نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (182)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    كان الكلام في الرواية الثانية من الروايات التي استدل بها على التحليل, قلنا أن هذه الرواية وردت بطريقين:

    الطريق الأول: وهو الطريق الذي أشار إليه الشيخ في التهذيب, وقلنا أنّه يوجد في هذا الطريق, طبعاً سند الشيخ إلى يونس ابن يعقوب تام, ولكنّه بعد يونس ابن يعقوب يوجد عندنا محمد ابن سنان, الرواية كما قراناها في (التهذيب المجلد الرابع, ص138) الرواية: >سعد عن أبي جعفر عن محمد ابن سنان عن يونس ابن يعقوب قال: كنت عند أبي عبد الله ..< إلى آخره, إذن الرواية بطريق الشيخ يوجد فيها محمد ابن سنان, تعلمون بأن هناك روايات كثيرة وردت عن محمد ابن سنان, أو روايات في طريقها محمد ابن سنان, وهناك كلامٌ كثير وطويل بين الأعلام في توثيق هذا الرجل وتضعيفه. لعله من أفضل أولئك الذين تكلموا في محمد ابن سنان هو العلامة بحر العلوم في كتابه (رجال السيد بحر العلوم) ولذا نحن نحاول بنحو الإجمال أن نقف عندما قاله والأمر بعد ذلك للأعزاء أنهم يقبلون التوثيق أو أنهم يقبلون التضعيف.

    في (رجال السيد بحر العلوم, المجلد الثالث, يبدأ البحث من ص249 إلى حدود ص280) حدود ثلاثين صفحة مهمة, الأعزة يراجعون هذا البحث هناك إن شاء الله, ولكن إجماله: يُعد كما يقول في ص249 >يُعد محمد ابن سنان أبو جعفر الهمداني -الذي قلنا همذاني هو الصحيح- قال -عفواً- الهمْداني >هو كوفي من الطبقة الرابعة والخامسة< طبعاً تعرفون بأن الأعلام قسموا الرواة إلى طبقات, في الحاشية يقول >كل من أدرك عصر الإمام علي ابن أبي طالب والحسن والحسين فهو من الأولى, وكل من أدرك عصر السجاد فهو من الثانية, وكل من أدرك عصر الإمام الباقر فهو من الثالثة, وكل من أدرك عصر الصادق فهو من الرابعة, وكل من أدرك عصر الكاظم والرضا والجواد والهادي فهو من الخامسة, وكل من أدرك عصر العسكري فهو السادسة وكل من أدرك عصر الغيبة الصغرى فهو من الطبقة السابقة< وهذا الرجل يُعد من الطبقة الرابعة والخامسة, هذا أمر.

    الأمر الثاني: أنه وقع اختلاف شديد في محمد ابن سنان وهذا ما يشير إليه في (ص251 من المجلد الثالث) يقول: >وقد عظم الخلاف بين الأصحاب في محمد ابن سنان واضطربت فيه أقوالهم اضطراباً شديداً حتى اتفق للأكثر فيه< وهذا هو العجيب واقعاً في أمر هذا الرجل, هو أنه في الأعم الأغلب من النجاشي من الكشي من غيره من الشيخ من المفيد كلهم اختلفت أقوالهم فيه, يعني نفس الشيخ المفيد يوثقه في مقام ويضعفه في آخر, النجاشي كذلك, الكشي كذلك, وهذا أمر عجيب لعله لا يحدث إلا نادراً, قد يختلف الأعلام فيما بينهم ولكن أن يختلف علمٌ واحد مرة بالتضعيف وأخرى بالقبول هذا واقعاً محل تأمل شديد.

    ولذا الأعزة يراجعون حتى لا أطيل عليهم وندخل إن شاء الله في أبحاثنا الأصلية, وهو مثلاً الكشي يُعده من الكذابين المشهورين, وفي نفس الوقت يقول عنه أنّه >روى العدول الثقات عنه< دفاعاً عن محمد ابن سنان, وكذلك المفيد يقول بأنه >لا تختلف العصابة< هذه طبعاً في (ص251 و252 و253) الشيخ المفيد يقول: >وهو معطون فيه لا تختلف العصابة في تهمته وضعفه وما كان هذا سبيله لا يُعمل عليه في الدين< ولكنّه في (كتاب الإرشاد) يقول: >هو من خاصة الكاظم وثقاته ومن أهل الورع والعلم والفقه من شيعته< هذا شيء واقعاً لا يصدقه الإنسان, لماذا هذا الاختلاف في هذا الرجل, وأيهما يحمل على الجد والآخر يحمل على – ما أريد أن أعبر على التقية- يحمل على مجارات العامة, لأنه هذه قضية لابد أن تلتفتوا إليها أن بعض هذه التوثيقات والتعضيفات لعله منشأها مجارات الذهنية العامة التي كانت حاكمة في ذلك الزمن, وهكذا عندما نصل إلى الشيخ في (ص255) يقول: بأنه أساساً الشيخ يمدحه في مكان يقول: >ومنهم على ما رواه دخلت فلان, ثم يمدحه< وفي مكان آخر يقول: >محمد ابن سنان وطعن عليه وضعف وجميع ما رواه إلا ما كان فيه من تخليط أو غلو< وكذلك النجاشي الذي يضعفه في مورد >محمد ابن سنان ضعيف< ولكن في مورد آخر يقول: >ابن سنان لقد همّ أن يطير غير مرةٍ فقصصناه حتى ثبت معنا وهذا يدل على اضطرابٍ كان وزال< جيد جداً, عند ذلك يكون ثقة. وهكذا فيما يتعلق بالعلامة المجلسي الثاني يعني صاحب البحار, قال في (ص259 من الرسالة أو من الكتاب المجلد الثالث) >محمد ابن سنان ضعفه المشهور ووثقه المفيد في الإرشاد وهو معتمد عليه عندي< وهكذا فيما يتعلق بتوثيق السيد بحر العلوم نفسه له في (ص265) يقول: >وبالجملة فالمستفاد من هذه الأخبار علو شأن محمد ابن سنان وسلامته عمّا رمي به من الغلو والكذب ونحوهما< الآن هذه مسألة الغلو لا تنسوها أعزائي التي تكررت مكرراً من أن القميين كان عندهم منهج خاص بمجرد من لا يتفق معهم في المنهج يعبر عنه بأنه غالٍ وكذاب, >وأن الطعن فيه< هذه مهمة جداً >وأن الطعن فيه للمصلحة أو الإصلاح ومنه ما هو معلوم بالتتبع والنقل من جلالة محمد ابن سنان ورياسته وعلو شأنه وعظم قدره ولقائه أربعة من الأئمة وروايته عنهم واختصاصه بهم ووكالته لهم< وهذه واحدة -إذا تتذكرون فيما سبق- قلنا من طرق التوثيق الوكالة في الأمور العامة, >ووكالته لهم وكثرة رواياته في الأصول والفروع وموافقتها لأخبار غيره من الأجلاء وسلامته عمّا غمزوا عليه من الغلو وروايته النص ..< إلى آخره, ثم يأتي في (ص269) هذه نقطة مهمة إذا يتذكر الأعزة قلنا واحدة من طرق التوثيق هي الوكالة والتوكيل عنهم, وواحدة من طرق التوثيق هي ماذا؟ هي نقل الأجلاء عنه والإكثار من النقل عنه, هذا أشرنا إليه قال: >ومنها روايات جماهير الأجلاء والأعاظم عنه, فقد أسند عنه من الفقهاء الثقات الأثبات المتحرزين في الرواية والنقل أحمد ابن محمد ابن عيسى وأيوب ابن نوح, والحسن ابن سعيد, والحسن ابن علي يقطين, والحسين ابن سعيد, وصفوان ابن يحيى, والعباس ابن معروف, وعبد الرحمن ابن أبي نجران, وفضل ابن شاذان, ومحمد ابن إسماعيل ابن بزيع, ومحمد ابن الحسين ابن أبي الخطاب, ومحمد ابن عبد الجبار, ومن مشاهير الرواة الموثقين أو المقبولين إبراهيم فلان .. وكذا أحمد ..< وعشرات من الأعلام الذين نقلوا ماذا؟ >وفي هؤلاء الذين نقلوا عن محمد ابن سنان يوجد من هم من أصحاب الإجماع الثمانية عشر< الذين إن شاء الله إذا وصلنا إلى تلك القاعدة نشير إلى بعض مضمانيها, إلى أن يقول: >وإطباق هؤلاء العلماء العدول على الرواية عنه والاعتناء بأخباره وتدوينها في الكتب الموضوعة للعمل كاشف عن حسن حاله وقبول رواياته إلى ما شاء الله< يقول: >هذه وجوه المدح< ثم يدخل في وجوه القدح وبعد ذلك يشير إلى بعض الوجوه ويناقشها. بإمكان الأعزة أن يرجعوا إلى هذا البحث تفصيلاً بحث مهم وقيم في هذا المجال, ولعله أفضل من بحث في محمد ابن سنان كما قلت- السيد بحر العلوم في رجاله (الجزء الثالث من ص249 إلى ص280).

    الأعزة بإمكانهم أيضاً أن يرجعوا إلى محمد ابن سنان عند المجلسي الثاني يعني في (روضة المتقين) التي هي مرتبطة بالمشيخة هناك من (ص33) يقول: >عن محمد ابن سنان وثقه المفيد وضعفه الباقون ونسبوه إلى الغلو, والكشي أخباره في الغلو< ثم يقول المجلسي الأول: >ولا نجد فيها غلوا< إذن القضية قضية مرتبطة بالمباني العقيدة التي كان يعتقدها محمد ابن سنان التي اتهم فيها بالغلو, من قبيل ما الآن عندنا لو قال شخص بأنه توجد عن الأئمة ولاية تكوينية, البعض يعتقد أن هذا ماذا؟ من الغلو فيتهمه في دينه مع أنه المسألة اجتهادية في المسائل العقائدية لا تلك تدل على الغلو ولا تلك تدل على الخروج من المذهب, >ولا نجد فيها غلواً بل الذي يظهر< التفتوا إلى هذه النكتة المهمة >بل الذي يظهر منها أنّه كان من أصحاب الأسرار< أسرار الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) يعني كان من خواص الأئمة الذين نقلوا مجموعة من النصوص الخاصة في معارفهم, وهذا صار هو السبب في اتهامه بالغلو وفي اتهامه بأنه >أراد أن يطير فقصصناه< و… إلى غير ذلك.

    بإمكان الأعزة أن يرجعون >فانظر أيها الأخ في الله< في (ص39 من المجلد العشرين من روضة المتقين التي هي بتحقيق قسم التحقيق في مؤسسة دار الكتاب الإسلامي هذه الطبعة الحديثة) >فانظر أيها الأخ في عين الله بعين الإنصاف في هذه الأخبار< طبعاً ينقل جملة من الأخبار التي أدعي أنها دالة على الغلو ثم يقول: >فانظر بعين الإنصاف إليها هل تجد فيها غلواً أو لا تجد, فإنها ليست إلا معجزاتهم (عليهم أفضل الصلاة والسلام) ولا شك في أن الأئمة من حين الولادة يتكلمون< طيب إذا شخص نقل هذه الرواية فالقضية ماذا؟ يصير غالي ويتهم في دينه, >الذي جعلوه من القدح في ابن سنان أنه فلان وفلان ..< إلى أن يقول: >ولكن لما ذكر بعض من لا فهم له بهذه الأمور ضعفّه< باعتبار أن هذه المباني استثقلها أو هذه العقائد استثقلها فأدى إلى تضعيف هذا الرجل, على أي الأحوال, أعزاء هذا بنحو الإجمال ما قال أو يُقال في الرجل, وأنا هنا بنحو الفتوى أعتقد كما قال المجلسي الأول أنه >من الأجلاء وأنه من الثقات وأنه من أصحاب الأسرار< وعلى هذا الأساس فرواياته معتبرة ولا يوجد فيها أي غمزٍ أو غلوٍ أو اتهامٍ ونحو ذلك, طبعاً من خلال شخصه وإلا إذا يوجد في الرواية أو في السند أشخاص آخرون ذاك له بحث آخر. جيد.

    إذن رواية محمد ابن سنان أو طريق الشيخ في هذه الرواية التي فيها محمد ابن سنان الرواية لا توجد فيها مشكلة من محمد ابن سنان.

    ولكن نفس هذه الرواية الواردة عن الشيخ فيها مشكلة أخرى إذا حلت تلك المشكلة فبها وإلا فالراوية لا تكون معتبرة بهذا الطريق.

    هذه الرواية وردت كما أشرنا في التهذيب, وفي هذه (الوسائل, تحقيق مؤسسة آل البيت) ينقل الرواية عن التهذيب ولكن يشير إلى نسخة مخطوطة يقول: >في نسخةٍ محمد ابن سالم لا محمد ابن سنان< يعني أن الشيخ لم ينقلها عن محمد ابن سنان وإنما ينقلها عن محمد ابن سالم, ومحمد ابن سالم أعزائي مشترك بين عدد كبير من الرواة ولم يوثقوا إما جميعاً أو وثق واحدٌ منهم وتعيينه في غاية الإشكال, ما أدري واضحة هذه القضية.

    إذن الرواية إذا كانت هي برواية هذا النص, برواية محمد ابن سنان, فلا مشكلة في الرواية في طريق الشيخ, أما إذا كانت برواية من؟ إذا كانت برواية محمد ابن سالم, الآن أمامكم من هو محمد ابن سالم؟ في (هداية المحدثين, في ص238) الذي قلنا أن هذا الكتاب يشير إلى المشتركين, يقول: >بأنه باب محمد ابن سالم المشترك بين ثقة وغيره ويمكن استعلام بعض هؤلاء بملاحظة الطبقات وحيث لا تمييز فالوقف< عند ذلك فالرواية معتبرة أو غير معتبرة؟ إذا لم نستطع أن نميز الثقة من غير الثقة, فالرواية غير معتبرة.

    ولذا نجد بأنّه في معجم رجال الحديث الذي أنا أنقل هذا من (كتاب المفيد الشيخ محمد الجواهري) هناك في (معجم رجال الحديث, المفيد من معجم رجال الحديث في ص529) >محمد ابن سالم مجهول الحال, محمد ابن سالم أبو سهل مجهول, محمد ابن سالم الأزدي مجهول, محمد ابن سالم أبي سلمة … وهكذا محمد ابن سالم ابن أفلح مجهول, محمد ابن سالم ابن شريح أيضاً مجهول, محمد ابن سالم ابن عبد الحميد أيضاً لا يعلم, محمد ابن سالم ابن عبد الرحمن, محمد ابن سالم ابن عبد الرحمن الأشل, محمد ابن سالم بياع فلان, محمد ابن سالم الطائي مجهول, محمد ابن سالم القمّي, محمد ابن سالم الكندي مجهول, محمد ابن سالم الكوفي مجهول, محمد ابن سالم النهدي مجهول … < وهكذا, وكلهم مجهول .. ولا توجد أي قرينة على فرض أن بعضهم ما هو؟ على فرض بعض أن واحد أو اثنين منهم ثقات فالتعيين ممكن أو غير ممكن؟ فإذن الرواية على فرض صدورها من محمد ابن سالم أو في سندها محمد ابن سالم فهي غير معتبرة.

    إذن هذه الرواية إن كانت صادرة أو في سندها محمد ابن سنان فالرواية معتبرة, وإن كان في سندها محمد ابن سالم فالرواية غير معتبرة. جيد هذا هو الطريق الأول.

    أما الطريق الثاني لهذه الرواية: الطريق الثاني واردة في (من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق, المجلد الثاني, ص23) هذه الرواية واضحة >وروي عن يونس ابن يعقوب, قال كنت عند أبي عبد الله الصادق×< إذن يوجد فيها محمد ابن سالم أو محمد ابن سنان أو لا يوجد؟ لا يوجد فيها لا إشكالية محمد ابن سنان ولا إشكالية محمد ابن سالم, إنما الكلام كل الكلام أعزائي فيما يتعلق بطريق الشيخ الصدوق إلى يونس ابن يعقوب.

    في (المشيخة المجلد الرابع, ص46 من مشيخته) هذه عبارته, قال: >وما كان فيه عن يونس ابن يعقوب فقد رويته عن أبي (رضي الله عنه) عن سعد ابن عبد الله عن محمد ابن الحسين ابن أبي الخطاب عن الحكم ابن مسكين عن يونس ابن يعقوب البجلي, والسند تامٌ إلا الحكم ابن مسكين< يعني طريق الصدوق إلى يونس ابن يعقوب لا يوجد فيه أي إشكال إلا من الحكم ابن مسكين >حيث لم يرد فيه توثيق بخصوصه<.

    طبعاً فيما يتعلق بالحكم ابن مسكين أعزائي توجد عدّة أبحاث أنا الآن لا أريد أن أشير إليها طويلاً, ولكنّه بنحو الإجمال أرشد الإخوة حتى يراجعوا هذا البحث في (معجم رجال الحديث المجلد السادس في ص178, رقم الترجمة 3877 الحكم ابن مسكين) يقول: >يساوي الحكم الأعمى يساوي الحكم ابن مسكين الثقفي< إذن نحن يوجد عندنا كم حكم ابن مسكين؟ صاروا ثلاثة الحكم ابن مسكين أو الحكم الأعمى الذي هو يقولون نفس الحكم ابن مسكين ونفسه هو الحكم ابن مسكين الثقفي, قال النجاشي: >حكم ابن مسكين كوفيٌ مولى ثقيف المكفوف, أقول: تقدم أن هذا هو الحكم الأعمى في ص – من نفس المجلد- في ص161 يقول: الحكم الأعمى يعني يساوي الحكم ابن مسكين.. < إلى أن يقول: >أقول الظاهر أنّه الحكم ابن مسكين المكفوف فإنّه< يشير إلى الشواهد أنه لا يوجد هناك أي تعدد فيه, ولكنه المشكلة المهمة أو المسألة المهمة أنّه ينقل اثنين وتسعين رواية فيها من؟ فيها الحكم ابن مسكين, إذن توثيقه, مرة أن الراوي يروي لنا رواية أو روايتين الآن إذا قبل أو لم يقبل الآن كثيراً لا يؤثر, وأخرى ينقل حدود مائة رواية فضياع مئة رواية عندنا واقعاً الروايات الموجودة بأيدينا هي رأس مالنا في فهم المعارف الدينية, فلا يمكن تضييعها بمثل هذه البساطة بمثل ذاك المنطق الذي أشرنا إليه مراراً وهو المنطق الأبيض والأسود ثقة ليس بثقة يقبل أو ماذا؟ بجرة قلم مئة رواية نسقطها وذاك مئتين رواية نسقطها وهذا أربعمائة رواية نسقطها فماذا يبقى عندنا في تراثنا, واقعاً لا يبقى عندنا شيء يعتد به ويمكن الاحتجاج به, فهل هو ثقة أو ليس بثقة؟

    في الواقع بأنه الطريق الأول لتوثيق الرجل هو ما أشرنا إليه سابقاً وهو نقل الثقات الأجلاء عنه والإكثار في النقل, لا فقط نقل مرة ومرتين وإنما يكثرون النقل منه, فلو لم يكن مقبولاً قلنا -إذا يتذكر الأعزة- قلنا أن هذه القاعدة لا نقول بها بنحو الموجبة الكلية وإنما مع جمع مجموعة من القرائن في بعض الموارد نقبلها وفي بعض الموارد لا نقبلها, الأعزة إذا أرادوا مراجعة ذلك بإمكانهم مراجعة (تنقيح المقال للعلامة المامقاني, المجلد ثلاثة وعشرين في ص409 في الحاشية) يعني التي بتحقيق واستدراك الشيخ محي الدين المامقاني مؤسسة آل البيت) يقول: >روى عنه< من الذي روى عنه؟ التفتوا جيداً >روى عنه ابن أبي عمير الغني عن التوثيق, وأحمد ابن محمد ابن أبي نصر الثقة الجليل القدر الذي ..< إلى آخره, >والثالث علي ابن اسباط والرابع علي ابن الحكم< وهؤلاء كلهم ثقات >والخامس محمد ابن الحسين ابن أبي الخطاب, والسادس محمد ابن عبد الحميد ابن سالم أبو جعفر الطيار والسابع محمد ابن الهيثم والثامن معاوية ابن حكيم الدُهني والتاسع الهيثم ابن أبي مسروق النهدي والعاشر وأحد عشر …< إلى آخره بإمكان الأعزة مراجعة هذا العدد الكبير من الثقات الأجلاء الذين نقلوا عن الحكم ابن مسكين, هذا هو الطريق الأول. فإن اكتفى أحدٌ بهذا الطريق فالحكم ابن مسكين أيضاً لا مشكلة فيه والرواية تكون معتبرة وصحيحة السند.

    أما إذا ناقش -كما ناقش البعض- هناك طريق آخر وهو الطريق الثاني, وهو طريقٌ مهم جداً أعزائي, جدُ مهم هذا الطريق التفتوا, هذه مفاتيح واقعاً عملية الاستنباط في بُعد علم الرجال, هذا الطريق فقط الروايات التفتوا, الروايات المسندة في هذا الطريق تصل إلى حدود ثمانمائة رواية, فإذا صح هذا الطريق فهذه الثمانمائة رواية أيضاً لا رواية – عفواً أنا اشتبهت- ليست ثمان مائة رواية, ثمانمائة شخص, وهي القاعدة المعروفة أنهم >لا يرون إلا عن ثقة ولا يرسلون إلا عن ثقة< من هم؟ البزنطي, صفوان, وأبن أبي عمير, هؤلاء الثلاثة, الآن اتركوا رواياتهم المرسلة التي هي أيضاً بالمائة, رواياتهم المسندة من خلالها نستطيع أن نصحح حدود سبعمائة وعشرين راوي, وأنتم تعرفون تصحيح سبعمائة وعشرين راوي يعني كم رواية تصح عندنا.

    ولهذا هذه القاعدة من القواعد الأساسية في علم الرجال وهو: >أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة< من هم؟ صفوان ابن يحيى, محمد ابن أبي عمير, والبزنطي, واثنان منهم نقلوا عن من؟ عن الحكم ابن مسكين يعني ابن أبي عمير والبزنطي رووا عن الحكم ابن مسكين, فإن تمت هذه الرواية هذه القاعدة الرجالية إذن الحكم ابن مسكين ماذا يكون؟ يكون ثقة >لا يروون إلا عن ثقة< التفتوا إلى هذه القاعدة, جيداً, لا أنه أريد أن أقول الرواية فقط صحيحة, لأنّه على مباني القدماء, قد يكون الراوي ضعيفاً ولكن الرواية مطمئن بصدورها, التفتوا جيداً وهذا من الفوارق بين الإجماع المُدعى الإجماع على تصحيح ما يصح منهم وهي قاعدة الطريق الآخر, وبين هذه القاعدة وهي >أنهم لا يروون إلا عن ثقة< تلك القاعدة فقط تصحح الرواية لا بالضرورة تصحح ماذا؟ تقول أن المروي عنه ثقة, أما هذه القاعدة إن تمت فهي تجعل تثبت لنا وثاقة الذي روى عنه أحد هؤلاء الثلاثة.

    الآن هذه القاعدة ما هو أصلها؟ أصلها ورد في عدّة الشيخ, طبعاً أصل هذه القاعدة, الإخوة الذين يريدون أن يراجعون أصل هذه القاعدة واردة في (رجال النجاشي) لم نجلب الكتاب المهم, هذه القاعدة بشكل واضح وصريح وردت في (عدّة الأصول في هذه الطبعة التي عندي تحقيق محمد مهدي نجف مؤسسة آل أهل البيت للطباعة والنشر, الجزء الأول ص386) هذا كلام الشيخ هناك يقول: >وإذا كان أحد الراويين مسنداً< يعني عندما نقل الرواية أسندها >والآخر مرسلاً< ليس مسند وإنما أرسل الرواية >نظر في حال المرسل فإن كان ممّن يعلم أنه لا يُرسل إلا عن ثقة موثوق به< الشيخ الطوسي شهادة الشيخ الطوسي هذه >عن ثقةٍ موثوقٍ به فلا ترجح لخبر غيره على خبر غيره< عندما يقع تعارض يتقدم خبر هؤلاء >ولأجل ذلك< التفتوا جيداً لا فقط أنه يبين القاعدة بل يدعي إجماع الطائفة على هذه القاعدة >ولأجل ذلك سوت الطائفة بين ما يرويه محمد ابن أبي عمير وصفوان ابن يحيى وأحمد ابن محمد ابن أبي نصر وغيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لا يروون ولا يرسلون إلا ممن يوثق به وبينما أسنده غيرهم ولذلك عملوا بمرسلهم إذن فرد عن رواية غيرهم< طيب هذا النص الواضح من الشيخ الطوسي في العدة يشير إلى أمور ثلاثة:

    أولاً: يدعي أن الطائفة عملت على ذلك.

    ثانياً: أنّهم عرفوا أنهم لا يروون إلا عن ثقة, ويشير إلى هؤلاء الثلاثة.

    ثالثاً: أنهم لا فقط لا يسندون إلا عن ثقة لا يرسلون إلا أيضاً عن ثقة.

    النتيجة التي نحصل عليها: أن كل المراسيل التي إذا تمت وصحت إلى ابن أبي عمير وما بعد ذلك كانت مرسلة فهي حجة, المرسل لابد أن يكون من؟ ابن أبي عمير لا غيره وإلا إذا غيره فلا يوجد عنده, تكون مرسلة, إذا كان الإرسال من واحد من هؤلاء الثلاثة فالرواية معتبرة. طبعاً إذا كان ما قبل ذلك أيضاً الرواية سند الرواية لا يوجد فيها إشكال هذا أولاً, هذا في المرسلات.

    ويدخل في ذلك عدد كبير من الروايات, وهذه ثروة.

    الأمر الثاني: أن الذين نقلوا أسندوا عنه ولم يرد فيه توثيقٌ بخصوصه. وهؤلاء بالمائة الذين أسند عنهم أحد هؤلاء الثلاثة واحد من هؤلاء الثلاثة ولم يرد فيهم توثيق بالخصوص, ما أدري واضحة إلى هنا القاعدة.

    إذن أعزائي هذه القاعدة -ولو بنحو الإجمال سوف لا نقف عندها طويلاً وإلا يوجد عندنا بحث مفصل عند الأعلام- هذه القاعدة إن تمت فعند ذلك نصحح طريق الصدوق أيضاً والحكم ابن المسكين روى عنه أحد هؤلاء أو اثنان من هؤلاء الثلاثة.

    طبعاً في قبال هذا القول, وإن لم تتم كما ورد في (معجم رجال الحديث للسيد الخوئي, الجزء الأول, ص63 قال: رواية صفوان وأضرابه ومما قيل أيضاً بثبوته في التوثيقات العامة هو رواية صفوان أو ابن أبي عمير أو أحمد ابن محمد ابن أبي نصر وأضرابهم عن شخصٍ فقد قيل أنهم لا يروون إلا عن ثقة فيؤخذ بمراسيلهم ومسانيدهم وإن كان الواسطة مجهولاً أو مهملا, ولكن هذه الدعوى باطلة, فإنها اجتهادٌ من الشيخ قد استنبطه وهذا لا يتم أولاً, وثانياً, وثالثاً ورابعاً< فهذه القاعدة عند السيد الخوئي غير تامة.

    فإن تمت القاعدة نصحح بها الحكم ابن مسكين, وإن لم تتم فلابد أن نبحث عن طريق آخر لتصحيح هذه الرواية.

    والطريق الآخر: وهو الطريق الثالث لتصحيح هذه الرواية, طبعاً لتصحيح ابن الحكم ابن مسكين هو أن بعض هؤلاء الذين أشرنا إليهم أو جملة من هؤلاء الثقات الأجلاء الذين نقلنا أنهم نقلوا ورووا عن الحكم ابن مسكين هم من أصحاب الإجماع من الثمانية عشر الذين أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح منهم.

    إذن توجد هناك طرقٌ ثلاثة لتصحيح هذا السند ولتصحيح الحكم ابن مسكين:

    الطريق الأول: نقل الثقات عنه.

    الطريق الثاني: نقل ابن أبي عمير والبزنطي الذين لا يروون إلا عن ثقة.

    الطريق الثالث: نقل أصحاب الإجماع عنه.

    تتمة الكلام تأتي. تتمة الكلام تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1293

  • جديد المرئيات