم وعوامل السلطة صار بمرور الزمن صار نظرياً, فحدوثاً كان ضروري ثمَّ صار نظري, ولعله احتمال ثالث لا, ضروري الدين حدوثاً وبقاءً.

هذه هي النقطة التي أشار إليها السيّد بحر العلوم وهذه هي المهمة عندي, الآن لست بصدد أنه ما يقوله ابن الجنيد في القياس أو في الرأي صحيح أو ليس بصحيح؟

ولذا عبارته كما قرأنا فيما سبق التفتوا, قال: [فإنَّ المسائل قد تختلف] مسائل ليس المراد المسائل الفقهية طبعاً تشمل المسائل الفقهية, المسائل العقائدية والمسائل الفقهية [فإنَّ المسائل قد تختلف وضوحاً وخفاءً باختلاف الأزمنة والأوقات].

وهذا يبيّن لك أهمية معرفة الزمان والمكان في المسألة, هذا الذي نحن نؤكد عليه, طبعاً نحن نؤكد عليه في الفقه, الآن السيّد بحر العلوم ماذا يقول أين هذا؟ في العقائد أيضاً, [في الأزمنة والأوقات, فكم من أمرٍ جلي ظاهرٍ عند القدماء قد اعتراه الخفاء في زماننا لبُعد العهد وضياع الأدلة, وكم من شيء خفيّ في ذلك الزمان قد اكتسى ثوب الوضوح والجلاء باجتماع الأدلة المنتشرة في الصدر الأوّل] لعله نأتي إلى الصدر الأوّل مائة سنة الأولى التي الأدلة كانت متوزعة منتشرة لم تجتمع لم يحصل الوضوح, لكن بعد أن وصلنا إلى زماننا نجد أنه >أوضح من الشمس في رابعة النهار<. [أو تجدد الإجماع عليه في الزمان المتأخر].

ثمَّ يقول: [ولعل أمر القياس من هذا القبيل] هذا توجيه للاعتقاد أنه كيف ابن الجنيد مع أنه من أحد الأعلام -طبعاً هو يفسّر القياس بالمعنى المذموم, يعني: القياس الذي هو باطلٌ عندنا, يعني: الفقهي لا القياس بالمعنى اللغوي الذي أشرنا إليه- يقول حتّى لو كان بهذا المعنى أنا أقول فأيضاً له وجهٌ, ابن الجنيد لم يتم عنده بطلان هذا القياس المذموم عندنا الذي صار واضحاً عندنا.

ثمَّ ينتقل إلى مسألة أخرى وهي التي أشرنا إليها وهي الخطيرة جداً, يقول: [وأما إسناد القول بالرأي إلى الأئمة] هذه كيف توجهها يا بحر العلوم يا سيد الطائفة, هذه كيف توجهها لابن الجنيد؟ فهمنا منك أن القياس لم يكن من الضروريات في ذلك الزمان, مسألة الرأي كيف توجهها؟ ما أدري واضحة المسألة.

قال: [وأما إسناد القول بالرأي إلى الأئمة فلا يمتنع أن يكون كذلك في العصر المتقدم] لست أنا المتكلم, المتكلم من؟ السيّد بحر العلوم يقول, يقول: لعله في ذلك الزمان عصر الحضور حضور الأئمة أو عصر الغيبة ما بعد مائة سنة ومائة وخمسين سنة ومائتين سنة أيضاً مسألة العصمة لم تكن من الضروريات, يطرحه كاحتمال أعزائي, توجيهاً لكلام ابن الجنيد, يقول: [أن يكون كذلك في العصر المتقدم] ثمَّ يذكر شاهداً على ذلك, يقول: [وقد حكى جدي العلامة في كتاب الإيمان والكفر عن الشهيد الثاني].

هذا كتاب الشهيد الثاني إذا الإخوة يوجد عندهم يجلبوه لنا ويستخرجون لنا هذه العبارة منه؛ لأنه السيّد بحر العلوم ينقل عن من هذا الكلام؟ عن الشهيد الثاني, ولا يوجد أحدٌ يستطيع أن يشكك في الشهيد الثاني.

[عن الشهيد الثاني أنه احتمل] ضعوا خمسين خطاً -كما يقول السياسيين- تحت احتمل, [احتمل الاكتفاء في الإيمان بالتصديق بإمامة الأئمة والاعتقاد بفرض طاعتهم وإن خلى عن التصديق بالعصمة عن الخطأ]. احتمل أنه أساساً مقوم المذهب وضروري المذهب ليس هو الإيمان بعصمتهم, هذا ليس مقوم, إذن ما هو المقوم؟ هنا يأتي هذا البحث أعزائي.

الذي يريد أن يقدم قراءة سواء كان على مستوى البحث القرآني أو على مستوى البحث المذهبي يعني على مستوى مدرسة أهل البيت, أعزائي لابدَّ لتلك القراءة لكي تكون صحيحة لابدَّ أن تحفظ لنا الحد الأدنى من التمييز وإلا إذا لم يبقى أي تمييز بين الإسلام وبين المسيحية فهذه قراءة أو نفي للإسلام؟! التفتوا جيداً.

وهذا أنا ذكرته مراراً أنت الآن تأتي وتقول أنا أريد أن أقدم قراءة عن الإسلام ثمَّ تقرأ الإسلام قراءة, طيب أنظر أرى بعد ذلك يوجد فرقٌ بين المسيحية والإسلام أو لا يبقى؟ هذه ليست قراءة, هذه مسح المسألة هذا مسح الإسلام, هذا نفي الإسلام, في المذهب أيضاً كذلك, تارة أنت تأتي تقول أنتم تقولون أن المقومات كم؟

أولاً: الإمامة السياسية, ولذا الآن في واقعنا الفكري والثقافي من ينكر أن الإمام أمير المؤمنين منصوب من قبل الله يقولون شيعي أم سني؟ يقولون سني, إذن المقوم الأوّل هو ماذا؟ هو الإيمان بالإمامة السياسية المنصوبة المجعولة المنصوصة, هذا المقوم الأوّل.

المقوم الثاني: العصمة, ولذا الآن لو أحد ينظر العصمة ماذا يقولون له؟ أنت في المذهب أو خرجت عن المذهب؟ يقولون له أنت خارج المذهب. هذا العنصر الثاني.

العنصر الثالث: أن العدد كم يكونون؟ أربعة وأربعين مائة وأربعة وأربعين أو اثنا عشر؟ طيب الآن توجد مذاهب ترى بأنه الإمامة مستمرة من زيديه من إسماعيلية, مستمرين وأنهم يعتقدون بالإمامة ويعتقدون لعله بالعصمة ولكن ما يعتقدون بالعدد, هذا ثالثاً.

المقوم الرابع: أن الثاني عشر منهم ما هو؟ حيٌ.

الآن من باب المثال من باب الاحتمال: جاء شخصٌ قال أقبل الثاني عشر وأقبل أنهم اثنا عشر ولكن لم يثبت عندي أن هؤلاء من المعصومين هذا يخرج من المذهب أو لا يخرج من المذهب؟ تقول لي, طيب ما الفرق بينه وبين السنة؟

الجواب: لا, يقبل أن النبي فرض طاعة هؤلاء, يقبل, يقول هؤلاء فُرِضت طاعتهم علينا بعد رسول الله’, ولكنه كما تعلمون من الناحية الفنية فرض الطاعة يلازم العصمة أو أعم من العصمة؟ الآن الفقهاء في عصر الغيبة تجب طاعتهم أو لا تجب طاعتهم؟ واجب الطاعة, ولكن هذا يلازم العصمة؟ لا, لا يلازم, فيقول: لم يثبت عندي بدليل واضح جلي, نعم إذا جعلهم مجتهدين كأبي حنيفة وفلان, وفلان, لا, هذا مسح لم يبقي مميزاً بين المدرسة وبين غيرها, لا, ما نتكلم في هذه الصورة, إذا جاء شخص وقال: نعم, هؤلاء بالاختيار وهؤلاء ليسوا معصومين وهؤلاء ليسوا اثنا عشر, طيب هذه هي نظرية السنة, هذا ليس معناه تقديم قراءة في المدرسة في المذهب, هذه حذف المدرسة.

أنا سؤالي هذا, التفتوا, وأنا ذاك اليوم الذي بحثته كان قصدي هذا, وهو أنه يأتي شخص يعطي مميزات المدرسة ولكن لا يلتزم بما أنت تقول, يلتزم بأمور أخرى, ولكن يعطي مميزات, هذا هل هو داخل المذهب, أو خارج المذهب؟ كما ضربت الآن مثال, قال لم يثبت عندي أنه هؤلاء معصومين, كما الآن يقولها, نعم يقبل النبي’ فرض طاعتهم, والروايات يكون في علمكم في هذا المجال كثيرة جداً يكون في علمكم, من الروايات الواردة في هذا المجال أن السائل يسأل >عارفاً بحقه وجبت له الجنة أو ثوابه ..< كذا, الرواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) ما معنى أن يكون عارفاً بحقه؟ لابدَّ واجديه الرواية, ماذا يقول الإمام؟ >قال أن يعلم أنّا مفترضوا الطاعة< الإمام هو يقول, وأنتم تعلمون أنه من الناحية الفنية من الناحية الكلامية يوجد تلازم بين افتراض الطاعة وبين العصمة؟ لا, لا يوجد ملازمة, لا توجد ملازمة, إذن أدلة >أوجب طاعتهم< وإن كانت موجودة في بعض كتب المتكلمين أوساط المتكلمين هؤلاء الآن ما أريد أن أعبر عنهم بتعبير آخر, يستدلون بهذا الدليل لإثبات عصمتهم, لا أبداً أي ملازمة لا توجد.

وجوب الطاعة ينسجم حتّى مع ماذا؟ نعم, لا ينسجم مع تعمد المعصية, أما مع الاشتباه ممكن أو غير ممكن؟ لأنه إذا تعمد المعصية فيسقط عن العدالة يسقط عن كونه إماماً مفترض الطاعة, ولكن يخطأ.

ولذا عبارته يقول: [احتمل الاكتفاء في الإيمان بالتصديق وادعى أن ذلك هو الذي يظهر من جُل رواتهم وشيعتهم, فإنهم كانوا يعتقدون أنّهم (عليهم السلام) علماء أبرار افترض الله طاعتهم] لا علماء أبرار كأبي حنيفة حتّى تقول طيب ما هو الفرق إذن؟ [افترض الله طاعتهم, مع عدم اعتقادهم العصمة فيهم] لأنه لا ملازمة بين افتراض الطاعة وضرورة العصمة [وأنهم مع ذلك كانوا يحكمون] يعني الشيعة والرواة والأئمة إلى آخره, [مع أنهم كانوا يحكمون بإيمانهم] يعني هم أين في أي دائرة في دائرة الإسلام أم في دائرة الإيمان؟ في دائرة الإيمان -هذا الإيمان بالمعنى الأخص- وإلا الإيمان بالمعنى الأعم, فحتى المسيحي مؤمن, مؤمن بالله أو ليس بمؤمن؟ بلي مؤمن, مؤمن بالمسيح أو ليس بمؤمن؟ مع الأسف من الاشتباهات الشائعة بيننا أنه فقط الشيعة مؤمن, لا عزيزي من قال هذا الكلام, المسيحي أيضاً مؤمن واليهودي أيضاً مؤمن ولكن درجة الإيمان متعددة ومختلفة, هو يؤمن بالله وبالمسيح ذاك يؤمن بالله وموسى أنت تؤمن بالله وماذا؟ نعم هناك درجة أخرى من الإيمان وهي درجة الإيمان بمن؟ بعلي وبأهل بيته (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هذه درجة أخرى, ولذا عبّر عنها الشيخ كاشف الغطاء [الإيمان بالمعنى الأخص] لا الإيمان في قبال غير الإيمان, هذا ميّزوه جيداً, عندنا إسلام هذا الإسلام فيه مؤمن بالمعنى الأعم وفيه غير مؤمن {ولما يدخل الإيمان في قلوبكم} هذا مسلم ولم يدخل الإيمان ومنهم من دخل الإيمان في قلبه آمن بالله وبرسوله. وإلا يلزمك أن تقول أنه في صدر الإسلام التي قضية أمير المؤمنين بعضها غير مطروحة كإمامة بعد رسول الله’ أو مطروحة ولكن في دائرة رسول الله طيب ليس من الأوّل جعلها جزءً من الإيمان, يلزم أن هؤلاء كلهم ليسوا بمؤمنين مع أنهم قالوا وقتلوا واستشهدوا والقرآن الكريم صرح بإيمانهم وهكذا.

ولذا أنا أتصور واحدة من أهم هذه الإشكالات الموجودة في الكتب أو في الفضائيات منشأها هذا الخلط الذي نحن نوضحه, نحن ليس مقصودنا أن هؤلاء ليسوا بمؤمنين مقصودنا ليسوا بمؤمنين بالمعنى الأخص, واضح هذا المعنى.

على أي الأحوال, يقول: [مع كونهم يحكمون بأيمانهم وعدالتهم وفي كتاب أبي عمر الكشي جملة من ذلك وكلامه وإن كان مطلقاً لكن يجب تنزيله على تلك الأعصار] لماذا؟ لأنه يعتقد أن سيد بحر العلوم في زماننا مسألة العصمة صارت ماذا؟ صارت ضرورية, ما أدري واضح هذا المعنى؟ [التي يحتمل فيها ذلك دون ما بعدها من الأزمنة فإنَّ الأمر قد بلغ فيها حد الضرورة قطعاً].

هنا نحن اختلفنا مع السيّد بحر العلوم, نقول أنت تعتقد أنها ضرورية قد يأتي عالم آخر محقق يقول لا, في زماننا أيضاً بعدُ, لعله افترضوا أريد أن أتنزل, في زماننا هذا ضرورية, ولكن الآن يخرج مجموعة من المعممين في الحوزات وكذا يقولون لا ليست ضرورية, وتحصل فيها شبهات والضرورة ماذا تتحول؟ إلى نظري, كما حصل في جملة من الموارد, هذا يخرجه عن المذهب أو لا يخرجه؟ مع حفظ الحد الأدنى.

أنا طرحت هذه القضية, وإلا أنتم تعرفون أن مبانيّ ما هي, مبانيّ أنا معتقد أن هؤلاء لا فقط معصومين, هؤلاء وسائط الفيض بين الله وبين عالم الإمكان, لا >لولا الحجة لساخت الأرض< لولا الحجة لساخ عالم الإمكان, هذا مبانيّ, ولكن أنا أتكلم هذه الدائرة دائرة مدرسة أهل البيت, كما تشمل هذا الاتجاه لا ينبغي أنه إذا لم يوافق أحد في رأي إذن أخرجه أدفعه دفعاً للخروج عن المذهب لا ليس هكذا, ولكن بشرطها وشروطها, أن يكون محققاً أن يكون الشيخ المفيد, أن يكون ابن الجنيد أن يكون السيّد بحر العلوم, أن يكون أعلام هذه الطائفة وإلا أي إنسان يأتي ويقول عندي قراءة لا فقط عندنا في أي مكان لا يقبل هذا الكلام, نرجع إلى بحثنا.

فيما يتعلق ببحثنا, تعلمون بأنَّ التعارض والتراجيح أو التعارض والترجيح أو -عبر عنه ما شئت بالاصطلاحات المتقدمة- فرع وجود الاختلاف بين الأحاديث, أليس كذلك, يعني إذا نحن قلنا لا تعارض لا اختلاف بين الأحاديث, فيوجد عندنا بحث عن التعارض أو لا يوجد؟

إذن مقدمة بحث التعارض والترجيح الآن التعارض والجمع أو التعارض والترجيح يتقدم على ذلك بحث اختلاف الحديث لابدَّ أن نعرف أساساً يوجد اختلاف أو لا يوجد اختلاف أي منهما؟

وذكرنا أعزائي, أن هذه القضية من القضايا الخطيرة جداً, لأنه هذه صارت دليلاً ومنشأً أو لا أقل واحدة من أدلة الطاعنين في عصمة أئمة أهل البيت, قالوا إذا كان هؤلاء كما تقولون كلهم لهم عصمة أعلائي إذن لماذا اختلفوا فيما بينهم؟ إذن نستدل بدليل وببرهانٍ إنّي أنّهم لو كانوا معصومين لما اختلفوا والتالي باطل, اختلفوا إذن ليسوا بمعصومين.

وعندنا دليلٌ على ذلك, أنا استدل لهؤلاء, عندنا دليلٌ على ذلك وهو أنه {لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} إذا كان من الله فهو لا اختلاف فيه, ونحن ندعي أن هؤلاء من عند أنفسهم أو من عند الله؟ اعتقادنا ما هو؟ من الله لا يقولون شيء من عند أنفسهم, إذن لابدَّ أن لا يقع الاختلاف, ولكن حيث وقع الاختلاف إذن من عند الله أو من عند أنفسهم؟ يعني رأيٌ اجتهادٌ أو من الله سبحانه وتعالى؟

ولذا السيّد الشهيد& في (مقدمة البحوث, ج7, ص28) هذه عبارته هناك بودي الأعزة يراجعوها, يقول: [وقد يتساءل عن منشأ وقوع التعارض بين الأحاديث الصادرة عن المعصومين رغم أنهم جميعاً يفصحون عن أحكام الشرع المبين المنزه عن التناقض والاختلاف وقد ينطلق من ذلك للتشكيك في الأسس والأصول الموضوعية التي يبتني عليها الفقه الجعفري بل التراث الشيعي بكامله من الاعتقاد بعصمة الأئمة واعتبار أقوالهم والنصوص الصادرة عنهم كالقرآن الكريم والسنة النبوية مصدراً تشريعياً يرجع إليها في مجال التعرف على أحكام الشريعة, فيُجعل من ظاهرة التعارض والاختلاف بين النصوص دليلاً على الزعم القائل بأنَّ الأئمة ليسوا إلاَّ مجتهدين كسائر الفقهاء المجتهدين وليست الأحاديث الصادرة عنهم إلاَّ تعبيراً عن آراءهم الاجتهادية الخاصة, فمن الطبيعي حينئذ وقوع الاختلاف والتعارض فيما بينها, وبهذا تفقد هذه الأحاديث الشريفة قيمتها التشريعية].

تكون ماذا؟ كرأي أي فقيه آخر, ولكن كان أعلم الفقهاء أعلم فقهاء الشريعة انتهت القضية وليس أكثر من هذا.

طبعاً إذا يتذكر الأعزة نحن وسعنا دائرة هذه الإشكالية, قلنا: هذه الإشكالية على مستوى المدرسة من خلالها يُطعن في عصمة الأئمة, على مستوى الأحاديث الواردة عند المدارس الأخرى عند السنة الواردة عن النبي أيضاً مختلفة أو غير مختلفة, فبنفس البيان يُطعن في عصمتهم, فإذن القضية قضية, هذا الذي نحن في الأبحاث السابقة قلنا للأعزة, أعزائي هذا بحث التعارض, بحث عقدي قبل أن يكون بحثاً فقهياً وما لم تلتفتوا إليه, طبعاً أنا ما أريد أن أرتفع قليلاً, وإلا الآن المسيحية وغير المسيحية و… بدأت تستفيد من نفس هذا الدليل ونفس هذا المنهج للطعن لا في النبي, في نفس القرآن, نعم. أنت تقول هذا الكتاب من من؟ من عند الله, والعجيب أن نفس هذا القرآن يقول {لو كان فيه اختلاف} إذن من عندي أو ليس من عندي؟ هو يقول: {لو كان من غير عند الله لوجدوا} الآن نحن نحصي لك الاختلافات, واحد, اثنين ثلاث أربع عشرة .. إذن بنص هذا القرآن يلزم {من عند غير الله}.

عند ذلك يأتيني واحد ويقول لي لا, ممكن أن يكون عالم دين ولكنّه ما يعرف اختلافات القرآن, الآن أنا ما أدري أنه هذا كيف يكون عالماً دينياً, نعم قل عالم بالطهارة, عالم بالصلاة, عالم بالصوم, عين المتعلق ما عندي مشكلة, أما أن تقول عالمٌ بالدين, هذه أيضاً لابدَّ أن تكون له القدرة أن يدفعها, ما أدري واضحة القضية.

إذن القضية قضية أعزائي, قضية معقدة عقدية وداخلين شئنا أم أبينا إلاَّ أن نضع رؤوسنا في التراب كالنعامة, وإلا المعركة أين؟ والله بالله, المعركة ليست على حدودهم هناك, المعركة في حوزاتنا المعركة أين؟ في بيوتنا, في أولادنا, يذهبون ويقرؤون على المواقع والإشكالات تترا تترا عليهم, لابدَّ أن تجيب أنت, وعندما أقول أنت يعني المؤسسة الدينية, أنا ما أتكلم عن أشخاص, المؤسسة الدينية هذه مسؤولياتها الأصلية.

إذن أعزائي من هنا لابدَّ أن ندخل قليلاً عند بحث اختلاف, منشأ اختلاف الحديث.

فيما يتعلق بمنشأ اختلاف الحديث هناك نهجٌ نهجه عموم علماء المسلمين ومنهم علماء الشيعة, التفتوا جيداً, للمنهج الذي اتبعوه ونحن بماذا نخالف هذا المنهج, في أي قدر نتفق فيه معهم, وفي أي قدر نختلف فيه معهم.

المنهج الذي سار عليه هؤلاء الأعلام عموماً من السنة والشيعة, الآن اتركوا القرآن على جانب له بحثه الخاص, نحن نتكلم الآن في اختلاف الحديث, الحديث بالمعنى الأعم, الحديث الوارد إلينا من طرق أئمة أهل البيت, أو الحديث الوارد من الاتجاه الآخر من أهل السنة.

في الأعم الأغلب, طبعاً عندما أتكلم لا أتكلم الموجبات الكلية والمطلقات, ولكن أتكلم عن المسألة الظاهرية المسألة الظاهرة, في الأعم الأغلب سلموا وجود الاختلاف وأن هناك اختلافاً شديداً بين الأحاديث والنصوص النبوية والولوية ولكن انصب كلّ همهم في بيان كيفية علاج هذه الاختلافات, ولذا أنت الآن مباشرة عندما تدخل إلى بحث التعارض أول شيء تبحث, يوجد جمع عرفي؟ لا تبحث شيء آخر, تبحث أن الاختلاف إذن ماذا؟ ما هو؟ مسلّمة لا اختلاف.

من هنا الآن دخلوا مرةً قالوا أن هذا الاختلاف منشأه الراوي, الذي نقل بالمعنى والذي قطّع الحديث وبعضه منشأه نفس الإمام وبعضه منشأه ما أدري ظروف وبعضه منشأه التصحيف وبعضه منشأه… إلى آخره, ولكن الكل مسلّم أصل موضوعي ما هو؟ أن الاختلاف موجود. على سعته لم يأتِ أحد ليضيق لنا دائرة ماذا؟ يعني افترض دائرة الاختلاف في مائة ألف مورد, لم ينصب اهتمام العلماء والأعلام الذين اعتنوا بذلك أن يقللوا دائرة ماذا؟ ويضيقوا دائرة الاختلاف, وإنما قبلوا هذا الأصل الذي مائة ألف أو نصف مليون أو مليون لا أعلم, وصاروا بصدد توجيه هذا الاختلاف, وأنه سببه إما كذا, سببه إما الراوي, سببه إما الإمام أوقعت الاختلاف إما … إلى غير ذلك.

وهذا المعنى أنتم بشكل واضح عندما تراجعون, أنا بودي أن الأعزة نصحت الأعزة أو أوصيتم أن يأخذوا هذا الكتاب (أسباب اختلاف الحديث) لـ (اللنكرودي) أشرنا إليه فيما سبق (ص32) بودي أن الأعزة يراجعون, يقول: [لم نجد من أفردها] يعني: أسباب الاختلاف [بالتأليف, نعم بحث عنها جماعة من علماء المدرستين مدرسة أهل البيت ومدرسة الخلفاء, خلال بحثهم عن اختلاف الحديث أو عن تعارض الأدلة أو غيرهما من الأبحاث الحديثية, وهم بين من ذكرها خلال ما كان يعالجه من الأحاديث المختلفة وبين من ذكر عدداً منها استطراداً ولم أجد من استقصاها] أسباب الاختلاف, يعني أصل الاختلاف ما هو؟ موجود, ثمَّ يقول: [فذكر الشهيد محمد باقر الصدر كما في تعارض الأدلة] الأعزة يتذكرون الذين راجعوا تعارض الأدلة هناك في (ص29, ج7) يبدأ ويقول: [وأسباب الاختلاف أولاً, ثانياً, ثالثا, رابعاً, خامساً, سادساً, سابعاً, ثامناً] يشير إلى (ص41) ثمَّ يذكر عن بعض الأعلام الآخرين أيضاً منآشئ الاختلاف.

إذن التفتوا جملة واحدة وإن شاء الله الذي اعتقده إلى غد.

إذن المنهج المتّبع عند القوم عند الأعلام وإن كان يوجد هناك شذرات هنا وهناك خلاف هذا ولكن الأصل أن هذا الاختلاف على سعته ما هو؟ موجود مسلّم ولكن لابدَّ أن نتعرف على مناشئ هذا الاختلاف, فبعضه كذا, وبعضه كذا, وبعضه كذا. فهل هذا المنهج صحيح أو لا؟ يأتي إن شاء الله.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات