نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (158)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الحديث في واحدة من أهم النصوص التي استدلوا بها لإثبات وجوب الخمس في أرباح المكاسب سواء كان في زمن الحضور أو في زمن الغيبة, وهي صحيحة علي ابن مهزيار, هذه الصحيحة اعتنى بها القوم كثيراً وذلك لوجود مقطعٍ في هذه الصحيحة هذا المقطع لو تم وأمكن الدفاع عن الإشكالات الأخرى الموجودة في هذه الرواية قد يقال أنها نافعة جداً. هذا المقطع وهو الوارد, طبعاً الرواية قراناها من وسائل الشيعة الباب باب وجوب الخمس فيما يفضُل عن مؤونة السنة له ولعياله من أرباح التجارات الباب الثامن من أبواب ما يجب فيه كتاب الخمس, ورقم الرواية 12583, المقطع الموجود في هذه الرواية التي أدّت بهؤلاء الأعلام أن يقفوا عندها كثيرة هي قوله (عليه أفضل الصلاة والسلام): >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عام< طيب واضحة بأنها تريد أن تقول أو فيها ما ينفع المقام. عبّرت غنائم وعبّرت فوائد. قال تعالى: {واعلموا أنما غنمتم} ثم قال الإمام: >والغنائم والفوائد يرحمك الله فهي الغنيمة يغنمها المرئ والفائدة يفيدها والجائزة من الإنسان للإنسان التي لها خطر والميراث الذي لا يحتسب من غير أب ولا ابن ..< وإلى غير ذلك.

    هذا النص الموجود أو هذا المقطع الموجود في هذه الرواية أدّى بالأعلام أن يُدافعوا عن هذه الصحيحة بكل ما أوتوا من وجوهٍ فنية لدفع الإشكالات والتهافتات والتناقضات الموجودة في هذه الرواية والتي أشرنا إليها سابقاً فيما سبق فلا نحتاج إلى الإعادة, حتى أدّى ببعض الأعلام أن يقول أنه أجزم بعدم صدورها من المعصوم (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    حتى نستذكر تلك الإشكالات أنا أحاول أن أقف عليها بنحوٍ كلي إجمالي.

    هذه الرواية صدرها فيها هذه الإشكالية التي تحتاج إلى جوابٍ واضح وهو أن الإمام فرض الخُمس فيما لا يجب فيه الخُمس بالإجماع وهو أنه (عليه أفضل الصلاة والسلام) هذه عبارته حتى يتضح للأعزة, قال: >وإنّما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول< ومن الواضح أن الإجماع قائمٌ على أن الذهب والفضة فيما حال عليهما الحول إنما تجب الزكاة ولا يجب الخُمس والإمام يفرض الخمس فيما لا يجب فيه الخُمس بل تجب فيه الزكاة بالإجماع, هذه إشكالية صدر الرواية.

    إشكالية ذيل الرواية -إذا أردنا أن نتكلم أو نجعل الرواية ثلاثة مقاطع- إشكالية ذيل الرواية أنه قال: >فأما الذي أوجب -يعني من الخُمس- من الضياع والغلاة في كل عامٍ فهو نصف السدس< وهذا خلاف المتفق عليه أن الخُمس إنما يجب في هذه الأمور الخمس لا أنه يجب نصف السدس, هذا أيضاً كيف نوجهه؟

    ثمّ كيف يجتمع هذا أن الإمام× يقول: >وأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عام< هذا الصدر وهذا الذيل كيف يجتمع مع هذا الوسط؟

    يعني إذا أردنا أن نقطع الرواية لها مقاطع ثلاثة هذه الرواية:

    المقطع الأول من هذه الرواية يشير إلى أنّه أوجب الخمس فيما لا خمس فيه.

    المقطع الثالث من الرواية أنه أوجب نصف السدس فيما يجب فيه الخمس.

    وأن هذا الصدر وهذا الذيل يتنافى مع إيجاب الخمس على كل فائدة في الوسط.

    هذا بنحو الإجمال هذه الإشكالات التي ترتبط بهذه الرواية.

    حتى يتضّح أن هذه الرواية تامة أو غير تامة, أفضل أننا نقف عند مقطع مقطع من هذه الرواية, نقرأ مقطع مقطع من هذه الرواية ونرى بأنّه تام هذا المقطع أو غير تام.

    هنا أيضاً لا بأس أن أشير للأعزة, هذا الأصل لا يوجد في كلمات علمائنا بشكل واضح وصريح, لو جاءت رواية وكان في الرواية عشرة مقاطع, وكانت هذه المقاطع ثمانية منها على القاعدة واثنين على خلاف القاعدة هذه الرواية كلها تسقط عن الاعتبار أو تسقط تلك المقاطع التي هي على خلاف القواعد أي منهما؟

    هذا أصلٌ التفتوا إليه, البعض يُسقط ماذا؟ يقول باعتبار أن الرواية متهافتة الرواية متناقضة الرواية مضطربة ونحو ذلك. هذا الأصل لابد أن ينقح في محله, الآن أنا لست بصدد تنقيح ذلك الأصل ولكن بنحو الفتوى أقوله للأعزة, أنا من أولئك الذين أقول بالتفكيك يعني أنه كل مقطع مقطع من الرواية يمكن أن تؤخذ على انفراد ويمكن أن تؤخذ مع باقي المقاطع, فإن أمكن الترابط -طبعاً إذا كانت الرواية معتبرة بشكل من الأشكال على المباني التي أنا أعتقدها- وهذه تنفعنا كثيراً أعزائي في مواضع أخر لا في المسائل الفقهية بل في المسائل العقائدية أيضاً, يعني أنه جاءت رواية من طرق الآخرين ولكن مشتملة على عشرة مقاطع, مقطع منها حق وتسعة مقاطع غير حق, هذا المقطع يمكن الاستناد إليه أو لا يمكن الاستناد إليه؟ إذا فرضنا وحدة الرواية, طيب إذا سقطت باقي مقاطع الرواية هذه أيضاً تسقط عن الاعتبار, أما لا, إذا فككنا بين مقاطع الرواية فيمكن أن نصحح هذا المقطع دون باقي المقاطع.

    الآن أنا ما أريد أن أدخل في هذا الأصل ولكنّه أريد أن أتكلم على مباني القوم الذين يعتبرون وحدة الرواية وأنه لابد أن تكون الرواية منسجمة في مقاطعها والنصوص التي أشارت إليه.

    المقطع الأول في هذه الرواية -حتى لا نطيل على الأعزة ندخل في الرواية- المقطع الأول من هذه الرواية وهي قوله (عليه أفضل الصلاة والسلام) قال: >إن الذي أوجبت في سنتي هذه وهذه سنة عشرين ومئتين فقط لمعنىً من المعاني أكره تفسير المعنى كله خوفاً من الانتشار وسأفسر لك بعضه إن شاء الله< ثم الإمام يفسر بعضه أنه لماذا فعل >قال إن مواليّ أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم< في أداء الحقوق الواجبة عليهم >فعلمت ذلك فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلتُ في عامي هذا من أمر الخمس<.

    السؤال المطروح هنا في هذا المقطع أن الإمام يفترض أن هذه السنة سنة مئتين وعشرين, هذا الذي يتذكر الأعزة في آخر الدرس كنا بخدمة الأعزة قبل التعطيل قلنا تأثير البحث التاريخي في فهم الرواية. السؤال: أن الإمام كان موجوداً إلى سنة مئتين وعشرين من الهجرة أو أن شهادة الإمام كانت في سنة مئتين وتسعة عشر من الهجرة أي منهما؟ صحيح أن المشهور أن الإمام استشهد في سنة مئتين وعشرين من الهجرة, لكن جملة من الكُتب المعتبرة قالت أن شهادة الإمام كانت في سنة مئتين وتسعة عشر من الهجرة كما يشير إلى ذلك المسعودي في مروج الذهب, ويشير ابن خلكان في وفيات الأعيان, ويشير شيخ عباس القمي في منتهى الآمال وجملة من المصادر, إذن أعزائي هذا النص لكي يكون صحيحاً لابد لمن يريد أن يصحح هذا النص لابد أن يثبت عنده في الرتبة السابقة أن شهادة الإمام كانت في سنة مئتين وعشرين من الهجرة, أما إذا كان هناك قائل بأن الشهادة ثبتت في سنة مئتين وتسعة عشر من الهجرة, فهذا النص تام أو غير تام؟ فيه نقطة ضعف لابد أن تحل هذه المشكلة لعل هذا يُجعل نقطة من نقاط ضعف هذه الرواية وأنها غير صادرة من المعصوم, طبعاً يمكن أن يجعل في الطرف الآخر, لا هذه من الروايات الدالة على أن الإمام شهادة سنة مئتين وعشرين المهم لابد أن ندخل إلى البحث التاريخي, لا يمكن أن نلغي البحث التاريخي وندخل إلى مضمون هذه الرواية.

    وهذا الذي أشرت إليه فيما سبق أن الأعزة لابد أن يلتفتوا لابد أن يكون عنده إطلاع لا أنه إذا سألته في النتيجة شهادة الإمام الجواد كانت في سنة مئتين وعشرين أو في مئتين وتسعة عشر؟ يقول لا علاقة لها بعملية الاستنباط, لا في بعض الأحيان معرفة أن الشهادة في هذه السنة أو في تلك السنة مرتبطة بعملية الاستنباط كما هو واضح من هذه الرواية.

    السؤال الثاني: ما هي خصوصية هذه السنة, افترضوا أننا سلمنا أن الإمام× كان إلى سنة مئتين وعشرين من الهجرة, طبعاً إما في أواخر مئتين وتسعة عشر من الهجرة شهادته وإما في أواخر مئتين وعشرين يعني في ذي القعدة من مئتين وعشرين من الهجرة, الآن ما نريد أن ندخل في بحث تاريخي آخر أن الإمام× عندما جاء في أوائل مئتين وعشرين من الهجرة من أوائل هذه السنة كان تحت الإقامة الجبرية لا يمكنه الارتباط بمواليه, حتى لو سلمنا موجود كيف ارتبط بمواليه, لا ندخل في هذا البحث, السؤال: ما هي خصوصية هذه السنة افترضوا أن هذه السنة هي سنة شهادة الإمام, الإمام× يقول: >أريد أن أطهركم< السؤال المطروح هنا, طبعاً هذا المعنى جملة من الأعلام يقولون إنما قال الإمام هذه فقط لمعنىً من المعاني أكره تفسير المعنى يقولون مراده من المعني يعني هذه سنة شهادتي التي أريد أن أفعل, سؤال: سيدي يا ابن رسول الله افترضوا أن هذه السنة سنة شهادتك, طيب إذن إذا ذهبت من هذا العالم لا يوجد إمامٌ بعدك حتى يقوم بهذه المسئولية طيب لماذا أنت تريد أن تقوم؟ لماذا لم يفعل باقي الأئمة هذا العمل؟ هذا سؤال واقعاً, طيب افترض أن هذه السنة سنة ماذا؟ شهادة الإمام, طيب يقول: >أريد أن أطهركم< طيب في كل أزمنة الأئمة يوجد من الشيعة من قصروا في الحقوق إذن ينبغي لهم في كل آخر سنة من حياتهم أن يطهروا الشيعة, نعم هذا يُتصور في زمن الإمام الثاني عشر وبعد الغيبة الصغرى باعتبار أن الناس لا يمكنهم الارتباط بالإمام فالإمام يقول: تنقطع أيديكم عني فأريد أن أطهركم, أما بالنسبة إلى الإمام الجواد, طيب بمجرد أن يذهب من هذا العالم يوجد إمام آخر يقوم بهذا العمل, لماذا تعطي خصوصية لهذه السنة مع أن باقي الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) لم يعطوا خصوصية لسنوات شهادتهم, هذا أيضاً تساؤل لا يوجد جوابٌ له فيما يتعلق بهذا المقطع.

    المقطع الثاني: الإمام× يقول: >فعلمتُ بما فعلتُ, … إن مواليّ أسأل الله صلاحهم أو بعضهم قصروا فيما يجب عليهم فعلمتُ ذلك فأحببت أن أطهركم وأزكيهم بما فعلتُ في عامي هذا من أمر الخُمس< إذن الإمام يتكلم في الخُمس >قال الله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهركم وتزكيهم بها وصلوا عليهم إن صلاتك سنكن لهم والله سميع عليم} ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم, {وقل اعملوا فسير الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبأكم بما كنتم تعملون}<.

    سؤال: هذه الآية التي استدل بها الإمام مرتبطة بالخمس أم مرتبطة بالزكاة؟ روايات صحيحة السند لا أقل هذه الرواية الصحيحة في أول كتاب الزكاة (أبواب ما تجب فيه الزكاة باب وجوبها الرواية: >عن الحسن ابن محبوب عن عبد الله ابن سنان قال قال: أبو عبد الله نزلت آية الزكاة {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها في شهر رمضان} فأمر رسول الله مناديه فنادى في الناس إن الله تبارك وتعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة …< إلى آخره, فأي علاقة بين الخمس وبين آية الزكاة؟ إن صح التعبير الآن لو طلبة متعارف يستعمل هذا التعبير, يقول: يجب الخمس وذلك لقوله تعالى: {خذ من أموالهم} طيب ماذا تقولون؟ تقولون استدلالٌ في محله أو في غير محله؟ استدلالٌ في غير محله, إذن كيف التوفيق بين الاستدلال بهذه الآية وبين وجوب الخمس؟

    هنا الأعلام أيضاً على القاعدة قالوا بأن الإمام× ليس بصدد إثبات وجوب الخمس بهذه الآية, طبعاً يكون في علم الإخوة هذه جملة من هذه الكلمات فيها مجال للتأمل ولكن أنا أريد فقط أن أبين للأعزة التكلفات التي اضطروا إليها حتى يدافعوا عن صحة هذه الآية المباركة أو هذه الرواية الصحيحة.

    قالوا: أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) ليس بصدد إثبات وجوب الخمس بهذه الآية وإنما هو بصدد التطهير الذي أراده بهذه الآية, يعني كيف أن رسول الله طهركم بالزكاة, أنا أيضاً بفعلي هذا أريد أن أطهركم >مما تعلق من حقي بكم ولو تؤدوه إليّ< فالهدف كان هو بيان الغاية وهو التطهير لا إيجاب الخمس, لو كان الإمام بصدد إيجاب الخمس من خلال الاستدلال بهذه الآية لورد الإشكال, ولكن الإمام ليس بصدد إثبات وجوب الخمس بهذه الآية بل بصدد ما ذكره وهو >فأحببت أن أطهرهم وأزكيهم بما فعلتُ في عامي هذا من أمر الخمس< هذا فعلته لأجل ماذا؟ لأجل التطهير, كما كان النبي’ يفعل ذلك في الزكاة لأجل التطهير. هذا هو المقطع الثاني وجواب الأعلام عليه.

    المقطع الثالث: هذا المقطع الثالث أعقد من المقطعين السابقين, المقطع الأول والمقطع الثاني الآن بشكل أو بآخر يمكن الدفاع عنه, قال الإمام: >ولم أوجب ذلك في كل عام< هذا المقطع الثالث >ذلك< ماذا؟ يعني أمر الخمس, لأنه قال: >بما فعلتُ في عامي هذا من أمر الخُمس ولم أوجب ذلك عليهم في كل عامٍ< بل مرتبط بهذا العام الذي أنا فيه, ولا أوجب عليهم< >ولم أوجب ذلك عليهم في كل عامٍ< هذا الذي أوجبته من الخُمس ليس في كل عام وإنما ماذا؟ الآن أعزائي هذه النكات التفتوا إليها, إذا كان الخمس من التشريعات الثابتة هل هو بيد الإمام أن يوجبه وأن لا يوجبه في هذا العام في كل عام ما أوجبه؟ هذه أحفظوها هذه بعد ذلك سنرجع إلى الرواية لفهمها لإعطاء قراءة أخرى غير هذه القراءة المتعارفة لها, لأن هؤلاء الآن بصدد إثبات وجوب الخمس في أرباح المكاسب بنحو التشريع الثابت, طيب إذا كان تشريعاً ثابتاً هل هو بيد الإمام أن يضعه وأن يضعه؟ يعني الإمام هل يحق له أن يقول الزكاة في هذه السنة أوجبه أو في هذه السنة لا أوجبه؟ أصلاً ممكن هذا؟ >ولم أوجب ذلك عليهم في كل عامٍ ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرض الله عليهم< يعني الزكاة المتعارفة, إذن ماذا أوجبت علينا في هذه السنة يا ابن رسول الله على شيعتك؟ قال: >وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول ولم أوجب ذلك< يعني الخمس >في متاعٍ ولا آنيةٍ ولا دواب ولا خدم ولا ربحٍ ربحه في تجارة ولا ضيعة تخفيفاً مني عن مواليّ ومنّاً مني عليهم لما يغتال السلطان من أموالهم ولما ينوبهم في ذاته< إذن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) يقول وضعت الخمس في هذه السنة فقط في ماذا؟ في الذهب والفضة إذا حال عليهما الحول.

    السؤال هنا: هذه الإشكالية التي أشرنا إليها في أول البحث وهو أنه الذهب والفضة إذا حال عليهما الحول إنما تجب فيهما الزكاة ولا يجب الخُمس ما هو الجواب؟

    الجواب الأول: وهو الجواب الذي ذكره السيد الخوئي, السيد الخوئي قال أساساً إنما أوجب الإمام الخمس في الذهب والفضة لا بعنوان الذهب والفضة بل باعتبار أنه من أرباح المكاسب, إنما وجب الخمس في الذهب والفضة لا بعنوانهما -عنوان الذهب والفضة- بل باعتبار أنه الذهب والفضة أيضاً قد يكون الإنسان يدخل في الأرباح والفوائد فيجب فيهما الخمس, ولهذا الإمام× قال في هذه السنة أنا فقط أوجب الخمس في الفوائد التي هي الذهب والفضة ولا أوجبه لا في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم ولا ربح ربحه في تجاة ولا ضيعة إلى آخره, الإمام خصص وجوب الخمس في هذه الأرباح والفوائد ما هي؟ التي هي الذهب والفضة. هذا المعنى بشكل واضح وصريح في ص202 من المستند يشير إليه هذه عبارته, يقول: >أريد من الذهب والفضة ما كان بنفسه مورداً للخمس كما لو وقع ربحاً في تجارةٍ كما هو غير بعيدٍ إذ عليه يكون هذا استثناء عمّا ذكره من السقوط في الأرباح, الإمام كان يريد أن يُسقط الخمس عن الأرباح في سنته تلك, واستثنى الذهب والفضة, >فأسقط× الخمس عن كل ربحٍ ما عداهما فيجب فيهما بعد حلول الحول لا بعنوانهما الأولي يعني بما هما ذهب وفضة بل بما أنهما ربحٌ في تجارةٍ ولا ضير في ذلك أبداً كما هو ظاهر<.

    السؤال الأول: هذا الجواب تامٌ أو لا؟ الجواب: أن هذا الجواب فيه إشكالان:

    الإشكال الأول: إذن الإمام في هذه السنة كان بصدد إيجاب الخمس, أو بصدد التخفيف في الخمس؟ بناءً على هذا التفسير, أن الإمام كان بصدد إيجاب الخمس في هذه السنة وهي سنة شهادته, أو كان بصدد التخفيف في سنة شهادته أي منهما؟ من الواضح كان بصدد التخفيف مع أن ظاهر الرواية كان بصدد الإيجاب, لو كان الإمام يريد أن يقول بأنه يا شيعتي كل سنة واجب عليكم ولكن هذه السنة ليس واجب عليكم, طيب فلا يحتاج إلى أن يقول الإمام >ولم أوجب وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه< لان الخمس في كل سنة واجبٌ ما يحتاج أن يقول >أوجبت عليهم< الإمام كأنه يريد أن يعطي خصوصية لهذه السنة, إيجاب يريد أن يجعل في هذه السنة ولكن على تفسير السيد الخوئي هو يوجد إيجاب في هذه السنة أو يوجد تخفيف في هذه السنة؟ تخفيف في هذه السنة.

    إذن هذا التفسير لا ينسجم مع ظاهر عبارة الإمام التي هي بصدد إيجاب الخُمس في هذه السنة, لا بصدد التخفيف, نعم بعد ذلك يقول: >ولم أوجب عليهم في متاعٍ وفي آنية< ذاك التخفيف يقوله ولكن العبارة الأولى ماذا تقولون >وإنما أوجبت عليهم الخمس في سنتي هذه في الذهب والفضة< مع أن مقتضى القاعدة هو أنه يوجد فيها خُمس لا يحتاج إلى أن الإمام يقول >وإنما أوجبت في سنتي هذه<.

    إذن تفسير السيد الخوئي ظاهره التخفيف وهو ينافي ظاهر الرواية الذي هو لإثبات الإيجاب لا للتخفيف, هذا أولاً.

    وثانياً: ينافي المقطع الذي بعده مباشرة, لأن الإمام قال: >ولم أوجب ذلك عليهم في متاعٍ ولا آنيةٍ ولا دواب< ثم قال: >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبةٌ عليهم في كل عام< طيب الآن المتاع والآنية والدواب والخدم والربح والتجارة والضيعة هذه ليست من الفوائد, كيف أن الإمام× يقول قبل سطرين خففت ثم يقول هي واجبة الفوائد هي واجبة في كل عامٍ, أليست تلك من مصاديق الفوائد؟

    إذن أولاً: هذا التفسير الذي ذكره السيد الخوئي أولاً: ظاهره التخفيف وهو ينافي ظاهر الرواية الذي هو للإيجاب. وثانياً: ينافي هذا ما سيأتي بعد سطر أو سطرين أن الإمام كل الفوائد يقول: يجب فيها الخمس في كل عام, فهذا التفسير غير تام.

    الجواب الثاني عن هذه المشكلة: هو أنه ما ذكره بعض المعاصرين, قال بأنه أساساً هذا الخمس الوارد في صدر الرواية, الذي أوجبه على الذهب والفضة, وما ذكره في آخر الرواية وهو نصف السدس, هذا ليس هو الخمس المصطلح, الآن أنا ما أدري يرون الأعزة التكلفات التي واقعين فيها الأعلام حتى يصححوا هذه الرواية, مع أن الإمام ماذا يقول؟ الإمام بشكل واضح وصريح يقول: >في عامي هذا من أمر الخمس, وإنما أوجبت عليهم الخمس< ونحو ذلك, يقول مراد الإمام من الخمس يعني مطلق الصدقة, مطلق الصدقة واجبة, نعم ما ورد >فأما الغنائم والفوائد فهي واجبة في كل عام< هي الخمس المصطلح, أما صدر الرواية وذيل الرواية مرتبطة بوضع صدقةٍ خاصة مقدارها الخمس لا الخمس المصطلح, مقدارها من حيث الكمية هي أي مقدار؟ أنه في صدر الرواية مقدارها الخمس وفي ذيل الرواية مقدارها نصف السدس, هذه ضريبة إضافية صدقة إضافية.

    سؤال: لماذا أنه خصص هذه الضريبة الإضافية بالذهب والفضة, مع أن الذهب والفضة بمقتضى القاعدة يجب فيهما الزكاة ونصاب الزكاة معلوم, يقول: نعم, كأن الإمام× من صدر الرواية وذيل الإمام واضح أنه يريد أن يقول أنه أنتم يا شيعتي لسنين متعددة أنتم مطلوبين لي بحقوق فأنا أريد أن أصالحكم فقط في الذهب والفضة آخذ منه خمس حتى يحل الباقي. لماذا خصوص الذهب والفضة؟ يقول: باعتبار عموماً الغلاة وغيرها الدولة تأخذ ضرائب الزكاة منها, أما الذهب والفضة فهي قابلة لأن تُرى من قبل الدولة تخفى من الدولة فلا تؤخذ منها الضرائب فالإمام وضع هذه الضريبة وهي مقدار الخمس وليس فريضة الخمس مقدار الخمس على الذهب والفضة باعتبار أن السلطان عادةً يستطيع أن يأخذ منها الزكاة أو لا يستطيع؟ لا يستطيع أن يأخذ.

    وبهذا ترتفع الإشكالات, لو كان الخمس الاصطلاحي تقولون كيف وضع الخمس فيما لا يجب فيه إلا نصاب الزكاة, نقول ليس هو الخمس الاصطلاحي وإنما هو قدر الكمية الخمس, وهكذا بالنسبة إلى نصف السدس ليس هو الخمس الاصطلاحي وإنما هي ضريبة إضافية وضعها الإمام لظروف خاصة, تقول له بأي قرينة هذا الكلام, يعني أنه هذا الحمل حمل بعيد عن الظاهر؟ يقول: مجموعة من القرائن موجودة في الرواية.

    القرينة الأولى: أن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) استدل بآية الصدقة إذن يريد أن يقول ليس الخمس الاصطلاحي وإنما هي صدقة من الصدقات أعمل فيها ولايته الخاصة.

    القرينة الثانية: أنها وضعها فيما لا يجب فيها الخمس الاصطلاحي وهي الذهب والفضة.

    القرينة الثالثة: أن الإمام كل تعبيراته منصبة على هذه النكتة وهو أنه كله يعبر أوجبت أوجبت, إذن يتبين أنها مرتبطة بحيثية البعد التشريعي الثابت في الإمام أو البعد الولائي في الإمام؟ في بعده الولائي. إذن لا نستطيع أن نتكلم لا عن الخمس الاصطلاحي ولا عن الزكاة الاصطلاحية, وإنما نتكلم عن صدقةٍ يرى ولي الأمر بالمعنى العام لاعتبارات معينة.

    أقرأ لكم العبارة من هذا الكتاب الذي هو لصاحبه, العبارة هذه, يقول: >ولعلّ مراده× -أقرأ لكم نص العبارة- ولعلّ مراده× بالخمس الذي أوجبه في سنةٍ خاصّة في الذهب والفضة التي قد حال عليهما الحول هو الزكاة, لكن لا الزكاة الاصطلاحية وإنما الزكاة بمعنى مطلق الصدقة مطلق الضريبة ضريبة إضافية, لماذا فعل الإمام ذاك؟ يقول: >حيث أن شيعته× قصّروا في أداء زكاتهما< يعني أداء زكاتهما الاصطلاحية تلك ما أعطوه حقه, كما هو صريح الرواية >والزكاة تتعلق في كل سنةٍ فصالح الإمام في زكاتهما< زكاة الذهب والفضة الذي هؤلاء تخلفوا عن أدائها للإمام >فصالح الإمام في زكاتهما في السنوات المتعددة التي قصّروا فيها< صالح على ماذا؟ >صالح على أداء خمسهما< يعني خمس الذهب والفضة. قالوا اعطوني هذه السنة أنتم خمس وتلك الذي لم تعطوني الذي لكل سنة كان ينبغي أن تعطون فأعمل معكم مصالحة, طيب هذا البيان هذا الوجه يحتاج إلى قرينة وشاهد, قال: >والشاهد على ذلك ذكر آية الزكاة وذكر آية الصدقات ثم قوله بعد ذلك ولم أوجب عليهم ذلك في كل عام< هذا الخمس الذي أنا وضعته على الذهب والفضة فليس كل سنة آخذ من الذهب والفضة خُمس, فقط في هذه السنة حتى أطهركم >ولا أوجب عليهم< يعني في غير هذه السنة >إلا الزكاة التي فرضها الله عليهم< في باقي السنين لا أأخذ منهم إلا الزكاة.

    الآن أنا ما أدري الإمام× رسالة يريد أن يوجهها إلى عموم شيعته حتى يعملوا بهذه الرواية, الآن يكون فيها هذا التعقيد وهذا التشابك وهذا الاضطراب وهذا التنافي و… إلى آخره, لماذا؟ إلا أن يقال بأنه أساساً الذي كتب الرسالة ليس الإمام× الإمام قال شيء وغيره كتب الرسالة بالمضمون والمعنى ونقلت على لسان الإمام.

    >وقوله ولا ربح في ربح مع أن الربح ممّا يجب فيه الخمس المصطلح< يقول تلك أنا ما أوجب فيها الزكاة >ويكون مشمولاً لقوله بعد ذلك فأما الغنائم<.

    سؤال: ما وجه تخصيص الذهب والفضة بجعل مقدار الخمس عليهما لا غير؟ يقول: >ووجه تخصيص الذهب والفضة بأخذ الزكاة أن خلفاء الوقت كان يأخذون الزكوات منهم من الأموال الظاهرة التي هي الغلاة والبساتين وغير ذلك الذي الإمام× يقول أما الغلاة فأبينها بعد ذلك لك< وهو أنه يأخذ منه نصف السدس لا أكثر, يقول: >فقبلها الإمام تخفيفاً وأما الذهب والفضة فلما لم تكونا من الأموال الظاهرة لم يكن لعمال الزكوات إليها سبيلٌ فطالب الإمام زكواتهم تطهيراً لأموالهم وتوسعة لفقراء الشيعة وحفظهم من الشدة التي كانت تنتظرهم بوفاة الإمام فإن سنة عشرين ومئيتن كانت سنة شهادته وهذا هو الذي لم يحب الإمام انتشاره قبل وقوعه وبما ذكرنا يرتفع الإشكالات الموردة على الصحيحة ويتعين العمل بمضمونها. أما الأول صدر الرواية فليست هي الخمس المصطلح حتى نقول لماذا وضعت فيما لا يجب فيه الخمس بل هي ضريبة إضافية يعني زكاة ولكن مقدارها الخمس, لماذا؟ باعتبار أنه يريد أن يصالح وأما الضيعة باعتبار أنها صدقة إضافية هي مقدارها نصف السدس<.

    هذا المعنى لعله هو الذي أيضاً اختاره السيد الحكيم في مصباح المنهاج هناك في ص176 و177 أيضاً هذه عبارته يقول: >لكنّه< بعد أن يذكر الإشكال يقول: >مع أن الواجب في الذهب والفضة الزكاة لكنه يندفع بأن عدم وجوب غير الزكاة فيهما بأصل التشريع لا ينافي إيجابه الخمس في خصوص تلك السنة بمقتضى ولايته العام للعلة التي ذكرها في صدر الحديث وهو أجبنيٌ عن الخمس الثابت بأصل التشريع الذي هو محل الكلام, بل هو من سنخ الصدقة كما يناسبه العلة المذكورة والاستدلال بآيتي الصدقة< نفس العبارات التي قراناه >والاستدلال بآيتي الصدقة وقوله ولا أوجب عليهم إلا الزكاة التي فرضها وأما ما فهمه …< إلى آخره.

    هذا هو الوجه الثاني الذي ذكره بعض المعاصرين.

    الآن هذا الوجه كافٍ لدفع هذه الإشكالية أو التساؤل عن هذه الرواية أو لا. يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/09
    • مرات التنزيل : 1826

  • جديد المرئيات