بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
كان الكلام في الشواهد التي ذكرت في كلمات الأعلام لبيان أن الغنيمة أو قوله تعالى: {ما غنمتم} يراد به مطلق الفائدة, فإنه يشمل حتى أرباح المكاسب.
انتهينا بحمد الله تعالى من بيان المعنى اللغوي أو الاستعمال اللغوي لهذه المادة, ولا أقل اتضح عدم عمومها لما يشمل النحو الثالث من الفوائد. ثم دخلنا في الشاهد الأول, وأجبنا عنه.
أما الشاهد الثاني وهو الشاهد الذي ذكره السيد الخوئي في المستند, حيث قال: ولعل في قوله تعالى {من شيءٍ} ما يدل على العموم, هذا المعنى إذا يتذكر الإخوة, في المستند مستند العروة الوثقى ص194 قال: ولعل في التعبير بالشيء في قوله تعالى: {غنمتم من شيء} الذي فيه من السعة والشمول ما تراه, ولعل في التعبير بالشيء إعازاً إلى هذا التعميم وأن الخمس ثابتٌ في مطلق ما صدق عليه الشيء من الربح وإن كان يسيراً جداً كالدرهم غير المناسب لغنائم دار الحرب كما لا يخفى.
طيب لا إشكال أن كلمة الشيء هي من أوسع المفاهيم هذا لا يشك فيه أحد, ولكن كلما جاءت هذه الكلمة فهي إيعاز إلى السعة والعموم والشمول مثلاً, هذا يستدعي أن نرجع إلى الآية مرةً أخرى: قال تعالى: {وأعلموا أنما} طبعاً في بعض النسخ القرآنية هذه مفصولة يعني بحسب الرسم القرآني أن مفصولة عن ما, وإن كان الرسم المتعارف الآن موصولة ولكنه في بعض النسخ أو في بعض الرسوم هذه مفصولة وهي ما الموصولة.
{وأعلموا أنما} تعلمون جيداً أن ما الموصولة في اللغة مبهمة لا يتعين لها معنىً إلا من خلال الصلة, فإنّ صلة ما الموصولة هي التي تعين إبهام الموصوف. وصلتها في المقام كما هو واضح قوله تعالى: {غنمتم} ثم نأتي إلى كلمة {من شيء} هذه {من شيء} إنما هي بيانٌ لا لما وإنما هي بيانٌ لغنمتم, يعني {وأعلموا أن ما غنمتم من شيء} إذا أردنا أن نتكلم بعبارة أخرى في الآية المباركة كأنه الآية تقول كل شيءٍ غنمتموه {فأن لله خمسه} فإذن {من شيء} لم تأتي في نفسها وإنما جاءت لبيان ماذا؟ لبيان الصلة, فإذا كان الأمر كذلك, إذن لا يمكن الاستناد إلى شيء لإثبات العموم, لابد أن نرجع إلى غنمتم لنرى ما هو مضمونها, فإذا ثبت مضمونها هو النحو الأول من الفائدة, فكل شيء مرتبط بالنحو الأول من الفائدة ففيه الخمس, يعني إذا قلنا أن مادة غنم في اللغة العربية مختصة بغنائم دار الحرب, كأن الآية تقول كل شيء تحصلون عليه من غنائم دار الحرب ففيه الخمس, صغيراً كان أو كبيراً, قليلاً كان أو كثيراً, فإذن هي من شيء تريد أن تعين إطلاق الصلة فإذا كانت الصلة عامة فتعين ماذا؟ فتقول إطلاق العموم, وإذا كانت الصلة خاصة طيب هي لا تعطي لها العموم وإنما في دائرة الصلة تقول ماذا؟ تقول بالعموم.
من قبيل أنه جنابك يسألك إنسان ضيف يدخل عليك أو قريب يدخل إليك إلى بيتك إلى مطبخ الطعام عندك إلى بيتك وجائع وأنت لا يوجد عند شيء في البيت فتريد أن تقول له بأنه لا يوجد شيء في البيت ماذا تقول له؟ تقول أدخل هذا المطبخ ادخل في هذا البيت كل ما وجدت من شيء فكله, ما وجدته من شيء يعني حتى الثلاجة يعني كلها, لا ليس بواضح هذا, من الواضح مراده ما وجدته من ماذا؟ من الأكل الذي تريد, إذن عندما يأتي في كلامي ما وجدته من شيء, أنا لا يمكن أن أتمسك أنه قال لي كُل كل شيء حتى الحائط والحجارة والتراب.
كذلك في الآية المباركة, الآية المباركة تريد أن تقول {أنما غنمتم من شيء} الآن هذه الغنيمة ما هي؟ هذه يعينها لنا البحث اللغوي, فإن قال مختصة بالنحو الأول هذه من شيء تعين حدود النحو الأول, إن قال النحو الثاني ايضا تعين حدود النحو الثاني, إن قال النحو الثالث عند ذلك تكون مفيدة في المقام وليس الأمر كذلك.
وهذا كل من كتب في إعراب القرآن أشار إلى هذه النكتة يعني ما كان يحتاج إلا مراجعة مختصرة لأي من كتب إعراب القرآن ليتضح هذه من الكتب المفيدة أعزائي إذا يحصلون عليه إعراب القرآن الكريم محي الدين الدرويش في عشر مجلدات هذا الكتاب فقط يشير إلى مسائل إعراب القرآن لا أكثر, يقول: أنّ وما في حيزها سدت مسد مفعولي اعلموا وما موصولة ولذلك نصبت في الرسم ولكن ثبت وصلها -فصلت في الرسم عفواً- ولكن ثبت وصلها في خط بعض المصاحف, وثبت فصلها في بعضها الآخر وهي اسم أنّ وجملة غنمتم صلة ما الموصولة, {ومن شيءٍ} في محل نصبٍ حالٌ من عائد الموصول المقدر, تبين حال ماذا؟ تبين حال الصلة, والمعنى ما غنمتوه كائن من شيءٍ أي قليلاً كان أو كثيراً {فأن لله خمسه} أما غنمتموه ما هو معناه؟ من شيء لا تحدد المعنى, وإنّما غنمتموه يحدده ماذا؟ الآن إما المعنى اللغوي أو الاستعمال اللعرفي أو الاستعمال الشرعي أو .. إلى غير ذلك.
إذن فهذه القرينة ايضاً لا تدل على شيءٍ يمكن الاستناد إليها في المقام, وهذا هو الشاهد الثاني.
الشاهد الثالث: إذا تتذكرون كانت قاعدة >من كان له الغنم فعليه الغرم< وحيث أنه لا تستحق بحثاً كثيراً أنا أخرتها الآن أحاول أن أدخل إلى الشاهد الرابع مباشرة وهي الروايات التي هي بيت القصيد وهي أهم الوجوه للاستدلال لإثبات عموم الآية المباركة, ومن قال بالعموم واقعاً لم يستند إلى أقوال المفسرين أو إلى فهم الأصحاب أو إلى قاعدة الغنم والغرم, أو إلى هذا الشاهد ولذا كثير من الأعلام لم يشيروا إلى هذه الشواهد أصلا, وإنما العمدة ما هو؟
إنما العمدة هو الشاهد الرابع, وهي الروايات -التي إذا تتذكرون فيما سبق- أن السيد البروجردي& في ص78 عبّر عنها تعبيراً وهو تعبيرٌ واقعاً غير دقيق وغير علمي, قال: الطائفة المستفيضة بل المتواترة, وبينّا نحن فيما سبق بأنه لا توجد عندنا إلا ثلاث أو أربع روايات وهذه الروايات بين ما لا تدل مضموناً وبين ما تدل ولكن ساقطة سنداً فكيف يمكن أن تكون وإلا لو فتح باب التواتر على مثل مصراعيه بهذه الطريقة لا نعلم ماذا يحدث, لان التواتر يفيد القطع وأنه اجتماعه مع الكذب ممتنع تخلق لنا مشكلة كبيرة هذه, أصلاً عندنا أمور كثيرة ماذا يحصل لها؟ تناقض لأنه يوجد ثلاث أربع روايات هنا يصير تواتر ثلاث أربع روايات قبالها تصير تواتر آخر فتخلق لنا فوضى .. واقعاً لا أعلم بأنه كيف عبر السيد البروجردي أنها متواترة لعله في ذهنه الشريف كان شيء آخر وقلنا بأنه مراده ليس مطلق الروايات الواردة في وجوب الخمس بقرينة قال: ومنها ما وردت في بيان الحكم بالخصوص لا في تفسير الآية إذن هو مقصوده ماذا؟ فقط الروايات التي جاءت بصدد تفسير الآية المباركة. جيد.
الروايات أعزائي كما يتذكر الإخوة قلنا بأنها يمكن أن نقول بأنها ثلاث أو أربع روايات.
الرواية الأولى: وهي رواية بصائر الدرجات الجزء الأول ص77 من الجزء الأول هذه الطبعة المعروفة إذا الإخوة يريدون مراجعتها لأن الطبعة مختلفة, لم يذكر هنا المصدر على أي الأحوال, الآن المهم, بابٌ نادر في أن علم آل محمد سر مسستر وهو نادرٌ من الباب, الرواية >حدثنا أبو محمد عن عمران بن موسى عن موسى ابن جعفر عن علي ابن أسباط عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر× قال: قرأت عليه آية الخمس فقال: ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله’ فهو – التفت هذا المقطع الأول- ثم قال: لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم وجعلوا لربهم واحداً وأكلوا أربعةً حلالا<.
محل الشاهد هذه الجملة >ثم قال لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم< طيب يقولون أن الإمام بصدد بيان تفسير الغنيمة, وجعلها عامة يعني كلما رزق خمسة دراهم درهم منها خمس والباقي حلالٌ لهم, ومن الواضح >رزقهم خمسة دراهم< هذا من باب المثال إذن يشمل حتى أرزاق أو أرباح المكاسب. هذا محل الشاهد في هذا المقطع من الرواية.
في الواقع هنا لابد أن يشار -التفتوا جيداً- أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) في هذا النص بيّن أموراً ثلاثة:
الأمر الأول: قال >ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا< وهذا واضح أنه إشارة إلى الموجود في القرآن الكريم {فإن لله خمسه وللرسول} إلى آخر الآية, هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: >ثم قال< واقعاً لا يوجد -التفتوا لا أنه يوجد ظهور بالعدم- لا يوجد ظهورٌ أنّ الإمام بصدد تفسير الغنيمة إلا جملة >ثم قال: لقد يسّر الله على المؤمنين< هنا يقال لأنه نسب القضية لمن؟ لله (سبحانه وتعالى) إذن قد تكون إشعار أن الإمام× بصدد تفسير الغنيمة في الآية, ولكن يوجد هناك قرينة أخرى في الآية لا أقل تسقط هذا الإشعار لأنه في الآخر قال -التفتوا جيداً – >ثم قال: لقد يسّر الله على المؤمنين أنّه رزقهم خمسة دراهم وجعلوا لربهم واحدا وأكلوا أربعةً حلالا< المستدل يقول هذه >ثم قال< تفسير الغنيمة في الآية ولكن في النص يوجد >ثم قال: هذا من حديثنا صعب مستصعب لا يعمل به ولا يصبر عليه إلا ممتحن قلبه للإيمان< هذا ايضا تفسير للآية؟ أصلاً يوجد هذا المضمون في الآية المباركة حتى نجعله تفسير أو قرينة على التفسير؟
إذن هذه القرينة المقابلة لا أقل تسقط الظهور أن الإمام بصدد تفسير الآية المباركة. أعيد.
>عن أبي حمزة الثمالي عن الباقر قال يقول قال, قال, قال< أنتم تقولون هو بصدد تفسير ماذا؟ الآية, طيب إذا كان بصدد تفسير الآية طيب فهذا ايضا بصدد تفسير الآية >هذا من حديثنا< فإن قبلت أنه في القسم الثالث أن الإمام أضاف أمراً ليس مرتبطاً بالآية فلعل قوله >لقد يسّر الله على المؤمنين< ايضا ليس مرتبطاً بالآية, لا أقل لا يوجد ظهور -التفتوا جيداً- لأننا نحتاج إلى ظهور, لا احتمال وإلا أصل الاحتمال لعله موجود, ولكن هذا الاحتمال لكي يكون دليلاً لابد أن يصل إلى مرتبة الظهور ولا ظهور في الرواية على هذا المعنى.
هذا مضافاً -هذا من حيث المضمون- إذن لا أقل عندي وإن كان حاول البعض أن يقول أنه أساساً يقيناً أن الرواية ليست بصدد تفسير الغنيمة, الآن ما نقول هكذا ولكن نقول لا ظهور في النص أنه بصدد تفسير الغنيمة في الآية والشاهد على ما نقول هذا المقطع الأخير الموجود في هذا النص, هذا كلّه مضافاً إلى أن الرواية سندها مخدوش لا سند صحيح لها لأن الرواية قال >حدثنا أبو محمد< وأبو محمد أساساً ليس بمعلوم من هو فهو مجهول الحال, هذا مضافاً -طبعاً إذا تتذكرون- فيما سبق أشرنا هذا عمران بن موسى ايضا قلنا يوجد فيه كلام انه زيتوني أو الأشعري وإذا قلنا بوحدتهما فيكون ثقة أما إذا قلنا بتعددهما فالرواية مرددة بين الثقة وغير الثقة هذه الرواية الأولى.
إذن هذه الرواية واضحة أنها لا يمكن الاعتماد عليها في مثل هذا الحكم الأساسي. في مثل هذا الحكم الأساسي.
الرواية الثانية: وهي الرواية الواردة في الخصال, الجزء الأول ص312, الرواية >عن علي ابن أبي طالب عن النبي’ أنه قال في وصيته له: يا علي إنّ عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام, حرم نساء الآباء على الأبناء فأنزل الله (عزّ وجلّ) {ولا تنحكوا ما نكح آبائكم من النساء}, ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله (عزّ وجلّ) {وأعلموا أنما غنمتم} ولما حفر زمزم سماها سقاية الحاج فأنزل الله (عزّ وجلّ) {أجعلتم سقاية الحاج} وسن في القتل مئة من الإبل فأجرى الله (عزّ وجلّ) ذلك في الإسلام ولم يكن للطواف عددٌ عند قريش فسن فيهم عبد المطلب سبعة أشواط فأجرى الله ذلك في الإسلام, يا علي إن عبد المطلب كان لا يستقسم .. إلى أن يقول: ويقول أنا على دين أبي إبراهيم<.
هل أنها تدل على المطلوب أو لا تدل؟ محل الشاهد أنه قوله >ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس وتصدق به فأنزل الله (عزّ وجلّ)< التفتوا جيداً أعزائي, هذه الرواية متى تفيد ومتى لا تفيد؟ تارةً نقول أن الرواية بصدد بيان أصل تشريع الخمس في الإسلام, يعني أصل تشريع الخمس في الإسلام من أين جاء؟ جاء من عبد المطلب, أما في ماذا يجب الخمس أو في ماذا لا يجب الخمس هذه الرواية متعرضة أو غير متعرضة؟ إن قلنا أنها غير متعرضة فواضح أنها تنفعنا شيء أو لا تنفعنا؟ لا تنفعنا لأن الرواية بصدد تشريع أصل فريضة الخمس أما في ماذا يجب الخمس وهل أنه يشمل أرباح المكاسب أو لا يشمل هذه التفصيلات هذه الرواية متعرضة لها أو غير متعرضة؟ غير متعرضة.
وأخرى لا قد يقول قائل: لا ليس الأمر كذلك, أكثر من هذا, لأنه قال فأخرج >فوجد كنزاً فأخرج منه الخمس وتصدق به< طبعاً عندنا شاهد على أن الرواية بصدد فقط بيان أصل تشريع الخمس, ما هي القرينة؟
القرينة الأولى: أنه باقي الأمور الخمسة التي ذكرت واقعاً لبيان أصل التشريع وإلا هناك خصوصيات كثيرة في التشريع ايضا اتبعنا فيها عبد المطلب أو اتبعنا فيها شريعة النبي’.
إذن من الواضح أنت لو تنظر إلى الأمور الخمسة الباقية الرواية بصدد بيان أصل تشريعها لا مطلقاً بحسب الخصوصيات.
وثانياً: توجد قرينة مقابلة وهو أن الرواية لو كانت بصدد بيان ضرورة الإتباع لعبد المطلب حتى في الخصوصيات طيب عبد المطلب تصدق به, نحن أيضاً نتصدق به, أو فإن لله خمسه وللرسول أي منها؟ إذن من الواضح أن هذا يكشف على أنه الرواية تريد أن تشير إلى أصل الخمس أو إلى الخصوصيات؟ من الواضح إلى الأصل.
ما أدري واضحة هذه النكتة, هذا أولاً.
وثانياً: حتى لو سلّمنا وتنزلنا عن الإشكالين السابقين الرواية تقول >ووجد كنزاً فأخرج منه الخمس< طيب هذا لا يختص بالنحو الأول من الخمس بل يشمل النحو الثاني ونحن قبلنا هذا إنما الكلام أين؟ في النحو الثالث وهو أرباح المكاسب ولا دلالة في الرواية.
نعم من غض النظر عن الإشكالات السابقة يستطيع أن يقول بأن الآية ليست مختصة بغنائم دار الحرب, نسلّم معه ولكن شاملة لأرباح المكاسب هذه لا يخرج من الرواية.
هذا مضافاً إلى أن الرواية مجهولة السند من عدّة أشخاص لا من شخص واحد, إذن هذه الرواية ساقطة أيضاً سنداً ودلالةً.
الرواية الثالثة: وهي الرواية الواردة أعزائي في تهذيب الأحكام وهي الجزء الرابع ص121, الرواية >علي ابن الحسن ابن فضّال عن الحسن ابن علي ابن يوسف إلى أن قال عن حكيم مؤذن بني عبس أو بني عيسى -على الخلاف- عن أبي عبد الله الصادق× قال: قلت له: {واعلموا أنما غنمتم من شيء} يعني المؤذن بني عبس يقول, قال: قلت له {واعلموا أنما غنمتم من شيء} قال: هي والله الإفادة يوماً بيومٍ<.
هذه الرواية أعزائي أولاً من حيث السند كما أشرنا فيها مشاكل ثلاثة:
وحدة مشكلة محمد بن سنان وإن كان ثقة عندنا إلا أنه من هذه الجهة لا يوجد مشكلة ولكنه عند الآخرين فيها مشكلة.
ثانياً: ما يوجد في سند أو في طريق الشيخ إلى علي ابن الحسن ابن فضّال وهو أبو الزبير الذي أشرنا إليه الذي قلنا فيه كلامٌ كثير.
ثم لو غض النظر أيضاً عن ذاك ووثقناه بطريق أو بآخر, تبقى عندنا مشكلة حكيم مؤذن بني عبس أو بني عيسى, الذي حاول السيد البروجردي& أن يصحح وأن يوثق هذا الرجل بهذين البيانين:
البيان الأول: كما قال أن حكيماً راوي الرواية كان إمامياً ثقةً فإن هذا الحكم إنّما هو من مختصاتهم, لا يظهرونه إلا لمواليهم. الرواية كما تعلمون عن الإمام الصادق وفي زمن الإمام الصادق كان واضح بأنه الشيعة تأتي بالخمس إلى أئمتهم, إذن قوله أنه هذه قضية من الأمور الخاصة في ذلك الزمان ليس بمعلوم أنه من الأمور الخاصة. هذا أولاً.
وثانياً: إذا كان الأمر كذلك واقعاً سوف يفتح لنا باب عجيب في الروايات أنه بمجرد أن القضايا خاصة فإذا نقلها أحد هذا دليل ماذا؟ دليل وثاقته, طيب لعله سمعها من شخص من الخواص مثلاً, أو أنه كان جالساً في مجلس والإمام قال وسمعه, لعله أيضاً نوافق نحن أنه هو من الموالين افترضوا ولكن كل موالي ثقة بالمعنى المصطلح عليه في علم الرجال يعني؟ إذن واقعاً أنا لا أفهم معنى أنه إذا صار من الموالين فهو من الثقات بالمعنى المصطلح.
والشاهد الثاني الذي هو أغرب من الشاهد الأول, وهو أنه كان مؤذن والمؤذن لا يكون إلا ثقة, طيب مولانا, ستة أشهر أذن صار مؤذن وبعد ذلك ذهب وصار كذا وكذا, طيب هذا العنوان يزول منه أو لا يزول؟ طيب يبقى يقولون فلان المؤذن, ما هي العلاقة. يعني واقعاً أنتم تتصورون هذه العناوين التي وردت للرجال عندنا في الروايات طحّان وجمّال وكذا يعني أنه لكي يتلبس بهذا العنوان إلى آخر عمره كان طحّان مثلاً؟ أبداً, طيب في مدة من الزمان عمل عملاً وبقي هذا العنوان ملازماً له, ولكنه هل هذا مضافاً أنه من قال بأنه كل مؤذن لابد أن يكون ثقة بالمعنى المصطلح.
ولذا واقعاً هذا الطريق لتصحيح الرواية ساقطٌ عن الاعتبار.
يبقى مضمون الرواية, مضمون الرواية حاول البعض كالسيد الهاشمي أن يقول بأن الرواية ايضا ساقطة مضموناً, في كتاب الخمس الجزء الأول -الإخوة إذا أرادوا أن يرجعوا- كتاب الخمس الجزء الأول ص17, قال: إلا أن الإنصاف عدم دلالتها على ذلك أيضاً باعتبار أن السائل لم يذكر سؤاله عن الآية, وإنما قرأها لتذكير الإمام بموضوع الخمس الذي كان لهم وقد منعوه عنهم ففي هذا السياق ذكر الإمام >هي والله الإفادة يوماً بيوم< ولا يعلم أن الضمير راجع إلى لفظ الغنيمة, لان الرواية تقول >هي والله< >هي< يقول هذا الضمير لو كان يرجع إلى الغنيمة لكنا نقول أن الإمام صار بصدد تفسير الغنيمة, خصوصاً وأنّه ليس في الآية سوى مادة الاغتنام, طيب جواب هذا واضح أنّه في كثير من الأحيان أنه يمكن إرجاع ماذا؟ الإرجاع المادة كذا ويرجع إلى الغنيمة لأنه هي محل الكلام.
هذا مضافاً إلى أنه قد يقال: بأن الضمير يعود إلى الآية يعني >هي والله< يعني هذه الآية بصدد بيان هذا المعنى.
فلذا واقعاً دعوى أو الدعوى أنه ننفي ظهورها في هذا أنا في عقيدتي لا الأمر ليس كذلك, لا يمكن ولكن المشكلة في الرواية هي مشكلة سندية.
الرواية الرابعة: -وهي أهم الروايات أعزائي وكل الأعلام اطمأنوا لم يستدل أحدٌ من الأعلام بالرواية الأولى أو الثانية أو الثالثة وإنما من باب تكثير السواد نقلوا ثلاث أربع روايات, كل همّ الأعلام أي رواية؟ رواية علي بن مهزيار صحيحة علي ابن مهزيار وهي التي وقع الكلام فيها.
الرواية كما تعلمون كما قرأنا للأعزة في تهذيب الأحكام الرواية عن الإمام الجواد (عليه أفضل الصلاة والسلام) في ص141 من حيث السند أعزائي يعد السند من الطرق أو من السند الاعلائي الذي لا مجال لأحد في الشك في صحة هذا السند.
إنما المشكلة أعزائي كل المشكلة أين؟ في مضمون الرواية.
طبعاً أنا الآن ما أدخل في مضمون الرواية لأنه سيأتي إنشاء الله تعالى البحث التفصيلي في بيان مضمون الرواية.
ولكن أقول للأعزة ما قاله جملة من فقهاء الكبار للإمامية في الرواية ماذا قالوا عنها.
الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان التي هي طبعة مؤسسة النشر الإسلامي, المجلد الرابع ص315 و316, يقول: وهذه مكاتبةٌ طويلةٌ وفيها أحكامٌ كثيرةٌ مخالفةٌ للمذهب, مع اضطرابٍ وقصورٍ عن دلالتها على مذهبه, … إلى أن يقول: وبالجملة هذا الخبر مضطربٌ بحيث لا يمكن الاستدلال به على شيءٍ.
يكون في علم الأعزة أنه لست بصدد استدل بكلمات الفقهاء لبناء موقف فقهي أبداً تعرفون ليس بمنهجي هذا أبداً. ولكن أريد أن أبين أن الرواية ماذا؟ ما فيها هذا الظهور الذي يُدعى على المقام.
والمسألة من المشكلات أي مسألة؟ وجوب الخمس في أرباح المكاسب, والمسألة من المشكلات لعدم صراحة الآية المباركة, هذا المورد الأول.
المورد الثاني: ما ذكره السيد العاملي في مدارك الأحكام المجلد الخامس التي هي طبعة مؤسسة آل البيت ص383 هذه عبارته, يقول: وأما رواية علي ابن مهزيار فهي معتبرة السند لكنها متروكةُ الظاهر, سندها صحيح ولكنها من حيث المضمون ما هي؟ ساقطة عن الاعتبار. هذا المورد الثاني.
المورد الثالث: صاحب الحدائق& في المجلد الثاني عشر التي هذه الطبعة الموجودة عندي التي هي جامعة المدرسين, ص359 يقول: أقول: جميع ما تكلّفه في دفع هذه الإشكالات -الإشكالات الواردة على الرواية- مبنيٌ على ما زعمه من اختصاص خمس الأرباح به دون شركائه وبالجملة فالحق ما ذكره جملة من الأصحاب من أنّ الرواية في غاية الإشكال ونهاية الإعضال وأجوبته مع كونها تكلّفات ظاهرة مدخولة بما ذكرناه هنا وسيأتي بحثه.
وأنتم تعلمون الذوق الفقهي لصاحب الحدائق في الأعم الأغلب بصدد تصحيح الروايات لأنه من حيث السند بالنسبة له ما في مشكلة وإنما المشكلة ماذا؟ في المضمون.
وكذلك ما ذكره فقيه كبير واقعاً من الفقهاء المعاصرين وهو السيد محمد هادي الميلاني في كتاب الخمس ص53 – التفتوا العبارة جد مهمة- والحاصل: أن الصحيحة بعد أن لم يعتمد عليها أصحابنا من السلف والخلف, فظاهرها غير مرادٍ, مضافاً إلى ما في متنها من أنحاء الاضطراب المانع من الوثوق بصدورها من المعصوم -من المعصوم مني ليست موجودة في المتن ولكن بصدورها يعني بصدور النص من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام)-.
ونفس هذا الكلام ايضا أشار إليه الشيخ اللنكراني في كتاب الخمس ص117 قال: والتحقيق أن في الرواية إشكالاً يوجب رد علمها إلى أهلها ولا يمكن التفصي عنه بوجهٍ من الوجوه, إلى أن يقول: فما أفاده بعض الأعلام -إشارة إلى السيد الخوئي في المستند- فما أفاده عليه فما أفاده بعض الأعلام من أن الرواية ظاهرة الدلالة غير ظاهرٍ كما لا يخفى.
وأيضاً أختم الكلام بالسيد الروحاني في كتاب الخمس >المرتقى إلى الفقه الأرقى< في ص33 وص36 يقول: وأما مكاتب علي ابن مهزيار وهي وإن كانت بحسب السند صحيحة إلا أنّها بحسب المتن مضطربة جداً بحدٍ أوجب الإطمئنان الشخصي بعدم صدورها من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام) ثم يأتي في ص36 يقول: وعليه فلا دلالة للرواية على أن الغنيمة مساوقة للفائدة مفهوماً ولو تنزلنا عن ذلك فلا أقل من الاحتمال الموجِب للإجمال والمتحصل من ذلك كله أنه لما ذكرناه كله أو بعضه وما لم نذكره أيضاً من بعض وجوه الإشكال يحصل الجزم عادةً بعدم صدور المتن المذكور عن المعصوم× ولا أقل من الاطمئنان وبذلك يسقط الاستدلال بها للمقام يعني تفسير الغنيمة في الآية بما يشمل النحو الثالث من الفوائد.
طبعاً نحن الآن سوف لا ندخل إلى الإشكالات الواردة على هذه الرواية, ولكن بحسب ما تتبعت في كلمات الأعلام لا أقل تتجاوز الإشكالات حدود العشرة إلى اثنا عشر إشكال وارد على الرواية. فإذا أمكن دفع هذه الإشكالات عند ذلك نصل أن الرواية تشمل القسم الثاني فقط وإلا بأي وجهٍ من الوجوه غير شاملة للنحو الثالث, إما ساقطة عن الاعتبار مضموناً وعلى فرض قبولها مضموناً فهي تشمل الأول والثاني يعني تقول عدم الاختصاص بغنائم دار الحرب, أما شمولها لمطلق الفوائد فلا دلالة فيها.
تتمة الكلام تأتي.
والحمد لله رب العالمين.