بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قبل الدخول في البحث اللاحق وهو ما يتعلق بأن إنكار الضروري هل يوجب الكفر بنفسه أو لا يوجب, نزولاً عند رغبة جملة من الأعزة بأنه لا بأس بالحديث أكثر عن الذي ذكره سيدنا الأستاذ السيد الخوئي+ في ركنية المعاد وأنه هل أن إنكار المعاد بنفسه سببٌ مستقلٌ للكفر وإن لم ينكر صاحبه التوحيد والرسالة أو أن الأمر ليس كذلك.
قلنا بأن المشهور أن الإسلام يتحقق بالإيمان بهاتين الشهادتين والإقرار بهاتين الشهادتين شهادة >أن لا إله إلا الله وأن محمداً’ هو رسول الله< إذا تحقق الإقرار ولو ظاهراً الآن تفصيله في محله, فإنه يتحقق الإسلام وتترتب جميع الأحكام الفقهية المترتبة على هذا العنوان إلا ما خرج بالدليل.
ولكنه كما أشرنا, طبعاً للروايات المتواترة في هذا المجال, ولكنه أشرنا إلى أن السيد الخوئي+ ذهب إلى أن الإيمان والإقرار بالمعاد أيضاً هو مقومٌ لتحقق الإسلام فلو أنكر المعاد واليوم الآخر وإن لم يؤدي إنكاره ذلك إلى إنكار التوحيد والرسالة فإنه سبب مستقل للكفر ولتحقق الكفر.
فيما يتعلق بالمعاد يمكن ذكر دليلين أشار إلى أحدهما السيد+ في التنقيح, ونحن نضيف دليلاً آخر لذلك.
الدليل الأول: الذي أشار إليه السيد+ في التنقيح, قال: نحن نجد في القرآن أن هناك قرناً بين الإيمان بالله وبين الإيمان بالمعاد ليس في مورد وموردين وثلاث في الأعم الأغلب كلما ورد الإيمان بالله قرن بالإيمان بالمعاد {يؤمنون بالله وباليوم الآخر}, {إن كنتم تؤمنون بالله وباليوم الآخر} هذا المعنى هذا الدليل أشار إليه في التنقيح المجلد الثالث في ص59 بحسب هذه الطبعة الموجودة عندي, قال: ومنها: الاعتراف بالمعاد وذلك وقد قرن الإيمان به بالإيمان (سبحانه وتعالى) في غير واحدٍ من الموارد كما في قوله تعالى: {إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} كما في سورة النساء 59, وقوله تعالى: {إن كنّ يؤمنّ بالله واليوم الآخر} كما في البقرة 228, وقوله: {من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر} كما في البقرة 232, وكذلك قوله: {من آمن بالله واليوم الآخر} في البقرة 177, إلى غير ذلك من الآيات ولا مناص معها, مع ماذا؟ مع هذا القرن الموجود بين الإيمان بالله وبين الإيمان بالمعاد, من اعتبار الإقرار بالمعاد على وجه الموضوعية في تحقق الإسلام, لا على وجه الطريقية.
هذا هو الدليل الذي ذكره السيد الخوئي في التنقيح.
والجواب عن ذلك: بأنه إذا كان القرن بين الإيمان بالله تعالى وباليوم الآخر دليلٌ على أنه لا يتحقق الإسلام إلا بالإيمان بالمعاد بنحوٍ واحد طيب للزم مثله في كثير من الأمور التي قرنت بالإيمان بالله (سبحانه وتعالى) في القرآن الكريم, والآيات التي تحدثت عن ذلك متعدّدة في القرآن منها هذه الآية المباركة في سورة النساء في الآية 136, من سورة النساء, قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمِنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزّل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبلُ ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر فقد ضل ضلالاً بعيدا} طيب لابد من الالتزام بأن كل هذه أيضاً دخيلة في الإسلام, لأن السيد الخوئي+ فقط من القرن أراد أن يستفيد المدخلية بنحو الموضوعية, وهذه أيضاً قرنت بهذه الموارد وهي الإيمان بالله وبكتبه ورسله وملائكته إلى غير ذلك.
وكذلك ما ورد في الآية 285 من سورة البقرة وهو قوله تعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم, آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كلٌ آمنَ بالله وملائكته وكتبه ورسله} إلى آخر الآية المباركة.
إذن إذا كان القرن كافٍ في إدخال الشيء بنحو الموضوعية في الإسلام لابد أن نلتزم أن الإيمان بالملائكة أيضاً له مدخلية على نحو الموضوعية في الإسلام, الإيمان بالكتب السابقة كذلك, الإيمان و … بالقرآن, لأنه الآية المباركة قالت: {والكتاب الذي نزّل على رسوله} يعني الإيمان بالقرآن أيضاً على نحو الموضوعية داخلٌ في تحقق الإسلام ولا أتصور أن أحداً يلتزم بذلك.
فإذن هذا البيان الذي ذكره في التنقيح لا يمكن الالتزام به.
الدليل الثاني: الذي قد يستدل به للسيد الخوئي لإثبات هذه الدعوى وهي مدخلية المعاد لإثبات أو لتحقق الإسلام مدخلية على نحو الموضوعية وهو الاستناد إلى قوله تعالى في سورة يوسف {إني تركت ملة قومٍ لا يؤمنون بالله وبالآخرة هم كافرون} الآية 37 من سورة يوسف, يقال: بأنه أساساً الله (سبحانه وتعالى) ذكر نقصين لهؤلاء:
النقص الأول: أنهم لا يؤمنون بالله.
النقص الثاني: أنهم كافرون بالآخرة.
ومقتضى ظاهر الآية أن هذين النقصين أحدهما في عرض الآخر لا أن أحدهما في طول الآخر, ولو قلنا أن الإيمان بالمعاد مأخوذ على وجه الطريقية لكان في طول الآخر, وهذا على خلاف ظاهر الآية لأنه جعلت أمرين نقصين ومقتضى الظهور أن يكونا بنحو عرضي لا بنحو طولي.
هذا هو الدليل الثاني الذي يستدل به في المقام.
والجواب: أننا تارةً – التفتوا جيداً- قلت لكم أنه لا أريد أن أدخل البحث التفسيري في هذه المسألة ولكن بنحو الإجمال, تارةً الحديث في أنهما كلٌ منهما نقص في نفسه أو لا؟ الجواب نعم, كما أن عدم الإيمان بالله (سبحانه وتعالى) نقصٌ, عدم الإيمان بالمعاد أيضاً نقص وهذا مما لا ريب فيه, لا فقط هذا في كل الاعتقادات الأخرى كذلك, كما أنه عدم الإيمان بالله نقص عدم الإيمان بالرسالة نقص, عدم الإيمان بالمعاد نقص, عدم الإيمان بالعدل نقص, عدم الإيمان بالإمامة نقص, هذا بحث أنه نقص أو ليس بنقص؟
وبحث آخر: أن يكون كل من هذين النقصين ملاكٌ مستقلٌ إنكاره ملاكٌ مستقلٌ لتحقق الكفر. والحديث في الثاني لا في الأول.
نحن ليس بحثنا في أنهما كلٌ منهما نقص مستقل أو نقصٌ غير مستقل, الجواب: هو كل منهما نقص مستقل كما هو ظاهر الآية, ولكن نحن بحثنا هل هو البحث في أنه هل هو نقص مستقل أو غير مستقل أو بحثنا في أن إنكار كل واحدٍ منهما بنحو الاستقلال يؤدي إلى الكفر؟ من الواضح أنه الثاني ولا دلالة للآية في هذا البحث.
إذن الواقع أن الفقهاء الذين لم يعرضوا لهذه المسألة واكتفوا بالأمر الأول والثاني يعني التوحيد والرسالة فواضح أنهم لم يجعلوا الإيمان بالمعاد ركناً مستقلاً في تحقق الإسلام, وإن إنكاره ليس بنحو المستقل يؤدي إلى الكفر.
ومن عرض لذلك من الفقهاء فإنه صرح بأنه ليس ركناً مستقلاً في ذلك.
جملة من الأعلام صرحوا بذلك, منهم الشيخ التبريزي+ في تنقيح مباني العروة الجزء الثاني في ص190, الإخوة بإمكانهم أن يرجعوا, بل المحقق للإسلام هو الاعتراف بالتوحيد ورسالة النبي من غير أن يظهر المعترف خلاف اعترافه إلى آخره, بعد أن يناقش تلك الأدلة, هذا مورد.
والمورد الثاني: أيضاً ما أشار إليه السيد الصدر& في شرح العروة الوثقى المجلد الثالث في ص369 عبارته واضحة يقول: وعليه فدخل الإيمان بالمعاد – طبعاً التعبير بالإيمان تقريباً لعله المقصود الإيمان الظاهري وإلا التعبير بالإقرار يكون أدق لماذا لأنه قد يقر بالمعاد أو قد يقر بالتوحيد وهو ليس {ولما يدخل الإيمان في قلوبهم}- وعليه فدخل الإيمان بالمعاد في الإسلام إنما هو باعتبار كونه من أوضح وأبده ما اشتملت عليه الرسالة وليس قيداً مستقلاً في الإسلام, هذا المورد الثاني.
والمورد الثالث: ما ذكره الإمام+ في كتاب الطهارة المجلد الثالث ص328 عبارته واضحة وجلية في هذا المجال, يقول: ثم إن اندراج منكر المعاد أيضاً في الكفار حقيقةً ودعوى كون الإسلام عبارة عن الاعتقاد بالأركان الأربعة – أشرنا لماذا أربعة- يعني أصل الوجود التوحيد الرسالة المعاد, والاعتقاد بالمعاد داخل في ماهيته – أي ماهية الإسلام أيضاً- لا يخلو من إشكالٍ بل منع لإطلاق الأدلة المتقدمة الشارحة لماهية الإسلام التي به حقنت الدماء وقوة احتمال أن يكون الارتكاز المدعى لأجل وضوح عدم الجمع بين الاعتقاد بالنبوة وإنكار المعاد, يقول تجدون بأنه ارتكاز المتشرعة قائمٌ على أن من أنكر المعاد كأنه خرج من الإسلام؛ لوضوح أن المعاد من أهم الضروريات الموجودة في الدين, هذا الارتكاز لعله يؤدي إلى هذا المعنى.
يقول: وكونه لأجل وضوح عدم الجمع بين الاعتقاد بالنبوة وإنكار المعاد الذي لأجل كمال بداهة كونه من الإسلام عُدّ من الأصول وإلا هو ليس من الأصول, فدعوى كون الإسلام هو الاعتقاد بالألوهية والتوحيد والنبوة غير بعيدة … وإلى آخره.
إذن هذه القضية إخواني الأعزاء تقريباً واضحة عند الأعلام إلا ما استثني وهو السيد الخوئي+ حيث ذهب إلى أنه يُعد من الأركان.
البحث اللاحق.
في هذا البحث اللاحق إخواني الأعزاء وهو مسألة مهمة جداً وتترتب عليها آثار كثيرة كما أشرنا في البحث السابق, وهو لو ثبت أن هناك ضروري من ضروريات الدين فهل أن إنكار الضروري يخرج الإنسان عن الإسلام يخرجه عن الإسلام أو لا؟
وأنتم تعلمون أن هذه تترتب عليها آثار مهمة جداً حتى على مسألة الإمام, لو سلّمنا أنه ذهب البعض إلى أن الإمام من ضروريات الدين, الآن إذا ذهب أن الإمامة من ضروريات المذهب, طيب اتضح الكلام فيما سبق, لو أن إنسان اختار وصار مبناه أن الإمامة من ضروريات الدين فهل أن إنكار الإمامة – إخواني الأعزاء- عندنا إنكار وعندنا جحود هذين اللفظين التفتوا إليها قد يستعمل أحدهما في موضع الآخر وقد يستعمل أحدهما مفترقاً عن الآخر.
المراد من الجحود هو ما تم العلم عنده إلا أنه أنكر ذلك, فالجحود ليس هو مطلق الإنكار وإن لم يكن عن علم سابق, الجحود لغةً واستعمالاً: هو الإنكار بعد العلم بصحة الشيء يعني إنكار ما في القلب إثباته أو إثبات ما في القلب إنكاره, هذا هو الجحود.
الإنكار ما هو؟ الإنكار لا لعله أساساً لا يعلم بالشيء فينكره, فالإنكار أعم من الجحود.
وقد يستعمل الإنكار ويُراد به الجحود, ما أدري واضح الآن.
إذن الآن نحن نتكلم في منكر الضروري لا في جاحد الضروري, لسببٍ من الأسباب لم يؤمن بضروري من الضروري لشبهةٍ, لغفلةٍ, لعدم وصول الدليل إليه أصلاً الربا من الضروريات أو ليس من الضروريات؟ حرمة الربا, بلي الآن حرمة الربا من الضروريات, سؤال: لو أن شخصاً في صدر الإسلام لم يكن قد وصل إليه حرمة الربا فتصور أن البيع مثل الربا, طيب وآمن بأن البيع جائز كما أن البيع جائز, فهل خرج عن الدين؟ الجواب: يقولون لا لا يخرج عن الدين, الآن بحث في تحرير محل النزاع أبينه.
الآن محل كلامنا في الإنكار, كما أنه التفتوا جيداً إنكار الرسالة يخرج الإنسان عن الإسلام أ ولا يخرجه؟ يخرجه, سواءٌ كان لشبهةٍ, لغفلةٍ, لعدم دليل أو لعلمٍ لا فرق, إنكار التوحيد يجعل الإنسان كافراً إنكاره وليس جحوده, الآن نحن أيضاً نتكلم في الإنكار لا في الجحود, الآن هذا في المقدمة.
البحث الذي عرض له الأعلام هنا في هذا المقام هو: أن منكر الضروري – هذا العنوان أخذوه عنوان منكر- ومن هنا لابد أن يتضح عندما يقولون منكر مرادهم الإنكار بالمعنى العام أم مرادهم بالإنكار يعني الجحود, أي منهما؟ ما أدري استطعت أن أوصل المطلب إلى الأعزاء أو لا, انظروا الآن العنوان المأخوذ في المسألة أن منكر الضروري هل يخرج عن الإسلام بالإنكار أو لا يخرج؟ طيب المراد من الإنكار أي إنكارٍ هذا؟ الإنكار الذي يرادف الجحود أو الإنكار الذي هو أعم من الجحود؟
فيما يتعلق بالأول والثاني لا إشكال أن الإنكار أعم من الجحود, يعني من أنكر التوحيد حتى لأي سببٍ كان فهو كافر, يقول حصلت لي شبهة, يقول: نعم أنت معذور من حيث البحث الكلامي, ولكن أنت مسلمٌ أو كافر؟ أنت كافر, لو أنكر نبوة خاتم الأنبياء والمرسلين فهو كافر لشبهةٍ أو لغير شبهة.
البحث الذي طرحوه في المقام منكر الضروري كافرٌ, مرادهم من المنكر أي منكر؟ المنكر بالمعنى الذي ذكروه في التوحيد والرسالة, أو المنكر بمعنى الجحود؟
طبعاً لكي يكون سبباً مستقلاً لابد أن يؤخذ الإنكار بالمعنى الذي أخذ في الأول والثاني, ولهذا تجدون الأعلام في مسألة إنكار الضروري, أولاً: حرروا محل النزاع, قالوا: إذا كان يعلم أن إنكاره يؤدي إلى إنكار الأصل الأول أو الأصل الثاني, فلا إشكال أنه كافرٌ, لا لأنه سبب مستقل بل لأنه يؤدي إلى ما هو؟ ما هو سبب مستقل, إذن هذا العنوان أخرجوه من البحث أو هذا الفرض أخرجوه من البحث, أنه لو علم منه أنه يؤدي إلى إنكار الأصل الأول أو الأصل الثاني فلا إشكال أنه يؤدي إلى كفره, وهذا معناه أنه في فرض الجحود لا إشكال أنه كافر.
الجحود ما هو؟ ما علم أنه ضروري وأنكره, طيب بطبيعة الحال ما علم أنه ضروري وأنكره يعني أنكر رسالة من؟ النبي الأكرم أو أنكر صحة ما جاء في القرآن فإنكار هذا يؤدي إلى إنكار أحد هذين بلا إشكال, وهذا ما صرحوا به في كل كلماتهم.
الآن ما أريد أن أدخل في هذا, طيب الأقوال في المسالة – بعد أن اتضح محل النزاع- إذن محل النزاع ليس في المورد الذي يؤدي إلى إنكار أحد الأصلين السابقين وإنما لو أنكر باعتقاد أنه ليس من الدين, تقول له: أنت تؤمن بحرمة الربا؟ يقول: لا لا أؤمن بحرمة الربا, تقل له لماذا ثابت في الدين؟ يقول: لا غير ثابت في الدين أصلاً الربا ليس بحرامٍ, تقل له الفقهاء هكذا يقولون, يقول: الفقهاء مشتبهين في هذه القضية, وإلا لو علمت أنه جزء من الدين لآمنت به, فهل أن هذا المنكر الذي هو ليس للضروري هل أن هذا المنكر يخرج عن الدين أو لا يخرج عن الدين؟ لشبهةٍ.
كما ضربنا أمثلة في صدر الإسلام لعله جملة من الأحكام التي الآن تعد من الضروريات في صدر الإسلام ضرورية أو غير ضرورية؟ فأنكرها, فعندما ينكرها وهو لا يعلم ضروريتها فهل يخرجه عن الدين أو لا يخرجه؟ إذا كان الأول والثاني يخرجه عن الدين لا إشكال ولا شبهة لماذا؟ لأن ذاك كان يعلم ضروري كان لا يعلم, كان يعلم بديهي كان لا يعلم من لم يؤمن برسالة خاتم الأولياء فهو كافر لأي سبب كان, أما هنا هل هو كافر أو ليس بكافر؟
توجد في المسألة إخواني الأعزاء أقوال ثلاثة:
القول الأول: ولعلّه اُدعيّ عليه الإجماع – طبق الشهرة يقيناً موجودة, بل ادعي عليه الإجماع- أنه سببٌ مستقلٌ للكفر, طيب يعلمون الآثار المترتبة عليه كثيرة جداً, من أنكر الضروري فهو ماذا؟ تارةً يعلم أنه ضروري وأنكر قلنا هذا خارج عن محل الكلام, ومرة لا لشبهةٍ حصلت له شبهة فأنكر ذلك الضروري فهل يكون كافراً أو لا؟ هنا تظهر الثمرة أين؟ في بحث الإمامة وهو أنه إذا كانت الإمامة من ضروريات الدين وأنكرها شخص لسبب من الأسباب, لشبهةٍ لقصور لتقصير لعدم حصول الدين, إذن فهو مسلم أو ليس بمسلم؟ ليس بمسلم, هذا هو محل النزاع بين الجناح الأصولي والجناح الإخباري في مدرسة أهل البيت؟ قالوا لا يفرق بين أن يكون عالماً أو أن يكون جاهلاً والجاهل بين أن يكون قاصراً أو يكون قاصرا في النتيجة الإمامة أصل من أصول الدين ومن أنكر هذا الأصل فقد خرج عن الدين, طبعاً لمن ثبت له أن الإمامة ليس من أصول الدين بل من أصول المذهب تقدم الكلام عنه فيما سبق لا نعيد الآن, الآن أنا افترض الفرض.
قول: يقول بأنه يخرج عن الإسلام بسبب بنحو مستقل, يعني إنكار الضروري أنا ضربت مثال الإمامة أو الربا أو الصلاة أو الخمس إلى غير ذلك بنفسه سببٌ مستقلٌ للخروج عن الإسلام, إذن هو كافر وتترتب أحكام الكفر, وقول يقول وهو المشهور بين المتأخرين أنه لا يخرجه عن الإسلام مطلقا, إلا إذا أدى إلى إنكار الأول والثاني وقلنا هذا فرض خارج عن البحث, لا يقول بأنه أنا لا أؤمن بهذا لماذا؟ يقول لعدم ثبوته عندي وليس ثابت عندي, إما اجتهاداً وإما تقليداً ليس ثابت أن هذا واجب. ولعله عند الآخرين ما هو؟ من ضروريات الدين, هو ليس عنده بواجب.
وقول: يفصل بين الجاهل القاصر يقول فلا يخرجه من الدين من الإسلام, والجاهل المقصر فإنه يخرجه من الإسلام, وهذا هو الذي اختاره الشيخ الأنصاري& في كتاب الطهارة, هذا التفصيل فقط لعله من مختصات الشيخ الأنصاري لم يتابعه عليه أحد. إذن الأقوال في المسألة كم هي؟ أرجع وأقول, أين محل الكلام؟ محل الكلام ما لم يؤدي إلى إنكار أحد الأصلين المتقدمين وإلا لا إشكال أنه كافرٌ لماذا؟ لأنه أدى إلى إنكار التوحيد أدى إلى إنكار الرسالة. ما هو الدليل على ذلك؟
الأدلة أعزائي متعددة:
الدليل الأول: أدعي الإجماع.
الدليل الثاني: كلمات الفقهاء.
الدليل الثالث: الروايات الخاصة في المقام.
وسوف نقف قليلاً عند هذه المسألة باعتبار أنها مسألة واقعاً ابتلائية أنه في النتيجة مسلم أو كافر.
أما الإجماع فقد أدعاه يعني الإجماع أو ظاهر كلمات الأصحاب ونحو ذلك لعل لفظ الإجماع لم يرد في كلماتهم ولكن أدعي أنه ظاهر كلمات الأصحاب, في مفتاح الكرامة أدعى هذا المعنى, صاحب الجواهر+ في الجواهر أدعى هذا المعنى, في الجواهر المجلد السادس في ص47 هذه عبارته, يقول: قلت: لكن قد يقال أن ذلك كله منافٍ لما عساه يظهر من الأصحاب.
الظاهر من الأصحاب أنه سبب مستقلٌ ماذا؟ سببٌ مستقلٌ للكفر كالمصنف – صاحب الشرائع- وغيره خصوصاً من عبر بالإنكار منهم, لماذا يقول خصوصاً من عبر بالإنكار, يقول: لأنه أساساً مرادهم من الإنكار يعني لم يؤمن أعم من أن يكون عن جحود أم لم يكن عن جحودٍ فيجعله كمسألة ماذا؟ كمن أنكر النبوة كمن أنكر التوحيد.
من أنكر التوحيد لا يُسأل حتى يحكم بكفره أنه أنكرت عن شبهة أو لا عن شبهة, عن دليل لا عن دليل, من أنكر التوحيد فهو كافر قاصر كان أو مقصر عالم كان أو جاهل شبهة توجد أو لا توجد, غافل أو غير غافل في النتيجة من أنكر فهو كافر, يقول خصوصاً من عبر بالإنكار منهم لماذا يقول خصوصاً؟ يقول من عبر منهم بالجحود طيب لا يدل على المطلوب لماذا؟ لأنه هذا معناه علم وأنكر, طيب هذا مآله إلى إنكار الأول والثاني, إلى إنكار الأصل الأول والثاني, من علم من الدين وأنكره هذا رجوعه إلى إنكار التوحيد إلى إنكار الرسالة.
أما من عبر بالإنكار ولا يريد الجحود, لا هذا يختلف حسابه, قال: وإن كان الظاهر فلان, إلى أن يقول حيث أناطوه به حتى نقل عن غير واحدٍ منهم ظهور الإجماع عليه من غير إشارة منهم إلى الاستلزام المذكور, ليس بالضرورة أن يستلزم إنكار الأصل الأول والأصل الثاني, بل ظاهر … إلى آخره, جيد هذا فيما يتعلق بالإجماع.
أما فيما يتعلق بكلمات الأصحاب, التفتوا جيداً, طبعاً أنتم تعلمون أن كلمات الأصحاب ليس دليلاً مستقلاً على الحكم, ولكنه يُستأنس به كما هو واضح, يعني الأصحاب عندما يعبرون واقعاً للاستئناس لابد أن يقف الإنسان على كلمات الأصحاب في المقام.
التفتوا أعزائي, كلماتهم ما هي؟ كلماتهم هي التالية, صاحب الشرائع+ قال: الكافر – في الشرائع في باب النجاسات العاشرة- الكافر وضابطه من خرج عن الإسلام التفتوا جيداً وجحد ما يعلم من الدين ضرورةً, قالوا والعطف يدل على المغاير فلو كان يؤدي إلى الأول إذن كان هذا العطف عطف تفسير مع أن مقتضى العطف المغايرة, إذن سببان يخرجان الإنسان من الإسلام إلى الكفر الخروج عن الإسلام وجحد ما يعلم من الدين ضرورةً. إذن بمقتضى المغايرة بينهما نقول أن إنكار الضروري ما هو؟ سببٌ مستقلٌ للخروج عن الإسلام.
الثاني: يقول جملة من الفقهاء أيضاً لم يقولوا ما علم من الدين ضرورةً قالوا إنكار الضرورة, يعني سواء علم أو لم يعلم, الآن ما هو الفرق؟ الفرق واضح, وهو أنه إذا علم أنه ضروري وأنكره هذا يؤدي إلى إنكار الرسالة, أما إذا لم يقيد بالعلم إذن نفس الضروري لو أنكره حتى لو لم يعلم يخرج عن الدين.
إذن لابد أن نلتفت, إذن العبارة التي ذكرها صاحب الشرائع قال: وجحد ما يعلم, هذا قيد بالعلم, ولكن جملة من الأعلام لو ترجعون وقت لا يوجد أنا أقرأ لكم العبارات, يعبرون ماذا؟ إنكار الضروري يخرج عن الدين وليس إنكار ما يُعلم أنه ضروري يخرج عن الدين, طيب إذا علم أنه ضروري وأنكره هذا أنكر ماذا؟ أنكر الدين أنكر الرسالة فيؤول إلى يكون طريقي أم موضوعي؟ يكون طريقي ولا يكون موضوعياً.
جملة من الأعلام عبروا بأن إنكار الضروري يخرج الإنسان عن الإسلام لا إنكار ما يُعلم من الدين أنه ضروري وهذه العبارة غير تلك العبارة, فلابد من التدقيق في عبارات الأعلام حتى يتضح أن رأيهم ما هو, هل هو إنكار ما يُعلم هذا لا يستفاد منه أنه سبب مستقل أما إذا قال إنكار الضروري هذا معناه أنه سببٌ مستقل.
الثالث: قيدوا ذلك بالضروري, قالوا إنكار الضروري يخرج المسلم عن الإسلام, ولو كان مقصودهم ما يؤدي إلى إنكار الرسالة, طيب لا يشترط أن يكون ضرورياً حتى لو كان نظرياً فأنكره فإنه يخرجه عن الإسلام, لماذا؟ إذا ثبت لك بدليل نظري أن الشيء الكذائي حرمه رسول الله ومع ذلك أنكرته, طيب أنكرت ماذا؟ أنكرت الرسالة, إذن تقييدهم بالضروري يكشف عن أنهم لا يريدون ما يؤدي إلى الاستلزام وإلا لو كان مرادهم ما يؤدي إلى الاستلزام لما قيدوه بالضروري, تقييدهم بالضروري يكشف عن أنه يريدون أن يقولوا وهذا سببٌ مستقلٌ للخروج عن الدين لا ما يستلزم إنكار الرسالة أو إنكار التوحيد يخرج عن الدين لأن ذلك لا يشترط أن يكون ضرورياً حتى لو لم يكن ضرورياً, حتى لو لم يكن مجمعاً عليه, أصلاً أنت اجتهدت على سبيل المثال, جنابك اجتهدت وثبت لك أن الحكم الكذائي ثبت أنه صادر عن من؟ عن رسول الله, وجوباً أو حرمة, ومع ذلك أنكرته, إذن أنكرت ماذا أنت؟ أنكرت رسالته’.
إذن تقييدهم بالضروري كاشف عن ماذا؟ كاشف عن أنه لا يريدون بالاستلزام وإنما بما هو سبب مستقل. هذا الشاهد الثالث.
الشاهد الرابع في كلماتهم: أنهم مثلوا لذلك بالخوارج والغلاة أو بالنواصب والغلاة, أو بالخوارج والنواصب, هذا التمثيل التفتوا جيداً الآن ما استدل برواية أو آية التفتوا جيداً استدل بكلمات الأعلام, أستأنس قولوا, ضربوا مثال الخوارج ومثال النواصب, قالوا لو ذهبت إلى الخوارج والنواصب الكثير منهم يعتقدون منهم أن حب علي من الضروريات أو يعتقدون أن بغض علي من الضروريات أي منهما؟ الخارجي أو الناصبي ينصب العداء مع علمه أنه يجب أن يحبه أو مع اعتقاده أنه يجب أن يبغضه أي منهما؟ طيب من الواضح أن كثير من هؤلاء النواصب لا فقط كان يخالفون بل كانوا يتدينون إلى الله ببغض علي وأهل بيته, إذن يعلمون أنه ضروري أو لا يعلمون؟ لا يعلمون, وإلا إذا يعلمون أنه جزءٌ من الدين ضروري من الدين لا معنى لأن يتدينون بخالفهم, أصلاً كانوا يتقربون إلى الله بقتل علي وأهل بيته, والروايات واضحة أنظروا إلى كلماتهم واقعاً أيضاً كذلك كانوا يتقربون إلى الله بقتل علي, إذن هل يشترط أن يعلم أنه ما علم من الدين ضروري أو لا يشترط؟ لا يشترط بهذه القرينة؟ بقرينة أنهم مثلوا للضروري بالخوارج والنواصب والخوارج والنواصب كثير منهم. أصلاً يكون في علمكم الناصبي تعريفه في كتب اللغة وفي كتب الاصطلاح من يتدين ببغض علي لا أنه من يظهر بغض علي× من يتدين ببغض علي, يعني جعله دينه ذلك, كما أنت تجعل دينك حب علي هو يجعل دينه بغض علي, إذن يعلم أنه من الدين ضروري من الدين هذا أو لا يعلم؟ لا يعلم ومع ذلك ضربوا مثال قالوا أنكروا ضروري من الضروريات. هذه مجموعة – طبعاً- بالإضافة إلى مجموعة من الروايات التي الآن لا يوجد وقت.
سؤال: أما الإجماع – بنحو الإجمال أمر عليه إخواني الأعزاء لا تستحق أن نقف عليها طويلاً هذه الشواهد- أما الإجماع فغير تامٍ, لأن كثيراً من الفقهاء أساساً لم يعرضوا لهذه المسألة حتى نقول أنهم أجمعوا, هذا مضافاً إلى أنه حتى لو تم الإجماع فهو مدركيٌ مستند إلى النصوص الواردة في المقام فهو ليس من الإجماع التعبدي في شيء.
وأما الشاهد الثاني: أن المغايرة تقتضي, فالجواب: أن أدنى مغايرة يجوز العطف وهو أنه من خرج من الدين ضابطه كل من خرج عن الإسلام كلاً وجحد ما يعلم من الدين ضرورةً جزءً, مرة يخرج عن تمام الإسلام ومرة يخرج عن جزء الإسلام وهذا القدر من المغايرة كافٍ للعطف.
وأما لماذا لم يقيدوا بالعلم؟ لم يقولوا ما يعلم أنه ضروري, هو عندما قال ضروري يعني يعلم بأن الضروري ما هو؟ يعني المعلوم بشكلٍ واضح, فلا حاجة إلى أن يقيد الضروري بالعلم, فنكتة ذكر عدم التقييد بالعلم هو ماذا؟ السبب هو أنه ذكر أنه ضروري فعندما يكون ضروري يعني يكون معلوماً وإلا إذا لم يكن معلوماً أساساً يكون ضروري أو لا يكون ضروري؟ لا يكون ضرورياً.
من هنا واقعاً إنشاء الله غد سوف ندخل في هذا البحث وهو البحث الأساسي هذه كانت مقدمات وهو أنه أساساً ما هو مقتضى الروايات الواردة في المقام هل تدل على أن إنكار الضروري سبب مستقل للكفر أو أنه ليس كذلك.
والحمد لله رب العالمين.