نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (138)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الاستدلال بالسياق لبيان اختصاص هذه الآية من سورة الأنفال بغنائم دار الحرب.

    السياق كما تعلمون هو الاستناد إلى الآيات المحيطة بالآية موضع البحث سواء الآيات التي قبلها أو الآيات التي بعدها, ولكن في جو تلك الآيات لا مطلقاً.

    بعبارة أخرى: تعلمون أن كل سورة من السور القرآنية تشتمل على مجموعة من الآيات القرآنية, هذه الآيات كل مجموعة منها تشتمل على موضوع معين وعلى محور معين, المراد من السياق هو محورٌ وموضوعٌ معين تتكلم عنه مجموعة من الآيات في سورة معينة, طبعاً في كلمات الذين كتبوا في السياق تعاريف متعددة للسياق.

    طبعاً أنا في كتابات أتباع مدرسة أهل البيت لم أجد شيئاً الأعزة إذا وجدوا كتابات فيما يتعلق بالسياق وقوانين السياق وأحكام السياق وضوابط السياق وتعريف السياق, يعني أبحاث ولو مقالات مكتوبة عن السياق القرآني لا بأس بالإشارة إليها يدلونا عليها.

    في كتابي السياق القرآني وأثره في التفسير, دراسة نظرية وتطبيقية من خلال تفسير ابن كثير, رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستر في التفسير وعلوم القرآن, هناك في ص, طبعاً بعد أن يشير إلى السياق لغةً, يقول في ص64 من الكتاب: لقد اختلف الباحثون في تعريف السياق اصطلاحاً رغم أنه منصوص عليه منذ القدم, يشير إلى مجموعة من الأقوال, طبعاً في المقدمة يقسم السياق إلى سياق لفظي وإلى سياق حالي يعني تارة أن السياق مستفاد من الألفاظ المحيطة بالآية موضع البحث, وأخرى من الجو الحاكم والقرائن الحالية والمقامية المحيطة بالآية موضع البحث. يقول: يعرَّف السياق اللغوي بأنه فهم النص بمراعاة ما قبله وما بعده, هذا تعريفه, أو بأنه تتابع الكلام وتساوقه وتقاوده, هذا ايضا تعريف آخر, ولعله من أوضح التعاريف وأجمعها بيان اللفظ أو الجملة في الآية بما لا يخرجها عن السابق واللاحق, إلا بدليلٍ صحيح يجب التسليم له, وهذا الذي أشرنا إليه بالأمس قلنا أن دلالة السياق تكون مقبولة من قبيل الإطلاق يبقى بشرط أن لا يرد المقيد أو العموم بشرط أن لا يرد المخصص أو الحاكم أو المحكوم, بشرط أن لا يرد الحاكم ونحو ذلك والمبين, هذه في ص64, وبعد ذلك يقول تعريف آخر – مجموعة من الأستاذة وهؤلاء كلهم كتبوا في السياق هؤلاء الذين ينقل تعاريفهم لهم كل واحد منهم كتاب مستقل في هذا المجال- تتابع المعاني وانتظامها في سلك الألفاظ القرآنية لتبلغ غايتها الموضوعية في بيان المعنى المقصود دون انقطاعٍ أو انفصال.

    ثم بعد ذلك يأتي إلى السياق الحالي في قبال السياق اللفظي والمقالي ويقول: ما يحيط بالنص من عوامل داخلية أو خارجية لها أثر في فهم النص, من سابق أو لاحق أو حال المخاطِب والمخاطَب والغرض الذي سيق له والجو الذي نزل فيه.

    طيب الآن الأعزة يأتي إلى ذهنهم إذا كان القضية بهذه الدرجة من التعقيد إذن واقعاً التفسير ليس أمراً سهلاً, نعم من قال بأن عملية التفسير سهلة وساذجة.

    ولذا قالوا أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ما أبعد الآية عن عقول الرجال, هذه الروايات الواردة تشير إلى مثل هذه الحقائق ولكنه نحن نعم ذهبنا وجزا الله علمائنا خيراً السابقين واللاحقين ذهبوا إلى رواية >لا تنقض اليقين بالشك< وبحثوا فيها عدة سنوات, وذهبوا إلى رواية >رفع ما لا يعلمون< وبحثوا فيها عدة سنوات, ولكن عندما وصلوا إلى مثل هذه النصوص الواردة ايضا عن أئمة أهل البيت لم يتكلموا حتى خمس صفحات, فلهذا بقيت هذه الروايات بكر إلى الآن لم يبحث عنها, ما معنى أن الآية أبعد ما تكون من عقول الرجال, لماذا تكون الآية أبعد عن عقول الرجال وأنها لا يستطيع كل أحد أن يفهم الآية على ما ينبغي؟ على أي الأحوال, بحث واقعاً عملية التفسير عملية, من قبيل عملية الاستدلال الفقهي, عندما بدأت كانت عملية ساذجة بسيطة يمكن الإنسان أن يحيط بها لعله في سنة أو سنتين, ولكن هذه العملية الآن في مثل زماننا الجاد المجتهد المجتهد لعله لا يستطيع أن يحيط بها إلا بعد عشرين ثلاثين عاماً, لماذا؟ باعتبار تجدد وتكامل العلوم وتعدد العلوم بطبيعة الحال يؤدي إلى تعقيد العملية التفسيرية في قبال العملية الاجتهادية الفقهية, على أي الأحوال.

    طبعاً هذا البحث أنا هذا الكتاب إن شاء الله الأعزة يحصلون على هذا الكتاب, بعد ذلك يوجد كتاب آخر >قواعد الترجيح عند المفسرين< يقع في مجلدين في الجزء الأول من هذا الكتاب في ص127 يقول: أقوال العلماء في اعتماد هذه القاعدة قاعدة الاستناد إلى السياق لفهم الآية, يشير إلى مجموعة من الأعلام منهم ابن جرير الطبري, منهم ابن عطية صاحب المحرر الوجيز, منهم الرازي, ومنهم صاحب تفسير العز ابن عبد السلام ومنهم القرطبي ومنهم ابن تيمية -طبعاً ابن تيمية عنده تفسير في سبع مجلدات وإن كان غير معروف وغير موجود في الأيدي, طبعاً موجود غير متداول وإلا له تفسير ايضا اسمه التفسير الكبير في سبع مجلدات- ومنهم ابن القيم ومنهم ابن كثير ومنهم الزركشي ومنهم الشوكاني ومنهم الآلوسي ومنهم الإمام محمد عبده وجملة من أعلام المفسرين ذهبوا إلى اعتماد هذه القاعدة, جيد.

    إلى هنا نحن تكلمنا عن مسألة السياق بهذا المعنى المصطلح, ولكن قد يطلع السياق ايضا بمعنى آخر – التفتوا جيداً إلى هذه القضايا لأنه وإن كانت بشيء أو بشكل أو بآخر مرتبطة بأبحاث علوم القرآن وعلوم أصول التفسير ولكنها ضرورية لفهم هذه الآية ولكل آيات الأحكام ولغير آيات الأحكام, قد يطلق السياق وإن كان له تعبير آخر وهو النظر إلى مجموع الآيات التي تتشكل منها السورة, لأنه هناك بحث بين الأعلام وهو أنه ما هو حكمة وفلسفة أن القرآن جمع كل مجموعة من الآيات بعنوان سورة من السور, هل أن هذه القضية جزافية قضية تنظيمية قضية شكلية أم قضية مضمونية, يعني أن هذه المجموعة من الآيات التي أنتظمت ضمن سورة واحدة هذه لابد أن يوجد فيما بينها ارتباط مضموني كلها تريد أن تؤدي إلى غرض معين وإلى هدف معين وإلى حقيقة وإن كان أنت عندما تنظر إلى كل مجموعة من مجموعة الآيات لها موضوع ولكن هذه الموضوعات الجزئية كلها تحاول أن تصب في خدمة الغرض العام التي تشكلت منه السورة.

    هذه قضية وأنا إلى الآن إلا نادراً, أنا إلى الآن ما وجدت الأعزة إذا صار عندهم بحث ويتابعون هذه القضية وهو ما هو فلسفة تقسيم كلام الله (سبحانه وتعالى) إلى مجموعة من السور, أصلاً لماذا هل هي قضية كما قلت تنظيمية, أنت عندما تريد أن تكتب كتاب تجد أنه تقسمه إلى أبواب وكل باب إلى فصول وكل فصل إلى عدة أبحاث وكل بحث إلى عدة أمور, طيب هذه فقط قضية شكلية وتنظيمية أم قضية مضمونية, يعني عندما تقول هذا الباب الأول يختلف عن الباب الثاني, تريد أن تقول أن مجموع الأبحاث الموجودة في الباب الأول يربطها رابط معين.

    هذا البحث أعزائي هو المصطلح عليه في كلماتهم – وكان الآن قرأنا قليل- هو الذي اصطلحنا عليه أو يصطلح عليه بفضاء أو جو نزول السورة, هذه السورة لها فضاء خاص, حتى أبين للأعزة هذا المعنى, لعله والله العالم هذا التقسيم إلى المكي والمدني واحدة من أبعاده هذه, أن هذه السورة أو أن هذه الآية نزلت في مكة أو نزلت في المدينة لماذا؟ باعتبار أن أجواء مكة كان لها حساب والمدينة لها الظروف السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية, ولذا قسمت الآيات إلى مكية وإلى مدنية.

    شيخنا الأستاذ شيخ جوادي في تفسيره المعروف بتفسير >تسنيم< الذي أخيراً بدأ يترجم إلى اللغة العربية وترجمت منه أربعة أجزاء إلى الآن, في الجزء الأول من تفسيره وهو تفسير >تسنيم< ص286 و287 يقول: لقد أولى مفسروا القرآن الكريم اهتماماً خاصاً ببيان شأن وسبب نزول الآيات القرآن لكنهم لم يهتموا ولم يلتفتوا إلى فضاء النزول الذي يتعلق بمجموع السورة, الآن يصطلح عليه الفضاء, في تعبيرات من قرأنا ماذا؟ جو, الآن ليس بمهم هذا, وفرق شأن النزول مع فضاء النزول هو أن شان النزول أو سبب النزول يتعلق بالحوادث التي وقعت التي كانت سبباً في نزول الآية, أما فضاء النزول فيتعلق بمجموع السورة من حيث دراسات الأوضاع العامة ومواصفات الناس والحوادث والظروف الخاصة المحيطة بفترة نزول السورة فكل سورة من سور القرآن كانت فصلاً جديداً يفتتح بنزول آية بسم الله الرحمن الرحيم, ويختتم ببسملة السورة التالية.

    طبعاً لابد أن يعلم الأعزة أنه ليس بالضرورة أن كل سورة نازلة دفعة واحدة, ولكنه السور بعضها دفعة نازلة وبعضها على التدريج نازلة.

    البحث الذي أريد أن أعرض له في هذا اليوم أعزائي بحث خطير وأساسي في فهم القرآن الكريم, ولذا أريد من الأعزة إنشاء الله يتحملوا قليلاً لفهم هذه الحقيقة.

    أعزائي عندما نأتي إلى القرآن الكريم لا إشكال ولا شبهة أن القرآن هذه القرائين أو المصاحف التي بأيدينا نقسمها إلى أجزاء ونقسمها إلى أحزاب ونقسمها إلى كذا, هذه كل هذه التقسيمات إنما هي من وضع العلماء, أما تقسيم القرآن إلى السور والآيات هذا أصله أين؟ أصله في القرآن الكريم يعني عندما نقسم القرآن إلى مجموعة من السور بغض النظر عن عدد هذه السورة والاختلاف الواقع في عدد السور, أو نقسمه إلى مجموعة من الآيات بغض النظر عن عدد الآيات والاختلاف الواقع في عدد الآيات هذه قضية قرآنية لا مجال للبحث فيها.

    ولذا السيد الطباطبائي الأعزة الذين يريدون أن يراجعون هذا البحث بشكل تفصيلي, عرض له السيد الطباطبائي في المجلد الثالث عشر من تفسيره تحت عنوان ايضا لا يشير إلى البحث لا من قريب ولا من بعيد, بحثٌ آخر روائي وقرآني فيعرض له, يقول: وقد كثر استعمال السورة في لسان النبي والصحابة والأئمة كثرة لا تدع ريباً في أن لها حقيقة في القرآن الكريم, وهي مجموعة من الكلام. ص230 وما بعد ذيل آية 101 و111 من سورة الإسراء, ثم يقول بأن الآيات التي اشارت قالت بأنه {بسم الله الرحمن الرحيم, سورة أنزلناها} إذن السورة لها أصل في القرآن, أو قل {فأتوا بسورة من مثله} إذن مسألة السورة لها أصل في القرآن.

    وكذلك مسألة الآية, الآية ايضا مجموعة {وإذا تليت عليهم آياته كتابٌ فصلت آياته} مضافاً إلى ما ورد في كلمات النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    السؤال: ما هو وجه تقسيم القرآن إلى مجموعة من السور, طيب كنا نبدأ من الآية رقم 1 وننتهي إلى الآية رقم 62400 انتهت القضية.

    السيد الطباطبائي& إذا يريدون أن يراجعون هذا البحث يقول بأنه: أساساً كل مجموع كل سورة لها غرض معين, وأشار إلى هذه القضية في الجزء الأول من تفسيره ص16, قال: ثم أنه سبحانه كرر ذكر السورة في كلامه فبان لنا من ذلك أن لكل طائفة من هذه الطوائف من كلامه, مراده من الطائفة يعني ماذا؟ يعني السورة, التي فصلها قطعاً قطعاً المراد من القطع يعني الآيات, وسمى كل قطعةٍ سورة أن لكل طائفة من هذه الطوائف نوعاً من وحدة التأليف لا يوجد بين أبعاض من سورة ولا بين سورة وسورة, ومن هنا نعلم أن الأغراض والمقاصد المحصّلة من السور مختلفة, لكل سورة غرض خاص, وأن كل واحدة منها مسوقة لبيان معنىً خاص ولغرض خاص لا تتم السورة إلا بتمام ذلك الغرض, وعلى هذا الأساس إذا يتذكر الأعزة في البحث الفقهي قالوا أن بسملة كل سورة مختصة بتلك السورة, وأن معنى البسملة في كل بسملة يختلف عن البسملة الموجودة أين؟ ولذا جملة من الفقهاء أفتوا على هذا الأساس قالوا بأنه إذا بدلت السورة لا يمكنك الاكتفاء بالبسملة الأولى لابد أن تبدأ ببسملة جديدة لماذا؟ لأن البسملة المرتبطة بالسورة الثانية غير البسملة المرتبطة بالسورة.

    بعبارة أخرى: بينهما اشتراك معنوي أو اشتراك لفظي؟ هؤلاء يريدون أن يقولون اشتراك.

    وهذه حقيقة مهمة من أبحاث التفسير أن البسملة لم تتكرر في القرآن 114 مرة أو 113 مرة بالاشتراك المعنوي وإنما بالاشتراك اللفظي.

    هذا بحث مقدار منه نحن عرضنا له في كتاب اللباب في تفسير سورة الحمد, هناك بشكل الذي ينسجم مع هذه الأبحاث وقفنا عنده, هذا بحث أعزائي.

    ثم السيد الطباطبائي&, يدخل في بحث آخر وهو أنه ما هو الاختلاف الواقع في عدد السور -تعلمون أن هناك اختلاف في عدد السور- ما هو الاختلاف الواقع في عدد الآيات لأنه قد أنت تتصور أن فلان آية هي آية كاملة ولكن شخص آخر يعتقد لا هي والآية اللاحقة لها آية واحدة وهذا يغير تمام المعنى.

    ولذا يقول: وهذا هو الذي صرفنا عن إيراد تفاصيل ما ذكروه من العدد هنا, وذكر ما اتفقوا على عدده من السور القرآنية وهي 40 سورة, وما اختلفوا في عدده أو في رؤوس آياته من السور وهي 74 سورة, الآن الإنسان عندما يدخل في هذا العالم يجد بأنه كثيراً من هذه المسلمات التي في ذهنه لا ليست من المسلمات وإنما فيها أبحاث كثيرة بين علماء من بحثوا في مثل هذه المسائل, وكذا ما اتفقوا على كونه آية تامة أو على عدم كونه آية إلى آخره.

    سؤال: الآن هذا البحث أنا لماذا عرضت له؟ أعزائي نحن توجد عندنا مقامات ثلاثة من البحث:

    المقام الأول من البحث: وهو هذا الترتيب الموجود بين السور القرآنية الذي يبدأ من سورة الحمد وينتهي بسورة الناس, هذا نوع من الترتيب.

    المقام الثاني من البحث: هو الترتيب الموجود بين آيات كل سورة سورة, يعني عندما نأتي إلى سورة البقرة 280 آية, يوجد فيها ترتيب خاص, هذا البحث الثاني.

    المقام الثالث من البحث: عندما نأتي إلى بعض الآيات التي هي مركبة من أكثر من عشر كلمات خمس كلمات عشرين كلمة ثلاثين كلمة خمسين كلمة -كآية الكرسي- أو أكثر من ذلك -كآية المداينة- الآيات الطويلة في القرآن الكريم, الترتيب الموجود بين الكلمات والجمل في الآية الواحدة.

    إذن كم مقام يوجد من البحث؟ ثلاثة أنواع من الترتيب: ترتيب السور, ترتيب آيات سورة واحدة, ترتيب جمل وألفاظ وكلمات وحروف آية واحدة. طيب هذا الذي موجود الآن بأيدينا في القرآن الكريم من هذه الأنحاء الثلاثة من الترتيب هل أنها كلها توقيفية أو لا؟ وعند ذلك سيظهر بأنه نحن متى نستطيع أن نستند إلى السياق ومتى لا نستطيع.

    أعزائي فيما يتعلق بالنوع الثالث من الترتيب وهو الترتيب بين كلمات وجمل وألفاظ آية واحدة, تقريباً لم يقع الخلاف بين علماء المسلمين بمختلف اتجاهاتهم أنها توقيفية إلهية وحيانية, يعني عندما نقرأ آية الكرسي هذه آية الكرسي بهذا الترتيب نزلت من الله (سبحانه وتعالى).

    نعم, افتح لي قوس (نعم, أن الآية الواحدة لكي تفهم هل لابد أن تفهم ضمن سياق الآية أو يمكن أن تقطع الآية الواحدة وتجعلها خمسة مقاطع وكل مقطع تفهم منه معنىً مستقل عن المقاطع الأخرى, أي منهما؟

    اتفقت كلمة جمهور أهل السنة أنه لا يمكن تقطيع آية واحدة, الآية الواحدة لابد أن نفهمها ضمن المقاطع التي قبلها والمقاطع التي بعدها, ليس الآيات التي قبلها وبعدها لا, الألفاظ التي قبلها السياق الذي قبلها الجمل التي قبلها وبعدها.

    ولكن المستفاد من كلمات أئمة أهل البيت غير ذلك, أهل البيت يقولون يمكن ذلك أن الله (سبحانه وتعالى) أنزل القرآن بنحوٍ أنه يمكن أن نقطع آية واحدة >قال يا جابر ليس شيء ابعد من عقول الرجال من تفسير القرآن إن الآية -ليس السورة وليس مجموع آيات- إن الآية يكون أولها في شيء وآخرها في شيء< وفي روايات أخرى >وأوسطها في شيء وهو كلام متصل متصرف على وجوه< مع أنه كلام واحد متصل يعني سياق الآية لا سياق الآية كلام متصل ولكن مع ذلك يمكن أن تقطع الآية, طبعاً عندما يقول أولها آخرها أوسطها قد أن آية واحدة أنت تقطعها عشرة مقاطع كما في آية الكرسي.

    ونحن هذه القاعدة أسسنا لها وقبلنا هذه القاعدة وتفصيلها إنشاء الله تعالى في آية الكرسي -إن شاء الله إذا وفقنا خرج هذا بحث آية الكرسي- سيتضح أننا استفدنا لا فقط استفدنا من هذا استفدنا أنه كل كلمة كلمة من الآية لها مدلول خاص بمفردها لها مدلول وعندما توضع ضمن الجملة وضمن الآية لها مدلول آخر, الآن هذا بحث عميق في علم أصول التفسير إلى محله, المهم الآن بقدر الذي نحتاج إليه أنه لم يقع كلام بين أعلام المدرستين أن الآية الواحدة ترتيبها وحداني توقيفي إلهي. يعني ما نقدر أن نقول أن هذا الحرف مكانه متبدل هذه الكلمة متقدمة أو متأخرة.

    هذا البحث الأول.

    البحث الثاني: وهو أنه ماذا تقولون في ترتيب سور القرآن الكريم, التي بدأت بسورة الحمد وانتهت إلى سورة الناس.

    هذه قضية موضع خلاف بين علماء المسلمين, يعتقدون بأنه لعله كثير يعتقدون أن هذا الترتيب ايضا ترتيب نبوي يعني النبي رتب السور القرآنية أولها سورة الحمد وثانيها سورة البقرة إلى آخره, والتحقيق وهناك شواهد كثيرة أن الأمر ليس كذلك, يعني هذا الترتيب الموجود بين السور القرآنية ليس ترتيباً توقيفياً بل إما هو ترتيب حصل في الجمع الذي حصل في الزمن الأول وإما ترتيب حصل في الجمع الذي حصل في الزمن الثالث, يعني الجمع الأول أو الجمع الثاني, لأن القرآن جمع مرتين بعد رسول الله’, الجمع الأول في زمن أبي بكر والجمع الثاني في زمن عثمان ولكلٍ من الجمعين خصوصيات أنا أشرت إليها في بحث تحريف القرآن في آخر كتابي >أصول التفسير والتأويل< يوجد عندي بحث مفصل في مسألة جمع القرآن.

    ولذا الأعزة إذا ذاك الكتاب ليس بأيديهم بإمكانهم أن يرجعوا إلى السيد الطباطبائي المجلد الثاني عشر في ص126 من تفسيره في ذيل الآية 1 إلى 9 من سورة الحجر, يقول: أن ترتيب السور إنما هو من الصحابة في الجمع الأول والثاني ومن الدليل عليه ما تقدم في الروايات وقد ذهب كثيرٌ من العلماء أن ترتيب السور توقيفي وأن النبي ماذا؟ وهذا الآن لا يهمنا كثيراً إنما المهم والإشكالية أين؟ في ترتيب الآيات, يعني المسألة الأولى تقريباً لم يقع فيها خلاف, يعني الترتيب بين ألفاظ الآية الواحدة, المسألة الثالثة ليست لها تلك الأهمية الآن سورة آل عمران تأتي بعد سورة البقرة, أو تأتي بعد سورة النساء هذا لا يؤثر في المقام شيئا.

    إنما الكلام كل الكلام أعزائي في مسألة ترتيب الآيات القرآنية. وعليها يتوقف بحث حجية السياق, الآن بينكم وبين الله فقيه مجتهد علم يريد أن يدخل الاستدلال القرآني ولكنه لم ينتهي من هذه المسألة في الرتبة السابقة, فدخوله إلى البحث القرآني منطقي فني منهجي أو غير منهجي؟ وهذه قضية أعلامنا كاملاً غفلوا عنها وهي مورد الخلاف الشديد بين العلماء, وهو أن الآيات القرآنية يعني بشكل واضح وصريح, هذه آية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} هذه موقعها إذا كان توقيفي فعند ذلك يمكن أن نقول أن رسول الله وضعها أين؟ فيمكن الاستناد إلى وحدة السياق, أما إذا كان من وضع الآخرين لسبب من الأسباب -لا أريد أن أدخل في نظرية المؤامرة- لسبب من الأسباب أصلاً للحمل على الصحة وجدوا فيها أهل البيت قالوا طيب أهل البيت أيضاً من هم؟ نسائه فوضعوها في آيات نساء النبي, لا أقول بأنهم عرفوا أن الآية نزلوا في من فأرادوا تضييع مضمونها فوضعوها في غير محلها لا أريد أن أقول هذا, حتى لا يقولون بأنه لماذا تقرؤون التأريخ بنظرية المؤامرة لا نقرأ التأريخ بنظرية المؤامرة, ماذا نقول في هذه المسالة أعزائي وماذا يمكن أن يقال في هذه المسألة؟

    أعزائي يوجد اتجاهان في المقام -التفتوا جيداً- أنا واقعاً سوف لا أعرض لهذه المسألة تفصيلاً لأن البحث بحث فقهي ومرتبط وأنا إنما ذكرت هذا البحث للدخول إلى الآية والاستدلال بالسياق, أنه أساساً يمكن الاستدلال بالسياق لإثبات أن هذه الآية مرتبطة بغنائم دار الحرب أو لا يمكن؟ الجواب: في كلمة واحدة, إن ثبتت حجية السياق وأن هذا الترتيب ترتيب توقيفي وحياني بشكل عام والموجبة الكلية من مواردها الاستناد إلى آية الخمس في سورة الأنفال, أما إذا لم يثبت ذلك فهل يمكن الاستناد إلى السياق لإثبات الاختصاص أو لا يمكن؟ شبهة مصداقية تكون, لا نعلم أنها هل نزلت مرة واحدة أو أن الأصحاب تلاعبوا بها.

    يوجد اتجاهان:

    الاتجاه الأول: وهو الاتجاه العام بين علماء أهل السنة, قالوا: بأنه أساساً أن هذا الترتيب بين الآيات في السورة الواحدة هذا ترتيب نبوي, يعني أن النبي’ كان يقول اجعلوا الآية الكذائية واجعلوا الآية الكذائية كذا واجعلوا الآية الكذائية كذا, وهناك بعض الروايات, أن النبي’ كان يقول كما في هذه الروايات رواية عثمان ابن ابي العاص عن النبي -الآن لم نبحث في السند أن هذه الروايات صحيحة السند ليست بصحيحة السند واردة من الفريقين واردة من طرقهم ذاك بحث آخر- أتاني جبرئيل فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من السورة {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} يقول مثل هذه النصوص -السيد الطباطبائي- باعتبار منهجه أنه لا يقبل أن ترتيب الآيات ترتيب نبوي, وترتيب توقيفي إلا ما دل الدليل أنه ترتيب توقيفي.

    يعني بعبارة أخرى: يقبل ذلك في الجملة لا بالجملة, طيب إذا دل الدليل هنا يوجد سياق واحد كما لو ثبت أن هذه المجموعة من الآيات نزلت دفعة واحدة, طيب السياق محفوظ, أو السورة نزلت مرة واحدة, السياق محفوظ, أما ما لم يثبت ذلك فلا.

    يقول: فلا تدل على أزيد من فعله في بعض الآيات في الجملة لا بالجملة, هذا أولاً الإشكال الأول على مثل هذا الاستدلال.

    الإشكال الثاني يقول: وعلى تقدير التسليم أن رسول الله فعل ذلك في جميع الآيات التي نزلت يعني حفظ لنا الترتيب بحسب آيات سورة واحدة, يقول: لا دلالة لما بأيدينا من الروايات على مطابقة ترتيب الصحابة ما رتبه’, ما الدليل على أن هؤلاء في الجمع الأول والثاني التزموا ما رتبه من؟ رسول الله, بشهادة أن الروايات الصحيحة المعتبرة عندنا تقول أن علي ابن أبي طالب جاءهم بالقرآن وقد كتب على ترتيب النزول ولكن قبل منه أو لم يقبل؟ لم يقبل منه, أنه في ليل نزلت أو نهار في كذا نزلت أو كذا, كلها أمير المؤمنين كان قد رتبها وجاء بها على أي الأحوال.

    يقول: لا دليل على مطابقة ترتيب الصحابة ترتيبه, فإن قلت: أساساً الصحابة أجل من أنهم يخالفون ماذا؟ والجواب عندك, هم الصحابة الذين خالفوا رسول الله في أهم مسألة عقدية في ولاية علي ابن أبي طالب لا يخالفون رسول الله في ترتيب الآيات القرآنية. يقول: ومجرد حسن الظن بهم لا يسمح للروايات بدلالةٍ تدل بها على ذلك, هذا حسن الظن يكفي أو لا يكفي؟ وإنما يفيد أنهم جوابان: أنهم ما كانوا ليعمدوا إلى مخالفة ترتيبه فيما علموه لا فيما جهلوه, اجتهدوا فأخطئوا, وفي روايات الجمع الأول, ثم يدخل في بيان الشواهد لإثبات المدعى, هذا أهم دليل يقيمه القائلون بأن الترتيب توقيفي.

    عندهم دليل آخر وهو التواتر ودونه خرط القتاد, دليل آخر وهو الإجماع ودون إثباته خرط القتاد.

    إذن أعزائي هذه القضية التفتوا إليها جداً تتمة الحديث أبينه إن شاء الله في غد, وهو أن الاستدلال بالسياق لا فقط في هذا الموضع بل في كل القرآن من أوله إلى آخره متوقف على إثبات أن ترتيب الآيات في السورة الواحدة ترتيب توقيفي وحياني إلهي, فإن ثبت يمكن الاستناد إلى القياس وإلا فلا.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 2620

  • جديد المرئيات