نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (113)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في البحث الثاني وهو أنه ما هي جهات الاختلاف والاتفاق بين النوع الأول من التشريع والنوع الثاني من التشريعات.

    أنا بودي أن الأعزاء يلتفتوا إلى هذه المسألة بشكل جيد لأن لها آثار مرتبطة بحياتنا المعاصرة بشكل مباشر وبعد ذلك سأشير إليها.

    في الواقع بأن هناك جهات من الاختلاف بين هذين النوعين من التشريعات. سموها التشريعات الصادرة من النبي’ أو من الشريعة بعنوان أنها جزء من الشريعة والتشريعات الصادرة من الشريعة لا بعنوان أنها جزءٌ من الشريعة.

    بالأمس أشرنا إجمالاً إلى الفرق الأول القائم بين هذين النوعين. قلنا بأنه في النوع الأول من التشريعات فهي تشريعاتٌ ثابتة لا متغيرة.

    وهذا بخلافه في هذا النوع الثاني فإنها تشريعات متغيّرة, ما معنى أنها تشريعات متغيرة؟ يعني أن الشارع بحسب الأصل الأولي ترك أمرها إلى ولي الأمر, والآن حديثنا في ولي الأمر يعني من أوضح مصاديق ذلك النبي الأكرم’ وأئمة أهل البيت أما هل يشمل ذلك غير هؤلاء أو لا فله حديث آخر.

    بمعنى أنه في الأصل الشارع جعل ذلك مباحاً والمكلف مخير في أن ينجز ذلك العمل أو لا ينجز ذلك العمل أن يحيي الأرض أو أن لا يحيي الأرض, أن يبيع ملكه أو أن لا يبيع ملكه وهكذا باقي المباحات الواردة في الشريعة.

    ولكن ولي الأمر يتدخل فيجعل بعض هذه المباحات واجبة وبعض هذه المباحات محرمة. إذا أردنا أن نقرب هذه المسألة إلى ذهن الإخوة من قبيل ما ذكره السيد الشهيد+ في منطقة الفراغ, طبعاً هذا التعبير تعبير منطقة الفراغ بتعبير ليس للإشارة أن الشارع ليس له رأي لا, كان له رأي ورأيه أن يعطي مجالاً لولي الأمر أن يملأ هذه المساحة إما بهذا الاتجاه وإما بذاك الاتجاه.

    هذا المعنى إذا الإخوة يريدون أن يراجعوه بشكل تفصيلي موجود في كتاب اقتصادنا ص300 من الكتاب هذه تعبيراته, يقول: وضعت الشريعة مبدأ إشراف ولي الأمر على النشاط العام وتدخل الدولة لحماية المصالح العامة كيف تفعل؟ فإن متطلبات العدالة الاجتماعية التي يدعوا إليه الإسلام تختلف باختلاف الظروف الاقتصادية والأوضاع فقد يكون القيام بعملٍ مضراً بالمجتمع وكيانه الضروري في زمان دون زمان آخر, ماذا يفعل ولي الأمر؟ ولي الأمر يتدخل فيقول هذا حرام, وقد يكون في زمانٍ فيه مصلحة لا توجد في زمان آخر, فيتدخل ولي الأمر ويقول ماذا؟ ويقول واجب, فلا يمكن تفصيل ذلك في صيغٍ دستورية ثابتة, إذن هذه التشريعات ثابتة أو غير ثابتة؟ ليست ثابتة وإنما هي متغيرة من زمان إلى زمان آخر. وإنما السبيل الوحيد هو فسح المجال لولي الأمر ليمارس وظيفته بصفته سلطة مراقبة وموجهة ومحددة عند ذلك يأمر أو ينهى, وأنا أتصور أكثر الأمور المرتبطة بالحياة الاجتماعية تدخل في هذا القسم يعني في الأمور المتغيرة لا في الأمور الثابتة, وخصوصاً في مثل هذه الآن مجتمعاتنا المعقدة أحكام المرور أحكام الجوازات, أحكام البلديات عشرات بل آلاف من هذه الأحكام طيب الشارع ما هو رأيه فيها؟ الجواب أن الشارع لا يمكنه أن يعطي صيغ وأحكام وتشريعات ثابتة لأن الزمان مختلف والظروف مختلفة فلا يمكن إعطائها ضوابط ثابتة, نعم ما أمكن إعطائه ثوابت ثابتة أعطاه قال الربا حرام وهذا لا مجال فيه للتغيير, قال: الزنا حرام الصلاة واجبة وهكذا الأحكام الثابتة في الشريعة, هذا مورد.

    وكذلك الإخوة الذي يريدون أن يراجعون البحث في ص725 من الكتاب ايضا يقول: ولا تدل منطقة الفراغ على نقص في الصورة التشريعية. وإنما هي اعطاء ولي الأمر صلاحية منحها صفة تشريعية حسب الظروف, طيب >من أحيا أرضاً مواتاً فهي له< هذه مطلقة أو أنه هذه من صلاحيات ولي الأمر؟ فيقول: فإحياء الفرد للأرض مثلاً عملية مباحة تشريعياً بطبيعتها ولولي الأمر حق المنع عن ماذا؟ عن ممارستها, أو لولي الأمر في بعض الأحيانات وجوبها. وحدود منطقة الفراغ التي تتسع لها إلى آخره. الإخوة يراجعون البحث هناك.

    هذا المعنى بشكل واضح وصريح وأوضح مما وجد في كتاب اقتصادنا وجد بشكل تفصيلي في كلمات السيد الطباطبائي& في الميزان وغير الميزان ولذا الإخوة الأعزاء بودي أن يرجعون لأنه عنده أبحاث مفصلة في هذه القضية, هنا توجد أبحاث إجمالية ولكنه تفصيلها موجود في كلمات السيد الطباطبائي وذلك باعتبار إشكالية ذكرت وتذكر الآن كيف يمكن لأحكام ثابتة في الشريعة أن تستجيب لكل متطلبات الحياة المتغيرة إلى قيام الساعة.

    هنا جاء أو واحدة من الأجوبة قالوا بأن الشريعة صحيح فيها أحكام ثابتة لكن من جهة أخرى هناك منطقة أعطي فيها ولي الأمر صلاحيات واسعة لإدارة هذه الأمور المتغيرة من زمان إلى زمان آخر.

    هذا المعنى في المجلد الرابع من تفسير الميزان ص121 بشكل واضح وصريح يقول: وأما الأحكام المتعلقة بالحوادث الجارية التي تحدث زماناً وزماناً وتتغير سريعاً كالأحكام المالية والنظامية المتعلقة بالدفاع وطرق تسهيل الارتباطات والمواصلات والانتظامات البلدية فهي مفوضة إلى اختيار الوالي ومتصدي أمر الحكومة, فإن الوالي نسبته إلى ساحة ولايته كنسبة الرجل إلى بيته فله أن يعزم ويجري فيها ما لرب البيت أن يتصرف في بيته وفيما أمره إليه فلوالي الأمر أن يعزم على أمور من شؤون المجتمع في داخلة أو خارجه مما يتعلق بالحرب أو السلم مالية أو غير مالية, يراعي فيها صلاح حال المجتمع بعد المشاورة مع المسلمين.

    الآن هذه المشاورة واجبة أو غير واجبة هذه أبحاث أخرى, الآن نحن نتكلم في النبي الأكرم وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وهذه أحكام تتغير بتغير المصالح والأسباب التي لا تزال يحدث منها شيء ويزول منها شيء غير الأحكام التي يشتمل عليها الكتاب والسنة التي هي أحكام ثابتة لا تتغير. هذا مورد الإخوة إنشاء الله يراجعونه بشكل تفصيلي.

    وكذلك في كتابه مقالات تأسيسية في الفكر الإسلامي الذي هو ترجمة خالد توفيق, هناك في ص111 يقول: كما يحتاج الإنسان إلى أحكام ثابتة يقول يحتاج الإنسان إلى أحكامٍ متغيرةٍ هي التي نطلق عليها صلاحيات ولي الأمر, وهذا الأصل في الإسلام يلبي احتياجات الإنسان المتغيرة في كل عصر وزمان إلى أن يقول في ص116 أن أحكام الإسلام الثابتة التي يطلق عليها اسم الشريعة الإسلامية وهذا إنشاء الله بعد ذلك سنشير أن هذه الأحكام المتغيرة هي جزء من الشريعة أو ليست جزء من الشريعة؟ ليست جزء من الشريعة, نعم الأحكام الثابتة هي جزء من الشريعة.

    لا مجال لتغييرها أو تبديلها حتى من قبل أولياء أمور المسلمين فهي باقية دائمة واجبة التنفيذ, أما الأحكام الثابتة في الإسلام فهي قابلة للتغيير تبعاً لما يستجيب لتحولات التكامل الاجتماعي في حياة الإنسان إلى آخره.

    إذن يتبين من هذا, التفتوا جيداً. أن صفة المفتي كاملاً تختلف عن صفة الولي في المجتمع الإسلامي, لأن المفتي دائماً يتكلم عن الأحكام الثابتة ولكن الولي وظيفته الأساسية حيثيته التعليلية هو أن يتكلم عن أحكام ماذا؟ أن يعطي هذه التشريعات لإدارة الحياة, الآن قد يجتمعان يعني يكون مفتياً يعني يتكلم عن الأحكام الثابتة ويكون ولياً, الآن هل يفترقان أو لا يفترقان الآن ليس بحثنا, أرجع وأقول الآن كلامنا في النبي والأئمة, وهذان الشأنان يفترقان هناك أو لا يفترقان؟ لا يفترقان فإن النبي كما له شأن التبليغ له شأن الولاية التشريعات الولائية والإمام كذلك.

    نعم, بعد زمن الغيبة أو في زمن الغيبة قد يفترق هذان الشأنان فيكون المفتي شيء ويكون القائم بالأمر شيء آخر, هذا إذا لم يكن الوالي والولي هو الفقيه الجامع للشرائط, أما إذا كان هو الفقيه الجامع للشرائط, فيكون مفتياً ويكون.

    الآن هنا بحث آخر وأبحاث كثيرة أخرى إنشاء الله سنشير إليها تباعاً. هذه إخواني الأعزاء الفارق الأول, وهو أن الأحكام من النوع الأول ثابتة لا تتغير, التفتوا جيداً, لا يقول لنا قائل سيدنا أنتم في السنة الماضية قلتم أن الأحكام الثابتة ايضا مرتبطة بالزمان والمكان فكيف تقولون ثابتة؟ الجواب: مدخلية الزمان والمكان في الأحكام الثابتة بنحوٍ, ومدخلية الزمان والمكان في الأحكام المتغيرة بنحوٍ آخر, الآن لا نقف على ذلك, فصلّنا الكلام فيه في السنة الماضية. ولذا واقعاً دعوتي لأعزائي أن دروس السنة الماضية يلتفتوا إليها لأن الزمان والمكان المأخوذان في الأحكام من النوع الثاني غير الزمان والمكان المأخوذين في النوع الأول من الأحكام, وتفصيله إلى محل آخر.

    الخصوصية الثانية أو الفارق الثاني: في الفارق الثاني أتصور اتضح من الفارق الأول وهو انه من غير المعقول أن نقول أن التشريعات من النوع الثاني جزء من الشريعة, لماذا؟ لأنه في زمان قد تكون تلك التشريعات واجبة وفي زمان قد تكون محرمة, وفي زمان ثالث لا واجبة ولا محرمة, طيب أي منها جزء من الشريعة الأول أو الثاني أو الثالث؟ الجواب: لا الأول ولا الثاني ولا الثالث, لأنه في النتيجة كما نحن نعتقد بناءً على مسالك العدلية في النتيجة لكل واقعةٍ حكم واحد, فإما واجبة إلى قيام الساعة واجبة, وإما محرمة إلى قيام الساعة محرمة, وإما مباحة إلى قيام الساعة مباحة.

    أما أن تكون في زمان مباحة وأن تكون في زمان آخر واجبة أو محرمة هذا يعقل إذا كانت جزء من الشريعة أو لا يعقل؟ لا يعقل, بناءً على مسالك العدلية.

    على هذا الأساس بهذه القرينة نقول أن هذه الأحكام ليست جزءً من الشريعة, بخلاف التشريعات من النوع الأول من القسم الأول فهي جزءٌ ثابت من الشريعة, وهي المعبر عنها >حلال محمد’ حلال إلى يقوم القيامة, وحرامه حرام إلى يوم القيامة< إذا كان للنبي تحريم ونهي من النوع الأول فهو حرام إلى يوم القيامة, أما إذا كان يوجد عنده تحريم لا من النوع الأول بل من النوع الثاني فأيضاً حرام إلى يوم القيامة؟

    الجواب: كلا ليس حراماً إلى يوم القيامة قد يكون في زمان آخر واجباً وقد يكون مباحاً, وهنا تأتي أهمية التمييز بين التشريعات الصادرة عن النبي’ لأنه إذا ثبت أنها من النوع الأول فهي ثابتة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها, يعني واقعاً هل يمكن أن يأتي زمان ونقول أن الكذب حلالٌ مثلاً, أو أن اللواط حلالٌ مثلاً, باختلاف الشروط والزمان والمكان مثلاً, أو أن الربا حلال باعتبار أن الحياة الاقتصادية.. أبداً محال هذا فيبقى حراماً إلى يوم القيامة, وارتكابه محرم وآثم وترتب عليه إلى ما شاء الله, وهكذا في الواجبات من النوع الأول, فإنه تجب الصلاة يجب الصوم يجب الحج هذه أيضاً مرتبطة بزمان ومكان أو غير مرتبطة, أبداً أبدا ثابتة, أما بعد ذلك سنشير إلى بعض التشريعات التي صدرت من النبي الأكرم’ وفيها قرائن واضحة على أنها تشريعات من النحو الثاني, هذه ايضا ثابتة أو ليست ثابتة؟ لا ليست ثابتة, وإنما هي متغيرة من زمان إلى زمان آخر.

    هذا هو الفارق الثاني.

    إذن الفارق الثاني: أن النوع الأول من التشريعات جزء من الشريعة وهي التي عبر عنها الأعلام بأنها هي الشريعة, أما القسم الثاني من التشريعات فإنها جزء من الشريعة أو ليست جزء من الشريعة؟ ليست جزء من الشريعة.

    الفارق الثالث: – وهذا فارق مهم جداً- الفارق الثالث وهو أن التشريعات الصادرة من النبي والأئمة من النوع الأول إخبار عن واقع معين, يعني عندما يقول رسول الله الربا حرام يخبر عن ماذا؟ عن حكمٍ واقعي ثابت في لوح الواقع بناءً على مسالك العدلية, أن الأحكام تابع للمصالح والمفاسد الواقعية, وعندما يقول الصلاة واجبة يعني الصلاة يخبر عن واقع موجود, تارة أنت تقول لزيد قم هذا إنشاء ومرة تقول زيد قائم هذا إخبار النوع الأول من التشريعات كلها أحكام وتشريعات إخبارية إخبار عن واقعٍ معين, كما هي وظيفة المفتي الآن المفتي عندما يقول يجب أو يحرم هذا هو ينشأ لك حكماً أو يخبرك عن حكم الله؟ الفقيه المفتي لا ينشأ الحكم وإنما يخبرك عن أحكام الله.

    نعم, الفارق بين المفتي وبين المعصوم أن الفقيه غير المعصوم قد يصيب الواقع وقد يخطأ الواقع أما المعصوم دائماً يصيب الواقع وإلا الوظيفة واحدة, وهي أن المفتي في الشريعة التفتوا, الفقيه بعنوان أنه مفتي هو شأن التبليغ كيف قلنا أن النبي له شأن هو شأن ماذا؟ التبليغ يعني الإخبار عن أحكام الله عن تشريعات الله (سبحانه وتعالى) أما عندما ننتقل إلى القسم الثاني من التشريعات فهي تشريعات تخبر عن واقع أو تريد أن تنشأ واقعاً أي منهما؟ نعم, ليست بصدد الإخبار عن واقعٍ وإنما هي بصدد إيجاد واقع معين تريد أن تقول أريد أن يكون المجتمع بهذا الشكل لا أنه أخبركم أنه ينبغي أن يكون بذلك الشكل, فهي أحكام إنشائية وهذه له آثار مهمة آثار مهمة في انكشاف الخلاف, يعني أن الإنسان هل يجب عليه أن يطيع القسم الأول من الأحكام أو لا يجب؟ يجب عليه, إذا قطع أن الذي أخبره كان مخبراً هل يجب عليه أن يطيع أو لا؟ يعني أن الفقيه أخبر عن واقع وهو بالقطع ثبت له أن الفقيه مخطئ في هذا, هل يجوز له تقليده أو لا يجوز؟ لا يجوز, في باب الإفتاء لا في حكم الحاكم له بحث آخر حكم الحاكم, قاطع بأنه مشتبه.

    ولذا أنتم تجدون أن الفقيه الذي يقول أن الهلال ثبت إذا كانت قاطعاً بأنه, أو بالعكس قال لم يثبت أنت قاطع أنه لا تعترف به, العلم بالخلاف طبعاً بالنسبة إلى المعصوم متصور أو غير متصور؟ غير متصور ولكن أنا أريد أن أفرض المسألة حتى, أما في مسألة الإنشاء أساساً لا يوجد هناك واقع حتى نفترض أنه ينكشف خلافه أو لا ينكشف خلافه, لا معنى لذلك, فلهذا تجب الطاعة مطلقاً. لا معنى لأن نفترض أنه قد انكشف له الخلاف بالقطع يستطيع المخالفة, وهذا ايضا ما صرح به الأعلام – الاعلام الذين تعرضوا لهذه المسألة- منهم السيد الإمام+ في الرسائل ص50 يقول: وهذا المقام غير مقام الرسالة والتبليغ فإنه بما أنه مبلغ ورسول من الله ليس له أمر ولا نهي ولو أمر أو نهى في أمر الله لا يكون إلا إرشاداً إلى أمر الله ونهيه, إلى أن يقول: أما بخلافه عندما يصل إلى الأحكام التشريعية من القسم الثاني يقول وليس مثل هذه الأوامر الصادرة عنه إرشاداً بل أوامر مستقلة منهم تجب طاعتها, لقوله: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}. هذا هو الفارق الثالث.

    الفارق الرابع: وهو أنه جنابك أن الشارع جاء وأخبرك كما هو بنص القرآن الكريم {قال الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً} ما هو حكمهم؟ صريح القرآن في سورة النساء يقول: {الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا} أو عندما يأتي إلى قوله تعالى في سورة التوبة الآية 24 من سورة التوبة قال تعالى: {يكنزون الذهب والفضه ولا ينفقونها في سبيل الله} أين هذه الآية ما أتذكر أين؟ (كلام أحد الحضور) نعم أنا أيضا أدري في سورة التوبة وكنت أتصور أن الآية 24 من التوبة ولكنها ليست الآية 24, بلي الآية 34 قال: {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم, يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم, هذا ما كنزتم} هذه غير مرتبطة بالأمر هذا واقع ماذا الآيات تشير إليه.

    إذن التشريعات من القسم الأول لها عقوبة مرتبطة بها, طيب سؤال: هذه لمن خالف التشريعات من القسم الأول, الآن لو أن شخصاً خالف تشريعات من القسم الثاني, يعني قوانين المرور بالطريق افترضوا أن الرسول’ هو الحاكم أيضا أنا لا أريد أن أذهب إلى مورد آخر أن الرسول هو الحاكم ووضع ضوابط للمرور أليس هكذا وجنابك جئت وخالفت هذه القوانين هل توجد عقوبة على مخالفة هذا القانون كالعقوبة على مخالفة المحرمات الأصلية في الشريعة أنك زنيت أنك سرقت أنك لم تعطي الزكاة أو لا؟ أتصور أن هذه المسألة مسألة ابتلائية الآن.

    الجواب: في جملة واحدة أعزائي لم يثبت أن التشريعات التي صدرت من النبي الأكرم وأئمة أهل البيت لها عقوبات بحسب متعلقاتها نفسها أبداً, كما هو الحال في حرمة السرقة في حرمة أن الإنسان لا يعطي الزكاة, فلو خالفها ماذا يترتب عليه, يأثم أو لا يأثم؟

    الجواب: بحسب هذا المتعلق يوجد إثم أخروي أو لا يوجد عقوبة أخروية؟

    الجواب: لا توجد عقوبة, يعني إذا أنت الأحمر في قوانين المرور لم تقف عنده ليس كما أنه أنك لو كذبت أو سرقت أو زنيت ليس هكذا, نعم, توجد عقوبة من جهة أخرى لا من هذه الجهة, وهي أن الله قد أمرك بإطاعة الولي لا الرسول, الرسول شأن عنوان التبليغ, أمرك بإطاعة الولي وأنت خالفت أمر الله بهذا اللحاظ تعاقب أما ليس بلحاظ أنك ماذا أن تلتزم بقوانين المرور.

    لأنه الآن هذا المثال الذي ضربته لك قبل قليل قال {يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون في بطونهم نارا} أساساً أكل مال اليتيم حقيقته أكل النار, واقعاً عدم الالتزام بالتشريعات من القسم الثاني ايضا واقعها نار, أو ليس نار؟ الجواب: لا ليس نار. تقول طيب على هذا الأساس لا تبقى أي ضمانة للتنفيذ؟ الجواب: لا ضمانة التنفيذ أنك مأمور بإطاعة الولي فلو لم تطع فأنت آثم لماذا؟ لأن القرآن الكريم صريح في هذا المعنى, {قال يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول} أساساً التفتوا جيداً هذه الإطاعة هنا أساساً من أوضح مصاديقها التشريعات من القسم الثاني, لماذا؟ لأن التشريعات من القسم الأول أصلاً للنبي فقط شأن التبليغ لها إذا خالفتها خالفت الله, أصلاً ما يحتاج أطيعوا الرسول, أطيعوا الرسول إنما هو أين؟ في التشريعات من القسم الثاني, وأوضح من ذلك {وأولي الأمر منكم} إذن يتبين أنه الآية تتكلم عن الإطاعة في موارد التبليغ أم في مورد ولاية الأمر؟

    إذن إذا فرضنا أن قانوناً من القوانين صدر من النبي بعنوان أنه من التشريعات الولائية السلطانية التدبيرية وخالفها المكلف, يعاقب أو لا يعاقب؟ إن قيل يعاقب على ذلك المورد الجواب لا, لا يعاقب, أما إن قيل أنه لا يعاقب حتى على مخالفة رسول الله الجواب: لا, يعاقب على مخالفة رسول الله, لأن ذلك التشريع بطبيعته تشريع تدبيري مرتبط بتدبير الشؤون الدنياوية.

    أضرب لك مثال أوضح: إذا ثبت أن الخمس من النوع الأول, كالزكاة, فمن لم يدفع الزكاة ما هو حكمه {يكنزون الذهب والفضة, يوم يحمى عليها في نار جهنم, فتكوى بها جباههم وجنوبهم} فإذا كان الخمس كالزكاة يعني تشريع من النوع الأول, إذن كما من لم يدفع الزكاة إذا لم يدفع الخمس هذا حكمه, أما إذا لم يثبت أن الخمس من النوع الأول وإنما هو من النوع الثاني, فإذا لم يدفع الخمس هذا من قبيل أن الدولة وضعت ضريبة -الدولة المشروعة- وضعت ضريبة مالية ولكن هو تملص وهرب من الدفع ايضا تكوى بها جباههم يوم القيامة} أو لا تكوى؟ نعم إذا يعاقب يعاقب على ماذا؟ على أنه الله أمره بإطاعة الأب وهو.

    أضرب مثال أوضح -أتصور أن هذا تعيشونه- الأب يأمر ابنه بشيء, ذلك الشيء الذي أمر به الأب من الواجبات لا, ينهاه عن شيء من المحرمات؟ لا, مباح ولكن يقول له أريد إلا الساعة العاشرة ماذا؟ تأتي إلى البيت ترجع إلى البيت فلو خالف ولم يأتي, هذه {تكوى بها جباههم} كلا لأنه هو لم يخالف حراماً واقعيا أصلاً, نعم يعاقب على أنه خالف الأب, الآن مخالفة الأب هل هي من الكبائر أو من الصغائر أو من الوسائط الآن ذاك بحث آخر, ما أدري واضح استطعت أن أوصل الفكرة إلى الإخوة.

    إذن إذا ثبت أن التشريع من النوع الأول فالعقوبة أخروية جزماً عليها, إذا خالفها المكلف, أما إذا لم يثبت أنها من النوع الأول وإنما هي من النوع الثاني, فلا يوجد على ذلك العمل المخصوص الذي لم يمتثله وجوباً أو حرمةً لا يوجد عليه عقوبة أخروية.

    نعم, بإمكان الوالي أن يضع عقوبة دنيوية لمن يخالف قوانين المرور مثلاً أو قوانين الجوازات مثلاً, يضع عقوبة يعاقبه في الدنيا, نعم في الآخرة يعاقب على أنك أمرت بإطاعة ولي الأمر وأنت التزمت أو لم تلتزم؟ لم تلتزم. ما أدري استطعت أو أوصل المطلب إلى الأعزاء.

    مراراً ذكرنا وسط البحث أعزائي لا تتكلمون.

    فهذه أين؟ بالنسبة إلى النبي والأئمة واضحة لا يوجد عندنا بحث, وقوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}, من أوضح مصاديق أولي الأمر من هم؟ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إنما الكلام كل الكلام أين؟ في زمن الغيبة وهو أن هذا ايضا كذلك بالنسبة لمن يقوم مقام الإمام في زمن الغيبة أنا أعبر بالنسبة إلى من يقوم مقام الإمام, لأنه أنا يوجد عندي بحث صغروي مفصل مع المشهور من الفقهاء, أنا لا اعتقد أن الذي أعطي هذه الصلاحيات يعني فقيه الحلال والحرام, يكون في علم الإخوة, أنا معتقد أن الذي أعطي هذه الصلاحيات هو العالم في الدين لا العالم في الفقه الأصغر, هذا بحث آخر بحث صغروي لا بحث كبروي الآن ما أدخل فيه, أنا أفهم {ليتفقهوا في الدين} غير قوله ليتفقهوا في الحلال والحرام, التفقه في الحلال والحرام يمثل عشرة بالمائة من التفقه في الدين, وتسعين بالمائة من التفقه في الدين المعارف الأخرى الدينية القرآنية, فمن يقوم مقامه ليس هو الفقيه يعني الحلال والحرام, يعني تفسير يقول ليس بضروري, عقائد ليس بضروري حتى يكون فقيهاً, هذا لا نوافق عليه, على أي حال, ولذا أعبر لمن يقوم مقامه, لا أعبر الفقيه لماذا؟ لأن ذهن الأعزاء أين يذهب؟ إلى الفقه بالفقه الأصغر, الآن إذا عبرت الفقيه الجامع للشرائط مرادي للشرائط ليس الحرية والعدالة والحياة مرادي من الشرائط يعني أن يكون عالماً في الدين هذه من شرائطه, على أي الأحوال.

    هل هذه الصلاحية أعطيت لولي الأمر في زمن الغيبة أو لم تعطى؟ يعني من يخالفه ايضا يوم القيامة يعاقب ولكن لا على تلك الأمور التي خالف فيها بل على مخالفته لولي الأمر. واقعاً توجد عندنا أدلة تثبت مثل هذه الصلاحية وأن مخالفته في زمن الغيبة أيضا حرام, لا في القسم الأول من التشريعات في القسم الثاني, لأن القسم الأول من التشريعات أصلاً المعاقبة ليست على الأوامر والنواهي الصادرة من الفقيه, وإنما على الأوامر والنواهي الصادرة من الله, تلك فيها عقوبة, كلامنا في القسم الثاني من التشريعات.

    وسعوا الدائرة أجعلوها واسعة جداً, أنه يأتي حاكم في دولة إسلامية ويصل إلى السلطة بشكل مشروع الناس هم يذهبون بانتخابات نزيهة واضحة شريفة واضحة صادقة إلى آخر القائمة ويصل شخص إلى السلطة, ثم يبدأ ذلك الشخص بوضع القوانين أي قوانين؟ قوانين إدارة المجتمع التي هي تشريعات من القسم الثاني, إذا خالفته حلال أم حرام؟ هل يحتاج إلى أن يحصل على إمضاء من يقوم مقام الإمام المعصوم أو لا أساساً يقول نفس تفويض الناس إليه أعطاني صلاحية أن أدير أمورهم فمن يخالفني فقد عصى الله, طبعاً في الفكر السني هذا المعنى بشكل واضح ثابت, يقولون: من تصدى للسلطة مخالفته محرمة شرعاً, الآن تصدى لها بشكل مشروع بشكل غير مشروع بشكل انقلابي بشكل تزويري أي كان دموي غير دموي سلمي غير سلمي من وصل إلى السلطة فهو من مصاديق {أولي الأمر} من الواضح أنه بهذه السعة نحن نوافق عليه أو لا نوافق عليه؟ لا نوافق على ذلك.

    إذن القضية جداً أخواني الأعزاء خطيرة وأيضا مهمة ومحل الابتلاء الآن كثير ما من بدل أنت تدخل فيه الآن أنا أتكلم لا أقل نتكلم عن العراق, طيب كثير من التشريعات أنت تلتزم بها أو لا تلتزم بها؟ لا تلتزم بها, حرام شرعاً أو ليس بحرام شرعاً؟ لا على متعلق الأمر والنهي على نفس مخالفة التشريعات الصادرة من حكومةٍ مشروعة ومفوضة من قبل الناس, هذا إذا قبلنا أنه في العراق يوجد هكذا حكومة, لأنه نحن نتكلم في الكبرى ولا علاقة لنا بالصغرى.

    إذن فتحصل إلى هنا أخواني الأعزاء هذه فروق أربعة موجودة بين التشريعات من القسم الأول والتشريعات من القسم الثاني.

    تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1019

  • جديد المرئيات