بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
قلنا بأن هذه الطائفة الثالثة وهي التي ورد بأنه >من ارتكب كبيرةً – التفتوا إلى القيد- من ارتكب كبيرة وزعم أنها حلالٌ فقد خرج عن الإسلام<.
قلنا بأن الأعلام تقريباً من عرض لهذه المسألة قالوا بأن الرواية مطلقة, يعني أن مقدمات الحكمة فيها تامة, بمعنى أن المولى – واحدة من شرائط مقدمات الحكمة- أن المولى بصدد البيان من هذه الجهة, وإلا إذا لم يكن بصدد البيان من هذه الجهة, فلا تتم مقدمات الحكمة فلا يتم الإطلاق.
وبيان جهات الإطلاق التي يمكن أن تتصور في هذه الرواية, وحيث أنه – ألخص بحث أمس- وحيث أنه لا يمكن الالتزام بإطلاق هذا النص وهذا اللسان بالجهات الثلاث التي أشرنا إليها إذن لابد من الالتزام بوجود قيدٍ لهذه الرواية وأنها مقيدة لا يمكن الالتزام بإطلاقها.
من هنا صار الأعلام بصدد بيان القيد.
الوجه الأول: وهو الذي ذكره السيد الخوئي+ فإنه مع كونه التزم بالإطلاق من الجهات الثلاث لم يناقش في الموضوع وإنما ناقش في المحمول, قال: >فهو كافر< ليس المراد من الكفر هو الكفر الاصطلاحي, وإنما الكفر له إطلاقات متعددة فيتعين حمل الكفر في الرواية على ما لا يقابل الإسلام, إما يقابل الإيمان إما يقابل الطاعة ونحو ذلك.
بينا في الأمس أن هذا الوجه تام أو غير تام؟ قلنا أنه غير تام لوجهين لنكتتين:
الأول: أنه لم يبين لنا تلك القرينة, صحيح أن الكفر له إطلاقات متعددة لماذا في هذا النص نحمل الكفر على ما لا يقابل الإسلام هذه من أين, ما هي النكتة ما هي القرينة؟
الثاني: أنه بينا أن لسان الرواية ليس هو >فيكون كافرا< وإنما خارج عن الإسلام والخروج عن الإسلام شيء وأنه كافر شيء آخر, هذا الوجه الأول.
الوجه الثاني الذي ذكر في المقام: وهو الذي أشار إليه السيد الحكيم في المستمسك قال: بأنه لابد أن تقيد الرواية ولكن يوجد قيدان متصوران في المقام, إما أن تقيد الرواية بحالة كون الحكم ضرورياً وتلك الكبيرة من الضروريات, لأنه الرواية عامة مطلقة من هذه الجهة, قالت: من ارتكب كبيرة, أعم من أن تكون ضرورية أو غير ضرورية؟ يقول: نقيدها بالضروري, إما هذا القيد.
وإما نقيدها بالعلم من ارتكب كبيرةً وهو يعلم أنها جزء وهو يعلم أن ذلك جزء من الشريعة ومن الدين, وحيث أنه لا معين لأحدهما ليترجح على الآخر إذن تكون الرواية مجملة, هذا هو البيان الذي أشار إليه السيد الخوئي+ في التنقيح, وقلنا ظاهر عبارته وظاهر عبارة السيد الشهيد أنه كأنه هذا هو كلام الفقيه الهمداني وسيتضح أنه ليس كذلك.
إلا أنه بغض النظر أن القائل بهذا الوجه من هو, السيد الخوئي لم يقبل هذا الوجه, ناقشه بهذه المناقشة, قال: إذا تم الإطلاق نلتزم بالإطلاق ونخرج عن ذلك بالدليل, وقد خرج منه فقط الجاهل القصوري لا أكثر من ذلك, فنلتزم بالإطلاق إلا في مورد الجاهل القصوري.
فيما يتعلق بذلك, قلنا أن هذه المناقشة التي أشار إليها السيد الخوئي للوجه الثاني, هذه المناقشة غير تامة لوجهين:
أولاً: أن الرواية لا إطلاق فيها للجاهل القصوري, لا أنه يوجد إطلاقٌ ولكن هناك مانعٌ يمنعنا من الالتزام بالإطلاق, لا أن المقتضي تام ولكن المانع غير مفقود, بل المقتضي غير تامٍ لماذا؟ لأنه في الرواية يوجد عذاب ويوجد عقاب, ومن الواضح أن الجاهل القصوري الجاهل القاصر يستحق العقاب أو لا يستحق العقاب؟ لا يستحق, إذن الرواية في نفسها لا تشمل الجاهل القاصر, لا أنها تشمل فيها إطلاق ولكنه للدليل دل فنخرج الجاهل القاصر, هذا أولاً.
وثانياً: لا يمكن الالتزام بإطلاقها حتى للجاهل المقصر كما أشرنا إليه بالأمس, هذا بحث الأمس, أما بحثنا لهذا اليوم.
الوجه الثالث: وهو ما ورد في كتاب مصباح الفقيه للهمداني, في مصباح الفقيه الهمداني يقول بأنه لا إشكال – طبعاً يكون في علم الأعزة- أن الهمداني لم يقسم الروايات إلى طوائف ثلاث وإنما جمعها تحت عنوانٍ واحد بإمكان الأعزة أن يرجعوا إلى ذلك في مصباح الفقيه المجلد السابع ص277 وما بعد ذلك, يقول ص266, يقول: ما يمكن أن يستدل به للقول بالسببية يعني السببية المستقلة, كسببية التوحيد كسبية النبوة, ما يمكن منها, ومنها الأخبار الدالة إلى أن يأتي ويقول وصحيحة عبد الله بن سنان >عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت هل يخرجه ذلك من الإسلام فيقول< ويتوجه في ص279, يقول: لا إشكال ولا شبهة أن هذه الرواية يوجد فيها إطلاق ولكن لا يمكن الالتزام بإطلاقها, لماذا لا يمكن الالتزام بإطلاقها؟ في كلام الفقيه الهمداني لا يوجد نكتة أنه لماذا لا يمكن الالتزام بالإطلاق, في كلام السيد الخوئي أو كلام السيد الحكيم وردت النكتة وهو أنه يدور بين قيدين متباينين وحيث أنه لا مرجح لأحدهما على الآخر فتؤدي إلى إجمال الرواية, وإلا عبارة الفقيه الهمداني هذه النكتة غير موجودة إلا في مكان آخر, إذا كان في هذا الموضع هذا الموضع لا توجد فيه هذه النكتة. التفتوا جيداً.
يقول: ويتوجه على الاستدلال بمثل الروايات – هذه الروايات التي قرأها- أن استحلال الحرام أو عكسه, الآن نكتة موجودة لعله العرف أيضاً ومناسبات الحكم والموضوع أيضاً تساعد عليه, يقول: إن استحلال الحرام أو عكسه, يعني تحريم الحلال, طيب من أين الرواية تقول >عن الرجل يرتكب, فقال: من زعم أنها حلال أخرجه من الإسلام< إذن الرواية تتكلم عن الشق الأول وهو استحلال الحرام أو عكسه من أين؟ إذا كنا نحن والجمود على مقتضى نص الرواية تكون مختصة بماذا؟ باستحلال الحرام.
اللهم إلا أن يقال: أن مناسبات الحكم والموضوع تقول لا هذا من باب ذكر المثال وإلا أعم من أن يكون استحلال الحرام أو عكس ذلك, والأمر سهل, لأن محل كلامنا ليس هذه النكتة.
أن استحلال الحرام أو عكسه موجبٌ للكفر من غير فرقٍ بين كونه ضرورياً أو غيره, إذن الرواية التزم بأنها فيها إطلاق ماذا؟ للضروري وغير الضروري لماذا؟ لأن الرواية قالت: >كبيرة< والكبيرة قد تكون ضرورية وقد لا تكون ضرورية, وإنما تكون.
إخواني الأعزاء هذه القضية دعوها تتضح مرة أخرى لعله للمرة الثالثة أو الرابعة نقولها: المراد من الضروري كما أشرنا مراراً, وهذه العبارة الآن للسيد البجنوردي في القواعد الفقهية هذه يقول: والمراد بثبوت, المجلد الخامس ص367 قاعدة كل كافر نجس كتابياً كان أو غيره, المراد بثبوته من الدين أنه لا يحتاج إثبات أن من الدين إلى نظر واستدلال, لماذا؟ لأنه كالشمس في رابعة النهار, واضحة لا تحتاج إلى دليل, لذا قلنا المراد من الضرورة هو المعنى العرفي المعنى العقلائي معنى الوضوح, ليس له اصطلاح خاص, الضرورة في كلماتهم ليس فيها اصطلاح كما نقول في الضرورات القضايا الضرورية, اجتماع النقيضين محال ضروري قضية ضرورية, ما معنى ضرورية؟ يعني واضحة, بمجرد أن يلتفت الإنسان إلى الموضوع والمحمول بالنسبة إليه بمجرد أن يعرف الدين يعرف أن الحج من أجزاء الدين أيوجد شك في هذا عند مسلم, هل تجد مسلماً.
نعم, قد يتصور ذلك في صدر الإسلام على سبيل المثال, أنه كانوا جديدي العهد بالإسلام لا يعرفون كثيراً من الأحكام الإسلامية, ولكن الآن لا يوجد مسلم, وهو لا يعرف هذه الضروريات.
يقول: بل يعرف كونه من الدين كل أحدٍ إلا أن يكون جديد العهد بالإسلام ذاك بحث آخر, ذاك خارج موضوعاً, هذا المراد من الضروري, يقول: هذه الروايات فيها إطلاق لا فرق بين الضروري وغيره, بل بعضها كالصريح في الإطلاق, التفت, وحيث لا يمكن الالتزام بالإطلاق, إذن يقر انه يوجد إطلاق في الرواية هذا أقوله حتى بعد ذلك تتضح بعض النكات في الوجوه القادمة, إذن يقر أن الروايات مطلقة يعني المقتضي تام, يقول: إذن حيث لا يمكن الالتزام بإطلاقها يتعين حملها, لابد أن نقيدها لماذا؟ الآن إما للضرورة الفقهية أنه ليس الأمر كل من استحل كبيرةً فهو كافر, إما للسيرة لأي دليل.
المهم يقول لابد أن نقيد, طيب بماذا تقيدها يا صاحب مصباح الفقيه؟ لم يقل يدور الأمر بين قيدين الضروري والعلم وحيث لا مرجح إذن الرواية ماذا تصير؟ مجملة, لم يقل هكذا, يقول: نقيدها بالعلم, وهذا هو الفرق بين الوجه الثالث والوجه الثاني.
في الوجه الثاني السيد الخوئي ماذا قال؟ تبعاً للسيد الحكيم, قال: أنه حيث أنه يدور بين قيدين العلم والضرورة – أقرأ العبارة مرة أخرى من السيد الحكيم في المستمسك+- في الجزء الأول ص379 قال: ومطلق لا يمكن الأخذ بإطلاقه لعمومه للضروري وغيره, وتخصيصه بالضروري ليس بأولى من تخصيصه بصورة العلم.
إذن يدور بين تخصيصه بالضروري وتخصيصه بالعلم. الذي السيد الخوئي+ في التنقيح ماذا قال؟ قال: وحيث أنه دوران بين قيدين متباينين ولا مرجح لأحدهما على الآخر فنصير إلى ماذا؟ إلى الإجمال.
هنا الفقيه الهمداني يقول: لا, لا يوجد مرجح, من قال لكم لا يوجد مرجح, ما هو المرجح؟ قال: روايات الطائفة الثانية, >من جحد فهو كافر< تقول تلك تكون مقيدة لهذه وهو أنه بهذا القيد نقول أنها هذه الطائفة الثالثة تحمل على الطائفة الثانية, طيب ماذا كان مضمون الطائفة الثانية, الأعزاء يتذكرون, في الطائفة الثانية لسانها هكذا كان, الطائفة الثانية كان عنوانها, ما هو كان لسان الطائفة الثانية (كلام أحد الحضور) أحسنتم >من جحد فهو كافر< هذا هو محل الكلام, يقول ذاك القيد موجود إذن يحملها, يقول: وحيث لا يمكن الالتزام بإطلاقها يتعين حملها على إرادة ما كان عالماً بكونه ما استحله حراماً في الشريعة, فيكون نفي الاسم عن نفسه واستحلاله منافياً للتدين بهذا الدين, فإذن مرجعه إلى ماذا يكون؟ إلى نفي الرسالة. يقول مع علمه أن هذا جزء من الدين ماذا يفعل؟ ينكره يجحده, طيب هذا الإنكار مآله إلى تكذيب النبي’ وتكذيب النبي من أوضح الواضحات يؤدي إلى الكفر, عند ذلك تبقى الرواية على إطلاقها تشمل الضروري وغير الضروري, يعني كل, يتذكر الأعزاء, أنه كل ما يؤدي إلى تكذيب النبي فيؤدي إلى ماذا؟ الآن هذا فيه استثناءات بعد ذلك أشير إليها, كل ما يؤدي إلى تكذيب النبي يؤدي إلى الكفر, أعم من أن يكون ضرورياً أو أن لا يكون ضرورياً, لا فرق, أنت إذا علمت أن هذا جزء وأنه صدر من النبي ومع ذلك تجحده وتنكره فأنت تكذب من؟
ولذا السيد الحكيم& يقول: لا يوجد ترجيح لأحد القيدين على الآخر, قال: بل لعل الثاني أولى, يعني التقييد بالعلم أولى من التقييد بالضروري لماذا؟ بقرينة ما اشتمل من النصوص على التعبير بالجحود المختص بالعلم, ما أدري واضح صار.
إذن هذا الوجه أساساً لا علاقة له بالوجه الثالث, هذا الوجه واردٌ عن مصباح الفقيه, أما الأعلام أو بعضهم نسب إليه الوجه الثاني مع أن الوجه الثالث يختلف عن الوجه الثاني كما تقدم.
هذا الوجه تام أو غير تام؟ هذا الوجه واقعاًِ تام إلا لمسألة إذا استطعنا أن نتغلب عليها فيتم هذا الوجه وإلا فهذا الوجه غير تام.
ما هو حديثنا, حديثنا أين؟ حديثنا من أنكر ضروري من ضروريات الدين هذا في السبب الثالث, أو من أنكر ما علم أنه من الدين أنكره, هذا هو القسم الثالث, السبب الثاني, في كلا هذين القيدين يوجد قيد الارتكاب أو لا يوجد قيد الارتكاب؟ يعني لكي يكون كافراً هل لابد أن يرتكب ما جحده وأنكره أو لا يشترط ذلك؟ لم يقل فقيه من الفقهاء أنه لو شخص تسأله بأنه الزنا حلال أم حرام؟ يقول لا حلال, تقل له تعلم أنه صدر من رسول الله يقول نعم, ولكن أنا في نظري حلال, هذا كافر أم ليس بكافر, الصلاة وهكذا. أي حرامٍ آخر ارتكب كبيرة لم يرتكب, زعم أنها حلالٌ وكان ملتفتاً أنها جزء من الشريعة, إنكار ما ثبت أنه جزء من الشريعة يؤدي إلى الكفر أو لا يؤدي إلى الكفر؟ يشترط أن يرتكب ذلك الفعل أو لا يشترط؟ يشترط, لا يشترط أبداً لم يقل أحد من الفقهاء, قالوا من أنكر ضرورياً فهو كافر الآن ارتكبه أو لم يرتكبه, مع أن هذه النصوص يقول من ارتكب كبيرة وزعم أنها حلال, إذن هنا التي تخرجه من الإسلام بشرط واحد أو بشرطين؟ بشرطين: الشرط الأول: أن يزعم أنها حلال, الشرط الثاني: أن يرتكب ذلك. >من ارتكب كبيرة< أعزائي التفتوا إلى النص, قال: >عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر< ثم بعد ذلك قال: >من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه من الإسلام< طيب هذه >فزعم أنها حلال أخرجه من الإسلام<, هذه >أخرجه من الإسلام< متفرع على أنه فقط >زعم أنها حلال< أم على القيدين معاً؟ على القيدين معاً, ولا يقول قائل بذلك أنه لكي يكون كافراً يشترط أن يقول الحرام حلال وأن يرتكب أما إذا قال الحلال حرام ولم يرتكب فيكون خارج عن الإسلام او لا يكون؟ مع أن الرواية تقول لا يكون, ما أدري واضح هذا الوجه هذا الإشكال.
إلا أن يقال بأنه لا هذا من باب الغالب وإلا هذا ليس قيد, وإنما القيد هو والشرط هو ماذا في الخروج عن الإسلام؟ هو أن يقول للحلال أنه حرام أو للحرام أنه حلال.
فإن استطاع أحدٌ أن يلغي هذا الشرط وهو الارتكاب فهذا الوجه الثالث يكون تاماً وإن لم يستطع أحد كما هو ظاهر الرواية ولا يمكن إلغاء هذا القيد لأنه بأي عنوان نلغي هذا القيد, فهذه الرواية تنفع في المقام أو لا تنفع في المقام؟ لا تنفع في المقام, لأن كل الذين قالوا إنكار الضروري موجب للكفر, أو إنكار ما ثبت من الدين موجبٌ للكفر, لم يشترط أحد منهم بارتكاب ذلك.
فهذا الوجه أعزائي الذي ذكره الفقيه الهمداني واختاره السيد الحكيم في المستمسك+ باعتباره أنه يقول بأنه أولى وإن تساويا فالقدر المتيقن هو هذا القيد لا قيد الضرورة.
هذا الوجه الثالث فيه هذه النكتة هذه المشكلة, وهي: إن أمكن إلغاء هذا القيد فهذا الوجه تام, أما إن لم يمكن إلغاء هذا القيد, فينفع في المقام أو لا ينفع في المقام؟ لا ينفع في المقام, لأنه نحن بصدد التفتوا, نحن بصدد إثبات أن من زعم أن الحرام حلالٌ فهو كافر, والرواية لا تثبت ذلك تثبت من ارتكب وزعم أنه حلال فهو كافر, فالمدعى شيء والرواية شيء آخر. واضح هذا المعنى.
الوجه الرابع: وهو الوجه الذي في اعتقادنا هو الوجه الصحيح وهو المختار عندنا, التفتوا جيداً. اتضح مقدار من هذا الوجه فيما سبق.
الوجه الرابع: وهو أن الأعلام كل هؤلاء الذين قرأنا كلماتهم, الفقيه الهمداني, السيد الحكيم, السيد الخوئي, السيد الشهيد, الميرزا التبريزي, وغيرهم من الأعلام من قدماء ومعاصرين هؤلاء سلّموا أن الرواية فيها إطلاق, ومن هنا صاروا بصدد إما مناقشة الموضوع وإما مناقشة المحمول.
السيد الخوئي ناقش المحمول, قال: الكفر ليس هو الكفر الاصطلاحي, والآخرون ناقشوا الموضوع قالوا ليس المراد الإطلاق وإنما بقيد الضرورة أو بقيد العلم.
نحن في اعتقادنا أن الرواية أساساً لا إطلاق فيها حتى نبحث عن القيد, التفتوا إلى هذه النكتة, لا إطلاق في الرواية لماذا؟ لأن من شروط جريان مقدمات الحكمة لكي يثبت الإطلاق أن يكون المولى بصدد البيان من تلك الجهة التي نريد إثبات الإطلاق لها, ولذا تجدون أن كثير من فقهاءنا قالوا أن الآيات القرآنية لا يمكن التمسك بإطلاقها لماذا لا يمكن التمسك بإطلاقها وعمومها لماذا؟ قالوا لأنه أساساً الآيات القرآنية ليست بصدد بيان كل الأحكام بصدد بيان كان التامة, أصل التشريع يريد أن يثبته, أما خصوصياته شرائطه موانعه أصلاً ناظر إليها المشرع في القرآن أو غير ناظر؟ غير ناظر.
فلهذا لا يتمسكون عموماً بالآيات القرآنية لإثبات الإطلاق, الآن البعض يخالف ولكنه جملة من الأعلام بل لعل المشهور, ولهذا يقولون عموم فوقاني, عموم فوقاني لا يذهبون إلى العموم الفوقاني في القرآن الكريم إلا في بعض الموارد, لماذا؟ يقولون: لأنه المولى ليس بصدد البيان من هذه الجهة وهو أنه ما هي شرائط الصلاة, ما هي شرائط الصوم ما هي موانع الصلاة ما هي موانع الصوم, ما هي شرائط الحج, ما هي, مثلاً لا يقولون بأنه في مسألة الحج {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} كل ما شككنا في شيء يقول والإطلاق القرآني يقول شرط أو ليس بشرط؟ لا يقولون بأن والإطلاق القرآني يقول ليس بشرط, لماذا؟ يقولون: لأن الآية ليست بصدد بيان الشرائط والموانع وإنما بصدد بيان أصل التشريع لا شرائط هذا الحكم المشار إليه. ما أدري واضحة هذه النكتة.
الآن لابد أن نسأل في هذه الرواية هو أن المولى هل هو بصدد بيان من قال للحرام حلال إذا كان المولى بصدد بيان هذه المسألة يقول المولى قال >من ارتكب وزعم أنها حلال أخرجه من الإسلام< أعم من أن يكون ما زعمه ضروري أو غير ضروري, يعلم أنه من الدين أو ليس من الدين, قاصر أو مقصر, لأنه النص واضح, >فزعم أنها حلال< إذا كان المولى بصدد بيان هذا المقطع فكلام المشهور تام صحيح يعني أن المقتضي موجود للإطلاق فلابد أن نبحث عن المانع.
ولكن في اعتقادي الرواية ليست بصدد بيان هذه الجهة أبداً, الرواية بصدد بيان أمر آخر لا علاقة لها بهذه الجهة, ما هي؟ أنه ما هو حكم فاعل الكبيرة, ولذا تبدأ الرواية تقول: >عن الرجل يرتكب الكبيرة< إذن البحث عن أي شيء؟ البحث عن من زعم أن الكبيرة حلال أو عن من ارتكب الكبيرة, أصلاً لا علاقة لها بهذا البحث وليست بصدد بيان من هذه الجهة, بصدد بيان حكم مرتكب الكبيرة.
سؤال: ما هو حكم مرتكب الكبيرة؟ دنيا وآخرة, الإمام سلام الله عليه قال: >يختلف حاله إذا كان هذا مرتكب الكبيرة يرتكب الكبيرة وهو يزعم أنها ليست كبيرة, هذا أيضاً في الدنيا يقتل وما يعزر وفي الآخر يخلد في النار, أما إذا لا, مرتكب الكبيرة فعل الكبيرة يقول هوى نفسي ما استطيع إلهي اغفر لي ما استطيع كذا وأرجوا الله أن أمتنع, يقول لا هذا مرجوٌ له ولكن في الدنيا يعزر وأما في الآخرة فيحتمل له النجاة. ما أدري واضح أم لا.
إذن ليس بصدد بيان من زعم أنها حلال حتى نقول أنها مطلقة من الجهات الثلاثة التي أشرنا إليها, ومن شرائط جريان الإطلاق أن يكون المولى في مقام ماذا؟ في مقام البيان ولم يثبت أن المولى في مقام البيان من هذه الجهة حتى نثبت فيها الإطلاق.
وبعبارة أخرى: أن الأعلام تصوروا أن المقتضي للإطلاق تامٌ فلابد من البحث عن المانع لابد من البحث عن القيد وذكروا الوجوه الثلاثة المتقدمة.
أما الوجه الذي نحن نختاره فنقول: أن الرواية لا يوجد فيها مقتضي الإطلاق لا إطلاق لها حتى نبحث أنه ما هو القيد الذي يقيد.
الآن اقرأ لك الرواية التفت جيداً بعد هذا الفهم للرواية أصلاً الرواية واضحة جداً.
>عن الرجل يرتكب الكبيرة من الكبائر فيموت, فهل يخرجه ذلك من الإسلام< إذن مصب الكلام أين؟ مرتكب الكبيرة, السائل يسأل بأن هذا ما هو حكمه؟ قال: >وإن عذب< التفت >يخرجه من الإسلام< مرتبط بالحكم الفقهي, >وإن عذب كان عذابه كعذاب المشركين أم له مدة وانقطاع< إذن مركز البحث أين؟ في مرتكب الكبيرة ما هو حكمه دنيا وآخر.
فقال >من ارتكب كبيرة< إذن الإمام رجع إلى موضوع البحث, ما هو موضوع البحث؟ ارتكاب الكبيرة, من ارتكب كبيرة, الآن له حالتان: إما يرتكبها ويزعم أنها حلال هذا يعذب أشد العذاب, وإن كان معترفاً أنه أذنب ومات لم يخرجه من الإسلام وكان عذابه أهون من عذاب, أصلاً لا علاقة له بأنه ما هو حكم من قال أن الكبيرة حلال, لم ينظر الإمام إلى هذه الجهة حتى نثبت أنه في مقام البيان فنثبت الإطلاق.
إذن هذه الرواية أعزائي وهي محور الطوائف الثلاث أيضاً أجنبية عن المقام لأنه أساساً ليست بصدد البيان من هذه الجهة.
وبهذا ننتهي إلى أن الطوائف الثلاث التي استدل بها المشهور بإضافة الإجماع الذي ناقشناه فيما سبق والأعزاء إذا أرادوا أن يعرفوا أنه لا إجماع في المقام, السيد البجنوردي& في القواعد الفقيه ص369 يقول: وأما الإجماع الذي ادعوه في المقام فلا صغرى له ولا كبرى, لا هو صغرىً تام وحتى لو كان تاماً من حيث الصورة فهو غير حجة من حيث الكبرى, يعني ليس من الإجماع التعبدي بل هو من الإجماع المدركي.
أما الصغرى فلكثرة القائلين بالخلاف من الذين هم العظماء من الفقهاء جملة الآن نشير إلى بعضهم, وأما الكبرى فلأن إجماعهم ليس من الإجماع المصطلح – يعني الإجماع التعبدي- الذي نقول بحجية الذي هو كاشف قطعي عن رأي المعصوم لاحتمال أنهم بل المظنون اعتمادهم وادكائهم على مثل هذه النصوص فهو إجماع إما مدركي أو محتمل المدركي فليس هو بحجة.
من هنا أعزائي الحق في المسألة أن منكر الضروري فضلاً عن غيره, واضح, إذا كان الضروري منكره ليس سبباً مستقلاً للكفر, فإنكار غير الضروري سبب مستقل للكفر أو ليس كذلك؟ إذا لم يكن الضروري إنكاره سببٌ مستقل لكفره فما بالك بغير- من باب الأولية القطعية- وهذا ما ذهب إليه جملة واقعاً كما قال من الفقهاء الكبار.
ومنهم المقدس الأردبيلي الفقيه المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان الجزء الثالث ص199 هذه عبارته هناك, يقول: ثم اعلم, قال: والظاهر أن المراد بالضروري الذي يكفر منكره يعني الذي أنكر الضروري يكون كافراً ما هو؟ الذي ثبت عنده يقيناً كونه من الدين ولو كان بالبرهان ولم يكن مجمعاً عليه حتى, إذ الظاهر دليل كفره هو إنكار الشريعة وإنكار صدق النبي’. فإن أدى إلى تكذيب النبي فهو كافر, لا لأنه أنكر هذه بل لأنه أنكر صدق النبي’ فيكون كافراً وإن لم يؤدي. قال بالله وتالله أنا مؤمن بالله مؤمن بالنبي ولكن هذا الذي تقولون ليس بثابت لا يوجد دليل عليه, هذا يخرج من الدين أو لا يخرج من الدين؟ لا يخرج.
طبعاً بعد ذلك في قضية المذهب افترضوا واحدة من ضروريات المذهب مسألة الرجعة افترضوا على سبيل المثال وجاء شخص قال والله أنا مؤمن بالأئمة عصمة الأئمة وأن الثاني عشر منهم حيٌ ولكن روايات الرجعة تامة عندي أو ليست تامة عندي, فأنكر ضروري من ضروريات المذهب يخرج عن الكذا أو لا يخرج؟ لا لا يخرج, يكون كافراً أو لا يكون كافراً؟ لا يكون كافراً.
إذن أعزائي إنكار الضروري ليس بنفسه سببٌ مستقلٌ للكفر, إنكار ضروري الدين فما بالك بإنكار ضروري المذهب. طبعاً تقريباً الأعلام المعاصرين تقريباً كلهم قائلون يعني السيد الحكيم السيد الخوئي السيد الشهيد, وكلهم كل من راجعتهم من المعاصرين وجدت بأنهم يقولون, الآن السيد البجنوردي, والآن كذلك أعزائي وهو من الفقهاء الكبار واقعاً وهو المحقق آغا جمال الدين الخونساري الذي لديه تعليقات مهمة على شرح اللمعة الدمشقية, الإخوة الذين في ذاك الزمان الذي كنا نقرأ اللمعة هذه عادة كنا نراجعها ولكن الآن مع الأسف الشديد الآن في الحوزات العلمية فهذه التعليقات والشروح صارت ماذا؟ بدأت تنتفي مع الأسف الشديد وهو مهمة جداً, ما أدري مطبوعة طبعة حديثة أم لا لا أعلم أنا أنقل هذا المعنى من الطبعة الحجرية التي هي في ص24 من الطبعة الحجرية, أعزائي, في ص23 و24, قوله: أو بعض ما علم بثبوته من الدين أي صدقه وحقيته فيشمل من كان كفره باعتبار إثبات ما علم من الدين ضرورة نفيه كركعة زائدة في أحد الصلوات إما يزيد وإما ينقص, إذا ثبت من الدين لا مطلقاً, العبارة إنشاء الله الأعزاء يراجعونها هناك فضلاً عن الآخرين.
تبقى عندنا مسألة واضحة حتى إنشاء الله بعد ذلك ندخل إلى بحث جديد وهي أنه: كل هذا ما يتعلق بالأبحاث العملية يعني بالأمور المرتبطة بالعمل يعني الصلاة الصوم الحج الزكاة و… إلى غير ذلك. في الأمور الاعتقادية نفس هذا الكلام يجري أو لا يجري؟
أضرب لكم مثال الوقت بدأ يضيق حتى إنشاء الله بحثه يوم السبت, وجداً هذه المسألة عامة البلوى.
لو ثبت شيء أنه من العقائد لا من العمليات لأنه نحن قلنا مراراً لا نقول أصول وفروع نقول اعتقادي وعملي, يعني تشريعه لأجل العمل تشريعه أو بيانه لأجل عقد القلب الإيمان, الفرق عندنا الأمور التي في الدين عقائدية وعملية.
في العملية اتضح أنه منكر الضروري العملي يخرج من الدين أو لا يخرج من الدين؟ قلنا إن لم يؤدي إلى تكذيب النبي لا يخرج منه.
أما تعالوا معنا في الاعتقاديات لو أن شيئاً ثبت أنه ضروري الدين وكان أمراً عقدياً لا أمراً عملياً وأنكره الإنسان يخرج عن الدين أو لا يخرج عن الدين؟
إن قلنا بأن إنكار الضروري سبب مستقل للخروج فجزماً يخرج عن الإسلام لانه لا فرق أن يكون الضروري عملي أو أن يكون الضروري اعتقادي.
أما إذا قلنا ما هو الحق في المسألة وهو: أنه أو أنه أنكرنا أن يكون إنكار الضروري سبباً مستقلاً للكفر وهذا الإنسان أنكر ضروري من ضروريات قولوا معي الاعتقاد, وكان يعلم بثبوتها في الشريعة يكون كافراً أو لا يكون؟
هناك في الفقه في الأمور العملية ماذا قلنا؟ يكون كافراً, لماذا؟ لأنه يؤدي إلى تكذيب النبي, في الاعتقاديات كيف هل يكون كافراً أو لا يكون؟
ما أدري استطعت أن أوصلك المسألة أم لا, فقط أريد أن تتصورون المسألة جوابها يأتي.
إخواني في الأمور العملية من أنكر ضرورة من ضروريات الدين وكان يعلم بثبوت أو أنكر شيئاً من الدين وكان يعلم بثبوته في الدين, من أنكره هذا يؤدي إلى تكذيب النبي فيكون كافراً هذا في الأمور العملية.
في الأمور الاعتقادية أيضاً كذلك, أو أن فيه تفصيل, فكروا فيه جيداً يأتي.
والحمد لله رب العالمين.