نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (114)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا أن التشريعات الصادرة عن النبي الأكرم’ وأئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يمكن أن نقسمها إلى تقسيمين أساسيين:

    القسم الأول: هي التشريعات فلنسمها التشريعات التبليغية, يعني الصادرة عن النبي’ بما هو مبلغ.

    القسم الثاني: من التشريعات وهي التشريعات التي عبرنا عنها بالتشريعات الولائية, أو التدبيرية.

    ثم صرنا بصدد بيان أقسام أو بيان الفروق الموجودة بين هذين النوعين والنحوين من التشريعات, قلنا أن النوع الأول من هذه التشريعات تتصف بما يلي:

    أولاً: أنها ثابتة ولا تتغير, طبعاً الثبات عند المشهور بمعنى, والثبات عندنا بمعنىً آخر, وهذا بحث أشرنا إليه في السنة الماضية, ولعله إذا صارت مناسبة أيضاً نبين ما هو المراد من الثبات عندهم, وما هو المراد من الثبات عندنا.

    الثبات عندهم هو أنه لا يؤخذ في الحكم الثابت الزمان والمكان بل كل حكم صدر من النوع الأول يجرد عن الزمان والمكان والظروف المحيطة بذلك الحكم, ولكن نحن قلنا مع أننا نعتقد بالثبات إلا أننا نعتقد أن للزمان والمكان دور أيضاً في هذه الأحكام الثابتة, يعني نتكلم في القسم الأول الذي وردت النصوص الصحيحة والصريحة في أن >حلال محمد’ حلالٌ إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة<.

    أولاً: أنها ثابتة في قبال هذه الأحكام من النوع الثابت أنها متغيرة.

    ثانياً: أن النوع الأول من الأحكام هي جزءٌ من الشريعة يعني عندما نأتي ونعدد أحكام الشريعة نعدد واحدة منها تلك الأحكام, نقول وجوب الحج وجوب الصلاة حرمة الغيبة حرمة الكذب حرمة الربا ونحو ذلك, سواءً كان أحكام تكليفية أو أحكام وضعية.

    بخلافه في هذا القسم الثاني من الأحكام فإنها ليست جزءً من الشريعة لما بيناه بالأمس وإلا للزم أن تكون الأحكام المتناقضة جزءً من الشريعة يعني المباح والحرمة في شيء واحد جزء ماذا؟ جزء من الشريعة وهذا غير معقول.

    وثالثاً: أن الأحكام من القسم الأول إخبارٌ عن واقع نفس أمري وإنما كل ما في الأمر أن المشرع أعم من أن يكون معصوم أو غير معصوم إنما يكشف عن تلك الواقعيات, وبخلافه في هذا القسم الثاني من الأحكام فإنها ليست هي إخبارٌ عن واقعٍ معين وإنما هي إنشاءٌ يعني أن الولي يريد بهذا الأمر والنهي أن يوجِد واقعاً معيناً, طبعاً يوجد هذا الواقع لأن فيه مصلحة الأمة مصلحة المجتمع مصلحة أولئك الذين يتولى أمرهم, لا أنه بذوقه يريد أن يأمر وينهى, يعني لماذا يأمر وينهى هذا الأمر والنهي الإنشائي؟ في صالح تنظيم المجتمع إدارة المجتمع إيصاله إلى كمالاته حتى يستطيع أن يطبق ويستطيع أن ينفذ القسم الأول من الأحكام بنحوٍ أسهل وأرتب وأنظم إلى غير ذلك.

    إذن ليس معنى عندما نقول أن هذه الأحكام إنشائية يعني ليست فيها مصالح, لا لا, مصالحها أن المولى يريد بالجعل أن يوجد هذه المصالح الواقعية النفس أمرية.

    الأمر الرابع: فإننا ذكرنا بأنه أساساً في القسم الأول من الأحكام يعني التبليغية والتشريعات التبليغية هذه مخالفتها بنفسها منشأ للعقوبة الإلهية, يعني حتى باعتبار يكون في علمكم أن النبي عندما يبين الصلاة واجبة هو لا يأمر بالصلاة الذي يأمر بالصلاة هو الله (سبحانه وتعالى) كل ما في الأمر أن النبي مبينٌ لهذا الوجوب مبلغٌ لذلك الأمر, فالعقوبة أيضاً تكون على مخالفة ذلك الأمر لأنه مخالفة أمر الله (سبحانه وتعالى).

    ولكن عندما نأتي إلى هذا القسم الثاني الذي تجب طاعته هو من؟ هو ولي الأمر لقوله تعالى {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} أما ما يشرعه من التشريعات ليست هذه التشريعات كل واحدة في نفسها لها ماذا؟ لها معصية خاصة بها ولها ثواب خاصٌ بها, ولذا من خالف, إذا خالف المكلف هذا القسم الثاني من التشريعات لا توجد عقوبة خاصة وراء مخالفة أمر المولى, لأنه من الواضح إذا قلنا أنه توجد عقوبة لمخالفة هذه الأمور التي شرعها عقوبة خاصة بنفسها طيب يلزم أنه في التشريعات من القسم الثاني يعني في التشريعات الولائية أن المكلف إذا خالفها يستحق ماذا؟ عقوبتين:

    العقوبة الأولى: لأنه خالف أمر رسول الله’ لأن الله أمر بأن أطيعوا ماذا؟ {وأولي الأمر منكم}.

    العقوبة الثانية: أن نفس هذا الفعل فيه عقوبة في نفسه مع أنه لا يمكن الالتزام بذلك.

    هذا مضافاً إلى أن الوجدان حاكم, أن الوجدان والتدبر حاكمٌ على أنه الإنسان إذا خالف هذه التدابير التي وضعت لإدارة المجتمع وهي كثيرة جداً, لا أتصور أن في كل واحدة منها عقوبة كعقوبة الربا, كعقوبة الكذب, كعقوبة الزنا, كعقوبة النميمة, كعقوبة الغيبة, لا ليس الأمر كذلك.

    هذه هي الفروق الأربعة الموجودة بين النحو الأول من التشريعات وهي التشريعات التبليغية والنحو الثاني من التشريعات وهي التشريعات الولائية.

    بحمد الله تعالى حتى نخرج كما يقال عن وحشة الوحدة, نستأنس ببعض كلمات السيد الحائري, بالأمس هذا الكتاب وصل لأحد الإخوة وأوصله لي هذا الكتاب, وهو المرجعية والقيادة, طبعاً السيد الحائري لم يبين القضية بالنحو الذي أنا أشرت إليه.

    ولكن في كلماته توجد إشارة مجموعة الأمور التي أشرت إليها بنحو الإشارة لعله موجودة في كلماته, الآن نحاول أن نقرأ بعض هذه العبارات, في هذا الكتاب التي هي محاضرات السيد الحائري, في ص131 يقول: المبنى القائل بولاية الفقيه في دائرة ملئ منطقة الفراغ, طبعاً هذه إحدى النظريات في مسألة ولاية الفقيه, وهذه غير نظرية السيد الإمام+ لأنه يعتقد أن الولاية عامة, ولكن السيد الشهيد يعتقد أن الولاية مختصة أين؟ في منطقة الفراغ فقط, وهذه من الفروق الأساسية بين نظرية منطقة الفراغ وبين نظرية ولاية الفقيه المطلقة التي يؤمن بها السيد الإمام+, لا يتبادر إلى ذهنكم أن هذه نفس النظرية لا, السيد الشهيد يعتقد أن الولي في زمن الغيبة, أولاً: ولاية الفقيه ثابتة ولكن فقط ولاية الفقيه ثابتة أين؟ في دائرة المباحات ليس أكثر, ومرادنا من المباحات هنا المباحات بالمعنى الأعم لا بالمعنى الأخص يعني يشمل المستحب والمكروه أيضا يستطيع أن يوجب وأن يحرم.

    أما في دائرة التكاليف الإلزامية من الوجوب والحرمة له الولاية أو ليس له الولاية؟ ليس له الولاية, هذا ما لا تتفق مع النظرية التي تعتقد أن الولاية للفقيه في زمن الغيبة ماذا؟ مطلقة, كما تعتقدها للإمام المعصوم أن الولاية فيها مطلقة وأنها تشمل جميع التكاليف.

    وهذا بحث مرتبط بنظرية ولاية الفقيه وبمقدار صلاحية ولاية الفقيه في زمن الغيبة, أو ما أعطي من الصلاحيات ما يقوم مقام الإمام في زمن الغيبة واطمأنوا تقريباً كل فقهاء الإمامة متعرضين للمسألة خلافاً لهذه الكلمات التي تصدر من بعض أو ما أدري أهل العلم أو غير أهل العلم بأن هذه القضية مستحدثة وأول من قالب بها صاحب ال11:20 هذا كلام غير دقيق.

    نعم, الاختلاف في أنه ما هي هذه الدائرة التي أعطيت لمن يقوم مقام الإمام في زمن الغيبة, والكل متفق على أن هناك مساحة للفقيه فيها ولاية, ولكن هذه المساحة البعض يعتقد عشرة بالمائة وبعض يعتقد مائة في المائة أو تسعين في المائة, إذن القضية من الغيبة الكبرى إلى يومنا هذا يعني من زمن الغيبة الكبرى وإنشاء الله إذا صار يوم عندنا بحث أنا استقرا جامع الكلمات الموجودة في المسألة واقعاً تقريب لا أقل من ثلاثين كلمة لأعلام الطائفة كلهم متعرضون لهذه المسألة ولكن لم يعنونوا المسألة يعني لا يوجد عندنا عنوان أسمه صلاحيات الفقيه في زمان الغيبة الكبرى, بحث آخر على أي الأحوال.

    قال: دائرة ملئ منطقة الفراغ وليس الولاية العامة – هذه إشارة إلى النظرية التي يعتقد بها السيد الإمام- إذ يقال: أن في الفقه الإسلامي قسماً ثابتاً وهي ما عُبر عنه بالأثر الشريف >حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة< إشارة إلى التشريعات التبليغية والقسم الأول, وهناك قسم غير ثابت بل متغير حسب الظروف والحاجات … إلى آخره, وهذا واضح إشارة إلى الفرق الأول الذي أشرنا إليه الثبات والتغيّر في هذه.

    طبعاً هناك بحث آخر وهو: أنه الولي عندما يريد أن يشرع هذا القسم الثاني من التشريعات هل يستطيع أن يتناقض مع القسم الأول من التشريعات أن لا يأخذ بعين الاعتبار التشريعات من القسم الأول أو لا يحق له؟ طيب بطبيعة الحال يلزم نقض الغرض إذا قلنا لا يأخذ بالتشريعات, ولذا تعبير هؤلاء الأعلام يقولون: دائماً في إطار التشريعات من القسم الأول, هذا مورد.

    مورد آخر: في ص138 هذه عبارته, يقول: وهذا يعني أن الشريعة وضعت في النصوص العامة والعناصر الثابتة أهدافاً لولي الأمر وكلفته بتحقيقها – هذه التي عبرنا عنها بالإمامة السياسية- لا أن الإسلام جاء وبين الشريعة وإنما جاء وكلف ماذا؟ كلف أشخاص معينين بتحقيق تلك الشريعة, هذا التحقيق ماذا؟ ليس أنه قال أنه أساساً الصدقة الزكاة واجبة, وإنما قال له ماذا؟ {خذ من أموالهم صدقةً} والذي لم يعطيك أيضا ماذا؟ خذ منه بالقوة, لا فقط بين أحكام الحدود قال: أقم الحدود في حياة الناس, لا فقط تقول لهم الصلاة واجبة وإنما ماذا؟ أقم الصلاة في حياة الناس ليس هكذا, لا فقط قال العدالة شيء جيد بيني وبين الله العدالة الاجتماعية جداً مبدأ جيد, ماذا قال له؟ أقم العدالة في حياة الناس أنت لست مخير بين أن تقيم أو؟ ومن يريد أن يخرج عنها ماذا تفعل له؟ أن تقيم عليه الحد أن تفعل فيه كذا وكذا … إلى غير ذلك.

    يقول: ووضع أهدافاً لولي الأمر وكلفته بتحقيقها والسعي من أجل الاقتراب نحوها فإذا لم تتحقق هذه الأهداف بالأحكام الأولية كان للولي أن يحقق ذلك بالأحكام المتحركة, إذن عندنا أحكام ساكنة – إن صح التعبير- وأحكام متحركة, هذه الأحكام المتحركة بينها الشارع أو فوضها إلى من؟ فوضها إلى ولي الأمر, الآن حديثنا في النبي والأئمة, الآن في زمن الغيبة أيضا فوض هذا أو لا, هذا بحث ولاية الفقيه.

    وكذلك إخواني الأعزاء في ص147, هذه عبارته, ينقل رواية هذه الرواية جداً مهمة, يقول: وهي رواية معروفة وهي الرواية: >عن أحمد ابن إسحاق عن أبي الحسن قال سألته وقلت من أعامل وعن من آخذ وقول من أقبل؟ فقال: العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي وما قال عني فعني يقول فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون< جملة من الأعلام مستندين إلى هذه الرواية الصحيحة الأعلائية لإثبات ولاية ماذا؟ ولاية الثقة المأمون, ولكن الثقة المأمون الذي يؤدي عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فيستفيد منها لإثبات ولاية الفقيه في زمن الغيبة.

    السيد الحائري يقول: لا, ولكني أرى أن هذه الرواية غير تامة الدلالة لإثبات ولاية الفقيه, ولكن يشير إلى نكتة تنفعنا في المقام, فالمقام إذن مقام توضيح حق الرواية والفتوى للفقيه الثقة ووجوب السمع والطاعة له في ذلك لا مقام بحث الولاية والإمرة له وأنه هل تجب طاعته في الأوامر والنواهي الولائية أم لا … ثم يقول: وهناك فرق بيّن بين مقام الفتوى ومقام الولاية, هذا الذي بالأمس أشرنا إليه بشكل واضح, قلنا أن مقام الفتوى شيء الذي هو الشأن التبليغي ومقام الولاية شيء آخر الذي هو الشأن الولائي, إذ مقام الفتوى – محل الشاهد هذه الجملة- إذ مقام الفتوى هو مقام الإيضاح عن حكم الله يعني إخبار عن حكم الله تعالى الوارد عن المعصوم, أما مقام الولاية فهو مقام يمنح صاحبه بما هو ولي للأمر – التفت إلى الجملة- حق إنشاء الأمر والنهي, أصلاً هو ينشأ لا أنه يخبر, هذا الذي أشرنا إليه من أنها في الفارق الثالث أنها أحكام إنشائية وليست تشريعات إخبارية, فهو يأمر وينهى اعتماداً على دلالة الآية {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.

    جملة وإن كانت اعتراضية خارجة عن البحث دعوني أبينها للإخوة الأعزاء.

    إخواني الأعزاء, هذه الآية كثيرة الدوران على الألسنة وهو قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} المشهور – طبعاً أتكلم في مدرسة أهل البيت- المشهور يعتقدون أن عنوان {أولي الأمر} لا يختص بأئمة أهل البيت وإنما من أوضح مصاديق أولي الأمر هم من؟ هم أئمة أهل البيت وإنما يشمل كل وليٍ للأمر, ولذا يستدلون بهذه الآية لإثبات ولاية ماذا؟ لإثبات ولاية الفقيه وأنه تجب طاعته.

    ولكنه إنشاء الله تعالى إذا وفقنا ودخلنا في هذه الآية سنبين أن هذه الآية المباركة مختصة بأهل البيت وليست شاملة لغير أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    يعني انظروا إخواني الأعزاء في القرآن عندنا آيات على نحوين: آيات تشمل أئمة أهل البيت ويمكن أن تشمل ماذا؟ غير أئمة أهل البيت من قبيل: {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} من أوضح مصاديق أهل الذكر من هم؟ الأئمة, ولكن هذا لا يختص بأهل البيت.

    وآيات مختصة بأهل البيت من قبيل قوله تعالى: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} هذا عنوان أهل البيت عام أم مختص بهؤلاء الأربعة؟ مختص.

    السؤال المطروح في آية أولي الأمر, هل هي من قبيل قوله تعالى: {أهل الذكر} أو من قبيل قوله تعالى: {أهل البيت} مشهور فقهائنا يقولون أنها من قبيل {أهل الذكر} ولذا تجدون يستدلون بها ويستدلون بها, وخصوصاً السيد الشهيد وجملة من تلامذته يعني السيد الحائري وغير السيد الحائري يعتقدون بأن ولكن نحن نعتقد لقرائن داخلية موجودة في الآية, مضافاً إلى الروايات الصحيحة والصريحة والواضحة والمستفيضة أنها مختصة بأهل البيت, ولذا نحن لا نريد, نحن الآن نماشي المشهور من الفقهاء الذين تكلموا عن هذه الآية, هذا مورد.

    مورد آخر, الذي الإخوة اليوم الآن جناب الشيخ ميثاق أجلبه لنا, وهو أنه في مجلة توجد بعنوان مجلة رسالة الثقلين العدد سنة 1376 التي تصدر من المجمع العالي لأهل البيت, في هذه المجلة يُسأل السيد الحائري هذا السؤال, يقال له: هل الأحكام الصادرة عن ولي الأمر هي أحكام دين؟ هذه التشريعات التي يشرعها هل هي جزء من الدين أو أنها ليست هي من الدين, – وهو محل كلامنا الآن الذي هو في كلماته الأخرى لم يشر إليها ولكن هنا توجد إشارة- أم مجرد إعمال ولاية فإذا كان الثاني فإننا لا نحتاج إلى كل هذا التفسير لأن عقلاء العالم يمتلكون هذه الصلاحية أيضاً؟ وإذا كان ديناً هذا لازمه فإن الأديان ستتعدد بتعدد ولاة الأمور على مر الزمان؟ يعني في كل واقعة يظهر أن الدين له رأي واحد أم آراء متعددة, ولا يعقل أن تكون جميعاً جزءً من الدين لأن مصالح المجتمع تتغيير في كل زمان ما هو رأيكم في ذلك؟ التفت إلى الجملة السيد الحائري لا يصرح ولكن واضح ما يريد أن يقوله, يقول: حكم الدين هو {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} واضح.

    يعني التشريعات الصادرة أيضاً من الدين أو ليست من الدين؟ نعم التفتوا, الآن ما يصرح الآن لاعتبارات لا أعلم لذلك, حكم الدين {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} حيث أوجب إطاعة ولي الأمر, نعم ما صدر بهذا يكون من مصاديق هذا الحكم الديني, وإخواني الأعزاء مصاديق الأمر الديني ليست جزءً من الدين, أضرب لك مثال التفت, الشارع قال: الزوجة تجب عليها النفقة وجوب النفقة هذا جزء من الدين, أما مصاديق النفقة أيضاً جزء من الدين؟ الآن هنا أنت تنفق بشكل في مكان آخر بشكل في زمان بشكل في زمان, هذه كلها مصاديق جزء من الدين؟ طيب لا يعقل أن جزء من الدين يكون متعدداً ولذا تعبيره يقول: بأنه حكم الدين قوله أوجب إطاعة ولي الأمر, والأحكام الصادرة عن ولي الأمر هي مصاديق لهذه الكبرى, ومن الواضح أن المصاديق لا يمكن أن تكون جزءً من الدين كما هو واضح.

    مضافاً إلى أنه عنده عبارة ثالثة في كتابه ولاية الأمر في عصر الغيبة, هناك في آخر الكتاب هذه العبارة موجودة الإخوة الذين يريدون أن يراجعون ذلك هناك السيد الحائري يقسم الحكم الولائي الذي هو خارج عن كلامنا الآن لأننا لم نتكلم عن الحكم الولائي في زمن الغيبة, ولكن هذه الخصوصية تهمنا, يقول: الحكم الولائي والحكم الكاشف إلى أن يأتي يقول: أن يفترض أن الحكم الولائي لا واقع يهدف تنجيزه يعني ليس له واقعٌ يريد ذلك الواقع, لأنه تارة الحكم الولائي أعزائي يصدر من الولي وله واقع, مثل ماذا؟ مثل هلال شهر رمضان, هلال شهر رمضان دخولاً وخروجاً له واقع, تارة أن الفقيه يقول ثبت, وتارة أن الفقه يحكم, هذا إذا حكم يصير حكم ماذا؟ حكم ولائي إذا لم يحكم أخبر يصير فتوى هذا هو الفرق بين الإخبار وبين الحكم, هذا الحكم الصادر من الفقيه تارةً له واقع ويحكم به وأخرى حكم ولكن له واقع أو ليس له واقع؟ يقول: أن يفترض أنه لا واقع يهدف تنجيزه, من قبيل ما لو رأى الحاكم ضرورة تحديد الأسعار, في الواقع تحديد الأسعار وأن الأسعار لابد أن تكون محددة مباح أو غير مباح؟ في الواقع مباح, ولكن الولي ماذا يفعل؟ يأتي ويحدده, يعني هذا التحديد في الواقع هكذا؟ لا في الواقع الإباحة الناس مسلطون على أموالهم.

    هذا فيما يتعلق بهذه المسألة, جيد.

    من هنا بحث آخر, من هنا إخواني الأعزاء يتضح لنا بعض النصوص التي تكلمت في الأئمة عندما سألوا أنه يوجد عندكم حكم أسبق أو حكم سابق وحكم لاحق, طيب سؤال: ماذا نفعل إذا جاءنا حكمان منكم أحدهما من الإمام الباقر والآخر من الإمام الرضا, طيب مقتضى قواعد التعارض ماذا نفعل؟ نحن هل توجد عندنا قاعدة في باب التعارض خذ بالأحدث مثلاً يوجد شيء هكذا؟ أبداً, لأن كلام الأئمة دائماً ينظر إليه بعنوان أنه كلام واحد ولعل المتأخر مطلق والمتقدم مقيد فنقيد المتأخر بالمتقدم, فنأخذ بالأحدث أو نأخذ بالأقدم؟ بالأقدم نأخذ, لعل المتأخر الذي هو الأحدث محكوم ولعل المتقدمَ هو حاكم, بأيهما نأخذ, نأخذ بالحاكم أم بالمحكوم؟ طيب هذه الرواية إذا تمت وهو أنه كلما دار الأمر بين الأقدم والأحدث بين السابق واللاحق خذ ماذا؟ هذه قاعدة بتعبيرنا نص الفقه الذي لنا يتخلل فيه إخواني الأعزاء.

    ولذا فقهاؤنا في باب التعارض حاروا في مضمون هذه الروايات, لأنه ما معنى أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يأمر بالأخذ بالأحدث, هذه الرواية واردة في الأصول من الكافي الجزء الأول ص341 والنسخ القديمة الجزء ص139, الرواية إخواني الأعزاء – عفواً أنا اشتبهت- ص167, الجزء الأول من هذه النسخة ص167 التي هي بالطبعات القديمة الجزء الأول ص67, الرواية, عن المعلى ابن خنيس قال: >قلت لأبي عبد الله إذا جاء حديث عن أولكم وحديث عن آخركم< إذن قاعدة وليس مورد معين لا يتكلم عن مورد معين حتى نقول قضية في واقعة, >بأيهما نأخذ< ما هي القاعدة كما في باب التعارض في باب التعارض بأنه ماذا, قال خذ بالأشهر خذ بكذا … إلى آخره, فقال: >خذوا به حتى يبلغكم عن الحي فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله, قال ثم قال أبو عبد الله الصادق إنا والله لا ندخلكم إلا فيما يسعكم<.

    وفي حديث آخر >خذوا بالأحدث< يعني حتى لو كان التفتوا, حتى لو كان في زمان واحد يعني الإمام حي وكلام صادر قبل خمس سنوات منه وكلام صدر منه بعد خمس سنوات منه لابد الميزان ماذا؟ أن نأخذ بالأحدث بالمتأخر لا بالمتقدم, طيب هذا واقعاً إذا فتح هذا الباب عندنا تسعة وتسعين بالمائة من فقهائنا ليسوا بمجتهدين, لماذا؟ لأن هذا العنصر أدخلوه في باب التعارض أو لم يدخلوه في باب التعارض؟ لم يدخله أحد في باب التعارض مع أن الأئمة صرحوا >خذوا بما يقوله الحي< أو >خذوا بالأحدث< لذا الفقهاء في باب التعارض, أريد أن أبين لك أهمية هذا البحث الذي الآن نحن بصدده.

    لذا السيد الشهيد& كما في تقريرات السيد الحائري في المجلد الخامس يعني الطبعة القسم الثاني منه, في ص698 هذه عبارته هناك, يقول: الصحيح هو أنهما لو دلتا على الترجيح بالأحدثية فإنه وذلك لأن الترجيح بالأحدثية حكم تعبدي على خلاف الارتكاز يجب الاقتصار فيه على مورده فإن كلمات الأئمة جميعاً تنظر إلى وقت واحد لأن أحكام الله ليس فيها متقدم ومتأخر, هذه الأحكام الواقعية فيها متقدم ومتأخر حتى ننظر إلى المتقدم والمتأخر؟ ولذا واقعاً صار الفقهاء في باب التعارض – في حيص وبيص- من هذه الأدلة, آخر المطاف تخلصوا منها أنها للتقية هذه الرواية, الآن ما هو وجه التقية طبق عليها الضوابط موافقة القوم مخالفة العامة, مخالفة العامة موافقة العام مخالفة الكتاب موافقة الكتاب طيب نحن توجد عندنا ضوابط للحمل على التقية, المهم.

    يقول: أن الترجيح بالأحدثية كلام السيد الشهيد, على خلاف الموازين والارتكازات العرفية, وهو كذلك, واقعاً على خلاف الضوابط إلى أن يأتي في ص700 والخلاصة: أن هذه الروايات مسوقة مساق روايات أخرى واردة بصدد لزوم العمل على التقية, والاسم في ترك التقية, من قبيل ما ورد عن الإمام الباقر× قال لي يا زياد ماذا تقول لو أفتينا رجلاً مما يتولانا بشيء من التقية…< ويدخل في هذا البحث.

    في اعتقادي الآن لا أريد أن أدخل في هذا البحث ولكن بنحو الإجمال الجواب لا هذه الروايات محمولة على الأوامر الولائية فإذا حملت, نعم, الآن من حقك أن تقول سيدنا توجد قرينة توجد. بحث آخر, ولكن واحدة من وجوه الجمع أو فهم هذه النصوص هو أنه إذا حملتهم هذه النصوص على التشريعات التبليغية طيب عندنا واقعاً مشكلة غير قابلة للحل, أما إذا حملناها أن الإمام× يقول صدر من إمام سابق حكم أو تشريع ولائي, وصدر منا تشريع ولائي آخر, طيب بطبيعة الحال مقتضى الارتكاز ومقتضى القاعدة ومقتضى تعدد الظروف والأزمنة, بأيهما لابد أن نأخذ بالأقدم أو باللاحق؟ طيب من الواضح لماذا؟ لأن الإمام يأمر بلحاظ هذه الظروف هذه الأزمنة.

    إذن لا حاجة أن ندخل التقية في الباب أبداً ولا حاجة إلى أن نقول أنها على خلاف ماذا؟ على خلاف الارتكازات في المقام.

    هذه واحدة من ثمرات هذا التمييز بين التشريعات التبليغية والتشريعات الولائية.

    بحث آخر, وهو: أنه قبل أن أشير إلى التطبيقات, لأنه هناك مجموعة من التطبيقات إنشاء الله بإذن الله أحاول في هذا اليوم ويوم غد أن ننتهي من هذا البحث إنشاء الله حتى في السبت القادم ندخل في بحث الخمس.

    ما هي العناوين والألفاظ التي على أساسها نستطيع أن نقول أن هذا الحكم حكم ما هو؟ حكم ولائي وليس حكم تبليغي تشريع ولائي وليس تشريع تبليغي, يعني بعبارة أخرى, تارة أن القرائن واضحة تبين لنا أن هذا التشريع من النوع الأول, طيب فبها ونعمت, أو أنه تشريع من النوع الثاني فبها ونعمت, وأخرى لا ليس واضح هذا المعنى, هل توجد هناك ضوابط على أساسها نقول هذا من الأول وهذا من الثاني أو لا.

    ذكرت ضوابط متعددة والآن لست بصدد الدخول فيها, ولكن من هذه الضوابط التي يدعي فيها السيد الإمام+ أنه استقرا الروايات ووجد أنه في الأعم الأغلب إذا كان التشريع ولائياً يأتي بعنوان أن رسول الله أمر بذا وأنه قضى بذا, ومن الواضح أنه إذا كان أمر الله فلا معنى لأن نقول أمر رسول الله تشريعات إلهي, لا معنى في تشريع إلهي ثابت أن نقول ماذا؟ قضى.

    ولذا يقول التفتوا جيداً, يقول السيد الإمام, نحن بالتتبع وجدنا أن هذا التعبير في كلمات النبي والإمام أمير المؤمنين كثير أمر وقضى, ولكن عندما نتأخر قليلاً بعد الإمام أمير المؤمنين فهذا التعبير لا نجده في كلمات أئمة أهل البيت, يقول والسبب في ذلك واضح لأن هؤلاء كانت بأيديهم الحكومة أو لم تكن بأيديهم الحكومة؟ ليست بأيديهم فلا معنى لأن يقول قضيت وأمرت, انظروا اذهبوا وتتبعوا – وأنا بودي أن الأعزاء يتتبعون- أنه في جملة من الموارد أن الأئمة يقولون لو كان الأمر إلينا لفعلنا كذا وكذا, سيدي يا ابن رسول الله وهل أن الأحكام الإلهية الثابتة متوقفة لو كان الأمر إليكم؟ الأحكام ثابتة سواء كان الأمر إليكم أو إلى الظلمة والغاصبين لحقوقكم, هذا يكشف عن أنه يتكلم عن ماذا؟ يتكلم عن التشريعات الولائية لا التشريعات التبليغية, وإلا لو كانت التشريعات تبليغية عليه أن يبلغ سواء الناس عملوا أو لم يعملوا سواء كان الأمر إليهم أو لم يكن, هذا التعبير >لو كان الأمر إلينا لفعلنا كذا ولا نفعل كذا< هذا يكشف عن أنه نحن لو كنا ندير هذا المجتمع الإسلامي لو كنا نحن ساسة البلاد وقادة البلاد لفعلنا كذا لا كما يفعل هؤلاء.

    هذا المعنى إذا الإخوة يريدون أن يراجعونه بالتفصيل موجود في كتاب الرسائل إخواني الأعزاء في ص51, يقول: كل ما ورد من رسول الله’ وأمير المؤمنين بلفظ قضى أو حكم أو أمر وأمثالها ليس المراد منه بيان الحكم الشرعي يعني النوع الأول من الأحكام, ولو أريد منه ذلك لا يكون إلا مجازا, لماذا مجا؟ باعتبار أن هذه الأوامر أوامر الله أم أوامر رسول الله؟ طيب أوامر الله (سبحانه وتعالى) لا معنى أن يقول رسول الله أنا قضيت بذلك, فإن الظاهر من تلك الألفاظ هو أنه قضى أو أمر أو حكم من حيث أنه سلطان وأمير وحاكم شرعي لا من حيث أنه مبلغٌ للحرام والحلال لما عرفت أن الأحكام الإلهية ليست أحكام رسول الله وأنه’ لا يكون ذا أمر ونهي وحكم وقضاء بالنسبة إلى الأحكام الثابتة يعني الإلهية حقيقة, بل هو مبيّنٌ ومبلغ, وأما بالنسبة إلى الأحكام الصادرة عنه في مقام القضاء الذي هو الشأن الثالث غير شأن التشريع وغير شأن الولائية أو في مقام السلطنة والرياسة يكون قاضياً وحاكماً وآمراً وناهياً حقيقة ولذا قل ما ترى ورودتلك التعبيرات بالنسبة إلى سائر الأئمة حيث لم تكن لهم الرياسة والسلطنة الظاهرية ولا القضاء والحكم بحسب الظاهر وإن أطلق ذلك نادراً كما أشرت إليه إلى بعض موارده.

    هذا هو البحث الثالث.

    البحث الرابع: فقط أشير إليه وإنشاء الله تعالى ننتهي منه يعني تطبيقه إلى غد.

    وهو أنه: هل توجد هناك تطبيقات واضحة في حياة رسول الله’ يقول هذا حكم ماذا؟ تشريع ولائي وليس تشريعاً تبليغياً تشريع من النوع الثاني وليس تشريعاً من النوع الأول؟

    أنا في ذهني هناك مجموعة من التطبيقات إنشاء الله تعالى سوف نشير إليها في غد لعله أربع خمس تطبيقات نقف عليها في الغد.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1255

  • جديد المرئيات