نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (72)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا أنه لم يقع خلاف بين علماء المسلمين بل ادعى البعض بين علماء الأديان جميعا, أن الغناء محرم في الجملة.

    إنما الكلام في أنه محرم مطلقا أو أنه ليس كذلك؟ وإلا هناك قدرٌ متيقنٌ من تحريم الغناء, وأشرنا بالأمس أن حديثنا ليس في الاستماع وليس فيما يصاحب ويقارن الغناء وإنما في نفس الغناء بقطع النظر أنه يوجد له مستمع أو لا يوجد, يكون في مجلس لهو ولعبٍ وشهوةٍ وفجور أم لم يكن؟ من قبيل الكذب فإن الكذب حرامٌ من قبيل النظر إلى الأجنبية مع توفر الشرائط فإنه حرام في نفسه سواء في مجلس لهو أم لم يكن. إذن هناك قدر متيقن لم يختلف فيه أحدٌ من أعلام المسلمين, إنما الكلام كما قلنا في كم هو, هل هو مطلقاً أم أنه ليس كذلك؟ بنحو الإجمال يوجد اتجاهان في المقام:

    الاتجاه الأول: الذي يقول أن كل ما صدق عليه غناء فهو محرم. الآن سواء كان صدق عليه الغناء لغةً أو صدق عليه الغناء عرفاً وإن لم يصدق عليه لغةً المهم, ما هو مصداقٌ للغناء يُعد حرامٌ أصلاً, ولا يقبلون تقسيم الغناء بما هو غناء إلى أقسام قسم منه محرم, وقسم منه محلل, لا, يقولون الغناء هذا العنوان في نفسه من المحرمات, الآن على الخلاف الذي تقدم فيما سبق بين الأعلام أنّ المراد من الغناء فقط المادة والهيئة معاً أو أنه حتى لو كانت هناك هيئة بلا مادةٍ, تقدم بالأمس أن بعض الأعلام يقولون بشرط توفر هذين الركنين يعني الهيئة والمادة معاً, كما قرأنا عن السيد الخوئي+, وبعضٌ يقول كالسيد الإمام+ لا حتى لو كانت الهيئة بلا مادة, والآيات التي قالت بأنه قول الزور أو لهو الحديث ونحو ذلك, هذا محمولٌ على المصداق الغالب وبحثه إن شاء الله في الآيات سيأتي.

    إذن الخصوصية أو القدر المشترك بين هذه الأقوال في هذا الاتجاه يقول كل ما صدق عليه الغناء ولو عرفاً وإن لم يصدق عليه لغةً فهو محرمٌ, الآن ما هو دليل التحريم؟ الآن إما الإجماع إما الآيات إما الروايات هذا بحثه إن شاء الله تعالى سنعرض له.

    فإن قلت: إذن ماذا يقولون في الاستثناءات باعتبار أنه نحن عندنا استثناءات الغناء؟ الجواب: أن هؤلاء في الأعم الأغلب يصرون أن ذلك ليس خروج تخصيصي وإنما خروج تخصصي يعني موارد الاستثناء ليست من الغناء لا أنّه غناء ولكن أجازه الشارع, يعني قراءة القرآن بصوت حسن شجي محزن ونحو ذلك, هذا ليس غناء وإنما هو شيء آخر. أو في المراثي المرتبطة بالحسين (عليه أفضل الصلاة والسلام) وأهل البيت هذا ليس غناءً حتى يكون مشمولاً لأدلة حرمة الغناء.

    ولذا السيد الخوئي+ في (محاضرات في الفقه الجعفري, ج1, ص353) هذه عبارته هناك, يقول: [المستثنيات في الغناء, الأول: الغناء في مراثي أهل البيت واستدلوا لجوازه بسيرة العلماء والمتشرعة فإنهم يحضرون المجالس المنعقدة لمأتم أبناء الرسول ولا ينكرون على الخطيب ألحان قراءته وأطوارها] هذا الدليل جداً بتعبيرنا العراقي (جداً تعبان) وإلا كثير من المجالس الآن المتشرعة وأهل العلم يعقدوها لمناسبات مختلفة وفيها شتى أنواع الحرام, إذن حضور بعض العلماء أو بعض المعممين وحضور بعض المتشرعة هذا ليس دليل على أنّ العمل مشروع في نفسه, هذا ولذا هو أيضاً يقول: [وفيه هذا أن هذا لم يثبت اتصاله بزمان المعصومين ولعل الوجه] محل الشاهد هذا [ولعل الوجه عندهم في عدم الردع عدم صدق الغناء على تلك القراءات] يقول هذا الذي يصدر من هؤلاء في المراثي وغيرها لا أنه غناء ولكن استثني للدليل وإنما هو خارج, فالاستثناء منقطع, لا الاستثناء متصل, [عدم صدق الغناء على تلك القراءة, لعدم كون المادة لهوية وحينئذ يكون خروج المراثي بالتخصص لا التخصيص فلو فرض أنها من لحن أهل الفسوق لما أمكن التمسك لجوازها بسيرة المتشرعة وغيرهم].

    وكذلك يأتي في (ص 359) يقول: [التغني بالقرآن, واستدل له أولاً: بما ورد من الروايات في استحباب قراءة القرآن بالصوت الحسن ولا يتحقق إلا مع مد الصوت وترجيعه وفيه أن مطلق مد الصوت وترجيعه لا يكون غناءً ليكون خروج تحسين الصوت في قراءة القرآن تخصيصاً بل هو خارج عن الغناء تخصصاً موضوعاً] هذا معناه ماذا؟ هذا معناه أن هؤلاء يقولون كلما صدق عليه الغناء فهو محرم وإذا وجدتم استثناء فهو استثناء موضوعي وليس استثناء حكمي كما هو واضح.

    هذا هو الاتجاه الأول, ولعل هذا الاتجاه هو الاتجاه المشهوري بين المتأخرين من فقهاء مدرسة أهل البيت.

    الاتجاه الآخر -في قبال هذا الاتجاه-: وإن كان البعض حاول أن يجعله مرتبط بشخص معين حتى يستطيع أن يحمل عليه بمختلف الحملات بعد ذلك سيتضح أنه ليس رأي لشخص أو لشخصين أو ثلاثة بعد ذلك سأشير, اتجاه -اعبر عنه اتجاه- اتجاه: يرى أنّ عنوان الغناء بما هو غناء ليس من المحرمات الغناء بما هو غناء ليس من المحرمات, نعم ننظر إلى مصاديق الغناء, فبعض مصاديقه غناء محرم وبعض مصاديقه يعني غناء لا أنه خروج تخصصي لا لا خروج أن هذا نوع آخر, غناء ولكنه غناء ليس بمحرم, بل قد يكون مستحباً أيضاً فضلاً أن يكون مباح وقد يكون مكروهاً, عندما أقول مباح مرادي مباح بالمعنى الأعم الذي لا يشمل الواجب, الآن الواجب يصير بعنوان ثانوي ولكنه في عنوانه في نفسه قد يكون غير محرم في نفسه, مع أنه يصدق عليه ماذا؟ غناءٌ ولكنّه غناءٌ محلل بالمعنى الأعم. وغناءٌ محرم يعني الحرمة لنفس الغناء لا لمقارنات, لا أن الغناء في نفسه كل أقسامه محلل بعضه لمقارنات خارجية يكون محرماً لا لا أبداً, الغناء في نفسه يكون محرم, وإذا أردنا أن نقرب إلى ذهن الإخوة الغناء يكون بمنزلة الجنس وتحته أنواع متعددة, نوع من الغناء يكون محرماً, نفس الغناء يكون محرماً ونوع من الغناء لا يكون محرماً.

    خصوصاً إذا يتذكر الإخوة في البحث السابق هذا المعنى أشرنا إليه, يعني قلنا أن كلمات اللغويين لم يأخذوا في عنوان الغناء الإطراب وإنما أخذوا في عنوان في مفهوم الغناء هو الصوت ومده وترجيعه وموالاته ونحو ذلك, الآن أعم من أن يكون مفرحاً أن يكون محزناً .. إلى غير ذلك, طيب هذا العنوان العام شامل لكل هذه الأنواع من الغناء.

    الفيض الكاشاني& في كتابه (الوافي, ج17) هذه عباراته أنا بودي أن الأخوة يلتفتوا إلى عبارات الوافي الفيض الكاشاني, في (ص218, ج17) هناك يقول: [والذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة فيه أي في الغناء اختصاص حرمة الغناء] إذن يرى أن الغناء محرم أو لا يرى أن الغناء محرم؟ حرمة الغناء لا حرمة مقارنات الغناء, حرمة الغناء, هذه القرينة الأولى أنه يجعل الحرمة متعلقة بنفس الغناء لا بالمقارنات ونفس الغناء محلل كما نسب إليه البعض. [اختصاص حرمة الغناء وما يتعلق به من الأجر والتعليم والاستماع والبيع والشراء] إخواني الأعزاء إذا لم يكن الغناء محرماً في نفسه لماذا أن التعليم حرام, طيب أنا أريد أن أتعلم الغناء ولكن لا أريد أن أستعمله في مقارنات الحرام, هذه كلها قرائن على أنه يتكلم عن غناء محرم في نفسه لا محرم لأجل مقارنته حتى تكون الحرمة عرضية كما يقول السيد الخوئي.

    يعتقد أن الغناء, وإلا لو كان الشيء محلل في نفسه تعلمه حرام؟ لا, أخذ الأجرة عليه حرام؟ لا, بيعه وشرائه حرام؟ لا, لماذا؟ لأن الحرمة ليست له وإنما لأجل المقارنات وهذا لا يريد أن يستعمله في المقارنات المحرمة وإنما في المقارنات المباحة المطلوبة وغير ذلك.

    إذن كل هذا الكلام يكشف لك أنه يتكلم عن قسم من أقسام الغناء المحرم في نفسه, يقول: [وكل ما يتعلق به من أجر والتعليم والاستماع والبيع والشراء كلها بما كان على النحو المعهود المتعارف في زمان بني أمية وبني العباس] الآن ما هو المعهود؟ التفتوا جيداً, الفيض الكاشاني ما يتكلم عن قضية خارجية حتى نحن نذهب ونرى المعهود في زمن بني أمية وبني العباس لا لا, يريد أن يشير إلى مصداق من مصاديق الغناء المحرم, ما هو المصداق؟ يقول: [المصداق المحرم للغناء, ذلك الغناء الذي يكون فيه مجلس اللهو والفجور وشرب الخمر] لا أنه يحرم لأجل هذه, بل هو بطبيعته لأجل هذه المجالس محرمٌ, وبتعبير النصوص يُعصى الله فيه, وبتعبير النصوص الواردة يدخل الرجال على النساء والنساء على الرجال, هذه هي المجالس مجلس لهو مجلس فجور مجلس شرب خمرٍ لا أن الحرمة لأجل هذه وإنما المجالس التي فيها غناء منسجم مع هذه الخصوصيات يكون حراماً.

    ولذا إذا في زماننا أيضاً مجالس من هذا القبيل ولكن خصوصياتها تختلف عن مجالس بني الأمية وبني العباس, حلال أم حرام؟ أيضاً حرام هو ما يشير إلى قضية خارجية حتى نقول إذن هذه المجالس التي الآن موجودة في بعض البلدان في بعض الأزمنة في بعض الأمكنة لا تنطبق عليها خصوصيات ماذا؟ لا, الخصوصيات أن تكون مجالس لهوٍ وفجورٍ وفسقٍ وشرب خمرٍ ومثارةً لشهوات محرمةٍ و… وهذه أعم من أن تكون بتلك الخصوصيات في زمن أمية أو بهذه الخصوصيات الموجودة الآن في بعض البلدان الإسلامية أو غير الإسلامية على أي الأحوال [من دخول الرجال وتكلمهن بالأباطيل ولعبهن بالملاهي من العيدان والقضيب وغيرها, دون ما سوا ذلك] إذن فعلى هذا [فلا بأس بسماع التغني بالأشعار] تغني غناء, [بالأشعار المتضمنة ذكر الجنة والنار والتشويق إلى دار القرار ووصف نعم الله الملك الجبار وذكر العبادات والترغيب في الخيرات والزهد في الفانيات ونحو ذلك كما أشير إليه في حديث الفقيه بقوله >فذكّرت الجنة<] إشارة إلى بعض الروايات التي يقول صاحب مفتاح الكرامة لا أقل وردت اثنا عشر رواية بجواز هذا النوع من الغناء, بجواز هذا النوع من الغناء ويحملها باعتبار أنها موافقة للعامة فيسقطها عن الاعتبار, وبحث ذلك سيأتي [>فذكّرت الجنة< وذلك لأن هذه كلها ذكر الله, وربما تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله وبالجملة] التفتوا هذه القرينة الثالثة [وبالجملة لا يخفى على ذوي الحجا بعد سماع هذه الأخبار تمييز حق الغناء من باطله] إذن الغناء ينقسم إلى حق وباطل, لا مقارنات الغناء تنقسم إلى حق وباطل, يعني جداً بعيد أن الفيض الكاشاني لا يميز في المتعلق بين الغناء وبين مقارنات الغناء, حتى نقول لا مقصوده من الغناء يعني مقارنات, طيب يقول [حق الغناء وباطله وإن أكثر ما يتغنى به المتصوفة] الدراويش الذين الآن عندهم مجالس خاصة حتى في زماننا وفي كل زمان أيضاً موجودين [وأن أكثر ما يتغنى به المتصوفة في محافلهم من قبيل الباطل ومن قبيل الحرام ولعله في كثير من الأحيان الأمر كذلك] لأنه واقعاً من المحرمات.

    نعم, إذن إلى هنا التفتوا جيداً, إلى هنا الفيض الكاشاني عنده كم عبارة, العبارة الأولى يقول: بأن الغناء ينقسم إلى حرام وإلى غير حرام إلى حق وإلى باطل, ثم يقول [والتشويق] إذن هذا معناه إشارة إلى أن بعض الغناء محبوب أنا ما أريد أن أقول مستحب شرعاً, وإنما المطلوبية, ويشير إلى أيضاً الغير المطلوبية الكراهة, يقول: [إلا أن يقال إن بعض الأفعال لا يليق بذوي المروّات وإن كان مباحاً] في نفسه مباح ولكن ليس كل مباح مطلوب للجميع, ولعله يختلف باختلاف الأشخاص, لعل إنسان عادي في هكذا مجلس ما في إشكال أما عالم في هكذا مجلس يقال مناسب أو غير مناسب؟ هذه من قبيل ما ذكرناه في باب المروة من قبيل ما ذكرناه في باب العدالة, أن بعض الأمور لا تناسب شأن بعض الأشخاص لمواقعهم المرتبطة بهم.

    قال: [وإن كان مباحاً فالميزان فيه حديث من أصغى .. ] إلى آخره, هذا بيان مفصل وواضح وصريح.

    وكذلك الإخوة إذا يريدون أن يراجعون نفس هذا البحث أشار إليه في (مفاتيح الشرائع, ج2, ص21) بنفس هذه العبارات لا توجد عليها عبارة إضافية.

    نعم, في (المحجّة البيضاء, ج5, ص223) عنده إشارة أوضح من هذه الإشارة التي أشرنا إليها, ص226, يقول: [ويستفاد من مجموعها اختصاص حرمة الغناء وما يتعلق به من الاستماع إلى آخره على النحو المتعارف في زمن بني الأمية وبني العباس..] إلى أن يقول: [وأما ما سوى ذلك فإما مندوب إليه كالترجيع بالقرآن وما يكون منه وسيلة إلى ذكر الله والدار الآخرة, وإما مباحٌ -إباحة بالمعنى الأخص- أو مكروهٌ كما ذكرهما أبو حامد الغزالي] هي المشكلة هنا أنه لما قالها أبو حامد الغزالي إذن لابد أن ماذا تكون؟ (كلام أحد الحضور) أحسنت هذه قاعدة, باعتبار أنه لما قال واحد ليس من عندنا إذن لابد ماذا تكون؟

    والغريب أن هذا المنطق وهذا المنهج نحن نعيبه على الآخرين, نقول أنتم بغض النظر أنه نحن مبانينا العقائدية والأخلاقية والفقهية من معصوم أو غير معصوم, طيب تعالوا طالعوها إذا وجدتموها صحيحة خذوا بها, لأن الحكمة ضالة المؤمن يأخذها أين وجدها, ولكن نحن عندما نأتي نطبق قاعدة معكوسة, لأنه قال فلان انتهت, انظر إلى ما قال ولا تنظر إلى من قال, اعرف الحق تعرف أهله, لماذا هذا المنطق, هذا بعد ذلك أشير إليه, أنه هذه الحملات على الفيض الكاشاني إنما جاءت لأن هذا الكلام من قاله؟

    هذا مضافاً على ما في الغزالي من كلام, المساكين هؤلاء بعض الأعلام بعض العلماء واقعين في (خان النص) لا هذا الطرف يقبلهم ولا ذاك الطرف يقبلهم يقول أنا شيعي السنة لم يقبلوه يقول أنا سني الشيعة ما يقبلونه حائر, الشيعة يشمرونه على السنة, والسنة يشمرونه على الشعية, ومسكين باقي في الوسط لا يعرف أنه شيعي أو سني, هذا المنطق لابد أن نتخلص منه أنه ما هي علاقتي أنه شيعي أرى جنابكم عندما تصعدون على المنابر جداً تفتخرون قال: لبونسون وموسانسون أرى كل أسماء غربية وكفرة ومسيح ويهود تستدلون بكلماتهم طيب هذا المسكين مسلم استدلوا بكلامتهم. ما هو هذا المنطق؟ سواء كان القائل مؤمناً كان القائل كافراً يهودياً نصرانياً, مسلماً شيعياً سنياً صوفياً توجد عندك موازين هذه الموازين طبقها فإن صحت خذ وإن لم تصح لا تؤخذ منه سواء القائل كان من جماعتنا أو ليس من جماعتنا, انصر أخاك ظالماً أو مظلوما, هذا المنطق ما أدري ماذا أعبر عنه منطق جاهلي ما أدري, المهم, هذا المنطق الذي سأشير إليه لا تستغرب, هذا المعنى بشكل واضح وصريح موجود وإن شاء الله بعد ذلك سنقرأ الكلمات.

    منها هذه الكلمة للبحراني&, يقول: [إلى أن انتهت النوبة إلى المحدث الكاشاني فنسج في هذا المقام على منوال الغزالي ونحوه من علماء العامة] طيب افترضوا أنه نسج على منوال الغزالي وعلماء العامة مع الدليل أو بلا دليل؟ هذا الكلام إنما أقوله الآن بغض النظر أن هذا يوجد رأي واحد فيه, لأن بعض الإخوة أو بعض الأعلام الإخوة ليس مهم, بعض الأعلام يتجاوزون هذه الطريقة, انظروا في (مفتاح الكرامة, ط, ق, 10 مجلدات, ص52) هذه عبارته, بعد أن ينقل نفس هذه العبارات الموجودة لصاحب الحدائق, يقول: [حتى قام المحدث الكاشاني والفاضل الخراساني فنسجا على منوال الغزالي وأمثاله من علماء العامة] طيب إلى هنا ما فيه, يقول: [والأولى لأهل التحصيل أن لا يلتفتوا إلى مثل هذه الأباطيل إن هي إلا آراء باردة ومذاهب فاسدة مخالفة لمذهب فلان فما راعنا إلا وبعض الإمامية قد استحسن تلك الترّهات وأكب على تلك الخرافات] هذا المنطق جيد الآن الإنسان يعتقد أن هذا الكلام باطل طيب يبدأ, هذا منطق ليس منطق علمي لا أريد أن أعبر عنه بتعبير آخر, هذا ليس منطق علمي واقعاً إذا استعمل الطرف الآخر معنا هذه اللغة أنت ماذا تقول له؟ قال هذه الترّهات الموجودة هذه الخرافات الموجود عند الروافض الذين يقولون في الصحابة كذا وكذا, قل طيب إذا عندك دليل عليه قدمه, أما هذه الطريقة.

    ولذا تجد أن بعض أعلامنا أيضاً التفتوا إلى هذه, السيد الإمام+ من غير أن يأتي باسم على طريقتهم هم ما يذكرون الأسماء في (المكاسب المحرمة ص210) هكذا يقول بعد أن يذكر كلام الكاشاني, يقول: [وهذا أمر لم يثبت أنه خلاف الإجماع] هذا الكلام الذي قاله الكاشاني ليس معلوم أنه قال شيئاً خلاف ضرورة المذهب, [أو خلاف المذهب حتى يستوجب صاحبه الطعن والنسبة إلى الخرافة والأراجيف] هذا ليس منطقاً صحيحاً, إذن ما هو الطريق يقول: [فالصواب أن يجاب عليه بالبرهان كما صنع الشيخ الأنصاري فالأولى النظر إلى ما يمكن أن يستدل به على هذا التفصيل الذي أشير إليه]. طيب هذا هو القول الذي ذكره الفيض الكاشاني.

    طيب هذا القول أخواني الأعزاء مختص بالفيض الكاشاني أو أنه لا, جملة من الأعلام المتقدمين من أساطين فقهائنا ذهبوا إلى هذا القول, أنا أشير إلى بعض هذه الكلمات.

    من هذه الكلمات الموجودة في هذا المجال ما ورد في (الاستبصار للشيخ الطوسي شيخ الطائفة, ج3, ص62) يقول: [فالوجه في هذه الأخبار الرخصة فيمن لا تتكلم بالأباطيل ولا تلعب بالملاهي من العيدان وأشباهها ولا بالقصب وغيره بل يكون ممن تزف العروس وتتكلم عندها بإنشاد الشعر] هنا الفيض الكاشاني يقول هذا مصداق وإلا لا فقط مختص بالعرائس الآن لو في غير العرائس لا محذور فيه [والقول البعيد من الفحش والأباطيل فأما من عدا من هؤلاء ممن يتغنيّن بسائر أنواع الملاهي فلا يجوز على حالٍ سواء كان في العرائس أو في غير العرائس]. هذه جملة.

    الجملة الثانية أو المطلب الآخر, هو ما ورد في (الفروع من الكافي, ج6, ص431, الحديث, باب الغناء) هذا باب الغناء أين ذكره ثقة الإسلام الكليني؟ ذكره في باب الأشربة, الآن هنا يأتي هذا السؤال, الآن ما هي العلاقة بين الأشربة وبين الغناء؟ بينك وبين الله الغناء يضعوه في الأشربة ماذا الغناء يشربوه, باب الأشربة كتاب الأشربة باب الغناء, واقعاً أنا عندما رأيت هذه القضية استغربت أنه ما علاقة كتاب الأشربة بباب الغناء؟ إلى أن وجدت هذه العبارة التفتوا جيداً للنراقي في المستند, النراقي في (المستند, ج14, ص127) هذه عبارته&, أعمارهم قضوها في مثل هذه المجالات, يقول: [وهو ظاهر الكليني] هذا التفصيل, مع أن الكليني لم يذكر هذا التفصيل أبداً يقول: [وهو ظاهر الكليني حيث ذكر كثيراً من أخبار الغناء في أبواب الأشربة لاشتماله على الملاهي وشرب المسكر] يريد أن يقول الغناء بما هو عنوان الغناء ماذا؟ وإلا لا يستطيع أحد أن ينسب إلى ثقة الإسلام هذا العَلم ينسبه إلى الغفلة أنه كتاب الغناء يأتي به أين؟ في باب الأشربة, يقول: إنما يريد أن يقول ليس الغناء ليس محرم, لا, الغناء محرم ولكن أي نوع من أنواع الغناء محرم؟ هذا الغناء الذي هو هذا مجالس اللهو والشرب, هذا الذي بالأمس إذا تتذكرون قلنا, قلنا عنوان الشراب والأشربة عنوان عام, لكنه قد يكون عرفياً وشرعياً عندما يقولون شراب ينصرف إلى الفرد المحرم منه, [لاشتماله على الملاهي وشرب المسكر] ثم بعد ذلك أخواني الأعزاء يقول: [وهو محتمل الصدوق بل ذكر صاحب الكفاية في كتاب التجارة] أنا الكفاية لم تكن عندي للسبزواري حتى أأتي بها معي, [بعد نقل كلام عن الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ويُشعر به كلام الفاضل في المنتهى وكذا هو المستفاد من كلام طائفة من متأخري أصحابنا منهم المحقق الأردبيلي حيث ومنهم صاحب الكفاية] .. إلى أن قال: [ومنهم صاحب الوافي] إذن القضية مختصة بالفيض الكاشاني أو تقريباً المشهور بين فقهاء المتقدمين الذهاب إلى هذا التفصيل الذي أشرنا إليه.

    وبهذا يتضح أنّ طبعاً هذا الذي أشرت إليه جملة من الأعلام أيضاً التفتوا إليه, قالوا: بأنه الفيض الكاشاني ليس من أولئك الذين يقولون أن الغناء في نفسه محلل وإنما يحرم للمقارنات, منهم السيد الإمام+ في المكاسب المحرمة هناك في ص209) يقول: [ثم أنه ربما نسب إلى المحدث الكاشاني وصاحب الكفاية الفاضل الخراساني إنكار حرمة الغناء واختصاص الحرمة بلواحقه ومقارناته ثم طعنوا عليهما بما لا ينبغي وهو خلاف ظاهر كلام الأول في الوافي حيث أنّه قسّم الغناء إلى قسمين حقٌ وباطل, فالحق كذا والباطل كذا, وأنت خبير بأن ظاهر هذه العبارة بل صريحها صدراً وذيلاً أن الغناء على قسمين قسم محرم وهو ما قارن تلك الخصوصيات, بمعنى: أن الغناء المقارن لها حرام] لا أن المقارنات حرام بالذات والغناء حرام بالعرض لا, أن الغناء بهذا الوصف حرام, [لا أن المقارنات حرام فقط, ولهذا] كما ذكر جملة من الأعلام وأشرنا إليه [ولهذا حرّم أجرهن وتعليمهن والاستماع منهن ولولا ذهابه إلى تحريم الغناء ذاتاً لا وجه لتحريم ما ذكر] ما المحذور في أن يتعلم الإنسان شيء محلل في نفسه, وقسم محلل وهو ما يتغنى بالمواعظ] ونحوها إلى آخره. الكلام الذي ورد في هذا المجال. جيد.

    بناءً على هذا البيان الذي أشرنا اتضح بطلان ما ذكره جملة من الأعلام منهم السيد الخوئي, منهم صاحب الحدائق, منهم العاملي في مفتاح الكرامة, حيث أن هؤلاء قالوا أن الفيض الكاشاني يقول أن الحرمة إنما هي لأجل ماذا؟ إنما هي للمقارنات, العبارة الأخوة يتذكرون أنا بالأمس أشرت إليها, يقول: [إذن] (محاضرات الفقه الجعفري, ج1, ص345) [إذن فالغناء حرامٌ بنفسه لكونه لهواً كما اعترف به المصنف وليست حرمته عرضية بملاحظة ما يقترن به من المحرمات كما ذهب إليه الفيض الكاشاني] إذن يجعل الحرمة ليست ذاتية للغناء وإنما يجعلها حرمة عرضية, هذا النص كاملاً مأخوذ من الحدائق كما أشرنا إليه, نص عبارة الحدائق بهذا المعنى, يقول: [ولا فرق في ظاهر كلام الأصحاب بل صريح جملة منهم في كون ذلك من قرآن ودعاء إلى أن انتهى النوبة إلى الفيض الكاشاني فخص الحرامَ منه بما اشتمل على محرم من خارج مثل اللعب والدخول والكلام الباطل, وإلا فهو في نفسه غير محرم] هذه عبارة [وهو في نفسه غير محرم] يعني ذاتاً محلل أو محرم؟ في ذاته, هذه أيضاً جاءت بنفس هذه الكلمة في كلمات مفتاح الكرامة.

    وهنا أنا بودي أن الأخوة يلتفتوا إلى هذه القاعدة, كونوا على ثقة في الآونة الأخيرة التي نحن بدأنا نراجع كلمات الأعلام كونوا على ثقة في الأعم الأغلب وجدنا أن هذا الذي يقول وحُكي والمحكي ونقل في الأعم الأغلب دقيق أو غير دقيق؟ غير دقيق, وإلا أنا يقين عندي أن السيد الخوئي+ لو هو راجع كلمات من؟

    كلمات الوافي يقيناً لما قال أن الحرمة عرضية, وإنما اكتفى بكلام؟ وإلا صريح العبارة يقول بأنه حق الغناء يحرم الغناء ولأجل ذلك يحرم الأجر و… وإلى غير ذلك, لماذا ينسب إليه أن الحرمة حرمة عرضية وليست حرمة ذاتية؟ اعتماداً على مثل هذا الكلام, وإلا فهو في نفسه غير محرم, طيب بينك وبين الله أنا أيضاً بمجرد أن شخص يقول لي أنه أساساً الغناء في نفسه حلالٌ, طيب عشرات الروايات الصحيحة الواردة عندنا أن الغناء حرامٌ في نفسه, في نفسه حرامٌ لا علاقة له الآن له مقارنات أو ليس له مقارنات, إذن هذه القضية إخواني الأعزاء هذه التعابير التي في الأعم الأغلب هكذا تأتي العبارات, انظروا [وهو خلاف ظاهر كلام الأول في الوافي ومحكي المفاتيح والمحكي عن الثاني…] إلى آخره, هذه محكي محكي محكي نحن راجعنا ورأينا بأنه لا فقط محكي أول يعني: أنه الأول يحكي, وهو عندما يحكي لا يحكي حكاية الأول وهو ما هو فهمه أيضاً يحكيه عن من؟ عن الثاني, وعندما تصل أنت إلى الثالث والرابع تجد أصلاً علاقة بين الأول وبين الثاني أو لا.

    يقولون بأنه واحد من أولئك الذين كانوا يريدون أن يشككون بمضمون الروايات الواردة في الإسلام هذه أحد الأستاذة في الجامعة استعملها وكان أسلوب لا أريد أن أقول خبيث ولكن جداً مؤثر, كان في الصف جالسين خمسين نفر, فهو قال أن الذي جالس بجنبي سوف أخبره في قضية معينة في أربعة جمل, أبين له, ولكنه رجائي لا يقوم ويقول أن الأستاذ ماذا قال, هو أيضاً أنا الذي قلته يقوله لمن؟ لصاحبه ويشاوره في أذهنه, إلى أن يصل إلى الأخير, ومولانا قال الجملة وكتبها هنا للأول قال للآخر وقام وقال له مطلب لا علاقة له بالأول.

    قال: هذه أخبار الآحاد هذه وضعها, ونحن أيضاً أجزنا النقل بالمضمون أن لم نجز النقل بالمضمون؟ أساساً في الأعم الأغلب المنقول عندنا نقل بالمضمون, خصوصاً إذا كان الراوي غير عربي, هو أساساً لم يكن فاهم عن الإمام× ينقل بالذي فهمه من الإمام×, فما بالك أنه الآن تأتي ويا ليت تتعامل فقط مع النصوص, تأتي وترى الطبقة الأولى من فقهائنا ماذا فهموا من هذه الرواية, والطبقة الثانية ماذا فهموا من هذه الرواية, يعني بعبارة أخرى: ركام وطبقات من الفهم حول الرواية حتى تستعين تتعامل مع النص الروائي, واللطيف إذا خرجت عن فهمهم ماذا يقولون لك؟ (كلام أحد الحضور) أحسنتم. طبعاً هذا كله لا أريد أن أقول بأنه لا علاقة لنا بكذا, أبداً أبداً هذا ليس كلام, أقول بأنه هذه المخاطر موجودة في طريقة عملية الاستنباط.

    ولذا إن شاء الله تعالى بعد ذلك سيأتي ونقف عند هذه القضية بشكل واضح وصريح, بأنه هل نحن نعطي قيمة أساسية لإجماع الأصحاب في الصدر الأول أو لا نعطي؟ هل نعطي قيمة أساسية لفهم الأصحاب أو لا نعطي؟ هل أن فهم الأصحاب أو أنهم ما فهموه ينجبر به المضمون أو لا ينجبر؟ هذه كلها تقريباً لا نوافق عليها, وهذا من الموارد. ومن القواعد المنهجية الأساسية التي نختلف بها مع مشهور مدرسة أهل البيت في هذا المجال, وإلا أنتم تجدون أن السيد الشهيد وغير السيد الشهيد الذين قبلوا هذه القواعد ومع ذلك قالوا أن الإجماع وأن الشهرة وأنه .. أن هذه يمكن تجاوزها أو لا يمكن تجاوزها؟ لا يمكن تجاوزها, نعم في حدود معينة, ولكنه نحن الذي قلنا بأنه يمكن أن يكون لنص واحد ظهور موضوعي متعدد, لزمانهم ظهور موضوعي ولزماننا ظهور موضوعي إذن لا معنى أن يكون الظهور الموضوعي الموجود عندهم حجة حجة علينا.

    إذن إن شاء الله تعالى في غد أو يومين أو ثلاثة يعني ما أريد أن أطيل كما قلت للإخوة في مسألة الغناء, سوف ندخل في النصوص, لأنه الآن صار عندنا اتجاهين على نحو الفتوى, الاتجاه الأول والاتجاه الثاني.

    الآن لابد أن ندخل الآيات والروايات الواردة في المقام لنعرف أنها واقعاً تؤيد الاتجاه الأول الحق مع الاتجاه الأول أو الحق مع الاتجاه الثاني, هذا أولاً.

    وثانياً: أنه ماذا نفعل بهذه الروايات التي قيل أنها موافقة مع العامة, وأنتم تعلمون في مورد التعارض أولاً يعرض على الكتاب وإن لم يكن نعرضه على العامة ومخالفة العامة, فقيل أنها مخالفة -هذه الروايات الدالة على هذا التفصيل- لأنه صاحب مفتاح الكرامة لا أقل هكذا هذه عبارته في (مفتاح الكرامة, ج4, ص52) في هذا المجال, هذه عبارته يقول بأنه: [وردت إلى أخبار تقرب من اثني عشر خبراً] دالة على هذا التفصيل [وهي على تقدير تسليم وضوح دلالتها مخالفة للكتاب المجيد موافقةً للعامة] إذن محمولة على التقية.

    نرى بأنه واقعاً مخالفة أو ليست مخالفة, موافقة للعامة أو ليست موافقة؟ بحثه يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1481

  • جديد المرئيات