بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
مقدمةً أن الألفاظ المستعملة للإشارة إلى الإمامة السياسية في كلمات أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) متعددة, بحسب النص القرآني من الألفاظ الواضحة الدلالة على الشأن السياسي مسألة الأمر, {أولي الأمر منكم} أي أمر هذا؟ هو الأمر السياسي والشأن السياسي.
وكذلك من الألفاظ والاصطلاحات المستعملة في القرآن الكريم للإشارة إلى الشأن السياسي لفظ الولي والولاية.
طبعاً في القرآن الكريم أيضاً يوجد عندنا لفظ ثالث واصطلاح ثالث وهو الخلافة, إلا أنه لم يُعهد في القرآن الكريم أنه استعمل الخليفة والخلافة بالمعنى الكلامي المتنازع عليه في الإسلام.
تعلمون بعد رسول الله’ هناك بحث في أنه من هو الخليفة, ومن الواضح أن هذه الخلافة ليست هي الخلافة الوجودية ولا الخلافة الأسمائية ولا الخلافة التكوينية وإنما الخلافة السياسية ولا الخلافة الشرعية, وإنما الخلافة في الإمامة السياسية.
أما عندما نأتي إلى النصوص الواردة عن أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فنجد أن هذه العبارات والألفاظ كلها مستعملة بمعنى الشأن السياسي أنا أشير إليها إجمالاً وأمر حتى أن الأعزاء عندما يراجعون الأدلة يلتفتوا أن هذا اللفظ ماذا يراد به.
مثلاً الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في الخطبة 196 يقول: >والله ما كانت لي في الخلافة رغبة< طيب من الواضح أن هذه ليست الخلافة الوجودية وخلافة الله {إني جاعل في الأرض خليفة} تلك أمر تكويني ليست مرتبطة برغبة الإمام وعدم رغبة الإمام.
قال: >والله ما كانت لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة<, طيب من الواضح أن هذه الولاية أي ولاية؟ هذه ليست الولاية الأخلاقية أو الولاية الوجودية وإنما الولاية الشرعية {إنما وليكم الله} >ولكن دعوتموني إليها وحملتموني عليها< هذه أيضاً قرينة على أن المراد من الخلافة والولاية هي الخلافة والولاية السياسية الإمامة السياسية, ويعبر عنها في بعض نصوص أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بالمُلك.
طبعاً الآن ما أتكلم على مستوى البحث القرآني لأن القرآن الكريم أيضاً استعمل المُلك ولكن هل يراد منه المُلك يعني بمعنى الولاية التشريعية أو الولاية السياسية ذاك بحث آخر.
قال: في الخطبة رقم 5: >فإن أقل – يعني وإن تكلمت- يقول حرص على المُلك< ومن الواضح أن المراد من المُلك هنا الإمامة السياسية والنزاع الذي وقع بعد رسول الله.
ومن العبارات التي هي قرآنية وروائية تعبير الأمر, وهذه شواهده كثيرة في الروايات الواردة أنه يطلق الأمر ويراد من الأمر يعني الشأن السياسي, يقول: >فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ومرقت أخرى وقسط آخرون< في الخطبة المعروفة وهي >الشقشقية< الإمام× بعد اللتيا والتي يقول هكذا فعلوا.
وكذلك يُعبر عنه في بعض الأحيان بتعبير السلطان, وهذه في كلمات الإمام أمير المؤمنين متعددة أيضاً, ومن هنا جاءت الولاية أو الحكم السلطاني التي عبرنا عنه فيما سبق بأنه هذه أحكام ولائية أحكام سلطانية وهكذا.
قال: >سلبوني< – لعله صارت وقت أن نقرأ هذه العبارة- قال: >سلبوني سلطان ابن أمي< وهذا النص من أفضل التعابير الواردة عن الإمام أمير المؤمنين ليبين أن الإمامة كانت له وإلا لو كانت الإمامة إنما تتحقق بانتخاب الناس إذن لم يسلبك أحد حقك يا أمير المؤمنين, الناس لم يريدوا إمامتك من حقهم أو ليس من حقهم؟ من حقهم ما انتخبوك أيحق لأحد إذا قيل له أدخل الانتخاب فإذا انتخبوك فأنت الرئيس أنت الوزير فإذا لم تنتخبه الأمة يقول سلبوني حقي, لا لم يكن لك حق أصلاً, وإنما متى تقول سلبوني حقي؟ إذا فرض أنه يوجد لك حق ثابت قبل الانتخاب قبل البيعة قبل أن تسلم الأمور بيدك ولم تعطاها تقول: >سلبوني سلطان ابن أمي<.
هذه هي مجموعة من التعابير الواردة في بيان مسألة الإمامة, ولذا عندما ترجعون إلى الروايات هذا طبعاً أين ينفعنا إنشاء الله تعالى؟ سوف ينفعنا عندما نريد أن نتعرف على التشريع الصادر لابد أن نجد أن القرائن الموجودة في الرواية هل تشير أنه صدر بعنوان أنه خليفة بعنوان أنه أولي الأمر بعنوان أنه سلطان بعنوان أنه ولي ونحو ذلك, هذه مقدمة أو مسألة.
المسألة الثانية التي أيضاً لابد من الإشارة إليها, وهي: أن الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) يبين ضرورة, وهذه قضية وجدانية لا تحتاج إلى بحث كثير, ولكنه من باب الإشارة, الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في الخطبة أربعين من نهج البلاغة هذه عبارته, يقول: >ولكن أولئك يقولون وإنه< هذه نص العبارة >وإنه لابد للناس من أمير< يعني أمة بلا إمامة سياسية ومجتمع بلا آمر معقول أو غير معقول؟ يقول لا حتى لو كان ذلك المجتمع مجتمعاً ماذا؟ بدائياً ساذجاً مع ذلك يحتاج إلى أمير.
>لابد للناس من أمير برٍ أو فاجر يعمل في إمرته المؤمن ويستمتع فيها الكافر ويبلغ الله فيها الأجل ويجمع به الفئ ويقاتل به العدو وتأمن به السبل ويؤخذ به للضعيف من القوي حتى يستريح بَرٌ ويُستراح من فاجر<.
طيب هذا نظام كامل أن الإمامة السياسية ما هو شأنها, ما هي وظيفتها؟ يعني الآن لو سأل سائل ما هي مسؤولية الإمامة السياسية؟ اتضح الشأن السياسي هذا.
ومن الواضح أن الذي يتصدى لهذا الشأن وللإمامة السياسية بطبيعة الحال هناك مجموعة من الإجراءات يتخذها لتحقيق هذه الأهداف التي أشار إليها الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام).
نرجع إلى بحثنا بالأمس.
بالأمس قلنا بأنه: هذا الشأن السياسي وهذه الإمامة السياسية كيف يتحقق للشخص, كيف تتحقق النبوة للشخص؟ الله يجعله نبياً, كيف يتحقق العلم للشخص؟ إذا درس وصار عالماً, كيف تتحقق أو يتحقق هذا المنصب السياسي وهذا الشأن للشخص؟ قلنا توجد هناك اتجاهات ثلاثة:
الاتجاه الأول:
وهو الاتجاه الذي يقول من استطاع أن يستلم الأمور ويتسلط على رقاب الناس وبأي طريق كان وبأي مواصفات كان فإنه لا أنه ولي الأمر بحسب الأمر الواقع بل هو ولي الأمر بحسب النص الديني, التفتوا جيداً.
نحن المشكلة ليست في أن هذا سوف يكون قائداً وإماماً وولي أمر سياسي لا, هؤلاء يدعون أن هذه الولاية التي عنده هي ماذا؟ هي الشرعية لابد أن يطاع فيها فإذا خُولف ارتكب المخالف معصية وحراماً, حتى لو كان هو ماذا؟ فاجراً فاسقاً مبتدعاً, بل أفسق عباد الله كما قرأنا, وإلا بطبيعة الحال الآن كثير من الانقلابات تحصل في البلدان والشخص يأتي بحسب الأمر الواقع ماذا يكون؟ يكون ملكاً يكون رئيساً يكون … ولكن الكلام ما تصدر منه من الأوامر والنواهي هذه لها بعد شرعي أو ليس لها بعد شرعي؟ أي منهما؟ هؤلاء يدعون بمقتضى قوله تعالى {وأولي الأمر منكم} أن هؤلاء ماذا؟ أن هؤلاء مصداق لقوله تعالى وأوامره ونواهيه تكون شرعية ومخالفته تكون محرمة.
طيب هذا الاتجاه أنا أتصور خلاف نص القرآن الكريم, لأن القرآن الكريم ميز بين إمامة حق وإمامة باطل, وبناءً على هذا الاتجاه يوجد فرق بين إمام الحق وإمام الباطل أو لا يوجد؟ لا يوجد, مع أن القرآن قال: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا, وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار} طيب بناءً على هذا التصور أيوجد فرق بين هذه الإمامة وتلك الإمامة أو لا يوجد؟ لا يوجد أي فرقٍ.
وبعبارة أخرى: هؤلاء لا يفرق عندهم إمام يدعوا إلى الجنة وإمام يدعوا إلى النار, يعني إمامة أمير المؤمنين عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار, لا فرق بين هذين الإمامين.
أتصور القضية واضحة البطلان لا تحتاج إلى أن نقف عندها كثيراً.
وأما الاتجاه الثاني:
وهو من الاتجاهات الذي بالأمس ذكرنا أنه حتى يوجد فيه الآن بعض من يتبنى هذه النظرية ولعله وينسب نفسه إلى مدرسة أهل البيت, وهو أن الإمامة السياسية في الأمة, التفتوا جيداً, أولاً: لم تجعل من قبل الله لأحدٍ حتى لرسول الله.
وثانياً: أن هذا المقام إنما يتحقق بانتخاب الأمة, فإذا انتخب الأمة شخصاً صار إماماً سياسياً, فإذا صار إماماً سياسياً عند ذلك الشارع قال أطيعوا أوامره ونواهيه, وإلا الله (سبحانه وتعالى) جعل شخصاً معيناً إماماً سياسياً أعطاه هذا المقام لأحد أو لم يعطه لأحد هذا المقام؟ لم يعطي لأحد هذا المقام.
وهذا لا فقط يقولونه بالنسبة إلى الإمام أمير المؤمنين, وإنما يقولونه أيضا حتى بالنسبة إلى الرسول الله’ يقول لم يثبت عندنا بدليل قرآني أو غير قرآني, نعم الأمة بعد أن بلغها رسول الله’ التكاليف والتشريعات الإلهية طيب الأمة لا تستطيع أن تعيش بلا أمير فانتخبت لنفسها أميراً من هو هذا الأمير عليها؟ هو رسول الله’.
فإذن هذا الجعل بنحو الإنشاء التفتوا جيداً, هذا المقام من جعله لرسول الله, الله أو الأمة؟ نعم قد يقول قائل: بأن الأمة من أين لها مثل هذا الحق؟ يقولون الله أعطى هذا الحق لمن؟ للأمة وإلا في الأصالة هو حق الله أن يجعل من يشاء إماماً ولكن فوض هذا الحق لمن؟ للأمة فالأمة هي التي تنتخب ولابد أن تنتخب لا أنها مخيرة بأن تنتخب أو لا تنتخب يجب عليها أن تنتخب إماماً, فتنتخب هذا أو تنتخب ماذا؟ وقد انتخبت رسول الله’ في حياته وانتخبت فلان وفلان وفلان بعد رحلته’.
إذن الإمامة ليست حقاً لأحدٍ حتى يُسلب أو ماذا؟ نعم من حق أي شخص كان مثل أمير المؤمنين أن يقول للأمة إذا أنتم انتخبتموني كنت أفضل لكم من هؤلاء, وإلا إذا لم ينتخبوا لم يرتبكوا أمراً محرماً.
وهذا الذي مثلنا له بالأمس قلنا: الأمة لها دور على نحو شرطية الاستطاعة للحج, كيف أنه إن استطعت فحج وإن لم تستطع فلا تحج, كذلك هنا, إن انتخب من قبل الأمة فهو إمام وإن لم ينتخب حق الأمة وإن لم ينتخب إمام أو ليس بإمام؟ لا واقعاً ولا ظاهراً لا نظرياً ولا عملياً.
هذا هو الاتجاه الثاني وهو اتجاه كما قلت لعله يتبناه كثير من علماء أهل السنة والجماعة ويصر عليه البعض وتوجد هناك كتابات مفصلة بهذا الاتجاه.
الاتجاه الثالث:
هذا الاتجاه إن تم عند ذلك يبطل الاتجاه الثاني, الاتجاه الأول واضح البطلان, وإن لم يتم هذا الاتجاه الثالث فيدور الأمر بين الاتجاه الأول والاتجاه الثاني, وحيث أن الأول واضح البطلان فينحصر الأمر في الاتجاه الثاني.
طبعاً هنا أنا قدمت مقدمة إذا يتذكر الإخوة قلنا, بأنه من خلال آية {إني جاعلك للناس إماما} وأن هذه الإمامة إمامة سياسية وأنها مستمرة, هذا واحد من الأدلة, المهم الآن أريد في هذا اليوم أتكلم على مستوى البحث الفتوائي وإلا البحث التفصيلي موكول إلى اين؟ موكول إلى أبحاث علم الكلام.
الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يصّرح, أولاً: أبين الاتجاه الثالث.
الاتجاه الثالث: أن الإمامة جعلت من الله (سبحانه وتعالى) الأمة, الأمة ليس لها أي دور في أن تقبل أو {ما كان لهم الخيرة من أمرهم} أبداً, أصلاً ليست مختارة أن تختار هذا أو لا تختار, تجعله أو لا تجعله, تعزله أو لا تعزله, هو ليس من حقوق الأمة حتى تجعل أو تعزل تنتخب أو لا تنتخب؟ هو من حقوق ماذا؟ من الحقوق الإلهية, ولذا عبرت الآية المباركة قالت: {ومن ذريتي* قال لا ينال عهدي} فالإمامة عهد الله لا عهد بين الناس وبين الأمة.
والإمام أمير المؤمنين خلافاً لما يُشاع في الكلمات أن الإمام أمير المؤمنين لو كانت الإمامة مجعولة له من قبل الله لبينها في نهج البلاغة وحيث أنه لم يبينها في نهج البلاغة إذن نستكشف أنها غير مجعولة, هذا كلام عارٍ عن الصحة وعن الدقة.
أولاً: لابد أن تعرفوا إخواني الأعزاء نقطة أساسية في نهج البلاغة, أولاً: هذه ليست كل كلمات أمير المؤمنين وإنما هو المختار من كلمات أمير المؤمنين, هذا أولاً.
وثانياً: بودي أن الأعزاء يرجعون ويقرئون تأريخ الشريف الرضي, الشريف الرضي كتب نهج البلاغة تحت عنوان ولافتة كبيرة اسمها التقريب بين المذاهب. كل الكلمات التي انتخبها في النهج كان فيها أي بعد, إذا كانت مرتبطة بالخلافة, بشرط أن لا توجد تفرقة, ولكنه مع الأسف الشديد جملة من عندنا نقرأ هذه النصوص ولم نلتفت إلى الظرف وإلى الأساس الذي انطلق منه السيد الرضي في انتخابه هذا المقاطع.
ومع ذلك كله توجد هناك شواهد في نهج البلاغة تشير إلى هذه الحقيقة, أنا أشير إلى بعضها إجمالاً, التفتوا جيداً.
منها: ما ورد في الخطبة رقم 2 إخواني الأعزاء هذه عبارته, التفت جيداً, قال: >ولا يُقاس بآل محمد’ من هذه الأمة أحد, ولا يُسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا هم أساس الدين وعماد اليقين وإليهم يفئ الغالي وبهم يلحق التالي – التفت جيداً- ولهم خصائص حق الولاية< لا أنه أحق بالولاية حق الولاية, يعني غيرهم له هذا الحق أو ليس له هذا الحق؟ نعم, الآن تعبير أحق يحاول البعض أن يقول هذا معناه أنه لا ينفي الحق عن الآخرين ولكن يقول وإن كان هذه الصيغة ليست بالضرورة تدل على أفعل التفضيل, وإلا ينبغي أن تلتزم بأفعل التفضيل في قوله تعالى {أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار} يعني أرباب متفرقون جيد ولكن الواحد القهار أحسن مثلاً هكذا؟ لا ليس دائماً أفعل التفضيل تشير إلى أن الطرف الآخر حق, ذاك بحث آخر.
قال: ولهم خصائص حق الولاية وفيهم الوصية والوراثة, >الآن إذ رجع الحق إلى أهله ونقل إلى منتقله< أنا ما أتصور عبارات أوضح من هذا الحق ثابت لهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
وكذلك من كتابٍ له (عليه أفضل الصلاة والسلام) الكتاب رقم 62 من نهج البلاغة هناك يقول: >فلما مضى× تنازع المسلمون الأمر من بعده< التفتوا إلى الكلام >فوالله ما كان يُلقى في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته< أصلاً كان من الواضحات أن هذا الأمر لمن بعد موته؟ له (عليه أفضل الصلاة والسلام) >ولا أنهم منحوه عني من بعده فما راعني إلا انثيال الناس على فلان يبايعونه فأمسكت يدي< لأنه كان له الحق أو ليس له الحق؟ وإلا إذا كان الحق لمن انتخبه الناس, طيب يا أمير المؤمنين ما انتخبوك انتخبوا من؟ بتعبيره فلان, طيب أنت المفروض أن تمسك يدك أو لا تمسك يدك, حق الأمة والأمة انتخبت فلابد أن تطيع تكون مع الأمة لا أن تكون مخالف الأمة >أمسكت يدي … إلى أن يقول: حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محو دين محمدٍ< التفت جيداً هؤلاء الذين يتصورون أن أمير المؤمنين تعاون بشكل إيجابي مع فلان وفلان, أبداً أمير المؤمنين لم يتعاون بشكل إيجابي مع فلان وفلان, قال: >فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله< لا أنصر فلان وفلان, ولكن لا يلتفت إلى هذه النكات في كلمات أمير المؤمنين يتصورون أنه تعاون مع ماذا؟ نعم, باعتبار أنه في ذاك الوقت من المتصدي؟ فلان وفلان إذن لابد بطبيعة الحال بالملازمة يكون التعاون مع هؤلاء.
وكذلك ما ذكره الإمام× في الخطبة رقم 172 هذه فقط أقرأ العبارات التي فيها صراحة الإمام× يشير فيها في الخطبة رقم 172 هذه عبارته, يقول: >وقد قائل إنك على هذا الأمر يا ابن أبي طالب لحريص, فقلت: بل أنتم والله لأحرص وأبعد وأنا أخص وأقرب – التفتوا إلى العبارة- وإنما طَلبت حقاً لي وأنتم تحولون بيني وبينه< لا أنه أحق بهذا الأمر هذا الحق لي, يا رسول الله من أين جاءك هذا الحق؟ أنت وضعته لنفسك؟ رسول الله وضعه النصوص ماذا تقول؟ النصوص القطعية تقول أنه من وضعه له؟ {بلغ ما أنزل إليك من ربك} وخطب كثيرة في هذا المجال حتى لا أطيل على الإخوة.
سؤال: هذا الحق أعطي لمن؟ وجعل, إذا ثبتت هذه فلذا قالوا أن الإمامة السياسية في مدرسة أهل البيت تعد من الضرورات المذهبية هذا على أقل التقادير, وإلا بعض يدعي أنها ضرورة دينية, وهذا إذا صار وقت إنشاء الله نطرحه في الوقت المناسب.
(كلام أحد الحضور) بلي (كلام أحد الحضور) التفتوا جيداً, هذا الحق هو الله جعله لك, كيف تُعمل هذا الحق؟ جئت إلى الأمة وأردت أن تتصدى هل يتوقف ذلك على أن تبايعك الأمة لكي تتصدى عملياً لهذا المقام أو لا يتوقف على ذلك؟ هذه لماذا أطرح هذه القضية؟ باعتبار أنه جملة من الأعزاء قالوا إذا كانت الإمامة مجعولة من قبل الله إذن لماذا أمير المؤمنين يصر على أنهم بايعوني بايعوني … إذن يظهر أن البيعة لها دور في انعقاد الإمامة, وإلا لو لم يكن للبيعة دور في انعقاد الإمامة لماذا مصر أمير المؤمنين بايعوني, بايعوني, بايعوني؟
الجواب: أن تسلم هذا الموقع يكون بأحد طريقين:
إما بالقوة والسيف شئتم أيها الأمة أو رفضتم, وإما لا لا, النهج الذي يبني عليه أهل البيت, يقولون إن بايعتك الأمة التفتوا, ومسؤوليتها وواجب عليها أن تبايعك وليست مختارة أن تبايعك أو لا تبايعك, ولكن ماذا؟ لو فرضنا عصت أمر ربها ولم تبايع تجرد السيف وتأخذ هذا الحق لنفسك أو تسكت إلى أن يولوك الأمر؟ أي منهما؟ هذا الذي يصير خلط في, يتصورون أن أمير المؤمنين عندما سلب حقه وسكت إذن الإمامة ليست ثابتة له, لا, الإمامة ثبتت له من الله والله كما أمر الناس بالصلاة أمر الناس بالصوم أمر الناس بالحج أمرهم واحدة من الواجبات الشرعية أن يبايعوا ماذا؟ إمام زمانهم, الآن نتكلم في زمان الحضور, أن يبايعوا إمام زمانهم لماذا؟ باعتبار أن الإمام يريد أنه بهؤلاء ماذا؟ يحارب, بهؤلاء يريد أن يبني بهؤلاء يريد أن ينظم, فإذا كانوا مخالفين يستطيع أو لا يستطيع؟ طيب لا يستطيع, إلا بالسيف إلا كالنظم الاستبدادية بالقوة والاستبداد والظلم والقتل والظلم يديرون أمر الأمة وهذا أسلوب أهل البيت أو ليس بأسلوبهم.
ولذا الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) كثيراً مع الأسف يستشهدون بهذا النص العجيب يستدلون بأن الإمامة ليست ثابتة, هذه الجملة المنقولة عن الرسول الأعظم في كشف المحجّة لابن طاووس قال’ لعلي (عليه أفضل الصلاة والسلام) فإن ولوك في عافية< لا توليت الأمر بالقوة والسيف والاستبداد والظلم والانقلاب لا لا, >فإن ولوك في عافيةٍ وأجمعوا عليك بالرضا فقم في أمرهم< التفت جيداً >وأجمعوا عليك بالرضا< يعني أن البيعة ماذا تكون؟ ليست فلتة وقى الله المسلمين شرها بل هي ماذا؟ بل هي إجماع واقعي, وهناك دراسة قيمة, طبعاً كتبت دراسات كثيرة التفتوا, لأن بيعة الأول والثاني, بيعة الأول خصوصاً لأن بيعة الثاني ما كانت بيعة وإنما كانت نصب من الأول, وكذلك الثالث لم تكن بيعة ليس انتخاب من الأمة وإنما ستة انتخبوا واحد ثم الأمة يأتون ويبايعون بحسب الأمر الواقع, فقط بيعة من؟ الأول كانت على أساس ظاهراً على أساس الانتخاب والبيعة, ولذا حاولوا لأنه كان يوجد شك في خلافة الأول من حيث بيعة الناس, هناك عشرات الدراسات مكتوبة لبيان أن البيعة التي بويع بها علي ابن أبي طالب كانت ناقصة, حتى يشككون في صحة ماذا؟ هذه الخلافة, وإذا قلتم هذا القدر كافي إذن يقولون لك ذاك القدر الذي انتخب به الأول أيضاً كافي.
وجدت دراسة قيمة في هذا المجال يقول إذا كانت هناك بيعة مرتبة منظمة على الموازين فليست هي إلا بيعة من؟ إلا بيعة علي ابن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) كتاب بيعة علي ابن أبي طالب (عليه أفضل الصلاة والسلام) في ضوء الروايات الصحيحة, والكاتب لعله جملة من الإخوة يعرفونه >أم مالك الخالدي< التي هي كاتبة ولكن بإشراف حسن بن فرحان المالكي, هذا الشخص ذهب وجمع كل الروايات بأحسن الأسانيد لإثبات أن هذه البيعة كانت بيعة ماذا؟ بيعة شرعية على الموازين الصحيحة, ويناقش تلك الدراسات التي لا توافق على صحة هذه البيعة.
المهم, قال: >فإن ولوك في عافيةٍ وأجمعوا عليك بالرضا فقم في أمرهم, وإن اختلفوا عليك فدعهم< اتركهم, هذا الذي فعله ماذا؟ أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) >وإن اختلفوا عليك فدعهم وما هم فيه فإن الله سيجعلك مخرجا< بعد ذلك واقعاً.
ولذا تجدون الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) عنده إصرار أن يقول بأن بيعتي كانت شاملة, في كلماته لو تنظرون يقول: >وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير وهدج إليها الكبير وتحامل نحوها العليل وحسرت إليها الكعبة< يقول ماذا؟ كانت فلتة أو كانت إجماع عليها؟
عبارة أخرى عنده (عليه أفضل الصلاة والسلام) >أما بعد فقد علمتما وإن كتمتما إني لم أرد الناس حتى أرادوني, ولم أبايعهم حتى بايعوني وإنكما مما أرادني وبايعني وإن العامة – لا الخاصة- هم الذين بايعوني.
كذلك عبارة أخرى عنده الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول: >وبايعني الناس غير مستكرهين ولا مجربين, بل طائعين مخيرين<.
وكذلك العشرات العبارات الواردة في هذا المقام.
سؤال: إذن نسبة البيعة إلى الإمام المنصوب نسبتها نسبة الاستطاعة إلى الحج أو نسبة الوضوء إلى الصلاة؟ التفتوا جيداً وهذا هو الخلط الذي يقع فيه البعض, أنت إذا دخل الوقت جاء الأمر الإلهي بأَقم ماذا {يا أيها الذين آمنوا أقيموا الصلاة} تقل له طيب أنا لم أتوضأ تسقط الصلاة أم يقولون لك ماذا؟ اذهب وتوضأ حتى تصلي, إذا حصلت الاستطاعة تقول بيني وبين الله ما عندي (ويزة) يقولون لك اذهب وخذ (ويزة) حتى تذهب ماذا؟ لأن أخذ (الويزة) فليست مقدمة الاستطاعة وإنما مقدمة تحقيق الحج.
إذن على الأمة وجوباً وفرضاً ماذا؟ أن تبايع, المشكلة التي حصلت في التاريخ أن الأمة لسبب أو لآخر, الآن ما أريد أن أدخل في هذا البحث لأنه في السنة الماضية دخلت في هذا البحث وهو: أنه كانت هناك مؤامرة واضحة المعالم قبل رسول الله حتى أن الأمة تتفرق عن علي وأهل البيت, أن الأمة التفتوا, لم تعمل بعملها هذا, فماذا عبرت الروايات عن أولئك الذين عصوا هذا الأمر الإلهي, لأن المفروض أنه أمر إلهي, فماذا عبرت الروايات عن أولئك الذين لم يطيعوا هذا الأمر الإلهي؟
الجواب: أجمعت النصوص أنه عبرت عن أولئك بتعبيرين معروفين التي هي إلى يومنا هذا محل البحث, وهو أنه عبرت: أنهم كفروا وأنهم ارتدوا, ما أدري واضحة القضية أم لا, هذه نصوص الروايات وسنقرأ بعضها إنشاء الله إذا صار وقت, نصوص الروايات قالت: من لم يطع هذا الأمر لأنه أمر إلهي {بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته} الأمة لسبب من الأسباب كانت قاصرة كانت مقصرة وعيها بالمستوى المطلوب وعيها ليس بالمستوى المطلوب, كانت هناك عوامل خفاء عوامل وضوح عوامل منع المقتضي تام المقتضي غير تام, المانع موجود المانع غير موجود, هذه الأبحاث كلها لا ندخل فيها نتكلم في ماذا؟ بالنتيجة, النتيجة أن الأمة بايعت علياً أو لم تبايع علياً؟ يعني امتثلت للأمر الإلهي أو لم تمتثل؟ ورسول الله قال له >فإن ولوك في عافيةٍ فتولى أمرهم< وهؤلاء ولوه أو لم يولوه؟ لم يولوه, ما هو حكم هؤلاء؟
كما قلت: الروايات عبرت عنهم ماذا؟ بتعبيرين:
التعبير الأول: أنهم كفروا من لم يبايع.
التعبير الثاني: أنهم ارتدوا.
لابد أن نقف قليلاً عند هذا, وندخل إنشاء الله في البحث اللاحق.
والحمد لله رب العالمين.