نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (193)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    في المقدمة بودي أن أقرأ الرواية التي قراناها وهي الرواية السابعة بالأمس في (الوسائل, ج9, ص544) الرواية >عن ضريس الكناسي قال< أولاً: ضريس عندنا معتبر يعني الرواية معتبرة عندنا >قال: قال أبو عبد الله الصادق أتدري من أين دخل على الناس الزنا؟ فقلت لا أدري< أعزائي هنا بحث والآن أنا ما أريد أن أدخل في هذا البحث فقط أريد أن أشير إلى حيثيات البحث حتى أنه تتضح.

    هذا أي زنا الذي أشارت إليه الرواية, هل هو الزنا الفقهي الاصطلاحي, أو شيء آخر ما هو المراد؟ وأنتم تعلمون أن هذه القضية من القضايا التي يستهجنونها من شيعة أهل البيت أنهم يعتقدون أن المسلمين ليست نطفهم طاهرة, وإنما هم أولاد كذا مثلاً.

    في الواقع أنّه هذا البحث بشكل دقيق وواضح إلى الآن لم يطرح في كلمات علمائنا, لأنّه ما معنى أنه دخل عليهم الزنا, يعني تترتب الأحكام الفقهية عليهم, يعني لابد من إقامة الحد عليهم, وأن الأولاد الذين يتولدون هؤلاء لا يرث بعضهم من بعض مثلاً, وعشرات الأحكام الفقهية الأخرى, هذا هو المراد مثلاً؟ بالإضافة إلى ذلك هل تترتب العقوبة يوم القيامة, لأن هؤلاء كلهم يعاقبون لأنّهم زناة مثلاً؟

    لا أتصور أن فقيهاً يلتزم بهذه اللوازم, خصوصاً ونحن نعلم أنّ فقهاء مدرسة أهل البيت صرحوا بأنهم إذا كانوا قاصرين لا يترتب كل هذا, بل أكثر من ذلك قالوا أن عقد أو عقود كل ملةٍ بحسب تلك الملة, طيب هذه عقودهم هذه لماذا تكون زناً إذن, إذن ما المقصود من الزنا أنه >دخل عليهم الزنا<؟ ما المراد من ذلك؟

    من أين دخل أو ما هو المراد من الزنا في هذه الرواية, هل المراد أنّه بحسب الواقع زنا وإن كان بحسب الظاهر محكوم بأحكام كذائية هذا هو المراد؟ لابد أن يتضح لأنكم تعلمون من الأمور الواضحة أن الأحكام الواقعية يقول البعض -وإن كنت لست ملتزماً على إطلاقه- أن الأحكام الواقعية تؤثر آثارها الوضعية وإن كانت الأحكام الظاهرية على خلافها, هذا يحتاج إلى مؤونة كبيرة جداً, يعني مثلاً كما مشاع بين الناس, وهو أنه الذي يأكل اللحم الحرام يورثه قساوة القلب وإن كان بحسب الموازين الشرعية هذا اللحم مذكى مثلاً, ولكن في الواقع كان غير مذكى, واقعاً يورث قساوة القلب أو أن قساوة القلب إنما توجد من أكل لحم الحرام بعد عدم تمامية التذكية وإلا هذا المسكين ذهب والتزم بالموازين الشرعية وعمل بها إما تقليداً إما اجتهاداً وثبت له أن هذا اللحم لحم مذكى ومع ذلك يورثه قساوة القلب على أي أساس.

    الآن قد يقال بأنه من باب هذه أمور تكوينية ونحن لا نوافق على هذا المعنى على إطلاقه طبعاً, على أي الأحوال.

    هذه المسألة دققوا فيها جيداً ولا تبنوا عليها الأحكام جزافاً وهو أن الروايات صرحت أن هؤلاء ماذا؟ أنّه دخل عليهم الزنا, ومن الواضح أن لفظ الزنا عندما يطلق يراد منه المعنى الحقيقي لا ما له نصيب من الزنا, التفتوا جيداً, هذا التعبير أيضاًِ وارد عندنا من الروايات أنّه له حظ من الزنا له نصيب من الزنا باعتبار أنه, والروايات كثيرة في هذا المجال, أنا أشير إلى رواية واحدة واردة في (وسائل الشيعة, طبعة مؤسسة آل البيت, ج20, ص191, كتاب النكاح باب أن من علق نذر العتق على وطء الأمة, الرواية الثانية, يعني باب 103 من أبواب مقدمات النكاح) الرواية: >عن أبي عبد الله الصادق عن يزيد ابن حماد وغيره عن فلان عن أبي جعفر وعن أبي عبد الله قالا: ما من أحدٍ إلا ويصيب حظاً من الزنا<. جداً الرواية ثقيلة من حيث المحتوى إن صح السند, توجد روايات كثيرة لا يقول لي قائل سيدنا عمن ذكره الرواية سندها ليس.. لا الروايات كثيرة في هذا المضمون >ما من أحدٍ إلا ويصيب حظاً من الزنا, فزنا العينين النظر, وزنا الفم القبلة, وزنا اليدين اللمس, .. < إلى غير ذلك >صدق الفرج ذاك أم كذب< الآن ذاك بحث آخر, طبعاً حتى للفكر على هذا الأساس أيضاً يوجد نحوٌ من الزنا, الإنسان إذا فكر بالمعاصي أيضاً حظٌ من الزنا.

    المقصود >دخل عليهم الزنا< هذا النوع من الزنا, قليلاً أشد؟ هذا مقبول وهذا ليس مختص بالآخر موجود عندنا أيضاً, أو المقصود الزنا الاصطلاحي أي منهما؟ هذه القضية الآن لو أريد أن أدخل واقعاً قد يأخذ وقتاً طويلاً لعله أوفق ولكن بنحو الإجمال أقول: أنا لست من أولئك الذين أقبل أن الزنا الوارد في هذه الروايات الزنا الاصطلاحي الذي تترتب عليه الآثار الفقهية المعروفة والآثار الكلامية المعروفة. جيد هذا بحث.

    طيب من الواضح هذه الرواية التي قراناها مرتبطة بباب المناكح لأن الرواية مرتبطة بشكل واضح وصريح قال: >من أين دخل على الناس الزنا< إذن مرتبطة بباب المناكح. ما هو المراد من المناكح؟ الأعزاء الذين يريدون أن يراجعون هذا البحث فليرجعوا إليه تفصيلاً (عند الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه, ج14, ص269) قال: [والمراد بالمناكح كما صرّح به غير واحدٍ السراري المغنومة من أهل الحرب] التحليل وارد على ماذا؟ على هذه النقطة, وأنّه هذه السراري مسبيات وأنت الآن إما أن تحصل عليها بهبة أو تحصل عليها بعطية أو تحصل عليها بأي شكل كان, [فإنّه يباح للشيعة في زمان الغيبة تملكها بالشراء ونحوه ووطئها وإن كان جميعها للإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) كما لو كانت الغنيمة بغير إذنه] كما تعلمون بأنه إذا كانت الحرب بغير إذن الإمام الآن المعصوم أو ولي الأمر فكل ما يغنمه يكون من الأنفال -على بعض الآراء- [كما هو الأظهر أو بعضها] يعني: بعض هذه السراري خمس فيها [كما لو كانت الغنيمة مع الإذن ففيها خمس الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام)] التصرف فيها أيضاً لا يجوز [وربما فسّرت المناكح بما يتناول مؤونة التزويج ومهور النساء وثمن الجارية التي اشتراها من كسبه الذي تعلق به الخمس] يقول: [وفيه] كل هذا غير صحيح, وإنما المناكح ماذا؟ المراد ذلك المعنى الذي أشرنا إليه. وهكذا بعد ذلك يقول: [والمراد بالمساكن] الذي ورد فيه التحليل, [ما يتخذها منها من الأرض المختصة بالإمام× كالمملوكة بغير قتال ورؤوس الجبال] الفيء والأنفال التي أشرنا إليها بالأمس [أو المشتركة بينه وبين غيره كالمفتوحة عنوة المنتقلة إلى الشيعة من أيدي المخالفين وربما فسّرت بما يعم الدار المشترات بما يتعلق بها الخمس] تشتري بيت بثمن تعلق به الخمس هذا فيه تحليل؟

    الجواب يقول: هذا التحليل لا يشمل هذا يشمل فقط الأرض التي أشرنا إليها بالأمس [والمراد بالمتاجر المال المنتقل إلى الشيعي ممن لا يخمس] ولكن لا يخمس لا اعتقاداً وعصياناً لا يخمس بل ماذا؟ عدم الاعتقاد [والقدر المتيقن منه الذي يمكن دعوى انصراف أخبار التحليل إليه إنما هو فيما إذا كان ممن يستحل الخمس كالمخالف وشبهه, لا مطلق من لا يخمس حتى ولو كان معتقداً, هذا إجمال خلاف شديد يوجد أعزائي في المراد من المناكح والمتاجر والمساكن الذي يقع موضع التحليل في الروايات. على أي الأحوال.

    الرواية أعزائي كما هو واضح مرتبطة بالمناكح أولاً, وعلى فرض الإطلاق فيها فهي صادرة من الإمام الصادق (عليه أفضل الصلاة والسلام) ومن الواضح حتى لو ثبت هذا التحليل فإن الأئمة الذين جاؤوا بعد ذلك بقي هذا التحليل أو رفع هذا التحليل؟ رفع هذا التحليل, لأنه واضح الإمام الجواد الإمام الهادي الإمام العسكري الإمام الثاني عشر كل هؤلاء كانوا يبعثون لأخذ.

    ويكون في علم الأعزة يعني الآن واقعاً يحتاج تتبع من الأعزة راجعوا وتتبعوا أساساً الأئمة كلهم يتكلمون بلغة واحدة, لا يتبادر إلى إلا في التحليلات الخاصة, أما في التحليلات العامة, >أبحنا< يعني القضية لست أنا أقول هذا >أبيح< >مباح< يعني القضية لست أنا أقول هذا ليست أبحت وإنما هذه قضية, إذن لابد أن تؤخذ في سياق واحد كل هذه التحليلات. هذه الرواية السابعة.

    الرواية الثامنة في المقام:

    أعزائي, لعله من أهم وأوضح وأخطر الروايات الواردة في باب التحليل هذه الرواية, وهي الرواية الثامنة, الآن أبين لماذا؟ الرواية الثامنة واردة في (وسائل الشيعة, ج9, ص550) هذه الرواية التفتوا وسوف نقف عندها ولا بأس بها, الرواية: فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان#, قال: >أما ما سألت عنه من أمر المنكرين لي< الرواية التوقيع الطويل وسنقرئها لاحقاً إلى أن قال: >وأما المتلبسون بأموالنا فمن استحل منها شيئاً فأكله فإنما يأكل النيران< جداً خطرة الرواية أنه حقوق الإمام أو الخمس جداً قضيته قضية ينبغي الاحتياط فيها, التفتوا جيداً >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا وجعلوا منه في حلٍ إلى أن يظهر أمرنا لتطيب ولادتهم ولا تخبث< قبل الدخول في السند ما هي خصوصيات هذه الرواية؟ ثلاث خصوصيات موجودة في هذه الرواية التي لم نجدها في روايات أخرى.

    الخصوصية الأولى: أنها صادرة من الإمام الثاني عشر, فيوجد تحليل بعده أو لا يوجد؟ وهذه من أهم خصوصيات هذه الرواية, باقي الروايات حتى لو كان فيها تحليل كنا نقول أن الإمام اللاحق ماذا فعل؟ رفع ذلك التحليل نسخ ذلك التحليل ونحو ذلك, أما هذه صادرة في عصر الغيبة الصغرى يعني بعده الغيبة الكبرى.

    الخصوصية الثانية: النص يقول: >وأما الخمس فقد أبيح لشيعتنا< فيوجد فيها مناكح متاجر مساكن أصناف معينة أو لا يوجد؟ خمس مطلق, وأعم من سهم الإمام وسهم السادة, اللهم إلا أن يقال, هذا بحث مرتبط بمكان آخر, أن سهم السادة ليس مرتبط بهم حتى يحلوا, ومن هنا جاءت النظريات أنه سهم الإمام أحل في عصر الغيبة ولكن سهم السادة لابد أن يُعطى, هذه واحدة من أدلتها هذه, وهو أن الإمام إنما يبيح ما هو مالك له, وتلك الأصناف الثلاثة ملك أولئك فإذا كان ملك السادة أو تلك الأصناف فهل من حقه أن يبيح ذلك أو ليس من حقه أن يبيح ذلك؟ ليس مالكاً حتى يبيح, نعم له حق أن يبيح ما هو مالك له؟

    والنكتة المهمة في هذه الرواية: أن الإمام يقول فقد أبيح لشيعتنا< وليس فقد أبحت, يعني ماذا؟ هذه سيرة أبائي وأجدادي, إلا أن يقول لا, من باب التعظيم أنه يعبر عن نفسه ولكن يعبر أبيح وإن كان الظاهر أبيح يعني ليست هذه الإباحة التي أنا أقولها, كل الآباء يقولون هذا المعنى بشكل واضح وصريح.

    نعم, تبقى دعوى واحدة وهي أنّه قد يقول قائل >لتطيب ولادتهم ولا تخبث< هذه قرينة على أن المراد به ما هو؟ خصوص المناكح. الجواب: ذكرنا بالأمس والآن أيضاً نشير أنّه ليس معلوم أن هذه قرينة على التخصيص, لعله للإشارة إلى أنّه واحدة من أهم الإباحة ماذا؟ طيب الولادة, لا أقل لا يمكن أن يدعي أحد ظهور في التخصيص, ومن هنا يبقى احتمال الإطلاق وارد, هذه أيضاً الخصوصية الثانية في هذه الرواية.

    الخصوصية الثالثة في هذه الرواية: أنها فيها تصريح في عصر الغيبة, أفضل من هذا ماذا تريد أنت, يقول: >إلى أن يظهر أمرنا< إذن كل عصر الغيبة الكبرى ماذا؟ إباحة.

    إذن هذه الرواية من الروايات, من هنا حاول البعض بلطائف الطرق أن يتخلصوا من هذه الرواية لأنه واردة عن الإمام الثاني عشر (عليه أفضل الصلاة والسلام).

    أما سند الرواية, هذا ما يتعلق بالرواية.

    في المقدمة أعزائي شيء أقوله بشكل عام لا فقط مرتبط بالمقام, أعزائي افترضوا في جملة من الأحيان السند بحسب الموازين الرجالية عندنا لم يتم السند, ولكن هذا معناه عدم صدور الرواية, توجد ملازمة؟ أو معناه عدم حجية الرواية؟ طيب من الواضح عدم حجية أو عدم صحة السند لا يثبت أنّ الرواية كاذبة لم تصدر وإنما تقول ليست حجة, ولكنّه احتمال أنها صادرة في الواقع موجود أو غير موجود؟ من هنا أنتم تجدون بعض الأعلام عندما يصل إلى مثل هذه الموارد وإن كان لا يوجد عنده دليل على عدم الجواز أو دليل على عدم الجواز, ولكن يحتاط احتياطاً وجوبياً, ما هو منشأ الاحتياط الوجوبي؟ يحتمل أن هذه الرواية صادرة مبانيه الرجالية لم توصله إلى الصحة ولعله يوجد خلل في مبانيه الرجالية لا في صحة الرواية, فلهذا ما يجرأ أن يقول بأنه كذا, فيحتاط احتياطاً وجوبياً في المسألة. على أي الأحوال. ولذا التفتوا إلى نكات عملية الاستنباط.

    أما سند الرواية, فيما يتعلق بسند هذه الرواية, هذه الرواية أعزائي لا فقط خطورتها في هذا المجال, وأهميتها في هذا المجال, وعظمتها وعظمة شأنها في هذا المجال, هذه الرواية أعزائي ورد فيها المقطع المعروف الذي هو واحدة من أهم أدلة نظرية ولاية الفقيه, الرواية وفيها قال×: >وأما الحوادث الواقعة فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< طبعاً هنا موجودة >وأنا حجة الله عليكم< لا في بعض النسخ هذه >عليكم< الثانية لا توجد, ليس بمهم.

    إذن الرواية أهميتها تتضاعف مرتبطة بنظرية ولاية الفقيه وأيضاً مرتبطة بمسألة إباحة الخمس ولا أقل سهم الإمام في عصر الغيبة. فما هو الطريق إلى هذا السند وإلى تصحيح هذا السند. هذا التوقيع له طريقان, مرة واحدة نبحث هنا ولو نتأخر يوم أو يومين لا بأس به لأن القضية مهمة جداً وأنتم تعلمون بأنه أهم دليل على نظرية ولاية الفقيه هي ماذا؟ هو هذا التوقيع >فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< يعني كل ما أنا حجة فيه فهؤلاء حجتي عليكم, كما صرح بذلك صاحب الجواهر في السنة الماضية مرات عديدة ولعله نقرأها مرة أخرى. طريقان:

    الطريق الأول: وهو ما ورد عن الشيخ الصدوق في كتابه (إكمال الدين وإتمام النعمة) الذي صاحب الوسائل ينقل الرواية عن من؟ عن (إكمال الدين) الرواية رقم 16 من كتاب الخمس أبواب الأنفال الباب الرابع من أبواب الأنفال كتاب الخمس الحديث رقم 16 والتسلسل العام 12690) [وفي كتاب إكمال الدين عن محمد ابن محمد ابن عصام الكليني عن محمد ابن يعقوب الكليني عن إسحاق ابن يعقوب فيما ورد عليه من التوقيعات بخط صاحب الزمان, >أما ما سألت عنه<] من سأل؟ إسحاق ابن يعقوب [>من أمر المنكرين ..<] إلى آخره, هذه الرواية تامة أو لا؟

    في هذا السند يوجد شخصان: الشخص الأول: محمد ابن يعقوب الكليني طيب واضح ما عندنا مشكلة فيه, عندنا فقط شخصان: الأول: محمد ابن محمد ابن عصام الكليني, والثاني: إسحاق ابن يعقوب الذي ما بعد الكليني ما بعد محمد ابن يعقوب صاحب الكافي, هذا محمد ابن محمد ابن عصام الكليني هل هو موثق أم لا؟ الجواب: لم يرد أي شيء في الكتب الرجالية عنه أولاً, وثانياً: وليست له رواية في مصادرنا إلا هذه الرواية. فلا القرائن السابقة ولا اللاحقة ولا قبل ولا بعد ولا من يروي عنه ولا هو عن من يروي من يروي عنه, كلها تنفع أو لا تنفع؟ لا الطريق مغلق, لأنّه قرائن, من روى عنه, هو عن من يروي؟ ومن هنا نحن لم نوافق بشكل مطلق على نظرية تفسير القرآن بالقرآن, هذا إن شاء الله تفصيله أشرنا إليه في مقدمة الجزء الأول من اللباب ولكن تفصيله إن شاء الله سيخرج من الجزء الأول من تفسير آية الكرسي, هذه النظرية لا نوافق عليها لماذا؟ لأنه هناك بعض الآيات في القرآن وبعض الموضوعات في القرآن لم تأتي إلاّ ماذا؟ وكيف يفسر القرآن بعضه بعضا, لم ترد في موارد متعددة حتى أستطيع أن أفسر هذه الآية بآيةٍ أخرى, لم ترد إلا في مورد واحد, كما في آية الكرسي, آية الكرسي وردت عندنا أبداً, العرش ورد عندنا لعله سبع ثمان مرات, ولكن الكرسي لم يرد إلا ماذا؟ يعني كرسي الحق سبحانه وتعالى {وسع كرسيه} لفظ الكرسي ورد في سليمان وغير سليمان لا لا, مقصودنا {وسع كرسيه} العرش والكرسي لم يرد إلا في مورد واحد, إذن كيف تستعين بتفسير القرآن بالقرآن لتفسير هذه الآية المباركة, على أي الأحوال نرجع إلى البحث.

    هذا الشخص لم يرد فيه توثيق. نعم, يوجد طريق واحد لإثبات توثيق هذا الرجل وهو الترضي عليه من قبل بعض أعلامنا, وهذا مبنىً ذكر في محله أنّ طلب الاستغفار, طلب الترحم طلب الترضي على أحدٍ هل يدل على وثاقته أو لا يدل؟

    السيد الخوئي+ على القاعدة كما تعلمون, السيد الخوئي سيدنا الأستاذ في (معجم رجال الحديث, ج1, ص78) قال: [ترحم أحد الأعلام] ومراده من الترحم يعني: الأعم من الترحم والترضي وغير ذلك, لا خصوص الترحم, يقول: [واستدل على حسن من ترحم عليه أحد الأعلام كالشيخ الصدوق ومحمد ابن يعقوب وأضرابهما بأن في الترحم عناية خاصة بالمترحم عليه, فيكشف ذلك عن حسنه لا محالة, إن لم يدل على أنه ثقة لا أقل يدل على أنه حسن, والجواب عنه: أن الترحم هو طلب الرحمة فهو دعاءٌ مطلوب ومستحب في حق كل مؤمن وقد أمرنا بطلب المغفرة] إذن أدخل بعد الترحم المغفرة أيضاً [لجميع المؤمنين وللوالدين بخصوصهما وقد ترحم الصادق لكل من زار الحسين بل أنه× قد ترحم لأشخاص خاصة معروفين بالفسق لما فيهم ما يقتضي ذلك كالسيد إسماعيل الحميري, فكيف يكون ترحم الشيخ الصدوق أو محمد ابن يعقوب وأمثالهم كاشفاً عن حسن المترحم عليه, وهذا النجاشي قد ترحم على محمد ابن عبد الله ابن محمد ابن عبيد الله ابن البهلول] البهلول المعروف [بعد ما ذكر أنّه رأى شيوخه يضعفونه, وأنّه لأجل ذلك لم يروي عنه شيئاً وتجنبه].

    سؤال: هل يوجد أحدٌ ترضى -لا ترحم- ترضى على من؟ على محمد ابن محمد ابن عصام؟ الجواب: نعم, الشيخ الصدوق&, في (مشيخته في من لا يحضره الفقيه, ج4, في ذيل وما كان فيه عن محمد ابن يعقوب الكليني) يقول: [فقد رويته عن محمد ابن محمد ابن عصام الكليني وعلي ابن أحمد ابن موسى ومحمد ابن أحمد السناني رضي الله عنهم] إذن الصدوق ترضى على من؟ على محمد ابن محمد ابن عصام الكليني, فهل يدل على الوثاقة أو لا يدل؟

    بنحو الإجمال, لابد أن نعرف معنى الترضي ما هو؟ فإن كان الترضي رضي الله عنهم, معنىً عام كما تقول غفر الله له, كما تقول: رحمه الله, ونحو ذلك, الحق مع من؟ مع السيد الخوئي لماذا؟ لأنه أنت أساساً عندما تقول: غفر الله, أساساً في بطنه ماذا يوجد؟ في بطنه أنه هذا عاصي والله ماذا؟ ولذا أنت تجد على بعض الصحابة أنت عندك استعداد تقول: غفر الله له, ولكن عندك استعداد أن تترضى عليه أو ما عندك استعداد أن تترضى عليه؟ لماذا؟ هذا يكشف عن وجود فرق بين مسألة طلب الاستغفار أو الترحم وبين مسألة الترضي.

    واقعاً أنت إذا قلت عن علم من الأعلام رضوان الله تعالى عليه, يعني تريد أن تقول أنه عنده شكبان من المعاصي والله يغفر له هذا مقصودك ماذا تريد أن تقول من رضوان الله عليه, وتريد أن ترفع مقاماته, من قبيل: قدس الله نفسه, قدس الله سره, أعلى الله مقامه, لو قال أحد هذا عن شخص عن ماذا يدل, لا يدل على أنه حسن لا يدل على الوثاقة بل يدل على أعلى درجات الوثاقة.

    إذن بنحو الإجمال أقول كما قلت أنه لابد أن نعرف ما معنى وأين يستعمل عرفاً رضوان الله تعالى عليه, فإذا اتضح أن هذا الاصطلاح كما هو الصحيح لا يستعمل إلا لرفع الدرجات لا لمحو السيئات, وصدر من إنسانٍ عالم بالاصطلاح, مرة إنسان عادي لا يعرف الاصطلاح يقول: قدس الله نفسه, أصلاً مباشرة أنت تعترض عليه تقول لماذا تقول قدس الله نفسه, ولكنّه لو فرضنا أن الترضي صدر من من؟ من الإمام المعصوم, أو الترضي صدر من من؟ من الشيخ الصدوق الذي هؤلاء واقعاً يعرفون الموازين أو لا يعرفون؟ كاملاً وقفوا على الموازين, من الكليني.

    وأنا شخصاً من أولئك الذين أعتقد – التفتوا جيداً إلى جملة أعزائي- أنا اعتقد أنّ هؤلاء الأعلام أمثال الشيخ الكليني, الصدوق, الطوسي, المفيد هذه الطبقة وغيرهم أولئك كانوا يعلمون أنهم يؤسسون لمن بعدهم لأنهم كانوا هم حلقة الوصل بين الأئمة وبين الشيعة والشاهد هذا التاريخ الذي الآن تجدوه, وعلى هذا الأساس لماذا في موضعٍ يقول رضوان الله عليه, في مئات المواضع ماذا؟ قضية هوا ولا قضية صدفة, مرة يقول ومائة مرة لا يقول, هذا يكشف عن أن هؤلاء كانوا ملتفتين جيداً لما يفعلون.

    إذن في اعتقادي بأنّه قضية الترضي وقضية الترحم حتى في بعض الأحيان, الآن الترضي دعه يكون أعلى درجاته, إن لم يدل على الوثاقة إن صدر من أهله وعارف بالاصطلاح فلا أقل يدل على الحسن وهذا مما لا ريب فيه عندي.

    هذا هو الطريق الأول الموجود لسند هذه الرواية.

    الطريق الثاني: يأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1118

  • جديد المرئيات