نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (102)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    بحمد الله تعالى انتهينا في البحوث السابقة من بيان النوع الأول من التشريعات وهي التشريعات التي عبرنا عنها أنها تشريعاتٌ تعبر عن الشريعة وهي جزء ثابتٌ في الشريعة لا تقبل الزيادة ولا النقيصة ولا التغير وهذا من ضروريات الشريعة الإسلامية >حلال محمد’ حلال إلى يوم القيامة, وحرام محمد’ حرام إلى يوم القيامة< وهي روايات كثيرة وبعضها أيضاً صحيحة السند ومعتبرة.

    مضافاً إلى أن هذه تعدّ من الضروريات ومن الأمور الثابتة, ثمّ بينا بأن هذا النوع من التشريعات بعضها صدر من الله (سبحانه وتعالى) مباشرةً, يعني بوحي منه (سبحانه وتعالى) وبعضها كان بتشريعٍ من الرسول الأعظم’ بعد أن فوّض الله إليه ذلك.

    هذا هو النوع الأول من التشريعات, وبينا بأن التمييز بين هذين النحوين من التشريعات الثابتة تترتب عليها آثار مهمة وأساسية وقفنا عند بعضها في الأبحاث السابقة.

    النوع الثاني من التشريعات: وهي تلك الأوامر والنواهي الصادرة عن النبي الأكرم’ لا بلحاظ كونه مشرّعاً ومبيّناً للتشريع الإلهي وإنما هي أوامر ونواهي صدرت عنه’ بلحاظ كونه مؤتمَناً على تطبيق الشريعة وعلى تنفيذ تلك التشريعات التي تقدم الكلام عنها في النحو الأول.

    مَثَلاً: لا إشكال ولا شبهة أنه صدر من الله (سبحانه وتعالى) وجوب الزكاة, وجوب الزكاة من التشريعات الثابتة في الشريعة ولا مجال لتغييرها, ولكن السؤال في هذا المورد الثاني أو النوع الثاني من التشريعات هل أنه فقط أن الله (سبحانه وتعالى) شرّع للمكلف وجوب الزكاة وأوكل إليه الأمر إن شاء أعطى وإن لم يشأ لم يعطي.

    وبعبارة أخرى: صدرت توصية من الله (سبحانه وتعالى) للمكلف أنه أدي الزكاة فإن أديت الزكاة فبها ونعمت وإن لم تؤدي الزكاة لا يجبرك أحد على إعطاء الزكاة.

    الله (سبحانه وتعالى) بين الحدود الشرعية, من فعل كذا فعليه حد كذا, ومن ترك كذا فعليه حدُّ كذا, هل بين هذا فقط الله (سبحانه وتعالى) أو بالإضافة إلى ذلك قال لنبيه طبق ذلك في حياة الناس وفي حياة الأمة أي منهما؟

    تارةً – التفتوا إلى هذا البحث وأبين أهمية هذا البحث بعد ذلك- تارةً نفترض أن الله (سبحانه وتعالى) فقط شرع التشريعات ولكنه تنفيذه وتطبيقها في حياة الأمة أوجب ذلك على أحدٍ معين بأن يطبقها أو لم يوجب ذلك؟ قد نقول أنه لم يوجب ذلك, وعند ذلك يكون المسلم يكون المؤمن بالخيار إن أعطى فبها ونعمت وإن لم يعطي لا يقول له أحد لماذا لم تعطي وإنما على سبيل المثال يؤاخذ يوم القيامة, وأخرى نقول لا, أن الله (سبحانه وتعالى) كما لم يفوض أمر التشريع إلى الناس وإلى المكلفين, بل هو المشرع لهم للأحكام للأوامر للنواهي ايضا لم يفوض إليهم أمر التطبيق في الحياة وإنما نصب أحداً أو واحداً لتطبيق ذلك في حياة الأمة, إذن إذا أردنا أن نتكلم باللغة العصرية تارةً نقول أن الله فقط توجد عنده سلطة تشريعة ولم يجعل سلطة تنفيذية في الأمة, وأخرى نقول لا, أن الله كما تكون له السلطة التشريعية والتشريع كذلك جعل في الأمة ونصب في الأمة سلطة تنفيذية تطبق تلك الأحكام تنفذ تلك الأحكام, تجري تلك الأحكام, مؤتمَنة على جريان وتطبيق تلك الأحكام في حياة الأمة.

    طيب إذا قبلنا الأمر الثاني التفتوا إليه, إذا قبلنا الأمر الثاني يعني كما توجد هناك سلطة تشريعة في الإسلام, توجد هناك سلطة تنفيذية في الإسلام, طيب هذا الإمام هذا الشخص هذا الوالي هذا الحاكم هذا القائد – عبر عنه ما شئت- الآن لسنا بصدد التسمية, هذا عندما يأتي ويريد تطبيق تلك الأحكام يحتاج إلى أوامر ونواهي لتطبيقها أو لا يحتاج؟ يعني لابد أن يكون عنده جهاز لجباية الزكوات, بتعبيرنا هذه الأيام – بجباية الماليات أو الضرائب- أليس هكذا, يعني ماذا؟ يعني أنه إما أن يعطي الزكاة وإذا لم يعطي الزكاة ماذا يفعل له؟ يؤاخذ على ذلك يحاسب على ذلك, ولذا تجد القرآن الكريم إنشاء الله بعد ذلك بحثه سيأتي, لم يقل فقط أن الزكاة واجبة وإنما قال لرسوله ماذا؟ {خذ من أموالهم صدقة} يعني لا فقط سلطة تشريعية وتشريع وجوب الزكاة وإنما إقامة الزكاة ولذا ذكر جملة من المفسرين أن صلوا غير إقامة الصلاة في حياة الأمة.

    طيب السؤال المطروح هنا: واقعاً هو أنه هذه التشريعات هذه الأوامر التي تصدر من النبي بما هو قائدٌ بما هو مديرٌ بما هو منفذ بما هو مجرٍ ومطبق لتلك الأحكام أن هذه الأوامر التي تصدر منه أيضا جزء من الشريعة أو أنها ليست جزء من الشريعة؟

    هذا الذي يصطلح عليها العلماء يعبرون عنها بالأحكام السلطانية, بالأحكام الولائية, بالأحكام الحكومتية, هذا الذي يعبر عنه عند الفقهاء بحكم الحاكم حكم الحاكم الشرعي هل هو جزء من الشريعة؟ لا أبداً, وإنما هو تشريعٌ أمر, نهي, لتدبير أمور الناس, هذا الذي يعبر عنه في زماننا بالإمامة السياسية وهي غير الإمامة التشريعية, أين أهمية هذا البحث إخواني الأعزاء؟

    واقعاً أهمية هذا البحث تنبع من النكات التالية التفتوا جيداً:

    النكتة الأولى: أنه لابدّ أن نعرف أن النبي’ هل له شأن من قبيل هذا الشأن أو ليس له ذلك.

    وبعبارة أخرى: أن النبي والرسول كان فقط مبيناً للأحكام أو أنه مبينٌ ومقيمٌ للأحكام في الأمة, أي منهما؟ أنت قد تقول لي: سيدنا هذه المسألة من الواضحات.

    الجواب: كلا إخواني الأعزاء, الآن كلام كبير وخطير وواسع موجود أنه لم يثبت أنه النبي’ كان له شأن وراء إبلاغ الرسالة وبيان الشريعة – ما عنده وظيفة أخرى في الأمة- يعني توجد عنده إمامة سياسية أو لا توجد عنده إمامة سياسية؟ لا توجد عنده إمامة سياسية, طيب تعرفون هذه نتيجتها ماذا؟ نتيجتها في هذه المعركة التي صار لها ألف وأربعمائة سنة أن علي بن أبي طالب خليفة أو ليس بخلفية لها موضوع أو لا موضوع لها؟ لا موضوع لها, لماذا؟ لأن الرسول ليست له إمامة سياسية الأصل فكيف تتكلمون أن علياً له إمامة سياسية.

    وأنا أتصور أن الإخوة الذين الآن في هذا الوقت يطالعون ويراجعون بعض الكتابات – طبعاً من القديم موجودة من مائة سنة- موجودة كتابات متعددة أساساً الإسلام هو دين توصيات دين بيان مجموعة من الأحكام, الآن الناس أرادوا يعملوا لا يريدون لا يعلمون هم أحرار, ولا يوجد هناك في ضمن منظومة الدين من عنده مسؤولية إقامة الدين ولا هناك مسؤولية على عالم الدين أن يقيم حكماً دينياً, ليست وظيفته هذه, وظيفته أن يصعد المنبر ويقول أيها الناس صلوا, وانتهت القضية, أيها الناس لا تشربوا الخمر انتهت القضية, أيها الناس افعلوا كذا لا تفعلوا كذا, أما هل توجد عنده وظيفة أن يقيم جهازاً ودولةً ونظاماً لتطبيق شريعة الله في الأرض أو لا توجد عنده وظيفة؟ لا توجد, طبعاً هذا لا يقولونه في زمن الغيبة, التفتوا جيداً, الآن كثير من فقهائنا في عصر الغيبة يقولون هذا رأيهم, يقولون إقامة الحدود موكول إلينا أو ليس موكول إلينا؟ ليس موكول إلينا, الآن ما أتكلم أنا في زمن الغيبة, أتكلم في النبي’, فإن ثبت هذا الشأن للنبي التفتوا جيداً, عند ذلك لابد أن نتعرّف على تلك الأوامر والنواهي التي صدرت من النبي’ لا بعنوان أنه مشرّع ومرسَل ونبي, بل بعنوان أنه إمام في الأمة.

    تقل لي لماذا نحتاج إلى تمييزها؟

    الجواب: لأنه إذا كانت من القسم الأول فهي جزء من الشريعة, أما إذا كانت من القسم الثاني فهي جزء من الشريعة أو ليست كذلك؟ هي تدابير أوامر تدبيرية وليست أوامر دينية تشريعية جزء من الشريعة, لتدبير حياة الناس, لإدارة حياة الناس, ومن هنا فهي ثابتة أو متغيرة؟

    أولاً: ليست جزء من الشريعة.

    وثانياً: ثابتة أم متغيرة؟ لا قد يصدر تدبير في العصر المكي وفي المرحلة المكية بشكل, ويصدر التدبير في المرحلة المدنية بشكل آخر.

    وهذا الذي بعد ذلك إنشاء الله ثمرته أين تظهر؟ أن كثيراً, جملة من الفقهاء آمنوا أن كثيراً من الأحكام والتشريعات والأوامر والنواهي التي صدرت من النبي’ صدرت بعنوان أنه ماذا؟ بعنوان أنه مشرّع؟ يقول لا, ليست كل تشريعاته من هذا القبيل, ليس كل أوامره ونواهيه من هذا القبيل, وإنما بعضها من القسم الأول وبعضها من القسم الثاني. فإذا ثبت أنها من القسم الثاني, فيجب عليّ أن أنفذها في حياتنا مثل الصلاة والصوم أو ليست كذلك؟ ليست كذلك.

    هذا هو النكتة الأولى في الأهمية.

    النكتة الثانية: إذا ثبت هذا الشأن للنبي الأكرم’ فهل أن هذا الشأن ثابت للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) من بعده أو ليست كذلك؟

    لأنه قد يقال: أن الأئمة كانت بأيديهم الحكومة أو ليست بأيديهم؟ هل كانوا هم قادة سياسيين أم لم يكونوا؟ لم يكونوا, يعني الجهاز الحاكم كان بأيديهم أم لم تكن الأجهزة بأيديهم؟ لم تكن, إذن لا معنى لأن تصدر منهم أوامر سلطانية, أوامر وتشريعات ولائية, أحكام ولائية, لا معنى له.

    وأين تظهر أهمية ذلك؟

    أهمية ذلك أنه إذا ثبت هذا المعنى للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) عند ذلك لابد أن نميز أن الإمام عندما بين هذا الحق أو بين هذا الحكم بينه بعنوان أنه جزء من الشريعة أم بينه بعنوان تدبير من التدابير التي بها يدير أمر شيعته في ذاك الزمان, أي منهما؟

    حتى يتضح للأعزاء الإخوة هذا المعنى, باب الخمس هذا المعنى وارد فيه, جملة من الفقهاء ذهبوا إلى أن الخمس ليس هو من التشريعات من القسم الأول الثابتة في الشريعة, وإنما هي من التدبيرات التي صدرت من الإمام الصادق وبعد ذلك لإدارة وضع الشيعة, للإدارة المالية, لأنه لم يكن هناك, الزكاة كانت بأيدي من؟ بأيدي الحكومات, الزكاة تعطى للأئمة أو تعطى لمن؟ تعطى للجهاز الحاكم للسلطات, طيب هم من أي طريق من طريق الغيب يأتون بالمال لرفع حاجات الشيعة؟ يقول: جعلوا الخمس لا جعلوا الخمس بعنوان تشريع ثابت, بل جعلوا الخمس بعنوان تشريع ولائي.

    ومن هنا طرحت هذه المسألة عندهم: إذا كان هذا تشريعاً ولائياً مختص بزمانهم أو موجود ما بعد زمانهم؟

    القائلون التفتوا جيداً هذا البحث كله – هذه كلها مقدمات بحث الخمس الذي إنشاء الله سنقف عنده تفصيلاً- القائلون بأن الخمس حكم ولائي وليس تشريعٌ ثابتٌ من القسم الأول, قالوا أن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بعد ذلك حللوه في زمانهم في زمن الغيبة, روايات التحليل حملوها على ماذا؟ قالوا إذا كانت جزء من الشريعة هل يمكن للنبي أو للإمام أن يبيح شيئاً شرعه الله (سبحانه وتعالى) هل يجوز للإمام أن يقول صلاة الصبح ركعتان أنا أقول في زمن الغيبة أنا غير موجود فلا تصلون صلاة الصبح ممكن أو غير ممكن هذا؟ غير ممكن أبداً.

    قالوا: لو كان من التشريعات التي هي من النوع الأول لأمكن لأحدٍ أن يتصرف فيها أو لا يمكن؟ لا يمكن, ولكن بتحليلها >ما كان لنا فهو لشيعتنا< يتبين أنه هذا الذي جعلوه بعد ذلك رفعوه – أنا الآن ما أريد أن أفتي ولا أريد أن أبين هذا رأي أبداً- وإنما أريد أن أبين خارطة البحث أنه أساساً تترتب عليها ثمرات أساسية, طيب متى نستطيع أن نقول هذا حكم سلطاني ولائي صدر من الأئمة, إذا أثبتنا في الرتبة السابقة أن الأئمة أيضا توجد عندهم أحكام, أحكام ولائية.

    البحث الثالث: الذي هو يرتبط بحياتنا المعاصرة, إخواني الأعزاء, أخرج ملاحظة وأرجع.

    إخواني الأعزاء, الفقه إنما وجد وله أهمية ذلك الفقه الذي يعيش مشاكل الأمة ويجيب على تساؤلات الأمة, أما الفقه الذي لا ينفع إلا في بطون الكتب, فهذا فقه ميت, ما هي فائدة مثل هذا الفقه, الفقه مرتبط بحياة ماذا؟ بحياة الناس, أنت الآن اذهب وابحث كتاب الحج, في ألف مسألة ولكن الآن لا ابتلاء بها – بينك وبين الله له قيمة أو لا قيمة له- الآن لو ترجع إلى كتاب الحج في العروة تجد هناك عشرات المسائل لها موضوع في زماننا أو ليس لها موضوع في زماننا؟ لا موضوع لها في زماننا, نبحثها أو لا نبحثها؟ واقعاً للبعد الفني والعلمي قد نبحثها وإلا لها ارتباط مباشر, والفقه هو البُعد العملي في الشريعة, الفقه ليس هو البُعد النظري حتى نبحثها لأنها كمال, الفقه هو البُعد العملي في الشريعة.

    النكتة الثالثة: في أهمية هذا البحث وهو: إذا ثبت – التفتوا جيداً, لأنه كثيراً من الإخوة يسألون ويطلبون البحث في هذه النقطة- إذا ثبت أن النبي كما له شأن التشريع له شأن القيادة والإمامة السياسية في الأمة, وإذا ثبت أن هذا الشأن كما هو ثابت للنبي ثابت لمن؟ للأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    السؤال: أن هذا الشأن ثابت لمن يقوم مقام الإمام في عصر الغيبة أو ليس ثابتاً؟ وإذا كان هذا الشأن ثابتاً ما هي حدود الصلاحيات التي أعطيت لمن يقوم مقام الإمام في إدارة وضع الأمة؟ هنا تجدون الفقهاء ماذا اختلفوا؟

    قول بنحو السالبة الكلية قال: أبداً هذا شأن من؟ إقامة الشريعة في حياة الأمة شأن المعصوم, ولذا لا فقط أنهم قالوا ليسوا من شأننا, أساساً حتى في رسائلهم العملية حذفوا أبواب الحدود والديات و … إلى غير ذلك لماذا؟ لأنهم قالوا هذا شأنٌ من شؤون من؟ من شؤون حضور المعصوم, والآن المعصوم غائب, وأنا مسؤول أو لست مسؤولاً عن ذلك؟ لست مسؤولاً.

    نعم, أقصى ما ينبغي عليّ هي السلطة التشريعية – إن صح التعبير- وهو أن أكتب رسالة عملية وأبين ماذا؟ – ارجعوا أنتم إلى كلماتهم وإذا صار وقت سوف أأتي بالكلمات وأقرأها- وبعد هذا أيضا إذا ترافع إليك اثنان فقط بين الحكم لا نفذ الحكم, يعني تقول فلان تخاصم مع فلان, تقول الحق مع فلان, يقال له طيب أيها الحاكم الشرعي لم يعطي لي فلان؟ يقول: له طيب ماذا أفعل لك اذهب وادعوا الله (سبحانه وتعالى) أنا ما استطيع أن أفعل لك شيئاً التفتوا جيداً.

    بعض الفقهاء في زمن الغيبة عندما يقول للفقيه حق الحكومة بمعنى القضاء لرفع التخاصم لا لتنفيذ ذلك, بل لبيان الحق فقط, لا أنه له جهاز يقول إذا كان الحق أخذوا من هذا وأعطوه لهذا, وإذا كان الحق معك أنه ثبت أن هذا افترض زاني أقيموا عليه الحد, لا ليس هكذا لا يوجد له هكذا حق, لأن إقامة الحد من شؤون من؟ من شؤون الحاكم المعصوم, بل أكثر من ذلك حتى إقامة الجمعة في زمن الغيبة قالوا من شؤون من؟ من شؤون الإمام المعصوم, فلذا ذهب لفيف من علمائنا إلى حرمة إقامة الجمعة في زمن الغيبة, ما أدري واضح أم لا.

    إذن هذه القضية التي الآن نبحثها مرتبطة بحياتنا أو غير مرتبطة بحياتنا؟ أصلاً في صميم حياتنا, وفي المقابل هذه 180 درجة في السالبة الكلية, في المقابل توجد الموجبة الكلية الآن إذا ذاك جعلته اليمين هذا أجعله في أولئك, أولئك في أقصى اليمين وهؤلاء في أقصى اليسار – طبعاً ليس اليمين واليسار السياسي- ذاك بحث آخر, ماذا قالوا؟ قالوا: هذا الشأن بكامله الذي ثبت للنبي وللأئمة لمن؟ – أنا ما أقول للفقيه الجامع للشرائط لأنه عندي بحث فيه- لمن يقوم مقام النبي والإمام, فكل الصلاحيات الثابتة له ثابتة لمن؟ لمن يقوم مقامه, يعني عنده ماذا؟ يعني هناك تصدر منه مجموعة من التشريعات لا بعنوان أنها جزء من الشريعة, بل بعنوان أوامر ونواهي لأي شيء؟ تدبيرية سلطانية.

    وجملة من علمائنا ومنهم السيد الشهيد+ وغيره من الأعلام, يعتقدون أن قوله تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} هذه {أولي الأمر} كما هي شاملة للأئمة شاملة لكل ولي الأمر إذا اجتمعت فيه الشرائط في زمن الغيبة تجب طاعته, وهذه هي نظرية, ولاية الفقيه المطلقة, وبينهما أقوال: بعض يقول لا, حدوده عشرة بالمائة, بعض يقول: حدوده ثلاثين بالمائة, بعض يقول: حدوده خمسين بالمائة.

    ثم هنا بحث آخر نكتة أخرى, التفتوا جيداً, وهي:

    أن هذه نظرية ولاية الفقيه الآن إما بعرضها العريض, إما ببعض مستوياتها هل هي تعدّ من الأجزاء الثابتة في الشريعة يعني من القسم الأول من التشريعات, أو أنه لا لو ثبت نظرية ولاية الفقيه, فهي من الأوامر السلطانية والولائية التي صدرت من الأئمة في زمن الغيبة أي منهما؟ ما أدري واضح – استطعت أن أوصل الفكرة للإخوة أم لا- وتترتب عليها آثار كثيرة ايضاً أن تكون جزءاً من الشريعة وأن تكون حكم صدر من الأئمة له حدود قد يوسعوها, قد يضيقوها, قد موضوعها يبقى قد موضوعها يرتفع.

    حتى أكون معكم – في تطبيق عملي- الآن هذا العراق أمامكم ولا أقل كثير من الإخوة إن لم يكن جميع الإخوة يعلمون ماذا يجري في العراق, واقعاً ما هي وظيفة الفقيه أو الذي يقوم مقام الإمام في عصر الغيبة هل هو مسؤول عن إقامة حكم الله في العراق أو غير مسؤول؟ فقط يقدم توصيات يذهبون عنده يقول أنا قلت لهم سمعوا مني أو لم يسمعوا؟ لم يسمعوا مني, طيب أنا أيضاً أجلس في البيت وما هي علاقتي, هل هذه وظيفة الفقيه – يعني أنا وظيفتي فقط أقدم توصيات- أو لا, أسعى بكل وجودي لإقامة ماذا؟ لإقامة الحكم في العراق أي منهما؟

    وأنتم تجدون أمامكم أنه فقهاء معاصرين عندنا فقهاء بذلوا كل شيء لإقامة ماذا – حتى أعطوا دمائهم في العراق- حتى يقيمون ماذا؟ حكم الله في العراق, وفقهاء آخرين حتى عندما توفرت الشروط يقولون عندنا مسؤولية إقامة الحكم الإسلامي أو ليست عندنا مسؤولية؟ لا مسؤولية عندنا, نعم من جاء إلينا وطلب منّا توصية نحن ماذا نقدم له؟ نقدم له استشارة نقول له إذا هكذا فعلتم فجيد وإذا لم تفعلوا فموفقين الله يوم القيامة ….

    أنت الآن كعالم وبكرة تصير مجتهد وبكرة إنشاء الله تصير مرجع من المراجع في العراق ما هو تكليفك الشرعي؟

    إذن لا يتبادر إلى الذهن أن بعض الإخوة – سيدنا هذه الأبحاث ما هي علاقتها- هذه من صميم الفقه هذه, سيدنا ما هو علاقتها بالفقه, هو هذا الفقه, الفقه هو هذا إخواني الأعزاء الفقه ليس أنه أنت ثلاثة آلاف مسألة تعرف في باب الطهارة, الذي ثلاثة منها ليست مورد ابتلاء, ما هي فائدة ذاك الفقه, ولذا أنتم تجدون يوماً فيوم الناس يبتعدون عن فقه الرسالة العملية لماذا؟ لأنه في الأعم الأغلب ما كتب في الرسائل العملية محل ابتلاء الأمة أو ليس محل ابتلاء الأمة؟ ليس محل ابتلاء الأمة, هذا هو الفقه المبتلى به.

    ولكن أنا أعذر بعض الإخوة الذين يسألونني, لأنه ذائقتهم الفقيهة في حوزاتنا العلمية باتجاه العروة وشروح العروة تلك هي ذائقة, كيف أن الإنسان عنده ذائقة إذا أكل شيء لا يوجد فيه ملح ماذا يقول؟ يقول هذا (ماصخ) ما فيه ملح, ذائقتكم طبيعي عشرين سنة ثلاثين سنة عشتم مع الشرائع ولمعة ومكاسب الآن بمجرد أن نريد بعض المسائل نبدلها يقول هذا أي فقه هذا, الفقه هو هذا, الفقه هو الذي يدير الحياة يعطي يؤمن احتياجاتك في الحياة, وهذه الآن محل ابتلائكم الآن أنتم.

    إذن هنا لابد في عقيدتي إذا يسمح لي الإخوة إنشاء الله تعالى, لابد أن نقف عند هذه المسألة أو عند هذه المسائل.

    التساؤل الأول: إخواني الأعزاء, والآن محل بحثٍ قلت لكم أول من كتب في هذا ولعله هو من أفضل من كتب ورد نظرية أن النبي’ له إمامة سياسية مصطفى عبد الرازق – قبل ستين سبعين سنة- الحكم في الإسلام من الكتب القديمة والمهمة وأثبت في ذلك الكتاب أن الإسلام مجموعة توصيات وقضايا أخلاقية لا علاقة له بإقامة الحكم حتى رسول الله, وهذه في الآونة الأخيرة سمعتموها على بعض الفضائيات, أن علي بن أبي طالب عنده مرجعية دينية وعنده مرجعية أخلاقية يعني يرجع إليه ولكن توجد له مرجعية سياسية أو لا توجد؟ لماذا؟ لأن رسول الله لم يكن إماماً سياسياً حتى يكون خلفته كذلك.

    إذن التساؤل الأول الذي لابد أن يطرح: وهو أن رسول الله هل يوجد له مثل هذا الشأن أو لا يوجد له؟ لا تقل لي هذه قضية كلامية؟

    الجواب: نعم قضية مسألة كلامية ولكن لها آثار أين؟ آثار فقهية, لأنه أنا أريد أن أميز التشريعات التي صدرت منه بعنوان أنه مشرع والتشريعات التي صدرت منه بعنوان أنه ما هو؟ حاكم, لأنه تلك ثابتة غير متغيرة وهذه متغيرة وغير ثابتة, هذا التساؤل الأول.

    التساؤل الثاني: إن لم يكن أهم من الأول فلا يقل أهمية عن الأول, وهو أن الذي يقوم بهذه المسؤولية وهي الإمامة في الأمة يعني الإمامة السياسية يعني عبر عنه السلطنة التنفيذية – وأنتم تعرفون- أنه عندما أقول سلطة تنفيذية باصطلاحنا المعاصر واضح, يعني فيها وزارة الدفاع وأيضا فيها وزارة الداخلية وأيضا فيها وزارة المالية وأيضاً فيها وزارة الخارجية وأيضا فيها وزارة المخابرات وأيضاً فيها … عشرات الوزارات يعني كل هذه الشؤون, نعم قد تتعقد وقد تكون ماذا؟ ولكن كلها موجودة, كل هذه الشؤون موجودة, هل أنّ من يقوم بهذا الدور هل يشترط أن يكون معصوماً أو لا يشترط؟ فإذا اشترطنا العصمة فيمن يقوم بهذا الدور.

    وهذه إشكالية معاصرة يوردوها إلينا إخواني الأعزاء ارجعوا إلى الكتابات المعاصرة إذا أردتم أن تعيشوا زمانكم لا أن تعيشوا خارج تاريخنا خارج عصرنا, الآن يطرح هذا التساؤل إخواني الأعزاء وهو: أن الحكومة والحاكم والإمام السياسي هل يشترط فيها العصمة أو لا يشترط أجيبونا؟

    فإن قلتم: يشترط فيه العصمة, إذن بأي إذن أقمتم حكومة إسلامية في زمن الغيبة, يوجد معصوم أو لا يوجد؟ لا يوجد, إذن أنتم خالفتم مبانيكم في مدرسة أهل البيت.

    وإن قلتم: لا يشترط فيه العصمة, إذن لماذا تشكلون على شرعية خلافة الأول والثاني, نعم أشكلوا عليهم إذا لم يكونوا عدولاً لم يقوموا بمصلحة الأمة, أما إذا قاموا بهذا شرعية توجد أو لا توجد؟ توجد, لأنه لا يشترط في الحاكم أن يكون معصوماً.

    ولعله كونوا على ثقة من أقوى الإشكالات الواردة على مسألة الإمامة السياسية هذا الإشكال.

    والآن يسجل هذا وإلا كان ذكرت لكم بعد ذلك الإخوة يقولون لي أقل لهم أي كتاب يراجعون الذي كل إشكاليته منصبة على ماذا؟ على هذا البحث. هذا التساؤل الثاني.

    التساؤل الثالث: أنّ الأمة, إذا ثبت أن الله كما لم يفوّض أمر التشريع إلى الأمة ولم يفوّض أمر الإمامة إلى ماذا؟ – الإمامة السياسية- إلى ماذا؟ إلى الأمة يعني كما نحتاج إلى الجعل والنصب في التشريع نحتاج إلى الجعل والنصب أين؟ في الولاية السياسية.

    سؤال: هل أن للأمة دور أو ليس لها دور؟ يعني الأمة قبلت أو لم تقبل بقوة السيف لابد أن تقبل, أو برضاها لابد أن تقبل أي منها؟ ما هو دور الأمة في هذه الإمامة السياسية لها دور أو ليس لها دور؟

    إذا لم يكن لها دور إذن لماذا علي بن أبي طالب لم يجرد السيف لإحقاق حقه, كان يقول أنا منصوب من قبل من؟ لا من قبل رسول الله’ أنا منصوب من قبل الله {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} بلغ ماذا؟ أي إمامة بلغها؟ باعتقادنا الإمامة السياسية, طيب الآن الله نصبي أيها الأمة إما أن تقبلوا أو بحد السيف ماذا؟ إما تقبلون وإما أموت دون ذلك, فعل أمير المؤمنين أو لم يفعل؟ لم يفعل, قال بايعتوني أجيء لم تبايعونني ماذا؟ لم أأتي, فلذا بعد رحلة الرسول الأعظم لم يبايعوه ذهب واعتزل الناس, بعد أن بايعوه بعد خلافة الثالث تصدى ماذا؟ إذن البيعة لها أثر أو ليس لها أثر؟ لها أثر, ما هو التأثر ما هو دور البيعة في الإمامة مع أن الإمامة منصوبة من من؟ من قبل الله (سبحانه وتعالى) ثم بعد أن ثبتت هذه الأمور ننتقل إلى من؟ إذا استطعنا أن نثبتها في الرتبة السابقة ننتقل إلى زمان الغيبة وإلى من يقوم مقام الإمام لنرى أن هذا الشأن ثابت له أو ليس بثابت, ثم لأي فقيه ثابت, بشرط أن يكون حاكماً بيده دولة – كالجمهورية الإسلامية- أو حتى لو لم يكن حاكماً ولكن يستطيع أن يبين أحكامه الولائية وإلى حدٍ ما يطبقها كما في العراق اليوم, عنده وظيفة أن يصدر أحكام ولائية أو ليست له وظيفة يصدر أحكام ولائية.

    هذه مجموعة الأبحاث إنشاء الله – إن صح التعبير- هذه خارطة بحثنا إنشاء الله للأيام القادمة.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 994

  • جديد المرئيات