نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (178)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    انتهى البحث في الرواية الرابعة, وقبل الدخول في الرواية الخامسة بودي أن أشير إلى نكتة وهو أنه قد يقول البعض بأنه إذا كان مسلككم هو الاعتماد على المنهج الدلالي والمضموني فلماذا تعتنون بالسند وصحة السند.

    الجواب عن ذلك بنحو الإجمال هو: أنّه لا يوجد هناك تقاطع وتضاد بين المنهج المضموني والمنهج السندي, من الواضح أن الرواية إذا كانت من حيث السند صحيحة بالإضافة إلى صحة وتمامية المضمون فيكون من قبيل نور على نور, فإنه مع تمامية المضمون أيضاً السند صحيح نور على نور, نعم نحن قلنا أن المضمون لا نسقطه مطلقاً بمجرد ضعف السند, إذا كان السند ضعيفاً ليس معناه إذن بالضرورة أن المضمون باطلاً, لا قد يكون المضمون صحيحاً, هذا أولاً.

    وثانياً: أن ذاك الذي أشرنا إليه من أننا نعتمد المنهج المضموني فإنهما هو في الأمور العقائدية لا في الأمور الفقهية أو في الأمور التعبدية, وعلى هذا الأساس نحن الآن نتكلم أن الخمس في أرباح المكاسب هل هو واجب أو ليس بواجب, تارة أن الدليل على ذلك قرآني ونحن لم يثبت عندنا بدليل قرآني وجوب الخمس في أرباح المكاسب, وإنما ذهبنا إلى النصوص الروائية لنرى بأن الخمس في أرباح المكاسب هل هي واجبة أم لا؟ عندما راجعننا ووقفنا عند الروايات وجدانا أن الخمس واجب في أرباح المكاسب ولكن بنحو الحكم الولائي لا بنحو الحكم الأصيل الذي هو جزءٌ من أجزاء الشريعة. وبينا هذا المعنى بشكل واضح ومفصل في الابحاث السابقة.

    أما الرواية الخامسة: وهي الرواية الواردة في التهذيب للشيخ الطوسي المجلد الرابع في ص122, رقم الرواية 348 بحسب التسلسل والباب باب الخمس والغنائم الرواية الخامسة من الباب, الرواية: >عنه, عن محمد ابن الحسين -يعني عن الشيخ الطوسي- عن محمد ابن الحسين عن عبد الله ابن القاسم الحضرمي عن عبد الله ابن سنان قال: قال: أبو عبد الله الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس< أتصور الرواية واضحة, >على كل امرئ< افترضوا أنه غنم لا تدل على المطلوب على الفرض باعتبار أن الغنم والغنيمة قلنا لا تشمل الأرباح ولكن الإمام× عطف عليها >أو اكتسب< من الواضح أن الكسب التجارة الصناعة الزراعة هذا كله يدخل في عنوان الكسب. >على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب< من الذي أصابه وحصل عليه وربحه ونحو ذلك فلابد أن يعطي الخمس, >الخمس مما أصاب< لمن هذا الخمس يعطى >قال: لفاطمة÷ ولمن يلي أمرها من بعدها من ذريتها الحجج على الناس فذاك لهم خاصّة يضعونه حيث شاؤوا إذ حرم عليهم الصدقة<.

    هذه الرواية كم خصوصية فيها:

    الخصوصية الأولى: أن الرواية أثبتت الخمس في أرباح المكاسب من خلال الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) الرواية عن الإمام الصادق, الروايات السابقة التي قرأناها عموماً كانت من الإمام الجواد× فصاعداً الإمام الهادي وبعد ذلك, أما الرواية عن الإمام الصادق لم تكن عندنا إلا هذه الرواية التي الآن قراناها.

    الخصوصية الثانية: أنها واضحة الدلالة على أنها توجب الخمس مما اكتسبه الإنسان, ومن الواضح أن عنوان الاكتساب أعم بكثير من عنوان الغنيمة.

    إذن هذه الرواية من حيث المدلول والدلالة والمضمون واضحة أنها توجب الخمس. نعم, هذه الرواية لا تبين لنا أن هذا الخمس الواجب هل هو بعنوان فريضة ثابتة أو أنه بعنوان حكم ولائي الرواية ساكتة عن هذه الجهة, تكون الصحيحة الأولى مفسرة لهذه الرواية أن الخمس ببركة تلك الصحيحة الأولى صحيحة علي ابن مهزيار التي ميزت بين نوعين من الخمس نستطيع أن نقول أن هذا من قبيل ذلك الخمس يعني تلك الرواية تكون مفسرة لهذه الرواية من هذه الجهة.

    والخصوصية الثانية التي أشرنا إليها أنه يظهر أن خمس أرباح المكاسب أيضاً من زمن الإمام الصادق كان موجود, نعم, نحن قبل الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) لا توجد عندنا رواية واضحة الدلالة وصحيحة السند على أنه يجب الخمس في أرباح المكاسب والتجارات أو فاضل المؤونة.

    هل أن هذه الرواية صحيحة يمكن الاعتماد عليها أو لا يمكن بحسب الموازين السندية هل هي تامة سنداً أو ليست كذلك؟

    المشكلة الموجودة في هذه الرواية هي مرتبطة بعبد الله ابن القاسم الحضرمي, هل هو ثقة أو لا, هل هو مشترك أو لا؟

    في الحضرمي يوجد بحثان أعزائي: البحث الأول: وهو أن الحضرمي هل هو واحد أم مشترك, يعني يوجد شخصان بهذا الاسم أو شخص واحد بهذا الاسم وإن تعددت ألقابه.

    المشهور بين الرجاليين والذين ترجموا للرجال أو في الرجال في علم الرجال أنهما اثنان مشتركٌ, ولذا في هداية المحدثين كما أشرنا بالأمس في هداية المحدثين في ص205 هذه عبارته, يقول: باب عبد الله ابن القاسم المشترك بين جماعة لا حظ لهم في التوثيق< الآن هذا نظر من؟ هذا نظر الكاظمي, الآن بعد ذلك سيتضح أنه له حظٌ من التوثيق أو ليس له ذلك؟ باعتبار الروايات الواردة عن عبد الله ابن القاسم ليست قليلة لعله تتجاوز المائة روايات في مختلف الأبواب >المشترك بين, ويُعرف أنّه ابن القاسم الحارثي< نحن عندنا اثنين عبد الله ابن القاسم الحارثي وعبد الله ابن القاسم الحضرمي, والآن نتكلم في هذه الرواية عن الحضرمي لا عن الحارثي, كيف نميز بينهما إذا كانا مشتركين؟ قال: >إنه ابن القاسم الحارثي يُعرف برواية محمد ابن خالد البرقي عنه, والحضرمي يُعرف برواية عبد الله ابن عبد الرحمن عنه, ورواية محمد ابن الحسين عنه< ولعل هذا أعزائي هو المشهور بين علماء الرجال.

    ولذا السيد الخوئي+ في معجم رجال الحديث المجلد العاشر في ص283 من المجلد العاشر تحت الترجمة 7064 و7065 يترجم معهما معاً يعني لعبد الله ابن القاسم الحارثي ولعبد الله ابن القاسم الحضرمي, جيد, هل هما معاً ثقة هل هما معاً غير ثقة أو أن أحدهما ثقة دون الآخر؟ إذا كان كلاهما غير ثقة فلا نحتاج إلى التمييز لأنه في كليهما فهو غير ثقة, أو إذا كان كلاهما ثقة أيضاً لا نحتاج إلى التمييز لأنه كلاهما ثقة, ولكن المشكلة أن بعض الأعلام ومنهم السيد الخوئي على بعض مبانيه ذهب إلى توثيق أحدهما وعدم توثيق الآخر, أما فيما يتعلق بعبد الله ابن القاسم الحارثي قال: >وعلى هذا الأساس أقول لم يظهر من النجاشي ضعف عبد الله في الحديث< لأنه هو ينقل عن النجاشي عبد الله ابن القاسم الحارثي ضعيف غال كان فلان إلى فلان, هو يقول بأن هذه العبارة لا تدل على ضعفه في الحديث وإنما ضعّفه في نفسه المهم. إذن لا معارض لتوثيق ابن قولويه, باعتبار أنه رأي السيد الخوئي مبانا سابقاً كان على توثيق على كل من جاء ذكره في كامل الزيارات, وأنتم تعلمون بأنه الذين ورد اسمهم في كامل الزيارات كثير ومنهم من؟ عبد الله ابن القاسم الحارثي, وعلى هذا الأساس يقول: >إذن فلا تعارض لتوثيق ابن قولويه فلا مناص من الحكم بوثاقته< وثاقة من؟ وثاقة الحارثي.

    أما عندما يأتي إلى الحضرمي الذي هو محل الكلام, يقول: >إنه أيضاً ورد توثيق له في كامل الزيارات ولكن توثيق ابن قولويه معارضٌ بتضعيف النجاشي فالرجل بالتعارض تسقط وثاقته فلم تثبت وثاقته< لا أنه ثبت ضعفه التفتوا.

    إذن الحارثي ثبتت وثاقته, والحضرمي لم تثبت وثاقته لا أنه ثبت أنه ضعيف, وفرقٌ كبير بين أن نقول أن الرواية ضعيفة وبين أن نقول أن الرواية لم تثبت حجتها ووثاقتها, أعزائي هذا كله على مبنى السيد الخوئي+ في الرأي الذي كان يسير عليه إلى أواخر حياته وهو أن كل من جاء ذكرهم في كامل الزيارات فهم ثقات.

    أقول: إنما ذكره متين فيُحكم بوثاقة من شهد جعفر ابن محمد ابن قولويه بوثاقته اللهم إلا أن يبتلي بمعارضٍ وهنا في الحضرمي ثبت له معارض وقد زعم بعضهم, هذا هو الرأي الأول.

    إذن على الرأي الأول السيد الخوئي الذي يرى بأن كل من في كامل الزيارات ثبتت وثاقتهم أعم من أن يكونوا شيوخه أو في سلسلة السند, فالرواية إذا كان حارثي فهو ثقة إذا كان حضرمي فهو لم تثبت وثاقته للتعارض.

    ولكن كما تعلمون والأعزة يعلمون السيد الخوئي رجع عن مبانه هذا وقال: بأن ما ثبتت وثاقته بكلام ابن قولويه في مقدمة الكتاب إنما تثبت وثاقة شيوخه فقط لا أكثر من ذلك وشيوخه لعله لا يتجاوز عددهم عن ثلاثين شيخاً, طبعاً يكون في علمكم, الآن لماذا ذهب الأعلام إلى هذا؟ حتى يخرجوا كلام ابن قولويه عن اللغوية, قالوا بأنه إذا لا شيوخه ولا الإسناد إذن هذا الكلام يكون لغواً, حتى لا تثبت لغوية كلام ابن قولويه قالوا أن شيوخه القدر المتيقن ثبتت وثاقتهم. طيب بناءً على ذلك فلا يوجد عندنا توثيق لمن؟ لا للحارثي ولا للحضرمي, بل يوجد عندنا تضعيف لهما الأول ضعفه فلان والثاني ضعفه ماذا؟ فالرواية هي ضعيفة سواء كان الحضرمي أو كان الحارثي.

    هذا كله أعزائي بناءً على أنهما شخصان الحارثي والحضرمي.

    هناك اتجاه آخر في كلمات أعلامنا الرجاليين يرون بأنهما شخص واحد متحد وإنما الاختلاف في اللقب وإلا الحضرمي هو الحارثي والحارثي هو الحضرمي. وهذا ما اختاره التستري في قاموس الرجال في هذه الطبعة مؤسسة النشر الإسلامي, المجلد السادس ص555 بعد أن ينقل أنه إنهما اثنان يقول: >أقول بل التحقيق اتحادهما وأن الحارثي هو الحضرمي وأن الحضرمي هو الحارثي ولا فرق بينهما, ويشهد للاتحاد أيضاً< يذكر مجموعة من القرائن لإثبات أنهما شخصٌ واحد.

    أعزائي الآن تعددهما واتحادهما بناءً على عدم حجية كل ما في كامل الزيارات فلا يفرق كثيراً لماذا؟ لأنه كانا اثنين أو كانا شخصاً واحداً مع اختلاف اللقب فكلاهما ضعيف, وهذا الذي قاله الكاظمي في >هداية المحدثين, قال: مشترك في عدم التوثيق< كلاهما غير ثقة.

    إذن الرواية أعزائي التي كانت واقعاً فيها نكتة إضافية وهي النكتة المهمة وهي أن الرواية عن من؟ عن الإمام الصادق× بحسب الموازين السندية هذه الرواية تامة أو غير تامة؟ غير تامة, إذن إثبات أن خمس أرباح المكاسب كان من زمن الإمام الصادق× واحدة من هذه الروايات أي رواية؟ هذه الرواية وهي غير تامة سنداً.

    إذن إلى هنا نحن استطعنا أن نثبت هذا الخمس لأنكم تعلمون فيما سبق كنا نقول أن هذا الخمس خمس أرباح المكاسب بدأ من زمان الإمام الصادق إلى الآن لم يثبت عندنا بطريق صحيح حتى من زمن الإمام الصادق ولا من زمن الإمام الكاظم, نعم لعله من زمن الإمام الجواد والهادي ثبت عندنا, طبعاً توجد روايات أخرى إن شاء الله بعد ذلك سنأتي ونقف عندها.

    إذن هذه الرواية لا تثبت لنا هذه النكتة, أي نكتة؟ نكتة أن الرواية ثابتة أو أن الخمس ثابت من زمن الإمام الصادق×. فالرواية من هذه الجهة ضعيفة السند.

    من هنا تجدون بأن العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار الذي هو في فهم تهذيب الأخبار, المجلد الثالث ص341 هذه عبارته بعد أن ينقل الرواية, الرواية عن الحضرمي عن فلان قال: >الحديث الخامس ضعيف< واتضح وجه الضعف أنه الحضرمي والحضرمي لا أنه يوجد فيه توثيق معارض بالتضعيف لا لا, وإنما هو فيه تضعيف من غير معارضة بالتوثيق إلا على المبنى الأول الذي اختاره السيد الخوئي.

    طبعاً يكون في علم الإخوة أن المبنى الأول غير صحيح عندنا, الصحيح هو المبنى الثاني الذي اختاره السيد الخوئي مؤخراً وهو أنه أساساً فقط يثبت وثاقة شيوخ ابن قولويه لا أكثر من ذلك. فالرواية يعبر عنها العلامة المجلسي بأنها ضعيفة.

    وكذلك في >مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام< للسيد محمد العاملي المجلد الخامس ص382 هذه عبارته, قال: >وأما الروايات فلا يخلو شيء منها من ضعف في سندٍ أو قصورٍ في دلالة, أما الرواية الأولى – وهي الرواية التي للحضرمي- أما الرواية الأولى فلأن من جملة رجالها عبد الله ابن القاسم< الآن قبل أن نبين أنه نحن استبقنا البحث, قبل أن نأتي إلى إثبات ضعفها كما هو واضح وهو أنه سواء كان مشترك أو غير مشترك أن الرجل ضعيف أو ليس بضعيف.

    أعزائي يوجد كتاب في هذا المجال من الكتب الجيدة الإخوة فليكن هذا الكتاب بأيديهم لأنه فيه تحقيقات جيدة وهو >الضعفاء من رجال الحديث< في ثلاث مجلدات للشيخ حسين الساعدي, الإخوة الذين كانوا قبل لعله عشر سنوات أو أثنى عشر سنة كان الشيخ الساعدي من خيرة طلابنا في هذا المجال هو, وكثيراً ما كان يراجعنا في هذه المجالات, وعنده كتاب قيم وهو >الضعفاء من رجال الحديث< في ثلاث مجلدات وعنده كتاب آخر الإخوة إذا استطاعوا أن يحصلوا عليه وهو >المعلى ابن خنيس< في كتاب كبير في إثبات وثاقة المعلى ابن خنيس, المجلد الثاني من هذا الكتاب في ص293 بعد أن يبحث الأقوال في أنهما واحد أو اثنان يأتي إلى عبد الله ابن القاسم الحضرمي قال: >أقوال العلماء فيه قال: الكشي في ترجمته المفضل ابن عمر وعبد الله ابن القاسم أنه من أهل الارتفاع< هذا اصطلاح كان يقال للمغالين, >والنجاشي قال: كذّابٌ غالٍ يروي عنه الغلاة لا خير فيه ولا يُعتد بروايته, وقال ابن الغضائري: كوفيٌ ضعيفٌ غالٍ متهافت, وقال: العلامة في الخلاصة في القسم الثاني من الخلاصة وابن داوود في الجزء الثاني من رجاله والجزائري في القسم الرابع من رجاله المختص برواة الضعفاء وضعفّه المجلسي في رجاله -كما قرأنا- وكذلك البهبودي جعله في الضعفاء وأسقط رواياته عند تحقيقه للكافي<.

    إذن تقريباً الكلمات تقريباً مجمعة على ضعف الحضرمي, اللهم إلا أن يقال: أن هذا التضعيف صدر من القميين لأنه مبانيه الكلامية لا تنسجم ماذا؟ وهذا يحتاج إلى تحقيق مستقل لمعرفة أنّه واقعاً التضعيف منشأه المباني الكلامية أو أن الرجل واقعاً في نفسه كان كذّاب غالي إلى غير ذلك, ثم المهم هذا, يقول: >له عدّة روايات منها ثلاث وستون رواية في الكتب الأربعة وخمس عشر رواية في بصائر الدرجات وأربع روايات في المحاسن وثلاث في الإمامة والتبصرة وعشر روايات في كامل الزيارات, وأربع روايات في مختصر البصائر والصدوق نقل له أربع روايات في الخصال ومعاني الأخبار والأمالي وثلاث في علل الشرائع وروايتين في ثواب الأعمال وكمال الدين وواحدة في كتاب التوحيد, وروى له الطبري الشيعي لا الطبري السني, أربع روايات في دلائل الإمامة وروايتين في نوادر المعجزات< طبعاً في الحاشية كلها المصادر والروايات مبينّة أنها أين, ولذا واقعاً الإنسان إذا يريد أن يحقق هي رسالة تصير أنه الحضرمي مشكلته في الآراء الكلامية التي كان يطرحها أو كانت عنده مشكلة أخرى.

    المهم, أنه من خلال هذه الكلمات تتضح بشكل واضح وصريح بأن الرجل غال وكذّاب وضعيف إلى غير ذلك, ولذا قرأنا أن المجلسي قال أنه ضعيف, وكذلك السيد العاملي في مدارك الأحكام قال عنه ضعيف.

    ولكن عندما نصل إلى المختلف للعلامة في الجزء الثالث ص185 يقول هذا التعبير, يقول: >وما رواه عبد الله ابن سنان< يعبر عنها بأنها رواية, المختلف >مختلف الشيعة الجزء الثالث ص185< أما عندما يأتي إلى التذكرة عبارته لا تخلو من واقعاً, المهم على المبنى ما أدري كيف الإخوة ينظرون إلى أنه, عبارته في >تذكرة الفقهاء المجلد الخامس ص421 يقول: >الصنف الخامس أرباح التجارات والزراعات والصناعات وسائر الاكتسابات -يعني فاضل المؤونة- يقول: >الدليل على ذلك عند علمائنا كافة خلافاً للجمهور لعموم {واعلموا أنما غنمتم} وللتواتر المستفاد من الأئمة قال الصادق×: على كل امرئ< بضرس قاطع ينسب الرواية لمن؟ إلى الإمام الصادق×, هذا معناه أنه بالنسبة إليه كانت الرواية ثابتة أنها عن الإمام الصادق, وإلا إذا كان بحسب الموازين كما قرأنا عنه في المختلف كان يقول لرواية عبد الله ابن سنان, أما لا أن يقول ماذا؟ نسبة القول بضرس قاطع إلى الإمام معناه أن الطريق بالنسبة إليه, والذي يشهد على صحة ما قلناه نحن كتاب المنتهى ما كان عندنا والذي يشهد على صحة ما استفدناه من تذكرة الفقهاء عبارته في منتهى المطلب المجلد الثامن ص537 قال: >روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان< فيعبر عن الرواية بأنها صحيحة, الآن على أي أساسٍ صحيحة إذا بحسب الموازين الرجالية فالكل قال ماذا؟ إلا إذا بنينا على صحة ما ورد في كامل الزيارات, على ذلك أيضاً معارض بالتضعيف يعني ذاك التوثيق معارض بالتضعيف فعلى أي أساسٍ يكون هذا الرجل صحيح وثقة واقعاً يحتاج إلى تأمل لمراجعة هذا الكلام, وتبعه في اعتقادي لعله تأثراً به أن المحقق الأردبيلي أو المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان المجلد الرابع ص311 هذه عبارته, يقول: وبالروايات لإثبات وجوب فاضل المؤونة, قال: >وبالروايات مثل صحيحة عبد الله ابن سنان قال, قال: أبو عبد الله× على كل امرئ غنم أو اكتسب الخمس مما أصاب, مثل صحيحة عبد الله ابن سنان<, طيب الآن إما أن يقال حققوا ووجدوا أن الرواية صحيحة ولكنّه بأي طريق حققوا, إذا كتب الرجالية هذه بأيديكم, وأما لا, قرأ ذلك في المنتهى للعلامة عبر عنها صحيحة فاقتداء به وتبعه أيضاً عبر عنها بالصحيحة.

    المهم أعزائي هذه الرواية من حيث الموازين السندية الموجودة بأيدينا هذه الرواية لا يمكن الاستناد إليها باعتبار أنه لم يتم سند صحيح لها.

    الرواية السادسة الواردة في المقام:

    في هذه الرواية السادسة لا يوجد عندنا بحث كثير ومفصل, في الرواية السادسة, هذه الرواية واردة في الأصول من الكافي الجزء الثاني ص729, الرواية: >علي ابن إبراهيم< يعني الكافي الكليني >عن علي ابن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن الحسين ابن عثمان عن سماعة< فالرواية من حيث السند معتبرة وموثقة عبروا عنها ما تشاءون, الرواية: >سألت أبا الحسن< من الواضح هذه الرواية نافعة جداً لأن الرواية عن الإمام الكاظم× قلنا فيما سبق أنه إذا قيل أبا الحسن وأطلق فينصرف إلى الإمام الكاظم (عليه أفضل الصلاة والسلام), >سألت أبا الحسن× عن الخُمس فقال: في كل ما أفاد الناس من قليل أو كثير< وهذه من الروايات المهمة جداً في وجوب خمس أرباح المكاسب, >كل ما استفاده الناس<. الآن سواء كان هذا في أرباح المكاسب, إذا أخذنا معنى أفاد يعني استفاد, >أفاد الناسُ< فالناس ماذا يكون؟ يكون فاعل أفاد, >كل ما استفاده الناسُ من قليل أو كثير< الآن سواء كان في الكسب أو كان بنحو الهدية أي طريقٍ استفاد شيئاً ففيه الخُمس.

    إذن هذه الرواية أولاً: خصوصيتها من حيث السند أنها معتبرة سنداً, ثانياً: أنها من الإمام من؟ من الإمام الكاظم (عليه أفضل الصلاة والسلام) ثالثاً: أنها مطلقة وعامّة من الاستفادة >في كل ما أفاد الناسُ من قليل أو كثير< الآن يبقى هذا الكلام أن هذا الخمس سيدي أن هذا الخمس الثابت هل هو ثابتٌ باعتبار أنّه جزءٌ من الشريعة أو باعتبار أنه حكمٌ ولائي صادر من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) أي منهما؟ هذه القضية في هذه الرواية مسكوتٌ عنها. على القاعدة لابد أن نفسرها بأي رواية؟ بالرواية الصحيحة الأولى, ولكن هنا توجد إشكالية ما هي؟ وهي: أن الرواية الأولى وهي صحيحة علي ابن مهزيار واردة عن الإمام الجواد, وهذه واردة عن الإمام الكاظم فهل يمكن تفسير المتقدم بما جاء في المتأخر؟ لو كان الإمام الكاظم يؤسس ثم الإمام الجواد يذكر عاماً نفسر كلام الإمام الجواد بما جاء عن الإمام الكاظم.

    ولكنّه أعزائي هناك أصلٌ لابد أن تلتفتوا إليه في كلمات الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) على حد ما نجري هذا الأصل في القرآن الكريم, وهو أن كلمات الأئمة ينظر إليها بعنوان أنها كلامٌ واحد, فلا ينظر إلى هذا متقدم وذاك متأخر, أبداً.. كله ينظر, إلا إذا كان للمتأخر خصوصيات ليست ناظرة إلى المتقدم, ذاك بحث آخر, أو المتقدم له خصوصيات لا علاقة لها, وإلا إذا نريد أن نجري هذا الأصل كثير من المطالب لا نستطيع أن نصل فيها إلى نتيجة, لأن المتقدم يقول شيء والمتأخر يقول شيء آخر.

    ولذا أنتم تجدون في مباحث الإطلاق والتقييد الأعلام لا ينظرون إلى الزمان, لا يقولون بأنه أولاً المطلق وبعد ذلك المقيد, بغض النظر إن المقيد أو المطلق يأتي متقدماً أو أن يأتي متأخراً ينظر إلى هذه الكلمات جميعاً بعنوان أنها كلامٌ واحد, وعلى هذا الأساس أيضاً التفسير يكون تاماً ولا محذور فيه.

    إذن هذه الرواية من الروايات الواضحة الدلالة التي تثبت وجوب الخُمس في أرباح المكاسب, طبعاً هذه الرواية ساكتة أنه يجب إخراج الخمس قبل المؤونة أو إنما يجب إخراج الخمس ماذا؟ بعد المؤونة هذه أيضاً تتبناها روايات أخرى تقول أن وجوب الخمس في أرباح المكاسب ليس كوجوب الخمس افترضوا في المعدن أو وجوب الخمس مثلاً فيما يأخذه في الحرب ونحو ذلك وهو أنه يجب عليه ماذا؟ أو في الهدية الكبيرة إذا تتذكرون قراناها في رواية, قلنا بأن هذا يجب إخراجه, وإلا لا علاقة لها بالمؤونة, بمجرد أن تحصل لابد من إخراج خمسها.

    يعني بعبارة أخرى: هذه الرواية من جهة موضوع وجوب الخمس ساكتة مهملة >يجب الخمس في كل ما أفاده الناس< مطلقا أو يجب إذا زاد على المؤونة, هذا موضوع وجوب الخمس في الأرباح والمكاسب الذي بحثه إن شاء الله بعد ذلك, يعني بعد أن ننتهي من إثبات الحكم ننتقل إلى تحديد الموضوع وأن الموضوع هل هو مطلق الفائدة أو الفائدة بعد المؤونة.

    إذن الرواية مرة أخرى أقرأها, > في كل ما أفاد الناسُ< إذا قراناها بأنها فاعل الناس.

    والبعض احتمال أنه لا أن هذه منصوبة على المفعول >في كل ما أفاد الناسَ< يعني كل ما يفيد الناس يجب, طبعاً على هذه القراءة ما فيها ذاك الوضوح الكامل فيما يتعلق بأرباح المكاسب ولكن هذه القراءة بطبيعتها خلاف ما يتبادر إلى الذهن, ولذا هنا أيضاً عندما حركوها قالوا باسم فاعل >ما أفاد الناسُ من قليل أو كثير<.

    هذا تمام الكلام في الرواية السادسة.

    روايات أخرى ستأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1006

  • جديد المرئيات