نصوص ومقالات مختارة

  • مفاتيح عملية الاستنباط الفقهي (198)

  • بسم الله الرحمن الرحيم

    وبه نستعين

    والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين

    قلنا بأنّه هذا المقطع من التوقيع الصادر من الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) مهمٌ ويتحدث عن أبحاث أساسية وابتلائية ومحورية في عصر الغيبة الكبرى خصوصاً فيما يتعلق بالمسؤوليات التي ألقيت على عاتق – بتعبيري- التوقيع على عاتق رواة الحديث, خصوصاً وأن الإمام (عليه أفضل الصلاة والسلام) جعلهم حجة >فإنهم حجتي عليكم<.

    ويقل مثل هذا التعبير في كلمات أئمة أهل البيت, ومن هنا تأخذ هذه العبارات أهميّة خاصّة.

    أشرنا إلى أنّ هذا المقطع يشتمل على أبحاث متعددة, عددناها بالأمس ولكنّه نمر عليها إجمالاً:

    البحث الأول: هل هناك إطلاقٌ في الحوادث أم لا؟ هل يشمل كل الحوادث مطلق الحوادث أم لا؟

    البحث الثاني: أنّ الرجوع في الحوادث هل هو في خصوص أحكامها, يعني: ما يتعلق بالفتوى, أو أعم من ذلك؟

    البحث الثالث: في قوله >فإنّهم< هل المراد هو العموم المجموعي أو كل واحد واحد منهم هو حجة عليكم؟

    البحث الرابع: ما هو المراد من الحجية, ما معنى أنّهم حجة علينا؟

    البحث الخامس: لماذا أنّه نسب الإمام الحجية إلى نفسه, قال: >فإنّهم حجتي عليكم< ولم يقل أنّهم حجة الله عليكم؟

    البحث السادس: هو أنّه ما هي العلاقة بين هذه الجملة وهي قوله: >فإنّهم حجتي عليكم, وأنا حجة الله< ما هو المراد أو لماذا أن الإمام ربط بين هذين المقطعين؟

    طبعاً كما هو واضح هناك بحث آخر وهو: أنّه ما هو المراد من رواة الحديث أيضاً؟

    إذن هناك مجموعة من الأبحاث مرتبطة بهذا المقطع المبارك والشريف الصادر في هذا التوقيع ونحن كما قلنا في بحث الأمس لا نريد أن نعقد بحثاً تفصيلياً وما قاله الأعلام وما يمكن أن يقال وما يرد عليهم في هذا, وإنما نريد من طرح هذا البحث أن الأعزة يكونوا على تصور صحيح من هذا المقطع.

    والأبحاث التي أشرنا إليها جملة منها متداخلة, يعني عندما نبحث البحث الأول لعله في الضمن أيضاً لابد من الإشارة إلى البحث الرابع أو الخامس ونحو ذلك كما سيتضح من خلال طرح هذه الأبحاث.

    أما البحث الأول: قلنا هل يوجد إطلاقٌ أو لا يوجد؟ قلنا يوجد هناك اتجاهان:

    الاتجاه الأول قال: أنّه لا إطلاق في الحوادث, بل الحوادث مجملة, لماذا؟ باعتبار أنّه في مقدمة التوقيع هناك سؤالٌ -أرجع أذكر الأعزة بالسؤال الذي وارد في صدره- قال: >أن يوصل لي كتاباً سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان<, إذن قوله >وأمّا الحوادث< فلا أقل يوجد احتمال أنه حوادث معينة أشار إليها من؟ أشار إليها إسحاق ابن يعقوب, والإمام قال: >فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا< لا أنه ارجعوا في كل الحوادث إلى رواة حديثنا وإنما ارجعوا في هذه الحوادث التي سألت عنها وحيث أننا لا نعلم أن هذه الحوادث مرتبطة بالفتوى مرتبطة بالموضوع مرتبطة بالتطبيق مرتبطة بالحكم مرتبطة بأي شيء, فلهذا يقال بأنه هذه الحوادث ليست مطلقة وإنما مجملة لا يمكن أن نجري فيها مقدمات الحكمة لإثبات الإطلاق لماذا؟ لأنه واحدة من أهم من مقدمات الحكمة أن لا توجد هناك قرينة مقيدة قرينة على الخلاف, وهنا هذه الأسئلة قد تكون قرينة على الخلاف, فلا يمكن التمسك بالإطلاق وإجراء مقدمات الحكمة.

    هذا هو الاتجاه الأول, ولذا قرأنا بالأمس أن الميرزا النائيني المحقق الأصفهاني وأعلام آخرين جملة كثيرين وليسوا قليلين, قالوا بأنه هذه الحوادث لا يوجد فيها إطلاق.

    الاتجاه الثاني: وهو الاتجاه الذي سار عليه الشيخ الأعظم+ في المكاسب, وأشرنا إلى عبارته بالأمس في (المكاسب) وهنا للاستذكار أعيدها عليكم قال: [فإن المراد بالحوادث ظاهراً مطلق الأمور]. إذن هنا آمن الشيخ الأنصاري بأن الحوادث فيه ماذا؟ أن الحوادث هذه المفردة فيها إطلاق وأن السؤال لا يقيد ماذا؟ الآن بعد ذلك لابد أن نبحث ما هو التخريج الفني مع وجود تلك الإشكالية التي ذكرها المحقق النائيني أو ذكرها المحقق الأصفهاني. [مطلق الأمور التي لابد من الرجوع فيها عرفاً أو عقلاً أو شرعاً إلى الرئيس في أي مكان] ثم ذكر مجموعة من الأمثلة أعزائي, هذه ليست للحصر, ولذا قال: [مثل النظر في أموال القاصرين] لا أنه مختص بهذه الأمور [لغيبة أو موت أو صغر أو سفه] ثم بعد ذلك يقول [ولا معنى لتقييد الحوادث بالأحكام >فأرجعوا فيها إلى رواة حديثنا<] ليس فارجعوا في أحكام الحوادث إلى ماذا؟ حتى يكون مرتبطاً بالفتوى, هذه نكتة أخرى التي سنشير إليها, حيث قال: [وأما تخصيصها بخصوص المسائل الشرعية فبعيد من وجوهٍ] هذا بحث آخر.

    للاتضاح أو للبيان لا بأس بأن أشير إلى مجموع الحوادث الموجودة في المقام, الحوادث أعزائي على أنواع هذه من باب الإشارة إلى بعض المصاديق:

    واحدة من الحوادث هو أنّه أنا أريد أن أعرف الواقعة الكذائية ما هو حكمها لمن أرجع؟ أئمتنا قالوا أرجعوا فيها إلينا, يا ابن رسول الله طيب لست موجوداً أنت؟ قال فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا, يعني: عليكم إذا أردتم أن تعرفوا حكم واقعة ارجعوا إلى رواة حديثنا لنقل الرواية إليكم لتستنبطوا منها حكماً شرعياً, يعني بعبارة أخرى: ارجعوا إلى فروع الكافي إلى أصول الكافي إلى التهذيب إلى .. هؤلاء نقلوا روايات الأئمة, وهذا معناه رجوع الفقيه – الفقيه المتخصص- إلى الروايات لاستنباط الأحكام من الروايات, هذا نوع من الحوادث.

    الآن أنا الآن ما أريد أن أبين قلت لكم تفصيلا ما أريد أن أدخل, هذه يستفاد منها حجية خبر الرواية أو لا يستفاد منها حجية خبر الرواية؟ >فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا< فإذن رواة الحديث حجة نقلهم أو ليس بحجة؟ واضحة الرواية تقول بأنه رواية إذا نقلها رواة حديثهم بالشروط المذكورة في محله أن يكون ثقة أن يكون عادل .. ذاك بحث آخر, إذن رواة حديثهم حجة علينا يعني نقلة الروايات حجة يعني حجية خبر الثقة أو حجية الخبر بشكل عام, ولا يقول قائل أنه سيدنا استدلال بخبر الواحد على حجية خبر الواحد يلزم الدور؟ الجواب: لا يلزم الدور في المقام, لأنّه نحن قلنا أننا يوجد عندنا اطمئنان بصدور هذه الرواية فنستدل بأمر مطمئن به على حجية خبر الواحد الظني, هذا بحث إن شاء الله ذكرناه في حجية خبر الواحد.

    هذا النوع الأول من الحوادث.

    النوع الثاني من الحوادث: هو رجوع غير المجتهد إلى المجتهد في معرفة الحكم الشرعي, بأن يراد من رواة الحديث ليس نقلة الرواية وإنما المراد من رواة الحديث من هو صاحب نظرٍ, هذا نوع أيضاً من الرجوع رجوع غير المجتهد غير المتخصص لمن؟ للمتخصص. لإثبات ماذا؟ لتحصيل ماذا؟ لتحصيل الحكم على الواقعة. إذن >فارجعوا فيها< يعني هذه الوقائع ارجعوا في أحكامها إلى رواة حديثنا يعني إلى المجتهدين إذا فرضنا أن راوي الحديث بالإضافة إلى أنه راوي الحديث هو أيضاً صاحب نظر كزرارة مثلاً, فزرارة فقط ناقل حديث أو أن زرارة من فقهاء أصحاب الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام) فارجعوا فيها, إذا أفتى هو, إذا أفتى بالاستناد إلى الرواية, أيضاً ارجعوا فيها, هذا نوع ثاني من الحوادث.

    النوع الثالث -وهو المهم- وهو: فارجعوا في أمر الموضوعات إلى ماذا؟ إلى رواة حديثهم, يعني واقعة من الوقائع في نفسها ما فيها إشكال ولكنه أو مباح على سبيل المثال ولكنه راوي الحديث وبعبارة أخرى: صاحب النظر المجتهد المتخصص, يعطي حكماً فيها, كما هو محل كلامنا, الخمس في أرباح المكاسب قلنا من الأحكام الولائية, الآن أو في مكان آخر. أو كما ذكر بعض الأعلام فيما يتعلق >بإرمه إليها< بالنسبة إلى سمرة >اقلعها وإرمه إليه فإنه لا ضرر ولا ضرار< حكم ولائي صدر من النبي كما يقول بعض الأعلام في هذا, أو أي قضية أخرى الآن الأحكام الولائية في الموضوعات, لو نظرة إلى الواقعة لوجدتها ماذا؟ مباحة, ولكنّه هو يقول عليكم أنها واجبة.

    إذن ليس في الأحكام التي يستنبطها في الأحكام التي ينشؤها عليكم, هذه أيضاً نوع من الحوادث يعني الأوامر الولائية, الآن صلاحية من الأمر الولائي؟ هذا بحثه إن شاء الله بعد ذلك سيأتي وجهة نظري في هذا المجال ما أعتقده في هذا المجال, ولكنه افتح لي قوس في جملة واحدة: (أنا معتقد أن كل مجتهد جامع للشرائط – على نحو القضية الحقيقية- بالنحو الذي اعتقده يمكنه أن يصدر أوامر ولائية, ولكن هذه الأوامر الولائية إنما تجري على من يرجع إليه, لا على من لا يرجع إليه, أنت إذا عندك عشرة من الناس يقلدوك, تستطيع بالنسبة إليهم أن تصدر ماذا؟ أوامر ولائية, طيب الذي لا يقلدون ولا يرجعون إليك ملزمين بهذه الأوامر أو غير ملزمين؟ فهي ليست قضية مرتبطة بحاكم البلد لا لا أبداً, الآن تقول لي سيدنا يحصل الفوضى يحصل التنازع يحصل الاختلاف ذاك بحث آخر ذاك المقام الثاني إذا حصل ماذا نفعل؟ ولكن الرواية في قناعتي تثبت هذا المعنى وسيأتي إن شاء الله) هذا بحث, ولذا قلت في عقيدتي أن هذه الرواية رواية مهمة جداً.

    النحو الرابع من الحوادث, هي: الحوادث المرتبطة بتنفيذ الأحكام الشرعية صدر حكم شرعي من القاضي كيف ننفذ هذا الحكم, ما أدري الآن سمعتم الآن في إيران في الجمهورية الإسلامية بعض الأحكام القاضي يأمر بأن يُعدم أين؟ في الملأ العام, وبعض يقول لا, ينفذ الحكم في داخل السجن, لماذا هنا يقول في الملأ العام, وذاك يقول في ماذا؟ هذا تابع للظروف وهو يشخصها, كيفية تنفيذ الحكم القضائي الصادر, هذه الكيفية ليست مختصة ليست ثابتة ليست كلية وإنما أيضاً حادثة من الحوادث, وبتعبير الشيخ الأنصاري+, [كل ما يرجع إليه إلى الرئيس عرفاً عقلاً شرعاً من الحوادث فهو مشمول] طيب ما هو الدليل على هذا الإطلاق الذي التزم به من؟ الشيخ الأنصاري.

    أعزائي توجد هناك عدّة تقريبات لإثبات الإطلاق:

    التقريب الأول: أن نجري الإطلاق ومقدمات الحكمة في نفس الحوادث, فإن قلت: أنه ماذا تفعلون بالقرينة العهدية الموجودة الأسئلة؟ الجواب: يقولون ليس لتلك القرينة ظهورٌ يمنع عن انعقاد هذا الإطلاق, ليس كل ما جاء الاحتمال بطل الاستدلال, لابد أن يكون الاحتمال احتمالاً عقلائياً, وإلا لو كنّا نحن بمجرد مجيء الاحتمال يبطل الاستدلال تسعين بالمائة خمسة وتسعين بالمائة من إطلاقاتنا يوجد فيها احتمال الخلاف, ليس كل احتمال ولو كان احتمالاً عقلياً احتمالاً غير عرفي احتمال غير عقلائي احتمال غير معتد احتمالات دقيّة هذه تمنع من الاستدلال, وإلا بقي عندنا هناك استدلال لا يوجد فيها احتمال الخلاف أو لا يوجد؟ في الأعم الأغلب يوجد فيها احتمال الخلاف, إذن الوجه الأول يقولون بأنه نجري الإطلاق ومقدمات الحكمة في الحوادث, فإن قلت ماذا تفعل بتلك القرينة؟ يقول: ليست قرينة كافية لإبطال الإطلاق, هذا وجه, الآن لمن كان بالنسبة إليه كافي هذا الوجه فبها ونعمت إذا ليس بكافياً ننتقل إلى الوجوه اللاحقة.

    الوجه الثاني: التمسك بقوله (عليه أفضل الصلاة والسلام) >فإنّهم حجتي< نجري مقدمات الحكمة في حجتي, حجتي في ماذا؟ يقول الإمام لم يقيد في شيء معين إذن في كل شيء هم حجتي, فنجري الإطلاق ليس في الحوادث, نجري الإطلاق في حجتي, فنثبت الإطلاق مقدمات الحكمة.

    هذا الوجه الثاني ليس وجهاً مستقلاً في قبال الوجه الأول, بهذا البيان وهو: أنّه إذا قلنا أن قرينة السؤال مانعة من الإطلاق في الحوادث فإذن قوله حجتي يعني حجتي في هذه الحوادث وحيث أن الحوادث لا إطلاق لها إذن الحجية تكون ماذا؟ مطلقة أو مقيدة؟ مقيدة, أما إذا تم الإطلاق في الحوادث يكون هذا تحصيل للحاصل حجتي أيضاً يكون مطلقاً, إذن ليس الوجه الثاني وجه مستقل في قبال الوجه الأول, فمن تم عنده الإطلاق بالوجه الأول فلا حاجة إلى هذا الوجه الثاني, ومن لم يتم عنده الإطلاق في الوجه الأول هذا الوجه الثاني ينفع أو لا ينفع؟ لا ينفع.

    إذن هذا الوجه الثاني أيضاً مفاده فائدته تعليقية, معلقة من حصل له الاطمئنان بأن الحوادث مطلقة فلا حاجة إلى هذا الوجه الثاني, ومن لم يحصل له لا أقل شك في ذلك فهذا الوجه الثاني نافع أو ليس بنافع؟ ليس بنافع.

    الوجه الثالث -ولعله الوجه الفني- وهو: الوجه الذي لعله يستفاد من كلمات صاحب الجواهر+, وهو استفادة الإطلاق من المقابلة بين قوله× >فإنّهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< عندما نأتي إلى قوله (عليه أفضل الصلاة والسلام): >وأنّا حجة الله< حجيته مطلقة أو مقيدة؟ لا إشكال ولا شبهة أننا نستطيع إجراء الإطلاق ومقدمات الحكمة أين؟ في قوله >وأنا حجة الله< هذه الحجية مطلقة, فبقرينة هذه الحجية المطلقة يقول الإمام كأنه يريد أن يقول ما أنا فيه حجةٌ عليكم فقد جعلتهم حجتي عليكم, إلا ما أخرجه الدليل, افترضوا >أولى بالمؤمنين من أنفسهم< أخرجه الدليل, وهكذا بعض ما أخرجه الدليل. هذا الوجه الفني ذكره صاحب الجواهر+, قلت للأعزة فيما سبق أن هذا البحث في منثور كلماتهم لعله وارد ولكنه بشكل مفصل لم يرد في كلماتهم, يقول: [ويمكن] في (ج40, هذه الطبعة التي عندي, في كتاب القضاء بيان من لا ينعقد منه القضاء) يقول: [ويمكن بناء ذلك على إرادة النصب العام في كل شيء] يعني أن الفقيه منصوب بنحوٍ عام في كل شيء في عصر الغيبة الكبرى [على وجهٍ يكون له] أي للفقيه [ما للإمام كما هو مقتضى قوله×: >فإني جعلته حاكما< أي ولياً متصرفاً في القضاء وغير القضاء من الولايات ونحوها]. هذا أيضاً يقول نستفيده من قوله >جعلته حاكما< [بل] يترقى [بل هو مقتضى قول صاحب الزمان روحي له الفداء >وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله< ضرورة] هذا محل الشاهد [ضرورة كون المراد منه أنّهم حجتي عليكم في جميع ما أنا فيه حجة الله عليكم إلا ما خرج]. إذن الوجه الثالث ما هو؟ هو هذه المقابلة التي قلنا البحث الخامس أو السادس كان ما هو وجه مجيء هذه الجملة بعد هذه الجملة, صاحب الجواهر يقول: فائدتها لبيان ماذا؟ ولا يقول لنا قائل بأنه سيدنا أنّه هذا الإطلاق معارضٌ بذلك التقييد أو العهدية؟ الجواب: مسلّم إذا وقع التعارض هذا الظهور أقوى من ذاك الظهور, يعني أنا حجة الله ظهوره أقوى بمراتب من احتمال قرينية العهد من السؤال, ولهذا قال: [وهو لا ينافي..] إلى آخره, هذا هو الوجه الثالث الفني لإثبات الإطلاق في الحوادث.

    إذن هذا الوجه الثالث لا يقول أن الحوادث مطلقة في نفسها ولا يقول أن الحوادث مطلقة بلحاظ الإطلاق في حجتي وإنما يقول الحوادث مطلقة بلحاظ >أنا حجة الله< فيثبت الإطلاق في حجتي وبتبعه يثبت الإطلاق في الحوادث. ما أدري واضح صار طريقة الاستدلال.

    هذا هو البيان الثالث الذي قلت لعله هو البيان الفني.

    إلا أنه هذا البيان يمكن أن يُشكل عليه بهذا الإشكال, وهو: أنّ صاحب الجواهر فهم من قوله× >وأنا حجة الله< فهم من هذه الجملة الصادرة من الإمام لبيان سعة دائرة حجيته على ماذا؟ على الأنام, فهم هذا الظهور قال فبقرينة المقابلة إذن نفس هذه السعة أين ثابتة؟ ثابتة في حجتي عليكم.

    إلا أنّه قد يقال أنه هذا الظهور ليس محرزاً لعل الإمام عندما قال: >وأنا حجة الله< لم يكن بصدد بيان سعة دائرة ماذا؟ حجيته على الناس, وإنّما كان بصدد الجواب عن سؤال مقدر, يا ابن رسول الله أنت بأي دليلٍ تقول أنا نصبت عليكم هؤلاء حجة, >فإنّهم حجتي عليكم< طيب عندك هكذا صلاحية يا ابن رسول الله أو لا توجد عندك هكذا صلاحية؟ الإمام ماذا أجاب؟ أجاب عن هذا السؤال المقدر أنا إنما جعلتهم حجتي عليكم لأنه ماذا؟ لأنه أنا حجة الله فلي صلاحية أن أنصب عليكم حجة, إذن الإمام ليس بصدد بيان ماذا؟ ليس بصدد بيان سعة دائرة حجتيه بل بصدد بيان لي الصلاحية أن أجعل الحجية, أما مولانا سعة دائرتي, لا تلك في دائرة أخرى من البحث هذا النص لا يشير إليه. ما أدري استطعت أن أوصل الإشكالية إلى الأعزة, وهو أنّه: >وأنا حجة الله< الإمام ليس بصدد بيان أنا حجة الله مطلقاً عليكم لا, الإمام بصدد بيان جواب عن سؤال: يا ابن رسول الله لماذا أنت نصبت أو جعلت الحجة من قبلك ألك مثل هذه الصلاحية؟ الإمام قال ماذا؟ نعم, لأن الله نصبني حجة لي صلاحية ماذا؟ أن أجعل حجة عليكم.

    ومن هنا هذا البيان الثالث أيضاً سوف ينخدش وإن كان بياناً فنياً جيداً.

    إلا أنه في اعتقادي يمكن أن يبين بيانٌ رابعٌ لتتميم كلام صاحب الجواهر, ولكن هذه تحتاج إلى مقدمة أذكر المقدمة والتمثيل وبعد ذلك أأتي إلى التطبيق التفتوا جيداً, جنابك الآن جالس في مكان عندك مسؤولية معنية أو صاحب ملك معين أو صاحب تجارة معينة ويأتيك شخص يريد أن يتعامل معك بمعاملة شراء بيت شراء مكان أو إنجاز عمل افترض أنك عندك مسؤولية معينة, تقول أنا ما عندي وقت هذه القضية ارجع فيها إلى فلان, فإنّه وكيلي, طبعاً الشخص موجود هو أيضاً سألك هذا السائل عن قضية معينة, هنا فإنّه وكيلي يخرج منها وكيلي في كل شيء أو وكيلي في هذه القضية؟ ماذا تفهمون؟ ما أدري واضح السؤال, أعيده.

    الآن افترض أنه أنت عندك أصلاً صاحب أملاك يأتيك ويقول لك بأنه بيتك الفلاني أنا أريد أن أشتريه أريد أن أؤجره تقول في هذه القضية ارجع إلى فلان فإنّه وكيلي, واقعاً هل يمكن أن يستفاد ويكون هناك ظهور فهو وكيل عني مطلقاً في كل ما أملك يوجد هكذا ظهور؟ لا لا يوجد, لا أقل مشكوك لا يوجد ظهور بأنه وكيل في كل شيء. لا أقل تقول بأنه أنا أشك أنه كل شيء أو لهذا؟ من الواضح أنه يشمل هذا المورد وغيره يكون مشكوكاً, هذا المثال أحفظوه, أما تعالوا إلى مثال آخر: أنت عندك أشغال كثيرة أو مسؤول أو صاحب تجارة ضخمة وتريد أن تسافر سفراً بعيداً يعني تريد أن تذهب وخمسين سنة أيضاً قد لا تأتي بعد ثلاثين سنة ما تأتي ولا يمكن الارتباط بك أيضاً يعني أنه لا أستطيع أن أتصل بك أقول لك في فلان قضية ماذا أفعل لا, انقطع الارتباط, وسألتك في موردٍ وأنت أرجعت إليّ في المورد ولكن عللته بتعليل عام يدل على العموم أو لا يدل؟ مناسبات الوضع تدل على العموم أو لا تدل؟ عندما يقول في هذه القضية ارجع إلى فلان فإنّه وكيلي يعني فقط في هذا المورد؟ هو على سفر يريد أن يسافر الآن -شاد غراضه بتعبيرنا- ويريد أن يسافر, بينك وبين الله هكذا إنسان يضع وكيل فقط في هذا المورد أو في كل أموره يضع له وكيلاً, أي منهما؟ عقلائياً يضع في مورد أو عقلائياً في كل الموارد؟

    تعالوا معنا وطبقوه على محل الكلام, الإمام عندما يقول >فإنهم حجة< صحيح الموارد خاصة افترضوا أن إسحاق ابن يعقوب سأل عن ماذا؟ عن حوادث خاصة قبول هذا, ولكن الإمام ماذا يقول؟ والإمام على لا على سفر على غيبة قد يطول أمرها مئات السنين بل قد يطول أمرها آلاف السنين, عند ذلك فقط يجيب وهو يجيب, يجيب في قضية خاصة لهذه الموارد أو يريد أن يضع للشيعة مرجعيةً في غيبته ماذا يريد أن يفعل؟ مناسبات الحديث مناسبات التوقيع شروط صدور الحديث قلنا هذا الحديث متى صدر؟ صدر في أواخر الغيبة الصغرى, الإمام تنقطع أيدينا, يريد أن يرجعنا يا شيعتي في عصر انقطاع أيديكم عني ارجعوا أين؟ إلى رواة حديثنا, إذن لو كنّا نحن والظرف الطبيعي يعني كنّا في عصر الإمام الصادق ويقول هذه الجملة لعله لا نستطيع أن نستفيد الإطلاق, أما ونحن نعيش عصر الغيبة الصغرى أواخر عصر الغيبة الصغرى والإمام على سفرٍ على غيبة كبرى لا يُعلم أمدها ويريد أن يضع للشيعة مرجعاً يرجعون إليه.

    ولذا أنا قلت في أبحاثي السابقة قلت مسألة رجوع الشيعة إلى المؤسسة الدينية وإلى العلماء وإلى المتخصصين وإلى المجتهدين هذا لا يتبادر أنه تأسيس الشيخ المفيد أو تأسيس الشيخ الصدوق أو تأسيس الشيخ الطوسي, هذه هندسة هندس لها من؟ الأئمة (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

    تتمة الحديث تأتي.

    والحمد لله رب العالمين.

    • تاريخ النشر : 2012/09/10
    • مرات التنزيل : 1077

  • جديد المرئيات