نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (92)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    اتضح لنا من البحث السابق بأن روايات العرض متواترة أو لا أقل أنها مستفيضة, إلا أنه هناك مجموعة من الموانع التي يمكن أن تذكر لبيان أنّه لا يمكن الاعتماد على هذه النصوص وهي روايات العرض, بعضها مرتبطٌ بالبحث السندي وبعضها مرتبطٌ بالبحث الدلالي.

    أما ما يتعلق بالبحث السندي وهو المانع الأول هو أن يقال كما قيل في كلمات جملة من علماء المسلمين: أنّ هذه الروايات إما أنها موضوعة وإما أنها ضعيفة السند, طبعاً جملة من أعلام المسلمين ذكروا ذلك ويمكن المراجعة في محله.

    إلا أن الجواب عن هذا المانع وعن هذا الإشكال: أولاً: أنّ هذه الروايات أدعي أنها متواترة, وأنتم تعلمون -كما أشرنا بالأمس- أنّه إذا جاء التواتر عند ذلك لا ننظر إلى السند أنّه صحيح أو ضعيف, هذه القضية بودي أن أشير إليها ولو إجمالاً.

    إخواني الأعزاء, أنّ الخبر بما هو خبرٌ ليس له موضوعية في القبول وعدم القبول, سواءٌ كان أخبار آحاد ٍ أو أخبار متواتر, الخبر بما هو خبر -التفتوا جيداً إلى ما أقول- لأن الموجود في الكلمات يفترضون إذا صار الشيء متواتراً فقبوله قطعي مع أن الأمر ليس كذلك, أن الخبر بما هو خبرٌ أعم من أن يكون خبر آحادٍ أو غير آحاد, خبر متواتر أو غير متواتر, في نفسه لا دليل على قبول ذلك الخبر, وإنما المدار في قبول خبرٍ وعدم قبوله هو حصول العلم من ذلك الإخبار, فإن حصل العلم فهو حجة لماذا؟ باعتبار حجية العلم الذاتية بعد العلم لا يُسأل لماذا يقبل العلم والقطع والجزم واليقين, وإن لم يفد الخبر علماً فليس بحجة إلا إذا دل دليلٌ خاص على خلاف ذلك, وإلا الأصل في الخبر أنّه حجة أو ليس بحجة؟ الأصل أنه ليس بحجة -وهذا الأصل ليس مرادنا الأصل العملي- مرادنا أنّه مقتضى القواعد العقلية أنه إذا جاء خبرٌ فالخبر بما هو خبر حجة أو ليس بحجة؟ يمكن الاستناد إليه أو لا يمكن؟ يمكن الاعتماد عليه للكشف عن الحقائق أو لا يمكن؟

    الجواب, نقول: إن أفاد الخبر العلم فيمكن الاعتماد عليه وإن لم يفد الخبر العلم فلا يمكن الاعتماد عليه. نعم, هؤلاء وجدوا من أوضح مصاديق الخبر المفيد للعلم هو ماذا؟ هو التواتر, أما عنوان التواتر في نفسه له مدخلية له موضوعية أو لا موضوعية له؟ لا موضوعية له, فلو حصل من إخبار واحدٍ العلم أيضاً ماذا؟ يكون حجية, يحتاج إلى حجية خبر الواحد أو لا يحتاج إلى حجية خبر الواحد؟ لا يحتاج إلى حجية خبر الواحد, يعني لو حصل لك الآن إما لقداسة ذاك الشخص إما لعصمة ذاك الشخص إما للوثاقة العالية لذلك الشخص تقول فلان إذا أخبرني أنا يحصل لي العلم بذاك وهذا ما ذكره بعض الأعلام أنّه إذا أخبر فلان وفلان وفلان فإنه ماذا؟ وهذا ما تجدونه يقولون أن الأخبار الواردة في الصحيحين كلها قطعية, مع أنها متواترة أو غير متواترة؟ غير متواترة. ولكن لاعتقادهم أنّ البخاري ومسلم أنّهم انتخبوا هذه الروايات ولاطمئنانهم ولوثوقهم بهؤلاء أو بهؤلاء الأعلام قالوا بأنه يفيد القطع عندهم, انتهى.

    أكثر من ذلك جملة من أعلام علمائنا ذهبوا إلى قطعية الكتب ماذا؟ مع أنها هي أخبار قطعية أو ليست قطعية؟ ليست أخبار متواترة, لكن هو لعلمه بأن الكليني يقين عنده أن هذا الخبر يقيناً صادر عندما نقله في أصول الكافي أو في كتاب الكافي, إذن المدار إخواني الأعزاء لا على الآحاد حتى يقال بعدم الحجية ولا على التواتر حتى يقال بالحجية وإنّما المدار على تحصيل العلم, فأينما تحقق فهو حجة بذاته يحتاج إلى جعل الحجية أو لا يحتاج؟ لا يحتاج.

    نعم, عندما نأتي إلى الواقع التطبيقي المصداقي نجد بأنّه خبر الواحد لا يفيد العلم والخبر المتواتر يفيد ماذا؟ هذا مرتبط ببيان المصداق لا مرتبط أن التواتر, وإلا التفتوا جيداً, وإلا قد يحصل لك من خبرٍ واحد, عندما نقول واحد مقصودنا غير متواتر, يعني قد يكون مستفيضاً قد يكون مشهوراً هذا كله داخل في عنوان خبر الواحد, لأنه نحن التقسيم الأولي أنه إما متواتر أو لا, هذه لا ليس مقصود أنه يخبر به شخص واحد يعني ما لم يكن متواتراً لأنه بين النفي والإثبات.

    إذن, قد يوجد هناك أخبار آحادٍ وتفيد العلم وقد يوجد هناك خبر متواتر ولا, يوجد عندنا أو لا يوجد عندنا؟ الروايات الواردة في الآخر أو لبيان مناقب وفضائل الأول والثاني متواترة أو ليست بمتواترة؟ إخبار عدد كبير يمتنع تواطئهم ماذا؟ واقعاً كل علماء المسلمين جعلوا مؤتمر وتواطؤا على الكذب؟ يقيناً ليس هكذا, يقيناً ماذا؟ ليس هكذا, يعني واقعاً مختلفين في البلدان في المناطق في الظروف في الشروط في الاعتقادات في المباني ولكن كلهم نقلوا فضائل فلان وفلان وفلان, نقلوا فضائل معاوية, بعض الروايات قد يقول يورث متواترة, طيب يفيد العلم أو لا يفيد العلم لك؟ لا يفيد لماذا لا يفيد العلم؟ لأنه عندك أنت قرائن مانعة عن وصول هذا التواتر إلى ماذا؟ إلى العلم.

    إذن إخواني الأعزاء هذه القاعدة التي على الألسن متداولة خبر متواتر خبر آحاد, المدار ليس على الآحاد وعلى التواتر, المدار على تحصيل ماذا؟ على حصول العلم, فإن حصل العلم فهو حجة بذاته, وإن لم يحصل فليس حجة, الآن إذا لم يحصل العلم يوجد طريق آخر للاعتماد على الخبر أو لا يوجد؟ القائلون بحجية أخبار الآحاد يقول يوجد عندنا دليل على حجية خبر الواحد, وفي المقابل يوجد من يقول ماذا؟ لا يفيد الخبر الواحد ماذا؟ يعني لا يوجد دليل على حجية خبر الواحد أيضاً. ولذا صاروا انسداديين. ما أدري واضح المبنى.

    ولذا إخواني الأعزاء نحن كثيراً لا تدوروا مدار أن هذا حصل التواتر أو لم يحصل التواتر, لا, التواتر طريقٌ لتحصيل ماذا؟ لتحصيل العلم, فقد يحصل من غير المتواتر علمٌ وقد لا يحصل من المتواتر علمٌ.

    هذا البحث إذا الإخوة يريدون أن يراجعون -الآن كتبنا هم لا يراجعونها الآن ..- بلي, هذا الكتاب من الكتب الجيدة إذا الإخوة يراجعوه (علم الحديث, للإمام العلامة ابن تيمية, دار الكتب العلمية) يكون في علمكم أنّه المدرسة الأموية أو المدرسة التي هي أتباع ابن تيمية عموماً إما يقبلون الكتب المطبوعة عندهم في السعودية, أو الكتب المطبوعة عندهم في دار الكتب العلمية, أما غير الدور المكتوبة, خصوصاً هذه (لمحمد علي بيضون) هذه حجة عندهم يقبلونها, أما إذا مطبوعة الكتب في دور أخرى بيروتية أو غيرها يقبلونها أو لا يقبلونها؟ يقولون لا يوجد فيها زيادة ونقيصة أو فيها تلاعبات, فيكون في علمكم عندما تريدون أن تشرون كتاب من كتبهم انظروا إلى أنه أين مطبوع حتى يمكن الاحتجاج بهم عليهم, على أي الأحوال.

    يقول في (ص40) من الكتاب, [فلفظ المتواتَر] أو المتواتِر هذه المتواتر من الـ رسلنا تترى يعني مترادفة بعضها على بعض من الناحية اللغوية [فلفظ المتواتر يراد به معنىً إذ المقصود من المتواتِر ما يفيد العلم] نحن عندما نقول متواتِر نريد تحصل العلم وإلا التواتُر بما هو تواتُر ليس هو المدار ليس له الموضوعية [لكن والصحيح ما عليه الأكثر] طيب ما هو ميزان حصول العلم؟ أو ما هو ميزان حصول التواتُر؟ يقول: [والصحيح ما عليه الأكثرون أن العلم يحصل بكثرة المخبرين تارةً] هذا بيان المصاديق [وقد يحصل بصفاتهم لدينهم وضبطهم] ولذا (ابن حزم في المحلى) يقول: إذا حكم من الأحكام أو بيان من البيانات بأربعة لا بخمسة في المحلى وجدت يقول بأربعة ينسب إليه بخمسة ولكن أنا في المحلى وجدت يقول بأربعة, يقول: إذا نقل أربعة من الصحابة أمراً فهو ماذا؟ فهو متواتر يعني ماذا؟ يعني يحصل لنا القطع بصدور هذا المعنى من الرسول الأعظم’. كثيراً جزاهم الله خيراً على هذا المباني الحق والإنصاف لماذا؟ لأنه نحن في حديث الثقلين عندنا واحد وعشرين صحابي لا أقل من كتبهم ناقل الحديث, لا أقل بحسب الإحصاء والتتبع الدقيق واحد وعشرين صحابي, وأي صحابي؟ ذو الشهادتين أم المؤمنين أم سلمة, علي ابن أبي طالب, ابن عباس هكذا طبقة ناقلين حديث الثقلين, واحد وعشرين صحابي ناقلين هذه الرواية, يعني بحسب مبانيهم لا تواتر واحد, كم تواتر؟ خمسة تواتر, ملتفتين كثيراً واقعاً هذه المباني الإطلاع عليها كونوا على ثقة خير السند والعون لنا في تثبيت ماذا؟ وإلا إخواني أنا بودي إذا صار عندكم خلق ووقت اكتبوا في سند حديث الثقلين في مدرسة أهل البيت, انظروا كم سند صحيح تستطيعون أن تجدون فيه, انظروا كم سند صحيح فيه أصلاً, أصلاً فيه أسناد صحيحة أعلائية أو ما فيه عندنا؟ ابحثوهن هذه وإلا غداً تبتلون بذاك, على ساعة يقول أنتم ما عندكم رواية دالة على صحة ماذا؟ رواية في حديث الثقلين صحيحة السند, ماذا تقول له أنت واقعاً باحث هذه القضية. التفتوا جيداً.

    قال: [وقد يحصل بصفاتهم] إخواني الأعزاء نحن داخلين في معركة مفتوحة بكل أبعادها, إذا تريدون أن تدافعون عن المذهب لابد أن تتسلحون وإلا انتهى زمان أنّه نقول قضايا مسلمة وردت في كتبهم ومشكلة لا توجد, معركة بكل ما أؤتوا من قوة هم عندهم أدوات وأنتم لابد أن تهيؤون الأدوات لهذه المعركة المصيرية. [وقد يحصل بصفاتهم لدينهم وضبطهم] التفت [وقد يحصل بقرائن تحتف بالخبر يحصل العلم بمجموع ذلك وقد يحصل العلم بطائفة دون طائفة] إلى أن يقول: [والصحيح الذي عليه الجمهور أن التواتر ليس له عدد محصور] في النتيجة بماذا يتحقق التواتر؟ إذا والله ناس موثوقين بحسب مبانينا صحابة من أمثال سلمان وأبوذر وعمار بينكم وبين الله إذا رواية ينقلها هذه الطبقة سلمان وأبوذر وعمار عن علي ابن أبي طالب أنت تحتاج إلى ثلاثين نفر حتى يحصل لك العلم؟ أو بنفرين أو ثلاثة يحصل لك العلم؟ أما إذا لا ينقله مجموعة من الأصحاب إن صح التعبير من الدرجة الثانية والثالثة وليس معلوم بوثاقتهم ضبطهم علمهم و.. أنت بنقل اثنين أو ثلاث أو أربع يحصل لك العلم أو لا يحصل لك العلم؟ لا يحصل لك العلم.

    قال: [ليس له عدد محصور والعلم الحاصل بخبر من الأخبار] هذا بحث مفصل إن شاء الله الإخوة يراجعوه إلى أن يأتي في (ص58) يقول: [والتواتر لا يشترط له عدد معين بل من العلماء من ادعى أن له عدداً يحصل به العلم] إلى أن يقول: [وليس الأمر كذلك, فالخبر الذي رواه الواحد من الصحابة والاثنان إذا تلقته الأمة بالقبول والتصديق أفاد العلم عند جماهير العلماء ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم بصحته] مع أنه متواتر أو ليس بمتواتر بحسب المباني؟ ليس بمتواتر. إلى آخره.

    طيب هذه اتضحت إخواني الأعزاء. إذن على هذا الأساس أنّ هذه الأخبار واقعاً أنت, طبعاً يوجد تقسيم آخر يكون في علمك, تقسيم الذي الآن لو أريد أن أدخل فيه في أبحاث, ليس البحث في التواتر ولكن لضرورته أنا طرحته للإخوة وهو: أنّه قد يكون شيء متواتراً عند الخاصة ولا يكون متواتراً عند العامة, وقد يكون متواتراً عند العامة ولا يكون متواتراً عند الخاصة, يصير هذا؟ بلي يصير, يعني: أن الناس نقل عدد كبير مطلب معين ولكن عندما تعطيه للمحقق يقول لا, هذه عوامل متعددة داخلة على الخط خلقت هذا التواتر, هذا الإعلام وهذه الجرائد وهذه المجلات وهذه الأموال وكذا جعلت جمهور من الناس ماذا؟ قالوا مع أنّه ليس الأمر كذلك, وقد يكون عند الخاصة متواتراً يعني مفيداً للعلم إذا تأتي به إلى عموم الناس يفيدهم العلم أو لا يفيدهم العلم؟ لا يفيدهم العلم, فبين التواتر بين العامة والتواتر بين الخاصة عموم من وجه, فقد يجتمعان وقد يفترق العامي عن الخاصي وقد يفترق الخاصي عن العامي, وهذا أيضاً لا يوجد في كلمات علمائنا مع الأسف الشديد, في كلمات علمائنا تكلموا عن التواتر يعني عندما تأتي أنت إلى المنطق ونظرية المعرفة وأبحاث الأصول فلا يقسموا هذا التقسيم مع أنّه قد يحصل من نقل اثنين أو ثلاث أو أربع تواتر عند العالم المحقق ولكن هؤلاء الثلاثة أو الأربعة لو نقلوا عند العامة يحصل لهم التواتر أو لا يحصل؟

    بعبارة أخرى: يحصل عند العالم العلم ولا يحصل عند العامي العلم, وقد يكون الأمر بالعكس يحصل عند العامي العلم ولا يحصل عند الخاصة العلم.

    إذن قولكم أنّها ضعيفة السند أولاً: أدعي أنه ليس الأمر كذلك, لماذا؟ لأنّها متواترة ونقلنا كلمات التواتر, ولكن على هذا التفصيل الذي أشرنا إليه.

    الجواب الثاني: لا, ليس الأمر كذلك, من قال أن كلها ضعيفة السند بل فيها روايات صحيحة السند وأشار إلى لا أقل ثلاث أربع روايات, منها السيد الشهيد& بأنها صحيحة السند. قال في (تقريرات السيد الهاشمي, ج7, ص315) هذه عبارته, بعد أن ينقل روايتين يقول: [ومن نماذج هذه الطائفة سمعت ومثلها فلان, وهما صحيحتان سنداً] الرواية الأولى رواية أيوب ابن حمر, والرواية الثانية أيوب الراشد عن أبي عبد الله الصادق, قال: [وهما صحيحتان سنداً].

    وكذلك في (ص324) بعد أن ينقل رواية [ما يكون مفاده من قبيل رواية السكوني] قال: [وهي الأولى وإن كانت غير نقية سنداً, الثانية وهي رواية جميل ابن دراج غير نقية] السيد باعتبار السكوني تعلمون على الكلام الموجود في السكوني يقول: [والأولى وإن كانت غير نقية سنداً إلا أن الثانية وهي رواية جميل ابن دراج >الوقوف عند الشبهة< ..] إلى أن يقول: [>فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه< إلا أن الثانية صحيحة السند]. جيد.

    سؤال: طيب لو سلّمنا أن روايات العرض ليست متواترة, وإنما هي روايات على التقسيم الذي عندنا روايات آحاد, فهل تفيد العلم أو لا تفيد العلم؟ الجواب: لا يمكن لأحدٍ بالبيان الذي تقدم لا يمكن لأحدٍ أن يقول بمجرد هي أخبار آحاد إذن لا تفيد العلم, لا لا, لا توجد هكذا ضابطة عندنا, قد تكون رواية آحاد وتفيد العلم, وقد تكون رواية متواترة ولا تفيد العلم, التفت, فمباشرة أنه آحاد, لأنه هذه إخواني الأعزاء هذه القاعدة ما أدري أقولها للإخوة, بما أنه وصلنا إليها دعوني أشير إليها, أحفظوها لي جيداً هذه القاعدة, لأنّه مع الأسف الشديد أنّه نحن كل ما نتكلم في العقائد وروايات آحاد يقول هذه لا تفيد إلا ظناً والظن حجة في العقائد أو ليس بحجة في العقائد؟ ليس بحجة ويسقطون الروايات في كل العقائد. مع أنّه بناء على التحليل الذي بينته فكل رواية آحاد نسقطها عن الاعتبار أو لا نسقطها عن الاعتبار؟ في العقائد لا في الفروع, لا في الأحكام في العقائد؟

    الجواب: أنّه قد تكون روايات آحاد ولكن تفيد العلم فتكون حجة, إذن هذا الذي دائر على الألسنة من معممين وغير معممين وكذا هذه أخبار آحاد وأخبار الآحاد لا تفيد إلا الظن والظن لا يغني من الحق شيئا, هذا كلام عارٍ عن الدقة والتحقيق, نحن لا ندور مدار الخبر حتى نسأل أنه آحاد أو متواتر؛ لأنّ الموضوعية ليس للخبر بما هو خبر آحاد أو متواتر, وإنما الموضوعية لحصول العلم وعدم حصول العلم, وقد يحصل من خبر آحاد علم وقد لا يحصل من خبر متواتر علم. أليس هكذا.

    ولكن مع كل هذا, التفتوا جيداً, مبنى المشهور عندنا نحن أن خبر الآحاد بما هو خبر آحاد على التقسيم الذي عندهم, لا يفيد إلا العلم الظني بالثبوت, هذا هو مبنانا, صحيح أم لا, المشهور هذا ولهذا دخلوا, ولكنه في قبال المشهور هذا هناك مشهور آخر أين؟ عند الآخرين يعتقدون أن الخبر خبر الآحاد هو يفيد العلم عندهم, إخواني الأعزاء كل المحدثين عندهم كل الأشاعرة عندهم, كل علماء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة هؤلاء جميعاً يعتقدون أنّ خبر الواحد يفيد الثبوت القطعي لا الثبوت الظني, وهذا المبنى ينفعنا كثيراً إخواني الأعزاء في إلزام الآخر, الآن قد على مبنانا أن الخبر الظني أو خبر الآحاد لا يفيد إلا الثبوت الظني, ولكن على مبانيهم إذا ثبت أنّ خبر الآحاد يثبت الثبوت أو يعطي الثبوت القطعي ويفيد الثبوت القطعي كثير من عقائدنا موجودة بأخبارٍ صحيح في كتبهم وإن لم تكن متواترة.

    وأنا يكون في علمكم, أنا من أولئك الذين أعتقد أن خبر الآحاد عندهم بمنزلة الخبر المتواتر عندنا, إذا كانت تلك الرواية الصحيحة السند عندهم في فضائل أهل البيت لأنّ المبنى هو ماذا؟ إقصاء هذه الفضائل فعندما واردة رواية واحدة هذا معناه أنه كم رواية كانت موجودة؟ كانت توجد عشرين رواية, ثلاثين رواية, خمسين رواية التي بقي منها ماذا؟ بقي منها خمسة ثلاثة منها ضعيفات واثنين ماذا؟ صحيحة يقيناً إذا ثبت الصحيح عندهم اطمأنوا أن الرواية في أصلها ماذا كانت؟ متواترة. لماذا؟ لأن الطرف الآخر كان باني على ماذا؟ على إخفاء الحقائق المرتبطة بمقامات وبإمامة أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) خصوصاً ونحن عشنا فترة تصل إلى مائة عام تسعين عام كان هناك إقصاء كامل لكل المعارف النبوية, منع التدوين, فعندما منع التدوين إذن ومع ذلك بعد أن أجيز التدوين أنا أجد في نصوصهم أربعة روايات صحيحة السند على مبانيهم التي يحاولون بكل ما أوتوا من قوة أن يضعفوا الروايات ومع ذلك توجد أربعة أو خمسة أو سبعة صحيحة السند يعني أصلها كم كانت هذه؟ يقيناً كانت بالعشرة, يقيناً كانت أضعاف هذه الروايات الموجودة بأيدينا.

    ولذا نحن على هذا المبنى التفتوا لي جيداً. المعرفة تراث الآخر, تنفعكم كثيراً في السلاح الذي تريدون إعداده للوقوف أمام الطرف الآخر, في هذه المعركة العقائدية الفكرية الدينية المصيرية.

    نحن عندما راجعنا حديث الثقلين الذي أنا بودي أن يسمى أفضل يسمى حديث الخليفتين لأنه مع الأسف الشديد أُخذنا من هذه الجهة, ثقفونا بحديث الثقلين مع أنّه هو حديث ماذا؟ حديث الخليفتين >إني تاركٌ فيكم الخليفتين الكاملتين من بعدي< ولكن نحن ذهبنا الثقل والثقل يمكن تفسيره لغواً كل ما تريد تفسره, أمّا الخليفة ماذا يستطيعون أن يفعلوا لها؟ على أي الأحوال, عندما ذهبنا إلى حديث الثقلين وجدنا له صيغ وفي كل صيغه توجد أحاديث صحيحة السند, طيب الآن تعالوا إلى هذا المبنى الذي يعتقد أنّ الخبر الصحيح يفيد الثبوت العلمي القطعي لا الثبوت الظني الذي هو المشهور عندنا.

    هذا الكتاب أنصح الإخوة أنّه يأخذون هذا الكتاب وهو من الكتب الأساسية في علم الحديث عندهم وهو (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث, للحافظ ابن كثير, في مجلدين, شرح العلامة أحمد محمد شاكر) ويكون في علمكم أحمد محمد شاكر, الآن إذا وفقنا عنده دورة في التاريخ إن شاء الله إذا وفقنا في مرة ما إن شاء الله نقرأ لكم هذا ماذا يعتقد في أهل البيت, يعني أنا نادر كنت أرى في المعاصرين من يقول بأنه أساساً خرج على إمام زمانه وأخطأ في ذلك, في السابق نحن عندنا صاحب (القواسم والعواصم) ولكنّه من المعاصرين هذا في (تاريخه الإسلامي) يصرح بهذا بشكل واضح يقول وأخطأ في خروجه على يزيد. هكذا أناس إلى الآن ويكتبون الكتب الأساسية, المهم, (شرح العلامة أحمد محمد شاكر, وتعليقات المحدث ناصر الدين الألباني, هناك في ج1, ص126) هذا البيان يتعلق بأحمد محمد شاكر, لأن الحاشية الموجودة (ش) يعني مرتبطة بأحمد محمد شاكر وليست بالألباني, يقول: [اختلفوا في الحديث الصحيح] الحديث يعني خبر الآحاد [الصحيح هل يوجب العلم القطعي اليقيني أو الظني؟ وهي مسألة دقيقة تحتاج إلى تحقيق, أما الحديث المتواتر لفظاً او معنىً فإنّه قطعي الثبوت] طبعاً اتضح بأنه تعليقتنا على هذا النص كل خبر متواتر لفظاً أو معنىً قطعي الثبوت؟ الجواب: كلا, إن أورث العلم فهو قطعي الثبوت, إن لم يورث العلم فهو ليس بقطعي الثبوت يقول: [لا خلاف في هذا بين أهل العلم وأما غيره من الصحيح] يعني خبر غير المتواتر [فذهب بعضهم إلى أنه لا يفيد القطع] كما هو المشهور في مدرسة أهل البيت [بل هو ظني الثبوت وهو الذي رجحه النووي في التقريب, وذهب غيرهم إلى أنّه يفيد العلم اليقيني وهو مذهب داوود الظاهري ومذهب ابن الصلاح وكذلك مذهب العراقي] إلى أن يقول: [ونقله عن أبي إسحاق والأسفرائيني والقاضي أبي الطيب وأبي إسحاق الشيرازي من الشافعية والسرخسري من الحنفية والقاضي عبد الوهاب من المالكية وأبي يعلا وأبي خطاب من الحنابلة وعن أكثر أهل الكلام من الأشعرية وعن أهل الحديث قاطبةً وهو الذي اختاره الحافظ ابن حجر واختاره المؤلف ابن كثير] هؤلاء كلهم يعتقدون أن خبر الآحاد يفيد الثبوت القطعي. [والحق الذي ترجحه الأدلة الصحيحة ما ذهب إليه هؤلاء حيث قال وهذا العلم اليقيني علم نظري برهاني وأكادُ أوقن أنه أكثر علماء الإسلام هذا رأيهم] طيب هذه نتيجتها أين تنفعنا؟ نتيجتها عندما ننقل رواية منهم وهي حديث صحيح على مبانيهم لإثبات قضية عقدية, فلا يمكن أن يشكلوا علينا ويقولوا أنه خبر ظني وليس حجة أين؟ في العقائد, هذا من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم, ما أدري هذه واضحة هذه القضية. هذه حققوها واكتبوا فيها رسالة في هذا المجال, هذا هو الجواب الثاني. إذن قولكم أنها ضعيفة السند لا, تبين أنها صحيحة السند.

    وثالثاً -وهو الأهم منها جميعاً- وثالثاً: أنّ هذه الروايات مجمعٌ عليها بين جميع العلماء, نقلت هذه الروايات بينهم جميعاً, نعم طائفة منهم ضعفوها ولكنه ليس الجميع الذين ضعفوا هذه الروايات.

    وإذا صارت مجمع عليها, انظروا البحث السابق كان إلزامي يعني من باب ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم, أما هذا الوجه الثالث ليس إلزامي وهو أنه من باب لا تجتمع أمتي على خطأ ولا تجتمع أمتي على ضلالة, والآن الأمة اجتمعت على أي روايات؟ على روايات العرض على الكتاب, إذن الاستدلال بهذا الإجماع ليس استدلالاً إلزامياً استدلالاً جدلياً, بل هو استدلال واقعي برهاني.

    ولذا حاولوا في أي قضية تريدون أن تبحثوا عنها إذا هي في موارد الخلاف حاولوا أن توجدوا إجماع في تلك المسألة المبحوث عنها, لا أريد أطيل الكلام لأنه كنت قد أتيت بكلام هذا في هذا المجال والروايات والنصوص الواردة, الإخوة إذا يريدون أن يراجعوه موجود في كتاب (نضم المتناثر من الحديث المتواتر) جداً كتاب جيد, ولكن مع الأسف الشديد لم يطبع طبعة حديثة وإنما مطبوع طبعة قديمة, طبعة حديثة لم أحصل عليها هذه, وهو في (ص104) من الكتاب هذه عبارته, يقول: [أحاديث عصمة الأمة] هذه الروايات تدل على أن الأمة معصومة, طبعاً نحن في أبحاثنا أيام الظهور أن الأمة تصل إلى ماذا؟ إلى العصمة, ولذا في مسألة انتخابها تخطأ أو لا تخطأ؟ الروايات تقول أنها في انتخابها الأمة لا تخطأ أبداً, أما بخلاف هذا الزمان قد الأمة تنتخب ويخرج إنسان حرامي, ممكن أو ليس بممكن؟ بلي ممكن, (كلام أحد الحضور) نعم, أنتم نياتكم ليست … وإلا (كلام أحد الحضور) نعم, الإخوة الذين تبسموا نياتهم فيها إشكال وإلا أنا كلامي عام …

    يقول: [عصمت الأمة وأنها لا تجتمع على ضلالة وخطأ] يقول: [ذكر ابن الهمام في التحرير وغير واحد أنها متواترة معنىً] الآن اللطيف لماذا متواترة؟ يقول: [أنها نقلت عن خمسة من الصحابة] يقول: [عن ابن عمر] الثاني [عن أبي بصرة أو بُصرة الغفاري] الثالث [عن أبي مالك الأشعري] الرابع: [عن أنس] الخامس [عن ابن عباس] هؤلاء ماذا؟ هؤلاء خمسة من الصحابة فإذن تكون متواترة, طيب إذا تم هذه الروايات متواترة, الآن مع النقاش الموجود في الكلمات الآن ما أريد أن أدخل في هذا البحث, >لا تجتمع أمتي على ضلالة< إذن هذه الروايات مجمع عليها.

    المانع الثاني: أنّ هذه النصوص بنفس القانون الموجودة في هذه النصوص لابد من عرضها على ماذا؟ على كتاب الله لأن الروايات قالت: >ما جاءكم عني< وهذه الروايات ماذا؟ جاءتنا عنه نقلت إلينا عنه, حكيت لنا حدث بها حدثنا بها عن رسول الله, إذن القانون ماذا يقتضي نفس القانون؟ يقتضي أن نعرض نفس هذه النصوص على كتاب ربنا, وعندما نعرضها على كتاب ربنا موافقة للقرآن أو مخالفة للقرآن؟ هؤلاء يقولون أنها مخالفة للقرآن لماذا؟ لأن القرآن قال: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} مطلق كلما جاءكم عن الرسول تجب ماذا؟ ولا يوجد فيه تفصيل أنه >اعرضوه على كتاب ربنا فإن وافق فخذوه وإن خالف< ماذا؟ {ما آتاكم الرسول فخذوه} هذا فيه تفصيل أو ليس فيه تفصيل؟ هذا مطلق, إذن عرضناها على كتاب ربنا مضافاً إلى الروايات الواردة, عندهم روايات تقول مضمونها صريح وواضح.

    من هذه الروايات ما جاء في (مسند أحمد ابن حنبل, ج39, ص287) من هذا الكتاب, الرواية: >عن النبي’ قال: لأعرفنّ ما بلغ أحدكم من حديثي شيء وهو متكأ على أريكته فيقول ما أجد هذا في كتاب الله< عند ذلك فيطرح الحديث لماذا؟ لأنه لم يجده في كتاب الله, يقول بالكم وإياكم أنه غداً يأتيكم الحديث عني ماذا تفعلون؟ تقولون لم نجده في كتاب الله فتتركونه والعبارة واضحة يقول: [حديث صحيح] من؟ شعيب الأرنؤوط العلامة الأرنؤوط, الآن يذكر أنظروا حاشية قيمة هذا الكتاب في هذه, وهو أنّه هذا الحديث بكم طريق ورد وجميع الطرق صحيحة أو غير صحيحة, هذا مضمون ما ورد في الكتاب وما ورد والروايات المؤيدة للكتاب.

    ولذا تجدون بأنّه ابن القيم الجوزية الذي هو أهم من تلامذة ابن تيمية هناك في كتابه (إعلام الموقعين, ج2, ص89) هذه عبارته, عبارة جداً مهمة, يقول: [فأمر الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله وأعاد الفعل إعلاماً] يعني كرر {أطيعوا} [بأن طاعة الرسول تجب استقلالاً] طيب سيدنا أطفأه ما يصير هكذا..

    [بأن طاعة الرسول تجب استقلالاً من غير عرض ما أمر به على الكتاب] لا نحتاج أن نعرض على الكتاب لأن الآية صريحة {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} [بل إذا أمر وجبت طاعته سواء كان ما أمر به في الكتاب أو لم يكن فيه فإنّه ..] إلى آخره.

    إذن يستفاد من هذه الآية المباركة أنّها روايات العرض موافقة للكتاب أو مخالفة للكتاب؟ تكون مخالفة للكتاب. والجواب يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1187

  • جديد المرئيات