الأخبار

تعارض الأدلة (11)

بسم الله الرحمن الرحيم

و به نستعين

و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و اله الطيبين الطاهرين

قلنا بأنَّ ظاهرة اختلاف الحديث من الظواهر التي لا يمكن لأحدٍ أن يتجاوزها, وهذه الظاهرة من الظواهر الخطيرة في معارفنا الدينية, باعتبار أنّها قد تستعمل وتتخذ وسيلةً للطعن في عصمة النبي’ من جهة, وفي عصمة الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من جهةٍ أخرى.

من هنا لابدَّ أن ينصب جهد الأعزة على هذه المسألة لفهمها جيداً بغض النظر عن الإشكال الخارجي, يعني: أن هذا التساؤل قد يوجد لنفس الإنسان بغض النظر عن أنه إشكالٌ واستفهامٌ خارجي.

قلنا: المنهج العام الذي سلكه القوم من السنة والشيعة, عموماً كأنّهم سلّموا بالإشكال ولكنه صاروا بصدد البحث عن علاج هذا الإشكال, فذكروا هذه القواعد المعروفة في باب التعارض وفي باب التراجيح, ولكن في اعتقادي أن هذا المنهج في حدٍ منه صحيح, ولكنّه في كثيرٍ منه غير صحيح.

وذلك التفتوا جيداً إلى النكتة التي إذا وفقنا بعد ذلك أن نقف عندها نقف عندها بقدر ما يعيننا الأعزة على الدرس, وذلك: لأنّنا نحن نعتقد أن دائرة واسعة إن لم أقل واسعة فليست قليلة, دائرة لا بأس بها من مساحة اختلاف الحديث في الواقع لا يوجد اختلاف في الحديث حتّى نبحث عن ماذا؟ عن علاجٍ لاختلاف الحديث.

إذن نحن في الرتبة السابقة علينا أن نخرج دائرة لا بأس بها ممّا دخل تحت عنوان اختلاف الحديث وهو في الواقع يوجد اختلاف أو لا يوجد اختلاف؟ لا يوجد اختلاف, يعني اختلافٌ توهمي, أنا أتوهم يوجد اختلاف, فإذا استطعنا أن نعزل هذه الدائرة, دائرة الاختلافات التوهميّة في الحديث أنا أتصور أن الدائرة الثانية سوف تضيق دائرتها كثيراً, وإذا ضاقت دائرتها نستطيع أن نتعامل معها بنحوٍ أفضل مما تكون هذه الدائرة واسعة.

أضرب مثال للأعزة: نحن الآن من لا يعتقد بالقرآن الكريم عندما يراجع القرآن الكريم قد يجد في كثير من الآيات ماذا؟ اختلافات, نحن ماذا نجيبه يوجد اختلاف والجمع بينهما كذا, أو نقول أنت توهمت الاختلاف لا اختلاف بين هذه الآية وهذه الآية أي منهما؟ في الأعم الأغلب نقول: هذا توهم الاختلاف لا حقيقة الاختلاف, نحن نحتاج إلى أن نقول بعملٍ من هذا القبيل أولاً ماذا؟ في دائرة اختلاف الأحاديث, فنستخرج تلك الروايات التي واقعاً لا اختلاف فيها, ولكن أنا جئت وقرأتها بشكل وبقراءة وفهمتها فهماً أدّى إلى اختلاف الحديث, فإذا عزلنا تلك الدائرة الأولى يعني أخرجناها من دائرة اختلاف الحديث من دائرة تعارض الأدلة أخرجناها عند ذلك عندما ضاقت الدائرة عند ذلك نبحث لماذا وقع الاختلاف, هذا سببه كان الراوي, سببه كان اللغة, سببه كان النقل بالمعنى .. وهكذا عناوين أخرى.

لا أنه مباشرةً نسلّم أنّه وقع الاختلاف وبعد ذلك نبحث أن سببه الراوي أو سببه النقل بالمعنى أو سببه كذا, أو سببه كذا.

ولذا نحن نحاول إن شاء الله تعالى, بالقدر الذي يسمح به البحث إن شاء الله, نحاول أن نشير إلى عناوين وإلا إذا أردنا أن ندخل في البحث التفصيلي نبقى أشهر كثيرة في هذا البحث, وأنا ليس بنائي هذا أريد الطريقة التقليدية ندخلها في البحث الأصولي.

أولاً: نبحث عناوين تلك المسائل التي يوجد فيها توهم الاختلاف, هذه كلها ماذا؟ نخرجها عن دائرة اختلاف الحديث فإذا بقيت الدائرة الأخرى التي يوجد واقعاً فيها اختلافٌ واقعاً اختلافٌ يعني مكان يقول مطلق ومكان يقول ماذا؟ مقيد, هنا يوجد اختلاف بين العامي والخاص بين المطلق والمقيد, لابدَّ أن نجد بأنه ماذا نتعامل مع الأدلة إذا كان بعضها مطلقة وبعضها مقيدة … وهكذا.

أما في الرتبة السابقة كما يقول >ثبت العرش ثمَّ انقش< ثبت التعارض ثمَّ ابحث عن الحل, ابحث عن الجمع, ابحث عن العلاج, ابحث عن الترجيح, ابحث عن التخيير, أما إذا في الرتبة السابقة لا تعارض, لا معنى لأن تسأل إذن ما هو العلاج؟ يعني: جنابك الآن إذا مرّة الإمام قال: صلي تمام, ومرّة قال الإمام صلي قصر لمكلفٍ واحد, سأله مرّة قال صلي تمام والآخر قال له صلي قصر, تقول وقع التعارض؟

الجواب يقول: لا, هذا قال صلي تمام لمن؟ لمن كان حاضراً وهذه قرينته, وهذا أيضاً قال صلي قصر لمن؟ للمسافر, إذن يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ لا تعارض حتّى نبحث كيف نجمع, لأن هذا موضوع وذاك موضوع آخر, ولكن أنت إذا جئت وجرّدت الدليل عن كلّ ما يرتبط به جعلته هذا مطلق وجعلت هذا أيضاً مطلق يقع بينهما ماذا؟ تعارض, وأهم محور نختلف فيه مع مشهور الأصوليين من سنة وشيعة في هذه النقطة نحن, نحن نعتقد أنّه في الرتبة قبل الدخول في معرفة أنه وقع التعارض فما هو الجمع بين المتعارضين أو المتعارضات, لابدَّ أن نسأل أصلاً يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ ففي كثير من الأحيان يتضح لنا كان هذا من توهم التعارض ولم يكن حقيقة التعارض لا تعارض حقيقي وإنما تعارض توهمي غير واقعي.

إذن أولاً: بحسب منهجنا الذي نعتقد به أولاً: لابدَّ أن نقول لا تعارض, فإذا ثبت التعارض عند ذلك نبحث عن الجمع, على أي الأحوال, كما قلت أحاول أن أعطي بعض العناوين العامة لهذا البحث.

أعزائي, في المقدمة, وهذا الذي لم يفعله كثيرٌ من الأعلام, وغريب جداً واقعاً ولكن الأنس الذهني يفعل أكثر من هذا, وهو أنّه: الاختلاف والتعارض الموجود في الروايات ليس مختصاً بباب الأحكام الفقهية, نعم, عندنا اختلاف وتعارض في الأحكام الفقهية, من أول كتاب الصلاة أو الطهارة إلى آخر كتاب الديات عندنا اختلاف. نعم, لابدَّ أن نبحث, ولكن كلّ تراثنا, فقط من أول كتاب الطهارة إلى آخر كتاب الديات؟! أم أن تراثنا الحديثي الوارد عن النبي والوارد عن الأئمة أوسع بمراتب من الأبحاث الفقهية, يعني: أنت عندك آلاف بل عشرات الآلاف من الروايات الواردة في تفسير الآيات القرآنية, أليس كذلك, يعني أنظروا أنتم إلى الروايات التي وردت كتفسير للآيات القرآنية سواء على مستوى تراث أهل السنة أو على مستوى تراث مدرسة أهل البيت, تصل إلى عشرات الآلاف من الروايات الواردة في تفسير الآيات, طبعاً عندما أقول تفسير, التفسير بالمعنى الأعم الآن إما بيان المصداق إما بيان الإجمال والتفصيل, إما تفسير المفهوم, بأي معنىً من المعاني, بالمعنى العام للتفسير.

السيّد العلامة+, يقول: توجد ظاهرة في الروايات كثير من الآيات القرآنية نجدها أنها مرةً أنها تفسير بيوم نفس الآية, روايات أهل البيت مرة تفسر الآية بيوم القيامة ومرة تفسر الآية بيوم الرجعة ومرة تفسر الآية بيوم الظهور, بينك وبين الله هذا يمكن أن يكون صحيحاً, في النتيجة هذه الآية إذا كانت متكلمة عن يوم القيامة فما هي علاقتها بظهور الإمام, يقول: وهذه ظاهرة في الروايات أن كثيراً من الآيات فسّرت من قبل الأئمة نفس الآية, تارةً بأنها يراد منها يوم القيامة, وأخرى يراد منها يوم الرجعة وثالثة يراد منها يوم الظهور, ماذا نفعل بهذه الروايات؟ بعضها أساساً لا, متنافية بشكل واضح, الآن هنا قد يقول قائل: هذا بيان مصداق, ذاك مصداق وذاك أيضاً مصداق, جيد وإن كان هذه المصاديق لابدَّ أن يكون فيها سنخية وأين سنخية بين يوم الظهور ويوم القيامة؟

{لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} وروايات موجودة فيها, قال ماذا؟ يقصوا أضافرهم, يأخذوا من أضافرهم, شخص آخر يقول: يلاقوا إمامهم, ما هي علاقة يقصون الأضافر بملاقاة الإمام؟ ما هو وجه الارتباط يعني؟ هذه الرواية موجودة وفي كم رواية موجودة, وعشرات بل مئات بل آلاف, أصلاً أنتم هكذا نظرة إجمالية ألقوا أعزائي على كتاب (نور الثقلين) أو على كتاب (البرهان) أو على أي كتاب حديثي آخر, تنظرون أنه ينقل الآية المباركة في صدر البحث ثمَّ ينقل تحتها عشرين رواية, ثلاثين رواية, انظروا إليها, انظروا إذا ما وجدتم فيها تعارض بمختلف أشكال التعارض لكم الحق, ماذا نفعل؟ هذا على مستوى البحث التفسيري.

أما على مستوى البحث العقدي, فحدّث ولا حرج, هذه أمامكم كتاب (الحجة من البحار) اقرؤوا انظروا, هذه أمامكم (أصول الكافي) انظروا, ولكنّه الأنس بالبحث الفقهي جعل الأعلام أن كلّ جهودهم تصرف أين؟ لحل أو لوجوب لبيان العلاج للتعارض والاختلافات في أحاديث الفقه, إذن ماذا نفعل في التعارض في أحاديث التفسير, ماذا نفعل في التعارض في أحاديث العقائد, ماذا نفعل؟ هل نجعل جمع عرفي, نحملها على الكراهة أو نحملها على الاستحباب ماذا نفعل؟

في عصمة الأئمة الروايات المتعارضة فيها في مسألة السهو النبي أو إسهاء النبي وغيرها أيضاً نحملها على الإطلاق والتقييد مثلاً, نحملها على الحكومة على الورود على التخيير, نقول مخير تريد أن تعتقد بهذه أو تريد أن تعتقد بهذه, تصير أصلاً في الاعتقادات التخيير؟ أنت اعتقد بهذه أو اعتقد بهذه, ممكن أو ليس بممكن؟ أيضاً نذهب إلى مخالفة العامة في هذه المسائل ماذا نفعل؟ هذا كله مغفولٌ عنها والأصول وباب التعارض من علم الأصول ببابك, اقرأ هذه كتب الأصول اقرؤوا.

ولذا واقعاً يتربى الطالب بعد عشرين عام بعد ثلاثين عام, فقيه جيد إن قبلنا, وإلا يوجد عندنا شكٌ كثير في هذه, فقيه جيد يصير في كتاب الصلاة في كتاب الطهارة في كتاب الصوم قد يحل الإشكالية, أما بمجرد أن تخرجه من هذا وتنقل له روايتين متعارضتين في باب العقائد, فيوجد عنده حل أو لا يوجد عنده حل؟ لا يوجد عنده.

في باب التفسير يقولون له رواية هكذا واردة ورواية هكذا واردة في ذيل الآية ماذا تقولون أنتم؟ تجدون يشرقون ويغربون لماذا؟ لأنه لا توجد ضوابط منقحة كما نقحت في الأبحاث الفقهية. على أي الأحوال.

ونحن أيضاً الآن الإخوة كما أقول مرة ومرتين وثلاث بقدر إعانة الأعزة على حضور الدرس, أنه ندخل في القسم الذي هو البحث الفقهي, وإلا إذا أردنا أن ندخل عوامل ومناشئ الاختلاف أو الأحاديث العقائدية, عوامل وأسباب اختلاف الأحاديث التفسيرية, له بابٌ كاملاً يختلف عن هذا الباب, وله مناشئ وله عوامل وله ظروف كاملاً تختلف عن باب الفقه, في باب التفسير نجد روايات اختلفت نستطيع أن نحملها على التفسير والتأويل, أما في باب الفقه الأصغر لا نستطيع أن نحملها على التفسير والتأويل, هناك لابدَّ أن نميز هذه الرواية التي صدرت من الإمام في تفسير الآية كانت تفسيراً للآية أو كان بيان بطناً من بطون ماذا؟ لأن الآيات فيها بطون سبعة سبعين إلى آخرها, لابدَّ أن نعرف الضابط أن الإمام بصدد تفسير الآية, بعبارة أخرى: بصدد بيان تنزيل الآية أم بصدد بيان تأويل الآية, إذا لم نلتفت إلى ذلك هناك نقول وقع التعارض مع أنه لا تعارض, لماذا؟ لأن الإمام الأوّل أو الجواب الأوّل يتكلم عن ظاهر الآية عن تفسير الآية عن تنزيل الآية والجواب الثاني يتكلم عن ماذا؟ عن تأويل الآية ولا تنافي بينهم, ولكنك تجعل أحدهما في عرض واحد تقول تعارضا. هناك له معنى أن نقول >أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم< واقعاً هؤلاء عقائد يريدون, يستطيع الإمام (عليه السلام) الكل يتكلم معهم على مستوىً واحد في العقائد يستطيع؟ أما في الفقه كيف؟ نعم يستطيع لأنه الكل الصوم واجب عليهم هو يختلف الناس يعني هذا عن هذا؟ لا أبداً لا يختلف, في الواجبات في المحرمات يوجد اختلاف بين الناس, رسول الله وأنا وأي واحد آخر يتساوون في الواجبات والمحرمات, إذن لا معنى لأن نكلمهم على قدر عقولهم, مع الأسف الشديد كثير من الأعلام هذه القاعدة جاؤوا بها أين؟ في الفقه, مع أنها ليست مرتبطة بالفقه هذه مرتبطة بالبحث العقائدي والاختلاف الموجود في البحث العقدي.

ولذا قلت: بأنه نحن نحاول بقدر ما يمكن أن نقف على هذه العوامل المرتبطة بالبحث الفقهي, أما العوامل المرتبطة بأبحاثٍ أخرى يعني البحث التفسيري البحث العقدي له مجالٌ آخر, الإخوة إذا أرادوا بيني وبين الله أيضاً نقف عندها قليلاً فقط لتتضح الصورة والرؤية عن الأعزة, وإلا البحث التفصيلي له مقامه الخاص به.

تعالوا معنا إلى ما يرتبط بالبحث الفقهي.

ما يرتبط بالبحث الفقهي, العوامل المذكورة في المقام, نحن بحسب فهمنا يمكن أن نقسمها إلى قسمين:

القسم الأوّل: هي تلك العوامل التي هي في الواقع لا يوجد تعارض ولكن نحن نتوهم التعارض.

القسم الثاني: هي لا, في النتيجة يوجد تعارض فلابدَّ من وجود علاج لذلك التعارض.

أما القسم الأوّل: يعني ماذا القسم الأوّل؟ يعني تلك الأمور التي نحن نتوهم أنه تعارض اختلاف وفي الواقع لا يوجد اختلاف, أنا أعنون هذه وأضرب لكل عنوان منها مثال أو مثالين إن وسعنا الوقت.

العامل الأوّل: النظر إلى الزمان والمكان لفهم ذلك الحكم, ومرادنا من الزمان والمكان يتذكر الأعزة الذين حضروا عندنا قبل ثلاث أربع سنوات, ليس مرادنا من الزمان والمكان معناهما العرفي أو الفلسفي, لا لا, مرادنا مجموعة الظروف التي أحاطت بصدور هذه الرواية, هذه الظروف أعم من أن تكون ظروف الراوي وظروف المعيشة وظروف الحياة الاجتماعية وظروف الحياة السياسية وظروف الحياة المادية, هذه مجموعة الظروف الإمام عندما قال أفعل أو لا تفعل, لا يحق لك أن تجرد الجواب عن هذه الظروف, كيف لا يحق لك أن تجرد إذا قال قصر تجرده عن السفر, لا لا, قال: قصر أين؟ والسفر ظرف من الظروف, مسافر غير الحاضر, كيف هناك لا تجرد, تقول هذا موضوع وهذا موضوع آخر, لظرفٍ آخر, كذلك هناك مجموعة من الظروف.

أمثلة:

المثال الأوّل: هذا المثال الذي هو جدُ لطيف, هذا المثال وارد في (أصول الكافي) الذي هو مثال ابتلائي وكثيراً ما يقع السؤال عنه, ما هو السؤال؟ أنا استطيع سنوياً أذهب للعمرة وأذهب للحج طبعاً المستحبي, للعمرة الآن قد يكون عمرة عنده واجب نذر, الآن ذاك بحث آخر, أو حج الصرورة ذاك بحث آخر, لا كما الآن, أنتم تجدون الآن سنوياً فقط من إيران لا أقل من ثمان مائة ألف إلى مليون إنسان يسافرون إلى ماذا؟ إلى العمرة, وأنت إذا حسبت هؤلاء كم يصرفون كونوا على ثقة تتجاوز المليارات الدولارات تنصرف على زيارة العمرة, يعني لو يصرف مليون إنسان لو يصرفون ألفين دولار يصير اثنين مليار دولار, الآن أنت احسب اثنين مليار دولار كم مدرسة ومستشفى ومراكز خدمية وإعانة الفقراء وزواج, تجد أصلاً تعين دولة كاملة, أو ما يجري في شعائر الإمام الحسين الأربعينية والعشرة وكذا هذا الإطعام الذي يصير على مئات الكيلومترات والأعزة الذين ذهبوا إلى العراق ينقلون أمور فوق حد التصور من حيث المصاريف هذه كلها بيني وبين الله ما هي؟ مستحبة في نفسها, ولكن هذه مطلقاً مستحبة أم تابعة للظروف؟ الآن أنا أقرأ لك رواية أنظروا الإمام ماذا يقول ولو كنّا نطبق هذه الرواية والله وضعنا كان يختلف عن هذا الوضع, الرواية: >عن أبي عبد الله الصادق< التفتوا إلى المسألة >سأله رجلٌ وأنا حاضر, فقال: يكون لي الغلام فيشرب الخمر, ويدخل في هذه الأمور المكروة< لم أكن راضياً عنه >فأريد عتقه< قربة إلى الله ثواب أحصل, الآن أنا ما استطيع أن أحصله فأهدي للمسجد -بتعبيرنا- نعطيه للمسجد فاليذهب حتّى نتخلصه منه, >فأريد عتقه< التفت إلى النص >فهل عتقه أحب إليك أو أبيعه وأتصدق بثمنه< أيهما ثوابه أكبر, كاملاً الوضع الذي أيهما أفضل أذهب لعمرة مستحبية وحج مستحبي وأصرف خمسة آلاف دولار أو هذه خمسة آلاف دولار أعين بها عشرة عوائل لستة أشهر؟ هذا مستحب وذاك مستحب, أيهما أفضل؟ هذا الإطعامات بمئات الملايين أو المليارات أفضل أو أنه لكذا وكذا أفضل؟ الآن أنا أتصور إذا كنّا ننطلق من نظرية المطلق أقول لا, الأفضل هو العتق في سبيل الله, الأفضل هو التصدق, أنظروا الإمام (عليه السلام) ماذا يجيب أنت والحكم لك؟ >فقال: إن العتق في بعض الزمان أفضل وفي بعض الزمان الصدقة أفضل< المراد من الزمان يعني هذه الساعة التي أنت لبستها الآن أو المراد بالزمان ماذا يعني هل الساعات؟ الظروف التي أنت تعيشها في منطقتك في حيّك في بلدك في .. أين تعيش أنظر إلى الوضع العام, فتارةً هذا يكون أفضل وأخرى ذاك يكون أفضل, مسجد, بلي والله بالله ثواب المسجد عظيم عند الله ولكن بيني وبين الله في منطقتك أربعة مساجد موجودة والتراب أيضاً يأكلها فأنت تحتاج إلى مسجد أم تحتاج إلى مستوصف أو مدرسة أو مركز رياضي ترفيهي أيهما أفضل؟ لم يقل أحد بأنَّ المسجد, لا يوجد, عجيب هذا يمنع عن بناء المساجد, لا والله أنا لا أمنع هذا الإمام الصادق يقول: >أنظر أيهما أفضل وأيهما أحسن<.

أنظروا هذه الثقافة الآن موجودة في واقعنا الشيعي أو لم توجد؟ طبعاً في الواقع السني في كثير منه موجودة يكون في علمك, بدؤوا يفهمونها أولئك, ولكن في واقعنا الشيعي إلى الآن؟ أنت أمامك -ما أريد أن أأتي بالأسماء- أنظر إلى حولك الآن أينما تضع رأسك تجد خمس مؤسسات, مع أنه هؤلاء الطلبة المساكين الموجودين في هذا البلد -قلت لك ما أريد أن أأتي بالأسماء- بينك وبين الله فقط يحتاجون إلى مؤسسات أم مراكز أخرى محاجين أين يذهبون؟! ولكن لأن الثقافة ليست هذه الثقافة, أنظر الإمام, قال: >إن العتق في بعض الزمان أفضل وفي بعض الزمان الصدقة أفضل< التفت >فإذا كان الناس حسنةً حالهم فالعتق أفضل< الناس وضعهم الاقتصادي جيد مرتب منظم مدخولهم شهرياً لا توجد عنده حاجة, لا أنه عشرة أيام وتنتهي أمواله ولا يعلم من أين يداين, هذه العتق أفضل لماذا؟ لأنه لم تكن محتاجة الناس, >فإذا كانوا شديدةً حالهم فالصدقة أفضل< أما إذا كانوا معوزين محتاجين فقراء, >وبيع هذا أحب إلىّ إذا كان بهذه الحال< بيع العبد أفضل, عجيب العتق في سبيل الله, يقول لا لا تعتق دعه على جانب اذهب وبيع, عجيب منّاعٌ للخير يصير الإمام, عتقٌ في سبيل الله أم بيع؟ طيب هذا يصير حر, يقول لا لا, دعه يكون عبداً اذهب وبعه, لماذا؟ لأن القضية قضية.

سؤال: الآن أريد أن أبينك التفت, لو وردت هذه الرواية ليست هنا, رواية قالت: البيع أفضل ورواية قالت العتق أفضل, أنت جنابك ماذا تقول؟ تعارض, مع أنه في الواقع تعارض الإمام أو مكان الذي قال العتق أفضل لأنه >حسنةٌ حالهم< والمكان الذي قال البيع أفضل لأنه >شديدةٌ حالهم< إذن يوجد تعارض أو لا يوجد تعارض؟ ولكن جنابك أنت جئت وجرّدت الحكم عن زمانه صار في ذهنك المبارك الإمام يقول تعارض, كيف يقول هذا, تعالوا نجعل جمع عرفي, تعالوا تخيير, تعالوا عرض على الكتاب.

ولهذا أنا قلت وأقولها, قلت: لا نُعد الفقيه فقيهاً ما لم يكن محيطاً بالزمان والمكان, أصلاً ليس فقيه, أصلاً فقه آخر يصير, لا علاقة له بالواقع الاجتماعي أبداً, فقه هو, جالس في عالم التجرد في عالم الفضاء المطلق يكتب فقه, هذا الفقه مرتبط بالناس أو لم يكن مرتبطاً بالناس؟ لا ينفع الناس شيئاً. هذا مورد.

أقرأ مورد آخر وإن كان طال على الأعزة. لا, دعوه إلى غد.

والحمد لله رب العالمين.

  • جديد المرئيات