نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (118)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كما أشرنا بالأمس أن محل النزاع في هذا الأمر الذي أشرنا إليه وهو منكر الضروري يختلف عما هو في مسألة التوحيد ومسألة الرسالة, فإنه في من أنكر الأصل الأول أو الأصل الثاني بأي سببٍ من الأسباب كان فإنه يكون كافراً والكفر بمعنى الخروج عن الإسلام, لما سيتضح بأن الكفر له اصطلاحات متعددة.

    هذا المعنى بشكل واضح وصريح أشار إليه الأعلام في كلماتهم ومنهم الميرزا التبريزي+ في الجزء الثاني ص191 من هذه مجموعته >تنقيح مباني العروة< قال: وأما إنكار الضروري التفتوا جيداً حتى يتضح أن البحث ليس مختصاً بالقضايا الفقهية وإنما أعم من القضايا الفقهية والقضايا العقدية, وأما إنكار ضروري من الضروريات سواءٌ كان ذلك الضروري أمراً اعتقادياً كإنكار المعاد – باعتبار أنه لم يثبت أن المعاد من قبيل التوحيد والرسالة وإنما هو من ضروريات الدين الثابتة بالشريعة- كإنكار المعاد أو إنكار الكتاب المجيد – التفتوا إلى الأمثلة جداً مهمة- يعني لو أن شخصاً جاء وانتهى إلى هذه النتيجة من حيث البحث التحقيقي قال: أنا معتقد بأن الله واحد ومعتقد بأن الله (سبحانه وتعالى) أرسل نبيه’ وأنه نبي مرسل ومعصوم إلا أن هذا الكتاب ليس منزل من قبل الله وإنما هو من إنشاء الله رسول الله’ فهل يخرج عن الدين عن الإسلام أو لا يخرج عن الإسلام؟ طبعاً أنا عندما أضرب هذه الأمثلة باعتبار أنه الآن يوجد من يدعي هذا المعنى أنه هذه معاني ألقيت على قلب الخاتم وإنشائها كان بألفاظ الخاتم’, وعند ذلك لابد أن يميز لنا بين الحديث القدسي وبين القرآن, على أي الأحوال ذاك بحث آخر.

    لو انتهى شخص بالاجتهاد محقق عالم ليس مغرضاً ليس مرتبطاً بالمخابرات أبداً ولكن اجتهاده أوصله إلى هذا, فهل بمجرد هذا يعني أنكر أن الكتاب منزلٌ من قبل الله (سبحانه وتعالى) يخرج عن الدين كما لو أنكر التوحيد أو أن الدين ليس كذلك؟ التفتوا جيداً – هذه الأمثلة يضربها الميرزا التبريزي+- قال: أو إنكار الكتاب المجيد أو وجود الملائكة – كما أن جملة الآن من المفسرين المعاصرين وغير المعاصرين- قالوا هذه الملائكة إشارة إلى مجموعة من القوى الخيرة الموجودة في الإنسان {فألهمها فجورها وتقواها} هذه تقواها تلك القوى الخيرة القرآن اصطلح عليها أو الروايات اصطلحت عليها بالملائكة لا أنه موجودات موجودة في هذا العالم, أو كان من الفروع سواء كان من العقائد أو كان من الفروع كوجوب الصلاة والصوم وغيرهما وإنكار حرمة الزنا واللواط إلى غير ذلك, فإن وقع الإنكار ممن يلتفت إلى كونه ضرورياً من الدين بحيث رجع إنكاره إلى إنكار الرسالة فلا شبهة أنه محكومٌ بالكفر, أما إذا لم يقل هذا لم يقل بأنه مع علمي بأنه من أساسيات الدين من ضروريات الدين وأنكر هل هو كافر أو لا؟ من قال بأن إنكار الضروري بنفسه سببٌ مستقل هذا خرج عن الدين سواء كان لشبهة أو لغير شبهة؟ ومن لم يقل ذلك كما سيتضح أن الحق هو هذا, إذن هذا كافر أو ليس بكافر, لم يؤدي إنكاره هذا الضروري إلى إنكار الرسالة – لا توجد الملازمة- يقول لعدم اعترافه بالرسالة, يقول: فلا شبهة أنه يحكم بكفره لعدم اعترافه بالرسالة أو إظهاره أن اعترافه لم يكن على وجه التصديق وإن لم يكن إنكاره كذلك, يعني وإن لم يستلزم من إنكاره إنكار التوحيد أو الرسالة, بأن لم يلتفت إلى كونه ضرورياً من الدين كما ربما يقع ذلك ممن كان جديداً في الإسلام, في صدر الإسلام بعدُ الأحكام واضحة أو ليست واضحة؟ ليست واضحة.

    ولهذا السيد الخوئي+ في التنقيح يضرب مثال الربا, يقول الربا في صدر الإسلام لم يكن ضرورياً فمن أنكر الربا يخرج عن الإسلام أو لا يخرج عن الإسلام؟ مع أن الربا من مسلمات من حرمة الربا من مسلمات ليس الربا من مسلمات الشريعة حرمة الربا من مسلمات الشريعة, قال: وقد يقع من غيره أيضاً ممن عاش في بلاد الكفر ونحوها, يعني قد يكون عندنا ضروري ولكن من يعيش في البلاد الأوروبية بالنسبة إليه ضروري أو غير ضروري؟ وهذا ما أشرنا إليه في مقدمة الأبحاث قلنا أن الضروريات أمور مطلقة أو نسبية؟ قلنا أنها نسبية قد تكون في ظرف في زمانٍ ضروري وفي ظرفٍ وزمانٍ ومكانٍ آخر ليس بضروري, وقد يقع من غيره أيضاً ممن عاش في بلاد الكفر, يعني من غير جديدي الإسلام, فقد يذكر أنه يوجِب الكفر أيضاً حتى إذا كان الإنكار على وجه القصور فضلاً عن التقصير وأنه يستفاد ذلك من الروايات, واضح محل النزاع.

    وبهذا يتضح أنه هناك فارق واضح بين إنكار الضروري وبين إنكار التوحيد أو الرسالة, فإن إنكار التوحيد أو الرسالة ممّا لا إشكال فيه لأي سبب حصل فإنه يؤدي إلى الكفر, فهل أن إنكار الضروري أيضاً كذلك أو ليس كذلك؟

    والقضية آثارها أتصور واضحة عند الأعزة وهو أنه في مسألة الإمامة, نحن كل هذه الأبحاث وإن كان فيها أبعاد فقهية ولكنه نظرنا الأصلي إلى الإمامة, لو سلمنا معكم أن الإمامة في صدر الإسلام كانت ضرورية من ضروريات الدين؟

    سؤال: هل هي ضرورية لكل المسلمين في ذلك الزمان في صدر الإسلام؟ هل يمكن أن يدعي أحد حتى أولئك الذين في فتح مكة دخلوا الإسلام أن الإمامة بالنسبة إليهم ضرورية؟ خصوصاً ونحن نعلم أن الإعلان العام عن الإمامو إنما حصل أين؟ في غدير خم, قبل ذلك لم يكن إعلان عن الإمامة, قبل ذلك الرسول’.

    نعم, من هم حول الرسول الأعظم المحيطين هؤلاء الحواريين من الصحابة لا إشكال ولا شبهة أن القضية كانت واضحة بالنسبة إليهم.

    الآن إنشاء الله أريد أن أنتقل إلى بحث آخر, طيب إذا كان الأمر كذلك, حتى لو سلمنا أن الإمامة حدوثاً هي ضروري من ضروريات الدين فإنها هل كانت لجميع المسلمين ضرورية أو لمن يحيط برسول الله؟ وهذا ما أوضحناه قلنا محال عملياً وواقعياً أن تكون ضرورية لجميع المسلمين أولئك الذين حتى الصلاة والصوم والحج بعد لم يكن واضحاً أمامهم فضلاً عن مسائل الاعتقادات, فما بالك أن تبقى هذه المسألة ضرورية بقاءً, بعدما نالتها من الشبهات والإقصاء والوضع والإبعاد و …, إذن مسألة أن الإمامة ضرورية من القطع واليقين أنها ليست كذلك, بقاءً هذا أولاً التفتوا جيداً.

    وكذلك حدوثاً على مستوى العالم الإسلامي, هذا أنا شخصاً ممن أقطع بذلك أنه لم تكن من ضروريات الدين.

    عند ذلك لابد أن نذهب إلى تلك الروايات بأنه أساساً إذن ما معنى أنه ارتد الناس إلا ثلاث أو سبعة أو … عندئذ لا يحمل الارتداد بمعنى الارتداد عن ماذا؟ عن الدين لأنه إذا كان ضروري من ضروريات الدين فلم يفعلوا فقد ارتدوا ماذا؟ عن الدين ولم يثبت هذا أول الكلام, ما أدري واضحة القضية.

    هذه الآن فقط أريد أن أبين أهمية هذا البحث لا يتبادر إلى الذهن أنه فقط مرتبطة ببعض الأحكام الفقهية لا, لأنه كما وجدتم فقيه مثل – الميرزا التبريزي+- يقول بأنه لا فرق يبن أن يكون إنكار الضروري من الأصول أو أن يكون من الفروع, القضية ليست مختصة والمثال الذي ضربه جداً مهم, مثال المعاد, يقول لو أنكر المعاد بنحوٍ استلزم إنكار الرسالة خرج عن الدين, أما لو أنكر المعاد بنحوٍ لم يستلزم إنكار الرسالة وإنكار التوحيد إذن يخرج عن الدين أو لا يخرج؟ لا يخرج عن الدين, يقول اجتهدت فلم يثبت لي المعاد في اليوم الآخر.

    طبعاً فليكن في علم الإخوة هذا الفرق لا وجود له, دعوني أقوله الإنسان عندما يدخل في شريعة من الواضح يثبت له أمر المعاد ولكن نحن الآن نفرض في المسائل الفقهية نحن نفرض فرضاً نقول لو كان شخص انتهى إلى هذا لا يحكم عليه بالكفر بمعنى الخروج عن الإيمان.

    إخواني الأعزاء مهم الأدلة على ذلك أن منكر الضروري خارج عن الدين هو النصوص.

    النصوص الواردة في المقام أعزائي على ثلاثة أصناف:

    الصنف الأول: ما عُبر عنه بهذا اللسان >أدنى ما يكون به العبدُ مشركا< طيب من الواضح أن المشرك كافر أو ليس بكافر؟ واضح من أوضح مصاديق الكفر هو الشرك بالله, لأنه تعلمون التوحيد أصل فإذا أشرك فمسلم أو ليس بمسلم؟ ليس بمسلم كافر مسلم هذا؟

    الروايات الواردة في ذلك عديدة:

    منها: هذه الرواية الواردة في أصول الكافي, هذه الطبعة الموجودة عندي الجزء الرابع ص163 كتاب الإيمان والكفر باب الشرك وبعبارة أخرى الطبعة القديمة الجزء الثاني ص397, الرواية >علي ابن إبراهيم, عن محمد ابن عيسى, عن يونس, عن بريد العِجلي, عن أبي جعفر الباقر× قال: سألته عن أدنى ما يكون العبد به مشركا, قال: من قال للنواة أنها حصاة وللحصاة أنها نواة ثم دان به صار مشركا< فما بالك عندما ينكر المعاد أو ينكر القرآن, جداً القضية خطيرة إذن, التفتوا >من قال للنواة أنها حصاة< هذه واضحة أنه لماذا يريد أن يشير؟ إلى نكتة الضروري لأن الحصاة واضحة حصاة نواة أو ليست بنواة؟ واضح أنها ليست نواة, فلو صار هكذا, من قال للنواة أنها حصاة وللحصاة أنها نواة ثم اعتقد تدين بذلك يعني أقر بذلك, الآن وإن كان هذا عقيدة قلبية غير موجودة المهم تدين بذلك, >ثم دان به فهو مشركا<.

    طبعاً مجموعة من الروايات موجودة في هذا الباب أنا بودي الإخوة إنشاء الله يرجعوا إليها, >من ابتدع رأياً فأحب عليه أو أبغض عليه قال عن أدنى ما يكون به الإنسان مشركا, قال: فقال: من ابتدع رأياً< وهكذا الروايات كثيرة في هذا المجال الإخوة يرجعون.

    هذه الرواية أعزائي عبر عنها من مصباح الفقيه فما دون عبروا عنها بالصحيحة يعني في مصباح الفقيه المجلد السابع ص278 قال: صحيحة بريد العجلي, وكذلك عبر عنها السيد الخوئي في التنقيح المجلد الثالث ص60 بأنها صحيحة, وكذلك السيد السبزواري في مهذّب الأحكام عبر عنها في الجزء الأول ص391 بأنها صحيحة, وكذلك السيد الحكيم+ في المستمسك الجزء الأول ص379 قال بأنها صحيحة.

    طيب سؤال: الآن ما أريد أن أدخل البحث السندي؛ باعتبار أن القضية تقريباً مستفيضة موجودة روايات ولكن من باب البحث الرجالي, أن هذه الرواية صحيحة أو ليست بصحيحة؟

    أعزائي هذه الرواية واردة في سندها يوجد محمد ابن عيسى, محمد ابن عيسى حدود 1100 رواية يوجد في سندها محمد ابن عيسى وهو ينقل عن الرضا والجواد والهادي والعسكري, ومحمد ابن عيسى إخواني الأعزاء مشترك بين محمد ابن عيسى ابن سعد ومحمد ابن عيسى ابن عبد الله الأول مجهول الحال والثاني ثقة وهذه الرواية تكون مشتركة بين المجهول وبين الثقة إلا من خلال القرائن من خلال الراوي والمروي عنه نثبت أن هذا هو الثقة دون المجهول أو المجهول دون الثقة, ففي الرواية من حيث السند فيها كلام وإن كان الأعلام جميعاً, الآن إما إتباعاً وإما تحقيقاً لا أعلم, المهم هؤلاء الأعلام لأنه في عبارة الفقيه الهمداني وردت عبارة صحيحة, كل الأعلام بعد ذلك أيضاً عبروا صحيحة وإن كان هذا الإشكال موجود في السند.

    الرواية الطائفة الثانية الواردة في المقام, روايات >من جحد الفرائض فهو كافر< التفتوا جيداً ماذا العنوان؟ >من جحد الفرائض فهو كافر< طيب إذا كان شيء من ضروريات الدين الصلاة فريضة أو ليست فريضة؟ من أوضح الفرائض, الصوم, الحج, الزكاة ونحو ذلك.

    النصوص عبرت فهو كافر, هذه الرواية إخواني الأعزاء واردة في أصول الكافي الجزء الثالث بحسب هذه الطبعة ص89, الحديث الثاني الوارد في الباب, الرواية هذه وهي كتاب الإيمان والكفر بحسب الطبعات القديمة الجزء الثاني ص33, الرواية: >عن أحمد بن محمد عن محمد ابن إسماعيل عن محمد ابن الفُضيل عن أبي الصباح الكناني عن الباقر×قال: قيل لأمير المؤمنين^ من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله’ كان مؤمنا< بمجرد الشهادتين الإقرار بالشهادتين يكون مؤمنا, >قال (عليه أفضل الصلاة والسلام) فأين فرائض الله< إذا كان بمجرد هذين يكون مؤمنا فأين فرائض الله, >وقال سمعته يقول: كان علي يقول لو كان الإيمان كلاماً – يعني هذا الإقرار اللساني- لم ينزل فيه صوم ولا صلاة ولا حلال ولا حرام, قال وقلت لأبي جعفر إن عندنا قول يقولون إذا شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله’ فهذا مؤمن, قال: (عليه أفضل الصلاة والسلام) فلمَ يضربون الحدود ولم تقطع أيديهم وما خلق الله (عزّ وجلّ) خلقاً أكرم على الله (عزّ وجلّ) من المؤمن لأن الملائكة خدام المؤمنين إلى أن يقول: … ثم قال: فما بال من جحد الفرائض كان كافرا<.

    الإمام× يريد أن يقول إذا كانت الفرائض ليست داخلة في حقيقة الإيمان إذن لماذا إذا أنكر جحد الفرائض صار كافرا, ولكن التفتوا لي جيداً توجد نكتة في هذه النصوص, طبعاً عدة روايات بهذا العنوان توجد نكتة وهي: أنه ليس من أنكر الفرائض صار كافرا, وإنما العنوان من جحد الفرائض, والجحود ذكرنا مراراً وتكراراً ما هو المراد من الجحود؟ هو إنكار ما في القلب إثباته, طيب بطبيعة الحال إذا كان ثابتاً فيؤول إلى يستلزم إنكار الرسالة لأنه ثابت عنده وينكره, إلا أن نقول المراد من الجحود معنى الإنكار وهذا بحثه سيأتي لاحقاً.

    هذه الرواية أيضاً عبروا عنها بالصحيحة يعني السيد الخوئي عبر عنها بالصحيحة, الهمداني في مصباح الفقيه عبر عنها بالصحيحة, السيد الحكيم في المستمسك عبر عنها بالصحيحة, من حيث السند أيضاً في هذه الرواية بحث لابد أن يبحث الآن أنا ما أريد أن ادخل فيه باعتبار أن القضية ثابتة, إذا ندخل البحث السندي لعله يطول البحث أن نقف على القرائن.

    الرواية فيها محمد ابن الفُضيل ومحمد ابن الفُضيل هل هو محمد ابن القاسم ابن الفُضيل الثقة أو غيره, وكلام بين الأعلام لانه إذا كان محمد ابن القاسم ابن الفُضيل فهو ثقة, أما إذا كان غيره فليس بثقة, وهو مشترك عند المجموع.

    هذه الطائفة الثانية الواردة في الروايات.

    الطائفة الثالثة الواردة في هذه الروايات, روايات من ارتكب كبيرةً وزعم أنها حلالٌ – جداً هذه العبارة مهمة- وزعم أنها حلال أخرجه من الإسلام إلى الكفر, ليس كافرٌ, الآن بعد ذلك أبين لكم ما الفرق أن الروايات تقول كافرٌ وان يقول أخرجه من الإسلام إلى الكفر, قد يقول قائل ما الفرق بينهما؟ الجواب: يأتي الفرق كافر ماذا مشرك ماذا مرتد ماذا, أخرجه من الإسلام إلى الكفر ماذا.

    الروايات الواردة في هذا إخواني الأعزاء أيضاً كثيرة, منها ما ورد في وسائل الشيعة هذه طبعة مؤسسة آل البيت المجلد الأول ص33 الحديث العاشر والحديث الحادي عشر, يعني باب ثبوت الكفر والارتداد بجحود بعض الضروريات وغيرها مما تقوم الحجة فيه بنقل الثقات, الرواية العاشرة وهي أيضاً صحيحة السند الرواية: >عن عبد الله ابن سنان قال: سألت أبا عبد الله عن الرجل يرتكب الكبيرة فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام؟ وإن عُذب< التفتوا جيداً هذا البحث الأول البحث الفقهي, البحث الثاني البحث الكلامي, >وإن عُذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع< عذاب المشركين {إن الله لا يغفر أن يشرك به} >فقال من ارتكب كبيرةً من الكبائر فزعم أنها حلالٌ أخرجه ذلك من الإسلام<, من ارتكب كبيرة طيب من الواضح هذا العنوان أعم من الضروري سواء كان ضرورياً أو لم يكن ضرورياً, >من ارتكب كبيرةً من الكبائر فزعم أنها حلالٌ< أعم من أن يعلم أنها حرام أم لم يعلم, فيها إطلاق الرواية, فإذن تكون شاملة لمحل الكلام, من ارتكب الزنا, من ارتكب اللواط, من ترك واجباً وزعم أن ذلك حلالٌ الآن عن علم أو عن غير علم – كما هو محل الكلام- >أخرجه ذلك من الإسلام وعذب أشد العذاب وإن كان معترفاً أنه ذنبٌ ومات عليها أخرج من الإيمان ولم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب الأول<.

    والروايات كثيرة, الرواية الحادية عشرة أيضاً بنفس المضمون المتقدم لا نطيل على الإخوة.

    طيب هذه الروايات كل الطوائف هذه دالة على المقصود بعضها دالة على المقصود, وإذا كانت دالة على المقصود, هل تفيدنا كيف نجمع بين الطوائف هذه التي بعضها عبرت بأنه جحد, بعضها عبر أنه زعم, طيب من الواضح بأن الجحد غير الزعم.

    أعزائي قبل أن أدخل في هذا البحث, بودي أن أذكر لكم أصلاً أساسياً لا فقط نافع في الأبحاث الفقهية بل في كل أبحاثنا العقدية, وإن وقفنا عندها لعله عشرة دقائق أو ربع ساعة يستحق هذا الأصل المعرفي في المعارف العقائدية كلها.

    إخواني الأعزاء, الروايات التي تحدثت عن الإسلام وعن الإيمان وعن الكفر وعن الشرك وعن الارتداد كثيرة جداً, يعني لو نريد أن نستقرأ الروايات لا أبالغ إذا قلت المئات المئات من الروايات, التي تحدثت بأنه إذا فعل كذا صار كافراً, إذا فعل كذا خرج عن الإيمان, إذا فعل كذا صار مشركاً, إذا فعل كذا صار مرتداً, وأوضحها عندكم هي مسألة أنه بعد رسول الله ارتد الناس إلا ثلاث أو خمسة أو سبعة إلى غير ذلك أوضح من هذه الروايات هذه!!

    الآن أنا أقرأ لكم بعض هذه الروايات حتى تعرفون أن المساحة واسعة جداً, لنعرف بأنه هذه الاصطلاحات ماذا يراد منها عندما تطلق في الروايات.

    في المقدمة تعالوا معنا إلى القرآن الكريم الذي هو أصدق الحديث {ومن أصدق من الله قيلا} تجد القرآن جمع بين الإيمان وبين الشرك, هذه أوضح مصداق من المصاديق التي أن الإنسان مع كونه مؤمن لا مسلم مع كونه مؤمن إلا إنه ما هو؟ إذن أي إيمان هذا الذي يجتمع مع الشرك, وصريح الآية في سورة يوسف لم تقل أن بعض الظن إثم لأن هذا البعض قد يكون عشرة في المائة صحيح أم لا, قد يكون خمسة بالمائة, قد يكون واحد بالمائة, لأن هذا البعض يشمل الأقل ويشمل الأكثر, القرآن عندما وصل إلى مسألة الشرك والإيمان قال: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يعني أكثر المؤمنين ما هم؟ مشركون, والآن أنا سأقرأ لك مجموعة من الروايات لتجد أن هذا الشرك كيف (امعشعش) في كل وجودنا, بتعبير الإمام× >أخفى من دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء< الآن بينك وبين الله قابلة للرؤية أو ليست قابلة للرؤية؟ والله لو خمسمائة وخمسين مجهر تأتي به تراه أم لا؟ تصور نفسك الموحد الأعلائي أنت. وصريح القرآن أثبت هذه أيضاً قال: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}.

    تعالوا معنا إلى بعض الروايات الواردة تبين مصاديق الشرك, التي هذه متعارفة عندنا واقعاً لعله في اليوم وليلة أنا وأنت خمس مرات أربع مرات عشر مرات هذه القضية نكررها من غير أن نلتفت أن أهل البيت قالوا أن هذه من مصاديق ماذا؟ من أوضح مصاديق الشرك.

    في تفسير العياشي المجلد الثاني – حتى أقول لك بأنه لا تقل لي سيدنا ما هو ربطه بالبحث- ربطه بالبحث إذا كان هذا الشرك والشرك يخرج الإنسان عن الإسلام أو لا يخرج؟ طيب من أوضح مصاديق الخروج عن الإسلام هو ماذا؟ هو الشرك, إذن أكثر المؤمنين ماذا يصيرون؟ مشركين والمشرك ما هو؟ طيب واضح وضعه.

    في تفسير العياشي المجلد الثاني ص372, هذه بحسب هذه الطبعة التي هي ثلاث مجلدات, أنا أنقل عدد أرقام الروايات.

    الرواية 2163: >عن زرارة قال: سألت الباقر× عن قول الله (عزّ وجلّ) {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} قال: من ذلك قول الرجل لا وحياتك< كم أنت تقول أوداعتك … يومياً, هذه أوداعتك اللغة المتعارفة عندنا يعني ماذا؟ وحياتك, يقول >من ذلك< لا فقط هذه هذه ماذا؟ من مواردها.

    ثانياً: الرواية 2167: الرواية >قول الرجل لولا الله وأنت ما فعل بي كذا وكذا, ولولا الله وأنت ما صرف عني كذا وكذا وأشباه ذلك< هذا المتعارف عندنا الله أول وأنت ماذا؟ أنت ثاني, ولكن نحن قليلاً جعلناها مؤدبة اثنين جعلنا ولكن أول وثاني بطولية جعلناها, هذه أيضاً يقول الإمام× من موارد ماذا؟ من موارد الشرك.

    الرواية 2169: الرواية >عن أبي عبد الله الصادق قال: {وما يؤمن أكثرهم إلا وهم مشركون} قال قول الرجل لولا فلان لهلكت< لو البارحة بالليل ما أملحك لفلان بتعبير العراقيين- أنا ماذا اليوم؟ خلاص منتهي اليوم, وهذه موجودة في كل المؤمنين >لولا فلان لهلكتُ, ولولا فلان لأصبتُ كذا وكذا, ولولا فلان لضاع عيالي, ألا ترى أنه قد جعل لله شريكاً في ملكه يرزقه ويدفع عنه, قال: قلت: فيقول يا ابن رسول الله إذن ماذا أقول حتى أخلص من هذه, قال: تقول لولا أن الله منّ عليّ بفلانٍ لهلكتُ< أنظروا التوحيد هذا هو التوحيد, لابد أنه أين؟ في كل حتى في لغتك في خطابك التوحيد ماذا؟ ليست مسألة عقدية لا أبداً عقدية وفي كل مفاصل الحياة لابد أن تأتي.

    >لولا أن الله منّ عليّ بفلانٍ لهلكتُ قال نعم لا بأس بهذا< هذا التعبير أيضاً >لا بأس بهذا< وإلا لابد القضية ماذا تصير؟ ولذا صريح التوحيد الإبراهيمي {وإذا مرضتُ} عجيب لم تذهب إلى الطبيب؟ يقول لا لا, أذهب إلى الطبيب ولكن الذي يشفي الله, {وإذا مرضت فهو يشفين}, عجيب هذا الأدب التوحيدي الإبراهيمي عندما يقول إماتة وإحياء يقول: {يميتني ويحيين} أما عندما يأتي إلى المرض ما يقول يمرضني ويشفين, لأن الله يمرض أحد؟ يقول {وإذا مرضتُ} ينسبه لنفسه أو لا ينسبه؟ هذا الأدب الإبراهيمي, على أي الأحوال.

    هذه الروايات, سؤال: نفس هذه الروايات بينت حتى أبين لك روايات الشرك حتى يتضح لك أنه من قال لكم أن كل ما ورد في الروايات شرك يعني شرك ماذا؟ شرك الخروج عن الإسلام من قال هذا؟ الروايات نفسها بينت ولكنه لأننا ما عندنا واقعاً تفقه روايات, >لا نعد الرجل فقيهاً حتى يعرف معاريف كلامنا< نفس الروايات قالت: >إن الشرك على درجات, شرك عبادةٍ يخرج عن ماذا؟ من الإسلام, وشرك طاعةٍ يخرج أو لا يخرج؟ يقول لا يخرج< والروايات في هذا منها هذه الرواية 2168 هذه هي:

    الرواية عن الإمام الباقر×: >قال: شرك طاعةٍ وليس بشرك عبادة والمعاصي التي ترتكبون مما أوجب الله عليها النار شرك طاعةٍ فإذن مشرك أنت ولكن هذا الشرك الذي يخرجك عن الإسلام أو لا يخرجك عن الإسلام؟ لا يخرج, أطاعوا الشيطان وأشركوا بالله في طاعته ولم يكن بشرك عبادةٍ فيعبدون مع الله غيره<.

    فلهذا تجد الإمام الرضا× في رواية التي هي 2165: >قال: شركٌ لا يبلغ به الكفر< عجيب إذن القاعدة الأصلية هل أن كل شركٍ كفر أو ليس كذلك؟ لا, فإن للشرك مراتب والمرتبة الأعلائية منه هي الكفر الذي يخرج عن الإسلام, لا كل شرك يخرج عن الإسلام وإلا للزم أكثر المؤمنين وأكثر المسلمين خارجون عن الإسلام. لأنه هذه مسألة شرك الطاعة موجودة عند الأكثر أو غير موجودة؟ موجودة, هذا فيما يتعلق بالشرك.

    إذن الطائفة الأولى التي قالت >أدنى ما يكون به العبد مشركاً< لا يقول لنا قائل طيب هذا من أوضح مصاديقه الذي ينكر الضروري طيب أكثر من يقول للحصاة نواة وللنواة حصاة, الجواب: لا فإن الشرك له مراتب إذن ليس بالضرورة إذا صدق عليه مشرك فهو كافر بمعنى الخروج عن الإسلام.

    والشاهد على ما أقول الروايات التي تحدثت في هذا المجال, من هذه الروايات رواية ما ورد في وسائل الشيعة المجلد السابع عشر ص92 الرواية الحديث الأول يعني كتاب التجارة باب تحريم أجر الفاجرة … إلى أن يقول: >وثمن الخمر والنبيذ والمسكر والربا بعد البينة فأما الرشا في الحكم فإن ذلك الكفر بالله العظيم جل اسمه< الآن انتقلنا من الشرك إلى الكفر, يقول الرشا ما هو؟ المرتشي ما هو؟ كافر, أي كافر هذا؟ كافر يعني بمعنى الخروج من الدين أو مرتبة من مراتب الكفر.

    هل يستطيع أحد أن يدعي أن يقول القاضي إذا ارتشى خرج عن الإسلام يستطيع أحد أن يقول هكذا, يقول والله بالله ليس منكر حرمته ولا منكر رسالته ولا أبداً وإنما شهوةٌ نفسية أدت ضعيف النفس أخذت ماله هذا يخرجه عن الدين أيوجد فقيه يقول يخرجه عن الدين هذا؟ مع أنه صدق عليه في الروايات أنه كافر. هذا مورد.

    المورد الثاني: ما ورد في وسائل الشيعة المجلد الخامس والعشرين ص320, الحديث الثاني عشر: يعني بعبارة أخرى: ثبوت الكفر والارتداد باستحلال شرب الخمر أو المسكر أو النبيذ الحديث الثاني عشر هذه هي الرواية, الرواية >عن آبائه عن الصادق عن آبائه في وصية النبي’ لعليٍ× قال يا علي شارب الخمر كعابد وثن, يا علي شارب الخمر لا يقبل الله صلاته أربعين يوما, فإن مات في الأربعين مات كافرا< أي كفر هذا.

    هذا الكفر الذي يخرج عن الدين؟ يعني الإسلام, حتى لو كان معتقداً بالحرمة وأنه ذنب ولكنه ضعيف النفس. إذن التفتوا إلى هذا.

    مورد ثالث: وهو أيضاً ما ورد في وسائل الشيعة المجلد الخامس عشر إخواني الأعزاء ص343 الحديث الرابع عشر باب أبواب جهاد النفس, الرواية مفصلة وهي قيمة أيضاً الرواية >عن الصادق عن آبائه في وصية النبي لعلي قال يا علي خلق الله (عزّ وجلّ) الجنة لبنتين لبنة من ذهب ولبنة من فضة … إلى أن قال وعزتي وجلالي لا يدخلها مدمن خمرٍ ولا نمام ولا ديوث ولا شرطي – طبعاً في دولة ظالمة- ولا ديوث ولا شرطي ولا مخنث ولا نبّاش ولا عشّار ولا قاطع رحم ولا قدري, يا علي كفر بالله العظيم من هذه الأمة عشرة القتّات والساحر والديوث والناكح المرأة حراماً في دبرها وناكح البهيمة ومن نكح ذات محرمٍ والساعي في الفته وبائع السلاح من أهل الحرب ومانع الزكاة ومن وجد سعة فمات ولم يحج … إلى أن قال يا علي تسعة أشياء تورث النسيان< ذاك بحث آخر.

    جيد يلتزم فقيه بأن هذه كلها تورث الكفر؟ أيوجد فقيه يستطيع أن يلتزم بأن كل واحدة من هذه الساعي في الفتنة فهو كافر؟

    ولذا السيد الخوئي+ عندما يأتي إلى هذه بنحو الإجمال يمر عليها في التنقيح المجلد الثالث ص61 هذه عبارته – بنحو الإجمال ومع الأسف وإلا كان ينبغي أن يقف مفصلاً على هذه النقطة- يقول: فلقد أسلفنا الجواب في أي طائفة؟ في الطائفة التي عبرت بالكفر بالشرك, فقد أسلفنا الجواب عنها سابقا وقلنا أن للشرك مراتب متعددة, وأن للكفر أيضاً – أن أضيف هذه وليست موجودة في عبارة التنقيح- وأن للكفر ماذا؟

    اصطلاحات متعددة وهو غير مستلزم للكفر بجميع مراتبه وإلا لزم الحكم بكفر المرائي في عبادته بطريق أولى لأن الرياء شرك في الروايات وهل يلتزم أحد بذلك؟ إذن ما هي القاعدة, حتى أنهي هذا البحث اليوم, ما هي القاعدة؟

    القاعدة: أن هذه الاصطلاحات اصطلاحات الإسلام والإيمان والكفر والشرك والارتداد ليس لها استعمال واحد وإنما لها استعمالات متعددة فقد يكون كافراً بمعنى ما يقابل الإسلام وقد يكون كافراً بمعنى ما يقابل الإيمان بمرتبة من المراتب وقد يكون كافراً بمعنى مرتبة أخرى من مراتب الإيمان, يعني إذا افترضنا أن الإسلام له مراتب. فالكفر الذي يقع في قباله أيضاً مرتبة أو له مراتب؟ له مراتب, الإيمان إذا قبلنا أن الإيمان له مراتب وله عشر درجات, إذن الكفر الذي يقع في مقابله مرتبة واحدة أو مراتب.

    بعبارة فلسفية: إذا كان الإيمان مشككاً فالكفر والشرك أيضاً يكون مشككاً لا معنى لأن يفرض الإيمان والإسلام والتوحيد مشككاً ولكن الكفر والشرك والارتداد يكون متواطياً هذا غير معقول. إذن كلما ورد هذا كافر لا يذهب ذهنك إلى أن هذا الكفر الذي يخرج. وإنما لابد أن ينظر في كل موردٍ مورد بخصوصه ليُرى أي مرتبة من مراتب الكفر وأي مرتبة من مراتب الشرك وأي مرتبة من مراتب الارتداد.

    تتمة الحديث تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/06
    • مرات التنزيل : 1041

  • جديد المرئيات