نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (153)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الوجه الذي ذكره البعض من أنه لعل الحكمة في تأخير إظهار هذا التشريع وإن كان ثبوتاً ثابتٌ في صدر الشريعة وفي زمن النبي’ لعل الحكمة في ذلك هو أنه أن النبي’ وأن علياً (عليه أفضل الصلاة والسلام) والأئمة من بعده وجدوا أنهم لو أظهروا هذا التشريع سوف يكون في منفعة السلطة وحيث أنهم لا يريدون أن يقوا السلطات والحكم الجائر الذي زوا الحكم عن أهله وعمّن يستحقه, إذن لم يظهروا هذا التشريع, وتركوه إلى الوقت الذي يستطيعون هم أن يستفيدوا من هذا المال ومن هذه الفريضة والخمس في أرباح المكاسب. وإلاّ فيما يتعلق بخمس غنائم دار الحرب فإنه شرّع قرآنياً وكذلك فيما يتعلق بأمور أخرى, إذن كل الخلاف على خمس أرباح المكاسب. إذن على هذا الأساس أخر لهذا الغرض.

    هذا الكلام الواقع أنه كلامٌ لا استطيع أن أقول عنه إلا أنه غريبٌ في بابه, وذلك أنه أول ما يرد النقض يرد النقض بغنائم دار الحرب, طيب كان المفروض إذن هذا التشريع ايضا لا يشرّع لماذا؟ باعتبار أن غنائم دار الحرب لمن تكون؟ تكون للسلطة وهم يعلمون أن بعد رسول الله’ كل هذه الإمكانات التي سوف تتحقق من فتح البلدان غير الإسلامية, فبدل أن تصل إلى أهل البيت وإلى من يستحقها لتقوية الدين, تذهب إلى حكّام الجور, إذن أول نقض يرد هو أنه لماذا إذن شرّعوا ما يتعلق بخمس الغنائم لأنها في النتيجة {ما غنمتم فلله ولرسوله ولذي القربى} طيب هذه لذي القربى وصلت بأيديهم أو لم تصل بأيديهم؟ وأساساً والدليل على أنه هذه لم تصل بأيديهم أنه إنشاء الله تعالى في بحث تحليل الخمس >ما كان لنا فهو لشيعتنا< واحدة من الوجوه التي ذكرت لتوجيه أخبار التحليل قالوا أن المراد منها ما وقع بأيدي المسلمين وما وقع بأيدي الشيعة وكان لهم فيها حق من غنائم دار الحرب. لا أنهم حللوا شيعتهم في زمن الغيبة من خمس أرباح المكاسب وإنما ما كان قبل ذلك باعتبار أنه كانوا يفتحون البلدان وكان ينبغي >ما كان لله فهو لرسوله وما كان لرسوله فهو لهم< وهذا وصل بأيديهم أو لم يصل؟ لم يصل, إذن اختلط مال المسلمين وخصوصاً أموال شيعتهم بما لهم فيه حق, فحللوا بلحاظ ما كان لا بلحاظ ما سيأتي, هذه إحدى الوجوه المتعددة التي ذكرت لعويصة روايات التحليل لأنه مسألة التحليل أيضا من الروايات العويصة في هذا الباب وهي أيضا مرتبطة بأرباح المكاسب بالخصوص وبحثها سيأتي إن شاء الله.

    إذن أعزائي نقضاً هذا, بل نوسع دائرة النقض التفتوا, نوسع دائرة النقض نقول أنه كان ينبغي بناءً على هذا الفهم الذي ذكره السيد الهاشمي والذي ذكره السيد محمد سعيد الحكيم, بناءً على هذا الفهم كان ينبغي أن لا يظهر النبي أي تشريع يؤدي إلى أن يكون في صالح تقوية حكم الظلمة من بعده, لماذا فقط خصوص أرباح المكاسب لماذا فقط هذا الحكم, عشرات الأحكام وعشرات التشريعات المالية والعبادية والاجتماعية والسياسية التي هي قوام الإسلام بها, كلها هذه جيرت واستفيد منها لماذا؟ لتقوية النظام الظالم أو السلطة الظالمة والغاصبة بعد رسول الله, إذا كان رسول الله يعلم بعده سيحدث هذا, وأتخذ تدبيراً ما هو التدبير؟ أن لا يقول بالخمس حتى لا يستفيد منه من يأتي بعده من الظلمة, طيب لماذا فقط باب الخمس؟ طيب كان هناك عشرات التدابير الأخرى كان ينبغي أن يتخذها ينقض على ذلك. هذا من حيث النقض, ولا أريد أن أطيل أعزائي.

    وأما من حيث الحل أعزائي, التفتوا جيداً إلى هذه القضية لأنها قضية محورية مبنائية أساسية. وهي:

    أن النبي والأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) بحسب ما نعتقد ويعتقد كثير من علماء مدرسة أهل البيت أنهم كانوا بإعلام الله (سبحانه وتعالى) يعلمون ما سيقع عليهم بنحو شخصي وعلى الأمة من الحكّام بنحو عام إلى {أن يرث الله الأرض ومن عليها} والروايات في هذا كثيرة جداً, الآن على الخلاف الموجود في بحث علم الإمام أنهم كانوا يعلمون بالفعل أو أنهم متى شاءوا أن يعلموا أعلمهم الله -الذي نحن اصطلحنا عليه علم بالقوة لا علم بالفعل-.

    بعبارة أخرى: كان الطريق مفتوحاً أمامهم لمعرفة ما سيحدث بعدهم هذا أولاً سواء على المستوى الشخصي أنهم سيقتلون يستشهدون ماذا يجري عليهم ماذا يجري بعد رسول الله ماذا تفعل السلطات ماذا يفعل الحكّام كل هذه التفاصيل الاعتقاد الموجود أنهم كانوا يعلمون.

    السؤال المطروح في علم الكلام -التفتوا جيداً وهو من الأسئلة المحورية لا فقط في هذا الباب في كثير من الأبواب- أن أهل البيت أو النبي’ قبل أهل البيت, هل كانوا يتعاملون مع الحوادث ومع الأشياء ومع الأشخاص من خلال ما هو ظواهر الأشياء أو من خلال ما يعلمونه من العلم بالأمور الواقعية في اللوح المحفوظ على أي أساسٍٍ كانوا يتعاملون مع الناس, على الأساس الأول أو على الأساس الثاني؟

    لا أريد أن أدخل في تفاصيل هذه المسألة وهو أنه واضح أن رسول الله’ لا أقل في باب القضاء كان يقول: >إنما أحكم بينكم بالبينات والأيمان, ولعل الذي حكمت له حكمت له بقطعةٍ من النار< يا رسول الله يعني لا تعلم؟ يقول: لا, لأن هذا العالم عالم التكليف عالم الظواهر لا عالم اللوح المحفوظ, لا علام الواقعيات, له حساب آخر.

    ولذا تجد بأنه كان يتعامل مع جميع من حوله مع أنه كان يعلم المنافقين أو لا يعلم المنافقين؟ حذيفة ابن اليمان هذا صحيح البخاري وهذه كتب القوم يقول أنه كان يعرف المنافقين فرداً فرداً, بإخبار من؟ بإخبار رسول الله’ ولكن كيف تعامل معهم؟ تعامل معهم على أساس ما يعلمه منهم من بواطنهم وواقعهم أو تعامل معهم بحسب ما هو الظاهر منهم؟ تعامل معهم بحسب الظاهر.

    السؤال: -الآن أنا لا أريد أن أتخذ موقف كلامي من المسألة- أنا أسأل أصحاب هذا الرأي الذي قالوا أنهم بحسب علمهم كانوا يعلمون أنه سيقع كذا وكذا.. وفعلوا كذا لأجل أن لا يقع كذا, على أي أساس كانوا يعلمون؟ كانوا يعلمون ذلك على أساس ظواهر الأشياء؟ أم كانوا يعلمون ذلك على أساس باطن الأشياء وما هو في اللوح المحفوظ أي منهما؟ إن قالوا أنهم تعاملوا مع الأشياء على أساس الظواهر, طيب على أساس الظواهر لا معنى أنهم كانوا يعلمون ما يحدث بعد مائة سنة أو مئتين سنة, وان بني أمية ماذا يفعلون وأن بني العباس ماذا يفعلون, إذن دعنا نلغي هذا الحكم إظهار هذا الحكم إلى مائة وخمسين سنة, طيب هذا ليس لظواهر الأشياء, هذا العلم ما سيحدث لمائة وخمسين سنة هذا لظواهر الأشياء؟!

    وإن قلتم: كانوا يعلمون ذلك بحسب الواقع لا, هذه القضية استثناءً أهل البيت هذه القضية لا, حاولوا أن يعملوا التدبيرات اللازمة حتى لا تقوى السلطة من بعدهم. طيب مولانا الجليل إذا كان الأمر كذلك كان ينبغي على أن النبي’ -هذا سوء الأدب منّا ولكن هذا هو مقتضى هذا الكلام- كان ينبغي أن يتخذ تدبيراً حتى لا يصل هؤلاء من بعده إلى السلطة والخلافة, هذا هو الأهم أن يقطع أمامهم أن لا يأخذوا الخمس بعد أن يصلوا أو أن لا يصلوا إلى السلطة أيهما أهم؟ إذا يريد أن يتخذ تدبير واقعي على أساس ما يعلمه مما سيقع بعد ذلك, كان ينبغي أن يتخذ أي تدبير؟ بينكم وبين الله يتخذ تدبير الآن هذا دعه يصير حاكم وظالم ويحرف الأمة دعه يفعل ولكنه دعني أمنع منه عشرة بالمائة من القضية المالية وإلا موارد مالية أخرى موجودة, الزكاة موجودة, غنائم دار الحرب موجودة كلها موجودة فقط هذا البعد الخاص أمنعه, والتدابير ايضا كانت ممكنة يكون في علمك, يعني لو أنه, التفتوا جيداً هذه القضية أنا أضعه بأيدي الأعزة ويدخلوا في تحقيقها وبحثها.

    لو أن النبي’ بحسب ما يعلمه ماذا سيفعلون من بعده, كان قد أعلن نفاق من سيأتي بعده من هؤلاء, كان يمكنهم أن يتسلطوا على الأمة أو لا يمكنهم؟ هذا ما فعله في الحكم وفي أبناء الحكم, فما استطاعوا أن يتسلطوا على الأمة إلا, نعم, بعد ستين سبعين عاماً, في مسألة الحكم عندما لعنه, تعلمون الروايات صريحة وصحيحة في هذا المعنى, هذه سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني المجلد السابع القسم الثاني, في ذيل الحديث 3240 قال: >ليدخل عليكم رجلٌ لعين يعني الحكم ابن العاص< والروايات التي في ذيلها كثيرة جداً, يقول أحدها >سمعت عبد الله ابن الزبير يقول وهو مستند إلى الكعبة ورب هذا البيت لقد لعن الله الحكم وما ولد على لسان نبيه’< ماذا ولد؟ ولد المروان وعبد الملك بن المروان وأولاد عبد الملك بن مروان إلى آخر القائمة والوليد و.. إلى غير ذلك, هؤلاء الذين رآهم رسول الله أنه ينزون على منبره كالقردة, وهي الشجرة الملعونة في القرآن هذه روايات صريحة, ولذا هؤلاء أساساً لم يجرؤا الحكم ما جرأ أن يبقى في المدينة حتى في زمن الأول والثاني, يعني ما استطاع, نعم استقدمه من؟ استقدمه الثالث باعتبار أنه سطوة الأمويين بدأت تقوى فاستطاع أن يدخل.

    طيب بيني وبين الله إذا كان رسول الله يريد أن يتخذ تدبيراً حتى لا تقع الأموال في من بعده كان أفضل أن يتخذ تدبير حتى هؤلاء ماذا؟ أن يتخذ تدبير ما وراءِ وإلا التدابير الظاهرية اتخذها رسول الله وهو أصر على علي أصر على خروج جيش أسامة هذه التدابير الظاهرية حاول أن يفعلها رسول الله ولكن أنتجت أو لم تنتج؟ إذن كان ينبغي أن يتحول -بتعبيرنا إلى خطة للطوارئ- يعني يبني على علمه الماورائي, وجد بأنه هذه التدابير الظاهرية نفعت أو لم تنفع؟ لم تنفع إذن لابد أن يتخذ خطوة ماورائية خطوة واقعية خطوة بحسب ما يعلمه منهم, ولكن فعل رسول الله أو لم يفعل؟ لم يفعل.

    طيب إذا لم يفعل فلماذا تتوقع على ما هو أهم من الخمس رسول الله لم يفعل ذلك فما بالك بما هو دون الخلافة, ما هو أهم من الخمس الخلافة ولم يعمل فيها رأيه بحسب ما يعلم, فلماذا أعمل رأيه بحسب ما يعلم في ما هو ماذا, في مسألة فرعية جداً, وعندما أقول فرعية باعتبار أنه بدليل, أنها لم تكن الخمس في أرباح المكاسب مهمة أنها أثرت على مسألة الغصب والخلافة وانحراف المسيرة أو لم تؤثر؟ لم تؤثر, أصلاً هذا إشكال آخر, وهو أنه هذا نقض للغرض, أصلاً منع, طيب امنع هذا الطريق يوجد عشرات طرق أخرى لتأمين هذه الحاجة, لابد عندما يفعل, يفعل أمراً يكون مفيداً ونافعاً في تقليل الانحراف في رد الانحراف في الوقوف أمام الانحراف ولكنه هذه الذي فعلوه (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على فرض التسليم بهذا الأمر تحقق منه أو لم يتحقق؟ يعني وقف أمام الانحراف وأما الظلم وأمام التسلط أو لم يقف؟ لم يقف, إذن ما فائدة أنهم لا يبلغوا هذا الحكم.

    إذن هذا الوجه أتصور من باب ضيق الخناق وإلا هؤلاء الذين قالوا بهذا الوجه أجل من أنهم واقعاً أن هذه المسألة الخطيرة بهذا المستوى يتعاملوا معها بهذا المستوى من البحث.

    وبهذا يتضح أعزائي للأخوة جملة أخرج من البحث وأرجع.

    وبهذا يتضح للأعزة أنظروا كيف أن المسائل الكلامية تؤثر على عملية الاستنباط الفقهي, هؤلاء الذين يتصورون أنه يمكن للإنسان أن يكون فقيهاً من غير أن يكون متكلماً هم في وهمٍ كبير, هناك العشرات المسائل مئات المسائل الفقهية لا يمكن أن تعطي فيها رأياً إلا أن يكون لك مبنىً كلام, وهذا الذي قلناه فيما سبق أننا لا نعد الفقيه فقيهاً إلا إذا كان مفسرا ولا نقبل الفقيه فقيهاً إلا إذا كان متكلما, وإلا إذا لم يكن نعم على مستوى هذا المتعارف في حوزاتنا العلمية فقهاهة ولكنه على مبانينا أنا لا أقل هذه الفقاهة إلا إذا كانت قائمة على أسس قرآنية تفسيرية وكلامية, نعم, قد يقول قائل أصلاً لا علاقة له, قد الإنسان يجهل القرآن ويجهل التفسير ولا يقرأ أي شيء ومع ذلك يكون فقيهاً, هذا مبنى, ولكن أنا ما اعتقده هو هذا.

    إلى هنا بحمد الله تعالى أعزائي لا أريد أن أطيل الكلام في هذا المجال, انتهينا من هذه الآية المباركة.

    فتحصل إلى هنا من بحثنا لهذه الآية وهي آية سورة الأنفال وهي: أن هذه الآية أما الدعوى الأولى فيها وهي: شمولها لأرباح المكاسب فهو غير تامٍ, إن لم أقل لا دلالة فيها فلا أقل أن هذه الآية مجملة من هذه الجهة, فيما يتعلق بأرباح المكاسب. والعائق الأساسي الذي أمامها هو هذه التساؤلات وهو أنه إذا كانت هذه الآية لها ظهور يشمل أرباح المكاسب أيضاً إذن فلماذا لم يلتفت إليه أحد ولم يعتنى به كما اعتني في خمس غنائم دار الحرب. هذا أولاً.

    وثانياً: أن نفس هذه التساؤلات التي أشرنا إليها يبين لنا بشكل واضح أن هذه الفريضة وهي وجوب الخمس في أرباح المكاسب لم يصدر من النبي الأكرم’ وإلا لو صدر منه’ لوجدنا اعتناءً بها -على مستوى التشريع- لا على مستوى الجباية والأخذ, أنا لا أصر على أنه لابد بالضرورة أن النبي كان أن يبعث من يجبي لا, لعله في زمان تشريعه لا يوجد أغنياء, جيد ولكن بعد ذلك ماذا؟ في زمان الأول في زمان الثاني في زمان الثالث في زمان أمير المؤمنين في زمان الأئمة مائة وخمسين لماذا لم يرد أي ذكر لخمس أرباح المكاسب؟ يعني بالنحو الذي نحن وجدناه عندما تعرض له الإمام الصادق× وما بعد ذلك وجدنا أنه صار محور أبحاث الشيعة ألم يكن كذلك, وجدنا أن هناك اهتمام كامل, لماذا لم يهتم بهذا الإمام السجاد, مع أن الإمام السجاد كان محتاج هذا الخمس أو غير محتاج إلى هذا الخمس؟ طيب أيضاً كانت يده مقطوعة من بيت مال المسلمين لا طريق له إلى ذلك إلى بيت المال, كان يحتاج إلى فقراء الشيعة إدارة الشيعة, الإمام الباقر, الإمام الصادق, ثم بعد ذلك نجد تأكيده من زمان الإمام الرضا والجواد وغير ذلك.

    إذن هذا يكشف لنا كما أنا معتقد وبيانه سيأتي أنه أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) في زمن الإمام الحسين في زمن الإمام السجاد واقعاً الشيعة لم تتوسع ذلك التوسع وأعداد الشيعة لم تصل إلى ذلك العدد الذي لا يمكن تأمينها بطرقٍ جنبية, ولكن عندما بلغنا عصر الإمام الصادق وما بعد ذلك أساساً الشيعة صاروا طائفة واتجاه ومذهب ولهم أتباع بدئوا يخيفون دول, طيب هذا يحتاج إلى إدارة وخصوصاً لهم إقصاء من السلطات الحاكمة, لا يعطونهم لا في مجال التجارات والصناعات والدولة والإمكانات أبداً, كما هو المتعارف في الدول التي الآن موقف من الشيعة والتشيع, أنتم تجدون أنهم يعطونهم مجال أو لا يطعون لهم مجال؟ طيب يحتاج إلى تأمين ولهذا تجد أنه الظاهرة اشتدت مسألة الخمس وأخذ الخمس وبعث الوكلاء وكذا, في زمن الجواد والرضا (عليهم أفضل الصلاة والسلام) وأنتم تعلمون أن الطفرة التي حصلت في زمن الإمام الرضا للتشيع كانت واسعة جداً, ولذا تجدون حالة طردية كلما اتسع دائرة التشيع كلما زاد الاهتمام بموضوعة الخمس ومفردية الخمس في أرباح المكاسب. وهذا إن شاء الله بعد ذلك تاريخياً سنشير إليه.

    إذن أعزائي, إلى هنا الدليل الأول ما هو؟ القرآن, والسنة النبوة المباشرة, الدليل الأول غير تامٍ لإثبات وجوب الخمس في أرباح المكاسب. أأكد أن المعركة الآن أين؟ في أرباح المكاسب يعني النوع الثالث لا النوع الأول ولا النوع الثاني, لا غنائم دار الحرب ولا تلك التي تحصل من غير ترقب وجهد وكذا, ذاك له حديث بعد ذلك سيأتي. حديثنا في النوع الثالث من المال وهو أرباح المكاسب يعني الإنسان يتوقع الربح الخسارة يكسب يذهب إلى التجارة هو هذا البحث الذي الآن هو متعارف.

    الدليل الثاني: من الأدلة التي ذكرت, الآن أنا لا احتاج أن الكلمات عندما يأتون الأعلام إلى هذا القسم وهو وجوب الخمس فيما زاد في أرباح المكاسب ونحوها فيما زاد على فاضل المؤونة, بعد الآية دلت عليها الروايات, أولاً: الآية غير دالة, أولاً.

    وثانياً: أنه لم يدعي أحد أن النبي’ شرّع خمس أرباح المكاسب بحسب ولايته التشريعية كما شرّع ركعتي الرباعية الأخيرتين ايضا لم يدعي أحد ولا يوجد أي دليل على هذا لو ادعى أحد هذا, لأنكم تعلمون أننا قلنا أن الرسول الأعظم’ له هذه الصلاحية وذكرنا مصاديق كثيرة لهذا فيما يرتبط بالديات فيما يرتبط بالصلاة فيما يرتبط بالحج فيما يرتبط بالحج فيما يرتبط بالسعي كلها كانت أحكام تشريعية صادرة عن النبي لا بعنوان أنها أحكام ولائية بل بعنوان أحكام ثابتة جزء من الشريعة. ولم يثبت أن النبي أوجب الخمس في أرباح المكاسب بهذا النحو الذي أشرنا إليه. لم يدعي أحد وإذا ادعى أحد لم يوجد عندنا أي دليل يثبت هذه الدعوى.

    الدليل الثاني: هو الإجماع. طبعاً عندما نقول الإجماع هنا ليس فقط مرادنا الإجماع المنقول لا, مرادنا الإجماع المحصّل, يعني عندما نراجع كلمات الأعلام نستقرأها نجد أنهم أجمعوا, هنا ايضا مقدمة لابد أن أذكرها للأعزة وإن كانت واضحة في أذهانهم ولكن للذكرى. وهو أنه عندما نقول إجماع, مرادنا إجماع المتقدمين, وليس مرادنا افترضوا إجماع المحقق وعلامة ومجلسي ومتأخرين لا أبداً, مرادنا إجماع علماء عصر الغيبة يعني أن الفقه عندما أخذ لباس الفقه الاستدلال الآن إما قبل عصر الغيبة بقليل أو في عصر الغيبة الصغرى ثم بعد عصر الغيبة الصغرى إلى زمن المفيد الطوسي المرتضى الصدوق الذين هؤلاء كانوا تقريباً قريبوا العهد من أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ومن الشيعة التي عاصرت من؟ عاصرت أئمة أهل البيت (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فلا يذهب ذهنكم إلى ابعد من ذلك. أدعي الإجماع في كلمات هؤلاء والتتبع ايضا يثبت يعني ايضا يوجد إجماع منقول وأيضا يوجد إجماع محصّل. أنا أشير إلى بعض هذه الكلمات حتى يتضح للأعزة وتفصيله الأعزة يرجعون بعضها أنا أشير وإلا كل الذين عاصروا ذاك الوقت تقريباً ادعوا هذا الإدعاء.

    الأول: ما ورد في كتاب الانتصار للسيد المرتضي, هذا الموجود أنا عندي منشورات الشريف الرضي في مسائل كتاب الخمس هناك فيما يجب فيه الخمس مسألة يقول: >ومما انفردت به الإمامية القول بأن الخمس واجب في جميع المغانم والمكاسب -هو هذا البحث المكاسب التفتوا مغانم لا لا يدل وإنما لفظة المكاسب- ومما استخرج من المعادن والغوص والكنوز ومما فضّل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد المؤونة والكفاية في طول السنة على اقتصادٍ وجهات قسمته< إذن هذه الفتوى, أما كيف يقسم مسألة جديد.

    إذن عنوانه واضحاً السيد المرتضى يقول: >ومما انفردت به الإمامية< كأنه هذه من مقومات مدرسة أهل البيت, من مقومات مدرسة الإمامية القول بوجوب الخمس في أرباح المكاسب. هذا المورد الأول.

    المورد الثاني: ما ورد في كتاب الخلاف للشيخ الطوسي التي هي طبعة مؤسسة النشر الإسلامي, المجلد الثاني في ص118 من الكتاب, المسألة 139 من كتاب الزكاة, قال: >يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات والغلاة والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤنها وإخراج مؤنة الرجل لنفسه ومؤنة عياله سنة ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء< أي فقهاء؟ فقهاء أهل السنة والجماعة, بأي قرينة؟ >قال: دليلنا إجماع الفرقة< إذن الدليل الأول لوجوب الخمس في أرباح المكاسب بعد إخراج المؤونة ماذا؟ إجماعه >وأخبارهم وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك< الآن هذا الاحتياط دعوه إلى جانب الآن نحن في الأدلة الاجتهادية لا في الأصول العملية, >لأنه إذا أخرج الخمس عما ذكرناه كانت ذمته برئيةٌ بيقين وإن لم يخرج ففي براءة ذمته خلاف< يطبق قاعدة (أن الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني). الآن هذا موضعها أو لا, ذاك بحث آخر الآن ليس محل كلامي هذا المعنى. وهذا هو الشيخ الطوسي الذي كما قلنا من هذه المرحلة.

    وهذا ايضا ما أكده في الجواهر في المجلد السادس عشر التي هي دار الكتب الإسلامية, في ص45 هذه عبارته يقول: >الخامس: مما يجب فيه الخمس ما يفضل عن مؤونة السنة على الاقتصاد له ولعياله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات بلا خلاف معتد به أجده فيه< أصلاً لا يوجد خلاف المسألة هذا معناه تتبع وليس بمنقول, >بل في الخلاف والغنية والتذكرة والمنتهى الإجماع عليه, بل في ظاهر الانتصار والسرائر أو صريحهما ذلك, بل أرسله في الرياض عن الشهيد الثاني ايضا, بل في الأخيرين من الأبعة دعوى تواتر الأخبار< هذا دليل آخر هذا هو الدليل الثالث أو الرابع الذي سيأتي بحثه.

    إذن المسألة ماذا؟ المسألة واضحة لا خلاف فيها.

    وأما من الأعلام المعاصرين الذي أشار إلى المسألة, السيد الحكيم في المستمسك في المجلد التاسع في ص515, قال: >على المشهور شهرة عظيمةً كادت أن تكون إجماعا. الآن أبين لماذا يعبر شهرة كادت أن تكون إجماعاً, لأنه يوجد من المتقدمين في ذاك العصر من نسب إليه الخلاف مثل من؟ مثل ابن الجنيد وابن ابي عقيل, ولذا تجد بأنه أساساً السيد الحكيم العبارة يجعلها هكذا >شهرة عظيمة كادت أن تكون إجماعاً< لذا يقول بعد ذلك >بلا خلاف, وعن السرائر أنه كذلك عندنا بلا خلاف ولم ينسب الخلاف فيه إلا إلى أبني الجنيد وأبي عقيل< ابن الجنيد وابن أبي العقيل, إذن تبين طبعاً هؤلاء من تلك الطبقة يعني عصر الغيبة الصغرى وما هو حولها ولذا خلافهم يضر بالإجماع, ولذا السيد الحكيم يحاول أن يتخلص من خلافهما بأن يقول ماذا؟ ماذا يقول, يقول: >اللذين لا يقدح خلافهما في الإجماع< لماذا سيدنا؟ يقول باعتبار أن هؤلاء عادةً مخالفين ونحن مع هؤلاء الذين عادةً مخالفين كثيراً ما نعتني به, وهذا لا أعلم أي وجهٍ علمي هذا, إذا صار شخص يخالف أكثر من اللازم إذن ماذا؟ لا اعتداد به, الآن على أي أساس, البحث بحث علمي ويخالف هذه نص عبارته ولم أقلها من عندي قال: >اللذين لا يقدح خلافهما في الإجماع كثرة خلافهما في المسلّمات< إذن تبين ايضا على هذا المبنى الذي يذكره أحد كبار فقهائنا المعاصرين أنه إذا وجدتم شخصاً كثيراً (ينقنق) في المسلّمات هذا يعتنى به أو لا يعتنى به؟ والله لا أعرف كيف هذا المبنى لا أفهم هذا المبنى.

    الكلام أنه أساساً يوجد عنده دليل نحن مع الدليل {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} عندما بتعبيرنا (بدأ ينقنق) في المسلّمات أو يتأمل في المسلّمات هذا لأنه يكثر التأمل والإشكالات في المسلمات إذن ماذا؟ خرجوه لا اعتبار به, أي منطق علمي هذا, على أي الأحوال.

    هذا منشأه هذا الذي عبر >على المشهور شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً< إشارة إلى خلاف هذين العلمين.

    ولكن عندما نصل أعزائي إلى العلامة في المختلف المجلد الثالث التي هي طبعة مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية مكتب الإعلام الإسلامي, في المجلد الثالث ص185 هذه عبارته بالضبط المسألة 141, >المشهور بين علمائنا إيجاب الخمس< التفتوا جيداً >المشهور بين علمائنا إيجاب الخمس في أرباح التجارات والصناعات والزراعات< لا الإجماع, فكيف التوفيق بينهما, في جملة واحدة لا تنافي بين ما ذكر من الإجماع وما جاء في كلام العلامة من الشهرة, لماذا؟ لأن هؤلاء بحسب اعتقادي لم يلتفتوا إلى نكتة وهي: تارةً أن البحث في أصل وجوب الخمس في أرباح التجارات.

    وأخرى: أن البحث في زمن الغيبة هذا الوجوب موجود أو ليس بموجود؟ في المسألة الأولى يوجد إجماع لا خلاف بين فقهائنا, في المسالة الثانية يوجد خلاف, ذهب المشهور إلى وجوبه ولم يعملوا بروايات التحليل وذهب جملة من الأعلام إلى ماذا؟ ومنهم ابن الجنيد, ابن الجنيد لم يناقش في المسألة الأولى وإنما ناقش في المسألة الثانية, ولكن السيد الحكيم تصور أنه يناقش في المسألة الأولى (كلام أحد الحضور) في الأصل أحسنتم, ليس الكلام في مناقشة ابن الجنيد وابن أبي عقيل في المسألة الأولى وإلا لا خلاف على المسألة الأولى وأن الخمس في أرباح المكاسب من الأمور الثابتة تشريعها عن الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) إنما الكلام كل الكلام أن هذا كان مختصاً بزمان حضورهم أم يشمل زمان الغيبة أيضاً, ذهب المشهور إلى أنه لا, كما هو واجب في زمان الحضور هو واجب في زمان الغيبة, وذهب ابن الجنيد وابن أبي عقيل على أن هذا مختص بزمان حضور الأئمة, أما في زمن الغيبة فهل يجب أو لا يجب؟ قالوا لا يجب.

    ولذا نفس السيد الحكيم أيضاً عندما وصل إلى هذه المسألة نقل عبارة هذين العلمين قال: >مع أن محكي كلام الأول في المعتبر هكذا< ينقل العبارة وبعد أن ينقل العبارة يقول: >وهو غير ظاهر في الخلاف< واقعاً غير ظاهر في الخلاف, لأنه هو لا يناقش في المسألة الأولى, ثم يقول >ومحكي كلام الثاني هكذا وقد قيل وهو أيضاً غير ظاهر في الخلاف< طيب إذا كان الأمر كذلك سيدنا فلماذا تقول >لا يقدح خلافهما في الإجماع<؟ طيب قل أساساً هؤلاء يخالفون في مسألة غير المسألة التي هي محل الكلام. محل الكلام الآن في وجوب الخمس في أرباح المكاسب.

    نعم, إذا ثبت الخمس في أرباح المكاسب نطرح مسألة ثانية, وهي أنه ثابتة فقط في زمان الظهور أم تشمل زمان الغيبة بأي دليل؟ بروايات التحليل, لا تشمل زمان التحليل بأي دليل لا تشمل؟ بروايات التحليل, هنا أيضاً المشهور ذهب إلى أنها ثابتة لا في زمان الحضور فقط بل في زمان الغيبة أيضاً.

    الآن هذا الإجماع أعزائي إجماعٌ تام أو ليس بتام مدركي أو ليس مدركي يمكن الاستناد إلى مثل هذه الإجماعات كدليل أو لا يمكن؟ يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 966

  • جديد المرئيات