نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (148)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في أن الخمس في أرباح المكاسب هل هو ثابت كثبوت الصلاة والصوم والحج يعني ثابت بأصل التشريع وهو من النوع الأول من أنواع التشريعات الثلاثة التي أشرنا إليها أم لا.

    قلنا بأنه لو قيل أن الخمس في أرباح المكاسب هذه للمرة العاشرة أؤكدها ليس الحديث فيما يتعلق بغنائم دار الحرب بالمعدن بالكنز ونحو ذلك وإنما الحديث والذي هو عموماً محل الابتلاء, أرباح المكاسب وأرباح التجارات, المشهور بين علمائنا والراكز في أذهان المتشرعة أنه لا فرق بين تشريع الخمس وتشريع الصلاة والصوم والحج والزكاة ونحو ذلك, ومن هنا جاءت تلك التساؤلات وإلا لو كان تشريع خمس أرباح المكاسب حكماً ولائياً أو من النوع الثاني أساساً لا مجال للتساؤل باعتبار أن الإمام وجد في زمانٍ مصلحة لا توجد تساؤل أنه واقعاً لماذا لم يذكر في صدر الإسلام, لماذا لم يجبَ من قبل الحكّام لماذا لم يأخذه رسول الله, كل هذه التساؤلات إنما تأتي على هذه الخلفية على هذا الأصل الموضوعي وهو أن الخمس في أرباح المكاسب إنما هو ثابت بأصل التشريع.

    وهذا ما نجده بشكل واضح وصريح في مواضع متعددة لا أقل في كلمات السيد الخوئي, طبعاً كل الأعلام بلا فارق بينهم, مثلاً يقول: >ينبغي التكلم في مقامين أحدهما -يعني مستند العروة ص193- أحدهما في أصل التشريع وأنّه هل يجب الخمس في هذا القسم أي قسم؟ السابع ما يفضل عن مؤونة سنته, وأنه هل يجب الخمس في هذا القسم كما وجب في سائر الأقسام, أنه هل هذا مثل ذاك أم أنه له حكم آخر, هذا في ص193.

    في ص194 أيضاً يقول كذلك, >بل في الجواهر أن هذا -يعني أنه ثابت على حد سائر الأقسام الأخرى- هو الذي استقر عليه المذهب.

    وكذلك في ص195 يقول: >فكيف ما كان فلا ينبغي التأمل في إطلاق الآية المباركة في حد ذاتها وشمولها لعامة الأرباح والغنائم, يعني أن الآية أثبتت وجوب الخمس لا أن الوجوب ثابت من رسول الله’ أو أنه ثابت بالحكم الولائي ونحو ذلك, لا, أن الآية ومن الواضح أنه إذا ثبت أن تشريع الخمس في أرباح المكاسب ثابت بالآية من الواضح سوف يكون من القسم الأول لا الثاني ولا الثالث.

    عند ذلك تأتي تلك التساؤلات التي أشرنا إليها ولا نعيد مرة أخرى وهو أنه إذا كان الأمر كذلك فلمَ لم يعتني بها الرسول كما اعتنى بأمر الزكاة, لمَ لم يأخذها لمَ لم تشتهر بين المسلمين لمَ لم يعتني بها الحكّام بعد رسول الله, لمَ لم يأخذها أمير المؤمنين, لمَ لم تكون موجودة إلى زمان الإمام الصادقين عند ذلك وردت الروايات ونحو ذلك.

    من هنا على هذه الخلفية السيد الخوئي+ كما قلت للأعزة أنا راجعت لعله حدود عشرين مصدر من الذين كتبوا تفصيلاً في الخمس لم أجد جواباً تفصيلياً عن هذه التساؤلات كما هو موجود في مستند العروة الوثقى.

    في مقام الجواب السيد الخوئي -لا أعلم الآن نعبر عنها أجوبة متعددة بيانات متعددة- في اعتقادي أنه هناك عدة مطالب في جواب السيد الخوئي, لأنه هذا الكلام الأعزة يريدون أن يراجعوا يقول: >والجواب -هذا في ص196- وأما مع الغض وأما الخمس على أن والانصاف -خمس ست- بيانات موجودة في كلمات السيد الخوئي وأنا أحاول هذه بالتسلسل أشير إليها واحدة واحدة, ونبيّن بأنها تامة أو غير تامة ونشير أيضاً أن السيد الخوئي هذا الجواب بناه على أي أصل وعلى أي خلفية وماذا يريد أن يجيب عن تلك التساؤلات التي تقدم الكلام عنها.

    الجواب الأول: في الجواب الأول السيد الخوئي+ يقول: كأنه هكذا سلّمنا معكم أنه أساساً أن رسول الله لم يجبي الخمس وأن من بعده ايضا كذلك وأن الشيعة نفس الإشكال يقول سلمنا ولكن ويقول مع ذلك لا يدل ذلك على عدم تشريع الخمس بأصل الشريعة, بأي بيان؟ يقول بهذا البيان وهو أنه: كم عندنا من نظير أن التشريع ثابت في عصر التشريع ولكن إبلاغ هذا التشريع إنما تأخر في زمن متأخر, يعني أن التشريع صدر من النبي’ ولكنّه لم يبلغه للأمة وإنما أودعه عن علي وأهل بيته عند الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) حتى يبلّغوا الناس بالحكم في أوانه المناسب له, ويضرب مثال لذلك يقول من قبيل تلك التشريعات التي ستظهر في زمان الإمام الحجة (عليه أفضل الصلاة والسلام) هناك مجموعة من التشريعات هذه سيبلغها الإمام وإن كان يقيناً إن تشريعها صدر من النبي’, بتعبيره >صدر هذا التشريع في عصر التشريع ولكن وصوله إلى الناس إبلاغه للناس إنما كان في زمن الأئمة المتأخرين< ويفسر >تدريجية الأحكام< يقول: من مصاديق تدريجية الأحكام هو هذا, لأن التدريجية قد تطلق يعني في زمن النبي أن النبي’ لم يأتي في أول يوم من البعثة ويبين كل التشريعات قد تطلق التدريجية ويراد التدريجية في عصر التشريع – يعني العصر النبوي- وقد تطلق التدريجية بهذا المعنى وهو أن التشريع صدر في عصر النبي إلا أن الإبلاغ للناس لم يصدر في عصره وإنما جاء متأخراً.

    هذا الكلام أعزائي -حتى أنا أقرأ العبارات لأنه عندنا شغل فيها هذه العبارات- قال: >والجواب: أما بناءً على ما سلكناه من تدريجية الأحكام< سيدنا ما المراد من تدريجية؟ قال: >من تدريجية الأحكام< عطف تفسير >وجواز تأخير التبليغ عن عصر التشريع< إذن تبين مراده من التدريجية ماذا؟ ليس التدريجية في عصر التشريع وإنما التدريجية أنه في عصر التشريع شرّع ولكن بإيداع بيانه من النبي إلى الإمام ليظهره في ظرفه المناسب له حسب المصالح الوقتية الباعثة على ذلك, بل قد يظهر من بعض النصوص إن جملة من الأحكام لم تنشر لحد الآن وأنها مودعة عند ولي العصر# وهو المأمور بتبليغها متى ما ظهر وملأ الأرض قسطاً وعدلاً على هذا الأساس, ولعله يعتبر هذا الجواب من الأجوبة الحاسمة والقاطعة لمادة الإشكال, لذا يقول: >فالأمر على هذا المبنى الحاسم لمادة الإشكال< أساساً لا يبقى هناك إشكال لماذا أنه لم يظهر في عهد النبي؟ يقول باعتبار أن الأحكام هذه طبيعتها.

    هذا هو الجواب الأول الذي لازمه أو مبناه على أنه سلّم أنه لماذا لم يظهر إلى آخره, التفتوا جيداً أعزائي إلى أن هذا الكلام تام أو غير تام.

    أعزائي, التفتوا جيداً إلى القضية, هذا الجواب إنما يتم في صورةٍ ولا يتم في صورةٍ أخرى, يعني واقعاً إذا تمت هذه الصورة كل تلك الأسئلة لا محل لها, ما هي؟ وهي: أن التشريع أولاً: لا يكون إلا في عصر التشريع, يعني بعد النبي’ يوجد تشريع أو لا يوجد؟ لا يوجد, عند ذلك نقول إذا ظهر تشريع في عصر الإمام الصادق نقول تبليغه من الإمام الصادق لا تشريعه وإلا لو ثبت أنه كما يحق للرسول في دائرةٍ أن يشرع ويحق للإمام أيضاً له دائرة من التشريع إذن يتم هذا الكلام أو لا يتم؟ لا يتم, لماذا؟ لاحتمال أنه لا, ليس الإبلاغ من الإمام بل التشريع من الإمام. وهذه شبهة مصداقية, متى يكون الجواب تاماً؟ إذا فرضنا أن التشريع إمّا وحيانيٌ في زمن التشريع وإما نبوي في عصر رسول الله وما بعد ذلك يوجد أو لا يوجد؟ لا يوجد, هذا أولاً.

    وثانياً: أنّه كما لا يوجد تشريع عند الأئمة لا توجد عندهم أحكامٌ ولائية أيضاً, وإلا لو فرضنا عند الأئمة يوجد حكمٌ ولائي لعل هذا الخمس من الحكم الولائي, من أين تقول أنه من الإبلاغ, لا, من الحكم الولائي, تقول لا أنت لا يوجد عندك دليل, أقول أنت أيضاً لا يوجد عندك دليل, كما يوجد احتمال أنه تشريع وإبلاغ من الإمام احتمال ليس كذلك وإنّما حكمٌ, فلا يمكن التمسك بإظهاره في زمن متأخر, لأن هذا يكون من اللازم الأعم وهذا فرد أخص.

    إذن لكي يتم هذا الجواب على السيد الخوئي أن ينفي أولاً: أن الإمام لا يوجد عنده تشريع, ثانياً: أن الإمام لا توجد عنده أحكام ولائية. والسيد أبطل هذين الأمرين أو لم يبطل؟ لم يظهر من كلامه أنهما أبطلهما وإذا أبطلهما ننظر في دليله أنه تامٌ أو ليس بتام.

    وحتى لا أطيل فقط أنا أشير إلى هذه النقطة وهي ما وردت في بصائر الدرجات الجزء الثاني ص237 باب في أن ما فوّض إلى رسول الله’ فقد فوّض إلى الأئمة قال: -الرواية- >إن الله أدب رسوله’ حتى قوّمه على ما أراد ثم فوّض إليه فقال: {ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} فما فوّض الله إلى رسوله فقد فوّضه إلينا< التفتوا, وإذا ثبت أن الخمس ثابت في عصر التشريع فهو ثابت لا من القسم الأول ثابت من القسم الثاني, لأنه من القسم الأول الآية المباركة لو دلت إذن هذا الكلام يأتي فيه كل الإشكالات, عشرة روايات أو أكثر هذه الروايات التي هي موجودة والأعزة إن شاء الله تعالى هم يراجعونها بالتفصيل منها: قال: >لا والله ما فوّض الله إلى أحد من خلقه إلا إلى رسول الله وإلى الأئمة عليه وعليهم السلام قال وهي جاريةٌ في الأوصياء<.

    إذن أعزائي هذه القضية أنت والمبنى والبناء, طيب هنا يوجد إشكال مبنائي ويوجد إشكال بنائي, أما لإشكال المبنائي وهو أنه قد يقال أن السيد الخوئي لا يلتزم بأن الأئمة لهم حق التشريع, جيد هذا الإشكال يصير مبنائي, أما ليس لهم حق الأحكام الولائية لا أتصور أن السيد الخوئي يناقش في هذه القضية.

    إذن في جملة واحدة, لكي يتم هذا الجواب لابد من نفي أن الإمام له التشريع وله أحكام ولائية والتالي باطل فالمقدم مثله, هذا ما يرتبط بالجواب الأول.

    مما بيناه اتضح أن ما ذكره الشيخ اللنكراني+ في كتابه الخمس والأنفال ص10 واقعاً فيه خلط بين أمرين لعله لم يلتفت بشكل دقيق إلى مراد السيد الخوئي, هناك إشكاله هذا في ص110, يقول: >إلا أنّه أنّ الحكم المشروع الثابت في القرآن< -طبعاً ينقل عبارة السيد الخوئي ويشكل عليها- يقول: >إلا أن الحكم المشروع الثابت في القرآن وظهوره فيه كيف أودع بيانه من النبي إلى الإمام< طيب الكلام أن السيد الخوئي يفترض أن الآية ما دلت لا أنه تشكل عليه كيف أنه أودع بيانه تبليغه إلى الإمام.

    قلنا أنه تنزّل أن الآية ما دلت على التشريع إذن هذا الإشكال غير وارد, التفت, الإشكال الأهم هذا >مع أنه لا شاهد في الآية الشريفة على تأخير إجرائه وعدم كون المقصود عدم إجرائه مدة من الزمن< فهم الشيخ اللنكراني من كلام السيد الخوئي أن النبي شرّعه وبينّه للناس ولكن تنفيذه أوكله إلى الأئمة مع أن البيان والتنفيذ شيء والإيداع والتبليغ شيء آخر, السيد الخوئي ما يريد أن يقول بأنه بيّن ولكن التنفيذ تركه ماذا؟ حتى تقول ما الدليل على تأخير الإجراء, قال: بيّن لأوصيائه وترك الإبلاغ إلى من؟ لما يأتي بعد ذلك.

    إذن هذا البيان أو الإشكال الذي ذكره غير تام. جيد.

    الجواب الثاني: في الجواب الثاني إذا تتذكرون قلنا توجد مجموعة من التساؤلات وهو أنه لماذا أن النبي’ فرّق بين حكم الزكاة وحكم الخمس, يعني في الزكاة بعث من يجبي و… ولكن لم يفعل ذلك في الخمس؟ ما هو جواب السيد الخوئي.

    يقول: >أولاً< ما أبين أقرأ العبارة مباشرةً حتى أنه أعلق عليها لأنه أخشى أن الوقت يضيع.

    يقول: >وأما مع الغض عن ذلك< فلو تنزّلنا عن الجواب الأول نأتي إلى الجواب الثاني. >أما مع الغض عن ذلك فبإبداء الفرق بين الزكاة والخمس< حتى نعرف أنه لماذا أخذ الزكاة ولم يأخذ الخمس.

    يقول: >لنكتتين: النكتة الأولى: أن الزكاة ملكٌ عامٌ للمسلمين والخمس ملكٌ شخصي للنبي< هذه نكتة, >النكتة الثانية: إذا كان ملكاً شخصياً له< إذن ليس مناسب شأنه أن يطالب بملكه الشخصي, فلهذا صعب عليه أن يطالب بملكه, لأنه ليس له ارتباط بمنافع المسلمين, يقول: >وأما الخمس<.

    فلهذا يقول: >أما الزكاة فهو في مصالح المسلمين وهو مأمور بالأخذ قال: {خذ من أموالهم صدقة} فمقدمة الواجب واجبة فمقدمة للأخذ الواجب عليه< لأن الله أمره {خذ} هذا واجب, مقدمته ماذا؟ أن يبعث العمال لجباية الزكاة من باب مقدمة الواجب >وأما الخمس فهو حق له’ ولأقربائه فيشبه الملك الشخصي حيث لا تعود فائدته لعامة المسلمين< باختياره يريد أن يعطي أو ما يعطي, الله (سبحانه وتعالى) جعل عشرين بالمائة في أموال المسلمين حق شخصي للنبي وللإمام, >ومن ثَم لم يؤمر في مورده إلا بمجرد التبليغ كما في سائر الأحكام من الصلاة والصيام دون الأخذ< هذه يجعلها قرينة >فلم يكن ثَمة باعث على جباية الخمس, بل قد لا يناسب ذلك شأنه وجلالته كما لا يخفى< الآن ما أريد أن أدخل في البحث التفصيلي ولكنّه طيب إذا كان هذا وضع الخمس الشخصي لا يناسب شأنه طيب الله كيف يشرّع له تشريع لا يناسب ماذا؟ ما يناسب حتى هو يخاف أن يكون موضع التهمة, على أي الأحوال هذا الجواب الثاني.

    إذن الجواب الثاني للسيد الخوئي يقوم على نكتتين: النكتة الأولى: أنه ملك شخصي, والنكتة الثانية: أنه لا يعود نفعه على المسلمين.

    هذا البحث إخواني الآن أنا لا أريد أن استبقه لأنه سيأتي تفصيلاً وهو من أهم محاور بحث الخمس في زمن الغيبة, وهو أن الخمس في أرباح -أن الخمس عموماً وليس في أرباح المكاسب هنا القضية أعم هنا- أن الخمس ملك من؟ لأن الآية المباركة ماذا قالت؟ التفتوا جيداً, الآية المباركة في سورة الأنفال صريحة قالت: {واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل} هذه ملك من؟ لا أقل الثلاثة الأولى الثلاثة الثانية واضحة وأنها ملك هذه الأصناف الثلاثة بحسب المشهور التي عبر عنها بسهم السادة لا سهم الإمام, هذا النصف الأول ملك من؟

    أعزائي تقريباً الراكز في أذهان علماء مدرسة أهل البيت من عصر الغيبة إلى يومنا هذا إلا ما ندر, يقولون أنه ملك شخصي لمن؟ للإمام, يعني ماذا ملك شخصي للإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)؟ يعني كما أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) إذا ذهب إلى السوق وتاجر وحصل على مالٍ هذا المال لمن؟ فهل يصح لأحد أن يتصرف فيه من دون إذنه أو لا يجوز؟ لا يجوز, وباقي الأحكام, كل الأحكام التي تترتب على الملكية الشخصية تترتب على باب الخمس, يعني هذا الخمس الذي هو ثابت, هذه الأمور الثلاثة أو السهام الثلاث {لله ورسوله ولذي القربى}.

    والشاهد على ما أقول أعزائي, انظروا إلى أقوال الفقهاء في عصر الغيبة فيما يتعلق بهذه السهام الثلاثة, قول قال -طبعاً الأقوال قد تصل إلى عشرين قول- قول قال: أنه لابد أن تدفع إلى أن يأتي صاحبها, طيب لماذا تدفن إذا كان هي للمسلمين تدفع بينكم وبين الله أم تصرف على المسلمين؟ واضح أنه يريد أن يقول أنها له, قول قال: أنها نلقيها في البحر, قول قال: أنه نحفظها ونوصي بها إلى أن يأتي بها صاحبها, المتأخرين وجدوا بأن هذه الأقوال جد بعيدة من الإنصاف هذه الأموال كلها تتلف وتهلك ولا ينتفع بها أحد, فلذا ذهب وقال تحليل أصلاً لا يوجد خمس في زمن الغيبة وهو القائل بالتحليل في زمن الغيبة, ولكن الذين لا يقولون بالتحليل انتهوا إلى قولين آخرين.

    القول الأول: وهو أن يتعامل معها تعامل مجهول المالك, سلام الله عليك, أن يتعامل مع هذه مجهول المالك, قالوا فإن قلت: أن الإمام ليس مجهولاً أن الإمام أن هذا الخمس مجهول المالك أم معلوم المالك؟ معلوم المالك وهو الحجة×, قالوا نعم, نوسع دائرة مجهول المالك ليشمل ما لو جهل مكانه, وحيث أننا نجهل مكان الإمام× وجاؤوا ببعض الروايات, بعض صعد درجة قال لا مجهول المالك لأنه نعرف الإمام بالاسم لا بالشخص فهو مجهول, ودخلوا في هذا البحث حتى يوجهوا لنا, ثم اختلفت الأقوال ماذا تقول في مجهول المالك على المبنى الذي تختاره أنت.

    طبعاً هذه الآراء لا يتبادر إلى ذهنك أنه واقعاً يوجد من يقول بهذا, نعم صاحب الجواهر متبني هذا القول وهو أن سهم الإمام -والمراد من سهم الإمام- يعني لله والرسول ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لنا.

    صاحب الجواهر في المجلد السادس عشر ص177, عبارته هذه >وأقوى من ذلك< بعد أن ينقل الأقوال ويشكل عليها يقول: >وأقوى من ذلك معاملته معاملة المال المجهول مالكه باعتبار تعذر الوصول إليه روحي له الفداء إذ معرفة المالك باسمه ونسبه دون شخصه لا تجعله معلوم المالك< لأن الشخص مجهول, لو كان الإمام بيننا نعرفه أو لا نعرفه؟ لا نعرفه فهو مجهول الشخص وإن كان معلوم النسب والاسم, >بل لعله حكمه حكم مجهول المالك باعتبار تعذر الوصول إليه للجهل به< يعني للجهل بمكانه أين هو حتى نوصل المال إليه.

    طيب ما بعد صاحب الجواهر -هذه كلها مبناها الأصلي يعني خلفيتها ما هي؟ أن المال مال شخص الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)- لذا لابد أن نجد مخرجاً إما لعدم التصرف وإما للتصرف.

    إلى أن انتهينا في العصور الأخيرة الذي هو عليه مبنى فقهائنا المعاصرين أيضاً, أنه لا, هذه ملك الإمام فلابد أن تصرف فيما يرضي الإمام, وهذه النظرية التي الآن هي موجودة في الكتب, وهي أن إحراز الرضا شرط في جواز ماذا؟ الآن ماذا ترتب على ذلك؟ مجموعة من اللوازم طيب إذن لا يجب الرجوع بها إلى الحاكم بل إلى المرجع الذي تقلده, لماذا؟ لأنه قد أنت تحرز الرضا وقاطع بإحراز الرضا, فيجب الرجوع إلى الغير أو لا يجب؟ فلهذا هنا دخلوا القدر المتيقن حتى أنه يوجهوا هذه المسائل وإلا المبنى هذا.

    الآن أنا ما أريد أن أدخل في البحث التفصيلي ولكنه كلمتين أقول في مسألة إحراز الرضا -طبعاً صاحب الجواهر هذا الفقيه الكبير ملتفت إلى هذه النكتة لا أنه غير ملتفت إلى هذه النكتة وهي إحراز الرضا ولكنه بالنسبة إليه هذا غير كافٍ لجواز التصرف في الملك الشخصي للإمام- يقول: >وأما الاستناد إلى إذن الفحوى< بأن نصرف هذه الأموال فيما يحرز رضاه >ففيه منع حصول العلم بالرضا بذلك< أنت من أين تستطيع أن تشخص ما هي المصالح والمفاسد التي يفكر بها الإمام حتى تستطيع أن تشخص مصاديق ذلك, إحراز الرضا, طيب إحراز رضاه كرضانا أم له موازين قد تختلف عن موازيننا.

    >إذ المصالح والمفاسد التي في نظر الإمام مما لا يمكن إحاطة مثلنا به< -خارج عن البحث هذا, لكن أريد ذهن الإخوة تأنس هذه المباني حتى إذا جاء فقيه متمكن وحاول أن يناقش بعض هذه المركوزات الأمور الراكزة في الذهن المتشرعي مباشرة لا يتهم يميناً ويساراً, هؤلاء علماء كبار يتكلمون هذا الكلام- قال: >إذ المصالح والمفاسد التي في نظر الإمام مما لا يمكن إحاطة مثلنا به خصوصاً من لم تزهد نفسه في الدنيا منّا< منّا من؟ ليس عموم الناس, الكلام موجه لمن؟ لنا أهل الدعوى, >فقد يكون< الآن يبين المصاديق, >فقد يكون صلة واحدٍ من شيعته أو إطفاء فتنةٍ بينهم أو فعل أمور لها مدخلية في الدين أولى من كل شيء في نظره< يعني أولى من بناء الحوزات العلمية, من أين أنا أعرف, لعله إطفاء فتنة في كذا مكان أولى بكثير من رواتب ماذا؟ من أين نعرف هذا؟ >كما يومأ< يضرب مثال >كما يومأ إليه تحليلهم بعض الأشخاص وأقاربهم في شدة الحاجة< يحلل الملايين يعطيها لشخص من خلف الباب وأقربائه يحتاجون >فكيف يمكن القطع برضاه فيما يفعله غيرهم خصوصاً مع عدم خلوص النفس من الملكات الردية< التفت جيداً >كالصداقة والقرابة ونحوهما من المصالح الدنيوية فقد يفضَل على البعض لذلك< يعني للصداقة والقرابة >ويترك الباقي في شدة الجوع بل والحيرة بل ربما يستغني ذلك البعض بقبض ما حصل له فيحتال في قبض غيره< هذه الحيل الشرعية التي كتبت فيها كتب >فيحتال في قبض غيره إلى تمليك زوجته أو ولده ما عنده كي يبقى فقيراً فيقبض ما يشاء وكيف يمكن أن يقاس هذا بفعل أمير المؤمنين وكيف …< يدخل في بحث مفصل, يقول أساساً هذه الدعوى إحراز رضا الإمام أصلاً هذه عنوان جيد ولكنه تطبيقها ممكن لأمثالنا أو غير ممكن؟ هذا. هذا البحث الأول.

    البحث الثاني: سؤال -التفتوا جيداً لهذا المطلب قبل أن أجيب على هذا الجواب الثاني- البحث الثاني: ماذا قرأتم في بحث الفضولي؟ إذا أحرزتم في مورد رضا المالك ولكن بالفحوى من غير أن يقول لكم يجوز, هل يجوز التصرف في ماله من غير رضاه الرسمي الصريح أو لا يجوز؟

    هذا الشيخ الأنصاري& في المكاسب -هذه المكاسب الطبعة الحديثة الجزء الثالث ص346, هذه عبارته, قال: >وكيف كان, فالظاهر شموله< شمول الفضولي العقد الفضولي >لما إذا تحقق رضا المالك للتصرف باطناً وطيب نفسه بالعقد من دون حصول إذن منه صريحاً أو فحوى< من أين هذا الإذن الصريح أو الفحوى في التصرف. إذن كل تصرفاتنا تصرفات فضولية.

    مورد آخر: يقوله الشيخ الأنصاري 395 في المكاسب هذه عبارته هناك يقول: >مع أنه قد يقع الاقباض مقروناً برضا المالك بناءً على ظاهر كلامهم من أن العلم بالرضا لا يخرج المعاملة عن معاملة الفضولي< العلم بالرضا فما بالك بحدسيات الرضا, ونحن كل الذي عندنا, عندنا علم بالرضا؟ على مدعيه واقعاً الدعوى على مدعيها إثباتها, من أين عندنا علم بالرضا, نعم يوجد عندنا حدس ظن وهكذا, ولكن يخرج عن الفضولي أو لا يخرج؟ إذن كل التصرفات في سهم الإمام كلها بناءً على هذه النظرية يكون تصرفات فضولية, فلابد أن يظهر الإمام عند ذلك لابد أن نسأله فإن قال قبلت عند ذلك يكون التصرف صحيحاً وإلا يجوز التصرف أو لا يجوز؟ أحكام الفضولي. جيد.

    أعزائي هذا هو الجواب, ولذا صاحب الجواهر& في آخر المطاف عنده جملتين فقيه كصاحب الجواهر يقول هذا الكلام جداً ثقيل, ولذا في ص176 و 177, >ومع ذلك كله يظهر لك سر ما ذكره المفيد من المحنة والحيرة لعدم وضوح مأخذ قاطع للعذر لشيء من هذه الأقوال المذكورة, كما يومأ إليه ظهور الاضطراب في هذه المسألة من أساطين الأصحاب في تمام الخمس فضلاً عن حق الإمام منه منهم المفيد والشيخ و…< ويعدد هؤلاء هؤلاء أساطين الفقه عندنا يقول ولكن عندما وصلوا إلى الخمس أولاً وسهم الإمام ثانياً أصيبوا بالحيرة والاضطراب إلى أن يقول: >وأما حقه× فالذي يجول في الذهن< يوجد مستند أو لا يوجد مستند؟ فقط ماذا؟ يجول في الذهن >أن حسن الظن برأفة مولانا< لا يوجد عندنا طريق إلا أن نتمسك بذيل رأفته ورحمته, هذا كله مبناه الأصلي ما هو؟ مبناه هذا يفترض أن هذا مال شخص الإمام, فلهذا التصرف فيه يجوز أو لا يجوز؟

    واقعاً المسألة محل تأمل, وهذه كلها تخريجات لذلك الأصل الأولي ولو أنهم التفتوا إلى أن الإمام له -بتعبيرنا المعاصر في القانون- له شخصية حقيقية وشخصية حقوقية -في القانون يميزون- بين, نحن في ابحاثنا الفقهية كيف نميز؟ نقول: ملك الشخص أو ملك المنصب والمقام, في القانون ماذا يعبرون؟ حقيقية وحقوقية, أساساً من قال لكم أن الخمس هو الملك الشخصي للإمام, بل هو ملك منصب الإمام, أول الكلام, كل هذه الأقوال تسقط كلها حتى مسألة رضا الإمام, لا علاقة لنا, لأنه إذا كانت ملك هذا المقام إذن من يملأ هذا المقام بحسب ما يشخص من المصالح لابد أن يعمل لا أن يحرز ماذا؟ أن يحرز لا علاقة له بذلك.

    وهذا بشكل واضح وصريح ورد في كلماتهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وإن شاء الله في الوقت المناسب سأأتي لأن المسألة جد مهمة في زماننا.

    هذه الرواية واردة في وسائل الشيعة الجزء التاسع لمؤسسة آل البيت ص537, روايات متعددة أنا أنقل رواية واحدة منها. الراوية واردة في كتاب الخمس الباب الثاني باب أن الانفال كلها للإمام خاصة, قال الرواية >قلت لأبي الحسن الثالث× إنّا نؤتى بالشيء فيقال هذا كان لأبي جعفر× عندنا فكيف نصنع< ينسبون يقولون هذا ملككم هذا لكم هذا >فكيف نصنع, فقال< التفت >فقال: ما كان لأبي× بسبب الإمامة فهو لي< هذه حيثية تقييدية يعني أنّه كونه هذا الذي تعليق الحكم على الوصف مشعر بالعليّة, أما >وما كان غير ذلك فهو ميراثٌ لنا على كتاب الله وسنّة نبينا< طيب السؤال: الخمس أي منهما هذا أم هذا؟ هؤلاء فرضوه ماذا؟ >وما كان غير ذلك فهو ميراثٌ لنا على كتاب الله وسنّة نبينا< ملك شخصي ومن هنا حاروا أن هذا الملك الشخصي ماذا يفعلون له في زمن الغيبة.

    إذن الجواب الأول سيدنا الجليل أن الخمس ليس ملكاً شخصياً للإمام. إذن قولك >فيشبه الملك الشخصي< لا فقط ليس ملكاً شخصياً ولا يشبه الملك الشخصي وإنما هو مربوط بمقام ماذا؟ وهذه طيب الله أنفاسكم قهري.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1151

  • جديد المرئيات