بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
من الحقائق الثابتة في عملية الاستنباط أي الاستنباط الفقهي هو أنّ هناك مجموعة من المطلقات والتي لها مقيدات, وأنا أتصور لو أخذنا هذا العنصر من عملية الاستنباط لعله لا يوجد لنا فقهٌ بهذه الصيغة وإنما يكون الفقه بصيغة أخرى.
ولذا صرح جملة من الأعلام بأنه من ضروريات عملية الاستنباط صدور مطلقات من الشارع وهذه المطلقات لها مقيدات.
طبعاً هذا بحث إذا وفقنا إن شاء الله تعالى أن نكون في خدمه الإخوة, ننظر إلى هذا البحث من زوايا أخرى غير الزاوية التي ينظر إليها الأعلام, لأنّ الأعلام عندما جاؤوا إلى بحث المطلق والمقيد بحثوه من هذه الزاوية فقط وهي: أنّه إذا كان هناك مطلقٌ وورد عليه مقيدٌ فنحمل المطلق على المقيد.
ولم ينظروا إلى أنّه المطلق واحد, والمقيدات مائة, أو أن المطلقات مائة والمقيد واحد, يعني من حيث الكم لا يؤثر عندهم المقام على الإطلاق ولم يعقدوا له بحثاً أصلاً, لو فرضنا أن كل الأبحاث فيها مطلقات عشرات مئات المطلقات عندنا لكن رواية بتعبيرنا نص ونص فيها ظاهرة التقييد يحملون كل هذه الظهورات القوية المتواترة ببركة ماذا؟ هذا صحيح أو لا, الآن هذا بحث في محله, هذا بحث الذي يستحق أن نقف عنده ولم يعنون في كلمات علمائنا الأصوليين.
البحث الآخر: في المطلق والمقيد الذي لم يعرضوا له, هو أنهم لا ينظرون أن المطلق متقدم والمقيد متأخر أم أن المقيد متقدم والمطلق متأخر, يعني أغفل البعد الزماني, ليس الزمان بحسب الاصطلاح عندنا يعني: الظروف, لا لا, مرادنا التقدم والتأخر مع أنّه هذه قضية جديرة بالبحث أنه واقعاً إذا تقدم المطلق, طيب بطبيعة الحال وجاء مقيد بعد ذلك نقيد المطلق بهذا المقيد, أما إذا انعكس الأمر كان المقيد سابق وجاء المطلق متأخر, فهل أيضاً نقوم بهذا العمل أو لا نقوم؟ هذا ثانياً.
النقطة الثالثة -التي هي جديرة بالبحث ولم يعرضوا لها- وهي: أنه لا يهم أن يكون المقيد الذي يأتي يأتي بعد المطلق بسنة واحدة أو شهر واحد أو يأتي بمئتين وخمسين سنة, يعني أن البعد الزماني أو قصر المدة الفاصلة بين المطلق والمقيد هذا لا عناية لأعلامنا بذلك, الآن هذه هي خصوصيات البحث الموجود بشكل عام أنا أشير إليه.
ولذا قلت: أن بحث المطلق والمقيد لابد أن يقرأ من زوايا أخرى لا فقط هذه الزاوية الموجودة أنه أساساً المطلق ما هو, هل الماهية اللابشرط القسمي, هل الماهية اللابشرط المقسمي, هل الماهية بشرط لا, هل الماهية لا بشرط, هذه الأبحاث التي أدخلوها جاؤوا بها من الفلسفة إلى علم الأصول. ولا علاقة – مقدمةً أقول بحسب الفتوى- لا علاقة لهذا البحث الفلسفي بعلم الأصول لا من قريب ولا من بعيد. لماذا؟ باعتبار أن تلك أقسام الماهيات الحقيقية والصلاة والصوم والحج وغيرها هذه ماهيات حقيقية أو ماهيات اعتبارية بيد الشارع؟ طيب من الواضح أصلاً هذه أين وتلك أين؟ إلا أنه يريد لا, يستحدث اصطلاحاً خاصاً بهم ما عندنا مشكلة, أما تلك الاصطلاحات من الماهية بشرط شيء والماهية بشرط لا والماهية لا بشرط واللابشرط القسمي أو المقسمي أو الماهيات المهملة هذه كلها أقسام الماهيات الحقيقية, يعني: الإنسان, السماء, الأرض, الملك, الجنة هذه ماهيات حقيقية, يعني: لها ما بإزاء خارجي, يعني: بعبارة أخرى: معقولات أولية لها ما بإزاء خارجي, أمّا صوم, وصلاة, وحج, وزكاة وباقي العناوين التي جعلها الشارع هذه ليست من الماهيات -وهذا هو الذي أشرنا إليه يتذكر الإخوة في الأبحاث السابقة- قلنا: تداخل الأبحاث الحقيقية مع الأبحاث الاعتبارية, أحكام الماهيات الحقيقية وسريانها إلى الماهيات غير الحقيقية, الماهيات العقلائية, الماهيات المجعولة, الماهيات الشرعية, الحقائق الشرعية, أو المتشرعية, عبر عنها ما تشاء, إلا قلت لكم أنه يقولون لنا اصطلاح خاص ولكن نحن نريد أن نستفيد من تلك الاصطلاحات لا محذور, أما أن تسري أحكام الماهيات الحقيقية إلى الماهيات غير الحقيقية, هذا من الواضح أنّه خلط في المنهج المعرفي ولا ينبغي أن يكون كذلك, ولكنه حصل.
أنتم إذا تتذكرون الإخوة يقيناً على ذكر, عندما قرؤوا أصول المظفر يمكن بقوا شهرين ثلاثة يبحثون في أقسام الماهيات, تتذكرون لعله من أوسع الأبحاث في أصول المظفر, أقسام الماهيات, وهذا تبعاً لماذا؟ باعتبار أن المظفر تلميذ المحقق الأصفهاني, والمحقق الأصفهاني أساساً تكوينته تكوينة فلسفية فلهذا تلك الأبحاث جاءت إلى الطالب المسكين الذي لم يقرأ من الأصول إلا معالم الأصول أو أساساً داخل في الأصول مباشرة مع ماذا؟ أصول المظفر, والله يبقى أشهر وليالي هو لا يعلم ماذا يقول هؤلاء, حتى الأستاذ لا يعلم – في الأعم الأغلب- لأن هؤلاء لم يدرسوا منطق بذاك المعنى ولم يدرسوا فلسفة بذاك المعنى, والمنطق الذي قرؤوه فقط الجزء الأول والثاني من منطق المظفر والجزء الثالث الذي هو البرهان وأقسام البرهان أساساً له ضرورة في الحوزة أو ليس له ضرورة في الحوزة؟ لا ضرورة لها في الحوزة, هذا القدر قرأه ويريد أن يدرس أصول المظفر التي هي أبحاث فلسفية منطقية معمقة ولا علاقة, والطالب عادة في كذا مرحلة لم يدرس أصلاً فلسفة حتى يعرف هذه الاصطلاحات. ولذا تجدون عموماً هذه المشاكل توجد عندنا في الحوزات أسبابها هذا الخلط المنهجي هذا عدم الوضوح في ترتب الأبحاث. أرجع إلى بحثي.
إذن إخواني الأعزاء, قلت لكم: لابد أن ينظر إلى بحث المطلق والمقيد من زاوية أخرى وطريق آخر وبحث آخر وبحث منهجي آخر, هذا إن شاء الله تعالى إذا أعانونا الإخوة نضع درس أصول نبحث هذا البُعد أو كلاهما لا أقل, نقول على مباني القوم هكذا يبحث ولكن على هذه المباني هكذا يُبحث وأساساً لا علاقة لنا بهذه التفصيلات.
هذه من أهم مقومات عملية استنباط الحكم الشرعي عندنا هي مسألة وجود المطلقات ووجود مقيداتٍ لهذه المطلقات, ولذا في عبارة للسيد الإمام -والكتاب ما كان عندي- أنقلها من هذه الملزمة -التي هيئها لنا شيخ سعد- في (ص9, من الملزمة, من كتاب الطهارة للسيد الإمام, ج1, ص261) الإخوة الذين عندهم هذا الكتاب, يقول: [وليُعلم أنّ المطلقات على ضربين: المطلقات الملقاة على أصحاب الكتب والأصول, وهي كثيرةٌ وعليها مدار الفقه] الآن توجد نكتة في هذا الكلام الآن ليس بحثي في الأصول وإلا كان وقفت عندها الحق والإنصاف نكتة جديرة بالاهتمام, يقول المطلقات على قسمين: مطلقات صدرت من الأئمة لمن هم من أصحاب الأصول الأربعمائة, كلامٌ السائل من؟ واحد من الأصول الأربعمائة وهي كثيرة, [وثانيهما: ما يلقى على غيرهم ممّن كان محتاجاً في مقام العمل] نكتة جداً جديرة بالبحث, يقول: أساساً عندما تأتي أنت وترى هذا الكلام مطلق أو لا, أنظروا السائل من هو؟ هل السائل من أصحاب الكتب والمصنفات الأربعمائة, أو السائل إنسان عادي الآن يريد أن يعمل؟ طيب إذا كان من الطبقة الأولى يمكن أن يُفرض له المطلق وبعد ذلك له ماذا؟ ولكن إذا كان من الطبقة الثانية فلو لم يذكر له المقيد, طيب يلزم أنه تأخير البيان عن وقت الحاجة, لان هذا يريد الآن يعمل وأنت تريد أن تذكر له المطلق تقول له الآن انتظر إن شاء الله بعد مائة وعشرين سنة يأتيك ماذا؟ هذا ليس بمنطقي هذا, الآن ممن من عندنا في علم الفقه واقعاً عندما يأتي إلى المطلقات ينظر إلى الذي سأل والإمام, الآن هذه نكتة الآن صحيحة أو غير صحيحة هذا في علم الأصول, ولكن أريد أن أقول النكتة التي يريد أن يشير إليها السيد الإمام.
يقول: [وليُعلم أن المطلق على ضربين: أحدهما القسم الأول والثاني القسم الثاني] ثم يقول: [بخلاف الضرب الأول] يقول هناك المطلقات يمكن أن تأتي لها مقيدات بخلاف الضرب الثاني فإنه لو تأخر المقيد يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة [فإن إلقاء المطلقات والعمومات على أصحاب الكتب والأصول إلى ما شاء الله] بل أساس عماد وقوام فقهنا قائم على المطلقات والمقيدات, [مع بيان مقيداتها ومخصصاتها منفصلة ببيانٍ مستقلٍ] الآن لماذا الشارع فعل ذلك؟ يقول: [لأغراضٍ, ومصالح منها فتح باب الاجتهاد والدراسة] حتى يعلموننا طريقة البحث والدراسة, الآن هذا قلت لكم هذه كلها فتاوى من السيد الإمام, [ومنها وفيهما من البركات وتشييد مباني الدين إلى ما شاء الله, ففيها يكون تقييد المطلق وتخصيص العام رائجاً وعليه بناء فقه الإسلام] لا فقط فقهنا, فقه الإسلام قائم على هذا الأصل, [ورفع اليد عنه مستلزم لتأسيس فقهٍ جديدٍ كما لا يخفى على المتتبع] يعني إذا أردنا أن نرفع هذا العنصر من عملية الاستنباط يعني وجود المطلقات والمقيدات بعد ذلك, واقعاً لكتبنا فقهاً آخر وهو كذلك. وهو كذلك يعني أن دور وجود المطلقات وورود المقيدات عليها بعد ذلك يمثل عنصراً وركناً أساسياً في عملية الاستنباط, وهذا مما لا يشك فيه أي ناظر في هذه الأبحاث الموجودة في الفقه والأصول.
الآن بحث التفتوا جيداً -هذه كمقدمة كنا نريد أن ندخل إلى البحث- بحثنا: نحن ماذا نقول؟ الجواب: أو في مقام الجواب عن هذا السؤال: نحن أيضاً لا نناقش الكبرى, نقول لا إشكال ولا شبهة أن الشارع في عملية الاستنباط في مقام بيان أحكامه الشرعية استند إلى هذه الطريقة, أي طريقة؟ طريقة أن يذكر المطلق ثم بعد ذلك يأتي, لعله لقائل طبعاً من حقك, يكون في علمك, من حقك غداً أنت تأتي وتجعل لك عملية استنباط ولكنه مستدل, وتقيم الشواهد والقرائن تقول أساساً لا هذه لم تكن طريقة الشارع في مقام بيان الأحكام الشرعية أبداً, من قال أن الشارع استند إلى هذا الأسلوب من أين جئتم به هذا, لا تتصورون أنه هذه القضية من الآيات المنزلة التي ما يمكن مناقشتها, أبداً أبداً, وإنما هؤلاء رجعوا قالوا وأهم دليل عندهم هو هذا يكون في علمكم, وهو أنه الواقع العقلائي والسير العقلائية قائم على هذا أن المطلق يأتي وبعد ذلك يأتي المقيد والشارع أيضاً أمضى هذه السيرة, ولذا إذا تتذكرون نحن قلنا في مقدمة التفسير في اللباب قلنا بأنه: أساساً عندما نريد أن ندخل إلى القرآن أو إلى أي نص ديني, التفتوا, لابد أن نعرف أن المتكلم ما هو منهجه في بيان الحقائق؟ واقعاً يستند إلى هذه الطريقة, يعني أن يذكر مطلقاً في آية ويذكر مقيدها في آية أخرى, أن يذكر المطلق في صدر الإسلام في السنة الأولى من البعثة ويذكر المقيد في السنة العشرين من البعثة, هذه هل هي طريقة البيان القرآني استند القرآن اعتمد مثل هذا المنهج أو لم يعتمد؟ هل اعتمد القرآن على منهج أنّه يريد أن يبين معارف استند إلى نفس القواعد الموجودة عند العرف لاقتناص الظهور من كلام متكلمٍ أو له طريق آخر في اقتناص الظهور ما هو؟ هذا لابد أن يتشخص أنت من حقك أن تقول أنا انتهيت إلى نتيجة أن القرآن مثل ما أنا وأنت نتكلم وأنت تستفيد من ظهور كلامي الله أيضاً هكذا تكلم, والعرف ببابك, من حقك هذا ولكن أنت لابد أن تستدل عليه لأنه في قبالك مناهج معرفية تفسيرية أخرى, يقول: أبداً, القرآن لم يعتمد هذا الأسلوب في بيان مقاصده, ولذا صار عندنا تفسير القرآن بالقرآن, أبداً أنت ليس من حقك أن تستند إلى المنهج المتعارف, هذه نظرية تفسير القرآن بالقرآن ماذا تريد أن تقول؟ تريد أن تقول هذا المنهج الموجود غير المنهج القرآني, المنهج القرآني يقول إذا أردت أن تفهم الكرسي عندي ارجع إلى ماذا؟ إليّ أنا المتكلم, لا أنه ترجع إلى المنظور الأفريقي, تقول لي طيب {نزل بلسان عربي مبين} نعم, يقول: {نزل بلسان عربي مبين} في بيان المفهوم التصوري لا في بيان المفهوم التصديقي ومصاديق تلك الحقيقة التصديقية, فرق كبير بين أنه يوجد عندك مفهوم تصوري وبين عندك دلالة تصورية ودلالة تصديقية, القرآن نعم لم يتجاوز الدلالة التصورية, {بلسان عربي مبين} ولكن الدلالة التصديقية أيضاً هكذا؟ هذا أول الكلام. مصاديق الدلالة التصديقية هكذا؟..
مصاديق الدلالة التصديقية لأنه من مصاديقه المادي, عندما نقول كرسي هذا كرسي, أو ليس بكرسي؟ كرسي هذا, عندما نقول عرش, طيب اذهب إلى اللغة ماذا يقول لك المصداق ليس المفهوم المصداق ما هو؟ يقول عرش الملك.
ولهذا تجد المجسمّة وجدوا شواهد في القرآن, المجسمّة والله وبالله لم يأتوا لغة (السنسكريت) أبداً قالوا القرآن يقول {وسع كرسيه} طيب هذا أيضاً الكرسي, {ألم يعلم بأن الله يرى} طيب مصداقه عندي وعندك ماذا؟ طيب هذه الرؤية نرى, فالله أيضاً ماذا عنده؟ موسى أيضا قال {أرنى الله جهرة} طيب أيضاً طلب الرؤية, تقول لا والله هذه الرؤية القلبية, يقول والله هذا الظهور خلاف ظهور الآية, {يد الله فوق} عمي أين اليد؟ اشرح المفهوم واذهب أنت واقرأ المصداق تجد هذه اليد. {أينما تولوا فثم وجه الله}, {بل يداه مبسوطتان}, {يأتي ربك}, غضب فرح … إلى آخره, نظرية المشبهة والمجسمة من هنا جاءت.
إذن لابد أن نعرف أن المنهج الذي اعتمده أساساً الشارع يعني النبي وأئمة أهل البيت في بيان الأحكام ما هو المنهج؟ ولذا أنا مراراً ذكرت لكم ولعله من أفضل التعبيرات, أن السيد الشهيد+ قال: [أن علم الأصول منطق علم الفقه] يعني ماذا؟ يعني المنهج الذي يُعتمد لفهم استنباط الحكم الشرعي, هذا هو المنهج.
لذا نحن من حيث الكبرى ما عندنا شك أن الشارع اعتمد على هذه المرحلة, الآن في علم الأصول لنا بحث آخر, الآن نتكلم الآن ما أريد هذه الكبرى هذا الأصل المفروغ عنه أناقشه هذا ضعوه في محله, أنّه اعتمد بيان المطلقات اعتمد على طريقة بيان المطلق ثم بيان ماذا؟
إنما الكلام كل الكلام الذي عندنا مع الأعلام في هذه القضية, التفتوا جيداً, إذن أصل الكبرى نحن ما عندنا بحث فيها الآن في هذه المرحلة, بحثنا هذا, وهو متى ينعقد الإطلاق في الكلام؟ ما أدري واضح أو لا؟ يعني نقول هنا هذا مطلق, هذا النص مطلق ما هي الشروط التي لابد من توفرها حتى نقول إذن صار النص مطلقاً وليس النص مقيداً, يعني إثبات المقتضي لأنه بعد ذلك إذا جاء المقيد يكون مانعاً عن الإطلاق, نحن الآن كلامنا في ماذا؟ في الحيثيات التي بها يتم اقتضاء الإطلاق, هذا الذي علمائنا في بحث الأصول بحثوا عنه عبروا عنه بماذا؟ بمقدمات الحكمة, مقدمات الحكمة التي ذكرها الأصوليون في كلماتهم هي لبيان الشروط التي لابد من توفرها لإثبات اقتضاء الإطلاق في الكلام, وما لم تتوفر هذه الشروط بعد المقتضي موجود أو غير موجود؟ غير موجود, طيب ما هي الشروط؟ ثلاثة شروط ذكروا, بنحو الإجمال أشير إليها, بنحو الإجمال هذه الشروط الإخوة الذين يريدون أن يراجعوها كل الأعلام الآن يزود قيد ينقص قيد ليس مهم هذا.
هذه في (تقريرات سيدنا الشهيد+, تقريرات السيد الهاشمي, ج3, ص417) يقول: [وقد ذكر المحقق الخراساني في مقام بيان مقدمات الحكمة ثلاث مقدمات] طبعاً السيد الخوئي أضاف إليها مقدمة بسبب أنه على مبناه بأنه أساساً هل يمكن بيان القيد أو لا يمكن؟ لأنه بعض الأحيان أصلاً بيان القيد يمكن أو لا يمكن؟ على مبناه أن التقابل بين الإطلاق والتقييد كذا في بعض الأحيان أن بيان القيد ممتنع عنده, ولذا اشترط قيداً آخر, قال: [أن يكون بيان القيد معقولاً] هذا أيضاً مربوط بالبحث أنه علم حقيقي أو علم اعتباري؟ فإن كان حقيقياً لأنه يقول بأنه يمكن, لأنه يطبق قواعد الاستحالة والدور والتسلسل, فإن قلنا حقيقي بلي, وإن قلنا اعتباري يقول أصلاً هذا الشرط لا حاجة, انظروا تأثيره سيال هذا الذي ذكرناه في أول البحث.
يضيف مقدمة إضافية التي الإخوة إن شاء الله يراجعوه في المحاضرات, هذا القيد الأول, وهو: [أن يكون المولى في مقام البيان لا في مقام الإهمال] فقط افتح لي قوس: (وهنا الأعلام كلمة واحدة بشكل عام الآن ما أريد هكذا مطلقات بهذا الشكل, كلمة واحدة قالوا القرآن ليس في مقام البيان, فكل الآيات التي وردت في بيان الأحكام في القرآن ماذا فعلوا لها؟ فلا يمكن استفادة لا الإطلاق منها ولا العموم منها ولا أبداً.. وإنما هي فقط في بيان أصل ماذا؟ بتعبيرهم أصل التشريع, وليس في مقام بيان الإطلاقات حتى أنت تتمسك هكذا بـ{أقيموا الصلاة} هذا بحث. ولذا تجدون في عملية الاستنباط عموماً أنتم المطلقات, إلا في جملة من الأحيان, والسيد الشهيد تنظرون إليه يقول عندنا العموم الفوقاني الذي هو الآيات القرآنية – ما أريد أن أشوش على ذهن الإخوة- الآن دعونا في بحثنا).
المقدمة الأولى: أن يكون المولى في مقام البيان؟ يعني ماذا في مقام البيان؟ يعني يتكلم في مقام البيان عن تلك الحيثية التي يريد أن يبينها, لأنه قد يتكلم عن شيء وذلك الشيء فيه حيثيات متعددة, فالمولى لابد أن يكون في مقام البيان, طبعاً يقولون لا يمكن أن يكون في مقام البيان من جميع الحيثيات, لابد أن نذهب نحرز أنه من أي حيثية يتكلم المولى؟ هذه مقدمة.
المقدمة الثانية: التي واردة في (ص418) المقدمة الثانية: وهي [أن لا ينصب قرينة على التقييد].
الآن الخراساني يقول لا ينصب قرينة متصلة على التقييد, النائيني يقول لا, أعم من أن يكون متصلة وأن تكون منفصلة, الآن هذه المنفصلة أيضاً بعد ستة أشهر بعد ساعة بعد ست سنوات بعد ستين سنة بعد مائة وعشرين سنة, يوجد فرق أو لا يوجد فرق؟ لا يوجد فرق, قصر الزمان وطوله أي لا يؤثر على المقام.
المقدمة الثالثة: أن لا يكون بين الأفراد متيقن في مقام التخاطب.
هذه المقدمات الثلاث.
فإذا لم يكن هناك ماذا؟ كان المولى في مقام البيان ولم ينصب قرينة, أي قرينة هنا؟ القرينة اللفظية, لم يذكر بأنه أريد كذا أكرم العالم العادل, قال: أكرم العالم, قيد كلامه أو لم يقيد؟ لم يقيد كلامه بأي قيدٍ, الآن تعلمون في علم الأصول الآغايون كلهم قالوا بأنه أساساً هل وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب يمنع عن الإطلاق أو لا يمنع من الإطلاق؟ قالوا لا يمنع عن الإطلاق, هل الانصراف إلى بعض الأفراد يمنع عن الإطلاق او لا يمنع عن الإطلاق؟ قالوا لا يمنع عن الإطلاق.
لذا عنده بحث في (ص424) بحث مفصل [أن القدر المتيقن في مقام التخاطب لا يضرب بانعقاد الإطلاق] إلى أن يأتي في (ص431) يقول: [وأن الانصراف أيضاً لا يمنع من الإطلاق]. الآن الآغايون هنا أيضاً دخلوا في بحث مفصل أن هذا الانصراف قد يكون سببه التشكيك ودخلوا في بحث التشكيك الفلسفي, هنا بحث أنه بعض الأفراد قد تكون أوضح مصداقاً وبعض الأفراد قد تكون أخفى مصداقاً, هذا ما ذكره الأعلام بنحو الإجمال تفصيله يراجعون.
سؤال: هل يوجد في كلمات هؤلاء جميعاً -أرجعوا إليها- أنه ننظر إلى الظروف الموضوعية التي صدر فيها هذا الكلام أو لا يوجد؟ يعني أنا عندما أقرأ هذا الكلام هذا المقطع هذا اللفظ الصادر من الإمام هل عليّ أن أذهب إلى الشروط والظروف الموضوعية والاجتماعية والسياسية التي صدر فيها هذا النص هل له مدخيلة أو ليس لذلك مدخلية في فهم هذا النص الصادر أي منهما؟ وهنا أقول لكم بشكل واضح وبضرس قاطع: أن المنهج الاستدلالي القائم في حوزاتنا بشكل عام تجريد النصوص عن الظروف التي صدر فيها النص, أبداً لا علاقة له, ولذا أنت أساساً أنت لا تنظر إذا تتذكر في المقدمة قلت, لا ينظر أن المتكلم كان في عصر في سنة العشرين من الهجرة أو كان في سنة مئتين وعشرين من الهجرة, أبداً يقول لا علاقة لي أصلاً, أنا عليّ ماذا؟ عندما قال لي الشارع, لأنه بعد ذلك نريد أن نطبق, قال الشارع: >أجر المغنية سحت< أنا لا علاقة ليّ أن هذا النص في أي ظروف صدر, أنا أذهب إلى معنى الغناء أين؟ في كتب اللغة, ولم يقل المغنية المحرم, قال مغني, الآن تريد أن تغني باللهو والطرب أو تريد أن تغني بآيات قرآنية, لأنه غناء أو ليس بغناء, لأنه أنت في بعض الأحيان تسمع بعض الذين يقرؤون أو يرثون أو ينشدون تقول والله هذه لفلان, هذا اللحن لحن ماذا؟ لحن فلان, (حيف هذا يسجل وإلا لقلت لكم والله هذا لفلان وهذه لفلان) هو يقول لا علاقة لي آيات كانت مراثي كانت.
ولذا تتذكرون أن السيد الإمام ماذا قال؟ قال: [يقع التعارض بنحو العموم من وجه بين الأدلة الدالة على حرمة الغناء وبين الأدلة الدالة على استحباب قراءة القرآن والمراثي] لماذا؟ لأنه فرض أن الأدلة الدالة على حرمة الغناء ما هي؟ مطلقة, هذا الإطلاق من أين أخذه؟ أخذه من كتب اللغة, لأنه الرواية قالت: >أجر المغنية سحت<. المغنية عملها ماذا؟ عملها حرام.
المنهج القائم عندنا الآن, ولذا هذا المعنى أنا ذكرته في مقدمة لا ضرر, لا أقل قبل عشرة سنوات, يعني بحسب الكتابة وإلا لا شيء آخر, بحسب الكتابة التي هنا موجودة عندي, هذه (ص58, من المقدمة, مقدمة لا ضرر) [ولعل واحدة من أهم تلك المسلمات هو تجريد النصوص الواردة عن الرسول الأعظم وأئمة أهل البيت عن الظروف الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات التي كانت تحكم الناس في ذلك الزمان وفهمها بمعزلٍ عن تلك الشروط التي صدر النص فيها, ولعل هذا التجريد للنص وعزله عن العوامل التي قد تكون دخيلة في فهمه يمكن أن يُعد من أهم المسلمات والأطر الفقهية] التي عبرنا عنها أنه من يخرج عنها يلزم تأسيس فقه جديد. [التي لم يقع فيها كلام عند أحد من علمائنا المتقدمين والمتأخرين بل كان هناك اتفاقٌ قطعي من جميع فقهاء الطائفة على اختلاف مشاربهم ومبانيهم الأصولية والفقهية على أن الاصل في هذه النصوص عدم مدخلية تلك الشروط الزمانية والمكانية والشاهد على هذه المقولة أننا لا نجد فقيهاً حاول أن يفهم النصوص الواردة عن الرسول والأئمة من خلال الأوضاع الاجتماعية والشرائط الاقتصادية, ولهذا لا يدخل أي فقيهٍ في حسابه أثر الزمان والمكان في فهم النص الشرعي وعلى أساسه يرى أنه مطلق أو ليس بمطلق].
إذن نحن ادعاءنا أن هذه الظروف ليست مقيدة, أساساً هذه الظروف لا تعطي مجالاً أن ينعقد ماذا؟ نعم, لا أنه, مطلق ولكنّ الظروف قيدته, المقتضي لا يتم. إذا أنت فهمت النص >أجر المغنية سحت< قلت أن الإمام ينظر إلى واقع اجتماعي معين, ينظر إلى ماذا؟ إلى هذه المغنيات التي كانت في زمن فلان وفلان, إذن فيوجد إطلاق لكل مغنية ما صدق مغنية لغة أو لا يوجد إطلاق؟ لا أنه لا يوجد إطلاق يعني وجود مانعية بعد تمامية الإطلاق, بل عدم وجود مقتضٍ لتمامية الإطلاق.
إذن نحن في مبانينا في المطلق والمقيد أيضاً نلتزم ولكنه واحدة من أهم شروط مقدمات الحكمة الظروف, وهذا الذي أشار إليه السيد الشهيد& بالأمس يتذكر الإخوة, السيد الشهيد بالأمس عبارته ماذا كانت؟ أعيدها مرة أخرى في (ص412 من اقتصادنا) هذه عبارته بشكل واضح وصريح ما هي عبارته؟ قال: [فمن الخطأ أن نعزل السلوك] لأنه هو كان يتكلم في التقرير, الآن أنا أقول من الخطأ أن نعزل النص, [المعاصر لعهد, ونعمم حكم ذلك بدون مبررٍ لكل سلوك وإن اختلف في الخصائص التي قد يختلف الحكم بسببها, بل يجب ان نأخذ بعين الاعتبار جميع الحالات الفردية والأوضاع الاجتماعية].
ولذا أنا هنا في بحثي قلت لا أجازف إذا قلت أن السيد الشهيد مع كل ما أكنّه له من احترام وتجديد في المباني الأصولية والفقهية والتفاته في كتاب اقتصادنا إلى هذه النكات, ولكنّه الفقه الذي كتبه, كتبه على أساس نفس المنهج المتعارف, لم يخرج عن إطاره, هذه عباراتي في ذلك اليوم كتبتها, قلت: [ولكن مع ذلك بقيت محكومة بنفس الأطر والمسلمات الفقهية الموروثة ولم تستطع تجاوز أو تطوير تلك الأسس, وهذا ما نجده واضحاً في الأبحاث الفقهية الاستدلالية التي أدلى بها شهيدنا, مع أنه كما هو واضح من الدراسات الفكرية العميقة التي قدمها في هذا المجال وخصوصاً في كتابه اقتصادنا, كان ملتفتاً جيداً إلى هذه الحيثية في عملية الاستنباط] ولكن عمل عليها أو لم يعمل عليها؟
الآن أنا لا أعلم واقعاً, ظروف الوضع العملي ما كان يسمح له ذلك, أو هو أساساً قناعته الداخلية كانت مانعة, لأنكم تتذكرون فيما سابق قال: [العامل الوجداني يمنع] ماذا؟ العامل الوجداني في كثيرٍ من الأحيان يمنع من العمل بمقتضى القواعد التي يصل إليها, لذا أنا قلت: [لأن هذه الحالة توجد عند الفقيه قناعةٍ وجدانيةٍ لا يمكنه بأي نحوٍ تجاوزها عملياً وإن نظر إليها] ماذا, الآن قد أنا أيضاً كذلك غداً أبتلي بنفس هذا.
إذن أين تظهر ثمرة ذلك؟ التفتوا جيداً في جملة واحدة أيضاً أشرت إليها, [ومن هنا نجدهم يوقعون المعارضة] على المنهج القديم [بين نص صدر في القرن الأول في سنة الخمسين من الهجرة, مع نصٍ آخر صدر في القرن الثالث] هذا خلفيته الأصل الموضوعي الذي يقوم عليه ماذا؟ أنه عزل عن ظروفه, هذا وذاك يتعارضان, ولهذا ندخل في باب التعارض من غير نظرٍ إلى الظروف الموضوعية التي صدر فيها النص الأول والنص الثالث, [ويقطعون النظر عن التطور الهائل الذي حصل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعلاقات التي كانت تربط بعضهم ببعض إضافة إلى التطور الفكري, أما عندما نأتي إلى نظريتنا وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عدم مدخلية تلك الظروف على مبانيهم وكان ينبغي بدل أن يوقع التعارض] بناءً على نظرية الزمان والمكان, [أن نرجع إلى الظروف الزمانية والمكانية التي صدر النص فيها, وحينئذٍ لو ثبتت وحدة الظروف والشروط لوقع] ماذا؟ أما إذا اختلفت الظروف يعني اختلف ماذا؟ قولوا معي اختلف ماذا؟ اختلف الموضوع يعني, ومع اختلاف الموضوع, إذا شخص مسافر نقول له صلي قصر, وإذا شخص حاضر يصلي تمام نوقع التعارض بينهما؟ عجيب, يوجد تعارض بينهما؟ يقول: لا, لا تعارض, لأن القصر لموضوع هو من؟ المسافر, والتمام لموضوع هو ماذا؟ لحاضر, ولذا الإخوة الذين كانوا معنا في بحث الزكاة وجدوا بأنه نحن قلنا بأن التي حصرتها في تسعة والتي قالت في شيء آخر, لا يوجد تعارض بينهما, فلا نحتاج إلى الحمل على الاستحباب وحمله على التقية لأنه فرضوا وحدة الظروف مع أن النصوص ليست كذلك ليست ظروفها واحدة, ما أدري واضح هذا المعنى الذي أقوله من الناحية المنهجية في عملية الاستنباط.
الآن إن شاء الله تعالى في البحث القادم يعني الأسبوع القادم سأقف عند بحث الغناء نموذجاً -بنحو الإجمال- وإلا ما نريد أن ندخل في بحث الغناء, حتى تعرفوا أنّ الظروف التي صدر فيها النص هل كان يؤثر على فهم النص الشرعي الوارد أو أن الظروف لا مدخلية لها في ذلك؟
والحمد لله رب العالمين.