نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (108)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا من الحقائق الثابتة في مدرسة أهل البيت أن الإمامة السياسية مجعولةٌ من قبل الله (سبحانه وتعالى) على حد النبوة والرسالة, فكما أنه ليس للأمة دخل في تحقق النبوة, كذلك ليس للأمة دورٌ في تحقق هذا المقام وهو الشأن السياسي والإمامة السياسية.

    وهذا تقريباً استطيع أن أقول بأنه من مسلمات مدرسة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إلى زماننا, الآن لماذا أقيد بهذا القيد؟ بعد ذلك سيتضح.

    فإذن بنحو الإجمال نستطيع أن نقول القدر المتيقن من الأدلة القرآنية والروائية التي بأيدينا أن الإمامة السياسية ثابتة للأصل وهو النبي’ وبتبع ذلك ثابتة لخلفائه الخلفاء من بعدي اثنا عشر, هذه هي الخلافة السياسية.

    قلنا بالأمس ولكنه مع ذلك كله أن للأمة دور في تحقق هذه الإمامة السياسية بالفعل وبالفاعلية يعني أن الإمام إذا أراد أن يفعّل هذا الموقع وهذا المنصب لابد أن يكون للأمة قبول ورضا الذي يظهر ذلك من خلال البيعة, فالبيعة هي المقام أو العنوان الإثباتي لذلك الأمر الثبوتي الذي هو القبول والرضا بهذه الإمامة.

    ولذا تجدون أن الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) في نهج البلاغة يوجد عنده إصرار على أن هذا الموقع الذي أنا فيه إنما كان ببيعتكم مجمعين بالإجماع ولم يكن ذلك تلك البيعة عن إكراهٍ أو جبرٍ أو إلى غير ذلك, هذا لا لأن الإمام× يريد أن يقول أنه ما لم تبايعوني فلست إماماً لا, أنا إمام بايعتموني أم لم تبايعوني ولكن وظيفتكم الشرعية ماذا؟ أن تبايعوني, الصلاة واجبة صلاها المكلف امتثل أم لم يمتثل, ليس معناه إذا امتثل فالصلاة واجبة إذا لم يمتثل فالصلاة ليست واجبة لا, الإمامة ثابتة في الشريعة, وعلى الأمة كواجب شرعي – طبعاً هذه محل الخلاف أنا أقول رأي الشخصي- وعلى الأمة كواجبٍ شرعي على حد وجوب الواجبات الأخرى من الصلاة والصوم إن لم نقل أنها أهم, الآن سيدنا ما هو الدليل؟ ذاك بحث آخر الآن ليس محل حديثي وإلا لو كان لعرضت له والأدلة الدالة على ذلك.

    أن هذه البيعة واجبة على الأمة وإذا لم تبايع فقد خالفت أمر الله (سبحانه وتعالى) لأن الله (سبحانه وتعالى) أمر الأمة أن تبايع شخصاً معيناً وهو الإمام أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) بعد رسول الله أو تبايع نفس رسول الله’ في زمان وجوده (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    بالأمس قلنا من باب تتمة البحث نشير إلى بعض الأمور, طبعاً هذه الأبحاث فيها بعد فقهي وفيها بعد كلامي وإن كان عادة تبحث هذه القضايا في الأبحاث الكلامية ولكن لها أبحاث فقهية واضحة كما سأشير إليه.

    البحث الأول الذي ينبغي أن يشار إليه ولو إجمالاً:

    هو أنه أساساً هل الإمامة السياسية الثابتة لأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هل وصلت إلى حد الضرورة أم لم تصل إلى حد الضرورة؟ الآن لا أريد أن أدخل في بحث أنه منكر الضروري أساساً كافر أو ليس بكافر, ذاك بحث في محله, ولكنه نريد أن نسأل عن نفس القضية أن الإمامة السياسية للأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هل بلغت إلى حد الضرورة أم قضية نظرية يجوز فيها الاجتهاد القبول والرد.

    هذه المسألة إخواني الأعزاء من القديم وقعت وطرحت وبحث عنها.

    في المسألة توجد تقريباً أقوال ثلاثة:

    القول الأول: أنها ضروريةٌ حدوثاً وبقاءً, يعني كما أنها كانت ضرورية في صدر الإسلام وعندما بينها رسول الله هي ضرورية إلى يومنا هذا, كضرورة الصلاة كيف أنه هل يشك أحد أن الصلاة جزء من أجزاء الدين وتعد واحدة من العناصر المكونة للدين كذلك الإمامة السياسية جزء وركن مقومٌ في المعارف الدينية, هل هي قضية نظرية اجتهادية, يقولون لا, بلغت إلى حد الضرورة فلذا أنتم لا تجدون في مثل هذه الأيام أو حتى في صدر الإسلام أحد يبحث أن الصلاة واجبة أو أن الصلاة ليست واجبة, أن الزنا حرام أو ليس بحرام, أن الصوم واجب, هذه من الضروريات الدينية المتفق عليها, أصل الصلاة أصل الصوم ونحو ذلك, هذا هو القول.

    وهذا القول تقريباً لا أستطيع أن أقول بأنه القائل به شاذ ولكنه ليس هو القول المشهور على أقل التقادير وهو أن تكون الإمامة السياسية لأئمة أهل البيت لا حب أهل البيت وليس الولاء لأهل البيت, الحب والمحبة والمودة لأهل البيت من ضروريات الدين المسلّمة التي لا خلاف فيها بين أحد من المسلمين, الحب ولذا من أنكرها من المسلم أنه أنكر ضروري ن ضروريات ماذا؟ يعني الحب والمودة, مسلم أنه أنكر ضرورة من ضروريات الدين, إنما الكلام الآن أين؟ الكلام في الإمامة السياسية لا في المحبة والمودة {قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي}. هذا القول الأول.

    القول الثاني: وهو في قباله الذي يعتقد أن الإمامة السياسية التفتوا جيداً هذه آراء فقهائنا لا آراء الآخر, آراء فقهائنا. القول الثاني: يرى بأن الإمامة السياسية لم تبلغ إلى حد الضرورة في زمان النبي فضلاً عن زمان آخر.

    ولذا إنكاره يترتب عليه إنكار الضروري أو لا يترتب عليه إنكار الضروري؟ ما يترتب على إنكار الضروري من الكفر أو النجاسة أو الخروج عن الإسلام أو كذا فيترتب على إنكار الإمامة أو لا يترتب؟ طبعاً أصحاب هذا القول يلمحون إلى أنها لم تبلغ حد الضرورة حدوثاً ولكنهم يصرحون أنها ليست ضرورية بقاءً يعني في مثل أزماننا, أو بعد زمان الرسول الأعظم’ بمدة قصيرة يقولون كذا وكذا.

    القول الثالث: يفصل بين الحدوث وبين البقاء, يقول: أن الإمامة السياسية لأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في صدر الإسلام بالنسبة إلى المحيطين برسول الله الذين كانوا يعيشون معه في المدينة وكانوا واقفين على أحوال النبي وعلى كلام النبي وعلى سلوك النبي وعلى تصرفات النبي وعلى الروايات التي قالها رسول الله في أئمة أهل البيت ليلاً نهاراً شهراً شهرين في أحاديث الثقلين في آية التطهير أن الروايات المتفق عليها أنه ستة أشهر أو تسعة أشهر كان يقف على باب علي وفاطمة يقول: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} وهكذا فيما يتعلق بحديث الثقلين كما يقول ابن الحجر الهيتمي يقول: ما من زمان ما من مكان ما من مناسبة إلا ورسول الله كان يؤكد على حديث الثقلين كتاب الله وعترتي, نعم في خطبة الغدير في يوم غدير خم كان هذا الإعلان العام لحديث الثقلين وإلا قبل ذلك رسول الله في موارد يقول وهذا هو السبب في اختلاف صيغ الحديث, لماذا اختلفت صيغ الحديث؟ يقول: لا لأنه الرواة نقلوا صيغ مختلفة, لا, لأن رسول الله في مواضع مختلفة وأمكنة مختلفة وأزمنة متعددة كان يعبر بتعبيرات مختلفة, تارة إني تارك فيكم خليفتين, ومرة إني تارك فيكم الثقلين, مرة الحديث طويل ثلاث أربعة أسطر, مرة الحديث قصير في جملتين وهكذا, هذه تابعة لتعددها.

    أما القول الأول: وهو القول الذي يرى بأنه ضرورة من ضرورات الدين حدوثاً وبقاءً لعله هو المتعارف عند الاتجاه الأخباري في مدرسة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    وعلى هذا الأساس رتبوا ومن أنكر ضروري من الضروريات فما هو حكمه؟ فهو كافر, وحيث أنه كانت عندهم ملازمة بين الكفر والنجاسة فحكموا أيضا بالنجاسة لكل مخالف, والكلمات في هذه واضحة يمكن للإخوة أن يراجعوها حتى تعرفون مبنى هذه النظريات الكفر والنجاسة والنار والخلود في النار, هذا منباه أين؟ مبناه أن الإمامة السياسية, طبعاً أنا تعبيري السياسية وإلا هم لم يعبروا هم يقولون إمامة أهل البيت, ولكن المقصود هي هذه القضية يعني الخلافة بالمعنى المتنازع عليه بين المسلمين. هذا هو القول الأول.

    القول الثاني: وهو الذي أن هذه الإمامة لم تبلغ حد الضرورة لا حدوثاً فضلاً عن ماذا؟ عن البقاء, هذا لعله ما يستفاد من كلمات السيد الشهيد الصدر& في بحوث في شرح العروة الوثقى هذه المطبوعة من المؤتمر العالمي للإمام الشهيد الصدر في المجلد الثالث في المسألة الثالثة من النجاسات الكافر, تحت عنوان >غير الاثني عشرية من الشيعة إذا لم يكونوا ناصبين ومعادين لسائر الأئمة ولا سابين لهم طاهرون< التفت جيداً, هذه عبارته, يقول: كون المخالف منكراً للضروري بناءً على كفر منكر الضروري, هذا بحث فقهي الآن ليس محله ولعله نوفق أن نشير إليه وسيأتي في محله أنه هذه الملازمة غير تامة.

    ويرد عليه مضافاً إلى ما تقدم, أن المراد – هذا كلام السيد الشهيد- أن المراد بالضروري الذي ينكره المخالف إن كان هو نفس إمامة أهل البيت – المراد من الإمامة هنا الإمامة السياسية الخلافة السياسية لا الإمامة الدينية والإمامة الإرشادية والتوجيهية والتقوائية لا لا هذه لا ينكرها أحد من المسلمين إلا الخوارج ذاك حديث آخر- إن كان هو نفس إمامة أهل البيت^ وهذه ليست مكتوبة تقريرات للسيد الشهيد هذا قلم من؟ يكون في علمكم؟ بحوث في العروة الوثقى ليست تقريرات, بحوث في العروة الوثقى القلم الشريف للسيد الشهيد الصدر& يقول: فمن الجلي أن هذه القضية لم تبلغ في وضوحها إلى درجة الضرورة, يقول من الواضحات أن الإمامة السياسية لم تبلغ ماذا؟ فمن الجلي الآن تنزّلاً يتنزل يقول: ولو سلّم بلوغها حدوثها, يعني نسلم أو لا نسلم؟ تعرفون بالتعبير الفني ماذا؟ لا نسلم, لكن الآن لو تنزلنا, ولو سلم بلوغها حدوثاه تلك الدرجة يعني الضرورة فلا شك في عدم استمرار وضوعها بتلك المسابة في مقام البقاء, يعني في أزمنة ما بعد رسول الله’ لما اكتنفها من عوامل الغموض, والإبهام, والشبهة, والإشكالات, والوضع … عشرات العوامل تدخلت حتى تخرج هذه القضية من الضرورة إلى كونها نظرية لا أنها ضرورية, هذا أيضاً القول الثاني في المسألة, حتى جنابكم تعرفون أنه من المسلمات, لأنه عندما تتكلم مع البعض يقول بلي هذه من المسلمات, أين هي مسلمات هذه فقهاء المدرسة وكبار فقهاء المدرسة يوجد عندهم خلاف في أي مسألة؟ خلاف لا في أنه أساساً في قضية الطهارة والنجاسة, في أهم مسألة عقدية في مباحث مدرسة أهل البيت وهي الإمامة السياسية, هذا هو القول الثاني.

    القول الثالث: وهو في اعتقادي هو القول الصحيح في المسألة, هو ما ذكره السيد الإمام+, السيد الإمام+ في كتاب الطهارة المجلد الثالث ص329, ويمكن أن يقال: إن أصل الإمامة – الإمامة أي إمامة؟ ليست الإمامة الدينية ذاك لم يقع فيها خلاف ليست الإمامة المودة والمحبة ذاك ليس محل النزاع التفتوا جيداً- أن أصل الإمامة كان في الصدر الأول من ضروريات الإسلام, طيب لازمه أنه كل المسلمين كان لهم ضروري؟ يقول لا لا الطبقة المحيطة بمن؟ برسول الله لأن هؤلاء كانوا يعاشرون رسول الله سلوكاً حديثاً رواية فعلاً تقريراً هؤلاء كانت القضية عندهم واضحة, والطبقة الأولى المنكرين لإمامة المولى أمير المؤمنين ولنص رسول الله’ على خلافته ووزارته – إذن محل النزاع أي إمامة؟ الإمامة السياسية- كانوا منكرين للضروري.

    الآن أنت والمبنى إذا ترى بأنه منكر الضروري كافر فتحكم على هذه الطبقة بالكفر, وإن تقول لا لا ملازمة بين إنكار الضروري في الدين وإنكار والكفر, تقول بأنه وإن أنكروا الضروري إلا أنهم كفار أو ليسوا كفار؟

    البحث ليس في النفاق وعدم النفاق, لا يصير خلط على الإخوة, البحث في الكفر وعدم الكفر, أما أنهم منافقون أو ليسوا بمنافقين ذاك حديث آخر لا يتبادر إلى الذهن مباشرة الآن يخرجون من هنا السيد قال بأنهم لا هؤلاء كلهم مؤمنين لا لا, البحث في أن هؤلاء بإنكارهم إمامة أمير المؤمنين كانوا كفاراً أم لا؟

    الآن لو أنهم لو لم يكونوا كفاراً هل هم منافقون أم لا؟ ذاك مقام ثاني في البحث, أين محل خلاف بين فقهاء الإمامية, أن الطبقة الأولى من الذين أنكروا إمامة أمير المؤمنين هل هم من المنافقين أو لا, لشهوات السلطة والمنصب والجاه والمقام منعوا أمير المؤمنين وإلا كانوا أناس مؤمنين؟ هذا بحث آخر جيد.

    يقول: كانوا منكرين للضروري من غير شبهةٍ مقبولةٍ من نوعهم سيّما أصحاب الحل والعقد منهم, واضح الإمام أين يتكلم وفي أي طبقة, هذه الطبقة التي كانت حواريي رسول الله’ يعني كانوا محيطين به ليل نهار يفارقونه أو لا يفارقونه؟ لا يفارقونه, ثم وقعت الشبهة للطبقات المتأخرة لشدة وثوقهم بالطبقة الأولى, هؤلاء أصحاب رسول الله والنهج الأموي جاء وجعل هالة وقدسية حول من؟ حول أصحاب رسول الله ووجدوا هذه الطبقة المحيطة برسول الله قالوا الإمامة السياسية كانت ثابتة أو غير ثابتة؟ وضعوا الأحاديث أنها غير ثابتة والناس وثقوا بأصحاب رسول الله فأيضاً قالوا أن الإمامة السياسية, فأيضاً صارت شبهة وعدم احتمال تخلفهم عمداً عن قول رسول الله ونصه وعدم انقداح السهو والنسيان من هذا الجمّ الغفير, عند ذلك بقيت ضرورية أو صارت نظرية؟ صارت نظرية, فإنكارها يؤدي إلى الكفر أو لا يؤدي إلى الكفر؟ على فرض الملازمة بين إنكار الضروري والكفر؟ الجواب: لا لم ينكروا ضروري من ضروريات الدين.

    السيد الخوئي& من غير أن يتكلم إلى هذا التفصيل الذي أشرنا إليه بشكل واضح وصريح يصرح بأن مسألة الإمامة السياسية للأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) هي ضرورة من ضرورات المذهب, يقول: بلا خلاف في هذه المسألة.

    هذا المعنى بشكل واضح وصريح الإخوة يمكنهم أن يراجعوه في الجزء الثالث من التنقيح في ص86 , ذيل المسألة حتى الإخوة أيضاً ذيل المسألة الثالثة غير الاثنى عشرية من فرق الشيعة, يقول: الثالثة: أن أهل الخلاف – يريد أن يثبت أنهم نجسون أو ليسوا بنجسين؟ يقول: أن أهل الخلاف منكرون لما ثبت بالضرورة من الدين وهو ولاية أمير المؤمنين (عليه أفضل الصلاة والسلام) … إلى أن يأتي ويقول: أما الولاية بمعنى الخلافة لا بمعنى المحبة والمودة, فهي ليست بضروريةٍ بوجهٍ, يعني ليست ضرورية ماذا؟ ليست ضرورة من ضرورات الدين, … إلى أن يقول: نعم الولاية بمعنى الخلافة من ضروريات المذهب لا من ضروريات الدين. وسكت السيد الخوئي+ أنها ليست من ضروريات الدين حدوثاً وبقاءً أو أنها بقاءً لا حدوثاً, جيد هذه مسألة.

    إذن إخواني الأعزاء إذا الآن جاء شخص وأنكر أن الإمامة ضرورة من ضروريات أو من ضرورات الدين مباشرة لا يحمل عليه حملة غير علمية, وإنما المسألة خلافية بين علماء مدرسة أهل البيت.

    هذه المسألة أنا طرحتها للأعزاء أريد أن أستفيد منها نكتة واحدة, التفتوا جيداً, أولاً: تتضح القضية لكم, وثانياً: يتضح من هذا أن الضرورة هي من الثوابت أو من الأمور النسبة التي تتغير من زمان إلى زمان آخر؟ بناءً على هذا البيان لا فقط في المسائل الفقهية الضرورات متبدلة متغيرة من زمان إلى زمان, بل حتى في المسائل العقدية الضرورات قد تكون في زمان ضروري وفي زمان آخر نظري, إذن هذا (اجماغ) الذي للضروري هذا مخالفٌ للمسلمات, نعم لعله في زمان كان من المسلمات والضرورات وفي زماننا ليس من الضرورات والمسلمات, إذن لا ينبغي بمجرد أن القضية في زمان من الأزمنة صار من الضروريات إذن على كل زمان يكون كذلك, لا ملازمة بين كون المسألة عقديةً كانت أو فقهية.

    لأنه يا أخواني الآن في الآونة الأخيرة الإنسان بمجرد أن يعطي نظرية وفيها أسس علمية ويمكن أن يستدل يقول طيب كيف يعمل مسلمات المذهب هذا مخالفٌ لمسلمات المذهب, طيب فليكن مخالف, ثم المشكلة ماذا؟ ولكنه الكلام عندما يقول الإنسان لابد أن يكون على أساس علمي دقيق وصحيح ومتين لا أنه كل إنسان يدعي ويدعي ما يريد لا لا, المسلمات أمور نسبية قابلة للتغير من زمان إلى آخر.

    الآن في زماننا الإمامة السياسية لأئمة أهل البيت تعد من ضروريات المذهب وأنا لا أشك في أنها في زماننا بين علماء مدرسة أهل البيت من ضروريات المذهب, ولكن هذه بالضرورة بعد مئتين سنة هكذا؟ توجد ملازمة؟ لعله مثل ما الآن الجناح الأخباري في مدرسة أهل البيت رأيه هو المشهور أم صاروا أقلية؟ أقلية, لعله هذا الذي أنت تعتقده لعله إنشاء الله لا يأتي ذاك الزمان أو لا أقل نحن غير موجودين فيه حتى لا نتحمل التكليف له ومسؤوليته, ولكنه لعله مائة سنة مئتين سنة خمسمائة سنة علماء المدرسة يتجهون باتجاه يصلون إلى نتيجة أنه لا لم يثبت أن الإمامة السياسية كانت ثابتة بنص قطعي من رسول الله’, كما حدث هذا في صدر الإسلام كان ماذا؟ كانت الإمامة ضرورة من ضروريات الدين ولكن ذهبت, الآن لا يوجد فقيه يحترم نفسه يقول أن الإمامة السياسية من ضروريات الدين, لماذا؟ لأن القضية اتضحت الآن يقولون علمياً أو رأيياً إلى آخره, هذه مسالة.

    المسألة الثانية: مسألة التعبير عن هؤلاء الذين أنكروا إمامة أمير المؤمنين× عبر عنهم في كثيرٍ من الروايات بأنهم كفار وأنهم مرتدون, وأنتم تعلمون بأن الفضائيات ماذا تفعل بهذين العنوانين بالشيعة ومدرسة أهل البيت من خلال هذين العنوانين والاتهامات التي توجه إليهم, ماذا يقول علماؤنا في الكفر والارتداد؟ إجمالاً بنحو الفتاوى وإلا التفصيل في محل آخر.

    إخواني الأعزاء الكفر في كلمات مدرسة أهل البيت له استعمالات خمسة:

    من استعمالات الكفر في كلمات أئمة أهل البيت هو عدم الطاعة >من عصى فقد كفر< هذا الكفر ليس هو الكفر في مقابل الإيمان, ليس هو الكفر في مقابل الإسلام, بل هو الكفر في مقابل الطاعة, >فمن أطاع فقد أسلم وآمن, ومن عصى فقد كفر< ومن الواضح أن هذا المعنى من الكفر لا فقط لا يخرج الإنسان من الإسلام بل لا يخرج الإنسان من ماذا؟ قل معي, من الإيمان, قد يكون مؤمناً ومع ذلك يكون ماذا؟ كافراً, ولكن ليس الكفر بمعنى في مقابل الإسلام وإلا كيف يكون مسلماً وكافر. وليس الكفر بمعنى في مقابل الإيمان كيف يمكن أن يكون مؤمناً وكافراً, لا لا, المراد الكفر في مقابل الطاعة يعني من لم يطع وعصى فقد كفر.

    والروايات في ذلك إخواني الأعزاء كثيرة أنا أشير إلى رواية واحدة في هذا المجال وهي التي وردت في أصول الكافي المجلد الرابع – هذه الخمسة عشر مجلد- أشير إلى الباب, المجلد الرابع في ص149 من هذه الطبعة التي هي تصير بحسب الطبعات الأخرى الجزء الثاني ص390, الطبعات الموجودة التي هي ثمان مجلدات التي بيد الإخوة هذه تصير الجزء الثاني ص390, الرواية هذه:

    >عن أبي عبد الله الصادق× قال: قلت له: أخبرني عن وجوه الكفر في كتاب الله (عزّ وجلّ) قال: الكفر في كتاب الله على خمسة أوجه: فمنها كفر الجحود والجحود على وجهين – هذا واحد- والكفر بترك ما أمر الله – الذي هو كفر المعصية أن الله أمرك بشيء وأنت تعصيه- وكفر البراءة, وكفر النعم … إلى أن يقول: والوجه الرابع من الكفر ترك ما أمر الله (عزّ وجلّ) به وهو قول الله (عزّ وجلّ) {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم} … إلى أن تقول الآية المباركة: {تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان وأن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض} يعني أتعملون ببعض الكتاب وتعصون بعضا.

    هذا المعنى بشكل واضح وصريح السيد الخوئي& في الجزء الثالث من التنقيح نفس هذه النسخة التي أشرنا إليها ص63 هذه عبارته, يقول: إن للكفر مراتب عديدة:

    منها: ما يقابل الإسلام.

    ومنها: ما يقابل الإيمان.

    ومنها: ما يقابل المطيع لأنه كثيراً ما يطلق الكفر على العصيان.

    ومن هنا السيد الشهيد& أيضاً في شرح بحوث العروة المجلد الثالث ص397 يقول: أن الكفر فيها – يعني في الروايات التي عبرت عن المنكر للإمامة بأنه كافر- يتعين حمله على ما لا يقابل الإسلام فيكون مساقها مساق ما طبق فيه عنوان الكفر على العاصي للإمام, كما في رواية فلان ورواية فلان ورواية فلان … إلى آخره, هذا فيما يتعلق بالكفر.

    أما بالارتداد, فالمراد بالارتداد أيضاً الارتدادُ بمعنى نقض العهد الذي أخذه رسول الله’ عليهم في غدير خم, أخذ عليهم عهداً بأن يطيعوا من؟ بأن يطيعوا علياً, ولكن هم لم يعملوا بهذا العهد, فلهذا يقول: ولعل ما ذكرناه – في مسألة الإمامة- ما ذكرناه هو سر ما ورد من ارتداد الناس بعد رسول الله إلا أربعة أو خمسة أو سبعة, يعني الذين بقوا وفوا بعهدهم مع رسول الله هذا العدد, لا أنه الآخرين خرجوا عن الإسلام, ويكون المراد من ارتداد الناس نكث عهد الولاية لا الارتداد عن الإسلام وهو أقرب.

    هذه ايضا المسألة الثانية.

    تبقى عندنا إخواني الأعزاء كم دقيقة باقية مسألة أيضاً أحاول أن ألخصها بنحو الإجمال, هذا بحسب الشأن الدنيوي, يعني في الدنيا هؤلاء كفار أو ليسوا بكفار؟ الجواب: نعم كفار بمعنى العصيان أما كفار بمعنى عدم الإسلام فلم يثبت, أما الكفار بمعنى عدم الإيمان؟ فلم يثبت, فما هو الدائر على الألسنة أن هؤلاء مسلمون لا مؤمنون هذا الكلام ليس كلاماً علمياً, نعم لم يبلغوا الدرجات العليا من الإيمان وإنما هم ماذا؟ وإنما هم, يعني بعبارة أخرى: آمنوا ببعض ولم يؤمنوا ببعض آخر, ولم يؤمنوا ببعض آخر لأي سبب كان يجعلهم في القاصر لا في المقصر, له حديث آخر الآن ما أريد أن أدخل فيه, أنه يطلق على غير أتباع مدرسة أهل البيت أنهم مؤمنون أو لا؟ بنحو الفتوى نعم يطلق, بل يطلق حتى على المسيحي واليهودي؛ لأنه يؤمن بالله أو لا يؤمن بالله؟ نعم يؤمن بالله مع أنه مؤمن ولكن اصطلاحاً نطلق عليه ماذا؟ كافر, لأنه آمن بشيء ولم يؤمن بشيء آخر, ذاك حديث آخر.

    أما في الآخرة – التي المعركة على هذه- وهي أن هؤلاء الذين أنكروا إمامة أهل البيت وعصوا إمامة أهل البيت ولم يقبلوا الإمامة السياسية لأئمة أهل البيت أو لم يقبلوا إمامتهم بشكل عام, هؤلاء هل توجد لهم فرصة النجاة في الآخرة ويدخلون إلى الجنة أو أن هذا الباب مغلق بالنسبة إليهم؟

    هذه المسألة أيضا من المسائل التي هي معركة الآراء بين علماء الكلام وعلماء الفقه, لأن المسألة فيها بُعد كلامي وإن كان هذه المسألة يطغى عليها البُعد الكلامي يطغى على البُعد الفقهي لأنه مرتبطة بالعذاب بالثواب بالعقاب يوم القيامة.

    إخواني الأعزاء, أيضاً بنحو الفتاوى, أنا أقول بنحو الفتاوى لأنه الإخوة إذا يطالبون بأنه ندخل فيه تفصيلاً لا أقل أسبوع نحتاج لا أقل أربعة بحوث نحتاج ثلاثة أيام بحث نحتاج, وأنا أريد أن أنهي البحث في دقيقتين أو ثلاثة إذا الإخوة موافقون وإلا لابد أن يتأجل إلى يوم السبت, أقوله بنحو الفتوى, إخواني الأعزاء الروايات أيضا كنت قد جئت بها وترون الكتب معي, ولكنه الوقت لا يسع.

    إخواني الأعزاء, عندنا بحثين في الآخرة أو عدة أبحاث:

    البحث الأول: الدخول في النار, أو عدم الدخول.

    البحث الثاني: إذا دخل يخلد في النار أو لا يخلد.

    ومن الواضح أن المسألة الأولى غير المسألة الثانية, فإن مسألة الدخول في النار شيء ونتكلم إذا كانت باقي أعماله صالحة, نعم, لا أنه إذا كان لا يصلي ولا يصوم, الآن هذا آمن بالولاية أو لا يؤمن بالولاية هو إلى السعير ذاك حديث آخر, نتكلم أنه عمل بمقتضى الموازين الشرعية في الواجبات والمحرمات ولكنه ليس بأمر من؟ بأمر أئمة أهل البيت, الكلام في هذا المورد, هذا ما هو حكم هؤلاء في الآخرة؟

    ثلاث طبقات هؤلاء:

    الطبقة الأولى: الذين ثبت لهم حقانية أهل البيت ثبوتاً إلا أنهم أنكروا ذلك إثباتاً, معتقد بصحة ولاية أمير المؤمنين ولكن عملاً يعمل بها سلوكاً لفظاً مقام الإثبات يعمل أو لا يعمل؟ هذا هو المصطلح عليه في كلمات علمائنا بالجاحد, بالمعاند, المعاند ليس الذي لم يذهب ويبحث لا لا الذي ذهب وبحث وانتهى إلى حقانية ما يدعيه أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ومع ذلك لم يؤمن, وبنص القرآن الكريم {وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم} وبتعبيرٍ آخر للقرآن: {شاقّوا الرسول} متى {من بعد ما تبين لهم الهدى} لا أنهم شاقوه ولم يثبت لهم أن هذا رسول الله وهذا هو الحق, لا ثبت لهم هذا هو الحق, {شاقوا الرسول من بعد ما تبين لهم الهدى} وبتعبير الراغب في المفردات عبارته جداً جيدة, الراغب في المفردات هذه عبارته, في ص88 من المفردات عندما يأتي إلى الجحد, يقول: الجحود نفي ما في القلب إثباته وإثبات في القلب نفيه, إذا كان هذا فمما لا إشكال ولا شبهة أن الجحود يحبط للجاحد كل عمل ومصيره إلى النار بلا ريبٍ, هذا لا يوجد بحث في هذا.

    نعم يبقى بحث وهو أنه خالد أو ليس بخالد؟ الآن ما أدخل فيه اتركوه في محله, هذه أي الطبقة؟ الأولى.

    الطبقة الثانية: وهو ذهب بقدر ما يمكنه وبحث وتحقق كلٌ بحسبه, طيب ما تتوقع أنت من المسلمين الذين عايشين في أفريقيا يأتون سبعة سنوات في حوزة قم يعني طيب لا تتوقع هذا, سمع أن مدرسة أهل البيت موجودة بالقدر الذي يمكن سأل فثبتت له خصوصياً تابع فضائياتنا هذه فضائياتنا أوصلته إلى الحجة على الإمامة أو لم توصله؟ لا, طيب هذه فضائيات شيعية سمعت والله لم ثبتت لي الإمامة, لا مغرض ولا قد تسلم راتب ولا عميل ولا أبداً ما ثبت له, هذا ما هو حكمه؟

    الجواب: تقريباً اتفاق روايات أهل البيت أنه يدخل الجنة, إذا كان من جهة أخرى لا يوجد عنده مانع من دخول الجنة.

    الطبقة الثالثة, الوقت, اتركوه إنشاء الله الآن لعله نتمم الحديث في الأسبوع القادم.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1174

  • جديد المرئيات